Insight Image

التصدي لوباء كورونا المستجد في منطقة غرب أفريقيا: القيود، والمزايا، والتوصيات

04 يونيو 2020

التصدي لوباء كورونا المستجد في منطقة غرب أفريقيا: القيود، والمزايا، والتوصيات

04 يونيو 2020

التصدي لوباء كورونا المستجد في منطقة غرب أفريقيا: القيود، والمزايا، والتوصيات

نيها ديوان وأمينة عثماندزيكوفيتش

سجلت القارة الأفريقية ارتفعاً في عدد حالات الإصابة بوباء “كوفيد-19” بواقع قُدر بـنحو 70 ألف حالة، وأكثر من ألفي حالة وفاة، و23 ألف حالة تعافي[1]؛ وعلى الرغم من أن وصول الوباء إلى القارة كان بطيئاً مقارنة مع باقي أنحاء العالم، إلا أن انتشاره كان سريعاً ومؤثراً في جميع بلدانها الـ 54[2]، إذ تصدرت جنوب أفريقيا قائمة الدول الأكثر تضرراً متبوعة بالكاميرون، وغانا، ونيجيريا، وباعتبار أن 7 من أصل 10 دول الأكثر تضرراً تقع في المنطقة الإقليمية التابع لمنظمة الصحة العالمية غرب أفريقيا، فإن الوضع يستدعي النظر في الأنماط المقلقة لتفشي الوباء في هذه المنطقة والاستجابات المحتملة لمواجهته[3].

 فإلى جانب التحديات على مستوى القارة المتمثلة في الفقر، والتخلف، والفوارق الاجتماعية والاقتصادية، ثمة فوارق ملحوظة على مستوى المناطق الإقليمية الفرعية في أفريقيا خاصة تلك المتعلقة بطرق إدارة أزمات تفشي الأمراض الوبائية، فقد عانت منطقة غرب أفريقيا عام 2013 من تفشي وباء الإيبولا الخطير الذي تطلب من غينيا ثلاثة أشهر لكشفه كعامل مُمْرض إلى درجة كان قد استفحل فيها انتشاره. وفي الوقت الذي تم فيه التوصل رسميا إلى هذه النتيجة كان العديد من سكان المجتمعات الهامشية قد بدأوا بالنزوح من إلى العواصم وإلى الخارج[4].

كما تُشير التركيبة السكانية لغرب أفريقيا، بالإضافة إلى أنظمة الرعاية الصحية الهشة وغير الكفؤة، إلى أن حكومات دول هذه المنطقة أصبحت في مواجهة غير متكافئة ومجهولة النتائج ضد هذا الوباء؛ غير أنه في ظل هذه الظروف يظل هناك مجال للتفاؤل الحذر بالنظر إلى تجارب المنطقة السابقة في التعامل مع تفشي الأوبئة، والأمل في إدارة أفضل للموارد، وتحسين عمليات اتخاذ القرار، وتعزيز الضغط الدولي من أجل تقديم المساعدة لدول هذه المنطقة. ويمكن القول أن هذه العوامل قد تدعم استعداد المنطقة وقدرتها على التخفيف من انتشار هذا الوباء وكبح جماحه.

وفي حين أن التوقعات تشير إلى عدم قدرة دول إفريقيا جنوب الصحراء على الاستجابة للوباء بالشكل الأمثل[5]، فإن التركيز الإقليمي على غرب إفريقيا سيشكل اختبارا لهذه الفرضية؛ وتحقيقا لهذه الغاية البحثية ستنظُر هذه الورقة في فرص دول هذه المنطقة للاستفادة من تجاربها السابقة في التعامل مع تفشي الأوبئة. كما ستقيم كيف يمكن ضمان استمرارية فعالية الاستجابة في مواجهة هذا الوباء من خلال العديد من التوصيات والسيناريوهات المستقبلية؛ وبالتركيز على هذين المسعيين ستحاول الورقة كذلك إلقاء الضوء على أهم الدروس التي تدعم ضرورة الابتعاد عن وجهة النظر القائمة على اعتبار أن نهج واحد يمكن أن يكون مناسباً لجميع الدول في معركتها لاحتواء انتشار هذا الوباء في أفريقيا.

