Insight Image

صناعة الكهروضوئية الصينية والتحول الأخضر في الدول النامية ضمن مبادرة “الحزام والطريق”

27 أكتوبر 2024

صناعة الكهروضوئية الصينية والتحول الأخضر في الدول النامية ضمن مبادرة “الحزام والطريق”

27 أكتوبر 2024

في عام 2004، بلغت السعة المركّبة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في الصين 77 ميغاواط. وبعد 20 عامًا، بحلول عام 2023، وصلت السعة المركّبة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في الصين إلى 609 غيغاواط[1] بزيادة قدرها 7900 ضعف. فيما يتعلق بسلسلة إمداد الطاقة الكهروضوئية، استحوذت الشركات الصينية في عام 2023 على 97% من القدرة الإنتاجية العالمية لرقائق السيليكون، و85% من إنتاج الخلايا الكهروضوئية، و75% من إنتاج الوحدات[2].

فما هو سر التطور السريع للطاقة الكهروضوئية في الصين، وما هي التجربة الناجحة التي اكتسبتها الصين؟ وكيف يمكن للصين مساعدة الدول النامية المشاركة في مبادرة “الحزام والطريق” على تحقيق التحول الأخضر؟ ستحاول هذه المقالة الإجابة عن هذه الأسئلة.

أولًا- التجربة الصينية.. ثلاثة عوامل رئيسية في التطور السريع للطاقة الكهروضوئية

يعتمد التطور السريع للطاقة الكهروضوئية في الصين على ثلاثة جوانب رئيسية: الدعم السياسي، وحجم السوق، والابتكار التكنولوجي.

ويتمثل الدعم السياسي في الإعانات التي قدمتها الحكومة لأسعار الكهرباء المتجددة المنتجة من الطاقة الكهروضوئية. ففي عام 2011 أصدرت الصين سياسة تسعير معيارية لمحطات الطاقة الكهروضوئية الأرضية، حيث كانت تعرفة الكهرباء تبلغ 1.15 يوان لكل كيلوواط ساعة؛ بينما انخفضت تعرفة المشروعات اللاحقة إلى 1 يوان لكل كيلوواط ساعة[3]. ومع نضوج صناعة الطاقة الكهروضوئية وانخفاض تكاليف الإنتاج، انخفضت الإعانات تدريجيًّا. ومنذ عام 2021 توقفت الحكومة عن تقديم الإعانات للمشروعات الجديدة، وهو ما أدى إلى تحقيق تسعير كهرباء متساوٍ مع السوق. كما شجعت الصين محطات الطاقة الكهروضوئية على دخول سوق الكهرباء، وذلك ما عزز من قيمة الكهرباء الخضراء.

وقد أسهم دعم سياسات الصين للطاقة الكهروضوئية في تعزيز الطلب المحلي بشكل كبير. فمنذ عام 2018 بدأت السعة المركّبة الجديدة للطاقة الشمسية في الصين بالنمو المستمر، لتصل إلى 216 غيغاواط في عام 2023، وهو أعلى رقم تاريخي، بزيادة قدرها 147% مقارنة بعام 2022. وبحلول عام 2023 وصلت السعة الكهروضوئية التراكمية في الصين إلى 609 غيغاواط، وهو ما يمثل 43% من إجمالي السعة العالمية. وقد أتاح هذا التوسع السريع في السوق الداخلي فرصة كبيرة لنمو صناعة الطاقة الكهروضوئية.

وفيما يخص الابتكار التكنولوجي، حققت الشركات الصينية تقدمًا كبيرًا في مجالي التقنيات الصناعية والمعدات، وذلك ما أدى إلى خفض تكاليف المنتجات وزيادة كفاءة تحويل الخلايا الشمسية. وقد دفعت ترقية التكنولوجيا بشكل متواصل سلسلةَ إمداد الطاقة الكهروضوئية لتحقيق الإنتاج الاقتصادي على نطاق واسع، حيث بدأ التصنيع في صناعة الطاقة الكهروضوئية في الصين عام 2004، وكانت كفاءة الخلايا الكهروضوئية نحو 10% في ذلك الوقت، بينما ارتفعت الآن إلى نحو 25%[4]، أي أن إنتاج الكهرباء من نفس المساحة تضاعف بمقدار 2.5 مرة. كما انخفضت تكلفة الوحدات الشمسية بنسبة 90%[5]. وهكذا أصبحت الطاقة الكهروضوئية الآن واحدة من أكثر مصادر الطاقة المتجددة تنافسية من حيث التكلفة.

