تعد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين- ذراع تنظيم القاعدة في الساحل الإفريقي- واحدة من أخطر وأشرس التنظيمات الإرهابية على مستوى العالم، ليس بسبب تنوُّع هجماتها الدموية ضد العسكريين والمدنيين على حد سواء، وإنما أيضًا بسبب انتشارها الجغرافي الواسع في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو خصوصًا في المنطقة الحدودية بين تلك الدول، إضافة إلى محاولتها تكريس وجودها في تلك المناطق عبر إقامة محاكم خاصة بها بدعوى تطبيق الشريعة الإسلامية وذلك لفرض هيمنتها على السكان المحليين، فضلًا عن فرضها الضرائب على السكان المحليين، والسيطرة على طرق التجارة والتهريب وفرض الإتاوات على التجار والمهربين، وهو ما يجعلها واحدة من أغنى التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعالم، وذلك ما يمكنها من الانفاق على عناصرها وتمويل أنشطتها بشكل جيد للغاية.
ويطرح هذا الأمر تساؤلات مهمة حول أسباب استمرار التهديدات الأمنية التي تشكّلها الجماعة في منطقة الساحل الإفريقي، بل وتصاعد مخاطرها خلال الفترة الأخيرة، على الرغم من الجهود الإقليمية والدولية المبذولة للقضاء عليها، وهو ما يتطلب تسليط الضوء على أهم الملامح التنظيمية والفكرية للجماعة، والأسباب والعوامل التي تساعدها في البقاء على قيد الحياة والاستمرار في الأنشطة الإرهابية، بل ومواصلة مساعيها لتصدُّر المشهد الجهادي في منطقة الساحل الإفريقي في ظل التنافس والصراع الشرس بينها وبين تنظيم داعش على التمدد والانتشار والنفوذ.
أولًا- تنظيم غير تقليدي
تعد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تأسست مستهلَّ مارس 2017 تنظيمًا إرهابيًّا غير تقليدي، ليس فقط بسبب قوتها العسكرية وكثافة أعداد مقاتليها مقارنة بالمجموعات الإرهابية الأخرى في منطقة الساحل والصحراء، وإنما أيضًا لكونها خليطًا من عدة مجموعات إرهابية متنوعة عرقيًّا يجمعها الولاء لتنظيم القاعدة، وهي جماعة “أنصار الدين” و”كتيبة المرابطين” و”إمارة منطقة الصحراء الكبرى” و”كتائب تحرير ماسينا”، وهو ما ساعدها على الانتشار في مناطق متعددة، وإن كان ثقلها التنظيمي يتركز في شمال مالي.
وبالرغم من التنوع العقائدي والقبلي والعرقي الذى تتسم به الجماعة، فقد حرصت على أن تكون المظلة الفكرية القاعدية هي اللواء الذى تجتمع حوله، وبالرغم من أن الفكر القاعدي يرتكز على مبدأ أولوية قتال العدو البعيد الذي يقصد به اليهود والصلبيين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، لكن ذلك لم يمنع الجماعة في الوقت الراهن من اعتماد مبدأ أولوية قتال العدو القريب المتمثل في جيوش المنطقة، وذلك بناء على المصلحة التنظيمية وطبيعة الأوضاع على الأرض، وترتيب أولويات الاستهداف لدى الجماعة، وربما هذا ما يفسر الهجمات شبه المستمرة للجماعة على جيوش كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو سواء بهجمات تقليدية أو هجمات انتحارية[1].
وتُعبِّر الجماعة عن أكبر تحالف تنظيمي قاعدي على مستوى العالم، وهو ما جعلها تتحول إلى تنظيم عابر للحدود بسبب نشاطها في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد وموريتانيا، وهي الدول التي باتت الجماعة تسيطر على بعض المناطق فيها – سيطرة تنظيمية وليست سيطرة ترابية ومكانية – وتؤسس فيها ما يشبه الإمارات الجهادية الصغيرة، لكن دون الإعلان عن ذلك بشكل صريح حتى تتجنب الأخطاء التي وقع فيها تنظيم داعش في كل من العراق وسوريا، وقد بدأت هذه التطورات تثير قلق بعض من القوى الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب في هذه المنطقة، على غرار فرنسا التي صرحت وزيرة دفاعها فلورانس بارلي، مستهلَّ مارس 2019، بأنه يجب أن “تستعيد الحكومة المالية السيطرة على بعض أراضيها التي تستخدمها الجماعة كنقطة انطلاق للتمدد داخل دول الجوار”[2].