من الإيبولا إلى “كوفيد-19”: المعوقات الهيكلية القائمة

هزم وباء “كوفيد-19” نظم الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك النظم الصحية الإيطالية، والإسبانية والأمريكية، وترك بعضها على حافة الانهيار؛ وعلى غرار هذه الدول واجهت النظم الصحية في أفريقيا جنوب الصحراء تحديات متخلفة صعبة بالمقارنة تراوحت بين أزمة مخزونات الأدوية الأساسية الضعيفة، وقلت الإمدادات الكهربائية أو انعدامها، ورسوم علاج مرتفعة، وضعف إمكانية الوصول إلى المرافق الصحية ما قد يضطر منطقة غرب أفريقيا إلى تنفيذ تدابير التصدي لوباء “كوفيد-19” بالاعتماد على نفسها في غياب التدخل الأجنبي الذي كانت استجابته سريعة قبل عقد من الزمان تقريبا حين تفشى في القارة الأفريقية وباء إيبولا.

لقد تفشى عام 2013 وباء إيبولا في غرب أفريقيا وانتقل بسرعة من القرى النائية إلى المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، خلافاً للأوبئة السابقة[6]؛ وعلى غرار تفشي وباء إيبولا، ثمة عدة عوامل – بعضها يقتصر وجوده على غرب أفريقيا – ساعدت في انتشار فيروس “كوفيد-19” بالرغم من التدابير المتخذة للحد من تفشيه. وما فاقم الوضع وزاد من خطورته هو انتقال هذا الوباء من المصابين الذين لا تظهر عليهم أعراضه، وتحديات فرض العزل الصحي نظراً إلى نمط الحياة الجماعي، وسوء الأوضاع السكنية، وعجز شبكات الأمن الاقتصادي أو غيابها، وعدم كفاية المرافق الأساسية[7]؛ وهذه ليست إلا بعض من المشكلات الهيكلية التي تعاني منها منطقة غرب أفريقيا.

كما أظهرت بالإضافة إلى هذا البحوث التي أجريت عام 2015 أن المناطق التي تعاني فقراً مدقعاً من الأرجح أن تُسجل فيها معدلات مرتفعة لانتقال فيروس إيبولا وانتشاره، الأمر الذي قد ينطبق على وضع الوبائي الحالي لتفشي فيروس “كوفيد-19” في منطقة غرب أفريقيا[8]؛ فبالمقارنة مع المناطق الأفريقية الأخرى، يوجد في غرب أفريقيا أكبر عدد من الدول التي يعيش أكثر من 30% من سكانها على أقل من 1.90 دولار في اليوم[9].

’Map of Africa about Tackling Covid-19 in West Africa: Constraints, advantages, and recommendations

المصدر: أكسفورد أناليتيكا[10]

وفي حين أن دول شمال أفريقيا تسير على نحو أفضل، فقد تأثرت دول غرب أفريقيا تأثراً غير متناسب بالأمراض المعدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا والسل وإيبولا والحصبة والتهاب السحايا وجدري القرود، وينضاف إلى هذه القائمة فيروس كورونا المستجد الذي يعرف بتأثيره الشديد على كبار السن وعلى من يعانون حالات طبية كامنة. كما أن المنطقة – على الرغم من تميزها بهرم سكاني فتي بمُتوسط عمري يبلغ 19.7 عاماً – فإن السكان مهددون بثلاث أمراض فتاكة تضم فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا والسل والمعروفة جمعها بتأثيرها في الجهاز المناعي.

ويشار في هذا السياق أيضا إلى أن المُستلزمات والأدوات الطبية المتاحة لمكافحة “كوفيد-19” مصيرها إلى الاستنزاف والنفاد نتيجة للفجوات القائمة على مستوى توفير خدمات الرعاية الصحية الضرورية. كما يفاقم من حدة هذا الوضع كثافة كوادر الرعاية الصحية في مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي في أفريقيا الأقل بكثير من نظيره في أوروبا[11]؛ وعلاوة على هذا، فإن أنماط الإنفاق الصحي العالمي المقارنة تضع غرب أفريقيا في أدنى المراتب[12].

