لا شك في أن الغذاء يُعَدّ احتياجًا أساسيًّا للإنسان من أجل البقاء، ولذلك فإنه يحتل قاعدة (هرم ماسلو)) للاحتياجات البشرية. وتماشيًا مع أهمية الغذاء في الاقتصاد العالمي، حددت الأمم المتحدة الأمن الغذائي هدفًا رئيسًا لتحقيق التنمية المستدامة.
وفي محاولة لتسليط الضوء على بعض جوانب مستقبل القطاع الزراعي عالميًا، هدفت هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على واقع الاستثمار الزراعي واتجاهاته على مستوى العالم عامة وعلى مستوى القارة الأفريقية خاصة، نظرًا لما تمتلكه من نسبة كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة. ولتحقيق هذا الهدف، حلّلت الدراسة أسباب تراجع القارة في حجم الإنتاج الزراعي العالمي وتأخر تلقيها للاستثمار الأجنبي الزراعي، إضافةً إلى دراسة المحددات التي تؤثر في قرار المستثمر العالمي، وقد تؤدي إلى عزوفه عن الاستثمار في الزراعة داخل القارة.
كما بحثت هذه الدراسة في ديناميكيات الاستثهار الأجنبي المباشر وتأثيره في قطاع الزراعة في الدول الأفريقية، ويعتمد التحليل نهجًا مختلط الأساليب، يجمع بين وصف للبيانات الكمية ودراسة الحالة النوعية لتوفير فهم دقيق لدور الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع. وقد اعتمدت الدراسة على المنهج التحليلي الوصفي من خلال مراجعة الأدبيات وقواعد البيانات العلمية ومضامين المواقع الإلكترونية للمؤسسات الدولية المتخصصة، مثل منظمة الأغذية والزراعة العالمية. كما عرضت الدراسة أهم الصادرات الأفريقية ذات الميزة النسبية وأبرز الفرص الواعدة للمستثمرين في القطاع الزراعي.
وقد خلصت الدراسة إلى نتائج مهمة حول جاذبية الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع الزراعي الأفريقي، مؤكدةً أهمية تطوير البنية التحتية والتكنولوجية لمواكبة التطورات السريعة في عملية الإنتاج الزراعي، واستخدام حلول الزراعة الذكية كآلية لتحسين الإنتاجية من حيث النوع والحجم، خصوصًا في ظل الموقع الاستراتيجي للقارة في سلاسل التوريد العالمية. وأظهرت نتائج الدراسة كذلك أنه في حين أن لدى الاستثمار الأجنبي المباشر القدرة على تعزيز الإنتاجية الزراعية وتحفيز التنمية الاقتصادية، فإن فوائده ليست موزعة بالتساوي بين القارات، إذ تؤدّي عوامل مثل الأطر التنظيمية والاستثمار في البنية الأساسية وبناء القدرات المحلية أدوارًا حاسمة في تمركز الاستثمار الأجنبي المباشر.
وقد ختمت الدراسة بتوصيات ومرئيات عملية وقابلة للتنفيذ يمكنها تعظيم النتائج الإيجابية للاستثمار الأجنبي المباشر في الزراعة الأفريقية، مع تأكيد الحاجة إلى سياسات مبتكرة لمعالجة فجوات البنية الأساسية، وتعزيز الحوكمة، ودعم المهارسات الزراعية المستدامة. وتهدف هذه التوصيات إلى توجيه صناع السياسات والمستثمرين والمهتمين بقضايا التنمية إلى تعزيز قطاع زراعي شامل ومرن ومستدام في القارة الأفريقية.
