تُسهم النزاعات المسلحة، دون شك، في الانتشار السريع للأمراض المعدية بين الجنود، والسكان الضعفاء والنازحين؛ وتقر منظمة الصحة العالمية أن مثل هذه الظروف القاهرة تخلق، بيئة مواتية لانتشار الأمراض بما فيها الفيروسات. كما يفاقم دمار البنية التحتية الخطر بالنسبة لكل من يوجد في هذه المناطق. وتشكل اليمن، في هذا السياق، نموذجاً يُجسد بالملموس خطر تفاقم انتشار وباء فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” في مناطق النزاعات.
وفي ضوء الانتشار السريع لهذا الوباء، يطرح الكشف عن الأمراض المعدية والسيطرة عليها في مناطق النزاعات تحدياً كبيراً بسبب عوامل الخطر المتعددة التي يشكلها، ومن أبرزها خطر الانتقال السريع لهذه الأمراض جَراء عدم كفاءة أنظمة المراقبة والاستجابة، ودمار البنية التحتية، وانهيار النظم الصحية، وتعطُل برامج مكافحة الأمراض. كما توضع ممارسات مكافحة الأوبئة في هذه البيئات المفتقرة للموارد تحت اختبار مدى قدرة السكان على التكيف؛ بالإضافة إلى أن انعدام الأمن وضعف التنسيق بين منظمات العمل الإنساني يعزز انتشار هذه الأمراض.
وبالإعلان عن الحالة الأولى للإصابة بوباء “كوفيد-19” في محافظة حضرموت في 10 أبريل 2020، يمكن للوضع في اليمن أن يصبح مأزوماً أكثر مما هو عليه. كما حذرت، في هذا الصدد، منظمة أطباء بلا حدود، والأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الإنسانية من أن السلطات اليمنية لا تمتلك القدرة التي تؤهلها للاستجابة والتعامل الفعالين مع هذا الوباء بسبب ما أدى إليه الصراع الدائر في اليمن منذ خمس سنوات من شلل في قدرة البلاد على الاستجابة لتفشي هذا الوباء.
وفي أعقاب الإعلان عن وقف أعمال العنف من جانب واحد من قبل قوات التحالف لأسبوعين – وقف إطلاق النار أعلنته المملكة العربية السعودية – رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، بهذه الخطوة التي دخلت حيز التنفيذ يوم الخميس 9 أبريل باعتبار أنها ستسهم في تعزيز مسار السلام، وتبطئ انتشار الفيروس. كما قد تلعب هذه الخطوة دوراً حاسماً في مواجهة تفشي هذا الوباء في بلد مزقته الحرب.
البنية التحتية الصحية المعطوبة
لقد تعرضت البنية التحتية الصحية في اليمن إلى التدمير شبه الكامل، حتى قبل الإعلان الأخير عن وقف إطلاق النار في 8 أبريل، وذلك جراء ما تسبب فيه القتال الدائر منذ سنوات في البلد، والذي شلّ قدرته على التعامل حتى مع مرض بسيط مثل الكوليرا الذي أصاب عام 2017 نحو مليون شخص وأودى بحياة الآلاف، والذي إلى جانبه ما تزال – وفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر – هناك أمراض معدية أخرى مثل الدفتيريا.
وتشير التقارير إلى أن استشراء الفساد بين الحوثيين قد حدَّ من قدرة اليمن على تغطية نفقات الرعاية الصحية، فأصبح معظم سكان المناطق التي يسيطرون عليها في حاجة إلى مساعدات إنسانية. كما دفع الوضع بالملايين إلى العيش على حافة المجاعة ما يجعل الكارثة في اليمن من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، وهذا بالإضافة إلى الانهيار الكامل للقطاع الصحي، والتدني الحاد في جودة الخدمات التي تقدمها المستشفيات العامة والخاصة.
