Insight Image

الدروس المستفادة من الحرب الإسرائيلية-الإيرانية

28 يونيو 2025

الدروس المستفادة من الحرب الإسرائيلية-الإيرانية

28 يونيو 2025

الدروس المستفادة من الحرب الإسرائيلية-الإيرانية

في 13يونيو 2025، دخل الشرق الأوسط مرحلة من التصعيد غير المسبوق إثر مهاجمة إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، منشآتٍ نووية، ومواقع عسكرية وأمنية، وبنى تحتية حيوية وأخرى مدنية وسكنية في إيران. وما لبثت أنْ ردت الأخيرة بضرب العمق الإسرائيلي بصواريخ وطائرات مسيرة بشكل مكثف وغير مسبوق، اخترق بعضها الدفاعات الإسرائيلية المتعددة، وأصابت منشآت استراتيجية وبنى تحتية حيوية وأخرى مدنية وسكنية ومنشآتٍ للطاقة. وهكذا، خرجت المواجهة بين إسرائيل وإيران من إطار “حرب الظل” التي استمرت سنوات إلى صدام مباشر مفتوح.

 وبلغ الصراع ذروته حين أقدمت الولايات المتحدة على شن هجوم مباغت على المنشآت النووية الإيرانية (فوردو ونطنز وأصفهان) في 22 يونيو. وقد دفع هذا التحول النوعي إيران إلى الرد بشكل مباشر، ليس ضد أهداف إسرائيلية وحسب، بل ضد قواعد أمريكية في المنطقة، أبرزها قاعدة العديد في قطر.

وبعد 12 يومًا من المواجهة العسكرية المكثفة بين إسرائيل وإيران، تدخلت الولايات المتحدة وبمساعدة قطر لوقف إطلاق النار، ووضع نهاية للحرب، لكن من دون اتفاق بين طرفي القتال الرئيسيّين يحدد مسارًا واضحًا لتسوية دائمة.

ومع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيّز التنفيذ في صباح 24 يونيو، تداول الطرفان سردية النصر وتأكيد بلوغ أهداف المواجهة. ولكن التحليل الموضوعي لنتائج الحرب يشير إلى جوانب نجاح وفشل لدى كل طرف، مع الأخذ بعين الاعتبار حقيقة التفوق العسكري لإسرائيل، الذي ساعدها في إلحاق مستوى أكبر من الدمار بإيران.

تسعى هذه الدراسة إلى تقييم نتائج هذه الحرب على كلٍ من إيران وإسرائيل. كما تسعى إلى استخلاص أبرز الدروس المستفادة من هذا الصراع.

أولًا- تقييم نتائج الحرب بالنسبة لإيران:

1. البرنامج النووي – ضربة موجعة طويلة الأمد:

لا يزال الوقت مبكرًا لاستخلاص تأثيرات الهجمات الإسرائيلية (عملية الأسد الصاعد) والأمريكية (مطرقة منتصف الليل) على البرنامج النووي الإيراني. وما تزال التقارير والتصريحات متضاربة “ومُسيّسة” بشأن حجم الضرر الذي لحق بقدرات إيران النووية، ما بين تدمير كلي (كما تُصر الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية)، والتضرر بشدة (كما أشار مدير وكالة سي آي إيه جون راتكليف)، إلى تعطيل البرنامج لبضعة أشهر (وفقًا للتقييم الأولي لوكالة استخبارات الدفاع التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية)، أو سنوات عدة (طبقًا لتقييم خبراء آخرين).

وبعيدًا عن التقييمات السياسية والاستخبارية، يذهب معهد العلوم والأمن الدولي Institute for Science and International Security، وهو مؤسسة غير ربحية وغير حزبية تُركز على القضايا العلمية والسياسية التي تؤثر على الأمن الدولي، إلى أنّ الهجمات الإسرائيلية والأمريكية خلفتا أضرارًا هائلة للبرنامج النووي الإيراني، وتسببتا في تأخيره بشكل كبير.

وبشكلٍ عام، أدت هذه الهجمات إلى تدمير أجهزة الطرد المركزي الإيرانية بشكل فعال، وتضررت البنية التحتية النووية بشكل كبير، وتعقدت أي جهود لتخصيب اليورانيوم إلى المستوى المستخدم في صنع أسلحة نووية. وقد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً وجهدًا ضخمًا لإعادة تركيب البنية التحتية ومراكمة المعرفة البشرية قبل أن تصل إيران إلى القدرة التي كانت تمتلكها قبل الهجوم.

