أُسدل الستار على المناظرة التاريخية بين مرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس كامالا هاريس ومرشح الحزب الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي جرت وقائعها في مركز الدستور الوطني بمدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، ونظمتها شبكة إيه بي سي، فجر الأربعاء 11 سبتمبر بتوقيت جرينيتش. وقد أظهرت مواقف المرشحين من القضايا، التي طُرحت تباينًا حادًا. كما تباينت بالمقابل ردود الأفعال بشأن من خرج منتصرًا فيها حيث زعم كل فريق الانتصار. ولكن هناك اتفاقًا عامًا على أن أداء هاريس فاق كل التوقعات، ولا سيما أنها أول مناظرة لها كمرشحة للرئاسة، بينما كان ترامب الذي خاض من قبل العديد من المناظرات الرئاسية بلغت 7 مناظرات، في موقف دفاعي خاصة في القضايا المهمة بالنسبة للناخب الأمريكي، ولا سيما الإجهاض، و”سيطر عليه الغضب”. أما في السياسة الخارجية فقد كانت أبرز الخلافات الحادة الحرب في أوكرانيا، حيث زعمت هاريس بأنه لو كان ترامب رئيسًا لكان بوتين الآن في كييف، بينما ادعى ترامب أنه لو كان رئيسًا لما وقعت الحرب أصلًا.
وتكتسب هذه المناظرة أهمية خاصة، حيث كان ينتظرها ملايين الأمريكيين الذين لم يحسموا أمرهم بعد، قبل أقل من شهرين من موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل. ولذلك مثلت هذه المناظرة فرصة كبيرة لكلا المرشحين لاستقطاب المستقلين، ولاسيما هاريس، الذين سيكون موقفهم حاسمًا في ظل استطلاعات الرأي المتقاربة جدًا.
وفيما يلي عرض وتحليل لمواقف المرشحين من القضايا الرئيسية التي تضمنتها المناظرة:
البيانات الافتتاحية والسياسات الاقتصادية
بدأ النقاش بتبادل الكلمات الافتتاحية، حيث أكد كل من نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب على موضوعات حملتهما الرئيسية. ركزت هاريس على “اقتصاد الفرص” الذي يهدف إلى تلبية احتياجات أسر الطبقتين العاملة والمتوسطة من خلال الإعفاءات الضريبية ومبادرات الإسكان ودعم الشركات الصغيرة، وحاولت الترويج لنفسها على أنها “مرشحة الأمل” أو “مرشحة المستقبل”. وانتقدت ترامب لإعطاء الأولوية لتخفيضات الضرائب للأثرياء والشركات الكبرى، والتي زعمت أنها أدت إلى تضخم العجز.
من ناحية أخرى، دحض ترامب ادعاءات هاريس، ونفى أي تطبيق لضريبة المبيعات الوطنية، وعزا بدلًا من ذلك الصراعات الاقتصادية التي تواجهها البلاد إلى قضايا التضخم والهجرة. ووصف التعريفات الجمركية التي فرضها، وخاصة على الصين، بأنها مفتاح التعافي الاقتصادي، بحجة أنها جلبت إيرادات كبيرة مع الحفاظ على انخفاض التضخم خلال إدارته. وألقى باللوم على إدارة بايدن في أزمة التضخم الحالية، مشيرًا إلى أن الهجرة غير المنضبطة والصفقات التجارية السيئة أدت إلى تفاقم المشكلة.
تحليل: أظهر هذا الجزء اختلافات حادة في الفلسفة الاقتصادية. فقد ركزت هاريس على البرامج الاجتماعية للطبقة المتوسطة وانتقادها لسياسات ترامب الضريبية، مما جعلها مناصرة للأسر من الطبقتين الوسطى والعاملة. ومع ذلك، حاول ترامب تصوير هاريس كجزء من الإدارة المسؤولة عن التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي، في حين وضع نفسه كزعيم يمكنه استعادة النظام الاقتصادي من خلال التعريفات الجمركية ومفاوضات تجارية أكثر صرامة. واستخدم كل مرشح هذا الموضوع لتعزيز روايته المركزية: حيث ركزت هاريس على العدالة والمساواة، وأكد ترامب على القوة والحمائية الاقتصادية.