وقد أسفر تطور الطاقة الكهروضوئية عن فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة، ويستحق الذكر هنا بشكل خاص تلك الإجراءات التي اتخذتها الصين في مجال “التخفيف من الفقر باستخدام الطاقة الكهروضوئية”. ويعد هذا البرنامج مبادرة من الحكومة الصينية لمعالجة مشاكل الكهرباء في المناطق الفقيرة وزيادة دخل المزارعين الفقراء. وتم تحقيق هذا الهدف عبر بناء محطات للطاقة الكهروضوئية في المناطق الفقيرة، وتوزيع العوائد الناتجة عن توليد الطاقة الكهروضوئية لتعزيز الاقتصاد الجماعي للقرى الفقيرة ودعم الدخل الشخصي للأسر الفقيرة. وإلى نهاية عام 2019 تم الانتهاء بالكامل من المهام المخصصة لبناء محطات الطاقة الكهروضوئية المخصصة للتخفيف من حدة الفقر، حيث وصل إجمالي السعة المركّبة لهذه المحطات إلى 26360 ميغاواط، وهو ما أفاد 4.15 ملايين أسرة، وحقق عوائد سنوية تقدر بنحو 18 مليار يوان. والنجاح في تنفيذ مشروع التخفيف من الفقر باستخدام الطاقة الكهروضوئية لم يعكس فقط الابتكار والإصرار لدى الحكومة الصينية في التخفيف الدقيق من حدة الفقر، بل قدم أيضًا نموذجًا تمكن الاستفادة منه في الجهود العالمية الرامية إلى القضاء على الفقر.

ثانيًا- التعاون الدولي.. التعاون بين الصين والدول النامية في مجال الطاقة الكهروضوئية ضمن مبادرة “الحزام والطريق

تشكّل الدول المشاركة في مبادرة “الحزام والطريق” نحو 60% من سكان العالم، وتسهم بنحو 30% من الاقتصاد العالمي. ومع تزايد التعاون الاقتصادي وزيادة الوعي البيئي، تتزايد احتياجات هذه الدول للطاقة المتجددة. وتعدُّ العديد من هذه الدول، خصوصًا في أفريقيا، من الدول التي تفتقر إلى بنية تحتية قوية في مجال الطاقة، ومايزال عدد كبير من سكانها يعاني من انعدام الكهرباء. ونظرًا لنضوج صناعة الطاقة الكهروضوئية وتراجع تكاليفها وقدرتها على التكيف، فقد أصبحت الخيار الأمثل لتحوّل هذه الدول نحو الطاقة النظيفة.

وعلى سبيل المثال، تعاني العديد من الدول الأفريقية من نقص في إمدادات الكهرباء، ومايزال نحو 600 مليون شخص في أفريقيا محرومين من الكهرباء[6]. ومقارنة بمناطق أخرى في العالم، فإن تطور الطاقة المتجددة في أفريقيا بطيء للغاية. وفيما يتعلق بالطاقة الكهروضوئية الشمسية، وفقًا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، فقد بلغت القدرة المركّبة للطاقة الشمسية الكهروضوئية عالميًّا في عام 2023 نحو 1411 غيغاواط، حيث تشكل الصين منها 609 غيغاواط (ما يعادل 43.2% من الإجمالي العالمي)، بينما تمثل 54 دولة أفريقية بنحو 12 غيغاواط فقط (ما يمثل 0.8% فقط من الإجمالي العالمي). وهذا التأخر الكبير في تطور الطاقة الكهروضوئية في أفريقيا يتناقض بشكل واضح مع الموارد الشمسية الغنية في المنطقة؛ إذْ تقع غالبية الدول الأفريقية في المناطق المدارية وشبه المدارية، حيث تتلقى أشعة شمس مباشرة لفترات طويلة، وتتمتع بساعات شمسية سنوية عالية وكثافة إشعاع شمسي قوية. ووفقًا لخريطة الموارد الشمسية العالمية التي أصدرها البنك الدولي، فإن القارة الأفريقية تتلقى أكبر قدر من الإشعاع الشمسي المباشر على مستوى العالم، حيث تتراوح شدة الإشعاع السنوية في معظم المناطق بين 2000 و3000 كيلوواط ساعة/متر مربع، وبالمقارنة تبلغ شدة الإشعاع الشمسي السنوية في الصين نحو 1500 كيلوواط ساعة/متر مربع. وبالمثل فإن تطوير مصادر الطاقة المتجددة الأخرى مثل الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح في الدول الأفريقية يتخلف أيضًا بشكل كبير عن المتوسط العالمي.