قد يؤدي عبء احتواء “كوفيد-19” إلى عدم توفر نظم الرعاية الصحية الضرورية، والتجهيزات اللازمة لعلاج الأمراض المحلية المستوطنة. وتوضح حالة تفشي إيبولا التداعيات غير المقصودة التي يمكن أن تنتج عن تحويل خدمات الرعاية الصحية إلى أغراض علاج الأوبئة. فوفقاً لتقديرات الدراسات التي تناولت تفشي الوباء في عامي 2014-2015 في غينيا وليبيريا وسيراليون، فإن انخفاض قدرة التشخيص والعلاج والرعاية الصحية بنسبة 50% قد تسبب في ازدياد معدلات الوفيات وأعاق جهود مكافحة الملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية والسل[13].

يوجد تحدٍّ آخر يُبرز كذلك السمة الاستثنائية لمنطقة غرب أفريقيا يرتبط بميل المنطقة إلى تبنّي أحكام مسبقة لا أساس لها في ما يتعلق بالأوبئة من قبيل اعتقاد يقول أن “كوفيد-19” هو “مرض خاص بالرجل الأبيض”[14] إلى جانب النواهي التي تصدرها الطوائف الدينية المتطرفة أو غيرها من الفصائل المجتمعية[15]، إضافة إلى ما خلفه تفشي الأوبئة في الماضي من أثر على مواقف الناس، والشائعات التي تعزز فكرة أن المستشفيات هي أماكن العدوى والموت[16]، الأمر الذي نتجت عنه إدارة ذاتية للتطبيب أو العلاج من قِبَل المعالجين التقليديين ما قد يؤدي إلى المزيد من وفيات جراء وباء “كوفيد-19”.

وعلى الرغم من أن منطقة غرب أفريقيا قد تتحمل عبء عوامل مضاعَفة مثل أنظمة الرعاية الصحية المنهَكة، والاعتماد على المساعدات الدولية، والاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن إجراءات الإغلاق الإلزامي، فهناك سبب للتفاؤل مرده إلى الاستعدادات الدفاعية والإجراءات الاحترازية الكلية التي قامت دول المنطقة باتخاذها لمواجهة تفشي جائحة “كوفيد-19″، والتي يمكن أن تساعد المنطقة في التخفيف أو الحد من تأثير الفيروس واحتوائه.

خطورة سياسة الأوبئة والمعلومات المضللة

الملاحظ في منطقة دول غرب أفريقيا أن التردد في استخدام اللقاحات شكل دائماً عائقاً أمام استئصال الأمراض المعدية فيها،  ففي كثير من الأحيان لعب قادة المجتمعات والمؤثرين فيها مثل الشخصيات الدينية والسياسية المحلية دورا في إبطال مفعول أهداف برامج القضاء على هذه الأمراض من خلال محاولاتهم بث المخاوف من حملات التطعيم بوصفها مؤامرات غربية ومخططات تعقيم تستهدف الجماعات الدينية، وبالتالي يتمكنون من ثني مجموعات كبيرة من السكان عن الانضمام لمبادرات التطعيم أو المشاركة فيها. ولعل أفضل مثال على هذه الظاهرة مقاطعة لقاح شلل الأطفال خلال عامي 2003-2004 في نيجيريا، ما أدى إلى العديد من حالات تفشي المرض الذي انتشر في النهاية إلى خارج حدود المنطقة[17].

قد تقف المؤثرات الاجتماعية أيضا عائقاً أمام مبادرات الاحتواء من خلال صناعة مواقف تمييزية تجاه المرض والمرضى على غرار ما حدث في حالة وباء إيبولا؛ فبسبب وضع مؤسسات الصحة العامة المتأزم، ونقص معدات الحماية الشخصية في غرب أفريقيا، أصيب عدد كبير من الكوادر الطبية، ما أدى مباشرة إلى تعزيز التصور بأن فيروس إيبولا مرتبط بالمستشفيات؛ بمعنى أنه ينشأ في مستشفى. ونتج عن ذلك شعور عام بعدم الرغبة في الخضوع للفحص.