الهجرة وأمن الحدود
تحول النقاش بسرعة إلى الهجرة. وأكدت هاريس على خبرتها في مقاضاة المنظمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية وانتقدت ترامب لعرقلته التشريع الذي حظي بتوافق الحزبين الديمقراطي والجمهوري، والذي كان من شأنه أن يضيف المزيد من وكلاء الحدود والتمويل لوقف تدفق المخدرات والجريمة. وسلطت الضوء على مشروع قانون فاشل كان من شأنه أن يخصص الموارد لحل أزمة الفنتانيل (نوع من المخدرات)، مدعية أن ترامب يفضل الترشح على قضايا الهجرة بدلًا من حلها.
ورد ترامب بتصريحات حادة، متهمًا هاريس وبايدن بالسماح لمجرمين خطرين، بما في ذلك أولئك القادمون من “مصحات الأمراض العقلية”، بدخول البلاد. وتحدث عن ارتفاع معدلات الجريمة والمهاجرين “الذين يسيطرون” على المدن الأمريكية، ووصف أزمة الحدود بأنها لا تشكل تهديدًا للأمن القومي فحسب، بل إنها أيضًا تهديد اقتصادي. وأعلن ترامب عن عزمه على إغلاق الحدود، وعن خطط لأكبر عملية ترحيل محلية في تاريخ الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن عمليات الترحيل الجماعي من شأنها أن تعمل على استقرار البلاد.
تحليل: كانت الهجرة موضوعًا مثيرًا للجدال إلى حد كبير، حيث تناقض تأطير ترامب للمهاجرين باعتبارهم مجرمين على أساس الخوف مع تأكيد هاريس على إنفاذ القانون والحاجة إلى حلول عملية. واعتمد ترامب بشكل كبير على اللغة “المتطرفة” ووعد بالترحيل الجماعي، وهو ما يروق لقاعدته. كما أنه تورط في تصريحاتٍ غير موثوقة من مثل الادعاء بأنّ المهاجرين من هاييتي يأكلون الحيوانات الأليفة في سبرينغفيلد بأوهايو. على الجانب الآخر، سعت هاريس إلى وضع نفسها كمرشحة للقانون والنظام من خلال خبرة الملاحقة القضائية والحلول السياسية العملية. وتسلط رؤيتهما المختلفة تمامًا لسياسة الهجرة الضوء على الاستقطاب المستمر حول هذه القضية في السياسة الأمريكية.
حقوق الإجهاض
فيما يتصل بقضية الإجهاض، التي تعد إحدى أهم القضايا بالنسبة لغالبية الأمريكيين، وصفت هاريس تعيين ترامب لثلاثة قضاة محافظين في المحكمة العليا بأنه جزء من استراتيجية متعمدة لإلغاء قضية رو ضد وايد، في إشارة، للقرار الصادر التاريخي الذي أصدرته المحكمة العليا الأمريكية، والذي قضت فيه بأن دستور الولايات المتحدة يحمي حرية المرأة الحامل في اختيار الإجهاض دون قيود حكومية. وهو ما أدى الآن إلى “حظر ترامب للإجهاض” في العديد من الولايات. وسلطت الضوء على الآثار الأخلاقية المترتبة على تقييد حق المرأة في الاختيار، مؤكدة على معاناة ضحايا الاغتصاب والأفراد المحرومين من الرعاية.
وعلى الرغم من ادعاء ترامب دعمه للاستثناءات في حالات الاغتصاب وزنا المحارم وحياة الأم، فقد استحق الفضل في إبطال قرار رو ضد وايد من خلال تعييناته في المحكمة العليا. وأكد أن قرارات الإجهاض يجب أن تُترك الآن للولايات، ونفى أي دعم لحظر الإجهاض على المستوى الوطني، على الرغم من تحذير هاريس من أن مثل هذا الحظر يشكل جزءًا من أجندته طويلة الأجل.