كما استغلت الجماعة مؤخرًا الفوضى التي ضربت المنطقة وتداعيات الانقلاب العسكري في النيجر لتكريس هيمنتها على مناطق نفوذها أملًا في تكرار سيناريو السيطرة الكاملة على المدن وإعلان قيام نموذج حكم ديني، في عودة إلى ما قبل تدخُّل فرنسا عسكريًّا منذ نحو عقد من الزمان.
ثانيًا- تهديد متصاعد
بمجرد إعلان الجماعة عن نفسها في مارس 2017، سارعت بتنفيذ عدة هجمات إرهابية لإثبات حضورها على الساحة، حيث بدأت بالهجوم على مجموعة من رجال الجيش المالي في مارس 2017، وهو ما أوقع 11 قتيلًا و5 جرحى، وفي إبريل 2017 قتلت الجماعة جنديًّا فرنسيًّا، كما خاض عناصرها في الشهر ذاته معركة مع الجيش المالي خلّفت ما يقرب من 16 قتيلًا و4 أسرى بين صفوف التنظيم. وفي يوليو من العام ذاتِه تبنَّت الجماعة هجومًا على مدينة باماكو أسفر عن مقتل 8 بينهم 4 مدنيين.
وفي أغسطس 2020 هاجم عناصر الجماعة قوة للدرك في بلدة سانداري، الواقعة على بعد 80 كيلومترًا فقط من موريتانيا و200 كيلومتر من السنغال، ومن اللافت للنظر في هذه العملية أن الجماعة لم تعتد على تنفيذ هجمات بهذه الطريقة في هذه المنطقة بالذات، وهو ما جعل الأمر يبدو وكأنه أشبه باستعراض للقوة من قبل الجماعة لإثبات الوجود والأحقية في السيطرة على الحدود مع موريتانيا والسنغال كمناطق نفوذ خالصة لها من بين المجموعات المسلحة الأخرى وخصوصًا تنظيم داعش.
وقد وصل الأمر بالجماعة إلى حد محاصرة بعض المدن، على غرار محاصرتها مدينة تمبكتو التاريخية في مالي خلال أغسطس 2023، وإغلاق كل طرق الدخول والخروج من وإلى هذه المدينة الواقعة على أطراف الصحراء، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية والمحروقات في المدينة، وكان قائد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين قد نشر مقطع فيديو قبيل محاصرة المدينة يعلن فيه الحرب على تومبكتو[3].
ولا يقتصر نشاط الجماعة على استهداف القوات الحكومية فحسب، بل تعداها إلى القوات الأجنبية، على غرار إعلان الجماعة في إبريل 2024 القبض على عنصر ضمن مجموعة فاغنر الروسية التي تقاتل في منطقة جبالي في ولاية سيقو” وسط مالي[4]، وقد أسهم تصاعد نشاط جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في ارتفاع وتيرة الإرهاب في القارة الإفريقية، خصوصًا في ظل التنافس بين القاعدة وداعش على صدارة المشهد الجهادي في القارة، من خلال التسابق في شن الهجمات الإرهابية، وقد لفت تقرير صدر عن الأمم المتحدة في شهر فبراير (شباط) الماضي إلى أن الآلاف من مقاتلي تنظيمي «القاعدة» و«داعش» باتوا ينتشرون في مناطق مختلفة من قارة أفريقيا، خصوصًا في منطقتي الساحل والقرن الإفريقي، ليصل التهديد الإرهابي إلى ذروته في القارة الإفريقية تزامنًا مع تراجعه في مناطق أخرى من الشرق الأوسط[5].
وبات تصاعد التهديدات الأمنية لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين يثير قلقًا متزايدًا على المستوى الإقليمي والدولي، وذلك نظرًا لتنوع هجمات الجماعة واتساع نطاقها وتهديدها مصالح بعض القوى الكبرى ومواطنيها، في ظل استمرارها في اختطاف الأجانب، وربما هذا ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية في إبريل 2024 إلى الإعلان عبر وزير خارجيتها أنتوني بلينكن أن وزارته قامت بإدراج سبعة من قادة ما يعرف بـ “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” وتنظيم “المرابطون”، لتورطهم في احتجاز رهائن أميركيين في غرب إفريقيا. كما جاء في بيان الوزارة أن “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أكبر فروع تنظيم القاعدة وأكثرها فتكًا في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل أعلنت مسؤوليتها عن العديد من عمليات الاختطاف والهجمات منذ الإعلان عن إنشائها في 2017[6].
