Insight Image

ملامح التحولات الجيوسياسية في عصر الذكاء الاصطناعي.. من الشيفرة إلى السيطرة

25 أبريل 2025

ملامح التحولات الجيوسياسية في عصر الذكاء الاصطناعي.. من الشيفرة إلى السيطرة

25 أبريل 2025

في العقود الماضية، كانت المنافسة التقنية تُختزل غالبًا في سباق الخوارزميات، وفي ابتكار النماذج الذكية الأكثر قدرة على التحليل والتنبؤ. غير أن عالم الذكاء الاصطناعي اليوم لم يعد قائمًا فقط على البرمجيات، بل بات مشروطًا ببنية تحتية مادية معقدة ومتشعبة، تشكل العمود الفقري للاقتصاد الرقمي العالمي، وتتضمن مكونات استراتيجية مثل أشباه الموصلات، ومراكز البيانات، والمعادن النادرة، وكابلات الألياف البحرية. ولم تعد هذه المكونات عناصر فنية ثانوية، بل تحولت إلى “مفاتيح قوة” تُعاد من خلالها صياغة موازين النفوذ الجيوسياسي في القرن الحادي والعشرين.

وتكمن الإشكالية الجوهرية في أن هذه البنى التحتية الحيوية تُدار وتُنتج داخل شبكة معقدة من الاعتماد المتبادل والتنافس الاستراتيجي؛ ما يجعل الذكاء الاصطناعي، بوصفه تقنية، ليس فقط موضوعًا للتنمية والابتكار، بل ساحة مركزية للصراع بين القوى الكبرى. ففيما تحاول الدول الكبرى فرض سيطرتها على سلاسل التوريد، وتسخير قدراتها الصناعية والطاقوية لتعزيز مكانتها، فإن الدول المتوسطة والناشئة تواجه تحديًا وجوديًّا: هل ستبقى مجرد مستخدم مستهلك للتقنيات، أم إنها قادرة على دخول سباق السيادة الرقمية عبر بوابات ذكية واستثمار تحالفات جديدة؟

من هنا، تسعى هذه الورقة إلى تحليل التحولات الجيوسياسية في عصر الذكاء الاصطناعي من منظور شامل، يُقارب العلاقة بين التقنية والمادة، والسياسة. ولتحقيق ذلك، تُطرح الأسئلة التالية:

كيف تحوّلت البنى التحتية للذكاء الاصطناعي إلى أدوات للهيمنة والنفوذ الجيوسياسي؟ وما نقاط الاختناق الاستراتيجية في سلاسل الإمداد التقنية؟ وكيف تستغلها القوى الكبرى كأدوات ضغط؟ وإلى أي مدى يمكن للدول المتوسطة أن تلعب دورًا حيويًّا في إعادة تشكيل خريطة النفوذ الرقمي العالمي؟ وهل نحن بصدد نشوء “نظام دولي رقمي مزدوج” يُعيد إنتاج الانقسام العالمي بلغة الكابلات والطاقة والمعالجات؟ 

أولًا: من الخوارزمية إلى الهيمنة الجيوسياسية

يُنظر عادةً إلى الذكاء الاصطناعي على أنه حقل برمجي يرتكز على تطوير الخوارزميات والنماذج الحسابية. غير أن هذه البرمجيات لا يمكن تشغيلها بمعزل عن بنية تحتية مادية متكاملة تُشكل العمود الفقري لاقتصاد الذكاء الاصطناعي، وتتضمن عناصر استراتيجية باتت اليوم في قلب التنافس الجيوسياسي العالمي، بما تحمله من نقاط اختناق حساسة يمكن استخدامها كأدوات ضغط بين الدول[1].

وتشكل أشباه الموصلات، خاصة الرقائق المتطورة، مثل وحدات المعالجة الرسومية، وتلك المخصصة للتعلم العميق، الأساسَ الذي تقوم عليه قدرات الذكاء الاصطناعي. غير أن إنتاج هذه الرقائق يتركز في دول محددة، مثل تايوان وكوريا الجنوبية؛ ما يجعل سلاسل التوريد عرضة للتأثر بالاضطرابات السياسية، كاحتمال اندلاع أزمة في مضيق تايوان قد تؤدي إلى توقف الإمداد العالمي ويشلّ الصناعات التقنية[2].

تمثل مراكز البيانات القلب النابض لتشغيل الذكاء الاصطناعي من خلال تقديم خدمات التخزين والمعالجة العالية الأداء. ولكن إنشاءها وتشغيلها يتطلبان موارد ضخمة في الكهرباء، والتبريد، والبنية التحتية. ووفق التقديرات، فإن استهلاك مراكز البيانات للطاقة في الولايات المتحدة وحدها قد يصل إلى 9.1% من إجمالي الاستهلاك الوطني بحلول عام 2030؛ ما يعكس تصاعد الضغط على شبكات الطاقة وتحديات الاستدامة.[3]

ويتطلب تشغيل هذه المراكز توافر مصادر طاقة مستقرة وغير متقطعة، وهو ما يُصعّب الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة، نظرًا لطبيعتها المتقطعة[4]؛ ما قد يدفع الدول والشركات إلى الاستثمار في مصادر طاقة تقليدية، أو تطوير تقنيات تخزين جديدة لضمان استمرارية التشغيل في ظل الطلب المتزايد.