تحليل: أبرزت هذه المناقشة التناقض الصارخ بين موقف هاريس بشأن حماية حقوق الإجهاض ودعوة ترامب للسيطرة الحكومية على هذه القضية. فقد صاغت هاريس خسارة قضية رو باعتبارها مأساة وطنية، مع التركيز على حالات فردية من المعاناة والظلم، في حين سعى ترامب إلى تقديم إلغاء قضية رو ضد وايد باعتبارها انتصارًا، مدعيًا أنها مسألة حقوق الولايات. وقد أوضح النقاش الفجوة الواسعة في نهجيهما تجاه حقوق الإنجاب، حيث استقطبت هاريس الناخبين الذين يعطون الأولوية للحريات الشخصية، في حين عزز ترامب مكانته بين الناخبين المناهضين للإجهاض. ولكن برز التناقض بين ترامب ومرشحه لمنصب نائب الرئيس، جيه دي فانس، الذي صرّح بأنه لا يمانع في حظر الإجهاض على المستوى الوطني.
السياسة الخارجية والأمن القومي
في المناقشة حول الأمن القومي، أوضحت هاريس نهج الإدارة في التعامل مع العلاقات الدولية، وأكدت بشكل خاص دعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي والحاجة إلى حل الدولتين في إسرائيل وفلسطين. ووصفت السياسة الخارجية لترامب بأنها خطيرة وضعيفة، وسلطت الضوء على إعجابه بالدكتاتوريين مثل فلاديمير بوتن وكيم جونج أون، فضلًا عن فشله في دعم التحالفات مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وردّ ترامب بالقول إنه في ظل إدارته لم يكن من الممكن أن تحدث أي من الصراعات الدولية الحالية. وألقى باللوم على إدارة بايدن في إضعاف مكانة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي. زعم ترامب أنه قادر على التسوية السياسية للحرب في غضون 24 ساعة إذا انتُخب مرة أخرى لمنصبه في نوفمبر المقبل؛ وعلل ذلك بتكلفة الحرب الهائلة على الولايات المتحدة (أكثر من 75 مليار دولار حتى الآن مساعدات أمريكية لأوكرانيا)، فيما أن أوروبا تدفع أقل بكثير مقارنة بالولايات المتحدة، وأنّ العالم في حالة تقود إلى الحرب العالمية الثالثة. كما أكد أن إدارة بايدن-هاريس فشلت في منع الحرب من خلال التفاوض بين أوكرانيا وروسيا قبل الغزو، ولا تعرف هاريس وإدارتها كيف يمكن الحديث مع بوتين، فيما أنه لديه علاقات جيدة برئيسي الدولتين، ويستطيع وقف الحرب، وإجبار أوروبا على الموافقة.
تحليل: كان الأمن القومي مجالًا بالغ الأهمية حيث اصطدم هاريس وترامب، فبينما ركزت هاريس على الدبلوماسية التقليدية والتحالفات والدفاع الاستراتيجي، وضع ترامب نفسه كرجل قوي يمكنه منع الصراعات أو إنهاؤها من خلال القوة الشخصية والتفاوض. وبينما أكدت هاريس على التعاون المتعدد الأطراف والاستقرار، ناشد ترامب الناخبين الذين يؤمنون بالقوة الأحادية الجانب والعمل الحاسم، مؤطرًا عدم الاستقرار العالمي الحالي كنتيجة مباشرة للقيادة الضعيفة تحت قيادة بايدن وهاريس.
تغير المناخ
فيما يتعلق بتغير المناخ، سلطت هاريس الضوء على استثمارات إدارة بايدن البالغة تريليون دولار في الطاقة النظيفة، وزيادة إنتاج الغاز، ووظائف التصنيع الجديدة. وأكدت الحاجة إلى الاستمرار في الابتكار وخلق فرص العمل في قطاع الطاقة المتجددة، في حين قارنت هذه الجهود بإنكار ترامب لتغير المناخ باعتباره قضية حقيقية.
