Insight Image

في ظلال كوب 28: الدبلوماسية-الموازية الخضراء وتغير المناخ

14 مايو 2023

في ظلال كوب 28: الدبلوماسية-الموازية الخضراء وتغير المناخ

14 مايو 2023

دفع إلحاح المشكلات البيئية المرتبطة بتغير المناخ والاحترار العالمي والتلوث، وفي ضوء عدم كفاءة الحكومات المركزية في التعاطي معها – دفع الأقاليم[1] أو الوحدات ما دون الدولة إلى الانخراط في معالجة هذه المشكلات، وهي الظاهرة التي يُطلق عليها الدبلوماسية-الموازية البيئية أو الخضراء. وقد بدأ انخراط الأقاليم في القضايا البيئية عن طريق التعاون عابر الحدود بين الأقاليم المتاخمة، ثم تمدد إلى تعاونٍ متجاوز للحدود بين الأقاليم المتباعدة جغرافيًا. وسرعان ما تطورت أنشطة الدبلوماسية-الموازية الخضراء إلى تشكيل شبكات بيئية عالمية بين الأقاليم؛ من أجل التضافر فيما بينها لإحداث موازنة مع سياسات الدول بخصوص تغير المناخ والاحترار العالمي. ثم أخذت الحكومات الإقليمية في الانخراط في التنظيمات والمؤتمرات البيئية العالمية، سواء بالتعاون مع دولها الأم أو بالاستقلال عنها؛ بهدف معالجة المشكلات البيئية العالمية، ولاسيما تغير المناخ. وبين ذلك، أبرمت الأقاليم عددًا هائلًا من الاتفاقات الدولية في مجال مكافحة تغير المناخ مع غيرها من الفاعلين الدوليين، سواء كانوا من الدول أو من غير الدول.

تهدف هذه الورقة إلى استكشاف الدور الذي تلعبه الدبلوماسية-الموازية الخضراء في مجال التعاطي مع المشكلات البيئية سواء أكانت عابرة للحدود أم كونية، وتطوير إدارة المناخ العالمي. ومن أجل ذلك، تنقسم هذه الورقة إلى ثلاثة أقسام. يعمد القسم الأول إلى التعريف بظاهرة الدبلوماسية-الموازية وتطورها، فيما يركز القسم الثاني على تحليل ظاهرة الدبلوماسية-الموازية الخضراء وبيان موقعها بين أنماط الفعّالية الدولية للأقاليم. أما القسم الثالث، فيعرج على الدبلوماسية الموازية الخضراء في التطبيق العملي.

وتنبع أهمية هذه الورقة من كون الدبلوماسية-الموازية البيئية أو الخضراء أحد الحلول الناجعة لمواجهة قضية تغير المناخ وما تنتجه من مخاطر اقتصادية واجتماعية وبيئية على الأمن الإنساني بصفةٍ عامة، ومشاركة الأقاليم في مؤتمرات الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وتوقع زيادة مشاركتها في مؤتمر كوب 28 الذي تستضيفه مدينة دبي في نوفمبر وديسمبر 2023.

أولًا- التعريف بظاهرة الدبلوماسية-الموازية ومسار تطورها:

تُشير الدبلوماسية-الموازية إلى انخراط الأقاليم أو الوحدات ما دون المستوى الوطني في التفاعلات الدولية، عن طريق إقامة اتصالات دائمة أو مؤقتة مع كيانات خارجية عامة أو خاصة أو مع فاعلين دوليين، سواء كانوا حكوميين أو غير حكوميين، من الدول أو من غير الدول؛ لتحقيق مصالح اقتصادية وثقافية وسياسية ومعيارية وغيرها. وتتجلى الدبلوماسية-الموازية في نشاطات خارجية ذاتية الدعم من جانب الحكومات الإقليمية[2]، قد تكون متوافقة مع السياسة الخارجية للحكومة المركزية، أو مكملة لها، أو متعارضة معها، وقد تكون مباشرة أو غير مباشرة. كما يُلاحظ أنّ الأقاليم تنخرط في تفاعلات دولية تتعلق بقضايا السياسة الدنيا والسياسة العليا جميعًا[3].

ومنذ ثمانينيات القرن المنصرم، اتخذ مسار تطور ظاهرة الدبلوماسية-الموازية ثلاث موجات أساسية سبقتها موجة جنينية أو تأسيسية في السبعينيات. وقد كانت الموجة التأسيسية أو الجنينية مدفوعة بسياسات الفيدرالية الجديدة التي طورتها إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون في الولايات المتحدة، وحركة الاستقلال في مقاطعة كيبيك الكندية. وفي هذه الموجة، كان تركيز الأقاليم على تأسيس أو ترسيخ الادعاء بوجود اختصاصٍ دولي لها[4]. وقد تبلورت الموجة الأولى في ثمانينيات القرن المنصرم؛ حيث كان عدد كبير من الأقاليم يسعى لجذب الاستثمارات الأجنبية. وقد تحقق ذلك من خلال مبادرات الأقاليم نفسها، مثل جهود كتالونيا المبكرة لجذب الاستثمارات اليابانية. وفي الغالب، تم استخدام الثقافة والهوية من جانب الوحدات الإقليمية كوسيلتين لوضع نفسها على الخريطة الدولية. وفي إطار هذه الموجة، كانت الأنشطة الخارجية للأقاليم موجهة غالبًا لتحقيق غرض محدد، اقتصادي بالأساس، ولوحظ وجود تكامل محدود لهذه الأنشطة. وفي هذه المرحلة، يُنسب إلي دارسي الفيدرالية أنهم أول من تتبعوا النشاطات الدولية المتنامية للأقاليم في أوروبا وأمريكا الشمالية، وهم الذين أطلقوا على الظاهرة مصطلح الدبلوماسية-الموازية. وسرعان ما حظيت الظاهرة باهتمام دارسي السياسة المقارنة، وأساتذة العلاقات الدولية، والمتخصصين في الاقتصاد السياسي والإقليمية، والباحثين المنشغلين بدراسات القومية؛ ومن ثم أصبحت موضوعًا للدراسة من منظورات متباينة[5].

