Insight Image

المحكمة العليا والانتخابات الأمريكية.. دور القضاء في السياسة الأمريكية

05 أبريل 2024

المحكمة العليا والانتخابات الأمريكية.. دور القضاء في السياسة الأمريكية

05 أبريل 2024

تُعقد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 5 نوفمبر 2024، والتي تُثير جدلًا قانونيًّا وسياسيًّا واسعًا حول ترشح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يخطو ثابتًا برغم العقبات القانونية والقضايا المنظورة أمام عدد من المحاكم المختلفة بشأن عرقلة ترشحه، ولعل رفْضَ المحكمة العليا الأمريكية -المحكمة الأعلى في البلاد- حكم “عدم أهلية” ترامب للترشح في ولاية كولورادو، يوم الاثنين الموافق 4 مارس 2024، وقضاءها بضرورة ظهور الرئيس السابق على بطاقة الاقتراح في ولاية كولورادو، على خلفية الجدل الذي أُثير حول إمكانية ترشحه، وما إذا كان قد انتهك “شرط التمرد” الوارد في التعديل الرابع عشر من الدستور الأمريكي المعتمد في 9 يوليو 1868[1]، يُلقي الضوء مرة أخرى على الدور السياسي للقضاء في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الدور الذي يتحفّظ عليه بعض الباحثين من ذوي الخلفيات القانونية؛ اعتقادًا منهم بالانفصال الجلّي بين القانون والسياسة، ومن ثم عدم وجود أي أدوار سياسية للقضاء خلافًا للحقيقة[2].

وعليه، تأتي هذه الدراسة لبيان المساحة البينية بين القضاء والسياسة من الناحية النظرية، ثم الوقوف على حدود تلك المساحة في السياسة الأمريكية، خاصة في ضوء تنامي التأثير القضائي على السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وزخم هذا التأثير على خلفية السِّجالات السياسية والقانونية الدائرة بشأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع عقدها في نهاية هذا العام. وللوقوف على حدود تلك المساحة تُعنى الدراسة بالإجابة عن تساؤلٍ رئيسي مفاده: “إلى أي مدى تؤثر المحكمة العليا في السياسة بالولايات المتحدة؟”. وللإجابة عن هذا التساؤل، يثير الباحث التساؤلات الفرعية الآتية:

  • ماذا يُقصد بالسياسة القضائية، أو الدور السياسي للقضاء، في الولايات المتحدة الأمريكية؟
  • ما محددات الدور السياسي للمحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية في الانتخابات الرئاسية المنظورة؟
  • ما التداعيات المرتقبة للدور القضائي في الانتخابات الأمريكية؟

أولاً- حكومة القُضاة في الولايات المتحدة الأمريكية:

بالنظر إلى وضعية القضاء في النُّظم المعاصرة فإنه يؤدي دورًا رئيسيًّا للحفاظ على ممارسات التوازن والرقابة بين فروع الحكومة الأخرى، وهو ما يجعله -في حدّ ذاته- قريبًا من الساحة السياسية، وبُنى وهياكل المنافسة؛ من أجل السيطرة داخل النظام السياسي. وكمثال لتقريب هذه الوضعية إلى ذهن القارئ: في عملية سياسيةٍ ما، تتنافس الأحزاب والأفراد والمؤسسات فيما بينها، وهو التنافس الذي يُفهم أن من ضمن نتائجه ظهور نزاعات على الساحة السياسية؛ وعليه تنهض المحاكم، أو القضاء، باعتباره طرفًا ثالثًا محايدًا ليكون له الحكم النهائي في العديد من تلك النزاعات، وهو ما جعل بعض الباحثين يطرح تساؤلًا حول الحدود على المسائل القانونية التي للمحكمة أن تُمارس سُلطتها القضائية عليها في المنازعات السياسية، فدخول القضاء للفصل في منازعات سياسية، كما هو الحال في الولايات المتحدة، يجعله- في نظر بعض الباحثين- فاعلًا سياسيًّا، فعلى الرغم من اختصاصه الأصيل في الفصل في النزاعات، فإن المحاكم من خلال موقعها في النزاعات السياسية، يمكن أن تحوز نفوذًا سياسيًّا وشرعية، وهي المتصور فيها الحيادية، أو الحفاظ على حياديتها، نظريًّا.

كما أن المحاكم يمكن أن تكون عرضةً لفقد استقلاليتها في خضمّ تلك المنازعات السياسية، خاصة في مسألة الطعون السياسية كالحالة الأمريكية، حيث يحاول كل طرف من طرفي النزاع أن يكون أقرب للمحكمة عبر آليات عدة، من هذه الآليات محاولات فرض نفوذ أي من السلطتين التشريعية والتنفيذية في تعيين القُضاة وغيرها؛ ما يجعل شرعية المحاكم ذاتها محل تساؤل في نظر بعض الباحثين.