خريطة رقم 1:
التوزيع الجغرافي لحالات تفشي الأمراض المعدية الجديدة والمتجددة والدول المتضررة من النزاعات، 1990 – 2006
المصادر: مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية وإدارة الإنذار بحدوث الأوبئة والجوائح ومواجهتها بمنظمة الصحة العالمية.
من الواضح أن هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير مناسبة لمنع انتشار الفيروس لأن البنية التحتية الصحية اليمنية في حاجة ماسة إلى الدعم في وقت ما زال فيه التركيز منصبّاً على آلية تبادل السجناء ومنطقة تَعْز المتنازع عليها وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى الرئيسية، وذلك بحسب ما جاء في بنود اتفاقية استوكهولم المبرمة عام 2018 والمصادق عليها بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2451 (2018).
ويشكل الالتزام بهذا الاتفاق الذي تم بوساطة أُممية أمراً حاسماً للحيلولة دون اندلاع معركة مفتوحة من أجل الاستيلاء على ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر، لأن معركة كهذه قد تعوق إمكانيات النجاح في الالتزام بوقف إطلاق النار الأخير رغم خطر انتشار الفيروس.
كما يشار، في هذا السياق، إلى دعوة التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن إلى الاستمرار في تنفيذ مقررات حوار السلام الأخير الذي يعرف أيضاً باتفاق الرياض 2019 بين الحكومة اليمنية في صنعاء والمجلس الانتقالي الجنوبي من أجل تعزيز الظروف السياسية، والاقتصادية، والأمنية في جنوب اليمن.
خريطة رقم 2:
السيطرة على الأراضي في جنوب اليمن
المصدر: مجلس العلاقات الخارجية، فبراير 2020.
ويقدّر أحد تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2019 أن الوفيات غير المباشرة في اليمن الناجمة عن انعدام الغذاء والرعاية الصحية وخدمات البنية التحتية ستبلغ خمسة أضعاف الوفيات المباشرة بحلول عام 2030، إذا استمر الوضع الحالي وأن معظم الضحايا المحتملين سيكونون من الرضع والأطفال. كما أشار التقرير نفسه إلى أن الصراع المتواصل قد دمر مرافق الرعاية الصحية، وأضعف معدلات توافر الكوادر الصحية، وحول الإنفاق الصحي لصالح أغراض أخرى، وقلص إمكانية الحصول على الخدمات الصحية.
وحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فقد يؤدي تعطيل برامج التدخل والتطعيم إلى عودة المرض مجدداً، وربما تتعرض بنية المياه والصرف الصحي التحتية غير الكافية في كثير من الأحيان إلى المزيد من التدهور. كما سيضطر الوضع العديد من النازحين إلى العيش في ظروف ازدحام سكاني مفرط لا يتوفر فيها ما يكفي من خدمات التطعيم الأمر الذي سيسهّل انتشار الأمراض المعدية.
لقد تطورت الحرب في اليمن إلى نزاع متعدد الأطراف تتصارع فيه رؤى متباينة حول مستقبل البلاد، ولا محالة أن هذه الرؤى المتباينة ستعقِّد مسار الجهود الساعية إلى إحلال السلام في البلاد؛ فوقف إطلاق النار بسبب “كوفيد-19” يقْصُر عن التحرك الفعال لإيجاد حل سياسي مستدام في المديين المتوسط والطويل. كما أن استمرار العنف والنزاع يؤكد محدودية تأثير المجتمع الدولي في أي مفاوضات جادة. وقد يصبح التوجه، في الوقت الراهن على وجه الخصوص، نحو تحقيق السلام أكثر صعوبة بسبب الوباء.