لقد أدى شيوع ظاهرة الوصم الاجتماعي[18] للأمراض إلى توسيع مقاومة المجتمع لإجراءات الفحص وإعاقة تتبُّع المصابين، ومراقبتهم، وعمليات الدفن الآمنة للموتى، وتكريس المواقف الداعية إلى عدم التعاون مع كوادر الرعاية الصحية، بما فيها الاعتداء الجسدي عليهم. وتواجه، نتيجة لهذا، جهود مكافحة وباء “كوفيد-19” في المنطقة صعوبات اجتماعية تضاعفت مع المصاعب السياسية والاقتصادية المتفشية في جميع أنحاء غرب أفريقيا، والتي تهدد فعلاً بإعاقة أي استجابة تستهدف محاصرة تفشي هذا الوباء.

وبغضّ النظر عن الأعراف الثقافية والخرافات المتجذِّرة، فإن استمرار النزاع والتطرف والأعمال المسلحة في غرب أفريقيا قد يؤثر تأثيراً كبيراً في تدابير الاحتواء، خصوصاً في أوساط المجموعات الضعيفة مثل المشردين وطالبي اللجوء واللاجئين. وقد يؤدي التداخل بين هذه العوامل المعقدة والمتعددة إلى تفاقم وضع التفشي الوبائي لـ “كوفيد-19″، ويفضي إلى نتائج كارثية لدول مثل بوركينافاسو التي مزقتها الحرب ويوجد بها أكثر من 700 ألف نازح، وليست على استعداد لمواجهة أي مرض عضال في ظل اقتصادها المتعثر ونظامها الصحي الهش وانعدم الأمن الغذائي وتدابير النظافة الصحية الرديئة.

يمكن ملاحظة هذا الشعور الاجتماعي اللامبالي كسمة طاغية تجاه العديد من إجراءات الإغلاق المفروضة في جميع أنحاء المنطقة؛ ففي حين أن هذه الإجراءات بدأت بالفعل تسبب الخلاف والارتباك، يرى بعض المحللين[19] أيضاً أنها قد تزيد تدفقات الهجرة الجماعية عبر الحدود، والعنف المدعوم من الدولة، وانعدام الأمن الغذائي. كما قد تعوق جهود الإغاثة المربوطة دائماً بتوقيت محدد. إضافة إلى هذا، هناك شكوك وتساؤلات حول الأولويات السياسية في ظل الوباء، حيث قامت مالي – التي مزقتها النزاعات – بإجراء انتخابات تشريعية[20] بعد ساعات من وفاة أول مصاب بفيروس “كوفيد-19″، فكانت نسبة الإقبال على التصويت 7.5% فقط.

إن الاستجابة المتكاملة والشاملة لإدارة أزمات الصحة العامة تتطلب درجة عالية من الحزم وخصوصا عندما تقترن بوضع سوسيو- سياسي واقتصادي صعب يزيده تفشي وباء كورونا المستجد في دول منطقة غرب أفريقيا صعوبة في ظل تحدي كسب ثقة المجتمع المحلي والجمهور في منطقة تصطدم فيها جهود محاصرة هذا الوباء بواقع اجتماعي وثقافي غير ملائم.

توقعات غير منطقية وعوامل تغيُّر قواعد اللعبة المحتملة

ظهر وباء “كوفيد-19” أولاً، وفقاً لأنساقه العالمية، كأزمة صحية ومأساة إنسانية أفرزت تداعيات اقتصادية قاسية في جميع أنحاء العالم بما فيها منطقة دول غرب أفريقيا؛ فمنذ بداية الأزمة، كان التأثير واضحا على الأسر الفقيرة والأعمال التجارية الصغيرة غير النظامية على نحو غير متناسب في جميع أنحاء المنطقة[21]، ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة الاختلالات في الأسابيع المقبلة، مصحوبة بتقلبات لا حصر لها.

وكما هو الحال مع أي مرض خطير يكشف أوجه الضعف في نظم الرعاية الصحية المهمَلة، أبرز وباء إيبولا أهمية الحوكمة على المستويين المحلي والإقليمي، خصوصاً في منطقة دول غرب أفريقيا من خلال تحفيز حزمة من التغييرات حافظت على فعاليتها منذ ذلك الحين بداية مع توقّيع وزراء الصحة الأفارقة على إعلان أبوجا عام 2001[22]، حيث تعهدوا بتخصيص ما لا يقل عن 15% من ميزانياتهم الوطنية لتحسين النظم الصحية في بلدانهم.

