-مفكرون وخبراء:
- النزعات الانفصالية تنشر العنف والتطرف وتقوّض الوحدة الوطنية والمجتمعية
- ضرورة تفكيك خطابات الجماعات المتطرفة ودعم قيم التسامح والتعايش عالمياً
- الانفصالية الإسلاموية ليست قضية دينية.. بل مشروع سياسي لتقويض الديمقراطية
- حماية المجتمعات من تسييس الدين وخطر جماعة الإخوان المسلمين مسؤولية جماعية
- مراكز الفكر تلعب دوراً محورياً في تحليل الظواهر الفكرية ومكافحة التطرف والإرهاب
أجمع المشاركون في ندوة «الانفصالية الإسلاموية في أوروبا.. التحديات والحلول»، التي عقدها مركز تريندز للبحوث والاستشارات في قاعة الشرف الدولية بالقصر الكبير في العاصمة الفرنسية باريس، على خطورة النزعات الانفصالية التي تتبناها الجماعات المتطرفة والتيارات الإرهابية، ويأتي على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، حيث تؤدي إلى نشر العنف والفرقة والتطرف والكراهية، وتساهم في تقويض الوحدة الوطنية والمجتمعية.

وطالب المفكرون والخبراء والمتخصصون خلال الندوة التي أدارها حمد الحوسني، الباحث الرئيسي، ورئيس قسم دراسات الإسلام السياسي في «تريندز»، وجاءت ضمن جولة المركز البحثية في فرنسا، وعلى هامش مشاركته في معرض باريس الدولي للكتاب، بتفكيك أفكار وأيديولوجيات الجماعات المتطرفة، ودعم قيم التسامح والتعايش، وتعزيز التعاون الدولي في هذا الشأن، إلى جانب أهمية مواجهتها فكرياً عبر التوسع في التحليل العلمي والمعرفي لتفكيك خطاباتها ومفاهيمها.
وشهد الندوة سعادة الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، وسعادة فهد سعيد الرقباني، سفير دولة الإمارات لدى فرنسا، وطيف واسع من المفكرين والخبراء والكتاب والإعلاميين والمهتمين بدراسات جماعات الإسلام السياسي والتطرف والإرهاب.

أيديولوجيات متطرفة
واستهل مناقشات الندوة الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، حيث قال في كلمته الترحيبية إن الجماعات المتطرفة، لا سيما الإسلاموية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، تهدد وحدة وتماسك المجتمعات وأمنها، من خلال ما تبثه من أفكار وأيديولوجيات متطرفة.
وذكر أن مركز “تريندز” أخذ على عاتقه، منذ انطلاقته، مكافحة التطرف، وتفكيك خطابات الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وذلك من خلال تحليل علمي ومعرفي، هدفه تفكيك مفاهيم وأيديولوجيات هذه الجماعات المتطرفة، وطرح التوصيات والحلول الناجعة لمواجهتها فكرياً.

خطورة النزعة الانفصالية
وأشار الدكتور محمد العلي إلى أن الكثير من الدول والمفكرين وصنّاع الرأي بدأوا يدركون خطورة الفكر الإخواني على مجتمعاتهم، خاصة مع محاولات الجماعة السيطرة على الخطاب الديني، ويأتي في مقدمة هذه الدول فرنسا ودولة الإمارات، اللتان تعملان من أجل تحييد العناصر المتطرفة، وضمان خطاب ديني يعزز التسامح والانفتاح والتعايش؛ ما يعكس وعياً بخطورة النزعة الانفصالية، التي تتبناها جماعة الإخوان المسلمين، وتؤدي إلى تقويض الوحدة الوطنية، والوئام المجتمعي، ونشر الكراهية.
وأوضح أنه يجب على المفكرين وصناع الرأي والحكومات الانشغال أكثر بمجابهة مخاطر الخطابات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، التي باتت تشكل هوية بديلة، لها صفة دينية مؤدلجة، تصنع أفراداً لديهم «عزلة شعورية» تجاه مجتمعاتهم وأوطانهم، بل ولديهم الرغبة في الانقلاب على قيم المجتمعات والإضرار بها.