وعلى جانب آخر، فإن مسألة المراجعة الدستورية من قِبل المحاكم العليا يجعلها وفقًا لذلك فاعلًا رئيسيًّا في العملية السياسية؛ الأمر الذي دفع بعض الباحثين إلى سكّ مصطلحات جديدة بشأن ملامح هذه الوضعية وهذا الدور للسلطة القضائية، منها تعبير ـ”الدور السياسي للسلطة القضائية”، أو اصطلاح مصطلحات جديدة لتوصيف تلك الظاهرة وتعريف سلوكها وضبط حدودها، وكان أسبقهم “بيتر راسل”، في دراسة بعنوان “محاضرة عن القانون والسياسة”، والتي نُشرت بعنوان “معضلة السلطة القضائية”، وذلك في دورية جامعة الملكة للقانون بولاية أونتاريو الكندية عام 1987[3]. ومن الإسهامات العلمية الرصينة في هذا الصدد، إسهام “توربجورن فاليندر” بدراسته المعنونة “التحول نحو الصبغة القضائية للسياسة: مدخل عن الانتشار العالمي للظاهرة”، والتي نُشرت عام 1994 بالدورية الدولية للعلوم السياسية [4]، والتي طورها لاحقًا مع “تايت سي ناييل” لتَصدُر في كتاب عام 1995، بعنوان “التنامي العالمي للسلطة القضائية”[5]، وتبايَن الباحثون في اصطلاح الظاهرة، فمنهم من وصفه بحكومة المحاكم “courtocracy” أو “ديمقراطية المحاكم” كالباحث “كيم لان سكوبيل”[6]، أو “حكومة الفقيه القانوني” “juistocracy” عند الباحث “ران هيرشيل”[7].

ويُمكن تعريف تلك الظاهرة بأنها “تنامي النفوذ الذي تمارسه السلطة القضائية في الساحة السياسية” ليتجاوز نفوذ المحاكم والقضاة أدوار السياسيين والبيروقراطيين؛ ما قد يترتب عليه نقل عملية صنع القرار من السلطتين التشريعية والتنفيذية، والجهاز البيروقراطي للدولة إلى المحاكم”، أو أنها “تنامي آليات صنع القرار السياسي عبر القضاء خارج مجاله المعهود”، أو أنه “الدور المتنامي للمحاكم وقُضاتها في حل المنازعات التي يكون لها انعكاسات على السياسات العامة للدولة[8]، أو أنها “الاعتماد المتزايد على المحاكم والأدوات القضائية في معالجة معضلات السياسات العامة، والخلافات السياسية” وفقًا لـ”ران هيرشيل”[9]، ويُعرّفها “بفرلي ماكلاكلين” بأنها “أي فعل قضائي يتجاوز مساحة التطبيق البسيط المصنوع من قِبل السلطة التشريعية؛ ما يجعله محل تساؤل بشأن مشروعيته”[10]، ويُعرّفها “بيتر راسل” بأنها “ظاهرة صنع القانون من قِبل قضاة غير منتخَبين بطبيعتهم، ولا يخضعون للمحاسبة، وهو ما يتعارض مع قيم الديمقراطية”، أو أنها “الزحف القضائي على مساحات السياسة”[11]. وهناك أسباب عدة تُفسِّر هذه الظاهرة المتنامية عالميًّا:

 أولها، تكوّن اعتقاد مبدئي لدى البعض عقِب المراجعات الدستورية الواسعة لأوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية بشأن تزايد احتمالية خطأ المؤسسة التشريعية عند ممارستها اختصاصاتها، خاصة مع اعتماد العديد من تلك الدول على النظام البرلماني كنظام للحكم، ومن ثم تنامي رغبة الأحزاب السياسية في إحداث مراجعات دستورية مستمرة لاعتبارات اللعبة السياسية.

ثاني تلك الأسباب هو اتجاه العديد من النخب الحاكمة في النُّظم الرئاسية لإجراء تعديلات دستورية لخلق مكاسبَ معينة لهم، كاتجاه الرئيس لإحداث زخم سياسي عبر الدعوة لإجراء تعديلات دستورية لكسر حالة الجمود وإخفاقه في تحقيق سياساته أو الاستجابة لمطالب الجماهير على سبيل المثال، وهو ما يُنذر بدورٍ ما للمحكمة العليا المعنيّة بدستورية القوانين، أو حاجة النخبة السابقة -التي في سبيل أن تفقد السلطة- لإجراء تعديلات دستورية تمكّنها من التعامل مع مرحلة التحول نحو الديمقراطية أو مرحلة عدم التأكد السياسي إبّان التحول، أو بعده، سواء لمحاولة الاستمساك بمقاليد الحكم، أو خلخلة قبضتها عليه[12].

وثالث تلك الأسباب هو سعي البرلمانيين لإجراء تعديلات دستورية لتحسين ضعف أدائهم البرلماني، أو توطيد مواقفهم الضعيفة نسبيًّا في مواجهة السلطة التنفيذية[13].

 ومن تلك الأسباب أيضًا اعتبار بعض الباحثين أن أحكام البُطلان أو الإلغاء من قِبل المؤسسة القضائية لكثير من القرارات المتخذة من قِبل السلطة التنفيذية  أحد مظاهر هذه الظاهرة، حيث إن تلك الأحكام تُسهم في تقييد ممارسات السلطة التنفيذية في صناعة القرار داخل النظام السياسي[14].