أيضًا، تتطلب صناعة الرقائق والتقنيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي استخدام معادن نادرة، مثل الليثيوم والكوبالت والنيوديميوم، وهي معادن تُعد الصين المنتج والمكرر الأول لها عالميًّا. إن هذا التركيز يمنح بكين نفوذًا استراتيجيًّا في سلاسل الإمداد، ويدفع العديد من الدول الصناعية إلى البحث عن مصادر بديلة لتقليل الاعتماد على طرف واحد[5].

ولا تقل كابلات الألياف البحرية أهمية عن بقية عناصر البنية التحتية؛ إذ تنقل ما يقرب من 95% من حركة البيانات الدولية. غير أن هذه الكابلات تواجه تهديدات متزايدة، سواء من خلال الأعطال أو أعمال التخريب المتعمدة. وقد أثارت الصين، في الآونة الأخيرة، قلقًا دوليًّا بعد الكشف عن سفينة جديدة قادرة على قطع هذه الكابلات؛ ما سلط الضوء على هشاشة هذه الشبكة الحيوية، في ظل تنامي الصراع الرقمي العالمي[6].

بهذا، لم تعد السيطرة على الذكاء الاصطناعي مجرد مسألة تطوير تقني أو تفوق برمجي، بل تتحول إلى معركة على البنية التحتية، وعلى مفاتيح الاقتصاد الرقمي؛ ما يجعل الذكاء الاصطناعي ساحة مركزية جديدة في الصراع الجيوسياسي الدولي.

ثانيًا: نقاط الاختناق الجيوسياسية.. هشاشة في قلب التكنولوجيا

تُعد البنية التحتية للذكاء الاصطناعي (AI) معقدة ومتداخلة، وتعتمد على عناصر حيوية تشكل نقاط اختناق جيوسياسية يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد العالمي والتوازنات السياسية. وفي هذا السياق، نستعرض ثلاث نقاط اختناق رئيسية:​

  1. الرقائق الإلكترونية.. قمة جبل الجليد:

تشهد تجارة أشباه الموصلات تحولات استراتيجية وسط تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين؛ ما يدفع الدول لتعزيز الإنتاج المحلي، وتقليل الاعتماد الخارجي. وفي 2023، تصدرت الصين صادرات الرقائق بقيمة 49.4 مليار دولار، رغم تراجعها، فيما جاءت الولايات المتحدة سادسة بـ12.9 مليار دولار. وبرز الاتحاد الأوروبي كمستورد رئيسي، فيما زادت واردات أمريكا بنسبة 13.1%. في المقابل، صعدت ألمانيا وتايلاند في سوق التصدير. وتُظهر هذه التغيرات أن الرقائق باتت سلعة استراتيجية، مركزية في التنافس الجيوسياسي، تمثل عنق زجاجة في سلاسل التوريد العالمية، وتحظى بأهمية متزايدة في مستقبل الاقتصاد الرقمي.[7]

وتُعد أشباه الموصلات العمود الفقري لتقنيات الذكاء الاصطناعي والعديد من الأجهزة الإلكترونية الحديثة. ففي عام 2024، بلغت واردات الولايات المتحدة من أشباه الموصلات نحو 82 مليار دولار، مع اعتماد كبير على تايوان وكوريا الجنوبية والصين. إضافة إلى ذلك، تشهد قيمة المنتجات المستوردة التي تحتوي على رقائق مدمجة، مثل السيارات والإلكترونيات، ارتفاعًا واضحًا. يعني ذلك أن أي قيود على تصدير الرقائق تؤثر ليس فقط في استيراد الرقائق نفسها، بل تمتد تأثيراتها إلى سلاسل التوريد المعقدة للمنتجات التي تعتمد على هذه الرقائق. على سبيل المثال، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفات جمركية تصل إلى 25% على أشباه الموصلات؛ ما أثر سلبًا في شركات مثل TSMC وسامسونج، حيث انخفضت أسهمهما بنسبة 15% و10% على التوالي؛ ما أدى إلى خسائر مجمعة بقيمة 117 مليار دولار في القيمة السوقية[8].

  1. المعادن الحرجة.. الهيمنة الصينية الصامتة:

تُعد المعادن الأرضية النادرة، مثل النيوديميوم والبراسيوديميوم، أساسية في تصنيع العديد من التقنيات الحديثة، بما في ذلك الهواتف الذكية والمركبات الكهربائية. وتسيطر الصين على نحو 70% و90% من عمليات معالجة هذه المعادن[9]؛ ما يمنحها نفوذًا كبيرًا في سلاسل التوريد العالمية. وفي أبريل 2025، ردًّا على التعريفات الجمركية الأمريكية، فرضت بكين قيودًا على تصدير عناصر أرضية عدة نادرة؛ ما أثر في الصناعات الإلكترونية والطاقة النظيفة والدفاع في الولايات المتحدة. يُبرز ذلك الأمر التحديات التي تواجهها الدول الغربية في تقليل اعتمادها على الصين في هذا المجال الحساس.