جدول رقم 1:
التسلسل الزمني للنزاع في اليمن عام 2020
التسلسل الزمني للنزاع عام 2020 | |
7 فبراير | واشنطن تعلن عن مقتل أحد زعماء القاعدة في اليمن |
25 فبراير | الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تهدد بتعليق المساعدات الموجَّهة لليمن |
10 مارس | القوات اليمنية تستولي على أراضٍ من المتمردين الحوثيين |
20 مارس | لا توجد إصابات مؤكدة بـ “كوفيد-19” في اليمن، وإن كان الفحص محدوداً |
24 مارس | النزاع في اليمن يُتِم عامه الخامس |
المصدر: مصادر متعددة تم تجميعها بواسطة الباحث
مغالطة العمل بالوكالة وأصحاب النفوذ الخارجيون
أدى تدخُّل أصحاب النفوذ الخارجيين، خصوصاً إيران، في النزاع اليمني إلى تعقيد الوضع على الأرض، وقلّص أي احتمال لتحقيق سلام مستدام في المديين القصير والمتوسط. وظلت “مغالطة العمل بالوكالة” تشكِّل عاملَ تعقيد، إذ إن الفصائل المحلية في اليمن قد أكدت أجندتها وفرضتها على الأرض.
لقد ظلت حالة الحوثيين بصفتهم وكلاء لإيران في اليمن حالة فريدة من عدة نواحٍ؛ فعلى الرغم من أنهم بدأوا كحركة محلية في الأساس، فإن الدعم الإيراني للجماعة تزايد بمرور الوقت، ومن المعلوم – على نطاق واسع – أن جماعة الحوثيين تشكِّل جزءاً من شبكة واسعة من الفصائل المسلحة المدعومة إيرانياً في الشرق الأوسط.
للتعامل مع مغالطة العمل بالوكالة وعلاجها، لا يمكن افتراض أن الفصائل العاملة على الأرض هي امتداد حقيقي لمتنفذين خارجيين يُملون عليها متى تصعِّد الوضع ومتى تهدّئه داخل البلاد. وعلى الرغم من حدوث بعض الحالات التي طلب فيها المتنفذون الخارجيون من الفصائل المحلية القيام بأعمال تصعيد بذريعة تحقيق أجندة بعينها، فقد حدث العديد من حالات الاختلاف في الرأي بين الطرفين واستعداد القوات المحلية لتجاهل رغبة الجهات الراعية لها.
لقد بدأ سريان وقف إطلاق النار الذي أعلنه التحالف العربي، والذي من الراجح أن يساعد في التركيز على مكافحة “كوفيد-19″، وخصوص في أعقاب تعبير التحالف عن رغبته في دعم جهود الأمم المتحدة الرامية إلى إيجاد حل سياسي والمساعدة في وقف انتشار فيروس كورونا، ومع ذلك، ليس واضحاً ما إذا كان الإيرانيون الداعمون للنزاع في اليمن مستعدون للالتزام بوقف إطلاق النار باعتباره عاملاً حاسماً في تحديد مستقبل اليمن.
ولكن، غير بعيد عن المواقع التي شهدت أحداث عنف جديدة، كان ممثلو منظمة الصحة العالمية في اليمن يعقدون اجتماعات طارئة يومية مع الحكومة اليمنية بشأن وباء “كوفيد-19” في وقت ما زالت فيه الإمدادات الطبية ومياه الشرب وخدمات الصرف الصحي نادرة في جميع أنحاء البلاد الأمر الذي ضاعف من حدة الأضرار التي لحقت بالعديد من المرافق الطبية التي تعرضت لهجمات متكررة من جانب جميع الأطراف المتحاربة.
كما أفادت بعض التقارير – في ظل تسارع انتشار فيروس كورونا المستجد في جميع أرجاء المنطقة – بأن الحرس الثوري الإيراني الذي شارك في نزاعات عسكرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط ما زال يواصل نشاطه على الرغم من المخاوف المتزايدة من أن أفراده قد ينقلون وباء كورونا إلى سوريا واليمن والعراق ولاسيما مع انتشار الوباء في إيران.
