Insight Image

الصراعات الإقليمية وبناء السلام في أفريقيا

14 يناير 2025

الصراعات الإقليمية وبناء السلام في أفريقيا

14 يناير 2025

تعد القارة الإفريقية واحدة من أغنى القارة الغنية بمواردها الطبيعية وثقافاتها المتنوعة، وهو ما جعلها تعاني من تحديات كبيرة بسبب الصراعات الإقليمية التي ترسخت عبر التاريخ بسبب الاستعمار، الفقر، التفاوت الاقتصادي، والتدخلات الخارجية. ومع أن العديد من الجهود بُذلت لتعزيز السلام في القارة، فإن الصراعات مستمرة بشكل يؤثر على التنمية المستدامة والاستقرار السياسي؛ حيث لا تزال دول القارة الإفريقية تواجه جملة من التحديات، لا سيما في ظل توسع وتمدد الصراعات الإقليمية داخل القارة مؤخرًا، لا سيما داخل منطقة القرن والساحل الإفريقي، كما أصبح ما يزيد عن 16 دولة إفريقية تعاني من توسع نطاق النزاعات المسلحة فيها، وأصبح العديد من الدولة تواجه حالة من عدم الاستقرار، وسط انتشار واسع للعنف وتوسع العمليات العسكرية التي تقودها الجماعات المسلحة، التي لا تزال تمارس صورًا متنوعة لأشكال الجريمة المنظمة، والقيام بعمليات تهريب الأسلحة وعمليات القرصنة والاتجار بالبشر ، بالإضافة إلى الصراعات الأخرى التي تكون عائقًا لطريق التنمية وكذلك النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي لدول القارة.[1]

وفي هذا، وعلى الرغم من جهود الاتحاد الإفريقي المبذولة في سبيل تعزيز سبل بناء السلام، ومنع تفاقم الصراعات، والعمل على إيجاد استراتيجيات واضحة وقوية من أجل مواجهة التهديدات الأمنية للقارة، والمتعلقة بتوسع عمليات النزاعات للحركات الإرهابية المسلحة، فضلًا عن معالجة بعض القضايا الهامة داخل القارة، والتي من أبرزها معالجة الصراعات الإثنية، وتقويض أنظمة الحكم الاستبدادية، وسط غياب لتطبيق العدالة، فضلًا عن معالجة الموروثات الاستعمارية، مع غياب العدالة في توزيع الثروة، والتي كانت سببًا رئيسًا في النزاعات الإفريقية، لا سيما تلك المنتشرة في منطقة غرب إفريقيا والساحل، وبعض الدول مثل ساحل العاج والسودان ونيجيريا والصومال وليبيريا وسيراليون والجابون وكذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا، كما تسعى هيئات الاتحاد الإفريقي من منع تفاقم الصراعات الحدودية داخل الدول الإفريقية.[2]

هذا، ويسعى المقال إلى تسليط الضوء على الدور الحاسم لتعزيز المساعي الرامية لمنع نشوب الصراعات وتدعيم جهود بناء السلام، والمضي نحو تحقيق العدالة وسبل العيش للشعوب الإفريقية، وكذلك التصدي لانتشار العمليات المسلحة والتهديدات، لا سيما بعدما جاءت 5 دول إفريقية كأثر دول العالم تأثرًا بالهجمات الإرهابية، وذلك وفقًا لتقرير الإرهاب العالمي لعام 2024؛ حيث جاء ترتيب الخمس دول على النحو التالي:[3]

  • بوركينا فاسو جاءت في صدارة ترتيب التقرير.
  • مالي في المرتبة الثالثة عالميًا.
  • الصومال في المرتبة السابعة.
  • نيجيريا في المرتبة الثامنة.
  • النيجر في المرتبة العاشرة.

وفي هذا السياق، فقد أصبحت القارة نموذجًا للجهود الجماعية في مواجهة الأزمات، سواء من خلال مكافحة الإرهاب أو مواجهة تغير المناخ الذي يزيد من حدة الصراعات وبناء السلام؛ حيث أن هناك العديد من الدول الأفريقية تعمل على بناء السلام من خلال آليات مبتكرة مثل المصالحة الوطنية، والعدالة الانتقالية، وتطوير المؤسسات الديمقراطية، إلى جانب دور المنظمات الإقليمية والدولية مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في تعزيز الاستقرار. ويمكن تناول ذلك من خلال مجموعة من المحاور، وهي:

المحور الأول: الصراعات الحدودية والإقليمية في القارة

تُعد مشكلة الصراعات الحدودية والإقليمية واحدة من أبرز المشاكل والتحديات داخل القارة الإفريقية، لا سيما في ظل تنامي المشكلات التي تركها الاستعمار بين دول القارة، لكي تصبح زريعة للتدخل الخارجي في القارة، كما أصبحت هذه الظاهرة قاسمًا مشتركًا بين غالبية دول إفريقيان وهو ما أدى إلى تنامي التأثيرات الإقليمية، كما أصبح ينظر مؤخرًا إلى أن هذه الأزمات معقدة نتيجة  التقسيم المعيب لهذه الحدود الإفريقية التي حدثت آبان الفترات الاستعمارية للقارة، والتي عمدت الدول الكبرى في الحفاظ على المصالح والتوازنات للقوى الكبرى،  فضلًا عن وجود صراعات أخرى، مثل الصراعات العرقية، والإثنية، والقبلية، والطائفية، كذلك الدينية.