  1. كابلات الألياف البحرية.. الشرايين المنسية:

تُنقل نحو 95% من حركة البيانات الدولية عبر كابلات الألياف الضوئية البحرية، التي تمتد أكثر من 750,000 ميل تحت سطح البحر[10]. وتنقل هذه الكابلات ما يقدر بـ10 تريليونات دولار من المعاملات المالية يوميًّا، بالإضافة إلى الاتصالات والبيانات الحساسة. وقد تعرضت هذه البنية التحتية الحيوية لحوادث عدة، بعضها ناتج عن أنشطة بشرية متعمدة أو غير متعمدة. على سبيل المثال، في أكتوبر 2024، قطعت سفينة صينية كابلًا يربط بين السويد وفنلندا، وأجزاء أخرى من أوروبا؛ ما استدعى تدخل حلف الناتو[11]. وتسلط هذه الحوادث الضوء على هشاشة هذه الكابلات، وأهميتها الاستراتيجية، حيث يمكن لأي انقطاع أن يؤثر بشكل كبير في الاقتصاد العالمي والتواصل الدولي.​  

ثالثًا: مراكز البيانات.. قلب الثورة المقبلة

تُعد مراكز البيانات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي (AI) العمود الفقري للثورة الرقمية المقبلة، حيث تتطلب معالجة كميات هائلة من البيانات وتدريب النماذج المتقدمة بنية تحتية متطورة ومخصصة. ومع ذلك، فإن هذه المراكز تواجه تحديات تقنية ولوجستية تتطلب حلولًا مبتكرة؛ لضمان كفاءتها واستدامتها.  

خصائص الجيل الجديد من مراكز الذكاء الاصطناعي 

التبريد السائل للتعامل مع الحرارة المرتفعة:

تُنتج الرقائق المتقدمة المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي حرارة عالية تتجاوز قدرات أنظمة التبريد الهوائي التقليدية. على سبيل المثال، يمكن لوحدة معالجة الرسوميات (GPU) مثل Nvidia H100 أن تستهلك ما يصل إلى 700 واط؛ ما يستدعي استخدام أنظمة تبريد سائل متقدمة. وتُظهر الدراسات أن التبريد السائل يمكن أن يقلل من استهلاك الطاقة المرتبط بالتبريد من 40% إلى 10%، مع مضاعفة القدرة الحاسوبية في المساحة نفسها، مقارنةً بالأنظمة الهوائية[12]. 

الاعتماد على مصادر طاقة مستقرة وموثوق بها:

تتطلب مراكز البيانات طاقة مستمرة وموثوقًا بها على مدار الساعة؛ ما يجعل الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة، مثل الشمس والرياح، غير كافٍ؛ لذلك تتجه بعض الشركات إلى استكشاف الطاقة النووية كمصدر مستقر لتلبية هذه الاحتياجات. على سبيل المثال، أعلنت مايكروسوفت، في سبتمبر 2024، اتفاقية لإعادة تشغيل محطة “ثري مايل آيلاند” النووية لتوفير الطاقة لمراكز بياناتها. 

نقص الأراضي المجهزة والمزودة بطاقة موثوق بها:

تشهد الولايات المتحدة نقصًا حادًّا في الأراضي المتاحة والمجهزة بمصادر طاقة موثوق بها لمراكز البيانات. وقد انخفضت معدلات الشواغر في الأسواق الرئيسية إلى 1.9% بحلول نهاية عام 2024؛ ما أدى إلى زيادة في تكاليف الإيجارات، وتأخير في تنفيذ المشاريع الجديدة. بالإضافة إلى ذلك، تتركز معظم مراكز البيانات الكبرى في ولايات، مثل فيرجينيا وكاليفورنيا، فيما تتوافر الطاقة الرخيصة في ولايات نائية، مثل تكساس وداكوتا الشمالية؛ ما يخلق تحديات لوجستية واقتصادية في نقل الطاقة إلى حيث تتركز مراكز البيانات.

رابعًا: الاحتكار والسيطرة.. من اقتصادات السوق إلى هندسة الهيمنة

تتجاوز تحديات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي (AI) الجوانب التقنية؛ لتطرح أسئلة استراتيجية حول السيطرة والاحتكار في الاقتصاد الرقمي العالمي. وتتجلى هذه التساؤلات في ثلاثة محاور رئيسية:​

  1. مَن يملك حق “استضافة الذكاء”؟

تُعد مراكز البيانات العمود الفقري لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث تتطلب عمليات المعالجة والتخزين قدرات هائلة. ووفقًا لإحصاءات مارس 2024، يوجد نحو 11,800 مركز بيانات عالمي، تستحوذ الولايات المتحدة على 45.6% منها؛ ما يعكس تركيزًا جغرافيًّا واضحًا. ومع تزايد الطلب على خدمات الذكاء الاصطناعي، قد لا تتمكن الولايات المتحدة وحدها من تلبية هذا التوسع دون إقامة تحالفات استراتيجية، أو تطوير خطط بديلة، الأمر الذي يفتح المجال أمام دول أخرى للاستثمار في هذا القطاع؛ ما قد يعيد تشكيل خريطة السيطرة الرقمية عالميًّا[13].