ويضاف إلى الأسباب، أيضًا، اتجاه السلطة القضائية في بعض النُّظم الرئاسية، الحديثة النشأة، إلى الوقوف في منتصف الطريق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتجنّب التعرّض للقضايا الجوهرية، أو ذات الأهمية القصوى كفكرة فيدرالية الدولة، أو الفصل بين السلطات، وذلك في مقابل التركيز على قضايا الحقوق الفردية، والحريات العامة، وقد يُفسَّر ذلك بسبب الطبيعة النظرية للنظام الرئاسي، والتي تجعل هناك فصلًا بين السلطات، خصوصًا التشريعية والتنفيذية؛ ما يُمكّن السلطة القضائية من لعب دور أكبر في منتصف الطريق بين السلطتين الأُخريين، في حين يسعى القضاء في النُّظم البرلمانية، أو النُّظم التي تعاني حالة عدم التأكد السياسي، إلى جذب الرأي العام طلبًا لدعم موقفه، وهو العامل المهم في ضوء الطبيعة النخبوية للمؤسسة القضائية، في مواجهة السلطات الأخرى المنتخبة ذات القاعدة الجماهيرية بدرجة أو بأخرى، ويُفسَّر ذلك في ضوء كون السلطة القضائية تجد نفسها وحيدة في مواجهة السلطتين السياسيتين التشريعية والتنفيذية المتداخلتين وفقًا لفلسفة النظام البرلماني[15].

وعليه، يأتي النظام القضائي الأمريكي، وعلى رأسه المحكمة العليا، ليُمثّل الحالة الأكثر بروزًا في تداخل اعتبارات السياسة بالقانون، وذلك في ضوء الممارسة السياسية المتراكمة في الولايات المتحدة الأمريكية، وما يُوفّره النظام الدستوري الأمريكي المختصر من مساحات رمادية تسمح بأدوار متغيرة اتساعًا وضيقًا بين الفاعلين في النظام السياسي وفقًا لعمليات التفاوض السياسي للمسائل الخلافية فيه، كما هو الحال في المشهد الانتخابي الراهن بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما ستوضحه الدراسة لاحقًا.

ثانياً/ محدِّدات الدور السياسي للمحكمة العليا الأمريكية في الانتخابات الرئاسية المنتظَرة:

ينصّ الدستور الأمريكي[16]، في الباب الأول من مادته الثالثة على[17]: “تُخوَّلُ السلطة القضائية للولايات المتحدة لمحكمة عليا واحدة، وللمحاكم الأدنى مرتبة التي يجوزُ للكونغرس أن يُصدر مرسومًا بإنشائها، وأن يقوم فعلًا بإنشائها، ويحتفظ قُضاة كل من المحكمة العليا والمحاكم الأدنى مرتبة بمناصبهم طوال تمسكهم بالسلوك القويم، ويحصلون في أوقات محددة على تعويض مقابل خدماتهم، لا ينقصُ في أثناء استمرارهم في مناصبهم”.[18]

ويُعيَّن قضاة المحكمة العليا وقضاة محكمة الاستئناف وقضاة محكمة المقاطعة من قِبل الرئيس الأمريكي، ويُعتمد التعيين من قِبل مجلس الشيوخ الأمريكي وفقًا للدستور، حيث تتطلب أسماء المرشحين المحتملين توصية أعضاء مجلس الشيوخ، وأحيانًا أعضاؤه من حزب رئيس الدولة، ثم تقوم لجنة السلطة القضائية بمجلس الشيوخ باعتماد التعيين بعد جلسات من الاستماع لكل مرشح[19]، وتنصّ المادة الثالثة من الدستور الأمريكي على أن مأموري الضبط القضائي يتم تعيينهم مدى الحياة[20].

وتُعدّ المحكمة العليا الأمريكية هي أعلى محكمة للأمة الأمريكية، وتتكون من رئيس، وثمانية أعضاء، ويخدم قضاتها مدى الحياة كباقي القُضاة الفيدراليين، وذلك وفقًا للمادة الثالثة من الدستور الأمريكي. وفي خلال ما يقرب من 220 عامًا تَولّى رئاسة المحكمة (17) قاضيًا، و(115) قاضيًا خدموا كأعضاء بها[21].

واستنادًا لما سبق، يتضح أن الدستور الأمريكي قد أورد في مادته الثالثة الخطوط العريضة في إجراءات تعيين القضاة الفيدراليين، حيث أوردت بنوده بصورة موجزة تفاصيل كيفية اختيار الرئيس للمرشحين للمناصب القضائية، ومؤهلات المرشحين، وكذا تحدّث الدستور عن دور مجلس الشيوخ الذي يدور حول تقديم النصح واعتماد التعيين؛ وعليه يمكن القول إن النصّ الدستوري قد اتسم بغموض نسبي في هذا الصدد، وهو ما يُعرف في الفقه القانوني بـ”سكوت النصّ المقصود”، فتاريخيًّا تُشير محاضر اجتماعات المؤتمر الدستوري لعام 1787، في الولايات المتحدة، إلى الجدل بين المؤسسين والمشرعين حول المدى المناسب لدور ومسؤوليات الرئيس ومجلس الشيوخ في التعيين القضائي، واستقروا على فكرة مفادها أن سلطة التعيين في القضاء ستكون بـ”المشاركة”، واعترافًا من المشرّع بأن مجلس الشيوخ قد لا يكون دائمًا “في حالة انعقاد” للقيام بدوره في النصيحة والموافقة، فقد أشار المشرّع في النصوص المنظمة إلى إمكانية اعتماد تعيينات الرئيس دون تصويت مجلس الشيوخ، ليحق للرئيس بذلك التعيين منفردًا كاستثناء في حالة ما يُعرف باسم “عطلة البرلمان”، وتنتهي صلاحية تلك التعيينات مع نهاية الدورة المقبلة لتلك العطلة بمجلس الشيوخ، ولم يُميز النصّ الخاص بتعيينات العطلة بين تعيين القضاة من قِبل الرئيس، أو الترشيحات والتعيينات الرئاسية الأخرى على مستوى الوزراء والسفراء[22].