ولكن في حين أقدمت 27 دولة على زيادة إجمالي النفقات الصحية، خفّضت سبع دول ميزانيتها الصحية وبقيت 12 دولة على ما كانت عليه، يقول بعض المحللين، حتى الآن، أن منظمة الصحة العالمية فشلت في سد فجوة الحوكمة المحلية في ما يتعلق بإدارة الأزمات، ووفرت استجابة ضعيفة تجسدت في سلسلةٍ من التحركات الفاشلة في المنظمة خلال الأزمة الحالية[23].

وعلى الرغم من الصعوبات الهيكلية، فقد قادت الدروس المستفادة من وباء إيبولا[24] إلى تركيز إقليمي وعالمي أكبر على استعداد النظم الصحية وفعاليتها في جميع أنحاء غرب أفريقيا. وقد أكدت هذه الاتجاهات على الريادة في مجال خطط العلاج التجريبي، إضافة إلى بناء القدرات الإقليمية في مجال الحُمَّيَات النزفية الفيروسية.

ثمة قيمة فريدة في تجربة منطقة غرب أفريقيا مع الأوبئة؛ ففي حين أن النظم الصحية العامة في المنطقة قد تشوبها أوجه قصور كبيرة، فإن هذه النظم ملمّة بالمعرفة الضرورية لاحتواء الأمراض المعدية، وعلى الرغم من الاختلافات بين فيروسيْ “كوفيد-19” وإيبولا، فإن البنية التحتية الضرورية وإجراءات الاحتواء واقتفاء أثر مخالطي المرضى، والخبرة في أفضل الممارسات، مضافاً إلى ذلك حملات الثقة العامة الموجودة فعلاً، ستوفر الزخم الضروري لجهود مكافحة “كوفيد-19”.

إن تأخر ظهور الوباء في غرب أفريقيا يساهم أيضاً في استعداده للمرض، فقد كانت دول عديدة في المنطقة متقدمة كثيراً على نظيراتها في العالم من حيث فرض إجراءات الإغلاق، وتشمل هذه الدول سيراليون التي تمتلك 13 جهاز تنفس صناعي[25] وأعلنت حالة طوارئ وحظر التجول على مستوى البلاد حتى قبل تسجيل أي حالات إصابة مؤكدة رسمياً.

Statistcs of Afirca countries hit by covid-19

المصدر: آلية أوكسفورد لتعقّب الاستجابات الحكومية لـ “كوفيد-19″، بحوث – بي بي سي[26]

رغم أن الوضع الحالي يبدو خطيراً بالنسبة لغرب أفريقيا، فإن العديد من العوامل المغيِّرة لقوانين اللعبة قد تؤكد نجاح المنطقة في مكافحة وباء “كوفيد-19” على المديين القصير والمتوسط. لقد أقامت منظمات عديدة برامجَ على الأرض، وأفادتها تجربتها في علاج إيبولا في توجيه عملها للوقاية من الفيروس.

 كما تحرك، بإضافة إلى هذه، بعض دول غرب أفريقيا منذ وقت مبكر لضخ السيولة في الاقتصادات الوطنية، وتخفيض أسعار الفائدة ومساعدة الشركات المحلية على النجاة من الأزمة ودعم الرفاه الاقتصادي للأسر في المستقبل القريب؛ وعلى الرغم من أن الوضع الحالي يثير الغموض الاجتماعي والاقتصادي، فإن هذه الإجراءات جديرة بالثناء؛

ومن الحكومات إلى الفاعلين الدوليين، بدأ جميع الأطراف المعنيون في غرب أفريقيا يعيدون توجيه خططهم لمواجهة التحديات المقبلة من حيث تكييف البرامج الموجودة على الاستجابة للاحتياجات المتغيرة الناجمة عن “كوفيد-19” وتطوير برامج جديدة. كما بدأ قطاع المساعدات الإنسانية الدولية، بما في ذلك العديد من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، يشعر بتأثير الأزمة فعلاً. ولكن مجتمع المساعدات الإنسانية الدولية لم يكن قط أكثر استعداداً لمواجهة الوباء في الجنوب بما فيه غرب أفريقيا[27].