  1. مَن يملك الأرض والماء والكهرباء اللازمة؟

تتطلب مراكز البيانات مساحات واسعة، وتوافر مصادر طاقة موثوق بها، وكميات كبيرة من المياه للتبريد. وتشير التقارير إلى أن شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل أمازون ومايكروسوفت وجوجل، تقوم ببناء وتشغيل مراكز بيانات في مناطق تعاني ندرة في المياه؛ ما يهدد الموارد المحلية، ويثير تساؤلات حول استدامة هذه العمليات. وقد تصبح الدول التي تتمتع بوفرة في هذه الموارد شركاء استراتيجيين أو منافسين في هذا المجال، خاصة مع سعيها لجذب الاستثمارات وتطوير بنيتها التحتية الرقمية[14].

  1. ماذا لو تحوّلت البنى التحتية إلى أدوات ضغط؟

تعتمد الاقتصادات الحديثة بشكل كبير على البنى التحتية الرقمية، مثل كابلات الاتصالات البحرية والمعادن النادرة المستخدمة في تصنيع الأجهزة الإلكترونية. وفي فبراير 2024، تعرضت ثلاثة كابلات بحرية في البحر الأحمر للتلف؛ ما أدى إلى تباطؤ كبير في الاتصال بالإنترنت بين آسيا وإفريقيا وأوروبا؛ ما يبرز هشاشة هذه البنى التحتية. بالإضافة إلى ذلك، استخدمت الصين في مناسبات سابقة سيطرتها على تصدير المعادن النادرة كأداة سياسية، كما حدث في ديسمبر 2024، عندما حظرت تصدير معادن حيوية إلى الولايات المتحدة، ردًّا على تصعيد التوترات التجارية. ويوضح ذلك الأمر كيف يمكن استخدام السيطرة على البنى التحتية الرقمية كوسيلة للضغط الجيوسياسي.

خامسًا: التصدعات الكبرى

تشير التحولات الجيوسياسية في مجال الذكاء الاصطناعي (AI) إلى احتمال تشكّل نظامين تقنيَّين متوازيَين؛ ما قد يؤدي إلى انقسام عالمي في هذا المجال الحيوي. ويتجلى هذا الانقسام في تشكيل كتلتَين رئيسيتَين، لكل منهما استراتيجياتها وتحالفاتها المميزة.​

  1. الكتلة الغربية:

تتزعّم الولايات المتحدة هذه الكتلة، مستندةً إلى شراكات استراتيجية مع دول، مثل تايوان، واليابان، وكوريا الجنوبية، ودول الاتحاد الأوروبي. وتسعى هذه الدول إلى تعزيز القيم الغربية أو “الليبرالية” في استخدام وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على وضع أطر تنظيمية تحكم هذه التقنيات. على سبيل المثال، أعلنت دول الاتحاد الأوروبي، في أبريل 2025، مبادرة بقيمة 20 مليار يورو لإنشاء “مصانع عملاقة” للذكاء الاصطناعي؛ بهدف تعزيز قدراتها التنافسية في مواجهة الولايات المتحدة والصين[15].

  1. الكتلة الشرقية:

تتألف هذه الكتلة من الصين وروسيا، وتسعى إلى توسيع نفوذها من خلال التعاون مع دول الجنوب العالمي. وتستثمر هذه الدول في تطوير شبكات خاصة ونماذج ذكاء اصطناعي مغلقة، مع التركيز على استخدام البيانات المحلية المعزولة. في هذا السياق، أعلنت شركة “سبر بنك” الروسية، في فبراير 2025، خططًا للتعاون مع باحثين صينيين في مشاريع الذكاء الاصطناعي، في خطوة تهدف إلى تعزيز القدرات التكنولوجية للبلدين في مواجهة العقوبات الغربية[16].

  1. دور القوى المتوسطة:

تلعب الدول ذات النفوذ المتوسط، مثل الإمارات العربية المتحدة، والهند، وإندونيسيا، والبرازيل، دورًا حيويًّا في هذا المشهد المتغير. وتسعى هذه الدول إلى تحقيق التوازن بين الكتلتَين الرئيسيتَين، مستفيدةً من مواردها الطبيعية، وموقعها الاستراتيجي، أو قدراتها التكنولوجية. على سبيل المثال، أنشأت الإمارات العربية المتحدة وزارة للذكاء الاصطناعي؛ ما يعكس التزامها بتطوير هذا القطاع وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للتكنولوجيا[17]. 

