اتجاهات حول الإسلام السياسي (22)

التجربة البلجيكية: في التعاطي مع جماعة الإخوان المسلمين

16 سبتمبر 2025

Publication Thumb

ISBN: 978-9948-690-13-9

د.إ 15

يمكنك الحصول على نسختك بصيغة PDF، مع السماح بثلاثة تنزيلات فقط خلال خمسة ايام

إن الجماعات والحركات الإسلاموية، التي تتبنى أساليب التغيير، غالبا ما تبحث عن المشروعية السياسية والقانونية تجاه الحكومات والدول الأوروبية لاستمالة القوى السياسية وأصحاب القرار. وبما أن المذاهب الأيديولوجية هي مذاهب للأمم والجماعات وليست مذاهب للأفراد ، فإن جماعات الإسلام السياسي تستغل بعض الحقوق والحريات الأوروبية والوطنية؛ التي يكفلها الدستور البلجيكي من قبيل «حرية التجمع» الواردة في المادة 26 ، وحرية تكوين الجمعيات الواردة في المادة 27 ، لتمرير برامجها والتسويق لأفكارها.

ولا يخفى على المتابع أن هذه التطورات، تجري في سياق ظاهرة نامية يشهدها العالم في العقود الأخيرة، وبموجبها نلاحظ ازدياد الدين «تسييسا»، وفي الوقت نفسه ازدياد السياسة «تَدَينا».

لذلك، لم تعد المسألة مجرد قضية مزج بين السياسي والديني، بقدر مــا هـي إشكالية أكبر تتطلب إعادة الطرح والنظر في القضايا الدينية والسياسية على حد سواء - بكل تشعباتها وتداخلاتها - بوعي . جدید ، من أجل فهم واقعنا المعاصر فهما أفضل. ومن الواضح أن هذه الجماعــات - في تحديها للخطــاب السياسي العلماني - مازالت مُصِرَّةً على تأسيس نظريات ورؤى منغلقة ذات طابع شمولي، إيمانًا واعتقادا منها بأن ما تقوم به هو الحق وما عداه فهو الباطل.

بعد سنوات من أدلجة الخطاب الإسلامي وتسييسه من طرف الجماعات الأصولية المتشددة، باتت هذه الجماعات تتحسس المسارات الممكنة لإيجاد موطئ قدم آمن لها في أوروبا، وغالبًا ما تمر هذه العملية بمسار طويل ومعقد، تتأرجح فيها بين البحث عن الاعتراف، وبين التسلل، والاستغلال والتحكم والتكيف، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين.

أقصد بالاعتراف هنا سعي هذه الجماعات لتقديم نفسها في أوروبا على أساس أنها حركات، مع تجنب اعتبارها تنظيمات»، واستغلال الفرص السياسية والاقتصادية والأمنية من خلال المواقع التي تتبوأها لتمرير أجنداتها، أو التكيف مع المحيط، أو الميل للتحول نحو الاندماج في السياق الذي تشتغل فيه، للاستزادة من التوسع والانتشار. إن عملية الاندماج - أو الإدماج - والطريقة التي يسعى بها الإسلامويون للمشاركة، لا تختلف كثيرا عن سائر الجماعات في المناطق الأخرى من العالم، وذلك لما يشهده العالم العربي والإسلامي من تشابه في التحولات والتغييرات - إلا ما ندر - سواء على المستوى الجيوسياسي أو الاجتماعي، وإذا كانت بعض الأطياف من الحركات الإسلاموية تؤمن بمصداقية الاتحاد الأوروبي في سعيه لفتح آفاق المشاركة، فإن البعض الآخر يتوجس خوفا ، لأنها لا ترغب في رفع سقف المشاركة السياسية بشكل قوي، نظرًا إلى ضغوط النظم الحاكمة عليها، على حد قولهم. فحزب العدالة والتنمية المغربي، مثلا ، دفع بمرشحيه في 56 دائرة من مجموع 91 دائرة انتخابية، وهذه المشاركة المحدودة جرى التفاوض بشأنها مع وزارة الداخلية. ثم أذعن الحزب في الأخير الخطة ملكية بخفض عدد المقاعد التي فاز بها. مثلما قرر الإخوان المسلمون في مصر المشاركة على نطاق محدود في انتخابات 2005 ، إذ شاركوا بـ 161 مرشحًا فحسب، ولم يشاركوا بجميع مرشحيهم".