ووفقًا للطرح السابق، تثور مشكلة التعيين في النظام القضائي الأمريكي حين يتجاوز الرئيس “الطريقة التقليدية” عبر تأكيد مجلس الشيوخ على التعيين، وتعسّفه في استخدام الغموض الدستوري مستغلًّا ما تُعرف باسم “تعيينات العطلة” لملء المناصب القضائية الحيوية، فبالرغم من كون “تعيينات العطلة” تتسم بكونها مؤقتة نظريًّا، فإنها قد تمثّل فرضًا للأمر الواقع من قِبل الرئيس، حيث قد لا يجد مجلس الشيوخ بُدًّا من تأكيدها واعتمادها لتصبح تعيينات دائمة، بيد أن  “المؤسسية والتقاليد المتراكمة في السياسة الأمريكية” تحدّدان “الواجب” في هذه المسألة، وتُقيّد تلك الصلاحيات بشكل ما[23].

ففي فترة حكم الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، أحبط الشيوخ الجمهوريون محاولته ملء المناصب الشاغرة في المحاكم الفيدرالية الدنيا؛ عبر تعليق المئات من ترشيحاته، وهو ما يُسمّى في الممارسة الأمريكية “العرقلة الصامتة” “silent Filibuster” أو التعليق “Hold”، وتُسمّى أيضًا  استراتيجية “التحدث عن مشروع قانون حتى الموت”، والتي تعني أن يقوم عضو مجلس الشيوخ بالاستمرار غير المحدود في النقاش[24]، وعدم إغلاق باب المناقشة حتى تُرفع الجلسة لمنع الأغلبية من التصويت، حيث لم تنصّ قواعد مجلس الشيوخ قبل عام 1917 على طريقة لإنهاء النقاش، وفرض التصويت على إجراءٍ ما، إلا أن المجلس تبنّى في هذا العام قاعدة للسماح بأغلبية الثلثين لإنهاء التعطيل، وهو الإجراء الذي يُعرف باسم “cloture” وفي عام 1975 خفّض مجلس الشيوخ عدد الأصوات المطلوبة لإغلاق النقاش من ثلثَي أعضاء مجلس الشيوخ الذين صوتوا إلى ثلاثة أخماس جميع أعضاء مجلس الشيوخ الذين تم اختيارهم وحلف اليمين الدستورية حسب الأصول، أو بمعنى آخر 60 عضوًا من أصل أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100 عضو[25].

وعليه، تُسبّب “العرقلة الصامتة” تأجيل عدم اتخاذ قرار في المسألة المنظورة، وهي أحد الممارسات البرلمانية التي قد تُعدّ “متطرفة نسبيًّا” لمنع نظر الترشيحات القادمة من الرئيس قبل انعقاد لجنة السلطة القضائية بمجلس الشيوخ، وهو الأسلوب الذي اتّبعه الشيوخ الديمقراطيون إبّان الولاية الأولى لبوش الابن، ويعتمده أعضاء كِلا الحزبين لتعطيل التعيينات الرئاسية للقضاة وعرقلتها.

وقد أثار هذا الأسلوب المتّبع من قِبل أعضاء مجلس الشيوخ تساؤلات دستورية مهمة؛ بشأن المقصود بموافقة مجلس الشيوخ على التعيين القضائي من قِبل الرئيس، وهل تعني التصويت بالأغلبية البسيطة؟ أم أن المجلس أقرّ قاعدة أخرى تتطلب الأغلبية المطلقة لإغلاق باب النقاش أو عرقلته؟ ولذا، يمكن إجمال الصراع بين الرئيس ومجلس الشيوخ في مسألة التعيين القضائي بين أسلوبين متعارضين؛ الأول يُستخدم من قِبل الرئيس، وهو “تعيينات العطلة”، والآخر يُستخدم من قِبل أعضاء مجلس الشيوخ وهو أسلوب “العرقلة الصامتة”، لتخضع مسألة التعيين القضائي لتقاليد غير رسمية “تفاوضية” تراكمت بين السلطتين السياسيتين؛ التشريعية والتنفيذية، وكذا بين الحزبين الحاكمين في الولايات المتحدة، وموقف القضاء ذاته من تلك العملية بالكامل، وهو ما قد يتطلّب في نظر بعض الباحثين تعديلًا دستوريًّا مستقبَلًا لمعالجة مشاكل التعيين القضائي الفيدرالي في الولايات المتحدة، حيث إن مسألة تعيين القضاء الفيدرالي بمختلف مستوياته عادةً ما تكون محل خلافات سياسية، لمحاولة بسط النفوذ على المحكمة العليا والقضاء الفيدرالي بين الحزبين وموقعهما في منصب الرئيس ومجلس الشيوخ.

