الورقة المقدَّمة: حالة النازحين السوريين في المملكة العربية السعودية، ونيجيريا، وماليزيا باعتبارها نموذجًا بديلًا وحلًا للتعامل مع أزمة اللاجئين في دول شمال أفريقيا.
قدمت الباحثة أمينة عثماندزيكوفتش، من مركز تريندز، بحثها وعملها الميداني عن السوريين النازحين إلى المملكة العربية السعودية مُسلطةً الضوء على نموذجي نيجيريا وماليزيا باعتبارهما مثالين بديلين لإدارة استقبال النازحين وإيوائهم.
وقد تناول البحث المصطلحات التي كثيراً ما تكون موضوعًا خلافيًا، مثل مصطلحي “اللاجئين” و“المهاجرين“، ومدى قابلية تطبيقهما على حالة النموذج البديل باعتباره حلاً جديداً للدول التي تواجه هذا التحدي، بما فيها دول شمال أفريقيا.
وعلى الرغم من التعاريف الواضحة الخاصة بمساعدة اللاجئين، فإن الحكومات في جميع أنحاء العالم ارتأت إسناد المسؤولية الأساسية لإدارة استقبال اللاجئين إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين؛ وهذا إلى جانب الفراغ الموجود من حيث آليات الاستجابة الفعالة لهذه الحالات على المستويين المحلي والإقليمي.
وتشكل، في هذا السياق، نماذج كل من المملكة العربية السعودية، وماليزيا ونيجيريا مقاربات بديلة لإدارة استقبال النازحين وإيوائهم.
فبالنسبة للنموذج الماليزي فقد تم إعداده وتنفيذه بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وتم فيه الحرص على ضرورة الاستجابة لحاجة لاجئي آتشيه للحماية.
أما بالنسبة للنموذج النيجيري فينطوي على اتفاقية إقليمية شكلت إطار عمل شامل هَدفَ إلى توفير الحماية للاجئين، وتمكينهم من دخول أسواق العمل في المنطقة على نطاق واسع.
أما في ما يتعلق بنموذج غرب أفريقيا لاستقبال النازحين وإيوائهم، فهو يستند إلى معاهدة إقليمية فضلا عن اتفاق مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، بالإضافة إلى اعتراف بوضع هؤلاء بوصفهم لاجئين.
وقد نجح نموذج غرب أفريقيا في محاولة سد الفجوة بين وضع اللجوء والجوانب الاقتصادية المرتبط بالهجرة، وذلك من خلال توسيع إطار ما يَنص عليه تكليف المعاهدة ليشمل فئة اللاجئين بوصفهم فئة مستفيدة.
ويُشكل، نموذج المملكة العربية السعودة، من بين النماذج السالفة الذكر أحد أفضلها باعتباره نموذجًا متكاملًا تَبنى مقاربة أكثر شمُولًا لإدارة عمليات استقبال النازحين وإيوائهم.
فقد حرصت المملكة على توفير خدمات الرعاية الصحية، والتعليم العالم مجانًا، والحصول على منح مجزية للتعليم العالي، والإعفاء من التأشيرة في بعض الحالات، ودخول سوق العمل ضمن مبادرة “برنامج أجير” بإشراف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
ويشار إلى أن المملكة قد عملت منذ عام 2011 على اتخاذ حزمة من الإجراءات الرامية إلى ترقية أنظمتها الخاصة بالهجرة والإدماج. كما يذكر أن للمملكة تاريخ طويل في مساعدة النازحين داخل حدودها وخارجها استفاد منه الفلسطينيون واليوغور الذين أصبح عدد منهم من المجنسين.
كما مكنت الإجراءات التي اتخذتها المملكة، على خلاف أي تجربة سابقة، من إدارة قضايا اللاجئين من خلال حرص السعودية على تعديل أنظمتها الخاصة بالهجرة لتسهيل استيعاب النازحين السوريين واليمنيين لاحقًا.
تُشكل التجربة السعودية، بالفعل، نموذجًا رائدًا من بين النماذج الثلاثة المذكورة بالنظر لعدد السوريين الذين تمت إغاثتهم خلال أصعب الفترات عام 2015، والذين قدر عددهم بـ 2.2 مليون فرد.
إن ما يجعل هذه النماذج مختلفة هو قلة عدد اللاجئين وطالبي اللجوء الذين يُعنى بهم البرنامج، مقارنة بأعدادهم في مناطق أخرى. كما أن اللاجئين في غرب أفريقيا متفرقون في عدة دول.
لقد برزت هذه النماذج، على الرغم من اختلاف سياقاتها الجغرافية في ثلاث مناطق مختلفة وبأعداد متباينة من المستفيدين، كنتيجة مباشرة لأحداث محلية وأخرى إقليمية جعلت الحكومات تتجه نحو اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للتعامل الوضع القائم.
ويظل، في هذا الإطار، واحدًا من الحلول الممكنة لأزمة المهاجرين في دول شمال أفريقيا نموذجًا يجمع بين التجربة النيجيرية والماليزية والسعودية، وذلك بمساعدة من المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ودعم منهما، من أجل الدفع في اتجاه تحسين الوضع العام في دول تعاني أزمات حادة مثل المغرب وتونس.
المزيد عن المؤتمر:
تم تنظيم المؤتمر الدولي الأول للبحوث حول التحديات الأفريقية بهدف تناول التحديات التي يواجهُهَا المجتمع البحثي والأكاديمي في جميع أنحاء أفريقيا وخارجها.
وبوصفه مؤتمرا أكاديميا رائدًا، منح المؤتمر للخبراء والباحثين مجالا للنقاش البناء، وأتاح لهم كذلك فرصة مميزة للالتقاء وتبادل أفكارهم وآخر مستجدات ما توصلوا إليه في بحوثهم التخصصية ومتعددة التخصصات.
وقدد عرف المؤتمر نقاشات جادة ومفيدة، ووفر فرصًا متنوعة لتبادل الخبرات والتجارب، ودراسة إمكانيات التعاون المتميزة، وبناء علاقات وجسور التواصل بين المؤسسات البحثية ذات الاهتمامات المشتركة.
لقد غطت فعاليات المؤتمر عددا من الموضوعات والقضايا شملت الحماية الاجتماعية والمجتمعية، والحوكمة، وتوفير الخدمات الاجتماعية، وبرامج تحويل الأموال، وتحسين الإنفاق الاجتماعي، واقتصاديات الجريمة.
وتناول المشاركون أيضًا في المؤتمر بالدرس موضوعات أخرى كالهجرة والفرص الاقتصادية، واستخدام الفقر سلاحًا، والمشاركة السياسية للمرأة، وتمويل الإسكان، والمصارف التجارية، والديون الخارجية وهروب رأس المال، وريادة الأعمال العامة، والترويج للقضايا.
كما شكل موضوع مراجعة النظراء للأوراق البحثية المنشورة في إحدى المجلات الأكاديمية واحدا من أهم مخرجات المؤتمر.