سادسًا: الدروس والتحذيرات

تُعد الهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي (AI) هدفًا استراتيجيًّا تسعى إليه العديد من الدول، غير أن الطريق نحو تحقيقها محفوف بالتحديات والمخاطر. ويتطلب هذا المسار تبني استراتيجيات شاملة تأخذ في الحسبان الجوانب التكنولوجية، والبيئية، والأخلاقية، بالإضافة إلى التحكم في السلاسل المادية المرتبطة بالتقنية.​

  1. التكنولوجيا وحدها لا تكفي:

لا يمكن الاعتماد فقط على التطورات التكنولوجية لتحقيق الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، وإنما يتطلب الأمر استثمارات مستدامة في مجالات الطاقة، والتعدين، والتعليم، والتكنولوجيا. على سبيل المثال، تواجه مراكز البيانات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي طلبًا متزايدًا على الكهرباء، حيث من المتوقع أن يتضاعف استهلاكها بحلول عام 2030؛ ما يستدعي تطوير مصادر طاقة موثوق بها ومستدامة لتلبية هذه الاحتياجات المتزايدة. ​ بالإضافة إلى ذلك، يلعب التعليم دورًا حيويًّا في إعداد الكوادر البشرية القادرة على التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي. ويمكن للذكاء الاصطناعي تحسين العمليات التعليمية من خلال تقديم تجارب تعليمية مخصصة، وتعزيز مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات. ​

  1. المخاطر البيئية والأخلاقية حقيقية:

تتطلب صناعة الذكاء الاصطناعي استخدام معادن نادرة تُستخرج بعمليات تعدين وتكرير تُعدُّ من الأكثر تلوثًا. في العالم. وتؤثر هذه العمليات سلبًا في جودة المياه، والتربة، والهواء، وتؤدي إلى تدهور النظم البيئية[18] فضلًا عن ذلك، فإن مراكز البيانات تستهلك كميات كبيرة من المياه لأغراض التبريد؛ ما يفاقم من أزمة ندرة المياه في بعض المناطق. ووفقًا لتقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن البنية التحتية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي قد تستهلك قريبًا ستة أضعاف كمية المياه، التي تستهلكها دولة مثل الدنمارك[19].

  1. لا يمكن فصل الجغرافيا عن التقنية:

يُعد التحكم في السلاسل المادية للإنتاج والتوريد عنصرًا حاسمًا في تحديد النفوذ الرقمي للدول. ولاشك في أن التوترات الجيوسياسية تؤثر بشكل كبير في سلاسل التوريد العالمية، حيث تتسبب النزاعات الإقليمية والاضطرابات السياسية في تعطيل تدفق المواد الخام والمنتجات النهائية. ​

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي المخاطر الجيوسياسية إلى تأثيرات سلبية في سلاسل التوريد الإلكترونية؛ ما يستدعي تبني استراتيجيات دبلوماسية لإدارة هذه المخاطر وتعزيز التعاون الدولي[20]. 

  1. البنية التحتية ميدان الصراع المقبل

لم يعد السباق نحو الذكاء الاصطناعي سباقًا في سرعة المعالجات أو دقة النماذج فحسب، بل بات سباقًا نحو السيطرة على الماء، والكهرباء، والمعادن، والكابلات تحت البحر، ويتمثل هذا السباق في “جيوبوليتيكا الصلب والحرارة”، أكثر منها في جيوبوليتيكا البرمجيات. ففيما تُسَلط الأضواء على شركات التكنولوجيا الكبرى وابتكارات النماذج اللغوية، فإن المعركة الحقيقية في الظل تدور على الأراضي التي تستضيف مراكز البيانات، وعلى الأنهار التي تبردها، وعلى المعادن التي تُبنى منها معالجاتها، وعلى الكابلات التي تربطها بالعالم.

هذه البنية التحتية ليست مجرد أساس تقني، بل هي ركيزة للسيادة الوطنية وأداة للهيمنة الجيوسياسية؛ فمَن يمتلك القدرة على تشغيل مراكز البيانات بكفاءة واستقرار، ويمتلك المواد الخام لتصنيع الرقائق، والطاقة اللازمة لتغذية الأنظمة، والاتصالات العابرة للقارات، فإنه لا يملك فقط الذكاء الاصطناعي، بل يملك المستقبل السياسي والاقتصادي للبشرية.

في هذا السياق، سيُعاد تعريف مفهوم “القوة العظمى”؛ فلم تعد القوة تقاس بعدد الحاملات النووية فقط، بل أيضًا بعدد الميجاوات المخصصة للذكاء الاصطناعي، وسرعة الوصول إلى البيانات، واستقلالية سلسلة التوريد الرقمية. بمعنى آخر، أصبحت القدرة على توفير “الذكاء كخدمة” (Intelligence-as-a-Service) معيارًا جديدًا للنفوذ الدولي.  

سابعًا: استشراف المستقبل.. هل نحن على أعتاب “ستار حديدي رقمي”؟

مع تسارع الانقسام التقني بين الكتلتَين الغربية والشرقية، ومع سعي الدول المتوسطة إلى تحقيق استقلال تقني عبر مشاريع وطنية للذكاء الاصطناعي، يبدو أننا نتجه نحو تشظٍّ في النظام العالمي الرقمي. وقد تتحول شبكة الإنترنت، التي كانت رمزًا للعولمة، إلى أنظمة مغلقة تُبنى على الثقة الجيوسياسية، حيث تُعزل بعض الكيانات عن مصادر البيانات والمعالجات ووسائل الاتصال العالمية.