ومن الأمثلة الشهيرة على استخدام هذه الاستراتيجيات ما حدث خلال فترة حُكم “بيل كلينتون”، حيث سيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ في الانتخابات البرلمانية منتصف عام 1994، وعملوا على تأجيل ورفض مئات الترشيحات القضائية له؛ وذلك للحفاظ على الميزة “الأيديولوجية” بغلبة الفكر المحافظ على المحاكم الفيدرالية، وهي الميزة التي عزّزها ريغان وبوش الأب منذ عام 1981، وحتى ديسمبر 2000، وقد سعى “بيل كلينتون” قبل أيام قليلة من انتهاء فترته الرئاسية الثانية للتعامل مع استراتيجية مجلس الشيوخ في تأجيل التعيين القضائي باستراتيجية “الرحيل” عبر استخدام “تعيينات العطلة”، حيث عيّن القاضي “روجر جورجي” وهو واحد من أربعة قضاة رشحهم للدائرة القضائية الرابعة بمحكمة الاستئناف الفيدرالي، ولم يتم عرض ترشيحاتهم على جلسة استماع “لجنة السلطة القضائية بمجلس الشيوخ”، حيث كان “كلينتون” يرى أن تعيين قضاة هذه الدائرة يُعدّ أمرًا حيويًّا وضروريًّا للديمقراطيين.

وتعرّضت هذه الحادثة لنقد باحثين؛ على اعتبار أن الرئيس الأمريكي حينها قد أهدر تقليدين في السياسة الأمريكية؛ الأول هو ضرورة تشاور الرئيس مع أعضاء الكونغرس بالولايات التي تدخل في نطاق الدائرة القضائية المُشار إليها، وليس فقط التشاور مع أعضاء الكونغرس بالولاية التي يقع فيها مقرّ المحكمة التي هي جزء من الدائرة القضائية. والآخر هو تواتر عدم اتباع الرؤساء الأمريكيين أسلوب “تعيينات العطلة” في مناصب محكمة الاستئناف الفيدرالية، وهما التقليدان المستمران منذ عقود قبل تلك الحادثة، حيث يوجد تفاهم عامّ بين الرئيس ومجلس الشيوخ بعدم استخدام “تعيينات العطلة” لملء المناصب القضائية الحيوية في المحكمة العليا الأمريكية ابتداءً، بَيد أنه بدءًا من عام 1990، وسّع الشيوخ الجمهوريون هذه القاعدة لتشمل محاكم الاستئناف الفيدرالي.[26]

وعليه، فإن النصوص الدستورية المقتضبة المعنية باشتراك الرئيس ومجلس الشيوخ في التعيين القضائي في الولايات المتحدة الأمريكية خلّفت في الممارسة العملية مساومات ومنافسة بين الطرفين داخل النظام السياسي الأمريكي، حيث إنه يمكن فهمها باعتبارها جزءًا من الرقابة والتوازن في النظام السياسي الأمريكي حول كيفية تحقيق التوازن الملائم لملء المناصب القضائية، ولمواجهة التعسف المحتمل من صلاحيات الرئيس في عملية التعيين.

جدول رقم (1) يوضح من الذي رشح كلّ قاضٍ من القضاة الحاليّين بالمحكمة العليا

م الاسم تاريخ التعيين الرئيس المُرشِّح له الجامعة التي تخرج فيها
1 رئيس المحكمة “جون روبرتس” سبتمبر 2005 جورج دبليو بوش دكتوراه القانون من هارفارد
2 كلارنس توماس أكتوبر 1991 بوش الأب دكتوراه القانون من يال
3 صامويل أي. أليتو الصغير يناير 2006 جورج دبليو بوش دكتوراه القانون من يال
4 سونيا سوتومايور أغسطس 2009 باراك أوباما دكتوراه القانون من يال
5 إلينا كاجين أغسطس 2010 باراك أوباما دكتوراه القانون من هارفارد
6 نايل جورسش إبريل 2017 دونالد ترامب دكتوراه القانون من هارفارد
7 بريت كافانوغ أكتوبر 2018 دونالد ترامب دكتوراه القانون من يال
8 آمي كوني برات أكتوبر 2020 دونالد ترامب دكتواره القانون من نوتردام
9 كيتانجي براون جاكسون يونيو 2022 جو بايدن دكتوراه القانون من هارفارد

المصدر: من تصميم الباحث بالاستناد للبيانات المتاحة على الموقع الإلكتروني الرسمي للمحكمة العليا

ممّا سبق يتضح أن أحد المحددات ذات الحيثية في الدور السياسي للمحكمة العليا في النظام الأمريكي، ومن ثم نظره في القضايا المتصلة بالانتخابات، المحدد الأيديولوجي، أو بمعنى أدقّ “من أتى به للمنصب؟” كون المفهوم عمليًّا أن من يقوم بالترشيح عادة ما يقع اختياره على قاضٍ يتفق وتوجهَّه الأيديولوجي، ولا يعني ذلك إغفال المعايير المهنية الرفيعة في اختيار وترشيح القضاة، حيث إن سبعة من أصل تسعة قضاة بالمحكمة العليا حاليًّا خريجو أرفع كليات القانون في البلاد بجامعتَي هارفارد ويال، كما هو موضح بالشكل رقم( 3)، وإنّما “المعيار الأيديولوجي” هو معيار “تفضيل” سياسي ينعكس بجلاء على كثير من القضايا المنظورة أمام القضاة وفقًا للشكل رقم(2 )  ونتيجته، حيث تتشكل المحكمة العليا حاليًّا من ستة قضاة محافظين  -منهم رئيسُها- في مقابل ثلاثة ليبراليين.