وبشكل خاص، تم القضاء على معظم أجهزة الطرد المركزي في موقع نطنز، أو إلحاق ضرر شديد بها، وإلحاق أضرار كبيرة بمنشأة فوردو تحت الأرض، إضافة إلى التدمير والأضرار اللذين لحقا بمنشآت عدة في مجمع أصفهان النووي. ومن المحتمل أن يكون الهجوم على مفاعل أراك للمياه الثقيلة قد دمر المفاعل؛ ما قضى على مصدر مستقبلي محتمَل من البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه في الأسلحة النووية. إضافة إلى ذلك، دُمّرت مواقع عدة يُعتقد أنها كانت منخرطة في جهود صنع الأسلحة النووية. إضافة إلى ذلك، كلفت سياسة الاغتيالات الإسرائيلية إيران خسارة فريق من خيرة علمائها النوويين- ما لا يقل عن 14 عالمًا قُتلوا، بينهم متخصصون في التكنولوجيا المرتبطة بتصنيع الأسلحة النووية، وهو ما سيؤثر على جهود البحث والتطوير في هذا المجال الحسّاس.

ومع ذلك، لم تُستهدف جميع المواقع النووية الإيرانية، ومن الضروري إجراء تقييمات إضافية للأضرار في بعض المواقع، وخاصة المواقع تحت الأرض. ولا تزال إيران تحتفظ بمخزون كبير من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة و20 في المئة و3-5 في المئة، وأجهزة الطرد المركزي التي صُنّعت ولم تُركّب بعد في نطنز أو فوردو، إضافة إلى آلاف أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي كانت موجودة أو نُقلت إلى مجمع “كوه كلنغ غزاله”، وهو موقع مُحصن جديد تحت الأرض، يقع على بعد 90 ميلًا إلى الجنوب من “فوردو”، وعلى بعد دقائق فقط من “نطنز” في وسط محافظة أصفهان. وقد عُزّزت منشأة “كوه كلنغ غزاله”، التي لا تزال قيد الإنشاء، ووُسّعت بهدوء خلال السنوات الأربع الماضية. كل ذلك يُبقي الباب مفتوحًا أمام إمكانية استئناف النشاط النووي الإيراني، بل وإمكانية إنتاج يورانيوم عالي التخصيب كالمستخدم في صنع الأسلحة، في المستقبل، سواء عبر التطوير الذاتي، أو من خلال التعاون مع دول أخرى كروسيا والصين.

2. القدرات الصاروخية والردع العسكري – شلل عملياتي مؤقت

استهدفت الهجمات الإسرائيلية قواعد إطلاق الصواريخ، ومخازن الرؤوس الحربية، ومنشآت إنتاج الصواريخ؛ خاصة تلك العاملة بالوقود الصلب، مثل خلاطات الوقود والمختبرات المرتبطة ببرامج شهاب وخيبر. وتُظهر المعطيات أن إيران كانت تخطط لهجوم صاروخي واسع يتجاوز ألف صاروخ باليستي، لكنها لم تتمكن من تنفيذ سوى نصف الخطة تقريبًا (نحو 550 صاروخًا). هذا التراجع مردّه إلى شلل في سلسلة الإمداد، وضرب مراكز القيادة والسيطرة، وتعطيل منصات الإطلاق الثابتة والمتحركة.

ومن حيث الفعالية، تمكنت الصواريخ الإيرانية في إحداث أضرار جسيمة واستراتيجية في إسرائيل. كانت الكثير من الضربات دقيقة، ولكن الكثير منها اعتُرض من خلال منظومات الدفاع الجوي، خصوصًا منظومة “حيتس” و”القبة الحديدية”، التي بلغت نسبة نجاحها وفق التقارير الإسرائيلية 80%. ولكن تقارير أخرى تخفضها إلى نسبٍ أقل بكثير. ومع ذلك، فقد عزز هذا من صورة إيران كقوة ردع قادرة على فرض معادلات توازن جديدة في المنطقة، وكشف عن قدرات منظومتها الصاروخية.

3. استهداف المؤسسات الأمنية والاستقرار الداخلي:

وجهت إسرائيل ضربات محددة إلى عدد من مقرات الحرس الثوري، وقوات الشرطة، وأجهزة الاستخبارات؛ خاصة في طهران وقم. وقد أحدثت الضربات الإسرائيلية اضطرابًا مؤقتًا في عمل المؤسسات الأمنية، وأربكت قدرات النظام على الاستجابة للأزمات الداخلية. وإذا ما ترافقت مع موجات احتجاج شعبي في المستقبل القريب، فإن الأثر الرمزي لهذه الضربات قد يتحول إلى تآكل حقيقي لقبضة النظام على السلطة، وإن بصورة تدريجية. بعبارةٍ واحدة، تُعد هذه الضربات الذكية جزءًا من استراتيجية الضغط المركب التي تتجاوز الأثر العسكري لتصل إلى عمق الاستقرار السياسي.