أولاً: أسباب الصراعات الإقليمية في إفريقيا[4]

  • ظاهرة الإرث الاستعماري: ترك الاستعمار حدودًا سياسية مصطنعة جمعت شعوبًا متباينة في الدول ذاتها، مما تسبب في نزاعات عرقية وإثنية لا تزال تؤثر على القارة الإفريقية، كما أن الحدود غير المدروسة أدت إلى صراعات مستمرة على الأراضي والموارد، كما في حالتي السودان وجنوب السودان أو إثيوبيا وإريتريا.
  • زيادة الضغوط الاقتصادية: لا سيما مع تفاقم الفقر والبطالة نتيجة عدم الاستقرار؛ حيث يؤدي العجز عن توفير فرص معيشية إلى دفع الشباب للانضمام إلى جماعات مسلحة أو حركات متمردة، كما أن التنافس على الموارد الطبيعية، مثل النفط والمعادن، يؤدي إلى نزاعات عنيفة كما في نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد.
  • تصاعد تأثير التدخلات الخارجية: الصراعات في إفريقيا غالبًا ما تتعقد بسبب التدخلات الخارجية التي تأتي على شكل دعم مالي أو عسكري لفصائل وجماعات متمردة؛ حيث تسعى القوى العالمية لتعزيز نفوذها في القارة عبر دعم طرف ضد آخر لتحقيق مصالحها الاقتصادية أو الاستراتيجية.
  • ضعف المؤسسات الحكومية: تعاني العديد من الدول الإفريقية من حكومات هشة تعجز عن فرض سيادة القانون أو إدارة التنوع العرقي، وهذا الضعف يجعل الدول عرضه للانقلابات العسكرية وتنامي الحركات المتمردة كما في مالي والكونغو الديمقراطية.
  • تداعيات التغير المناخي: يساهم التغير المناخي في تفاقم الأزمات الإنسانية والبيئية في القارة. تناقص الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي الزراعية يؤدي إلى صراعات بين المجتمعات المحلية، كما في حالة الصراع بين الرعاة والمزارعين في منطقة الساحل بسبب الجفاف وتقلص حجم الأراضي الزراعية.[5]
  • انتشار ظاهرة الإرهاب والتطرف: حيث أن صعود الجماعات الإرهابية وانتشارها في مناطق واسعة من القارة مثل “بوكو حرام” في نيجيريا و”حركة الشباب” في الصومال، قد أدى إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، كما أن الصراعات في منطقة الساحل تفاقمت بسبب تنامي دور الجماعات الإرهابية التي تستغل الفقر وضعف الحكومات.
  • التنافس السياسي الداخلي، والصراع على السلطة؛ حيث أن النزاعات السياسية الداخلية غالبًا ما تتحول إلى صراعات إقليمية عندما تسعى أطراف متنازعة للحصول على دعم خارجي، مثل الأزمة في إثيوبيا بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تيجراي، فضلًا عن ظهور جماعة “فانو” مؤخرًا.

ثانيًا: أبرز المساهمات الناجحة في بناء السلام داخل القارة الإفريقية

  • اتفاقية السلام في جنوب السودان: رغم التحديات، فإن اتفاقية السلام الموقعة عام 2018 بين الحكومة والمتمردين تُعد مثالًا حول تأثير المفاوضات الإقليمية والدولية في تحقيق تقدم ملموس غفي بناء السلام.
  • التدخل الإقليمي في ليبيريا وسيراليون: جهود الإيكواس لإحلال السلام في ليبيريا وسيراليون أثبتت أهمية التدخل الإقليمي المدروس في إنهاء الصراعات.[6]
  • برنامج المصالحة في رواندا: بعد الإبادة الجماعية في رواندا، ركزت الحكومة على العدالة الانتقالية وبرامج المصالحة التي ساعدت في تحقيق سلام مستدام.[7]

ثالثًا: أبرز صور الصراعات الإقليمية في القارة

  • الصراعات الحدودية ومشاكل ترسيم الحدود بشكل عشوائي أثناء الحقبة الاستعمارية؛ حيث أدت إلى تنامي النزاع بين إثيوبيا وإريتريا، الذي استمر النزاع بين البلدين لأكثر من عقدين بسبب منطقة “بادمي” الحدودية[8]، فضلًا عن النزاع بين المغرب والجزائر حول الصحراء الغربية؛ حيث تدعم المغرب سيطرتها على الصحراء الغربية بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو، ما أدى إلى توترات مستمرة بين البلدين.
  • الصراعات الدينية داخل القارة، وذلك نتيجة الاستغلال السياسي للاختلافات الدينية، مع تزايد انتشار الجماعات الإرهابية التي تستغل الدين لتحقيق أهداف سياسية، مثل الصراع في شمال نيجيريا التي تقودها جماعة “بوكو حرام”، مع تنامي الصراع في جمهورية إفريقيا الوسطى.
  • صراعات السلطة السياسية: وصعوبة تحقيق انتقال سلمي للسلطة، مع ضعف المؤسسات الديمقراطية واعتماد الأنظمة على القوة العسكرية، وذلك مثل الأزمة في إثيوبيا، والنزاع بين الحكومة المركزية وجبهة تحرير تيجراي، وكذلك الأزمة في زيمبابوي، وحدوث صراعات سياسية حول السيطرة على السلطة بين الأحزاب المتنافسة.
  • صراعات المنافسة بين الرعاة والمزارعين على الأراضي والمراعي بسبب تغير المناخ والجفاف، فضلًا عن النزوح القسري للسكان نحو مناطق زراعية، وذلك مثل الصراع في منطقة الساحل بين المزارعين والرعاة بسبب ندرة الموارد وتغير أنماط الهجرة الموسمية، وكذلك تنافس الرعاة والمزارعين على الأراضي في كينيا.[9]
  • الصراعات البحرية، الصراع البحري بين الصومال وكينيا”، والذي يعد واحد من أبرز الصراعات داخل القارة الإفريقية، ظل هذا الصراع البحري حاكمًا لمسار العلاقات بينهم؛ حيث أدت التوترات بينهم في نوفمبر 2020 والتي وصلت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بينهم، لا سيما بعد التدخلات الكينية داخل الشؤون الصومالية الداخلية، لكن سرعان ما عادت هذه العلاقات مجددًا في مايو 2021، وسعت العديد من القوى حل هذا الخلاف بينهم، في ظل مساعي كينيا لعدم اللجوء إلى التحكيم الدولي، لكن الجانب الصومالي كان مٌصرًا على الحل القضائي واللجوء للتحكيم الدولي لفض النزاع، وبعد قيام المحكمة بإصدار القرار، رفض الجانب الكيني القرار، وهو ما اعتبرته تجاوزًا لاختصاص محكمة العدل الدولية، وعدم احترام سيادة الدول، وانحيازًا إلى الجانب الصومالي، مما قد يثير إلى تنامي التوترات بين البلدين.[10]