وبرزت الموجة الثانية خلال التسعينيات من القرن المنصرم؛ حيث اكتسبت ظاهرة الفاعلية الدولية للأقاليم بروزًا متناميًا وأبعادًا جديدة، وتزايد نطاقها وكثافتها ومستوى مؤسسيتها بصورة كبيرة. واتسمت هذه الموجة بتصميم مجموعة من الميكانِزمات بواسطة الأقاليم لتسيير نشاطاتها الخارجية، وإنشاء أجهزة أو مؤسسات أو وزارات “منفصلة” مسؤولة عن إدارة هذه الأنشطة وتسييرها، واتخاذ مكاتب أو ممثليات لتمثيل الأقاليم في الخارج[6].

أما الموجة الحالية، فتتسم باتخاذ خطوات في اتجاه مزيد من إحكام الهيكل التنظيمي للدبلوماسية الموازية أو إجراء تعديلات ضرورية عليه، وإعادة هيكلة استراتيجية لأولوياتها ووظائفها، ودمج ميكانِزماتها وأدواتها في كيان كلي، من خلال تأسيس إدارة مركزية قويّة، وتركيز أكبر على الأولويات القطاعية والجغرافية وتحقيق التناغم فيما بينها. وهناك اتجاه يتزايد بين الأقاليم للتشبيك مع المنظمات الدولية[7]. ومن أهم الأقاليم المنخرطة في هذه الموجة كلٌّ من كتالونيا، فلاندرز، والونيا، اسكتلندا، كردستان-العراق، وبالطبع كيبيك. ومن أهم ما يُميز الموجة الحالية أيضًا هو تنامي انتشار ظاهرة الدبلوماسية-الموازية وزيادة مناعتها وعدم قابليتها للارتداد؛ فقد أصبحت إحدى حقائق الحياة الدولية. فلا توجد وحدة إقليمية أو مدينة كبرى في أمريكا الشمالية وأوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا وأستراليا لم تقتنص الفرص المتاحة أمامها للوجود على المستوى الدولي. علاوة على ذلك، يلاحظ اطّراد اتجاهات التطبيع مع الفاعلية الدولية للأقاليم من جانب الدول والمنظمات الدولية الرئيسية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقد لاحظ الباحث من مراجعته للأدبيات السابقة، أنّ ثمة تطورات مهمة في القانون الدولي قد تفضي في النهاية إلى إسباغ الشخصية القانونية أو على الأقل بعض جوانبها على الأقاليم كفاعلين دوليين، وخلق عرف دولي جديد في القانون الدبلوماسي يتعلق بالاعتراف بالدبلوماسية-الموازية وممارسيها. ويُقدم البروتوكول الدولي وقواعد السلوك مقياسًا للوزن الجديد الذي تتمتع به الوحدات دون القومية في الساحة الدولية. فعندما يقوم قادة هذه الوحدات (من كاليفورنيا إلى كردستان-العراق) بزيارات خارجية تجري لهم مراسم استقبال رسمية، ويُعاملون معاملة رؤساء الدول، ويستقبلهم رؤساء الدول ورؤساء الوزراء. ويلاحظ أنّ ممثليات ودبلوماسيّ بعض الأقاليم بالخارج يتمتعون بوضعية دبلوماسية تُماثل تلك الممنوحة لبعثات ودبلوماسيّي الدول الأم، وهذا ينطبق على ممثّليات فلاندرز بالخارج، وكذلك ممثّليات كيبيك في فرنسا والهند والصين وهيئة اليونسكو[8]، دون الحديث عن توظيف الأقاليم، في هذه المرحلة، للتكنولوجيا الرقمية في تعزيز وجودها الدولي، وتحسين صورتها في الخارج، ودعم مصالحها والترويج لهويتها وثقافاتها في الساحة الدولية.

والملاحظ أنّ الدبلوماسية-الموازية ليست ظاهرة حصرية في الدول الفيدرالية، ولا في الديمقراطيات المستقرة، ولكنها أيضًا شائعةً في دولٍ بسيطة مثل الصين وبولندا وفرنسا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية، وشبه فيدرالية، مثل المملكة المتحدة، وإنْ كانت، بطبيعة الحال، أكثر بروزًا في حالة الدول الفيدرالية. وكما توجد الظاهرة في دول ديمقراطية، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وسويسرا والهند، توجد الظاهرة في دول سلطوية مثل الصين والإمارات والعراق. بعبارة أخرى، غدت ظاهرة الفعّالية الدولية للأقاليم ظاهرة كونية[9].