ونظراً إلى شيوع حالة انعدام الأمن وتدني الظروف المعيشية بين غالبية سكان اليمن، إضافة إلى أن مرافق العناية الصحية في البلاد لا يعمل منها سوى 50% فقط، فقد ضاعفت منظمة الصحة العالمية من توزيع المعدّات الطبية وأجهزة الفحص الحيوية، ووضعت الفرق الصحية في حالة تأهب عالية لدعم النظام الصحي اليمني الهش وتعزيز قدراته من أجل التعامل مع أي تفشي محتمل لوباء “كوفيد-19”.
الدعم الإقليمي والدولي الحالي
ظلت دول المنطقة وغيرها تقدم المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، وذلك حتى قبل ظهور وباء فيروس كورونا المستجد، وبغض النظر عن الاتجاه الذي كان يسير فيه النزاع؛ ففي مارس 2020، أجرى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تقييماً للاحتياجات الصحية اللازمة في اليمن لمواجهة الفيروس وقدَّم المساعدة بتوفير الأدوية والأجهزة والمعدات الطبية والإمدادات الوقائية بالطرق البرية والبحرية والجوية.
وذكرت الأنباء أن المملكة العربية السعودية سوف تسهم بمبلغ 500 مليون دولار دعماً لخطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في اليمن في عام 2020، ومبلغ 25 مليون دولار أخرى للمساعدة في مكافحة انتشار فيروس كورونا الجديد. وقد جاء هذا الإسهام في غضون ساعات من إعلان التحالف العربي عن تعليق الأعمال القتالية تفادياً لاحتمال تفشي “كوفيد-19”.
كما تقدم اليمن، في فبراير 2020، بالشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة على تعاونها في إجلاء الطلاب اليمنيين من مدينة ووهان الصينية؛ المدينة الأولى التي ظهر فيها فيروس كورونا المستجد؛ إذ تم في أواخر ذلك الشهر ترحيل نحو 215 طالباً، ينتمون إلى دول عربية مختلفة من بينها اليمن، إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي على متن طائرة مزودة بمرافق صحية، وقد أجريت لهم عمليات الفحص، ثم رافقهم فريق طبي متخصص وفّرته السلطات الصحية الإماراتية كإجراء وقائي.
ومن جانبه كذلك عبَّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في 23 مارس 2020، عن شكره للمملكة العربية السعودية بعد أن أرسلت إمدادات للحماية من فيروس كورونا المستجد إلى اليمن، وقال من المهم أن يبقى العالم موحداً خلال هذه الأزمة. وقد تضمنت الشحنة التي أرسلتها المملكة مواد حماية شخصية للكوادر الصحية، وأجهزة للفحوصات المخبرية لعدن وصنعاء، وأدوية ومستلزمات طبية لدعم الاستجابة الحالية للأزمة.
مشاكل عاجلة
مع استمرار أعمال العنف وتوطُّد الجماعات المسلحة على الأرض، بالإضافة إلى ظهور متنفذين محليين جدد، ربما ما تزال استجابة اليمن لتفشي الفيروس غير كافية؛ وعلى الرغم من أن انتشار الفيروس قد يبطئ وقوع اشتباكات مباشرة، فإن الاستخدام المكثف للغارات الجوية ووسائل القتال غير المباشر قد يعني أن النزاع سوف يتواصل دون انقطاع.
ونظراً إلى التعقيد المتزايد في العلاقة بين الفصائل المحلية وأصحاب النفوذ الخارجيين، ثمة احتمال كبير أن يستمر العنف حتى في ظل الانخفاض الحاد في تدفق الأسلحة إلى اليمن، الأمر الذي يقوِّض جهود الإغاثة الطبية. كما أن الانتشار المحتمل لوباء “كوفيد-19” سيضاعف الخطر الذي ينتظر البلاد في الأشهر المقبلة.