المحور الثاني: سياسة التوازن الإفريقي لبناء السلام

أصبح تحقيق السلام العالمي يتوقف إلى حد كبير على ما إذا كان يمكن التصدي للتحديات الأمنية على مختلف المستويات، ولا سيما على الصعيد الإقليمي. ويرجع ذلك إلى الطابع المترابط للتهديدات ودوافع الصراع في جميع أنحاء العالم، والأهمية المركزية لمواطن الضعف الإقليمية، كما أن القدرة الإفريقية على إدارة التهديدات تعد هامة وضرورية في تحقيق أهداف برنامج العمل الوطني، لأن القارة ضعيفة نسبيًا، وتوجد حاليًا استعدادات من الناحية الأمنية الإقليمية الجماعية المختلفة داخل القارة الأفريقية، والتي تهدف إلى تعزيز جهود مواجهة التهديدات الأمنية المعقدة للقارة، وذلك في ضوء العديد من التحديات المتعددة والتي ترتبط بنمط إدارتها؛ حيث مَثّل تواجدها التفكير في الهياكل الأمنية العالمية والإقليمية، كما يعمل الاتحاد الأفريقي والجماعات الاقتصادية الإقليمية، في إطار هيكل السلام والأمن الأفريقي، كأول المستجيبين للصراعات.[11]

وفي سياق الجهود الإفريقية ووضع مسارات حقيقية نحو إبراز هذه الممارسات والأدوار، والتي تعمل على تعزيز الممارسات الرامية لتوطيد السلام، وكذلك تعزيز المشاركات الإقليمية لتحقيق السلام والاستقرار العالميين، ظهر ما يعرف ببرنامج العمل الوطني (National Action Program) ضمن إطار تعزيز (ASF) كأداة للاستجابة السريعة للأزمات في إفريقيا، والذي يحتاج إلى وضع إطار فعال ومعالجة العديد من القضايا لتعزيز الهياكل الأمنية العالمية والإقليمية أيضًا، والاعتراف بضعف التنسيق الأمني داخل الإقليم، إذ يؤدي ذلك إلى تعزيز الدعم من أجل تحقيق نهج إقليمي أكثر صقلًا وتنسيقًا وتنظيمًا لمعالجة الأزمات، ويتناسب مع التأكيد على أهمية الأدوار التي تقوم بها الجهات الفاعلة الإقليمية بوصفها عناصر لسد الثغرات أو أول المستجيبين في هيكل السلام والأمن العالميين، ومع تنامي التهديدات الأمنية داخل القارة، ارتفع مؤخرًا الهيئات الرامية للمشاركة في تعزيز السلام والأمن الإفريقي، مع سعيها إلى إيضاح هذه الأدوار بشكل قوي، في ظل وجود بعض الثغرات بعض الداخل السياسات العامة الهيكلية، لا سيما الاستخدام الأمثل للقوة الاحتياطية داخل القارة، في ظل تصاعد التحديات المتعلقة بالهيكل العام لتحقيق السلام.[12]

وفي هذا السياق، يمكن تناول أهم أدوات تنسيق الجهود الإفريقية الرامية إلى تحقيق الاستجابة السريعة للأزمات في إفريقيا، وذلك فيما يلي:

أولًا: برنامج العمل الوطني (NAP)

يعمل برنامج العمل الوطني (NAP) على تنامي فرص المشاركة ضمن جهود تطوير استجابات الأمن بالمنطقة، مع تحديد الأدوار، وكذلك الاستفادة من الفوائد الكاملة للمزايا الفاعلة المتاحة، ويكتسي هذا الأمر أهمية بالغة في سياقات المصالح المكثفة للاستجابة وعمليات نشر أصحاب المصلحة المتعددين، لفك حالة التشابك في المصالح والنهج المتنوع، والذي يساعد في تنظيمها وتعزيز فعالية الحيز العام للاستجابة، وعلى سبيل المثال، فإن بعض الدروس المستفادة من عمليات دعم السلام في أفريقيا قد تتفاوت في المزايا النسبية التي يمكن توفيرها من أجل تعزيز الفعالية التشغيلية، وهذا يشمل تحقيق انتقالات أقصر مستدامة في مجال الصراع.[13]

