30 يونيو 2020

تداعيات جائحة “كوفيد-19” على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر: استشراف للتوجه العالمي والإقليمي

د. أحمد الصفتي
مقدمة

عانت تدفقات الاستثمار العابر للدول من تباطؤ ملحوظ منذ مرحلة ما بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008، حيث لم تتعافى كلياً من آثار هذه الأزمة والتباطؤ الاقتصادي الذي تلاها، وكذلك من تراجع التوجه نحو العولمة، والإجراءات التي اتبعتها بعض الدول الرئيسية من أجل تشجيع الاستثمار في الداخل وتقليص خروج الاستثمارات للخارج، وذلك في إطار سياسات شعبوية تركّز على أن مكاسب التجارة والاستثمار العالميين غير قابلة لنفع الجميع وأنها تمثل ناتج معادلة ذات مجموع صفري (أي أن مكسب أحد الأطراف لا يأتي إلا بخسارة الطرف الثاني).

وجاءت جائحة “كوفيد-19” لتعزيز هذا التوجه السلبي، وتُضاعف من الاتجاه التراجعي للاستثمار الأجنبي المباشر على المدى الطويل. وتقدر منظمة الأنكتاد (مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية) في تقريرها الأخير لعام 2020 عن الاستثمار العالمي، أن تنخفض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية بنسبة تصل إلى 40% عام 2020، وذلك مقارنة بمستواها الذي بلغ 1.54 تريليون دولار عام 2019، بما سيجعل الاستثمار الأجنبي المباشر يصل إلى أقل من 1 تريليون دولار للمرة الأولى منذ عام 2005.

كما تتوقع المنظمة أن ينخفض الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة تتراوح بين 5 و10% خلال عام 2021، بما يجعل المستوى المتوقع لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية عام 2021 منخفضة بنسبة 60% عن المستوى المتحقق عام 2015، أي هبوط من 2 تريليون دولار إلى أقل من 900 مليار دولار خلال الفترة المذكورة.  أما بالنسبة لتوقعات تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لما بعد 2021، فهي تتسم بدرجة عالية من عدم التيقن، حيث ستعتمد على الشكل الذي ستأخذه عملية عودة الاقتصاد العالمي للوضع الطبيعي “الجديد”، وعلى توجه السياسات الاقتصادية للدول الرئيسية؛ فإذا دامت مرحلة التباطؤ الاقتصادي لفترة طويلة نسبياً، أي في حالة أخذ منحنى النشاط الاقتصادي شكل حرف “U”، فإن ذلك سيدعم بقاء تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية عند مستوى يقل بكثير عن مستواه عام 2019.

وتقوم هذه الدراسة بتقييم وضع الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي بعد جائحة “كوفيد-19″، حيث تستعرض التوجه العام المتوقع لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عالمياً وإقليمياً، مع تناول العوامل المؤثرة عليها، مثل الأرباح المتوقعة للشركات العالمية، والسياسات المتبعة الخاصة بالاستثمار الأجنبي في الاقتصادات الرئيسية. كما تتناول بالتحليل العناصر الرئيسية لهذه التدفقات: مثل الاستثمار الجديد، وعمليات الدمج والاستحواذ. وتعمل الدراسة، أخيراً، على تقديم بعض الخلاصات والتوصيات بخصوص مستقبل الاستثمار الأجنبي المباشر لمرحلة جائحة “كوفيد-19” وما بعدها.

أولاً: صدمة جائحة “كوفيد-19” وآثارها على الاقتصاد والاستثمار العالميين

قام صندوق النقد الدولي في يونيو 2020 بتعديل توقعاته بخصوص نمو الاقتصاد العالمي بعد جائحة “كوفيد-19″، لتكون أكثر تشاؤماً من توقعاته المبدئية التي ظهرت في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أبريل 2020، حيث يتوقع بموجب التوقعات الجديدة أن ينكمش الاقتصاد العالمي بمعدل -4.9% في 2020، مقابل توقعاته السابقة التي قدّرت الانكماش بنسبة -3.0% فقط. أما بالنسبة لتوقعات عام 2021، فيرى الصندوق أن عودة النمو ستكون أقل قوة حيث سيقتصر معدل نمو الاقتصاد العالمي على 5.4%، مقابل معدل سبق توقعه بلغ 5.8%.

 

معدلات النمو الإقتصادي المتحققة قبل جائحة كوفي-19

المصدر: تحديث تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، صندوق النقد الدولي، يونيو 2020

كما تشير التوقعات إلى حدوث انكماش اقتصادي أكثر حدة بالنسبة للاقتصادات المتقدمة، مقارنة بالأسواق الناشئة والاقتصادات النامية؛ حيث يتوقع انكماش الاقتصادات المتقدمة بمعدل -8.0% في عام 2020، مقابل انكماش بواقع -3.0% للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. كما يتوقع أن تكون عودة النمو أبطأ للاقتصادات المتقدمة عام 2021، حيث سيسجل معدل النمو 4.8%، مقابل 5.9% للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.