وهو ما يعنى أنَّ الجماعة بصفتها تنظيمًا تمتلك القدرة على تهديد مصالح الدول الكبرى بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، لكونها تتسم بعدد من السمات التي تجعلها تنظيمًا مختلفًا عن معظم التنظيمات الموجودة على الساحة، فهي تتكون أساسًا من خليط تنظيمي وفكري اجتمع تحت مظلة الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصلبين أو ما يعرف إعلاميًّا بـ”تنظيم القاعدة”، لتأسيس جماعة شرسة باتت تنشر الرعب والفزع في الساحل الإفريقي، وتهدد أمن واستقرار الدول والمجتمعات في تلك المنطقة، وهو ما يعود إلى القدرة الكبيرة لدى الجماعة على شن هجمات في العديد من المناطق بصورة يصعب على القوات الأمنية في تلك المناطق إحباطها أو على الأقل التصدي لها بشكل كامل.
وعلى غرار إعلان الحكومة المالية في سبتمبر 2023 مقتل 64 شخصًا، من بينهم 49 مدنيًّا و15 جنديًّا في هجومين “إرهابيين” تبناهما تنظيم القاعدة، استهدف أحدهما “زورق تمبكتو” في نهر النيجر، بينما استهدف الآخر موقعًا للجيش في بامبا بمنطقة غاو شمال البلاد، بالرغم من أن الجماعة هي التي نفذت الهجوم[7]. كما لم يقتصر نشاط الجماعة على الهجمات التقليدية، بل تعدتها إلى استهداف بعض معسكرات الجيش في مالي، بل والسيطرة عليها لبعض الوقت، من خلال هجمات سريعة وخاطفة، ومن ذلك إعلان الجماعة في 25 ديسمبر 2023 سيطرتها على معسكر للجيش المالي في مورجا التي تبعد نحو 209 كم عن العاصمة المالية باماكو، وأسفرت العملية عن مقتل ثمانية جنود والاستيلاء على 5 سيارات وإحراق أزيد من 17 آلية عسكرية وكمية هائلة من الأسلحة والمعدات العسكرية[8].
ومن أجل مواجهة التهديدات المتصاعدة التي تشكّلها الجماعة لدول الساحل وعلى وجه الخصوص بوركينافاسو، رفقة بعض المجموعات الداعشية الأخرى، قررت بوركينافاسو تشكيل ميليشيا للدفاع المدني من المدنيين المتطوعين، بلغ عدد المنخرطين فيها قرابة 70 ألف مدني، يخضعون لتدريب سريع على استخدام الأسلحة، قبل إرسالهم إلى الجبهات لصد الهجمات الإرهابية التي تستهدف القرى النائية والبعيدة من دائرة نفوذ الجيش وقوات الأمن[9].