تسييس الدين
بدوره، تطرق الإمام حسن الشلغومي، رئيس منتدى أئمة فرنسا، وإمام مسجد بلدية درانسي في سين سان دوني، إلى «دور رجال الدين في مجابهة الانفصالية الإسلاموية»، موضحاً أن حماية المجتمعات من تسييس الدين وخطر جماعة الإخوان المسلمين، مسؤولية جماعية تتطلب تعاون الباحثين والسياسيين والجهات الأكاديمية والفكرية، مؤكداً ضرورة تعزيز الرقابة الأسرية وتوعية الآباء والأمهات حول الأساليب التي تستعملها جماعة الإخوان المسلمين في تجنيد الشباب وغسل أدمغتهم.
وأوضح الشلغومي أن الخطاب الديني الذي تروّج له جماعة الإخوان المسلمين هو خطاب سياسي عدواني، محمل بمضامين الكراهية، والتحريض، ورفض التعايش، مطالباً بتصحيح هذا الخطاب وجعل المنابر الدينية منصات لبث قيم الإسلام الأصيلة، والاحترام المتبادل، والاندماج السلمي، والعيش المشترك، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 1700 موقع إلكتروني في أوروبا مرتبط بالإسلام السياسي وجماعة الإخوان، تروج لأفكار جماعة الإخوان وتستهدف الشباب، وتشكل تهديداً مباشراً على الأمن الفكري والاجتماعي، وتستدعي مواجهة عاجلة وفعالة.

تحليل الظواهر الفكرية
من جانبه، تحدث مارك هالتر، الكاتب والفنان والناشط الفرنسي في مجال حقوق الإنسان، حول الروابط بين الانفصالية والإرهاب، مؤكداً أهمية الدور العلمي والتوعوي لمراكز الفكر في تفكيك خطابات التطرف والإرهاب، حيث يقع على عاتقها تحليل الظواهر الفكرية وتوعية المجتمعات بخطر التطرف الديني.
وذكر أن الإسلام دين عظيم، ولكن التطرف ينخر فيه، مضيفاً أن الدين الإسلامي المعتدل هو الذي يجب أن يخلص نفسه من هذا التطرف الخبيث، حيث إن الجماعات المتطرفة، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، تتخذ الدين ستاراً لتحقيق أهدافها السياسية ونشر الفرقة بين الشعوب وتهديد استقرار المجتمعات والدول وإثارة الانقسام داخلها.

شبكات تنظيمية معقدة
أما الدكتورة فلورنس بيرجود-بلاكلر، رئيسة المركز الأوروبي للبحوث والمعلومات حول الماسونية «CERIF»، فتطرقت في مداخلتها إلى مدى انتشار ومخاطر الانفصالية الإخوانية في أوروبا، موضحة أن نشأة جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا جاءت نتيجة للتدويل التدريجي لحركة الإخوان المصرية، وتطورت الجماعة من خلال بناء شبكات تنظيمية قوية ومعقدة للغاية، إلى جانب تأسيسها روابط مع جماعات وتيارات متطرفة أخرى، تسعى إلى تقويض قيم حقوق الإنسان و«أسلمة المجتمع».
وأوضحت أن أنشطة جماعة الإخوان في أوروبا تثير قلقاً كبيراً بشأن الاندماج الاجتماعي والتطرف، وتجعل من المهم فهم أهدافها واستراتيجياتها بشكل أفضل، ويمكن أن يساهم هذا الفهم في تطوير سياسات وخطط فعالة للتعامل مع التحديات التي تطرحها جماعة الإخوان والتنظيمات المنبثقة عنها في المجتمعات الأوروبية.

تقويض الديمقراطية
أما شانون سيبان، رئيسة حزب النهضة في منطقة سين سان دوني، فترى أن الانفصالية الإسلاموية ليست مسألة دينية، بل مشروع سياسي وأيديولوجي، ومحاولة متعمدة من قِبل أقلية متطرفة لرفض القانون، وتقويض الديمقراطية ونشر التخويف والترهيب، مشددة على أن هذه القلة القليلة لا تمثل ملياري مسلم مسالم وملتزم بالقانون في جميع أنحاء العالم، مشيرة إلى أن انتشار فكر الانفصالية الإسلاموية يقوض التماسك المجتمعي، ويغذي التطرف والعنف، ويعزز الانقسام والشعبوية.
وطالبت شانون سيبان بتعزيز الشفافية في تمويل المؤسسات الدينية وتدريب الأئمة في أوروبا ودعم الجمعيات التي تدافع عن حقوق المرأة والحريات المدنية وتمكين المعلمين والعاملين في المجال الاجتماعي، الذين هم خط الدفاع الأول ضد التطرف، إلى جانب الاستثمار في التعليم، لإعداد جيل نقدي ومسؤول قادر على صد محاولات التلاعب الأيديولوجي.