معدلات النمو المقدرة والمتوقعة في حجم التجارة العالمية في السلع والخدمات

المصدر: تحديث تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، صندوق النقد الدولي، يونيو 2020

ومن المنتظر أن يصاحب الانكماش الاقتصادي المتوقع عام 2020 انكماشاً أكبر في حجم التجارة العالمية، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن تنكمش التجارة العالمية بمعدل -11.9% في العام المذكور، قبل أن تُعاود النمو بمعدل 8.0% عام 2021؛ وهذا الانكماش في حجم التجارة سيكون أيضاً أكبر بالنسبة للاقتصادات المتقدمة، حيث سيبلغ معدله -13.4% عام 2020، قبل عودة النمو بمعدل 7.2% عام 2021، وذلك مقابل انكماش بمعدل -9.4%، ثم نمو بمعدل 9.4% للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية للعامين المذكورين على التوالي. ويبدو، بطبيعة الحال، أن الانكماش الأكبر في التجارة العالمية مقارنة بالانكماش في الناتج المحلي الإجمالي هو أمر ناجم عن توجه السياسات الاقتصادية نحو تشجيع الطلب والإنتاج المحلي على حساب الاستيراد.

توقعات تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر بعد كوفيد-19

المصدر: تقرير الاستثمار العالمي 2020، أونكتاد

وكما هو الحال بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي والتجارة العالميين، من المتوقع أن تتسبب جائحة “كوفيد-19” في انخفاض كبير في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث يتوقع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن تنخفض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية بنسبة تتراوح ما بين -30% و-40% عام 2020، وذلك من مستواها في عام 2019 البالغ 1.54 تريليون دولار، وهو الأمر الذي من شأنه أن يجعل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية أقل من تريليون دولار للمرة الأولى منذ عام 2005؛ ومن المنتظر أن يكون الانكماش أقل حدّة بالنسبة للدول المتقدمة، مقارنة بالاقتصادات المتحولة والدول النامية، حيث يتراوح معدل الانكماش المتوقع للدول المتقدمة ما بين -25% و-40% عام 2020، بينما يُتوقع تراوحه بين -30% و-44.5% بالنسبة للاقتصادات المتحولة، و-27.3 و-44.5 بالنسبة للدول النامية.

وهذا الانكماش المتوقع في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر يعتبر أقوى بصورة ملحوظة من الانكماش المتوقع في كل من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وحجم التجارة العالمية؛ نظراً لأن جائحة “كوفيد-19” تعتبر صدمة مركبة لجوانب العرض والطلب والسياسة بالنسبة للاستثمار الأجنبي المباشر، والذي يتسم بدرجة حساسية أكبر لمثل هذه الصدمات.

فمن جانب العرض، شهدت أكبر 5000 شركة متعددة الجنسيات في العالم، تراجعا شديدا في الأرباح المتوقعة لعام 2020، بلغت نسبته 40% في المتوسط، مع تحول العديد منها من تحقيق أرباح إلى خسائر متوقعة كبيرة، وهو الأمر الذي يؤثر بشدة على توقعات تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2020؛ فهذه الشركات تعتبر المغذي الأساسي للاستثمار الأجنبي المباشر العالمي، وهي تعتمد في غالبية استثماراتها الأجنبية المباشرة على إعادة استثمار أرباحها، والتي تمثل في المتوسط أكثر من 50% من هذا الاستثمار. وبالتالي، ومع الركود الشديد الذي يشهده الاقتصاد العالمي كإحدى تبعات جائحة “كوفيد-19″، من المتوقع أن تعيد الشركات متعددة الجنسيات تقييم خطط مشاريعها الجديدة وأن تغلق أو تؤجل العديد منها في ظل توقع التراجع الكبير في أرباحها.

ومن جانب الطلب، أدّت القيود التي فرضتها جائحة “كوفيد-19” على التمويل الحكومي إلى تراجع الصفقات الجديدة في مشاريع البنية التحتية بأكثر من 40%، وهو القطاع الذي يعتبر عادة من أهم القطاعات المستفيدة من الاستثمار الأجنبي المباشر. كما تجدر الإشارة إلى دافعا آخر مهم لتراجع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو عمليات الدمج والاستحواذ عبر الحدود، والتي تراجعت، وفقاً لتقرير الأونكتاد، بأكثر من 50% في الأشهر الأولى من عام 2020 مقارنة بالعام الماضي.