4. البنية التحتية للطاقة – ضغط اقتصادي استراتيجي

لحقت بإيران خسائر اقتصادية كبيرة ودمار في البنية التحتية نتيجة الهجمات الإسرائيلية. فقد استهدفت إسرائيل منشآت نفطية وغازية بالغة الحساسية في بوشهر وطهران، بما في ذلك وحدات قرب حقل “بارس الجنوبي” الضخم، وهو أحد الأعمدة الاقتصادية الأساسية لإيران. سبّبت هذه الضربات تعطيلًا جزئيًّا لعمليات الإنتاج والتكرير والنقل- وإنْ لم تكن شاملة أو مدمّرة- ما أدى إلى انخفاض مؤقت في الإمدادات الداخلية، وتأخير شحنات موجهة للتصدير.

كان الهدف من هذا الاستهداف هو ممارسة ضغط استراتيجي على الاقتصاد الإيراني من خلال ضرب البنية التحتية للطاقة من دون الوصول إلى مستوى كارثي يدفع إيران إلى تصعيد أكبر. وأظهرت الحكومة الإيرانية قلقها من تكرار مشاهد النقص في الوقود وارتفاع الأسعار، والتي كانت أحد دوافع الاحتجاجات الشعبية السابقة.

ويعني ضرب قطاع الطاقة المساس بالمصدر الرئيسي للعملة الصعبة في إيران، ويؤدي إلى ضغوط اقتصادية وسياسية داخلية متزايدة؛ خاصة في ظل العقوبات المستمرة، والعزلة المصرفية، وارتفاع مستوى التضخم. ومن ثمّ، فإن التأثير لم يكن تقنيًّا فقط، بل كانت له أبعاد اجتماعية وسياسية مباشرة، وهو ما يعكس اتجاهًا نحو استخدام “الضغط الاقتصادي المركب” كأداة لزعزعة القرار السياسي من الداخل لا عبر جبهة المواجهة المباشرة فقط.

5. المكانة الإقليمية والدولية – تراجع تكتيكي وميل إلى التفاوض

إحدى أبرز نتائج الضربات العسكرية كان التحول في موقف إيران تجاه المفاوضات. بعد أن كانت ترفض صراحةً أي شرط أمريكي بتجميد التخصيب أو تقليص الأنشطة النووية، بدأت القيادة الإيرانية، عقب الهجمات، بإرسال إشارات إيجابية عبر وسطاء إقليميين مثل قطر وعُمان بأنها منفتحة على الحوار، ومرنة في بحث بعض الشروط.

من جهته، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إيران “لن تخصب اليورانيوم مجددًا”، معتبرًا ذلك انتصارًا سياسيًّا وعسكريًّا يثبّت “سياسة الردع بالضربات المسبقة”. وفي الوقت نفسه، لم يصدر عن القيادة الإيرانية نفي قاطع أو خطاب تصعيدي مماثل، بل جاء ردّها هادئًا، ما فُسر بأنه اعتراف ضمني بالتراجع.

دوليًّا، تباينت ردود الفعل؛ فقد دعت أوروبا إلى ضبط النفس، بينما أدانت روسيا الهجمات لكن من دون اتخاذ أي إجراء فعلي، في حين راقبت الصين الوضع بصمت نسبي، ما أوحى بأن إيران باتت معزولة أو على الأقل من دون دعم حقيقي في هذه الجولة. هذا التراجع التكتيكي فرض واقعًا جديدًا على طهران: الانتقال من موقع الندّية إلى موقع دفاعي، والعودة إلى الطاولة من موقع ضعيف بعد تآكل أدوات الردع.

6. الخسائر البشرية والنفسية – اغتيالات وخسائر نوعية

أسفرت الحرب، وفقًا لوزارة الصحة الإيرانية، عن نحو 610 قتلى و4746 مصابًا، معظمهم من المدنيين.  بيد أنّ الآثار الخطيرة للحرب كان استهداف واغتيال شخصيات أمنية رفيعة المستوى في الجيش الحرس الثوري والباسيج والشرطة الاستخباراتية والعلماء الإيرانيين. وقد شملت هذه الاغتيالات قادة مسؤولين عن الحرب السيبرانية، والأمن الداخلي، والتحكم بالوحدات القمعية في المدن الكبرى، إلى جانب نواب وشخصيات ذات رمزية اجتماعية. غير أنّ أبرز الاغتيالات طالت حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري، ومحمد باقري، رئيس هيئة الأركان، وغلام علي رشيد، قائد مقر “خاتم الأنبياء”، وأمير علي حاجي زاده، قائد قوات الجو-فضاء بالحرس الثوري. وبالجملة، لقي 30 قائدًا رفيع المستوى في الحرس الثوري حتفهم خلال الحرب.

