لم تعد الدبلوماسية بمفهومها الحديث تقتر على ما تمارسه حكومات الدول المختلفة عبر سفرائها المنتشرين في جميع أنحاء العالم فحسب، فربما كان هذا هو الوضع السائد منذ عقود خلت، ولكن مع ظهور العولمة وثورة المعلومات والتطور الهائل في تكنولوجيا الاتصالات، ومع اتساع مساحات الحرية والديمقراطية، برزت أشكال جديدة للدبلوماسية لم تكن معروفة من قبل، تختلف بصورة كليّة عن الشكل التقليدي الذي ظلت عليه الدبلوماسية لف رات طويلة، حيث ظهرت فواعل جديدة كل منها يمارس الدبلوماسية الخاصة به في إطار دوره المنوط به والاختصاصات المحددة له، وفي هذا السياق أصبح للمجالس النيابية (البرلمانات) الدبلوماسية الخاصة بها وعُرفت ب «الدبلوماسية البرلمانية »، التي باتت في عالم اليوم تتصدر قائمة مختلف أنواع الدبلوماسية غر الرسمية، كونها تمارَس من قبل برلمانين يمثلون الإرادة الشعبية طبقًا لما تفرزه الممارسة الديمقراطية التي أصبحت بدورها التوجه الأكر انتشارًا وقبولًًا في السياسة الدولية.
وتهدف هذه الدراسة إلى تناول بعض ملامح الدبلوماسية البرلمانية، بوصفها أحد أبرز الفاعلين في مجال العلاقات الدولية، والدور الذي يمكن أن تؤديه في مواجهة الأزمات الدولية؛ ولاسيما قضايا المناخ، نظرًا إلى تأثيراتها السلبية التي تمتد لتشمل جميع أنحاء الكرة الأرضية، الأمر الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين، وذلك من خلال التركيز على نقطتن رئيسيتين، أولهما: التعريف بمفهوم الدبلوماسية البرلمانية (خصائصها، أهدافها، أدواتها)، والثانية: كيف أسهمت تلك الدبلوماسية في مكافحة التداعيات المترتبة على ظاهرة تغير المناخ، وما هي حدود التأثر وسبل التفعيل، وذلك بالتطبيق على الدبلوماسية البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي الإماراتي ودوره في التعامل مع ظاهرة التغير المناخي، ومن ثَم التنظيم لمؤتمر الأطراف )كوب 28 ( الذي تستضيفه الإمارات في 30 نوفمبر 2023 .