كما يؤكد برنامج العمل الوطني على ضرورة قيام المقاعد الأفريقية الدائمة في المجلس بتعزيز التمثيل الأفريقي، وتقديم دعمه للدعوة الإفريقية حول هذه القضية المعقدة؛ حيث ينبغي أن تمتد الجهود نفسها لتشمل العلاقة بين الاتحاد الأفريقي والجماعات الاقتصادية الإقليمية التابعة له.[14]

وفي الوقت الحالي، لم تفسح عمليات صنع القرار في الاتحاد الأفريقي على مستوى (PSC) المجال بشكل كافٍ للمساهمة والمشاركة والملكية دون الإقليمية الكافية، على الرغم من أنه من المتوقع أن تكون الجماعات الاقتصادية الإقليمية (RMs) مسارين لقرارات المجلس، ويؤدي اتخاذ القرارات بفعالية دورًا أساسيًا في تعزيز القدرة دون الإقليمية على تعزيز السلام والأمن العالميين، ولذلك من الضروري ضمان الشمولية في صنع القرار على المستويات دون الإقليمية والإقليمية والعالمية، كما تتعلق المسألة الهامة الأخرى بمسألة التبعية على الصعيدين دون الإقليمي والإقليمي، فيما يشدد الإطار القائم للرابطة على التعاون بين المستويين القاري ودون الإقليمي ويرفع مستوى التبعية والميزة النسبية دون تعريف كاف وصريح للقواعد، ومن الناحية العملية، يضع الاتحاد الأفريقي والجماعات الاقتصادية الإقليمية آليات الإدارة ادعاءات مماثلة بالأولوية في إدارة الأزمات، حيث تسعى بعض التجمعات دون الإقليمية إلى تحقيق واستخدام قدر أكبر من الاستقلالية في الاستجابة وإحالة الاتحاد الأفريقي إلى أدوار التنسيق وتعبئة الموارد.[15]

ثانيًا: الهيكل الإفريقي للسلام والأمن (African Peace and Security Architecture (APSA))

يقوم هيكل السلام والأمن الإفريقي على هياكل وأهداف ومبادئ وقيم، فضلاً عن عمليات صنع القرار المتعلقة بمنع الأزمات والصراعات وإدارتها وحلها، وإعادة الإعمار والتنمية بعد انتهاء الصراعات في القارة، كما يحدد بروتوكول مجلس السلام والأمن الإفريقي، الذي تم اعتماده في يوليو 2002 ودخل حيز النفاذ في ديسمبر 2003[16]، المكونات المختلفة لهيكل السلام والأمن الأفريقي ومسؤوليات كل منها، كما إن الركيزة الأساسية للهيكل الإفريقي للسلام والأمن هي مجلس السلم والأمن، الذي تدعمه في أداء ولايته هياكل مختلفة، وهي: المفوضية، ولجنة الحكماء، وكذلك أنظمة الإنذار المبكر القارية، بالإضافة إلى قوة الاستعداد الأفريقية، وصندوق السلام. وتشكل العلاقة بين الاتحاد الأفريقي، الذي يتحمل المسؤولية الأساسية عن دعم الاستقرار والأمن داخل القارة، والجماعات الاقتصادية الإقليمية لمنع الصراعات والعمل على حلها وإدارتها، أحد المكونات الرئيسية للهيكل الأفريقي للسلام والأمن. كما أن التفاعل بين مجلس السلم والأمن وأجهزة الاتحاد الأفريقي الأخرى، مثل البرلمان الأفريقي واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، ومنظمات المجتمع المدني، أمر حيوي بنفس القدر لدعم عمليات السلم والأمن في القارة، هذا ويتضمن الهيكل الأفريقي للسلام والأمن أجندة شاملة للسلام والأمن في إفريقيا تتضمن ما يلي:[17]

  • الإنذار المبكر والوقاية من الصراعات.
  • صنع السلام، وعمليات دعم السلام، وبناء السلام، وإعادة الإعمار والتنمية بعد الصراع.
  • تعزيز الممارسات الديمقراطية والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان.
  • العمل الإنساني وإدارة الكوارث.

فيما تجدر الإشارة إلى أن التبعية والعملية التصعيدية مهمة في (APSA) وللشراكة مع الأمم المتحدة، يجب تأكيدها من خلال برنامج العمل الوطني؛ إذ أن تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجماعة الاقتصادية الإقليمية أو  الموارد الإقليمية، دائمًا ما يعكس شكل تقاسم الأعباء، كما أن الاستجابة للأزمات إما تتصاعد عبر المستويات المختلفة أو تتقاسم وفقا للميزة النسبية السائدة، كما تضطلع بعض الجهات دون الإقليمية المؤثرة بأدوار سياسية وأمنية كبيرة، بما في ذلك نشر البعثات بدعم من الاتحاد الأفريقي، حيث ينشر الاتحاد الإفريقي أحيانًا مهام تحقيق الاستقرار بينما تتولى الأمم المتحدة أدوارًا أكثر شمولاً في عملية السلام؛ حيث عكست بعض الاستجابات في الصراعات داخل جنوب السودان والسودان وكذلك الصومال هذه العلاقة، وإطار التصعيد من نواح كثيرة، وينبغي أن تتخلل حتمية التبعية الجهود الاستراتيجية والسياسية والتنفيذية، فضلًا عن ذلك، يمكن القول أنه ينبغي أن يؤكد برنامج العمل الوطني أهمية تعزيز الشراكات الفاعلة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وتنمية الجهود من خلال عدة أبعاد رئيسة، وهي:[18]