لقد تعلّم قطاع المساعدات الدولية دروساً مهمة من وباء إيبولا بشأن التعاون في الأزمات. فقد ساعدت لجنة الإنقاذ الدولية ومنظمة أطباء بلا حدود في تنسيق المساعدات الدولية، خصوصاً في غينيا، وسيراليون، وليبيريا وعملتا على نحو وثيق مع النظم الصحية المحلية لاحتواء الوباء من خلال سد الفجوات القائمة على أرض الواقع. كما امتدت أنشطتهما من إرشاد السكان المحليين إلى الممارسات الآمنة لدفن الموتى من أجل الحد من انتقال عدوى إيبولا، وتوزيع منتجات النظافة، وتوفير العلاج للمرضى الخارجيين، والمساعدة في تقصّي تقدُّم الوباء؛ وكل هذه الإجراءات المماثلة الضرورية لمكافحة الأزمة الحالية.

إن تعهُّد الاتحاد الأوربي بتوجيه أكثر من 15 مليار دولار إلى العالم النامي، بما فيه غرب أفريقيا، قد يجلب أيضاً بعض الانفراج في السيولة النقدية للحكومات المحلية بحيث يمكِّنها من رفع مستوى برامجها، على الرغم من الشكوك المحيطة بسياسة الإحسان.

لقد ثبت أن نقل الأغذية يشكل تحدياً على الرغم من وفرة الإمدادات، وهذا عامل تعقيد آخر ربما يتم التغلب عليه بسهولة أكبر هذه المرة، وعلى الرغم من أن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة قد أصدر عدة تحذيرات تفيد بأن عدد الناس الذين يواجهون انعداماً حاداً للأمن الغذائي قد يتضاعف بنهاية عام 2020، يتوقع بعض المحللين أن غرب أفريقيا قوية بما يكفي للتغلب على الأزمة الغذائية المتوقعة بأقل عواقب اقتصادية-اجتماعية[28]، على الرغم من الصدمات القصيرة الأجل، وذلك نظراً إلى وفرة المخزون الغذائي العالمي. ويمكن لبعض الدول في المنطقة أن تنتقل جزئياً إلى استهلاك الذرة المنتَج محلياً بعد المحصول الوفير الذي تحقق مؤخراً[29].

التوصيات والطريق إلى الأمام

لا بدّ من تكييف النماذج الوبائية والاستشارات التجريبية المتاحة لكي تتماشى مع السياقات المحلية من أجل الاستجابة الفعالة للوباء. كما يجب على استراتيجية تتبُّع مسار انتشار الفيروس في غرب أفريقيا أن تضع في الحسبان العوامل المجتمعية والمؤثرات الدينية والطوائف المهيمنة والوضع السياسي على الأرض.

ونظراً إلى أن منطقة غرب أفريقيا ما زالت تعاني مخاطر عالية من حيث عدد الموتى والتداعيات الاجتماعية-الاقتصادي السالبة، فمن الضروري الإسراع باستخدام نهج متعدد الجوانب لمكافحة وباء “كوفيد-19”. ولا بد من تحرك جريء في جميع مجالات الصحة العامة من جانب الفاعلين المحليين بمساعدة من الشركاء الخارجيين[30]. ولدعم الجهود المحلية، هناك حاجة ملحة إلى مناهج حساسة ثقافياً في مجال الصحة العامة يمكن أن يصممها ويقدمها علماء محليون وأطباء مهنيون معاً[31].

قبل خمس سنوات، كان واحداً من أهم الدروس المستفادة من وباء إيبولا هو أن الضغط الإضافي على مرافق الرعاية الصحية العامة جاء على حساب العلاج المتوفر للمرضى المصابين بأمراض أخرى، خصوصاً الأمراض المزمنة؛ لذلك يجب توجيه الجهود التعاونية الحالية والمستقبلية في غرب أفريقيا على نحو فعال من أجل تعظيم تأثيرها. ولتحقيق هذا الهدف، لا بد من تنفيذ إجراءات متكاملة تكاملاً جيداً من جانب الحكومات والمنظمات غير الحكومية ذات الخبرة في مساعدات الصحة العامة الإقليمية في المنطقة، وذلك لدعم جهود المجتمع المدني.

ونظراً إلى أن الوباء يشكل تهديداً عابراً للحدود الوطنية ويتطلب جهداً عالمياً جماعياً وعودة إلى التعاون المتعدد الأطراف، فإن رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، الحائز على جائزة نوبل، قد حذّر من خطر الوباء وتأثيره المدمر على العالم النامي[32] ودعا منظمة الصحة العالمية ومجموعة العشرين إلى غرس الأمل، ما يؤكد حاجة أفريقيا إلى شركاء خارجيين لمعالجة الأزمة.