ورفض ترامب تغير المناخ باعتباره خدعة، وركز بدلًا من ذلك على البراجماتية الاقتصادية. وانتقد مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، بحجة أنها غير فعالة وضارة بالاقتصاد. وزعم ترامب أن سياسات الطاقة التي تنتهجها إدارته خلقت فرص عمل وخفضت تكاليف الطاقة، في حين أدى نهج بايدن، وفقًا لترامب، إلى ارتفاع أسعار الطاقة وفقدان الوظائف في قطاعات الطاقة التقليدية.
تحليل: أظهر هذا النقاش انقسامًا واضحًا بشأن تغير المناخ. فقد صاغت هاريس التحول إلى الطاقة النظيفة باعتباره فرصة اقتصادية وضرورة أخلاقية، وجذبت الناخبين الأصغر سنًا والمدافعين عن البيئة. وفي الوقت نفسه، قلل ترامب من أهمية معالجة تغير المناخ، وركز بدلًا من ذلك على الفوائد الاقتصادية لمصادر الطاقة التقليدية. ويلقى خطابه هذا صدى لدى الناخبين المعنيين بفقدان الوظائف في صناعات النفط والغاز وأولئك المتشككين في تغير المناخ.
الرعاية الصحية وقانون أوباما كير
دافعت هاريس عن قانون الرعاية الميسرة (أوباما كير)، موضحة بالتفصيل توسع الإدارة في الوصول إلى الرعاية الصحية وخفض التكاليف، مثل تحديد سقف لسعر الأنسولين. ووصفت محاولات ترامب لإلغاء قانون الرعاية الميسرة بأنها ضارة بملايين الأمريكيين؛ وخاصة أولئك الذين يعانون حالات مرضية سابقة. وتعهدت هاريس بمواصلة تعزيز قانون الرعاية الميسرة إذا انتُخبت رئيسة.
وردّ ترامب بانتقاد قانون الرعاية الصحية الذي أصدره الرئيس باراك أوباما ووصفه بأنه معيب بشكل أساسي، لكنه أقر بأن إدارته فشلت في إلغائه. وزعم أنه عمل على تحسين النظام وخفض التكاليف حيثما أمكن. كما ألمح ترامب إلى إمكانية تقديم خطة أفضل في المستقبل، برغم أنه لم يقدم تفاصيل محددة في أثناء المناقشة.
تحليل: لا تزال الرعاية الصحية تشكل قضية مهمة، حيث دافعت هاريس عن قانون الرعاية الميسرة باعتباره شبكة أمان اجتماعي حيوية بينما انتقده ترامب من دون تقديم بديل ملموس. وقد نجحت هاريس في وضع نفسها في موقف المدافع عن الوصول إلى الرعاية الصحية، وخاصة بالنسبة إلى الفئات السكانية الضعيفة، في حين حاول ترامب تصوير نفسه كشخص راغب في تحسين النظام؛ ولكن المعارضة السياسية تعوقه.
العِرق والسياسة
في تبادل حاد للاتهامات، تم تذكير ترامب بتعليقاته السابقة بشأن العِرق، بما في ذلك تصريحاته حول ميلاد أوباما وتعليقاته حول قضية سنترال بارك والتي تضمنت الاعتداء على سيّدة تُدعى تريشا ميلي منَ العرق الأبيض عام 1989. ورفض ترامب أهمية هذه الخلافات السابقة، قائلًا إن العِرق ليس قضية يهتم بها.
وأدانت هاريس خطاب ترامب المثير للانقسام، وروت تاريخه في استخدام العِرق لإثارة الخلافات بين الأمريكيين. وأكدت إيمانها بالوحدة والفرص المتساوية لجميع الأمريكيين، بصرف النظر عن العِرق، وتعهدت بدفع البلاد إلى الأمام بسياسات تدعم العدالة الاجتماعية والإنصاف الاقتصادي.