ثانيًا- الدبلوماسية-الموازية الخضراء:

تُعد الدبلوماسية-الموازية الخضراء أحد الأنماط أو الصور الجديدة للنشاطات الدبلوماسية-الموازية للأقاليم. وذلك أنّ هناك عدة أنماط أو مظاهر متعددة للدبلوماسية الموازية، مثل الدبلوماسية-الموازية الاقتصادية، والدبلوماسية-الموازية الثقافية، والدبلوماسية-الموازية السياسية.

إذا بدأنا بالدبلوماسية-الموازية الاقتصادية فسنجد أنها أكثر أبعاد ظاهرة الدبلوماسية-الموازية استحواذًا على اهتمام الباحثين والممارسين من القادة والمسؤولين الإقليميين. وفي هذا الخصوص، يتم التركيز على الدوافع أو المتغيرات الاقتصادية وراء اندفاع الأقاليم إلى الخارج، والمظاهر الاقتصادية للدبلوماسية-الموازية، وفي مقدمتها جذب الاستثمارات الأجنبية، والبحث عن أسواق خارجية للمنتجات المحلية، والنفاذ إلى التكنولوجيا لتحديث نفسها، وفتح مكاتب تجارية في الدول الأجنبية، أو إرسال بعثات تجارية إلى الخارج[10].

وبالنسبة للدبلوماسية-الموازية الثقافية، فيتم الاهتمام بالتعاون في المجالات الثقافية والتعليمية والتقنية والفنية وغيرها؛ مثل التبادل الطلابي، الاحتفالات الثقافية، السياحة، والتوأمة بين المدن. كما يتم تسليط الضوء على الروابط الثقافية والإثنية واللغوية بين الأقاليم بعضهم البعض وبينهم وبين الفاعلين الدوليين الآخرين، ولاسيما من ذوي الهويات الثقافية المتشابهة، والتي تدفع الأقاليم إلى ساحة التفاعلات الدولية. وتسعى الدبلوماسية-الموازية الثقافية، ضمن ما تسعى إليه، إلى تعزيز الهوية القومية للإقليم، وتمثيل شخصيته القومية، والتعريف به في الخارج[11]. وهناك من الدارسين من يهتم بدور الدبلوماسية-الموازية في تعزيز القوة الناعمة للدولة الأم[12].

وبالنسبة للدبلوماسية الموازية السياسية، فقليلةٌ هي الدراسات التي اهتمت بها، ويتعلق ذلك النمط بالسياسات والسلوكيات التي تتخذها الحكومات الإقليمية؛ من أجل تحقيق مبدأ أو هدف سياسي معين، أكثر من الحصول علي فائدة اقتصادية أو تعزيز للروابط الثقافية. وهذا يجعل هذا النمط أكثر تعقيدًا مقارنة بالأنماط الوظيفية المذكورة عاليه. وتتضمن الدبلوماسية-الموازية السياسية طائفة واسعة من الأنشطة، مثل الدبلوماسية-الموازية غير المباشرة، والتعاون الإقليمي، والتوازن الدبلوماسي-الموازي المضاد Paradiplomatic Counterbalancing لسياسات الدول، وسياسة الشتات/الدياسبورا، وتطوير علاقات خاصة مع بعض الدول الأجنبية، ودعم مبادئ التعددية الثقافية، وحقوق الإنسان، والتحول الديمقراطي، وحرية التجارة في العالم[13]. ويُضيف بعض الدارسين إلى مظاهر الدبلوماسية الموازية السياسية مظاهر أخرى، ومنها استخدام السياسات المحلية للتأثير غير المباشر في السياسة الخارجية للدول الأم أو في السياسة الدولية، مثل إعلان الأقاليم نفسها منطقة خالية من التجارب النووية أو قيامها بطرد القناصل[14].

وكان لتنامي حقل الدراسات البيئية في العلوم السياسية دور كبير في إبراز الدور الفعّال للأقاليم والمدن وغيرها من الوحدات المحلية في مجال السياسات البيئية التي تتم صياغتها على المستوى الدولي. ومن هنا، أخذ الاهتمام بالدبلوماسية-الموازية البيئية، التي كانت تعد جانبًا “مهملًا” في دراسات الدبلوماسية-الموازية، يتنامى بآخرة[15]. وقد صك الباحثون مصطلح “الدبلوماسية-الموازية الخضراء”Green Paradiplomacy ليُشير إلى انخراط الحكومات الإقليمية في مجال الحماية البيئية، واتخاذها مبادراتٍ وأفعالًا على المستوى الإقليمي والدولي في هذا المجال. بعبارة أخرى، بدأ استخدام مفهوم الدبلوماسية-الموازية الخضراء للتعبير عن الاهتمام المتزايد والمشاركة المباشرة للأقاليم في القضايا البيئية العالمية[16].

ويرتبط مفهوم الدبلوماسية الموازية الخضراء بما يطلق عليه في الأدبيات “الدبلوماسية-الموازية الزرقاء” Blue Paradiplomacy، ويُقصد به: التعاون في موارد المياه العابرة للحدود بين الأقاليم المتجاورة. والحالة النموذجية لذلك هي تجربة إقليم البحيرات العظمى في أمريكا الشمالية[17].