  • تعزيز عملية المشاركة في صنع القرار: حيث تعكس تطورات التعاون بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجماعات الاقتصادية الإقليمية في صنع القرار تقاسمًا مرنًا للمسؤوليات في مواجهة الأزمات، بناءً على طبيعة الأزمة والجغرافيا. صنع وحفظ السلام في إفريقيا أصبح مسؤولية مشتركة تتطلب مشاركة جماعية، حيث تؤثر قرارات الأطراف الفاعلة على مساهمة الآخرين في التنفيذ. رغم الجهود، تواجه التفاعلات تحديات مثل هيمنة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، الديناميكيات بين الأعضاء الأفارقة الثلاثة، واختلال القوى بين مجلسي السلام والأمن للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، كما يتطلب تعزيز التعاون نهجًا تكامليًا يعترف بأدوار كل طرف وفقًا للظروف. كما يُوصى بزيادة إشراك منظمات المجتمع المدني ودعم إصلاح القطاع الأمني لضمان قرارات فعالة ومستدامة.[19]
  • تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في مجال بناء السلام: فقد شهدت الشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في بناء السلام ودعم عملياته تطورًا لافتًا في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت أكثر تنظيمًا وعمقًا. هناك الآن جدول سنوي دائم يضم سلسلة من الارتباطات والاجتماعات المنتظمة التي تجمع بين مسؤولي المؤسستين على المستويين التقني والاستراتيجي. من أبرز هذه الآليات:[20]
  • ‌أ- الاجتماعات السنوية بين هيئات المكاتب: والتي تسهم في تنسيق السياسات وتعزيز التعاون الميداني.
  • ‌ب- مجموعات العمل المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي: تُعنى بقضايا السلام والأمن في القارة الإفريقية وتعمل على ضمان استجابة منسقة للأزمات.
  • ‌ج- المؤتمر السنوي رفيع المستوى: الذي يشارك فيه الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، ويهدف إلى مناقشة الأولويات الاستراتيجية وتعزيز الالتزام السياسي من الطرفين.
  • ‌د- تعمقت هذه الشراكة بشكل خاص منذ توقيع إطار العمل المشترك للسلام والأمن في عام 2017، الذي أسس لعلاقة أكثر تنظيمًا ورسّخ آليات التعاون بين المنظمتين. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه التقدمات، لا تزال هناك فجوات تتطلب معالجة، خاصة فيما يتعلق بالتنفيذ المتكامل للجهود المشتركة.

وفي ضوء ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات المرتبطة بعملية تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في مجال بناء السلام، والتي تتعلق بعدة نقاط، منها:[21]

  • أجندة بناء السلام: يجب دمجها بشكل أوسع ضمن خطط العمل الوطنية للدول الإفريقية، لتصبح جزءًا لا يتجزأ من سياساتها الداخلية.
  • التنسيق بين الهياكل المختلفة: هناك حاجة لتعزيز التوافق بين هياكل بناء السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. هذا يشمل مؤسسات مثل لجنة بناء السلام التابعة للأمم المتحدة، ومجالس الأمن والسلم الإفريقي، والدول الإفريقية الأعضاء، خاصة تلك التي تشغل مناصب قيادية في مجلس الأمن الدولي.
  • التوسيع الشامل للمشاركة: ينبغي أن تمتد هذه الأجندة لتشمل جميع مستويات الأمم المتحدة وآليات الشراكة بين المؤسستين، مع دمجها بشكل كامل ضمن الجدول الزمني السنوي للتعاون.

كما أصبح برنامج العمل الوطني يساهم في تعزيز التعاون الوثيق بين الدول الأعضاء، أنظمة الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي لتحقيق أهداف مشتركة في بناء السلام، مستفيدًا من المزايا الفريدة لكل من المنظمتين. كما ينبغي أن يركز البرنامج على تطوير آليات التنسيق، مثل فرقة العمل المشتركة بين الإدارات المعنية بالتعمير والتنمية بعد النزاعات (PCRD) التابعة لمفوضية الاتحاد الإفريقي؛ حيث يهدف ذلك إلى تحسين علاقات العمل داخل الاتحاد الإفريقي، وتعزيز التكامل مع البنية الإقليمية للسلام والتنمية التابعة للأمم المتحدة. سيعمل هذا التنسيق على دعم تبادل التحليلات المشتركة بين المؤسستين، إلى جانب استكشاف فرص البرمجة التعاونية بشكل أكثر فعالية، وهذا وقد يتعين على البرنامج أن يعالج ثلاثة مجالات رئيسية تتعلق بدور الأمم المتحدة في عمليات دعم السلام الإفريقية لضمان استجابة شاملة وفعالة، ويعزز برنامج العمل الوطني تعاونًا أوثق بين الدول الأعضاء وأنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتعزيز الاتفاق على أهداف بناء السلام للاستفادة من نقاط القوة الفريدة لكلتا المنظمتين، كما يجب أن يدعو برنامج العمل الوطني إلى تعزيز آليات التنسيق، مثل فرقة العمل المشتركة بين الإدارات المعنية بالتعمير والتنمية بعد انتهاء الصراع (PCRD) في مفوضية الاتحاد الأفريقي، لتسهيل تحسين علاقات العمل داخل الاتحاد الأفريقي نفسه ومع البنية التحتية الإقليمية للسلام والتنمية في الأمم المتحدة. وسييسر ذلك تبادل التحليلات المشتركة بين المؤسسات وييسر استكشاف البرمجة التعاونية.