من جهة أخرى، يُتوقع أن تظهر تحالفات جديدة تقوم على تبادل البنية التحتية الرقمية: دولة تملك طاقة نظيفة تتحالف مع أخرى تملك قدرات حوسبة، وأخرى تملك موقعًا استراتيجيًّا تحتضن كابلات أو مراكز تبادل البيانات. وسيؤدي هذا التحول إلى بروز دول لم تكن تُحسب في معادلات التكنولوجيا الكبرى، لكنها تملك الآن مفاتيح غير تقليدية للنفوذ.

ولكن الهيمنة لا تأتي دون ثمن؛ فمع هذا التوسع، تأتي أسئلة أخلاقية وبيئية شائكة: هل ستُبنى مراكز الذكاء الاصطناعي على حساب الماء النقي؟ هل سيتحول الذكاء الاصطناعي إلى وسيلة لاستنزاف الأرض بدلًا من إصلاحها؟ وهل سيكون مستقبل البشرية محكومًا بالخوارزميات التي تخدم مَن يملك البنية، لا مَن يملك القيم؟

تتطلب الإجابة عن هذه الأسئلة إعادة صياغة العقد الرقمي العالمي، ليس فقط لضمان العدالة التقنية، بل لحماية التوازن البيئي والسياسي والأخلاقي في عالم يُعاد تشكيله على أساس “مَن يملك المولدات، يكتب القواعد”.

الخاتمة

يبدو أن العالم يدخل مرحلة جديدة من التاريخ، حيث لم تعد الحدود الجيوسياسية تُرسم بالجيوش والجغرافيا فقط، بل بالكابلات تحت البحر، وبالمعادن المدفونة في باطن الأرض، وبالواط الكهربائي القادر على تغذية خوارزميات التعلم العميق. ففي عصر الذكاء الاصطناعي، تتجسد القوة فيمَن يملك البنية، لا فقط مَن يبدع البرمجة، وفيمن يضمن تدفق البيانات، لا مَن يملك البيانات فقط.

تكشف التحولات الجارية عن أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية، بل هو نظام عالمي بديل يُعاد بناؤه، ويحمل في طياته وعودًا هائلة للابتكار والتقدم، ولكنه ينذر في الوقت نفسه بمخاطر كبرى تتعلق بالاحتكار، وبالتفاوتات الرقمية، وبسحق دول الهامش لمصلحة المركز. فقد يُفضي السباق نحو امتلاك بنى الذكاء الاصطناعي التحتية إلى طبقية رقمية جديدة، تُمكّن القوى المهيمنة من التحكم في الإنتاج المعرفي، والاقتصادي، والأمني، فيما تُترك الأطراف للمنافسة على الفتات الرقمي.

وعليه، فإن إعادة التفكير في الذكاء الاصطناعي يجب أن تكون شاملة، ولا تقتصر على تسريع نماذجه وتقوية معالجاته، بل تمتد إلى تأسيس ميثاق عالمي جديد يحكم بنى الذكاء الاصطناعي من حيث التوزيع، والحوكمة، والإنصاف. كما يجب على الدول المتوسطة والناشئة أن تتحرك بذكاء استراتيجي، فتوظف مواردها الطبيعية والجيوسياسية لبناء شراكات تُخرجها من موقع التبعية إلى موقع الفاعلية، وتجعل منها شركاء لا مجرد مستخدمين أو مستهلكين.

فنحن لا نقف فقط على أعتاب “ستار حديدي رقمي”، بل ربما على مفترق تاريخي يعيد تشكيل كل ما نعرفه عن السيادة، والاستقلال، والعدالة. وسيُقاس مستقبل الأمم ليس بما تملكه من جيوش، بل بما تملكه من قدرة على تشغيل “العقل الاصطناعي” بشروطها، وبما تملكه من شجاعة لتخطيط سياساتها الصناعية والرقمية على أسس أخلاقية وبيئية مستدامة.

لذلك، فإن الذكاء الاصطناعي ليس هو الخطر، بل طريقة إدارتنا له. والسؤال الذي يواجه العالم ليس: مَن سيسيطر على الذكاء؟ بل: كيف سنضمن ألا يتحول الذكاء إلى أداة للهيمنة بدلًا من أداة للتحرر؟ ومَن يملك شجاعة صياغة هذا المستقبل، فهو لا يكتب الكود فقط، بل يكتب التاريخ أيضًا. 

قائمة المراجع:

أولًا- العربية

  1. “مراكز البيانات.. تلتهم طاقة هائلة لتغذية الذكاء الاصطناعي”، الاتحاد، 14 أبريل 2025. https://www.aletihad.ae/news/الاقتصادي/4566298/مراكز-البيانات—تلتهم-طاقة-هائلة-لتغذية-الذكاء-الاصطناعي.
  2. “الثالثة في 3 سنوات.. إدارة بايدن تستهدف صناعة الرقائق الصينية”، الحرة، 2 ديسمبر 2024. https://www.alhurra.com/business/2024/12/02/الثالثة-في-3-سنوات-إدارة-بايدن-تستهدف-صناعة-الرقائق-الصينية.
  3. “هل تهدد قيود الصين على تصدير المعادن النادرة التفوق العسكري الأمريكي؟” البيان، 17 أبريل 2025. . https://www.albayan.ae/economy/business/39865
  4. “كابلات الألياف الضوئية تنقل 95% من حركة الإنترنت الدولية في العالم… من يسيطر عليها؟” نبض، 19 مارس 2023. https://nabd.com/s/116955620-01ab2b.
  5. “استهداف الكابلات البحرية يستدعي جهودًا دولية لحمايتها”، الإمارات اليوم، 12 يناير 2025. https://www.emaratalyoum.com/politics/news/2025-01-12-1.1911870.
  6. IBM”الذكاء الاصطناعي في تطوير البرمجيات،

“IBM Think. https://www.ibm.com/sa-ar/think/topics/ai-in-software-development.