إن أي إجماع محتمل على الاستدامة الذاتية في غرب أفريقيا يمكن أن يعطي قوة لمرونة الرعاية الصحية في المنطقة من خلال توفير فرصة غير مسبوقة لتحويل الوباء إلى بداية مرحلة جديدة. وهنا لا بد للحكومات الإقليمية من أن تكون عاقدة العزم وخلّاقة في استجابتها لأزمة “كوفيد-19” من خلال استغلال أنشطة التعاون بين القطاعات استغلالاً كاملاً.

باختصار، تختلف الرؤى حول التجانس الذي توصف به منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، وعلى الرغم من ذلك، فإن التجارب السابقة لغرب أفريقيا في مكافحة الأوبئة هي التي ستفتح الطريق إلى النجاح في التعامل مع الوباء الحالي.

المراجع:

[1] All statistics regarding Covid-19 infections were noted at the time of authoring this piece and the authors understand that these figures may vary by the time of publication and reading.

[2] “COVID-19 Cases Top 10 000 in Africa.” World Health Organization, World Health Organization, www.afro.who.int/news/covid-19-cases-top-10-000-africa.

[3] “COVID-19 Situation Reports.” World Health Organization, World Health Organization, www.who.int/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019/situation-reports/

[4] “Factors That Contributed to Undetected Spread of the Ebola Virus and Impeded Rapid Containment.” World Health Organization, World Health Organization, 22 Sept. 2015, www.who.int/csr/disease/ebola/one-year-report/factors/en/.

[5] Nyenswah, Tolbert. “Africa Has a COVID-19 Time Bomb to Defuse.” World Economic Forum, 6 Apr. 2020, www.weforum.org/agenda/2020/04/africa-covid-19-time-bomb-defuse/.

[6] Mai-Duc, Christine, and Paul Olund. “Story So Far: Unprecedented Ebola Outbreak in West Africa: What You Need to Know.” Los Angeles Times, Los Angeles Times, 30 Oct. 2014, www.latimes.com/world/africa/la-ebola-outbreak-facts-20140725-htmlstory.html.

[7] Ndopu, Eddie. “The Threat of Coronavirus in Africa Flags a Deeper Crisis of Global Solidarity.” World Economic Forum, Apr. 2020, www.weforum.org/agenda/2020/04/covid-19-south-africa-developing-countries/.

[8] Liu, W.J., Hu, H., Su, Q. et al. HIV prevalence in suspected Ebola cases during the 2014–2016 Ebola epidemic in Sierra Leone. Infect Dis Poverty 8, 15 (2019). https://doi.org/10.1186/s40249-019-0525-9

[9] “West Africa: Extreme Inequality in Numbers.” Oxfam International, 25 Nov. 2019, www.oxfam.org/en/west-africa-extreme-inequality-numbers.

[10] “Africa may face uncontrollable Covid-19 crisis.” Oxford Analytica, 2 April, 2020, https://dailybrief.oxan.com/Analysis/GA251760/Africa-may-face-uncontrollable-COVID-19-crisis

[11] “World Health Statistics 2019: Monitoring Health for the SDGs.” World Health Organization, World Health Organization, 14 Apr. 2020, www.who.int/gho/publications/world_health_statistics/2019/en/.

[12] “Global Spending on Health: A World in Transition.” World Health Organization, World Health Organization, 21 Jan. 2020, www.who.int/health_financing/documents/health-expenditure-report-2019/en/.

[13] Parpia AS, Ndeffo-Mbah ML, Wenzel NS, et al. Effects of Response to 2014–2015 Ebola Outbreak on Deaths from Malaria, HIV/AIDS, and Tuberculosis, West Africa. Emerging Infectious Diseases, 22(3), 433-441. (2016) doi:10.3201/eid2203.150977.

[14] “Community Feedback COVID-19 #1 Africa Region, 23 March 2020 – Democratic Republic of the Congo.” ReliefWeb, www.reliefweb.int/report/democratic-republic-congo/community-feedback-covid-19-1-africa-region-23-march-2020.