تأتي هذه الاغتيالات في سياق استنزاف هيبة النظام الإيراني. فغياب هذه الشخصيات قد يُضعف القدرة على التنسيق الأمني؛ خاصة في حال اندلاع احتجاجات داخلية، ويؤدي إلى فراغات في مراكز القرار الأمني على المستويين التنفيذي والاستخباراتي. كما أن بث صور هذه الاغتيالات أو مراسم التشييع في الإعلام المعارض أو على منصات التواصل يعزز من شعور “الاختراق”.

إضافة إلى الأثر الأمني، فإن الجانب النفسي والمعنوي لا يقل أهمية، خصوصًا بين أنصار النظام والمجندين الجدد. فالمشهد العام بات يُظهر ضعفًا في قدرة النظام على حماية قياداته، ما قد يفتح الباب لتراجع الانتماء العقائدي، وتزايد مظاهر التململ حتى في بيئاته التقليدية.

7. الدعم غير المباشر – الحشد الشعبي والميليشيات

برغم التوقعات بردود قوية من الحشد الشعبي أو جماعات الحوثيين أو حزب الله، فإن الرد الإيراني غير المباشر كان خافتًا. سُجّلت هجمات محدودة بالطائرات المسيّرة على قواعد أمريكية في العراق، لكنها لم تؤدِّ إلى خسائر بشرية أو مادية كبيرة، ولم تتبنَّ أي جهة مسؤوليتها، ما عكس حذرًا إيرانيًّا لافتًا للنظر.

هذا السلوك يوحي بأن طهران اختارت في هذه المرحلة احتواء التصعيد، وتجنّب توسيع ساحة المواجهة. كما يعكس وجود تعليمات مباشرة من القيادة الإيرانية لوكلائها بعدم التورط في عمليات قد تجرّهم إلى ضربات انتقامية واسعة، خصوصًا أن إسرائيل ألمحت إلى أنها ستعدّ أي هجوم غير مباشر جزءًا من المعركة مع إيران نفسها.

غياب التصعيد عبر الوكلاء يشير إلى تقييد في هامش المناورة، وقد يكون مؤشرًا إلى تراجع النفوذ الإيراني أو على الأقل تراجعه التكتيكي المؤقت. كما يُضعف قدرة إيران على استخدام “الحرب غير المتماثلة” كورقة ضغط فعّالة، ما يُعيد ترتيب أولوياتها الإقليمية في ضوء المتغيرات الجديدة.

ثانيًا- تقييم نتائج الحرب بالنسبة إلى إسرائيل:

1. النتائج العسكرية:

نجحت إسرائيل، بدعم مباشر وغير مباشر من الولايات المتحدة، في توجيه ضربات مؤثرة للبرنامج النووي الإيراني، وإلحاق أضرار جسيمة بترسانتها الصاروخية ومنظومة الدفاع الجوي، كما سبق وأشرنا. وفقًا لبعض التقديرات، أدت الهجمات الإسرائيلية إلى تعطيل ما يقرب من 40% من منصات الإطلاق و70% من بطاريات الدفاع الجوي الإيرانية، مع مقتل عدد من كبار قادة الجيش والحرس الثوري. كما شُلّت أجزاء من سلسلة الإمداد اللوجستي للصواريخ.

وقد برهنت القدرة الإسرائيلية على تنفيذ ضربات دقيقة بعيدة المدى ضد أهداف استراتيجية عالية التحصين على تفوق سلاح الجو والاستخبارات؛ بما فيها الموساد، في تنفيذ عمليات نوعية على عمق مئات الكيلومترات.

وترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن أبرز مكسب تحقق هو ترسيخ صورة “الردع النشط”. فتشير تقارير غربية إلى أن الهجوم الإسرائيلي وجّه رسالة واضحة مفادها أن التهديد النووي الإيراني لن يُترك من دون ردّ، وأن أذرع إيران أو حلفائها في المنطقة مثل حزب الله وحماس والحوثي ليست بمنأى عن الضربات الاستباقية.

ومع ذلك، لا يُخفي صانعو القرار في تل أبيب إدراكهم بأن النصر لا يزال مؤقتًا. فبحسب تقارير، لا تزال إيران تملك القدرة على إعادة تأهيل منشآتها خلال 18 إلى 24 شهرًا، كما أن شبكتها من الوكلاء لا تزال نشطة، ما يفرض تحديًّا مستمرًا للردع الإسرائيلي على المدى البعيد.