ثانيًا- الإنجليزية

  1. Agrawal, Ravi, and Jared Cohen. “The Shifting Geopolitics of AI.” Foreign Policy. April 9, 2025. https://foreignpolicy.com/2024/10/28/ai-geopolitics-data-center-buildout-infrastructure.
  2. Barratt, Luke, Costanza Gambarini, Andrew Witherspoon, and Aliya Uteuova. “Revealed: Big Tech’s New Datacentres Will Take Water from the World’s Driest Areas.” The Guardian. April 9, 2025. https://www.theguardian.com/environment/2025/apr/09/big-tech-datacentres-water.
  3. Bryanski, Gleb. “Russia’s Sberbank Plans Joint AI Research with China as DeepSeek Leaps Forward.” Reuters. February 6, 2025. https://www.reuters.com/technology/artificial-intelligence/russias-sberbank-plans-joint-ai-research-with-china-deepseek-leaps-forward-2025-02-06/.
  4. Bryanski, Gleb. “Russia’s Sberbank Plans Joint AI Research with China as DeepSeek Leaps Forward.” World Economic Forum. March 22, 2024. https://www.weforum.org/stories/2024/03/pivotal-moment-for-the-rise-of-the-middle-powers.
  5. Correll, Chase. “Geopolitical Risks: What They Are and How They Impact Electronic Supply Chains.” Z2Data. February 1, 2021. https://www.z2data.com/insights/geopolitical-risk-impact-supply-chains.
  6. Danylov, Oleg. “45.6% of the World’s Data Centers Are Located in the United States. In 2030, They Will Consume 8% of the Country’s Electricity.” Media. February 4, 2025. https://mezha.media/en/2025/02/04/45-6-of-the-world-s-data-centers-are-located-in-the-united-states-in-2030-they-will-consume-8-of-the-country-s-electricity/.
  7. Ernst & Young. Geostrategic Outlook 2024. March 2024. https://www.ey.com/content/dam/ey-unified-site/ey-com/en-gl/insights/geostrategy/documents/ey-2024-geostrategic-outlook-report.pdf.
  8. Mathews, John A., and Hao Tan. “Data Centers, Critical Minerals, Energy, and Geopolitics: The Foundations of Artificial Intelligence.” ResearchGate. 2024. https://www.researchgate.net/publication/389376214.
  9. Miller, John. “Chips Are Up: 10 Top Trade Trends in Semiconductors.” Trade Data Monitor. June 12, 2023. https://tradedatamonitor.com/datanews/chips-are-up-10-top-trade-trends-in-semiconductors/.
  10. Rankin, Jennifer. “EU to Build AI Gigafactories in €20bn Push to Catch Up with US and China.” The Guardian. April 9, 2025. https://www.theguardian.com/technology/2025/apr/09/eu-to-build-ai-gigafactories-20bn-push-catch-up-us-china.
  11. “Chipmaking Giants Face Triple Tariff Hit.” Reuters. April 9, 2025. https://www.reuters.com/breakingviews/chipmaking-giants-face-triple-tariff-hit-2025-04-09/.
  12. Taylor & Francis Insights. “Is AI Bad for the Environment?” Taylor & Francis. Accessed April 17, 2025. https://insights.taylorandfrancis.com/sustainability/ai-bad-environment/.
  13. “AI has an Environmental Problem. Here’s What the World Can Do about That.” UNEP. September 21, 2024. https://www.unep.org/news-and-stories/story/ai-has-environmental-problem-heres-what-world-can-do-about.

[1] IBM”الذكاء الاصطناعي في تطوير البرمجيات. 7 أكتوبر 2024: “IBM Think،

 https://www.ibm.com/sa-ar/think/topics/ai-in-software-development.​

[2] Ravi Agrawal and Jared Cohen, “The Shifting Geopolitics of AI,” Foreign Policy, April 9, 2025, https://foreignpolicy.com/2024/10/28/ai-geopolitics-data-center-buildout-infrastructure.

[3] John A. Mathews and Hao Tan, “Data Centers, Critical Minerals, Energy, and Geopolitics: The Foundations of Artificial Intelligence,” ResearchGate, 2024, https://www.researchgate.net/publication/389376214.