والواقع أنّ أنماط الدبلوماسية-الموازية يرتبط بعضها ببعض، وتتداخل فيما بينها. فمثلًا، للدبلوماسية-الموازية الخضراء أبعادٌ اقتصادية مهمة، ولاسيما تلك المتعلقة بإدارة الموارد المائية ومكافحة تغير المناخ. وللدبلوماسية-الموازية الخضراء أيضًا مضامين سياسية؛ فأحد أنشطة الدبلوماسية الخضراء هو تشكيل موازنة “دبلوماسية” مضادة لسياسات الدول بخصوص تغير المناخ والاحترار الكوني. كما أن المشاركة في المنظمات والمنتديات والمؤتمرات الدولية، حتى ولو كانت بيئية، ذات أهمية خاصة للأقاليم؛ حيث تُمثل فرصةً أمام المسؤولين الإقليميين للقاء مسؤولين رسميين أجانب، وعرض وجهات نظرهم في القضايا ذات الأهمية بالنسبة لهم، بل ومحاولة التأثير في صنع القرار في المنظمات الدولية، واكتساب الاعتراف الدولي بوحدتهم الإقليمية كأمة. ومن ناحية ثالثة، نجد في كثير من الأحيان تداخلًا بين الدبلوماسية-الموازية الخضراء ونظيرتها الثقافية؛ حين تنخرط الأقاليم المتشابهة ثقافيًا في تعاونٍ بيئي عبر الحدود.

ويمكن تقسيم الدراسات التي تتناول الدبلوماسية-الموازية الخضراء إلى ثلاثة أنواع؛ أولها يتناول حالات دراسية لبرامج بيئية إقليمية عابرة أو متجاوزة للحدود، وثانيها يركز على تزايد انخراط الحكومات دون القومية في الشبكات البيئية العالمية، وجهود هذه الحكومات في تشبيك علاقاتها بعضها ببعض من أجل إحداث موازنة “دبلوماسية” مضادة لسياسات الدول بخصوص تغير المناخ والاحترار الكوني. أما النوع الثالث من أدبيات “الدبلوماسية-الموازية الخضراء” فيسلط الضوء على التعامل مع حكومات الأقاليم والوحدات المحلية عمومًا في القضايا الخاصة ببرامج البيئة العالمية. وهنا يتم التركيز على تأثير الحكومات الإقليمية على الأنظمة والمعايير البيئية العالمية، وانخراطها في العلاقات البيئية الدولية، سواء بالتعاون مع الحكومة المركزية أو بالاستقلال عنها؛ بهدف معالجة المشكلات البيئية العالمية، ولاسيما تغير المناخ[18].

ثمة عوامل عدة تفسر انخراط الأقاليم في القضايا الخضراء على المستوى العالمي وعبر الحدود، أهمها: أولًا، تُعَد الحكومات الإقليمية الفاعلين الرئيسيين الذين ينخرطون في قضايا المواصلات العامة والتخطيط الحضري والصحة، وسياسات الطاقة والمصادر الطبيعية؛ وكلها أمور ذات أبعاد بيئية.

ثانيًا، إنّ الحكومات المحلية هي المسؤولة عن التنفيذ الفعلي للقرارات والسياسات البيئية التي تتم صياغتها على المستوى الدولي. كما أنّ الأقاليم كيانات مكانية مهمة، تعطي سياساتها أهمية للنظم الإيكولوجية، وتضع آلياتٍ لاستخدام الموارد، وتتحمل مسؤوليات تتعلق بخلق وإدارة البرامج والوسائل التي تُعنى بتحقيق التنمية المستدامة. أضف إلى ذلك أنّ الحكومات المحلية أقرب للمواطنين من الحكومة المركزية؛ وهو ما يجعل قراراتها وسياساتها تلاقي إصغاء وصدى أقوى لدى الجمهور[19]. ثالثًا، أشار بعض الدارسين إلى أنّ تطوير سبل موازية وأنماطٍ جديدة من الحوكمة (في المجالات البيئية)، بمبادرات من الحكومات دون الوطنية أساسًا، تم بسبب عدم كفاية نظام المناخ العالمي. وذلك أنّ الأقاليم والمدن لديها معلومات عملية أكثر و/أو خبرات مختلفة في بعض المجالات مقارنةً بالدول؛ ما يجعل من المحتمل أن يكون للحكومات المحلية رأي مختلف عن الدول، ويجعلها تسعى للتعاون مع نظيراتها المحلية في المواقف المتشابهة من أجل معالجة هذه القضايا[20]. رابعًا، اعترف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالدور الرئيسي للحكومات المحلية في محاربة الاحترار العالمي ومكافحة تغير المناخ. وبما أن القضايا البيئية معقدة للغاية وتتجاوز الحدود الوطنية، أصبحت الدبلوماسية الخضراء اتجاهًا جديدًا بالنسبة للحكومات دون الوطنية، يُشرعن تحرّكها الدولي بخصوص القضايا البيئية[21].