وبالنظر إلى الجدول أعلاه يتضح سيطرة تعيينات الرؤساء الجمهوريين على المحكمة العليا بمقدار 6 قضاة، منهم ثلاثة قام ترامب بتعيينهم، في مقابل ثلاثة قضاة تم تعيينهم من قِبل رؤساء ديمقراطيين؛ اثنان منهم عبْر الرئيس باراك أوباما.

شكل رقم (1) يوضح التيارات الفكرية في المحكمة العليا الأمريكية وفقًا للقائم بالتعيين

المصدر: من تصميم الباحث استنادًا لبيانات المحكمة العليا الأمريكية على موقعها الرسمي

شكل رقم (2) يوضح تصنيف القضاة وفقًا للجامعات الرفيعة المستوى في الولايات المتحدة

المصدر: من تصميم الباحث استنادًا لبيانات المحكمة العليا الأمريكية على موقعها الرسمي

شكل رقم (3) يوضح حصة الرؤساء الأمريكيين من التعيينات الحالية في المحكمة العليا الأمريكية

المصدر: من تصميم الباحث استنادًا إلى بيانات المحكمة العليا الأمريكية على موقعها الرسمي

 

ثالثًا/ التداعيات المرتقبة للدور القضائي في الانتخابات الأمريكية:

اتساقًا مع ما سبق، يتضح جليًّا أن الدور الذي يمكن وصفه بـ”السياسي” الذي تلعبه المحاكم الأمريكية بصفة عامة والمحكمة العليا بصفة خاصة في الانتخابات العامة، خاصة الرئاسية، منها ليس بجديد، وإنما هو دور تراكم وتبلور في ضوء خصائص وسياقات محددة أفرزها النظام الدستوري الأمريكي ذاته من ناحية، وطبيعة تكوين المحكمة من ناحية أخرى، حيث يصاحب كل سباق انتخابي خاصة 2020 و2024 احتمال أن يتم اختيار الرئيس القادم في النهاية من قِبل المحاكم، وليس من قِبل نتائج التصويت، بل أن بعضًا من المرشحين كترامب في 2020 و2024 لا يجد غضاضة، بل فرصة، في اللجوء إلى السلطة القضائية، وهو ما قد يوُفر فرصًا عدة، منها على سبيل المثال حسم الولايات المتأرجحة الرئيسية عبر التشكيك في شرعية التصويت عبر البريد، مثلما صرح في انتخابات 2020 بأنه بمجرد انتهاء التصويت: “نحن ذاهبون مع محامينا”.

وعليه، فإن الدور القضائي في الانتخابات الأمريكية ليس مفاجئًا أو استثنائيًّا في انتخابات 2024، وإنما هو سمة رئيسية للانتخابات الأمريكية منذ سنوات، فعلى سبيل المثال أصدرت المحكمة العليا في عام 2000 قرارًا بوقف عملية إعادة الفرز؛ وعليه أتمّ اعتماد نتائج الانتخابات دون تغيير، وهو ما انتهى بفوز بوش، وثار تساؤل حينها عمّا سيكون شكل النتيجة إذا ما تم فرز بقية الأصوات.

كما أنه تكرر مرة أخرى عندما أصدرت المحكمة العليا إبّان انتخابات 2020 أحكامًا، قبيل الانتخابات، تسمح بفرز الأصوات لفترات طويلة في بنسلفانيا ونورث كارولينا، وهو ما أسس لوجهة نظر أكثر تحفّظًا لتوسيع التصويت في الانتخابات مستقبلًا، ولاستجلاء هذه النقطة لبيان دور القضاء في حسم الانتخابات الرئاسية، فعند نظر القضية المُشار إليها، كتب القاضي “صامويل إي أليتو” المُعيَّن من قِبل جورج بوش الابن في 2006 بالمحكمة العليا في حيثيات حكمه: “لم ننتهِ من هذه القضية- هناك مسألة دستورية خطيرة هنا، وقد نحتاج إلى العودة وحلّها”، وهو ما يعني عمليًّا أن حسم مثل تلك النوعية من القضايا يكون عقِب يوم الانتخابات، وهو ما قد ينتهي إلى عدم الاعتداد ببعض الأصوات التي تم الإدلاء بها والتي تم فرزها، وهو ما يمثّل معضلة انتخابية وديمقراطية لا يمكن تسويقها للشعب الأمريكي، ولاسيّما أولئك الناخبين الذين اتّبعوا ما اعتقدوا بحسن نية أنه القواعد، ليجدوا في نهاية الأمر أن أصواتهم غير معتدّ بها بأمر المحكمة[27].