ويلاحظ على صعيد السياسات الاستثمارية أن العديد من الدول قد قامت بمراجعة السياسات والقواعد الحاكمة للاستثمار الأجنبي، وذلك بغرض حماية الصناعات المحلية من عمليات الاستحواذ الأجنبية. وقد شددت العديد من الدول من عملية تدقيق الاستثمار الأجنبي المباشر، بغرض حماية قطاعات استراتيجية، مثل قطاع الرعاية الصحية، مع وضع قيود على صادرات هذا القطاع، وتخفيض رسوم الاستيراد للأجهزة الطبية، وهو الأمر الذي يمكن أن يحبط تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمثل هذا القطاع الحيوي.

وتجدر الإشارة في هذا الشأن، وفقاً للأونكتاد، إلى أن العديد من الدول قد فرضت بالفعل قواعد أكثر صرامة على الاستثمار في الصناعات الاستراتيجية في عام 2019، وذلك على أساس اعتبارات الأمن القومي، وهو الأمر الذي أدى إلى انسحاب ما لا يقل عن 11 صفقة كبيرة لعمليات الدمج والاستحواذ عبر الحدود، أو إلى رفضها لأسباب تنظيمية أو سياسية، وهو الأمر الذي يتوقع أن ترتفع حدّته مستقبلاً في ظل تداعيات جائحة كوفيد-19. فالاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، أصدر توجيهات تقيّد الاستثمار من الاقتصادات غير الأعضاء لحماية الأصول الاستراتيجية للدول الأعضاء. كما أدخلت أستراليا قواعد مشددة للتدقيق على الاستثمار بغرض حماية المصالح الوطنية والأصول المحلية من الاستحواذ.

ثانياً: آثار جائحة “كوفيد-19” على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية

تتنوع آثار جائحة “كوفيد-19” على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية وفقاً للإطار الزمني موضع التحليل. فبناء على تقرير الأونكتاد، عانت هذه التدفقات من آثار فورية بسبب عملية الإغلاق الاقتصادي العام عالمياً، وتوقف حركة الأفراد والسلع ما سبب تأخيرات فورية في تنفيذ المشاريع الاستثمارية وتعليق الكثير منها. كما تسببت الجائحة في تأخير الإعلان عن العديد من المشاريع الجديدة، وعن تعليق العديد من عمليات الدمج والاستحواذ بسبب التدهور الذي حدث في القيمة السوقية لأسهم العديد من الشركات التي كانت موضع الاستحواذ مع انهيار أسعار الأسهم عالمياً، إضافة إلى ما أدت إليه الاضطرابات المالية والاقتصادية من تأخير في الحصول على الموافقات من الجهات التنظيمية على عمليات الاندماج.

أما بالنسبة للأجل القصير، فتقرير الأونكتاد يرى أن الإجراءات الحكومية الهادفة إلى حماية الشركات المحلية، مثل رفع هوامش إعادة الاستثمار والقيود الاستثمارية الجديدة، إضافة إلى عمل الشركات التابعة الأجنبية تحت قيود تشغيلية وسوقية ومالية صعبة بشكل استثنائي، تؤثر سلباً في الأجل القصير على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر؛ وكما سبقت الإشارة، فإن التراجع الملحوظ في تقديرات أرباح الشركات متعددة الجنسيات عام 2020، قد أدّى إلى تقلّص الأرباح المعاد استثمارها لهذه الشركات، وهي ما تمثل أكثر من 50% من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عالمياً.

أما بالنسبة للآثار متوسطة الأجل للجائحة على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، فمن المتوقع أن يؤدي الركود الاقتصادي العالمي، والدرجة العالية من عدم التيقن بخصوص احتمالات الخروج منه والعودة للنشاط الاقتصادي الطبيعي “الجديد”، إلى تغير في الخطط الاستثمارية التوسعية الجديدة للشركات، وذلك سواء على مستوى استثماراتها المحلية أو الأجنبية. وإضافة إلى هذا، فإن القيود على السيولة المالية، وقيام الحكومات بتشديد القيود على الاستثمار الأجنبي ودعم الاستثمار المحلي، يُنتظر مَعها استمرار تباطؤ الاستثمار الأجنبي المباشر لمدى زمني أطول من المدى الذي يمكن أن تستغرقه عملية عودة النشاط الاقتصادي إلى طبيعته.

