هناك فرق بين «العنف القديم» الذي مثله تنظيما «الجهاد» و«الجماعة الإسلامية» وبين «العنف الجديد» الذي يمثله تنظيم «داعش»، ويرجع هذا الفرق إلى مسألتين رئيسيتين، الأولى هي البنية التنظيمية المحكمة التي تأسست في بيئة محلية ( وطنية) عرفتها تنظيمات التطرف العنيف طوال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي، والثاني هو الحضور القوي للبناء العقائدي وعمــق الأدبيات الفقهية التي كانت المصدر الرئيسي وراء انضمام العناصر الجديدة للتنظيمات الجهادية في القرن الماضي.
في المقابل، شهد كثير من التنظيمات الحالية وعلى رأسها «داعش»، وثائق حركية غير عميقة فقهيا وعقائديا كما جرى الانتقال من المعادلة المحلية الوطنية إلى المعادلة الدولية المتعولمة، وسيطر على مساحات أرض ومدن ودخلت عوامل جديدة في تجنيد عناصره؛ كالانتقام والتهميش والشبكات المالية وغيرها من العوامل غير الدينية التي كانت حاضرة في الماضي، ولكنها باتت أساسية حاليا.
المؤكد أن قوة البنية التنظيمية لجماعات نهايات القرن الماضي، جعلتها تدار بشكل مركزي من خلال قيادات عُرفوا بالأمراء» يجندون بشكل مباشر العناصر الجديدة ويضمونها إلى إحدى خلاياها في زمن غابت فيه مواقع التواصل الاجتماعي وحضر التفاعل البشري والتجنيد الديني على أساس تفسيرات فقهية متشددة لا تخلو من العمق ترد في مئات الكتب وآلاف الأوراق لابن تيمية وتفسيراته الفقهية والدينية، إضافة إلى كتابات معاصرة كثيرة أبرزها لسيد قطب، وعمر عبدالرحمن وسيد إمام الشريف وآخرين كفّروا السلطة الحاكمة على اعتبار أنها لا تطبق شرع الله، وطالبوا بمحاربتها، عقب سنوات طويلة من جلسات التلقين العقائدي ليصبح عنصر الجماعة الإسلامية والجهاد مهياً لممارسة العنف.