ثالثًا- الدبلوماسية-الموازية الخضراء في التطبيق العملي:

كما قدمنا آنفًا، بدأت الدبلوماسية-الموازية الخضراء تتبلور في صورة التعاون عبر الحدود بين أقاليم الدول المتاخمة. ولكنها تطورت في التطبيق العملي لتشمل التعاون المتجاوز الحدود بين الأقاليم المتباعدة جغرافيًا، وتأسيس شبكات بيئية عالمية بين الأقاليم، والانخراط الإقليمي في التنظيمات والمؤتمرات البيئية العالمية[22].

ويتجلى التعاون عبر الحدود في مجموعة متنوعة من الاتصالات والميكانزمات، الرسمية وغير الرسمية، والاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف، لحل المشكلات البيئية بين الأقاليم المتجاورة جغرافيًا، ولاسيما مشكلات التلوث، وإدارة الموارد المائية…إلخ. ومن الأمثلة المهمة في هذا الخصوص التعاون الإقليمي بين المقاطعات الكندية الحدودية والولايات الأمريكية المجاورة، ولاسيما بين مقاطعة كيبيك وولايات نيو إنجلند الست الأمريكية، وبين المقاطعات الكندية والولايات الأمريكية في إقليم البحيرات العظمى وحوض نهر سانت لورانس، وبين الولايات الأمريكية ونظيراتها المكسيكية، والتفاعلات المتنامية بين الأقاليم الروسية الحدودية والأقاليم الصينية واليابانية في الشرق الأقصى، والتعاون بين الأقاليم المشتركة في أحواض أنهار في آسيا الوسطى. وهذه الظاهرة تشهد نموًا هائلًا، سواء من حيث الحجم أو الأهمية، في أوروبا بفضل السياسات والمؤسسات الإقليمية التي يتابعها الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإن أهم مؤشرات الدبلوماسية-الموازية عابرة الحدود هو تأسيس أقاليم عبر الحدود Cross-border Regions بين الأقاليم المتاخمة جغرافيًا، ويقصد بها انخراط مجموعة من الأقاليم حول الحدود الدولية في رابطة تنظيمية مميزة لإدارة المصادر المائية أو معالجة المشكلات البيئية. وتشهد هذه الظاهرة انتشارًا كبيرًا في أوروبا، وهي شائعة في أمريكا الشمالية حول الحدود الكندية-الأمريكية والحدود الأمريكية-المكسيكية[23].

وثمة أمثلة عديدة على التعاون متجاوز الحدود بين الأقاليم البعيدة عن بعضها جغرافيًا، مثل التعاون بين مقاطعة كيبيك وإقليم والونيا في بلجيكا، والتعاون بين بعض الأقاليم الألمانية Lander مثل نيدو زاسكون ونوردراين فيستفالن والأقاليم الإسبانية، وبين اسكتلندا من جهة وبعض الولايات الأمريكية وبعض المقاطعات الصينية من جهة أخرى. وإجمالًا، التعاون بين الأقاليم الأوروبية والمقاطعات الصينية[24].

وفيما يتعلق بالشبكات أو المنظمات الإقليمية، فهي تجسد الجانب المؤسسي للتعاون الإقليمي في المجال البيئي، وقد تتعارض أهدافها وأنشطتها مع الشبكات أو المنظمات التي تشكلها الدول. وقد جذب الانتشار الهائل لهذه الشبكات بين الأقاليم، باعتبارها تحالفات إقليمية خارج الأطر الرسمية للعلاقات الدولية، اهتمام الدوائر الأكاديمية والسياسية على السواء، وجعل للأقاليم قاعدة ثابتة في السياسة الدولية. ويتوافر حاليًا عدد كبير من المنتديات والشبكات التعددية التي تجمع الحكومات دون القومية لمناقشة قضايا عديدة ومتنوعة، وفي قلبها قضايا البيئة والتنمية المستدامة والتنمية الحضرية. وقد جذب الانتشار الهائل لهذه الشبكات بين الأقاليم، باعتبارها تحالفات إقليمية خارج الأطر الرسمية للعلاقات الدولية، اهتمام الدوائر الأكاديمية والسياسية على السواء، وجعل للأقاليم قاعدة ثابتة في السياسة الدولية[25]. والأمثلة على الشبكات أو المنظمات الإقليمية كثيرة، ولاسيما في أوروبا وأمريكا الشمالية وشرقي آسيا. فقد تأسست القوى الأربع المحركة لأوروبا the Four Motors for Europe في عام 1988، وتضم أربعة أقاليم تنتمي إلى ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا. وهيئة الأقاليم الأوروبية المتاخمة Association of European Frontier Regions التي تأسست عام 1971، وتضم 100 عضو ينتمون إلى الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا. وفي أمريكا الشمالية، هناك عدة منظمات أخرى تضم الولايات الأمريكية والمقاطعات الكندية مثل مؤتمر حكام الولايات الشمالية الشرقية ورؤساء وزراء المقاطعات الكندية الشرقية[26]. وعلى الرغم من إنشائها رسميًا كآليات لتبادل المعلومات والتقنيات والممارسات والخبرات في التدابير المعتمدة لمواجهة التغيرات المناخية ، ينتهي الأمر بهذه الشبكات عبر الوطنية إلى لعب دور سياسي، ولاسيما عندما تعمل بطريقة منسقة في مجال المفاوضات الدولية. وهذا هو حال شبكة الحكومات الإقليمية من أجل التنمية المستدامة Network of Regional Governments for Sustainable Development – nrg4SD[27].