  • التمويل الذي يمكن التنبؤ به لعمليات دعم السلام الأفريقية ومبادرات بناء السلام: يمثل تأمين تمويل مرن ومستدام لعمليات دعم السلام ومبادرات بناء السلام في إفريقيا تحديًا كبيرًا يعيق جهود الاتحاد الإفريقي والجماعات الاقتصادية الإقليمية، حيث تؤثر القيود التمويلية على فعالية العمليات واستدامتها. رغم الدعوات المتزايدة لتوفير تمويل مباشر من اشتراكات الأمم المتحدة لدعم عمليات الاتحاد الإفريقي، إلا أن المطالب المتعلقة بالامتثال لمعايير المساءلة والقانون الإنساني الدولي، بالإضافة إلى تحديات تقاسم الأعباء المالية، تعقد الوصول إلى حلول فعّالة. ومع ذلك، حقق الاتحاد الإفريقي تقدمًا ملموسًا عبر صندوق السلام الخاص به، الذي بلغ 322 مليون دولار في فبراير 2023، مع التزام بالوصول إلى 400 مليون دولار بحلول نهاية 2024، مما يعكس جهودًا متنامية لتعزيز الاستقلالية المالية في مواجهة الأزمات وتحقيق السلام المستدام.
  • إعطاء الأولوية للوقاية والعمل الاستباقي والحلول السياسية: لا تزال الوقاية أضعف مسارات هيكل السلام العالمي حاليًا؛ حيث يؤكد تطلع برنامج العمل الوطني إلى إعادة التركيز على الوقاية وبناء السلام من جديد أن الاستجابات الرجعية والأمنية غير كافية لمواجهة التحديات الأمنية العالمية المعقدة، من منظور إقليمي يظل الدور الرئيسي للاتحاد الأفريقي بشراكة ثلاثية مع الأمم المتحدة والجماعات الاقتصادية الإقليمية هو المفتاح لتعزيز الوقاية وبناء السلام. وخطة العمل الوطنية فرصة لإعادة التأكيد على تدخلات الوقاية وبناء السلام وتوطيدها من خلال التعاون بين الجهات الفاعلة العالمية والإقليمية والوطنية. ويشمل ذلك المجتمع المدني الذي يؤدي دورا حاسما في منع نشوب الصراعات وبناء السلام. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز جدول أعمال الحوكمة القارية هو محور أساسي لإعطاء الأولوية لجهود الوقاية، وفيما يلي أبرز الأليات المعتمدة في هذا الصدد:
  • تعزيز الدبلوماسية الوقائية المتعددة لصنع السلام: تقوم المؤسسات الإقليمية وكذلك المجموعات الإقليمية الإفريقية بدور كبير في إدارة التحولات الديمقراطية داخل الحكومات الإفريقية، مثل مالي وغينيا وبوركينا فاسو لتعزيز السلم والأمن داخل الدول، فضلًا عن قيام الاتحاد الإفريقي بدور كبير للوساطة لعقد اتفاقيات سلام، لا سيما داخل جمهورية إفريقيا الوسطى، وذلك بدعم من الأمم المتحدة.
  • العمل على تنفيذ متكامل لبناء السلام: تظهر مؤخرًا أهمية الأدوار المختلفة للاتحاد الأفريقي وبعض الجهات الفاعلة الأخرى لتعزيز بناء السلام، فضلًا عن الحاجة لتوطيد نهج مؤسسي قوي؛ حيث هناك ضرورة لوضع الهياكل المؤسسية لتعزيز بناء السلام.
  • الاستثمار في الملكية المحلية وبناء مؤسسات شاملة: يجب أن يرتكز تنفيذ أجندة أفريقيا للوقاية وبناء السلام على الرؤى الوطنية للدول الأعضاء، من خلال الاستثمار في الإدماج والملكية المحلية. وتعترف سياسة الاتحاد الأفريقي في مجال بناء السلام والتعمير بأهمية الملكية المحلية لدعم تدخلات بناء السلام، غير أن تعزيز عمليات بناء السلام المملوكة محليًا وإقليميًا لمعالجة الأسباب الجذرية للصراعات وتعزيز السلام الدائم الذي يعزز القدرة الوطنية على التكيف لا يزال محدودا من الناحية العملية.
  • التأكيد على دعم عمليات السلام: غالبًا ما تعتمد الاستجابات للأزمات في إفريقيا بشكل مفرط على عمليات نشر عمليات دعم السلام وغيرها من الترتيبات الأمنية، ورغم أن لهذه التدابير مزايا كثيرة في تعزيز الاستقرار، فإنها غالبًا ما تفتقر إلى ارتباط قوي بالحلول السياسية.