ثالثًا- عوامل تمدد “نصرة الإسلام والمسلمين”
يمكن القول إن هناك مجموعة من العوامل المتضافرة أدت إلى بقاء جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وإلى تمددها بالرغم من الضربات التي وجهتها لها القوى الدولية والإقليمية، بل وتصاعد تهديداتها الأمنية، ويتعلق بعض هذه العوامل بالجماعة نفسها وبمكوناتها التنظيمية بينما يتعلّق بعضها الآخر بالبيئة المحيطة، وهو ما يصعّب السيطرة على تحركات الجماعة وتقويض تهديداتها الأمنية أو حتى على الأقل تحجيم مخاطرها. ويمكن تحديد أبرز تلك العوامل في النقاط الآتية:
- الخبرة التنظيمية: يتسم مقاتلو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي تشير بعض التقارير إلى أن عددهم يصل إلى نحو 2000 مقاتل -هذا بخلاف المتعاطفين ومن يقدمون الدعم المادي واللوجيستي- بالخبرة التنظيمية الواسعة والمهارة القتالية والقدرة على تحمل الظروف الجوية الصعبة والتعامل مع التضاريس الجبلية الوعرة، التي اكتسبوها خلال سنوات طويلة من العمل داخل تنظيماتهم السابقة مثل المرابطين وأنصار الدين التي شاركوا من خلالها في الكثير من المواجهات والعمليات الإرهابية، وأكسبتهم بذلك خبرات واسعة في حرب العصابات[10]، والقدرة على التأقلم مع البيئات الصعبة والظروف القاسية، وهو ما يجعل من الصعب على الجيوش التقليدية القضاء على تلك العناصر، خصوصًا في المناطق الوعرة والصحراء النائية التي لا تستطيع المعدات والمركبات العسكرية التقليدية التحرك فيها بشكل جيد، فضلًا عن أن عناصر الجماعة تعمل على شكل خلايا عنقودية تشن الهجمات الخاطفة وتعود إلى أوكارها في الصحراء والمناطق النائية والجبال الوعرة، ومن ثم تجد جيوش المنطقة نفسها تواجه تحديًا كبيرًا في القضاء على الجماعة أو حتى الحد من تهديداتها الأمنية في ظل تواضع القدرات المادية والفنية لتلك الجيوش، وهو ما يمنح الجماعة ليس فقط القدرة على البقاء على قيد الحياة، بل وممارسة أنشطتها الإرهابية بشكل أوسع، على نحو يزيد من حالة الهشاشة الأمنية ويكرس حالة من الانفلات الأمني، وقد أسهم تصاعد قوة الجماعة في استقطاب عناصر قوية وذات خبرة عسكرية واسعة إلى صفوفها، على غرار حسين غلام، رئيس الأركان العسكرية في “الحركة العربية الأزوادية” في شمال مالي الذى انتقل إلى جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” ليشكّل إنعاشًا للجماعة[11].
- التمويل الجيد: تعدُّ جماعة نصرة الإسلام والمسلمين واحدة من أغنى التنظيمات الإرهابية على الساحة الدولية في الوقت الحاضر، وذلك نظرًا لتعدد مواردها الاقتصادية، حيث لم تعد الجماعة تقتصر في تمويلها على المصادر التقليدية مثل الضرائب والإتاوات وعمليات تهريب السجائر والمشتقات البترولية في المناطق التي تسيطر عليها، بل تعدَّت ذلك إلى مصادر أخرى تدر عليها أموالًا طائله تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، مثل عمليات خطف الرهائن من مواطني الدول الغربية، حتى بات البعض يصف الجماعة بأنها عرّابة تجارة الرهائن حول العالم، فعلى سبيل المثال حصلت الجماعة خلال أكتوبر 2020 على فدية مالية قدرها 25 مليون يورو فضلًا عن إطلاق سراح 200 من عناصرها، مقابل الإفراج عن رهينة فرنسية ورهينتين إيطاليتين، وفي هذا الاطار تقُدر بعض التقارير الأموال التي حصلت عليها التنظيمات الإرهابية في إفريقيا من وراء عمليات خطف الرهائن في عام 2020 وحده بما يقارب 100 مليون دولار أمريكي، حصلت جماعة نصرة الإسلام وبوكو حرام على نصيب الأسد منها، وهو ما يمكّن الجماعة من الإنفاق على عناصرها وأنشطتها بشكل جيد، بل وتمكّنها أحيانًا من شراء الولاءات، وهو ما يزيد من تعقيد محاولات القضاء عليها أو حتى تحجيم مخاطرها على الأقل[12].
- التحالفات القبلية: تتميز جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بالانتشار الجغرافي الواسع، وهو ما يساعدها في شنّ هجمات إرهابية متعددة ومتنوعة في أكثر من منطقة في آن واحد بسبب تحالفاتها القبلية الواسعة، التي تساعد في الحصول على الدعم المناسب للقيام بهذه العمليات من الناحية اللوجستية والمادية والمعلومات اللازمة للتحرك على الأرض والانتشار التنظيمي، إذْ تتكوّن الجماعة من أكثر من عرقية حيث تنتمى مكوناتها الرئيسية إلى قبائل وعرقيات هامة، فحركة تحرير ماسينا تنتمى إلى عرقية الفولاني وتعد من أبرز التنظيمات العرقية التي ترفع شعارات جهادية، وتسعي إلى إحياء إمبراطورية الفولاني[13]، كما أن جماعة أنصار الدين تعبّر عن قبل قبائل الطوارق، وهو ما يجعلها تحصل على دعم كبير في مناطق انتشارها التنظيمي، وذلك ما ينعكس على أدائها التنظيمي والعملياتي، ويمكّنها من القيام بعمليات إرهابية واسعة النطاق، ومن ناحية أخرى يجعل من الصعب القضاء عليها، ويُفشل العديدَ من حملات مكافحة الإرهاب التي تهدف إلى تقويض تهديدات الجماعة.