تحليل: أبرز هذا الجزء التوترات العِرقية المستمرة في السياسة الأمريكية، حيث صورت هاريس ترامب باعتباره مفرّقًا يستغل العداوات العِرقية، وظهرت بموقف قوي في الدفاع عن العدالة بين مختلف الأعراق. وفي الوقت نفسه، قلّل ترامب من أهمية العرق كقضية في حملته، وسعى بدلًا من ذلك إلى التركيز على السياسات الاقتصادية والهجرة. وبالنسبة للعديد من الناخبين، سلطت هذه القضية الضوء على النهج المتناقض للمرشحين تجاه العلاقات العرقية والعدالة الاجتماعية.
البيانات الختامية
لخصت البيانات الختامية الموضوعات الرئيسية للمناظرة. فقد ركزت هاريس على السياسات التقدمية التي تهدف إلى الوحدة والرفاهة الاجتماعية، وأكدت رؤيتها لحملة تركز على المستقبل، وسلطت الضوء على التزامها بالأسر العاملة، والفرص الاقتصادية، وحماية المؤسسات الديمقراطية. كما وضعت نفسها في موقف المرشحة التي ستوحد البلاد وتعالج التحديات الأكثر إلحاحًا. في حين استند ترامب إلى رسالته “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، مع التركيز على العودة إلى أمريكا أقوى وأكثر أمنًا. وركز على سجله القوي، واعتبر إدارة بايدن-هاريس مسؤولة عن تراجع أمريكا. وتعهد باستعادة عظَمة البلاد من خلال إعادة بناء الاقتصاد، وتأمين الحدود، وتعزيز الدفاع الوطني.
خاتمة:
فيما يتعلق بتقييم أداء المرشحين في هذه المناظرة، وبرغم التباين بين المعلقين فيما يتعلق بصاحب الأداء الأقوى والأكثر إقناعًا، فقد تحدثت تقارير مختلفة أن هاريس عمومًا خرجت منتصرة، بينما كان ترامب، الذي اتهم مذيعَي شبكة “إيه بي سي” التلفزيونية اللذين أدارا الحوار بالتحيّز ضدّه، في موقف دفاعي؛ وفقَد “فرصة تحويل التركيز إلى سياسات بايدن وهاريس بشأن الاقتصاد والحدود. وبدلًا من ذلك وقع في فخها وتشتت تركيزه بين إنكار نتيجة الانتخابات السابقة ومسألة المهاجرين الذين يأكلون حيواناتنا الأليفة”. وقد أعلنت النجمة تايلور سويفت دعمها للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس عقب المناظرة، واصفة إياها بـ “الزعيمة الثابتة والموهوبة”. كما قالت نيويورك تايمز إن هاريس قادت المناظرة وسيطرت على إجراءاتها منذ البداية، حيث سلطت الضوء على مهاراتها في الادعاء للاستفادة من كل فرصة لتوجيه النقد إلى الرئيس السابق في صراع الرؤى والأسلوب لمدة 90 دقيقة. ومن المفارقات أن المناظرة التي جرت فجر 11 سبتمبر (بتوقيت جرينيتش) لم تتطرق لأحداث 11 سبتمبر؛ ما يدعم فكرة أن هاريس أفقدت ترامب الفرصة في إثارة هذه القضية، وتكرار ادعاءاته السابقة بشأنها. وقد أظهر موقع بريدِكت لتوقعات انتخابات الرئاسة أن احتمالات فوز ترامب انخفضت خلال المناظرة من 52 بالمئة إلى 47 بالمئة، بينما تحسنت فرص هاريس من 53 بالمئة إلى 55 بالمئة.
والخلاصة أن مناظرة هاريس-ترامب سلطت الضوء على التناقضات الصارخة في السياسة والرؤية بين المرشحين، وعكست “الشخصنة” إلى حدٍ كبير في المناظرات الرئاسية الأمريكية. فقد أطرت هاريس على حملتها حول الوحدة والمساواة الاجتماعية والإصلاحات التقدمية، في حين عزز ترامب رسالته القائمة على القوة والحماية الاقتصادية وسياسات القانون والنظام. وعكس هذا النقاش حالة الاستقطاب العميق التي تعيشها السياسة الأمريكية، حيث يحمل كل مرشح رؤى مختلفة لمستقبل البلاد.