2. التفوق في الحرب السيبرانية والهجينة

أشارت تقارير إلى أن إسرائيل نفّذت هجمات سيبرانية عطّلت شبكات المراقبة الإيرانية وعرقلت اتصالات القيادة والسيطرة، كما تم استخدام المسيرات بكثافة لضرب أهداف دقيقة داخل إيران دون خسائر بشرية في الجانب الإسرائيلي، حملت في بعض جوانبها تكتيك العملية الأوكرانية في العمق الروسي منذ أسابيع، وعليه يمكن القول إن هذا التكامل بين الأسلحة التقليدية والقدرات السيبرانية يضع إسرائيل ضمن الدول القليلة التي يمكنها شن حرب هجينة متكاملة في “المجال الرمادي”، مما يعزز قوتها الردعية في المنطقة.

3. الخسائر البشرية والاقتصادية:

أسفرت الحرب، طبقًا للبيانات الرسمية الإسرائيلية، عن مقتل 29 إسرائيلياً، وإصابة 3345 آخرين، فضلًا عن تشريد أكثر من 11 ألف إسرائيلي.

كما أسفرت الحرب عن دمار في عدد من المدن الإسرائيلية وخسائر اقتصادية. وقدرت التكاليف اليومية للعمليات العسكرية الإسرائيلية، بما فيها اعتراض الصواريخ باستخدام منظومات مثل “مقلاع داوود” و”السهم”، بالإضافة إلى الطلعات الجوية المكثفة، بما يصل إلى نحو 285 مليون دولار فأكبر كلفة يومية منفردة تتحملها إسرائيل، بحسب خبراء، تتمثل في صواريخ الاعتراض المستخدمة لتفجير الصواريخ الإيرانية القادمة، والتي قد تتراوح تكلفتها وحدها بين عشرات الملايين إلى 200 مليون دولار يوميًا. وتزيد تكاليف الذخيرة والطلعات الجوية من العبء المالي، إلى جانب الأضرار غير المسبوقة التي لحقت بالمباني والبنية التحتية. وتشير بعض التقديرات حتى الآن إلى أن تكلفة إعادة الإعمار أو إصلاح الأضرار قد لا تقل عن 400 مليون دولار. وتشير تقديرات خبراء الدفاع إلى أن الكلفة الإجمالية للأيام الـ 12 من الحرب تجاوزت 5 مليارات دولار، بينما يُرجح أن تصل تكاليف إعادة الإعمار والتعويضات إلى عشرات المليارات مع مرور الوقت.

كما أدت الهجمات الصاروخية إلى إغلاق كامل للمجال الجوي الإسرائيلي، بما في ذلك مطار بن غوريون، مما عزل أكثر من 150 ألف إسرائيلي في الخارج.

4. إثارة الاستفهام على جدوى الحرب الاستباقية ومنظومات الدفاع الجوي:

أظهرت هذه الحرب أن إيران، رغم تلقيها ضربات موجعة، ما زالت قادرة على الرد بقوة، والوصول إلى عمق إسرائيل، وتهديد منشآتها الحيوية، ما يضع علامات استفهام حول جدوى استراتيجية “الضربات الاستباقية”، وهي الاستراتيجية الإسرائيلية المفضلة، في إضعاف قوة الردع المعادية.

أعادت المواجهة مع إيران تسليط الضوء على هشاشة الدفاع الجوي وجاهزية إسرائيل لمواجهة تصعيد واسع النطاق. فمن بين نحو 550 صاروخاً إيرانياً، وأكثر من 1000 طائرة مُسيَّرة، تم إطلاقها نحو إسرائيل، وصل عدد من هذه الأسلحة إلى أهدافه؛ ومنها مناطق مأهولة ومواقع إستراتيجية، مسببة أضرارا جسيمة. فضلاً عن منشآت حيوية مثل بازان في حيفا ومعهد وايزمان في رحوفوت. كما أدت الهجمات الصاروخية إلى إغلاق كامل للمجال الجوي الإسرائيلي. كما كشفت الحرب عن ضعف في البنية التحتية للجبهة الداخلية الإسرائيلية، في ظل نقص الملاجئ والحماية المدنية.

5. تغيير النظام:

لم يكن الساسة الإسرائيليون واضحين فيما يتعلق بأحد أهم أهداف الحرب: تغيير نظام الحكم في إيران، أم خلق فوضى داخلية على النمط السوري والليبي، أم مجرد تهديد رمزي للنظام من دون محاولة إسقاطه.

فإذا كان الهدف الأول أو الهدف الثاني أحد أهداف إسرائيل من شن هجومها على إيران، فقد أخفقت تل أبيب في تحقيق أيهما. فلم يسقط النظام الإيراني كما كانت تطمح تل أبيب وأطراف دولية. بل بدا النظام أكثر تماسكا، وما زال المرشد الإيراني علي خامنئي على رأس الهرم، ويحظى بدعم شعبي ملحوظ، ما يعكس إخفاقًا في تقويض أركان النظام أو تأليب الرأي العام الإيراني ضده خلال أيام القتال. ولم تُسفر الحرب عن فوضى داخلية أو انتفاضة شعبية في إيران.