إضافة إلى ذلك، في أواخر يناير 2020، بعد شهر من وصف مبعوث الأمم المتحدة، مارتن غريفيثس، لتلك الفترة بأنها واحدة من أهدأ فترات النزاع، اتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين بشن هجوم صاروخي على أحد معسكراتها العسكرية في محافظة مأرب. ورفض الحوثيون تحمُّل المسؤولية، الأمر الذي شكَّل ضغطاً على اتفاقٍ هش جداً لوقف إطلاق النار وعلى إمكانية استمراره بما يكفي حتى تتمكن البلاد من معالجة تفشي الفيروس.
وبالإضافة إلى حلقة العنف المتواصل وانتهاكات حقوق الإنسان، مثل تجنيد الحوثيين للأطفال، فإن ما يمكن أن يحفِّز انتشار “كوفيد-19” بوتيرة أسرع في اليمن هو مستوى الجوع الكاسح بين السكان المدنيين، والذين يقدرون بعشرات الملايين، وهذا يؤكد وجود حاجة ملحة وواضحة إلى جهود منسقة متعددة المسارات من شأنها أن تضمن السلام وإعادة التركيز على تقوية مرافق الرعاية الصحية في المناطق الأكثر تضرراً.
ربما يعاني اليمن تداعيات الصراع الحالي لأجيال مقبلة، مثل أفغانستان. ففي أفغانستان، تم القضاء فعلاً على الملاريا في أواخر سبعينيات القرن العشرين بعد تحسينات هائلة في نظام الرعاية الصحية في البلاد وقتها، غير أن الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1978 قضت على ما كان برنامجاً فعالاً لاستئصال الملاريا وتسببت في عودة المرض من جديد وإلى حدود عام 2007، كان أكثر من 50% من سكان أفغانستان يعيشون في مناطق موبوءة بالملاريا. وفي ظل الوضع اليمني الراهن وخطر تحويل المساعدات الدولية إلى مكافحة “كوفيد-19” إلى مناطق أخرى بالعالم، فقد يصبح السيناريو اليمني أسوأ.
السيناريوهات المستقبلية
إن التهديد الذي يشكله وباء “كوفيد-19” على اليمن الممزق بالحرب قد أضاف بُعداً جديداً محتملاً وقاتلاً للنزاع الذي تعاني منه البلاد. والخطر الذي يشكّله الوباء يلقي الضوء على الحاجة إلى إنهاء أعمال العنف التي طال أمدها. لقد أدى الشقاق المستمر والتحزُّب إلى تعطيل البنية التحتية الطبية والصحية العامة، وربما يفشل النظام الصحي القائم حتى في القيام بأدنى مقاومة لانتشار الفيروس في البلاد ولذلك يظل مستقبل اليمن في المديين القصير والمتوسط غامضا رغم وقف إطلاق النار الأخير.
كما أن تدهور الوضع الجيوسياسي لليمن والتأثير المحتمل لانتشار “كوفيد-19” يهددان بتعقيد الوضع السيئ الذي يعيش فيه سكانه ويلقي بمستقبل البلاد السياسي ووحدتها في رحم المجهول. وبعد أن أكملت الحرب الأهلية خمس سنوات، ما زالت منظمة الصحة العالمية تحذّر من أن أزمةً صحية تنتظر اليمن في الأسابيع المقبلة في ظل الوضع الراهن. وبالنظر إلى أن نحو 93% من المعدّات الطبية في البلاد خارج الخدمة، فيمكن استغلال الموارد القليلة في مكافحة انتشار “كوفيد-19” بمجرد وصوله الحدود اليمنية.
ولا شك في أن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو بذل جهود أكبر لتحريك محادثات السلام المحلي المستدام وبناء الثقة، إضافة إلى المزيد من التركيز على إيجاد وسائل بديلة لمواجهة انتشار “كوفيد-19” المحتمل في جميع أنحاء البلاد، وإلا فإن الأضرار التي تصيب اليمن ستعمق الآثار السلبية التي تصيب الدول المجاورة والمنطقة بأكملها.