المحور الثالث: تنفيذ معايير الوقاية وبناء السلام

اضطلع الاتحاد الأفريقي والجماعات الاقتصادية الإقليمية بأدوار رئيسية كمنظمي مشاريع معيارية، مع إحراز تقدم كبير في إرساء استراتيجيات وسياسات السلام والأمن والحوكمة. وقد اقترنت هذه العمليات المشجعة لوضع المعايير ببذل جهود متواضعة لزيادة إضفاء الطابع المؤسسي على سياسات واستراتيجيات منع نشوب النزاعات وإدارتها وحلها من خلال أطر عمل الرابطة وهيكل الحكم الأفريقي. ومع ذلك، فإن تفعيل هذه المعايير والمؤسسات يعوقه الإرادة السياسية المحدودة للنهوض بالمعايير، وعدم كفاية التمويل، وعدم كفاية الملكية الوطنية للسياسات والعمليات. ويشكل تنشيط أطر المنع وبناء السلام والاستجابة الحالية مداخل مفيدة لسد الفجوة بين وضع المعايير وتنفيذها، مما سيسهم في تحقيق السعي إلى تحقيق السلام العالمي.[22]

أولًا: دمج الاستراتيجيات بناء السلام في المجتمعات المحلية

يعتمد نجاح الاتحاد الأفريقي والجهات الفاعلة دون الإقليمية “سياسات الوقاية وبناء السلام على إضفاء الطابع المحلي الفعال عليها وتعميمها من قبل الدول الأعضاء. إن التنفيذ الناجح للسياسات المتصلة ببناء السلام، مثل سياسة الاتحاد الأفريقي للعدالة الانتقالية وإطار سياسة الاتحاد الأفريقي بشأن إصلاح قطاع الأمن، يعوقه الدعم المحدود على الصعيدين الوطني والمحلي للمبادرات الرامية إلى بناء مجتمعات مرنة. ويتطلب بناء مجتمعات محلية مرنة توطيد مختلف قواعد الحكم وسيادة القانون وحقوق الإنسان على الصعيد الوطني.

ثانيًا: تنشيط مؤسسات الاتحاد الأفريقي لبناء السلام

يحتاج الشركاء الاستراتيجيون للاتحاد الأفريقي إلى دعم تنشيط هيكل بناء السلام في الاتحاد الأفريقي. ويتألف هذا الهيكل بشكل فضفاض من المؤسسات والآليات التي أنشئت سابقا لتخطيط وتنفيذ تدخلات البرنامج في جميع أنحاء أفريقيا. وحدد بروتوكول السلام والأمن والتعاون، وهو القاعدة القانونية والمعيارية الرئيسية لجهود السلام والأمن التي يبذلها الاتحاد الأفريقي، مختلف أدوار بناء السلام والأدوار المتصلة بمرحلة ما بعد الصراع لمختلف أجهزة الاتحاد الأفريقي، ولا سيما رئيس مجلس السلام والأمن ومفوضية الاتحاد الأفريقي.[23]

ثالثًا: دعم إعادة تشكيل قوة الاحتياط الأفريقية (ASF)

واعتمد الاتحاد الأفريقي على القدرات المتعهد بها في الجماعات الاقتصادية الإقليمية الثماني والآليات الإدارية، والتي يمكن نشرها لستة سيناريوهات من البعثات السياسية إلى التدخل. لقد أثب إنشاء قوة الاحتياط الأفريقية أنه مشروع سياسي مهم، حيث يساعد في تعبئة الجهود القارية لإدارة انعدام الأمن، ومع ذلك، فقد أظهر العقدان الماضيان أن إنشاء (ASF) لم يتم نشرها في مفهومها الأصلي. وبدلًا من ذلك، أصبحت الترتيبات الأمنية المخصصة وعمليات الانتشار الثنائية هي طريقة العمل المفضلة. ويؤكد هذا على ضرورة تعزيز الجهود الجارية لإعادة النظر في إطار الإطار المذكور. يجب أن يعترف برنامج العمل الوطني بهذه الجهود ويدعمها.[24]

هذا وقد أصبح من الهام والضروري إعطاء الأولوية للنهج الشامل لتحديد السلام في أفريقيا والسعي إلى تحقيقه، وهذا يتطلب تفسيرات وتدخلات شاملة تشمل قضايا الحوكمة والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والتنمية الحساسة للمناخ والمناهج التي تعالج الدوافع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للعنف، وينبغي أن تؤكد خطة العمل الوطنية على الحاجة إلى الاستثمار بشكل أكبر في القدرات التنظيمية للاتحاد الأفريقي والكيانات الفرعية لمعالجة هذه القضايا من خلال توفير الخبرة والموارد وتبادل الخبرات لدعم أجندة منع الصراعات في أفريقيا.

وختامًا، أظهر الاتحاد الإفريقي والجماعات دون الإقليمية التزامًا قويًا بدعم السلام والأمن العالميين في إطار الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، مما يجعلها شركاء رئيسيين للأمم المتحدة في ترسيخ مبادرات السلام في إفريقيا من خلال هيكل (APSA) ويُعد استثمار هذا الالتزام خطوة حاسمة في إدارة انعدام الأمن في إفريقيا كجزء من الجهود العالمية لتحقيق السلام. كما أتاح برنامج العمل الوطني فرصة لتوظيف الاتحاد الإفريقي والجماعات الإقليمية بفعالية كبنى أساسية لتحقيق السلام العالمي. ورغم أهمية عمليات دعم السلام كأداة أساسية للاستجابة للأزمات، فإن الأطر الحالية تحتاج إلى مراجعة لضمان توافقها مع طبيعة النزاعات المعاصرة. ومن الضروري أن تدعم خطة العمل الوطنية هذه الجهود، مع التركيز على إعادة تقييم قوة حفظ السلام الإفريقية لتعزيز فعالية العمليات وترشيد الاستجابات للأزمات في القارة.