كما تشارك الأقاليم في المؤتمرات والمنتديات الدولية المتعلقة بالقضايا البيئية. وقد طالبت بعض الحكومات الإقليمية، مثل حكومتي كردستان-العراق وكيبيك، المشاركة كجهة رسمية في المؤتمرات الدولية، ولاسيما تلك التي تتعلق باختصاصاتها الداخلية. وفي هذا الخصوص، شارك عدد من الأقاليم، مثل اسكتلندا وكيبيك، في مؤتمر كيوتو ومؤتمرات الدول الأطراف، كمؤتمر السابع والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ[28]. وعندما انسحب الوفد الكندي من بروتوكول كيوتو عام 2010، نشطت مقاطعة كيبيك في هذه القضية وكأنها دولة مستقلة عن كندا. وعندما انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ عام 2017، أعلنت ثلاث ولايات، هي كاليفورنيا ونيويورك وواشنطن، تأسيس اتحاد المناخ الأمريكي United States Climate Alliance الذي انضمت إليه تسع ولايات أخرى بالإضافة إلى إقليم بورتوريكو؛ بهدف تخفيض الانبعاثات الكربونية وفقًا لاتفاق باريس للمناخ 2015. ولاحقًا، زاد عدد أعضاء هذه الشبكة المناخية لتضم 24 ولاية وإقليمين، وشاركت – بالتحالف مع كندا والمكسيك – في كوب 23، في إطار منتدى حوار قيادة المناخ في أمريكا الشمالية؛ لتسريع جهود سياسة المناخ في جميع أنحاء أمريكا الشمالية. ولاحقًا، شارك أعضاء المنتدى في قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي 2019[29].

والحقيقة أن الأقاليم والمدن في جميع أنحاء العالم أخذت دور القيادة في محادثات المناخ بمؤتمر كوب 27 في شرم الشيخ بمصر (7- 18 نوفمبر 2022)؛ حيث فشلت الحكومات الوطنية في التوصل إلى أي اتفاق ذي معنى. وكما ورد في أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC، تلعب الحكومات المحلية والإقليمية دورًا متناميًا في مجال العمل المناخي. وقد تمكنت دائرة الحكومات المحلية والسلطات البلدية (LGMA) Local Governments and Municipal Authorities Constituency بتعبئة وفد من 500 من القادة وصُنَّاع القرار المحليين لإسماع صوت الحكومات المحلية في كوب 27. وشاركت هذه الهيئة في مؤتمرات كوب منذ المؤتمر الأول عام 1995[30]. وفي كوب 27، ناضلت الأقاليم من أجل تعزيز التعاون المتعدد المستويات، والتمويل المباشر والمساعدة الفنية للحكومات دون الوطنية ونظام عالمي لجمع ورصد تخفيضات انبعاثات الكربون في المدن والأقاليم من بين المطالبات الرئيسية التي تناضل الحكومات دون الوطنية من أجلها[31].​​ ومن المتوقع أن تزداد مشاركة الأقاليم، سواء كانت فرادى أو عن طريق شبكاتهم التنظيمية، في كوب 28. ومع ذلك، لا تزال الأقاليم وشبكاتها العديدة والمتنوعة تفتقر إلى دور رسمي في مفاوضات المناخ العالمية وفي تنفيذ اتفاقية باريس لعام 2015.

وهناك مظهر آخر للدبلوماسية-الموازية الخضراء في التطبيق العملي، ويُعد من أهم مظاهرها، ويتصل بإبرام اتفاقيات دولية، في القضايا البيئية في حالتنا. ويملك عدد محدود جدًا من الأقاليم الحق في إبرام معاهدات أو اتفاقيات دولية، مثل والونيا وفلاندرز في بلجيكا، ولكنّ قائمة الخيارات المتاحة للأقاليم للدخول في اتفاقياتٍ رسمية مع فاعلين دوليين آخرين واسعة، ومن دون أن يُطلق عليها معاهدات دولية بالضرورة، وإن كانت لا تختلف في مضمونها عن مضمون المعاهدات، مثل: اتفاقيات التعاون (مذكرات اتفاق memorandum of agreement)، اتفاق قرض دولي، بروتوكول/خطاب نوايا)، ومذكرات التفاهم، وتبادل الخطابات، والإعلان السياسي. علاوة على ذلك، تملك بعض الأقاليم حق المشاركة في المفاوضات الرامية إلى توقيع معاهدات بين الحكومة المركزية والحكومات الأجنبية. وقد شهد العقدان الأخيران تزايدًا هائلًا في عدد ونوعية الاتفاقات التي وقعتها الحكومات الإقليمية مع غيرها من الفاعلين الدوليين الآخرين (دول ومنظمات دولية وأقاليم مناظرة)، سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف، والتي تتجاوز – في بعض الحالات – ولاية الحكومات الإقليمية أو تتعارض مع اختصاصات الحكومة المركزية والتزاماتها الدولية[32]؛ فمثلًا وقعت ولاية كاليفورنيا نحو 67 اتفاقًا ثنائيًا في مجال مكافحة تغير المناخ مع عدة دول، في مقدمتها الصين وكندا وتشيلي والدانمارك والمكسيك وهولندا واليابان والسويد وإسبانيا وألمانيا وفرنسا، وأقاليم أخرى مثل اسكتلندا وكيبيك وكولومبيا البريطانية. وفى عام 2017، وقعت كيبيك 46 اتفاقية دولية ملزمة حول المناخ. والجدير بالإشارة أنّ الدستور الكندي يمنح المقاطعات صلاحيات كبيرة في متابعة سياساتها الخاصة بخصوص قضية تغير المناخ، والاشتراك أيضًا مع الوفد الكندي الرسمي في الفعاليات الدولية بخصوص القضية[33].