- تواضع القدرات الأمنية لدول المنطقة: أحد العوامل الهامة التي تساعد نصرة الإسلام والمسلمين على الاستمرار في أنشطتها الإرهابية وعدم القضاء عليها هو تواضع القدرات العسكرية لجيوش المنطقة، في الوقت الذي تعتمد فيه الجماعة على حرب العصابات التي تحتاج إلى أدوات متطورة مثل الطائرات المسيّرة والمعلومات الاستخباراتية الدقيقة، فضلًا عن التدريب المستمر على مواجهة الأنشطة الإرهابية، وهو ما تفتقده هذه الجيوش التي تعاني بشكل لافت من ضعف الإمكانيات والتدريب وانخفاض الروح المعنوية لدى الجنود، وذلك ما يضعف جدوى حملات مكافحة الإرهاب التي تقوم بها، خصوصًا أن منطقة الساحل تصنَّف بؤرة للعنف والتطرف، فمنذ عام 2017 تضاعفت الأحداث المرتبطة بالحركات المسلّحة في مالي وبوركينافاسو وغرب النيجر إلى 7 أضعاف وفقًا لبيان “مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023″، كما أن “بوركينافاسو تحلُّ في المرتبة الثانية بعد أفغانستان، بينما تأتي مالي والنيجر في قائمة الدول العشرة الأكثر سوءًا في العالم من حيث الإرهاب والعنف والتطرف”. لذا وفي محاولة لسد الفراغ الذي أحدثه خروج القوات الفرنسية والأممية من مالي، وقّعت مالي والنيجر وبوركينافاسو ميثاق “ليبتاكو غورما” يوم 16 سبتمبر 2023 القاضي بإنشاء تحالف دول الساحل، والذي من ضمن أهدافه “محاربة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة الحدودية المشتركة بين الدول الثلاث”[14].
وختامًا، يمكن القول إن هناك مجموعة من العوامل المتضافرة أسهمت في تمدد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تعدُّ الذراع القوي لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل الإفريقي، ومن ثم تصاعد تهديداتها الأمنية، يتعلّق بعضها بالأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة، بينما يتعلق بعضها الآخر بالتحالفات القبلية والعرقية للجماعة، فضلًا عن تماسكها التنظيمي القوى، وتوافر مصادر التمويل الجيدة، إضافة إلى قدرتها على التوسع في الاستقطاب والتجنيد، وهو ما وفر لها إمكانيات مادية وبشرية تستطيع من خلالها الاستمرار في أنشطتها الإرهابية والتوسع فيها، وليس هذا فحسب بل إنها تصعّب من جهود مكافحة الإرهاب للقضاء عليها أو على الأقل تحجيم وتقويض تهديداتها الإرهابية، خصوصًا في ظل رغبة الجماعة في تصدُّر مشهد الإرهاب في المنطقة، لذا فمن المرجح خلال الفترة القادمة أن يستمرَّ تصاعد تهديدات الجماعة على نحو يزيد من تعقيد المشهد الأمني في الساحل الإفريقي الذى يبدو أنه لن يستقر على المدى القريب في ظل التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة.