ومع ذلك، فإنّ الحرب مثلت تهديدًا رمزيًا ذا مصداقية للنظام الإيراني. وإذا كان هذا هو هدف إسرائيل، كما يجزم معهد دراسات الحرب، فقد نجحت في تحقيقه. فوفقًا للمركز، حرصت إسرائيل على توجيه ضربات رمزية ومحدودة إلى عدد من مقرات الحرس الثوري، وقوات الشرطة، وأجهزة الاستخبارات، خاصة في طهران وقم. وكان الهدف المعلن لهذه الضربات هو إرسال رسالة سياسية–عسكرية تؤكد القدرة على الوصول إلى قلب النظام، دون أن تؤدي إلى فوضى داخلية قد تنعكس سلبًا على مصالح دول الجوار أو المجتمع الدولي.

ويعكس هذا النمط من الاستهداف، كما يصف تقرير معهد دراسات الحرب، ببناء “تهديد ذي مصداقية” لا حملة تغيير نظام. أي أن إسرائيل والولايات المتحدة أرادتا خلق ضغط داخلي كافٍ على القيادة الإيرانية لدفعها إلى القبول بوقف إطلاق النار أو العودة للمفاوضات، دون منح الذريعة لإيران بأن الحرب تهدف إلى إذلالها أو إسقاطها.

والخلاصة أنّ إسرائيل والولايات المتحدة وجهتا ضربات موجعة لأركان النظام الإيراني، مما أدى إلى إضعاف قدراته النووية والصاروخية، وأعلى المستويات العسكرية، ومؤسسات الحكم. ومع ذلك، فإن النظام، على الرغم من ضعفه، لا يزال قادرًا على التعافي والخروج من أزمته.

ثالثًا- الدروس المستفادة من الحرب الإسرائيلية-الإيرانية:

ثمة عدة دروس مستفادة من هذه الجولة من الصراع بين إسرائيل وإيران، بالنسبة لدولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، وبالنسبة للأمن الإقليمي عامة.

1. تعزيز القدرات الاستخبارية والاستطلاعية في عمق أراضي العدو:

كشفت الحرب الإسرائيلية-الإيرانية عن قوة المجتمع الاستخباراتي الاسرائيلي من ناحية، والانكشاف الإيراني من ناحية أخرى. وكان مصرع معظم قيادات الصف الأول في المؤسسة العسكرية والحرس الثوري، واغتيال عدد كبير من العلماء النوويين الإيرانيين، وتجنيد الجواسيس وإقامة قواعد لهم، ومن ثم تنفيذ عمليات مستترة covert ضد منصات إطلاق الصواريخ داخل إيران.. كلها دلائل على الانكشاف الاستخباري الإيراني وقوة الموساد الإسرائيلي. ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، كان الموساد يستعد لسنوات للهجوم الكبير الذي شنته إسرائيل على إيران في 13 يونيو الجاري. وكان يعرف مواقع تخزين الصواريخ الإيرانية، والمكان الذي يحتاج إلى تمركزه على الأرض لمهاجمتها. وفي هذا الصدد، أشارت الصحيفة إلى عملية أمنية نفذها الموساد داخل إيران، وأدت إلى إحباط وتعطيل الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي لساعات، عن طريق تهريب أجزاء الطائرات المسيرة التي استخدمت في مهاجمة منصات إطلاق الصواريخ والباليستية والشاحنات التي تنقلها ومنظومات الدفاع الجوي، بالتزامن مع الهجوم الجوي الإسرائيلي. ولعل ذلك يذكرنا بعملية شبكة العنكبوت الأوكرانية في الأول من يونيو 2025؛ حيث استخدمت كييف 117 طائرة مسيرة، تم تهريب أجزائها إلى روسيا ومن ثم تجميعها هناك، في ضربة منسقة شاملة ضد خمسة قواعد جوية روسية رئيسية، أفضت إلى تدمير أو تعطيل 41 طائرة حربية، بما في ذلك بعض من أهم القاذفات الاستراتيجية وطائرات الاستطلاع في روسيا.

إنّ نجاح أي هجوم أو دفاع يبدأ من المعلومة الدقيقة في الوقت المناسب. وهذا يتطلب بناء أجهزة استخبارات فعالة، واستخدام الأقمار الصناعية، والطائرات الاستطلاعية، والاختراق السيبراني، مع تدريب نخبة وطنية عالية الكفاءة.