في 21 سبتمبر 2021 أعلن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، خلال الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة أن الصين ستدعم بقوة التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون للطاقة في الدول النامية، ولن تقوم ببناء مشاريع جديدة للطاقة التي تعمل بالفحم في الخارج[7]. ويعكس هذا الإعلان التزام الصين بدفع التحول العالمي للطاقة والتنمية المنخفضة الكربون، ويشير إلى مستقبل واعد للتعاون بين الصين والدول المشاركة في مبادرة “الحزام والطريق” في مجال الطاقة الكهروضوئية. وحاليًّا أنشأت الشركات الصينية مناطق صناعية للطاقة الكهروضوئية في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، وأقامت مكاتب وفروع خدمات لوجستية في أكثر من 140 دولة ومنطقة، وأسهمت في تطوير سلاسل إنتاج رقمية وذكية لتحسين الصناعات المحلية ودعم التحول الأخضر والمنخفض الكربون في تلك المناطق.

ومن الأمثلة البارزة على استثمارات الصين في محطات الطاقة الكهروضوئية في دول “الحزام والطريق” تبرز محطة الطاقة الكهروضوئية في غاريسا بكينيا، التي تُعد واحدة من أكبر محطات الطاقة الكهروضوئية في شرق أفريقيا، حيث بدأت العمل في عام 2019، وتصل القدرة المركبة للمحطة إلى 50 ميغاواط، وذلك ما ساعد في حل مشكلة نقص الكهرباء المحلية وأعطى دفعة جديدة للتنمية الخضراء في كينيا. وتنتج المحطة أكثر من 76 مليون كيلوواط ساعة سنويًّا، وهو ما يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 64 ألف طن سنويًّا، ويلبي احتياجات الكهرباء لنحو 70 ألف أسرة، أو 380 ألف شخص[8]. ولم يسهم هذا المشروع في تحسين إمدادات الكهرباء فقط، بل ساعد أيضًا في تعزيز الصناعات المحلية وتوفير مزيد من فرص العمل للسكان، وهو ما كان له تأثير إيجابي على جودة حياة الناس. ويُعد إنشاء وتشغيل محطة غاريسا للطاقة الكهروضوئية مثالًا مهمًّا على التعاون بين الصين وأفريقيا في مجال الطاقة النظيفة، ويُظهر الدور الإيجابي الذي تؤدّيه الصين في دفع التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون في أفريقيا.

وفي شمال أفريقيا، تتعاون الصين ومصر في بناء مجمع بنبان للطاقة الكهروضوئية، وهو واحد من أكبر المجمعات في العالم. ويغطي مجمع بنبان مساحة 37 كيلومترًا مربعًا، ويشمل بناء 40 محطة لتوليد الطاقة الكهروضوئية، بقدرة إجمالية تقدر بنحو 2000 ميغاواط. وقد تم بالفعل بناء 32 محطة توليد وتشغيلها. ومن المتوقع أن يصبح هذا المجمع، بعد تشغيله الكامل، أحد أكبر مجمعات الطاقة الكهروضوئية في العالم[9]. ولا يوفر مجمع بنبان قاعدة مهمة للطاقة النظيفة في مصر وحسب، بل يسهم أيضًا في تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية وخلق فرص عمل، ويسهم كذلك في تحسين وتطوير هيكل الطاقة في مصر.

ثالثًا- آفاق المستقبل.. دعم الصين لتطوير صناعات الطاقة المتجددة في الدول النامية

بناءً على الإنجازات الحالية للتعاون في مجال الطاقة الكهروضوئية مع الدول المشاركة في مبادرة “الحزام والطريق”، ستعزز الصين دعمها لصناعة الطاقة الكهروضوئية وغيرها من الصناعات المرتبطة بالطاقة المتجددة في الدول النامية. ويعدُّ قطاع الطاقة المتجددة ذا أهمية بالغة للنمو الاقتصادي في هذه الدول، حيث يمكنه أن يحفز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة، كما يُحسّن التوازن التجاري والوضع الاقتصادي والاجتماعي[10].

تشير الدراسات إلى أن الاستثمار في تكنولوجيا التحول إلى الطاقة المتجددة يخلق فرص عمل أكثر بثلاثة أضعاف مقارنةً بالاستثمار في الوقود الأحفوري لكل مليون دولار مستثمر. لذلك، فإن تعزيز توطين صناعة الطاقة المتجددة في الدول النامية المشاركة في “الحزام والطريق” من خلال التعاون مع الصين يعدُّ ذا أهمية كبيرة.