[4]“مراكز البيانات.. تلتهم طاقة هائلة لتغذية الذكاء الاصطناعي”.  الاتحاد، 14 أبريل 2025. https://www.aletihad.ae/news/الاقتصادي/4566298/مراكز-البيانات—تلتهم-طاقة-هائلة-لتغذية-الذكاء-الاصطناعي.​مركز الاتحاد للأخبار+1مركز الاتحاد للأخبار+1

[5] “الثالثة في 3 سنوات.. إدارة بايدن تستهدف صناعة الرقائق الصينية.” الحرة. 2 ديسمبر 2024: https://www.alhurra.com/business/2024/12/02/%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A9-%D9%81%D9%8A-3-%D8%B3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D9%81-%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9?ocid=Nabd_App&_wrapper_format=html&page=1

[6] Ernst & Young, Geostrategic Outlook 2024, March 2024, https://www.ey.com/content/dam/ey-unified-site/ey-com/en-gl/insights/geostrategy/documents/ey-2024-geostrategic-outlook-report.pdf

[7] John Miller, “Chips Are Up: 10 Top Trade Trends in Semiconductors,” Trade Data Monitor, June 12, 2023, https://tradedatamonitor.com/datanews/chips-are-up-10-top-trade-trends-in-semiconductors/.​

[8] https://www.reuters.com/breakingviews/chipmaking-giants-face-triple-tariff-hit-2025-04-09/?utm_source=chatgpt.com

[9] البيان. 2025. “هل تهدد قيود الصين على تصدير المعادن النادرة التفوق العسكري الأمريكي؟” البيان، 17 أبريل 2025: https://www.albayan.ae/economy/business/39865

[10]“كابلات الألياف الضوئية، تنقل 95% من حركة الإنترنت الدولية في العالم… من يسيطر عليها؟” نبض، 19 مارس 2023: https://nabd.com/s/116955620-01ab2b/%D9%83%D8%A7%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%88%D8%A6%D9%8A%D8%A9%D8%8C-%D8%AA%D9%86%D9%82%D9%84-95-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%B1%D9%86%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-…-%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87%D8%A7%D8%9F

[11] الإمارات اليوم. 2025. “استهداف الكابلات البحرية يستدعي جهوداً دولية لحمايتها”. 12 يناير 2025: https://www.emaratalyoum.com/politics/news/2025-01-12-1.1911870

[12] John A. Mathews and Hao Tan, “Data Centers, Critical Minerals, Energy, and Geopolitics: The Foundations of Artificial Intelligence,” ResearchGate 2024 https://www.researchgate.net/publication/389376214_Data_Centers_Critical_Minerals_Energy_and_Geopolitics_The_Foundations_of_Artificial_Intelligence

[13] Oleg Danylov, “45.6% of the World’s Data Centers Are Located in the United States. In 2030, They Will Consume 8% of the Country’s Electricity,” Mezha.Media, February 4, 2025: https://mezha.media/en/2025/02/04/45-6-of-the-world-s-data-centers-are-located-in-the-united-states-in-2030-they-will-consume-8-of-the-country-s-electricity/?utm_source=chatgpt.com%22%20%5Ct%20%22_blank

[14] Luke Barratt, Costanza Gambarini, Andrew Witherspoon, and Aliya Uteuova, “Revealed: Big Tech’s New Datacentres Will Take Water from the World’s Driest Areas,” The Guardian, April 9, 2025: https://www.theguardian.com/environment/2025/apr/09/big-tech-datacentres-water.​:contentReference%5Boaicite:5%5D%7Bindex=5%7D

[15] Jennifer Rankin, “EU to Build AI Gigafactories in €20bn Push to Catch Up with US and China,” The Guardian, April 9, 2025: https://www.theguardian.com/technology/2025/apr/09/eu-to-build-ai-gigafactories-20bn-push-catch-up-us-china?utm_source=chatgpt.com

[16] Gleb Bryanski, “Russia’s Sberbank Plans Joint AI Research with China as DeepSeek Leaps Forward,” Reuters, February 6, 2025: https://www.reuters.com/technology/artificial-intelligence/russias-sberbank-plans-joint-ai-research-with-china-deepseek-leaps-forward-2025-02-06/?utm_source=chatgpt.com

[17] Gleb Bryanski, “Russia’s Sberbank Plans Joint AI Research with China as DeepSeek Leaps Forward,” Reuters, March 22, 2024: https://www.weforum.org/stories/2024/03/pivotal-moment-for-the-rise-of-the-middle-powers/?utm_source=chatgpt.com

[18] Taylor & Francis Insights, “Is AI Bad for the Environment?” Taylor & Francis, accessed on April 17, 2025: https://insights.taylorandfrancis.com/sustainability/ai-bad-environment/?utm_source=chatgpt.com

[19] UNEP. 2024. “AI has an environmental problem. Here’s what the world can do about that.” September 21, 2024: https://www.unep.org/news-and-stories/story/ai-has-environmental-problem-heres-what-world-can-do-about?utm_source=chatgpt.com

[20] Chase Correll, “Geopolitical Risks: What They Are and How They Impact Electronic Supply Chains,” Z2Data, February 1, 2021: https://www.z2data.com/insights/geopolitical-risk-impact-supply-chains?utm_source=chatgpt.com

المواضيع ذات الصلة