2. محدودية فعّالية المنظومات الدفاعية الروسية:

أظهرت الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة والهجمات الأمريكية على إيران حدود فعالية المنظومات الدفاعية الروسية مثل “إس-300” بعيدة المدى، ورادارات “Resonance-NE” القادرة نظريًا على كشف الطائرات الشبحية والصواريخ الباليستية من مسافات بعيدة، وكذلك منومات الدفاع الجوي الإيرانية محلية الصنع، مثل”آرمان” و”باور 373″، و”رعد”، و”طبس”، و”خرداد 3″، وغيرها. وبرغم الترويج الإيراني المكثف لهذه المنظومات على مدار السنوات الماضية، فإن الحرب الأخيرة كشفت محدودية فعاليتها أمام الهجمات الإسرائيلية واسعة النطاق والدقيقة، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول الفجوة بين الدعاية العسكرية الإيرانية والواقع الميداني. وقد ظهرت بوادر ضعف أنظمة الدفاع الجوي الروسية في أوكرانيا، حيث تمكنت كييف من إطلاق صواريخ بريطانية من نوع Storm Shadow مئات الكيلومترات داخل الأراضي الروسية، مستهدفة مواقع حساسة.

وقد أفضى ذلك إلى امتلاك إسرائيل تفوقًا جويًا، وصل إلى حد الادعاء بحيازتها السيادة وحرية الحركة في السماء الإيرانية. وقد أثار الانهيار السريع لأنظمة الدفاع الجوي الروسية في إيران قلقًا بالغًا لدى الكرملين؛ فلم تُسقط أي مقاتلة إسرائيلية، وإن زعمت إيران بلا دلائل واقعية أنها أسقطت مقاتلة من طراز F-35.

والواقع أنّ محدودية فعّالية أنظمة الدفاع الروسية في إيران يثير شكوكًا جدية على أهميتها العسكرية، بل قد يؤثر أيضًا سلبًا على مبيعات الأسلحة الروسية عالميًا، وقد تستفيد الصين من ذلك.

3. تطوير الصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيرة:

تثبت المعارك الحديثة أن من يمتلك سرعة الصاروخ يتفوق على أنظمة الدفاع. الصواريخ الفرط صوتية قادرة على تجاوز الدفاعات الجوية التقليدية، وضرب أهداف استراتيجية خلال دقائق. لا بد للعرب من الاستثمار الجاد في هذا المجال، عبر بحوث محلية أو شراكات ذكية.

كما أصبحت الطائرات بدون طيار عنصرًا حاسمًا في الحروب الحديثة، سواء في الهجوم أو المراقبة. وعلى الرغم من أن بعض الدول العربية أحرزت تقدمًا، إلا أن المطلوب هو إنتاج محلي نوعي يتمتع بمدى أبعد، وقدرات تشويش وتخفي ومناورة أعلى.

وقد أبانت الخبرة السابقة أن التعاون العربي الثنائي أو الجماعي ضروري لتطوير هذه القدرات، من خلال تحالفات ثنائية أو ثلاثية دمج الموارد والخبرات، وإنشاء مراكز تكنولوجيا عسكرية مشتركة.

4. عدم قدرة إسرائيل على خوض حرب استنزاف طويلة المدى:

أبانت الحرب عن أن نقطة الضعف الرئيسة لدى إسرائيل هو عدم قدرتها على خوض جرب استنزاف طويلة الأمد، برغم ادعاء حكومتها وجيشها غير ذلك. ولعل ذلك يفسر أنّ تل أبيب هي التي طلبت من الإدارة الأمريكية التدخل لوقف لإطلاق النار، وهو ما حدث بوساطة قطرية.

5. الدور الأمريكي الحاسم في الحرب:

منذ البداية، كان لواشنطن دورها الرئيسي في مجرى العمليات العسكرية، حيث وقفت في البداية بقوة داعمة لإسرائيل في تحقيق أهدافها سواء على مستوى التصريحات الرسمية الداعمة والتنسيق المستمر بين ترامب ونتنياهو، بشأن مسار العمليات العسكرية أم مسار تقديم الأسلحة الحديثة والإسهام في اعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية، وصولاً إلى مشاركة القوات الأمريكية نفسها في العمل العسكري؛ مما كان له تأثيره الواضح في مسار الحرب.

