ضمن جولته البحثية في المملكة البلجيكية، نظم مركز تريندز للبحوث والاستشارات جلسة استراتيجية مع السيدة شوشانا بيكرمان، مديرة التحالف البرلماني الدولي «IPCGE»، والأستاذ الدكتور إميل كونستانتينسكو، رئيس الجمهورية الرومانية الأسبق، أكدت الدور المهم والمحوري لمراكز الفكر والمؤسسات البحثية في مواجهة التطرف والجماعات الإرهابية والتيارات الداعمة والمعززة للعنف، ويأتي على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، والتي تشكل تهديداً متنامياً لمنظومة الأمن والاستقرار العالمي.
وتطرق المشاركون في النقاش إلى ضرورة تعزيز جهود المراكز البحثية النشطة في نشر قيم التسامح والتعايش وثقافة الحوار، باعتبارها جسوراً معرفية للتواصل بين الشعوب ومنصات للحوار الحضاري بين المجتمعات، موضحين أن مراكز الفكر تمتلك الأدوات العلمية لنبذ العنف وصنع السلام، وذلك من خلال التوسع في الشراكات بينها والبرلمانات الدولية وصناع السياسات، فضلاً عن التحليل الدقيق لظواهر التطرف والإرهاب العابر للحدود.

تهديد الأمن والاستقرار
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، خلال الجلسة، إن مراكز الفكر والمؤسسات البحثية والمعرفية تلعب دوراً كبيراً في مواجهة الفكر المتطرف والجماعات الإرهابية، وذلك من خلال تفكيك توجهات وأيديولوجيات التنظيمات المتطرفة، وتحصين وتوعية الأجيال الشابة بالسموم الفكرية التي تبثها هذه الجماعات على الفضاء الرقمي، والتي باتت تشكل تهديداً خطيراً لقضايا الأمن والاستقرار والتنمية وتعكير السلم على مستوى العالم.
وأكد الدكتور العلي ضرورة تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتجفيف منابع تمويل الإرهاب والعنف، إلى جانب تفكيك البيئة السياسية والاجتماعية الداعمة للتطرف، وهنا يبرز دور المراكز البحثية في تقديم فهم وتحليل أعمق للبيئة المحيطة التي يعتمد عليها الإرهابيون والمتطرفون لخلق فرص وجودهم وانتشارهم، مما يسهم في تبني استراتيجيات عالمية للمواجهة.
وأشار الرئيس التنفيذي لـ«تريندز» إلى أهمية إيجاد أرضية مشتركة ومحفزة على التعاون والشراكة الفاعلة بين مراكز الفكر والمؤسسات الأكاديمية والفكرية والإعلامية والمجتمعية حول العالم، الحكومية منها والخاصة، للعمل الجماعي والتنسيق الدولي في مجال مكافحة التطرف والإرهاب ونبذ خطابات العنف والكراهية، فضلاً عن تعزيز خطاب التسامح والتعايش.

استراتيجية بحثية مشتركة
بدورها، دعت السيدة شوشانا بيكرمان، مديرة التحالف البرلماني الدولي «IPCGE»، إلى تبني استراتيجية بحثية مشتركة من قِبل مختلف المؤسسات البحثية والبرلمانات الدولية، معتمدة على المشاركة الفاعلة من الشباب وموجّهة لهم، بغرض تحصينهم ضد التطرف، وتفكيك خطابات الجماعات الإرهابية، وتسليط الضوء على أنواع التديُّن السلمية والمتصالحة مع مجتمعاتها، مما يسهم في تحجيم الإرهاب ونبذ العنف مجتمعياً.
وذكرت بيكرمان أن مراكز البحث العلمي أداة فعالة وموثوقة لبناء الثقة المتبادلة بين الشعوب والمجتمعات، حيث تستطيع المعرفة تجاوز الانقسامات السياسية والثقافية، من خلال تعزيز الموضوعية والتقريب بين وجهات النظر وإيجاد منصات حيادية للحوار والنقاش، مما يدعم صياغة استراتيجيات مستنيرة لمكافحة العنف والتطرف، ويعزز القيم الإنسانية المشتركة.

السموم الرقمية
أما الأستاذ الدكتور إميل كونستانتينسكو، رئيس الجمهورية الرومانية الأسبق، فشدد خلال الجلسة الاستراتيجية على زيادة التبادل العلمي والمعرفي والخبرات بين الدول والمؤسسات الفكرية والبحثية حول العالم، حول أساليب مكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف، محذراً من خطورة استغلال الجماعات المتطرفة منصات التواصل الاجتماعي للترويج لأفكارها الظلامية وتجنيد الشباب، خاصة أن الفضاء الرقمي جعل العالم يعيش في قرية صغيرة، مما سهل نشر ما أطلق عليه «السموم الرقمية».
وأضاف كونستانتينسكو أن التحديات العالمية المشتركة تكمن في قلبها الفرص الذهبية، ومنها قضية التغير المناخي، وجائحة «كوفيد 19»، حيث أسهمتا في التقريب بين الشعوب وتعزيز التفاهم بين المجتمعات، وكذلك قضية الإرهاب والتطرف التي يجب تحويلها من تحدٍ أمني يهدد المؤسسات والدول إلى فرصة لتعزيز خطابات التسامح ونشر ثقافة التعايش والسلام وتقبل الآخر، ودعم الحوار العالمي.