[15] Ghinai, Isaac. “Listening to the Rumours: What the Northern Nigeria Polio Vaccine Boycott Can Tell Us Ten Years On.” Taylor & Francis, www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/17441692.2013.859720.

[16] “Ebola Outbreak in West Africa.” United Nations Development Programme (UNDP), www.undp.org/content/undp/en/home/crisis-response/past-crises/west-africa.html.

[17] “Polio Eradication Efforts in Nigeria and India.” UNICEF, 29 Apr. 2009, www.unicef.org/cbsc/index_49534.html.

[18] “Socio-Economic Impact of the Ebola Virus Disease in West Africa: UNDP in Africa.” UNDP, www.africa.undp.org/content/rba/en/home/library/reports/socio-economic-impact-of-the-ebola-virus-disease-in-west-africa.html.

[19] Sperber, Amanda. “Africa Meets Pandemic With Violence, Confusion.” Foreign Policy, 2 Apr. 2020, www.foreignpolicy.com/2020/04/02/africa-coronavirus-pandemic-violence-confusion/.

[20] Posthumus, Bram. Mali Holds Second-Round Elections amid Coronavirus Fears: DW: 18.04.2020. Deutsche Welle, 18 Apr. 2020, www.dw.com/en/mali-holds-second-round-elections-amid-coronavirus-fears/a-53160588.

[21] “Tackling COVID-19 in Africa.” McKinsey & Company, www.mckinsey.com/featured-insights/middle-east-and-africa/tackling-covid-19-in-africa.

[22] “The Abuja Declaration: Ten Years On.” World Health Organization, World Health Organization, 7 Apr. 2016, www.who.int/healthsystems/publications/abuja_declaration/en/.

[23] Wenham, Clare. “What we have learnt about the World Health Organization from the Ebola outbreak.” Philosophical transactions of the Royal Society of London. Series B, Biological sciences vol. 372,1721 (2017): 20160307. doi:10.1098/rstb.2016.0307

[24] Oleribe, Obinna O, et al. “Ebola Virus Disease Epidemic in West Africa: Lessons Learned and Issues Arising from West African Countries.” Clinical Medicine , Royal College of Physicians, Feb. 2015,www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4954525/.

[25] “New IRC Report Exposes Double Emergency of COVID-19 in Humanitarian Crises; Reveals Grave Shortages of Ventilators and ICU Beds in Fragile Countries.” International Rescue Committee (IRC), 9 Apr. 2020, www.rescue.org/press-release/new-irc-report-exposes-double-emergency-covid-19-humanitarian-crises-reveals-grave.

[26] “Coronavirus: The World in Lockdown in Maps and Charts.” BBC News, BBC, 7 Apr. 2020, www.bbc.com/news/world-52103747.

[27] Dromi, Shai M. “COVID-19 Is Spreading in Africa. How Should Philanthropy Respond?” Inside Philanthropy, Inside Philanthropy, 30 Mar. 2020, www.insidephilanthropy.com/home/2020/3/30/covid-19-is-spreading-in-africa-how-should-philanthropists-respond.

[28] “The Race to Feed Africa during a Pandemic.” The Economist, The Economist Newspaper, www.economist.com/middle-east-and-africa/2020/04/23/the-race-to-feed-africa-during-a-pandemic.

[29] Yami, M., Meyer, F. & Hassan, R. The impact of production shocks on maize markets in Ethiopia: implications for regional trade and food security. Agric Econ 8, 8 (2020). https://doi.org/10.1186/s40100-020-0153-5

[30] Jayaram, Kartik, et al. “Tackling COVID-19 in Africa.” McKinsey & Company, www.mckinsey.com/featured-insights/middle-east-and-africa/tackling-covid-19-in-africa.

[31] Vetter, P., Dayer, J., Schibler, M. et al. The 2014–2015 Ebola outbreak in West Africa: Hands On. Antimicrob Resist Infect Control 5, 17 (2016). https://doi.org/10.1186/s13756-016-0112-9

[32] Ahmed, Abiy. “If Covid-19 Is Not Beaten in Africa It Will Return to Haunt Us All: Free to Read      .” Financial Times, Financial Times, 25 Mar. 2020, www.ft.com/content/c12a09c8-6db6-11ea-89df-41bea055720b.

المواضيع ذات الصلة