ويمثل التعامل مع الصراعات الإقليمية في إفريقيا وبناء السلام مسارًا حيويًا لتحقيق أجندة جديدة للسلام تعكس احتياجات القارة وتطلعاتها؛ حيث يعتمد هذا المسار على تعزيز الشراكات بين الاتحاد الإفريقي، الجماعات الاقتصادية الإقليمية، والأمم المتحدة، مع التركيز على نهج شامل ومتكامل يوازن بين معالجة الأسباب الجذرية للصراعات وتعزيز التنمية المستدامة. وفي ظل التحديات القائمة، مثل التمويل غير المستدام وضعف التنسيق بين الجهات الفاعلة، يبقى الابتكار والتعاون الإقليمي والدولي حجر الأساس لرؤية إفريقيا أكثر استقرارًا وأمانًا. إن نجاح هذه الجهود يتطلب التزامًا جماعيًا وقرارات جريئة لضمان أن تكون القارة نموذجًا عالميًا للسلام المستدام.


[1] أ.د. عدلي سعداوي، مستقبل الأمن والاستقرار الإقليمي في إفريقيـــا، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، ٢٩ يناير ٢٠٢٣. https://www.idsc.gov.eg/Article/details/7877

[2] فاروق حسين أبو ضيف، ظاهرة اللجوء والنزوح في دول الساحل الإفريقي والصحراء، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار. https://www.idsc.gov.eg/Article/details/5962

[3]  Global Terrorism Index 2024, The Institute for Economics & Peace (IEP), Feb 2024. https://www.economicsandpeace.org/wp-content/uploads/2024/02/GTI-2024-web-290224.pdf

[4] د. محمد عاشور، الصراعات الحدودية وأمن القرن الأفريقي، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية. https://ecss.com.eg/46703/

[5] فاروق حسين أبو ضيف، التغير المناخي والإرهاب: بحيرة تشاد نموذجًا، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار. https://www.idsc.gov.eg/Article/details/7372

[6] Thomas J aye, ECOWAS and Liberia: Implications for Regional Intervention in Intra-state Conflicts. https://link.springer.com/content/pdf/10.1007/978-0-333-97727-9_9

[7] بعد مرور ثلاثين عامًا، دروس من رواندا في مجال العدالة الانتقالية ومنع ارتكاب الفظائع في أفريقيا، المركز الدولي للعدالة الانتقالية، 1 مايو 2024. https://shorturl.at/Bxrq6

[8] اعلان السلام بين اثيوبيا واريتريا بعد عشرين عاماً من الحرب، France24، 15 أكتوبر 2018. https://linkcuts.com/q99rs5hq

[9] فاروق حسين أبو ضيف، ظاهرة اللجوء والنزوح في دول الساحل الإفريقي والصحراء، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار. https://www.idsc.gov.eg/Article/details/5962

[10] أحمد عسكر، كيف يبدو مستقبل العلاقات الصومالية – الكينية؟، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. https://acpss.ahram.org.eg/News/17311.aspx

[11]  For a spectrum of regional responses, see A Gnanguênon, Mapping African Regional Cooperation: How to Navigate Africa’s Institutional Landscape, European Council on Foreign Relations Policy Brief, October 2020.

[12] United Nations (UN), Our Common Agenda, Report of the SecretaryGeneral, United Nations: New York, www.un.org/en/common-agenda , 2021, p61.

[13] AFRICAN UNION POLICY GUIDELINE ON THE ROLE OF THE AFRICAN STANDBY FORCE, AFRICAN UNION. https://www.peaceau.org/uploads/01-asf-in-hands-guidelines.pdf

[14]Peacebuilding Commission advice to the Security Council Open Debate on Peacebuilding and Sustaining Peace: The New Agenda for Peace – Addressing Global, Regional and National Aspects of Conflict Prevention, https://www.un.org/peacebuilding/sites/www.un.org.peacebuilding/files/documents/pbc_advice_to_the_sc_on_hl_od._nap._aug_2024final.pdf

[15] Bitania Tadesse and Jenna Russo, UN Support to African Union–Led Peace Support Operations: What Next for Resolution 2719?, SEPTEMBER 2024. https://www.ipinst.org/wp-content/uploads/2024/09/2409_What-Next-for-Resolution-2719-web.pdf

[16] African Peace and Security Architecture, African Union’s blue print for the promotion of peace, security and stability in Africa, African Union. https://www.peaceau.org/uploads/african-peace-and-security-architecture-apsa-final.pdf

[17] The African Peace and Security Architecture (APSA), Africa union. https://www.peaceau.org/en/topic/the-african-peace-and-security-architecture-apsa

[18]  The African Peace and Security Architecture: need to refocus EU support, European Court of Auditors, report 2018. https://op.europa.eu/webpub/eca/special-reports/apsa-20-2018/en/

[19] فاروق حسين أبو ضيف، الاتحاد الإفريقي والشراكات في مجال إصلاح قطاع الأمن، قراءات إفريقية، 22 أكتوبر 2024. https://shorturl.at/rPqP5

[20] Written submission: Peacebuilding Commission advice to the Security Council, New York, www.un.org/peacebuilding/sites/www.un.org.peacebuilding/files/documents/221007_unoau_written_input_of_the_ pbc_for_sc_-_approved.pdf, 11 October 2022.

[21] Peacebuilding Commission advice to the Security Council, ibid.

[22] الاتحاد الإفريقي والشراكات في مجال إصلاح قطاع الأمن، قراءات إفريقية، مرجع سابق.

[23]  AU, Protocol Relating to the Establishment of the Peace and Security Council of the African Union, Durban: African Union.

[24] AU, AU Policy Framework on Security Sector Reform (SSR), www.peaceau.org/en/topic/au-policy-framework-on-security-sectorreform-ssr

المواضيع ذات الصلة