ومع ذلك، لاتزال بعض التحديات تواجه توطين صناعة الطاقة المتجددة في الدول النامية، فعلى سبيل المثال تواجه صناعة الطاقة الكهروضوئية الصينية عند التوسع في الخارج عقبات تتعلق بالسياسات الحكومية، وبالقدرات التقنية، وبالتمويل.

ومن منظور السياسات، فإن المرحلة الأولى من تطبيق الطاقة الكهروضوئية تتطلب دعمًا حكوميًّا، خصوصًا فيما يتعلق بتوفير الأراضي لمحطات الطاقة الكهروضوئية، وتقديم إعفاءات ضريبية، ودعم أسعار الكهرباء. وإضافة إلى ذلك، يجب أن تُطبق السياسات المتخذة بفعالية وأن تُنفذ على أرض الواقع. ومع ذلك تفتقر حكومات العديد من الدول النامية إلى الدعم الفعّال لسياسات الطاقة الكهروضوئية، وذلك ما يصعّب تحقيق طلب كبير ومنظم على الطاقة الكهروضوئية.

ومن الناحية التقنية، فإن توطين صناعة الطاقة الكهروضوئية يحتاج إلى بنية صناعية أساسية، وسلسلة إمداد، وقوى تقنية، إضافة إلى توفير المرافق المرتبطة بتوطين الصناعات الأخرى. وفي الوقت الحالي، تفتقر العديد من الدول النامية إلى هذه الإمكانيات.

ومن ناحية التمويل، فإنه نظرًا لعدم نضوج سوق الطاقة الكهروضوئية في الدول النامية وضعف القاعدة الصناعية، فإن تكلفة تمويل مشاريع تصنيع وتطبيق الطاقة الكهروضوئية تكون مرتفعة، وذلك ما يشكل عائقًا أمام توسيع الاستثمار.

وفي مواجهة هذه التحديات، يمكن للدول النامية المشاركة في “الحزام والطريق” أن تستفيد من التجربة الصينية في التنمية، وتعمل على تركيز القوى نحو تحقيق إنجازات كبيرة من خلال إنشاء مناطق تصنيع للتصدير ومجمعات صناعية، وتهيئة بيئة استثمارية وبنية تحتية مواتية لجذب الاستثمارات. ويمكن أن يؤدي قطاع الطاقة الكهروضوئية دورًا مزدوجًا في المناطق الصناعية؛ إذْ يمكن أولًا، بناء شبكات ميكروية للطاقة الكهروضوئية (مدعومة بأنظمة تخزين الطاقة ويمكن أن تتكامل مع الشبكات الكبيرة) لتوفير كهرباء مستقرة ورخيصة للمناطق الصناعية. وثانيًا، يمكن توطين صناعة الطاقة الكهروضوئية ذاتِها (مثل تصنيع الوحدات الكهروضوئية) باعتبارها تكنولوجيا متقدمة داخل المنطقة الصناعية، لتكون نقطة جذب للمستثمرين الأوليين، وذلك ما يحفز دخول صناعات أخرى.

وداخل المناطق الصناعية، يمكن للشركات الصينية المتخصصة في الطاقة الكهروضوئية التعاون مع المستثمرين في قطاعات أخرى للعمل معًا على تدويل الشركات، حيث تؤدي كل صناعة دورًا في القدرات التقنية، والمعدات، والخدمات، إضافة إلى توفير التكامل اللازم لسلاسل القيمة المختلفة. ويمكن لهذه الاستثمارات أن توفر حلولًا متكاملة لبلدان الاستثمار ذات الأهداف المتنوعة، وهو ما يسهم في توفير مصادر الطاقة وفي الوقت ذاتِه يخلق فرصًا لنقل الصناعات التحويلية وتحقيق التحول الصناعي والاقتصادي في الدول النامية.

وفيما يتعلق بالتمويل، يمكن أن يقلل نموذج المناطق الصناعية المخصصة للطاقة المتجددة من المخاطر، ويتيح فرصًا للحصول على دعم مالي من مؤسسات مثل صندوق طريق الحرير، وبنك الصين الوطني للتنمية، وبنك الصين للتصدير والاستيراد. كما أن الطاقة الكهروضوئية، بوصفها طاقة خضراء، قد تتيح للمستثمرين الصينيين الحصول على دعم مالي من المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي، وبنك التنمية الآسيوي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وبنك التنمية الجديد لمجموعة البريكس، كما يمكن أن يتعاونوا مع مستثمرين من الدول المتقدمة لتوسيع أسواق التصدير لمنتجاتهم.

