رغم صعوبة الوصول إلى أرقام محددة، إلا أن التقديرات تشير إلى أن نسبة الأدوية المزورة تزيد على 10 بالمئة من الحجم الإجمالي لسوق الدواء العالمي برمته، خصوصا في الدول النامية والفقيرة. فمن بين جميع الأدوية التي تباع وتستهلك في تلك الدول، تشكل الأدوية المزورة 25 في المئة منها، وفي بعض الدول ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 50 في المئة. وكانت منظمة الصحة العالمية قدرت أنه في عام 2003 بلغ حجم مبيعات الأدوية المزورة حول العالم أكثر من 32 مليار دولار، بينما قدر المركز الأميركي للطب من أجل المصلحة العامة، أن حجم السوق الدولي لتجارة الأدوية المزورة بلغ أكثر من خمسة وسبعين مليار دولار عام 2010.
وفي السنوات والعقود الأخيرة ساهمت الإنترنت في تفاقم هذه التجارة غير الشرعية، حيث تشكل الشبكة العنكبوتية سوقا غير منظم أو محكوم، وخصوصا في ظل فعالية أساليب الترويج الإلكترونية، مثل البريد الإلكتروني (سبام)، كوسيلة دعائية فعالة. ومؤخرا أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، بمنصاتها المختلفة، أداة فاعلة في أيدي عصابات الجريمة المنظمة، لإدارة وتوزيع وجني أرباح تجارتهم غير الشرعية.
وغني عن الذكر هنا، فداحة الثمن الإنساني الذي تحصده هذه الأدوية المزورة والمقلدة، ليس فقط نتيجة حرمان المرضى من تلقي العلاج الضروري لمرضهم، وإنما أيضا على صعيد توليد مقاومة للبكتيريا والطفيليات التي تستخدم هذه الأدوية في علاجها، حيث كثيرا ما تحتوي الأدوية المزورة على جرعات من المادة الفعالة أقل من الجرعة المطلوبة لقتل الجراثيم، وهو في الوقت الذي لا يقتل هذه الجراثيم والطفيليات، سوف يمنحها فرصة لتوليد مقاومة ضد العقاقير المستخدمة ضدها، بشكل يجعل من استخدام الجرعة الصحيحة في المستقبل لا يجدي نفعا. ولذا، رغم أن قضية الأدوية المزورة قد تكون في أساسها مشكلة في الدول النامية والفقيرة، أكثر منها في الدول الغربية والصناعية، إلا أن نتاجها لجراثيم مقاومة للأدوية والعقاقير، سريعا ما يصبح مشكلة لجميع دول العالم دون استثناء.
وتعتبر هذه القضية من أهم التحديات التي تواجه منظومة الصحة العامة على المستويين الدولي والمحلي، حيث يمكن أن يقع أي شخص في أي مكان من العالم ضحية لهذه العملية الإجرامية، من خلال شراء وتناول دواء أو عقار، سواء كان أقراصا، أو كبسولات، أو غيرها من أشكال الدواء المعتادة، يبدو كما لو أنه تم تعبئته وتصنيعه بالشكل السليم، ولكنه لا يحتوي في الحقيقة على أي من المادة الفعالة، وفي بعض الحالات قد يحتوي على مواد شديدة السمية. وعلى رغم أنه في بعض الدول من النادر التعرض لمثل هذه الجريمة، ولكن في العديد من الدول الأخرى يتعرض كثيرون لتناول أو تعاطي دواء أو عقار مزور، وبشكل يومي روتيني.
وتتنوع وتختلف محتويات ومكونات الأدوية المقلدة والمزورة ما بين خليط من المواد السامة غير المعروفة، أو تركيبات غير نشطة أو فعالة، لا تأثير لها بالمرة على من يتناولها، سواء بالضرر أو بالنفع، أو أحيانا ما يعرف بالتقليد عالي الجودة، وهي الأدوية التي تتطابق في الاسم والشكل واللون، وحتى تركيب المادة الفعالة، مع الأدوية الأصلية المملوكة للشركة صاحبة حق الملكية الفكرية وبراءة الاختراع. ولكن حتى هذا النوع الأخير يحمل في طياته خطرا عظيما بسبب أن طريقة وأسلوب التصنيع قد لا تتطابق مع معايير الجودة، وحتى طريقة النقل والتخزين، قد تسبب تلف المادة الفعالة، وفي بعض الحالات يمكن أن تحولها إلى مادة سامة. ولا تنأى تقريبا أية طائفة من العقاقير، أو أي نوع من أنواع الأدوية، عن احتمال التزوير والتقليد، وإن كانت المأساة تبلغ ذروتها عندما يتعلق الأمر بالأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض الخطيرة، التي تؤدي إلى وفاة من يصابون بها، إذا لم يتم علاجهم