يمثل العلم والتكنولوجيا إحدى أهم ركائز الحياة العصرية، فتأثيرهما جليّ في جميع مناحي حياتنا، في البيت والعمل وفي المجتمع. وعبر العصور كان للتقدم العلمي والتغيير التكنولوجي آثار بليغة على التجمعات البشرية؛ فقد آدت التنمية التكنولوجية دورًا حاسمًا في تشكيل البنى الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع. يلخص كارل ماركس العلاقة بين التغيير التكنولوجي والتغيير الاجتماعي في قولته المشهورة “الطاحونة اليدوية تعطيك مجتمعًا مع إقطاعي، آما الطاحونة البخارية فتمنحك مجتمعا مع رأسمالي صناعي”.
وبصفة عامة، يُعدّ العلم والتكنولوجيا عاملين مفيدين للتقدم المجتمعي. تكشف الدراسات الاستقصائية التي آجريت في العديد من الدول آن الناس يدركون الفوائد التي تجلبها التحسينات التكنولوجية على حياتهم اليومية. وتشمل هذه التطورات العلاجات الطبية، وزيادة الوصول إلى المعلومات، وزيادة الراحة من خلال التقنيات والبرامج التي تبسّط الوظائف.
ومع ذلك، هناك أيضًا مستوى كبير من الشك والقلق بشأن الجوانب السلبية المحتملة للعلم والتكنولوجيا. وتشمل القضايا الرئيسية ما يأتي: الخصوصية والأمن، الأثر على الوظائف، الأثر البيئي.
للرأي العام تأثير كبير على كيفية تمويل البحوث، والتكنولوجيا، وتنظيمها، وتطبيقها. وكثيرًا ما تراعي الحكومات والشركات الرأي العام عند اتخاذ القرارات المتعلقة بتمويل البحوث والتقدم التكنولوجي والأطر التنظيمية. على سبيل المثال، أثرت المعارضة العامة للأغذية المعدلة ورائيًّا والطاقة النووية على السياسة في العديد من الدول، ما أدى إلى وضع ضوابط أقوى على تقنيات معينة، أو حظرها.
ومن ناحية أخرى، قد يؤدي الدعم الجماهيري الكبير للبحوث العلمية، مثل استكشاف الفضاء أو التخفيف من آثار تغير المناخ، إلى استثمارات كبيرة في تلك الميادين. وتشجع الحماسة العامة للابتكار ريادة الأعمال، ما يؤدي إلى تطوير تقنيات جديدة قادرة على حل قضايا العالم الحقيقي.
في العصر الحديث، أصبح العلم والتكنولوجيا القوة وراء التحولات الكبرى التي تشهدها المجتمعات حول العالم. من تحسين جودة الحياة إلى خلق فرص جديدة للجيل القادم، يتجلى تأثير القوى في مختلف مناحي الحياة. ومع ذلك، فإن هذا التأثير لا يُدرك بالطريقة نفسها في كل مكان: إذ تتباين لتصورات حول دور العلم والتكنولوجيا بشكل كبير بين الأقاليم المختلفة وبين الفئات الاجتماعية، ما مكس التحديات الاقتصادية والثقافية التي تواجهها كل منطقة…