وفي الوقت الذي تدفع فيه الصين لبناء مناطق صناعية للطاقة المتجددة وتحقيق توطين الصناعات، تشمل تعاونها في مجال التنمية الخضراء مع الدول المشاركة في “الحزام والطريق” أيضًا مشروعات “صغيرة وجميلة”. وتبرز هذه المشروعات بشكل خاص في المناطق الريفية الواسعة في أفريقيا، حيث يصعب تغطية شبكات الكهرباء. وتمتاز أنظمة الطاقة الكهروضوئية الصغيرة المتصلة بشكل غير مركزي بجدواها الاقتصادية وسهولة استخدامها. وفي السنوات الأخيرة، نفّذت الشركات الصينية مشاريع للطاقة الشمسية في كلّ من كينيا، وزامبيا، وأوغندا، وتنزانيا، ورواندا. وفي سبتمبر 2023 أعلنت الصين خلال القمة الأفريقية الأولى حول المناخ عن تنفيذ مشروع “حزام الضوء الأفريقي”، الذي يهدف إلى مساعدة 50 ألف أسرة فقيرة في أفريقيا لا تصلها الكهرباء، وذلك من خلال توفير الإنارة عبر الطاقة الكهروضوئية.

ويستند مشروع “حزام الضوء الأفريقي” إلى استغلال الإمكانات الكبيرة لموارد الطاقة الكهروضوئية في أفريقيا، وكذلك تلبية احتياجات التعاون في مجال تطوير الطاقة النظيفة. ويستفيد من السياسات الصينية في تطوير الطاقة الكهروضوئية، إضافة إلى المعدات، والتكنولوجيا، والموارد البشرية الصينية. ويعتمد هذا المشروع على مزيج من الدعم المادي، والحوار والتبادل، والبحث المشترك، وبناء القدرات من أجل تقديم دعم شامل ومتعدد الأبعاد لتطوير قطاع الطاقة الكهروضوئية في أفريقيا.

وفي النهاية، يجب أن يكون اللون الأخضر هو الطابع الأساسي للتعاون بين الصين والدول النامية المشاركة في “الحزام والطريق”، حيث تشكل الكوادر الخضراء العامل الأساسي في دفع التنمية الخضراء. وسواء كان الأمر يتعلق بتوطين الصناعات الكبرى للطاقة المتجددة أو بتنفيذ مشاريع صغيرة تستهدف تحسين حياة الناس مباشرة، فيجب أن يتضمن ذلك مفهوم “تعليم كيفية الصيد”، أي تعزيز التعاون بين الصين والدول المشاركة في “الحزام والطريق” في تدريب الكوادر الخضراء. ويهدف هذا التعاون إلى إعداد المهنيين المتخصصين الذين يتمتعون بالمهارات والمفاهيم الخضراء، وذلك ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة عالميًّا وتعزيز مسار التحديث العالمي الصديق للبيئة.


[1] المكتب الوطني للإحصاء في الصين، “الإحصاءات السنوية للصين 2023″، بكين: المكتب الوطني للإحصاء، 2023.

[2] جمعية صناعة الطاقة الكهروضوئية الصينية، “التقرير السنوي لصناعة الطاقة الكهروضوئية الصينية 2023″، بكين: دار نشر جامعة تسينغوا، 2023.

[3] اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، “سياسة التسعير الكهربائي للطاقة الشمسية الكهروضوئية”، بكين: اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، 2011.

[4] معهد البحوث الكهربائية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، “تقرير تقدم تقنيات الطاقة الشمسية في الصين”، بكين: الأكاديمية الصينية للعلوم، 2023.

[5] جمعية صناعة الطاقة الكهروضوئية الصينية، “الكتاب الأبيض لصناعة الطاقة الشمسية في الصين لعام 2023″، بكين: دار النشر الصناعية الكيميائية، 2023.

[6] https://www.albankaldawli.org/ar/news/feature/2024/09/19/five-ways-the-world-bank-will-achieve-mission-300

[7] شي جين بينغ، “خطاب الرئيس الصيني في الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة”، نيويورك: الأمم المتحدة، 2021.

[8] موقع وزارة التجارة الصينية، https://m.mofcom.gov.cn/article/i/jyjl/k/201912/20191202923719.shtml

[9] وكالة شينخوا للأنباء، http://www.xinhuanet.com/20240619/3a18ca306cfd4b6e98d8568d88b840b8/c.html

[10] أكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية، “التنمية الاقتصادية للصناعات المتجددة في البلدان النامية”، بكين: دار النشر الصينية، 2021.

المواضيع ذات الصلة