6. دبلوماسية القوة:

ثمة مذهب جديد أخذ بالتبلور في السياسة الخارجية الأمريكية، وهو دبلوماسية القوة، ويتلخص في اضرب بقوة، اضرب بدقة، ثم اجلس للتفاوض من موقع قوة. لا حلفاء أوروبيين، ولا قرارات أممية، ولا تحالفات دولية، فقط الولايات المتحدة، فقط ترامب وبعض الحلفاء الإقليميين. لا احتلال، لا قوات برية، لا بناء دولة، دعم أمريكي للهجمات الإسرائيلية على إيران (13 يونيو 2025)، ثم ضربة دقيقة للمنشآت النووية الإيرانية، تلتها دبلوماسية مكثفة لوقف إطلاق النار، ثم ممارسة الضغوط على الطرفين للالتزام به. فقد اضطر الرئيس ترامب للاتصال مباشرة برئيس الوزراء الإسرائيلي يوم 24 يونيو لممارسة ضغوط عليه لاحترام الاتفاق بسبب استمرار الخرق الإسرائيلي لوقف إطلاق النار.

7. القوة تخلق الحق وتحميه:

أبان الهجوم الإسرائيلي “الاستباقي” على إيران عدم احترام إسرائيل للقانون الدولي والأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية. وبدلا من أن تسارع الدول الغربية إلى إدانة الانتهاك الإسرائيلي لكافة القوانين الدولية التي أرستها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وشنها عدوانًا على دولة ذات سيادة، وجدناها تعلن تأييدها لإسرائيل بدعوى “الحق في الدفاع عن النفس”. والواقع أنّ الرواية الإسرائيلية، والمواقف الأوروبية المتماهية معها، تتضمن تناقضًا أساسيًا، يتعلق بالتناقض بين فكرة الحرب الاستباقية وحق الدفاع الشرعي عن النفس الذي يشترط وجود تهديد حال Imminent Threat. والحرب أو الضربات الاستباقية لا يسبقها، بالتعريف، وجود أية حالة من حالات التهديد الحال. وفي شأن الهجوم الإسرائيلي على إيران، لم يكن هناك تهديد حال من جانب إيران لإسرائيل؛ فالأولى لم تحشد قواتها أو تعلن التعبئة العامة لمهاجمة الثانية، بل كل الظروف كانت تسير في اتجاه تسوية مشكلة الملف النووي الإيراني عن طريق المفاوضات التي كانت مجدولة جولتها السادسة في 15 يونيو، وفقًا للتصريحات المتفائلة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نفسه. ثم إن إيران، وبرغم التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أشار إلى تسريع إيران وتيرة تخصيب اليورانيوم ومواصلتها رفض الامتثال لشروط الوكالة للرقابة على برنامجها، لا تمتلك قدرات عسكرية نووية، وإنما إسرائيل هي التي تحوذها.

كما أثبتت المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية عجز الشرعية الدولية المتمثلة بالأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرها عن ردع إسرائيل. بل إنّ مجلس الأمن الدولي عجز عن مجرد إصدار بيان يدين الهجوم الإسرائيلي على إيران.

8. سعي إسرائيل الحثيث للهيمنة الإقليمية:

تستند الحروب الإسرائيلية في المنطقة إلى خطة توسعية ومشروع للهيمنة على المنطقة بأكملها. ولعل هذا هو ما يقصده نتنياهو من سعيه لتغيير وجه الشرق الأوسط، وما لا يخفيه أعضاء حكومته المتطرفين من أنّ الوقت أصبح ملائمًا لترجمة نبوءة ” إسرائيل الكبرى” التي تضم سائر فلسطين التاريخية وأجزاء مقتطعة من مصر وسوريا والأردن ولبنان. بل إن الهجوم على إيران فتح شهية إسرائيل إلى الذهاب أبعد من مجرد تحقيق النبوءة التوراتية عن طريق التوسع أكثر. ويلاحظ أن تباهي القادة الإسرائيليين بقدرتهم على الضرب بحرية في أي مكان من المنطقة، بما في ذلك زعمهم بالسيادة الجوية فوق إيران، وارتكابهم المجازر في الأراضي الفلسطينية ولبنان من دون أن يردّهم أحد… كل ذلك لتأسيس او ترسيخ فكرة القوة الإسرائيلية التي لا رادع لها. كما يردد بعض الساسة الإسرائيليين أن الدور على مصر أو تركيا بعد الانتهاء من إيران.

ويتطلع نتنياهو إلى محاكاة النموذج الأمريكي في الهيمنة على النمط الترامبي في الشرق الأوسط.

والواقع أن الخطط التوسعية الإسرائيلية تضرب في الصميم أمن دول المنطقة، وتهددها بنظام أمنى يكون فيه لإسرائيل (والولايات المتحدة) اليد العليا الساعية لفرض إرادتهما على المنطقة دولة بعد الأخرى. لقد أصبح واضحًا للغاية أن المصدر الرئيسي لانعدام الأمن وعدم الاستقرار والصراعات الدموية المدمرة في المنطقة هو إسرائيل.

المواضيع ذات الصلة