والدور القضائي في العملية الانتخابية لا يتوقف عند حدود المحكمة العليا الأمريكية، وإنما بصفة عامة يمتدّ ليشمل المحاكم الفيدرالية، وهو ما شُوهد في انتخابات 2024 من حكم محكمة كولورادو بشأن منع ترامب، وهو دور المحاكم غير الجديد أيضًا، بل والمتواتر، في الانتخابات الأمريكية في الفترة الأخيرة.

ومن ثم ينتهي بنا التحليل السابق إلى أن دور القضاء “السياسي” في الانتخابات الأمريكية ليس مجرد قرار قضائي مستند لسند قانوني محض، وإنما هو قرار تبلور في سياقات سياسية معقدة لا يُنكَر فيها الاعتبار القانوني، وله تداعيات سياسية عدة، حيث ينتقل القضاء من دوره كوصي لتوفير الضمانات الدستورية للحماية المتساوية والإجراءات القانونية الواجبة، التي تتُيح للجميع فرصة متساوية لتحديد من هو الرئيس، وهو الدور المُتوقع حال وجود إنكار منهجي لحقوق التصويت بموجب قانون الولاية -أي ولاية- أو ربّما من خلال بعض القرارات الإدارية داخل الولايات، وهو ما يُتوقع فيه أن يُمارس القضاء دورًا فاعلًا ضده، وبين الأدوار “السياسية” الجديدة للمحاكم الفيدرالية، بما فيها المحكمة العليا، والتي يبدو منها استعدادها للمشاركة في تحليلات دساتير الولايات الداخلية لتحديد ما إذا كانت الإجراءات الانتخابية الاعتيادية للولايات تتوافق مع دساتيرها، وهو الدور المنوط في الأساس بمحاكم الولايات بصفتها المفسر النهائي لما هو متسق وغير متسق مع الدساتير، وهي السمة التي تتجاهلها بعض أحكام المحكمة العليا مؤخرًا لتمارس أدوارًا أوسع في العملية الانتخابية قد تتجاوز إرادة الناخب بصورة أو بأخرى[28].

ولتقريب المشهد، يمكن التمييز بين قرار قضائي يُوقِف عدّ الأصوات على سبيل المثال، حيث لا نعرف ماذا سيحدث إذا واصلنا، وبين قرار قضائي يلغي نتيجة نعرفها، أو على الأقل اعتقدنا بأننا نعرفها؛ بناء على تطبيق القواعد التي تم تطبيقها بشكل صحيح في الوقت الذي تم فيه فرز تلك الأصوات، وذلك لبيان الهوة بين الأدوار القضائية في الانتخابات الأمريكية، لتكون المحصلة النهائية تساؤل الناخب والمواطن أن هذا ليس الدور “المناسب” للمحاكم، بل و”والمناهض” للديمقراطية، بمجرد نظر المحاكم لمثل تلك المسائل حتى ولو لم ينتهِ قرارها في النهاية لتغيير النتيجة الانتخابية، حيث إن مجرد نظرها يجعل احتمال التأثير والتغيير قائمًا، وهو الجدل الذي أضحى إحدى السمات الرئيسة للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والذي من المتوقع أن نشهده مع نتائج انتخابات 2024 المثيرة للجدل ابتداءً[29].

خاتمة:

في النهاية، يُنظر للقضاء في النُّظم السياسية المعاصرة، وعلى رأسها النظام الأمريكي، باعتباره فاعلًا مؤثرًا فيها، وليس الطرف الأضعف في الحكومة، كما كان يُنظر له نظريًّا وعلى مدار عقود، وتتزايد هذه الأدوار للقضاء في ضوء الزحف المتبادل بين القضاء من ناحية والسلطتين السياسيتين التنفيذية والتشريعية من ناحية أخرى على أدوار كل منهما والأدوار المحجوزة تقليديًّا لهما، وهي الأدوار التي قد يكون مردّها، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى الطبيعة التفاوضية التي تميز النظام السياسي وأي عملية سياسية داخله بين الفاعلين في أي نظام، وهي الطبيعة التي تزيد مساحاتها في الخبرة الأمريكية، وبصرف النظر عمّا إذا كان أي من الأطراف يتجاوز حدود الأدوار الدستورية له، إلا أنه في نهاية الأمر، فإن هذه الأدوار تضفي زخمًا على العملية السياسية ونوعًا من عدم اليقين يدفعها لمزيد من التفاعل، ومن ثم المراجعات المتبادلة التي قد تُفضي في النهاية لإعادة تعريف الأدوار السياسية لكل فاعل في النظام السياسي الأمريكي، وهو ما يمكن حدوثه في الانتخابات الأمريكية القادمة، التي قد تُفضي إلى أدوار أكثر تأثيرًا للقضاء في الانتخابات، سواء من حيث مسارها وعملياتها، أو من حيث نتائجها.