خاتمة

كانت نشأة الدبلوماسية-الموازية الخضراء وتطورها مدفوعين بإدارة القضايا البيئية عبر الحدود، وأصبحت أداة لتعزيز التعاون بين الأقاليم، وأحد الميكانزمات المهمة لإدارة المناخ العالمي.

ويتوافر للدبلوماسية الموازية مقومات الإسهام في معالجة المشكلات البيئية وتحقيق التنمية المستدامة؛ حيث تلعب دورًا مهمًا في بناء الثقة في مجال التعاون البيئي بين الأقاليم، سواء المتاخمة أو غير المتاخمة، عن طريق إضفاء الطابع المؤسسي عليه. كما تقوم الأقاليم بإسهامات كبيرة في تطوير السياسات الإقليمية لمعالجة المشكلات البيئية المشتركة.

والواقع أن دور الدبلوماسية-الموازية الخضراء مهم للغاية في معالجة المشكلات البيئية، ويمكن أن تغير قواعد اللعبة في مجال الجهود الدولية لمعالجة تغير المناخ؛ لأن الفاعلين في هذا المجال، مثل الشبكات الإقليمية البيئية، يمكن أن تساعد في نزع تسييس القضية وبناء الثقة بين الدول في إدارة الاستدامة، ورفع الكفاءة المشتركة في معالجة المشكلات البيئية العالمية.

ولذلك، فإن السؤال البحثي الرئيسي عن الدور الذي تلعبه الدبلوماسية-الموازية الخضراء في التعاون في مجال مكافحة المشكلات البيئية، يمكن الإجابة عنه بأن النشاطات الدولية البيئية للأقاليم تسهم في تحسين فعالية معالجة المشكلات البيئية، عن طريق مشاركة المعلومات وتبادل الخبرات والممارسات الأفضل، وتكوين مؤسسات قوية، والحوار المستمر، والتعاون المستدام، وعدم تسييس التعاون في مجال تغير المناخ.

المراجع

[1] يُقصد بـ “الأقاليم” الكيانات دون القومية subnational Entities أو الوحدات دون المستوى الوطني substate Units، وهي المستوى الأول الأدنى مباشرةً لمستوى الحكومة المركزية، وأحيانًا يُشار إليها بمسمى micro regions تمييزًا لها عن الأقاليم في الدراسات الجيوسياسية أو الدراسات الأمنية الدولية. ويُطلق على المستوى الأدنى مباشرةً لمستوى الحكومة المركزية مسميات متعددة، مثل ولايات أو مقاطعات أو كانتونات أو إمارات أو محافظات أو مناطق أو مجتمعات ذات حكم ذاتي، أو حتى جمهوريات كما هو الحال في روسيا.

[2] N. Cornago, Diplomacy and Paradiplomacy in the Redefinition of International Security: Dimensions of Conflict and Co-operation, in F. Aldecoa & M. Keating (Eds.), Paradiplomacy in Action: The Foreign Relations of Subnational Governments (pp. 40-57), Frank Cass, 1999; A. S. Kuznetsov, Theory and Practice of Paradiplomacy: Subnational Governments in International Affairs. London; New York, NY: Routledge, 2015.

[3] هناك ثلة من الباحثين لاتزال تُقصر الدبلوماسية-الموازية على قضايا السياسة الدنيا، مثل أي تفاعلات خاصة بالقضايا الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبيئية. وبعبارة أخرى، وفقًا لهؤلاء فإنّ الدبلوماسية-الموازية تجسد متابعة الاختصاصات الداخلية للحكومات دون القومية في الخارج، وهي الاختصاصات المتصلة إجمالًا بقضايا السياسة الدنيا. انظر: R. Tavares, Paradiplomacy: Cities and States as Global Players. Oxford University Press, 2016.

ولكن إذا كانت الدبلوماسية هي من قضايا السياسة العليا بالتعريف. وإذا كانت الدبلوماسية-الموازية هي أحد الأنماط المستحدثة للدبلوماسية، فإنّ قصر الأولى على قضايا السياسة الدنيا من قبيل المفارقة، انظر:

  1. Jackson, (2017), “Paradiplomacy and Political Geography: The Geopolitics of Substate Regional Diplomacy,” Geography Compass 12(2): 1-11.

وانظر أيضًا في دحض الادعاء الذّي يجعل أنصاره مجال الدبلوماسية-الموازية هو السياسة الدنيا فقط: أيمن الدسوقي (2008)، “الدبلوماسية الموازية: دراسة نظرية وتطبيقية،” سلسلة البحوث السياسية (القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية بجامعة القاهرة)، العدد 164: 1-60.