[1] جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة تتبنى هجوما استهدف معسكرا للجيش المالي قرب مطار غاو، موقع فرانس 24، بتاريخ 8 سبتمبر 2023، على الرابط: https://www.france24.com/ar/%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/20230908-%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D9%81-%D9%85%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%A8%D9%85%D8%B7%D8%A7%D8%B1-%D8%BA%D8%A7%D9%88-%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%A9-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A7-64-%D9%82%D8%AA%D9%8A%D9%84%D8%A7
[2] لماذا لم تتراجع هجمات جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” في مالي؟، موقع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، بتاريخ 9 سبتمبر 2019، على الرابط: https://www.futureuae.com/en-US/Mainpage/Item/4956/%D9%85%D8%B9%D8%B6%D9%84%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%84%D9%85-%D8%AA%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9-%D9%87%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D9%86%D8%B5%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A
[3] مسلحون يحاصرون مدينة تمبكتو التاريخية في مالي، موقع الجزيرة نت، بتاريخ 22 أغسطس 2023، على الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2023/8/22/%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%AA%D9%85%D8%A8%D9%83%D8%AA%D9%88-%D8%AA%D8%AD%D8%AA-%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D9%8A%D9%81%D8%B1%D8%B6%D9%87-%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%AD%D9%88%D9%86
[4] مالي: جماعة جهادية تعلن خطف روسي من مجموعة فاغنر العسكرية وسط البلاد، موقع فرانس24، بتاريخ 24 إبريل 2024، على الرابط: https://www.france24.com/ar/%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/20220425-%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%AE%D8%B7%D9%81-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D9%81%D8%A7%D8%BA%D9%86%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF
[5] تقرير أممي: خطر «القاعدة» و«داعش» وصل إلى الذروة في إفريقيا، موقع صحيفة الشرق الأوسط، بتاريخ 1 مارس 2024، على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/4886696-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A3%D9%85%D9%85%D9%8A-%D8%AE%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D9%88%D8%B5%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%B1%D9%88%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7
[6] واشنطن تدرج قادة تنظيمين متطرفين في إفريقيا في قائمة الإرهاب، موقع الحرة بتاريخ 23 إبريل 2024، على الرابط: https://www.alhurra.com/arabic-and-international/2024/04/23/%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D8%AC-%D9%82%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8
[7] جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تنفذ هجوما على الجيش المالي وتستولي على أسلحته، موقع أخبار الآن، بتاريخ 28 سبتمبر 2023، على الرابط: https://www.akhbaralaan.net/news/world/2023/09/28/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D9%86%D8%B5%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D9%86%D9%81%D8%B0-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D9%88%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D9%88%D9%84%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%AA%D9%87
[8] مالي وبوركينا فاسو.. الوضع الأمني يلقي بـ”ظلال سوداء”، موقع سكاي نيوز عربية، بتاريخ 4 يناير 2024، على الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1682617-%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D9%88%D8%A8%D9%88%D8%B1%D9%83%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D9%81%D8%A7%D8%B3%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B6%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%94%D9%85%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D9%84%D9%82%D9%8A-%D8%A8%D9%80%D8%B8%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%A1
[9] رئيس بوركينا فاسو: حربنا ضد الإرهاب لا رحمة فيها، موقع صحيفة الشرق الأوسط، بتاريخ 24 مايو 2024، على الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5023989-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A8%D9%88%D8%B1%D9%83%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D9%81%D8%A7%D8%B3%D9%88-%D8%AD%D8%B1%D8%A8%D9%86%D8%A7-%D8%B6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D9%84%D8%A7-%D8%B1%D8%AD%D9%85%D8%A9-%D9%81%D9%8A%D9%87%D8%A7
[10] جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الموالية للقاعدة توسّع نفوذها في الساحل الإفريقي، موقع SWI swissinfo.ch – ، بتاريخ 10 يناير 2021، على الرابط: https://www.swissinfo.ch/ara/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D9%86%D8%B5%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D8%B3-%D8%B9-%D9%86%D9%81%D9%88%D8%B0%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AD%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A/46275306
[11] من الجيش إلى الإرهاب.. رحلة قيادي مثير للجدل في أزواد بمالي، موقع سكاي نيوز عربية، بتاريخ 13 مارس 2024، على الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1699420-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%95%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%85%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%94%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AF-%D8%A8%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A
[12] قراءة في ظاهرة “وسطاء الإرهاب” في إفريقيا، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، بتاريخ 4 يونيو 2023، على الرابط: https://trendsresearch.org/ar/insight/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D8%B7%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82/
[13] كتيبة تحرير ماسينا.. الإرهاب العرقي الجديد في الساحل الإفريقي، المركز الأوربي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات، بتاريخ 13 يناير 2020، على الرابط: https://www.europarabct.com/%D9%83%D8%AA%D9%8A%D8%A8%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D9%82%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC/
[14] هل تنجح قوة الساحل الجديدة في محاربة المجموعات المسلحة في إفريقيا؟، موقع الجزيرة نت، بتاريخ 22 مارس 2024، على الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2024/3/22/%D9%87%D9%84-%D8%AA%D9%86%D8%AC%D8%AD-%D9%82%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AD%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9