[1]  المحكمة العليا ترفض حكم “عدم أهلية” ترامب للترشح في ولاية كولورادو، شبكة سي إن إن عربية، 5 مارس 2024، https://shorturl.at/suKPT

[2] تنص الفقرة الثالثة من التعديل الرابع عشر لدستور الولايات المتحدة الأمريكية والصادر في 9 يوليو 1868 على أنه: “لا يجوز لأي شخص أن يصبح شيخًا أو نائبًا في الكونغرس، أو ناخبًا للرئيس أو أن يشغل أي منصب، مدنيًّا كان أو عسكريًّا، تابعًا للولايات المتحدة أو تابعًا لأي ولاية، إذا سبق له أن أقسم اليمين كعضو في الكونغرس أو كموظف لدى الولايات المتحدة كعضو في مجلس تشريعي لأي ولاية أو كموظف تنفيذي أو عدلي في أية ولاية، بتأييد دستور الولايات المتحدة واشترك بعد ذلك في أي تمرد أو عصيان ضدها، أو قدم عونًا ومساعدة لأعدائها. ولكن يمكن للكونغرس، بأكثرية ثلثي الأصوات في كل من المجلسين أن يزيل مثل هذا المانع.”  https://shorturl.at/xzIN6

[3]  Russell, Peter H. “The Paradox of Judicial Power.” Queen’s LJ 12 (1987): 421.

[4] Vallinder, Torbjörn. “The judicialization of politics—A world-wide phenomenon: Introduction.” International Political Science Review 15, no. 2 (1994): 91.

[5] Neal, Tate C., and Torbjorn Vallinder. The global expansion of judicial power: the judicialization of politics. The Global Expansion of Judicial Power, ed. Tate Neal and Vallinder. Torbjörn New York: New York University Press, 1995:32

[6] Scheppele, Kim Lane. “Democracy by judiciary. Or, why courts can be more democratic than parliaments.” Rethinking the rule of law after communism 25 (2005): 44.

[7] Hirschl, Ran. Towards juristocracy: the origins and consequences of the new constitutionalism. Harvard University Press, 2009.

[8] Hazama, Yasushi. “Constitutional Review and Democratic Consolidation: A Literature Review.” (2009).

[9] Hirschl, Ran. “The judicialization of politics.” (2008).

[10] McLachlin, Beverley. “Singapore Academy of Law Annual Lecture 2000: Judicial Power and Democracy.” Singapore Academy of Law Journal 12, no. 2 (2000): 311

[11] Russell, Peter H, Op. Cit. p 422

[12] Ginsburg, Tom. Judicial review in new democracies: Constitutional courts in Asian cases. Cambridge University Press, 2003.

[13] Yasushi Hazama, Op. Cit. pp 1,2,6

[14] Vanberg, Georg. “Establishing and maintaining judicial independence.” (2008), p102.

[15] Yasushi Hazama, Op. Cit. P 10.

[16]  يُعدّ الدستور الأمريكي الصادر عام 1786م، أقدم الدساتير المكتوبة، السارية حتى تاريخه، على الرغم من كثرة التعديلات التي أُدخلت عليه، ومن الجدير بالذكر إلى أن المؤتمر الذي قدم هذا الدستور لم يكن منوطاً به وضع دستور في بادئ الأمر، وإنما كان هدفه حل بعض المشكلات الناشئة بين الدول الأمريكية حديثة الاستقلال، وقد وجد المجتمعون أنه لا سبيل لحل تلك المشكلات إلا بالانتقال من صورة الدولة الكونفدرالية إلى الدولة الفدرالية.

[17] نَصّ الباب الأول من المادة الثالثة بدستور الولايات المتحدة الأمريكية.

[18] Malleson, Kate. “The New Judicial Appointments Commission in England and Wales: New Wine in New Bottles?.” Appointing Judges in an Age of Judicial Power 39 (2006): p 50.

[19] لجنة السلطة القضائية بمجلس الشيوخ الأمريكي، 7 مارس 2024، https://shorturl.at/wzOZ9

[20] تعيينات الرئيس الأمريكي القضائية، موقع قضاء الولايات المتحدة، 7 مارس 2024، https://shorturl.at/ekKW4

[21] قضاة المحكمة العليا الأمريكية، 7 مارس 2024، https://shorturl.at/iLMV3

[22]  Tolley, Michael C., K. Malleson, and P. H. Russell. “Legal Controversies over Federal Judicial Selection in the United States: Breaking the Cycle of Obstruction and Retribution over Judicial Appointments.” Appointing Judges in an Age of Judicial Power: Critical Perspectives from around the World (2006).

[23] أبو فرحة، السيد، مرجع سابق، ص 94.

[24]  Jacob Miller, The Silent Filibuster Paradox: Searching for Solutions to the Senate Standstill, Harvard political review, 26 august 2021,   https://shorturl.at/clpK1

[25]  About Filibusters and Cloture, https://shorturl.at/EIMW8

[26]  Michel C.Tolley, Op.Cit. p 82.

[27] Bartels, Brandon L., Jeremy Horowitz, and Eric Kramon. “Can Democratic principles protect high courts from partisan backlash? Public reactions to the Kenyan Supreme Court’s role in the 2017 election crisis.” American Journal of Political Science 67, no. 3 (2023): 790-807.

[28]  Dershowitz, Alan M. Supreme injustice: How the high court hijacked election 2000. Oxford University Press, USA, 2001.

[29] Dave Alexander, what role will the courts play in determining the election’s outcome?, Hub Johns Hopkins university, USA, Nov 4, 2020, What role will the courts play in determining the election’s outcome? | Hub (jhu.edu)

المواضيع ذات الصلة