[4]T. Liu, & Y. Song, (2020), “Chinese Paradiplomacy: A Theoretical Review,” SAGE Journal 10(1): 1-14. https://doi.org/10.1177/2158244019899048.

[5] D. Criekemans, (2008), Are the Boundaries between Paradiplomacy and Diplomacy watering down? Preliminary Findings and Hypotheses from a Comparative Study of Some Regions with Legislative Power and Small States, Paper presented at the World International Studies Committee (WISC)’s 2nd Global International Studies Conference, Slovenia Ljubljana, July 23-26.

[6] A. Lecours, (2002), “Paradiplomacy: Reflections on the Foreign Policy and International Relations of Regions,” International Negotiation 7(1): 91-114. doi: https://doi.org/10.1163/157180602401262456.

[7] Criekemans, Are the Boundaries between Paradiplomacy.

[8] Tavares, Paradiplomacy: Cities and States.

[9] أيمن الدسوقي (2020)، “عالمية الدبلوماسية الموازية وآفاق تطورها،” السياسة الدولية 55 (219): 64-81.

[10] E. H. Fry, The United States of America, in H. Michelmann & P. Soldatos (Eds.), Federalism and International Relations: The Role of Subnational Units (pp. 1-33), New York: Oxford University Press, 1990; J. M. Kline (1984), “The International Economic Interests of U.S. States,” Publius 14(4): 81-94.

[11] M. Kooistra, Paradiplomacy in Practice, the Development of Paradiplomacy in Quebec, Scotland, and California, Master thesis, Leiden University, 2017, https://2u.pw/gUmeA.

[12]J. McClory et al., Wales Soft Power Barometer 2018: Measuring soft power beyond the nation-state, Cardif: British Council Wales, 2018.

[13]A. Lecours (2008), “Political Issues of Paradiplomacy: Lessons from the Developed World,” Discussion Papers in Diplomacy, Netherlands Institute of International Relations “Clingendael”; G. P. T. Egurrola (2005), “Diasporas as Non-Central Government Actors in Foreign Policy: The Trajectory of Basque Paradiplomacy,” Nationalism and Ethnic Politics, no. 11: 265–287.

[14] Kooistra, Paradiplomacy in Practice.

[15]J. Setzer, Environmental Paradiplomacy: The Engagement of the Brazilian State of São Paulo in International Environmental Relations, Ph.D. Dissertation, London School of Economics and Political Science, 2013.

[16] Fernando Cardozo Fernandes Rei, & Kamyla Borges da Cunha, The Environmental Paradiplomacy in New International Governance, paper presented at the 1st World Sustainability Forum, 2011, DOI:10.3390/wsf-00563.

[17] M. Dzhakshylykova, Role of the “Blue Paradiplomacy” in Cooperation over Transboundary Water Management, Master’s Thesis, Oregon State University, 2023.

[18] A. Chaloux, & S. Paquin (2013), “Green Paradiplomacy and Water Resource Management in North America: The Case of the Great Lakes-St. Lawrence River Basin,” Canadian Foreign Policy Journal, 19(3): 308-322, DOI: 10.1080/11926422.2013.845582; Kuznetsov, Theory and Practice of Paradiplomacy.

[19] S. Happaers, K. van der Brande, & H. Bruyninckx (2010), “Governance for Sustainable Development at the Inter-Subnational Level: The Case of the Network of Regional Governments for Sustainable Development,” Regional & Federal Studies, 20(1): 127–149.

[20] Kooistra, Paradiplomacy in Practice.

[21] Chaloux, & Paquin, Green paradiplomacy.

[22] عن هذه التطبيقات والصور للدبلوماسية الموازية الخضراء، انظر:

Chaloux, & Paquin, Green paradiplomacy; Setzer, Environmental paradiplomacy; Dzhakshylykova, Role of the “Blue Paradiplomacy”.

[23] D. Mouafo et.al., Building Cross-Border Links: A Compendium of Canada-US Government Collaboration, Ottawa: Canada School of Public Service, 2004.

[24] T. Kamiński, A. Skorupska, & J. Szczudlik (2019), “The Subnational Dimension of EU-China Relations,” Warsaw, The Polish Institute of International Affairs.

[25] Tavares, Paradiplomacy: Cities and States; Kuznetsov, Theory and Practice of Paradiplomacy.

[26] A. El-Dessouki, (2008). Paradiplomacy: The International Agency of Regional Governments, A Comparative Study of Some Regions, Ph. D. Dissertation, Cairo University: Faculty of Economics and Political Science.

[27] Rei, & da Cunha, The Environmental Paradiplomacy.

[28] El-Dessouki, Paradiplomacy: The International Agency.

[29] United States Climate Alliance, http://www.usclimatealliance.org/.

[30] Cities & Regions in the UNFCC Process, https://www.cities-and-regions.org/.

[31] European Committee of the Regions, Press Release: COP 27: Subnational governments must be empowered to deliver on the Paris climate agreement, November 17, 2022, https://cor.europa.eu/en/news/Pages/COP27—Press-statement.aspx.

[32] Tavares, Cities and Regions; A. El-Dessouki, (2018), “Domestic Structure and Subnational Foreign Policy: An Explanatory Framework,” Review of Economics & Political Science (REPS), 3 (3): 15-36.

[33] Kooistra, Paradiplomacy in Practice.

المواضيع ذات الصلة