أصبح الدور الذي تَضطلع به مراكز الفكر والدراسات – على اختلاف أنواعها واهتماماتها يكتسي أهمية متزايدة بفعل الثورة المعرفية والتكنولوجية التي يشهدها العالم، والتي مكنت البشرية وحضارتها من الارتقاء إلى مستويات جديدة من التطور أسهمت في رسم مسارات المستقبل الذي تنشده الأمم والشعوب في تحقيق طموحات التنمية والرخاء والاستقرار.
وقد جاء، في هذا السياق، تأسيس مركز “تريندز” كمؤسسة بحثية فكرية مستقلة عام 2014، في أبوظبي، ليشكل إضافة مهمة لمسيرة البحث العلمي الجاد والرصين، بما يمثله من مشروع فكري متكامل يسعى إلى تقديم فهم أفضل وتحليل أدق لمختلف القضايا والتطورات المختلفة المحيطة بمنطقتي الخليج والشرق الأوسط خاصة، والتطورات التي يشهدها العالم، وذلك وفق الضوابط العلمية المتعارف عليها دولياً لدى أعرق مراكز التفكير والبحث العلمي.
ويُعنى مركز “تريندز” برصد القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية والمعرفية في منطقتنا والعالم، وتحليلها وفق منظور استراتيجي يركز على تقديم دراسات متخصصة في هذه المجالات، بما يمكننا من دعم صانع القرار على المستويات الوطنية والإقليمية، وتقديم رؤى أدق وأعمق لهذه القضايا والتطورات؛ والإسهام بفاعلية في ترسيخ أسس البحث العلمي الرفيع المستوى.
ويندرج ضمن توجهنا هذا في المركز، تحليل الفرص والتحديات التي تفرضها التطورات الإقليمية والعالمية على مختلف الصُّعد وما تحمله من تساؤلات مطروحة أو ممكنة نسعى من خلال عملنا في المركز أن نجد لها إجابات علمية وموضوعية من شأنها أن تُسهم في دعم مسيرة التنمية والتطوير والاستقرار المستدام التي تنشدها شعوب المنطقة والعالم.
لقد حملنا في مركز “تريندز”، ومنذ انطلاقه، على عاتقنا مسؤولية متابعة التطورات والتحولات التي تشهدها منطقتنا والبيئتان الإقليمية والدولية بالبحث والتحليل الموضوعيَيْن من خلال رؤية استشرافية وبناءة تستهدف تحقيق الأهداف الطموحة التي رسمناها لأنفسنا منذ البداية، وتعزيز التواصل الفكري والعلمي مع مختلف مراكز البحث بما يحقق هذه الأهداف، استنادًا إلى مبادئ المصداقية والنزاهة العلمية والشفافية. كما نعمل في المركز على توفير برامج وآليات لتأهيل وتدريب كوادر بحثية واستقطاب مجموعة من الباحثين المرموقين، لدراسة أهم الموضوعات المرتبطة بعالمنا من نواح عدة سياسية واقتصادية وأمنية لتفعيل، وتعميق الدراسات والرؤى في هذه الجوانب المتعلقة بمنطقة الخليج العربي والعالم.
ونريد لمركز “تريندز”، أن يكون جسرَ تواصلٍ معرفيٍّ وأكاديمي يصل بين فئات عريضة من المهتمين والمتخصصين، حيث يسهم في توفير قاعدة جيدة من البيانات والتحليلات والدراسات الموثقة التي تقدم رؤى واضحة وموضوعية بخصوص العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وذلك بهدف المساهمة الفعالة في توجيه الرأي العام العربي والدولي وخاصة في الشؤون الجيوسياسية، والاقتصادية والأمنية، وتكوين شبكة قوية من المتعاونين من النخب الأكاديمية والبحثية والجامعية على المستويين العربي والدولي في إطار توخي جودة الإنتاج البحثي والفكري والتنوع في أساليب البحث والتفكير، لتحقيق الأهداف التي نصبو إليها.
لقد تغيرت خريطة اهتمامات مراكز البحوث والدراسات في العالم في السنوات القليلة الماضية، وظهرت قضايا جديدة لم تكن موجودة من قبل، كالذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة والحروب الرقمية والاقتصاد الأزرق المستدام، والطاقة المتجددة، ولهذا فإننا في “تريندز” حريصون على مواكبة هذه القضايا ودراستها من منظور شامل ومتكامل من خلال كوكبة من الباحثين والمفكرين، والاستفادة من الفرص التي تتيحها في تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة لدول المنطقة.
إننا نؤمن في “تريندز” بأننا جزء مهم من حركة البحث العلمي العالمي، لا نتفاعل معها وننفتح على مدارسها البحثية والفكرية فحسب، وإنما نسهم في إثرائها أيضاً من خلال إنتاج بحثي وعلمي ومعرفي يتسم بالمصداقية والاستنارة. كما نطمح إلى تبوؤ مكانة فكرية مرموقة ضمن أهم المؤسسات الفكرية والبحثية في المنطقة والعالم بشكل عام؛ وفق خطة استراتيجية واضحة وطموحة تتخذ من البحث العلمي والشراكات الناجحة ركيزتين أساسيتين من ركائز التفوق والتميز الذي يسهم في تعزيز أسس الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة العربية والعالم.