أما على المدى الزمني بعيد المدى، فمن الممكن أن يؤدي التغير في التوجهات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، وتزايد أهمية قطاعات معينة، مثل الرعاية الصحية وتقنية المعلومات والاتصالات، إلى إضافة تغييرات هيكلية في نماذج الأعمال وسلاسل القيمة والعرض، ونمو الاستثمار الأجنبي المباشر على المستوى الإقليمي بدرجة أعلى من المستوى العالمي. لكن يلاحظ، في الوقت ذاته، أن الاستثمار الأجنبي المباشر يمكن أن يلعب دوراً هاماً في دعم الاقتصادات خلال الانتعاش الاقتصادي بعد الجائحة، حيث تتميز الشركات متعددة الجنسيات بدرجة مرونة أعلى أثناء الأزمات، وذلك بفضل الروابط بين الشركات الأم والفروع المحلية، وقدرتها الأعلى للوصول إلى الموارد المالية وتنوعها.

كما من المتوقع أن تؤدي جائحة “كوفيد-19” إلى تغييرات ملموسة في الانتشار الجغرافي لعمليات الشركات متعددة الجنسيات، حيث ينتظر أن تقوم هذه الشركات – التي تتمتع بالمرونة والموارد اللازمة للبحث والتطوير – بمراجعة وتعديل سلاسل القيمة العابرة للحدود بهدف حماية عملياتها من أي اضطرابات مستقبلية محتملة في سلاسل التوريد في ضوء الخبرة التي مرّت بها في ظل جائحة “كوفيد-19”.

ثالثاً: تداعيات “كوفيد-19” على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم العربي

تحصل العديد من الدول العربية على تدفقات ملموسة من الاستثمار الأجنبي المباشر. وقد احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2019 المركز الأول بين كافة الدول العربية، وفقاً لقاعدة بيانات الأونكتاد، بنحو 13.8 مليار دولار من حجم هذه التدفقات، تلتها جمهورية مصر العربية بمبلغ 9 مليار دولار، والمملكة العربية السعودية بمبلغ 4.6 مليار دولار، ثم سلطنة عمان بمبلغ 3.1 مليار دولار، والجمهورية اللبنانية بمبلغ 2.1 مليار دولار.

ويلاحظ في هذا الشأن أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم العربي مرتبطة بدرجة كبيرة بالتطورات العالمية في أسواق النفط والغاز الطبيعي، وذلك بالنسبة للدول الرئيسية المصدّرة للنفط أو الدول غير النفطية؛ فإلى جانب أن العديد من الدول العربية تحصل على استثمارات أجنبية مباشرة في قطاع الطاقة، مثل مصر في السنوات الأخيرة على سبيل المثال، هناك دول يعتبر انتعاش قطاع الطاقة هو المحرّك الأساسي لتوقعات النمو فيها، وبالتالي يعتبر عامل الجذب الرئيسي للاستثمار الأجنبي المباشر. وأخيراً، هناك دول عربية تعتبر تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر البينية العربية أساسية بالنسبة لها، وهو ما يجعل التطورات العالمية في أسواق النفط مؤثرة بصورة غير مباشرة على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لها، بحكم تأثيره على الدخل والنشاط الاقتصادي في الدول المورّدة لتدفقات الاستثمار لها.

 

التدفقات الداخلة للاستثمار الأجنبي المباشر في العالم العربي
(مليون دولار)
2017 2018 2019
دولة الإمارات 10354.2 10385.3 13787.5
مصر 7408.7 8141.3 9010.0
المملكة العربية السعودية 1419.0 4247.0 4562.0
سلطنة عمان 2918.1 4190.5 3124.6
لبنان 2522.4 2653.9 2128.3
المغرب 2686.0 3558.9 1599.1
الجزائر 1232.3 1466.1 1381.9
مملكة البحرين 1426.1 1654.3 941.8
الأردن 2029.7 954.9 915.8
موريتانيا 587.2 772.9 885.3
تونس 880.8 1035.9 844.8
السودان 1065.3 1135.8 825.4
الصومال 369.0 408.0 447.0
جيبوتي 165.0 170.0 181.9
الكويت 348.1 204.0 104.4
جزر القمر 3.9 6.9 7.9
اليمن -269.9 -282.1 -371.0
قطر 986.0 -2186.3 -2812.6
العراق -5032.4 -4885.1 -3075.6

المصدر: قاعدة بيانات تقرير الاستثمار العالمي 2020، أونكتاد

وفي هذا الشأن، أظهرت دراسة حديثة صادرة عن منتدى البحوث الاقتصادية (Chemingui and Ben Jelili, 2020)، أنه سيكون لجائحة “كوفيد-19” آثاراً سلبية قوية على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم العربي، بسبب هذه الجائحة وتطورات أسواق النفط العالمية. كما قدّرت الدراسة أن الخسائر الإجمالية  في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة العربية ستتراوح بين 7.1 و 17.2 مليار دولار خلال المستقبل القريب، وهو الأمر الذي تتوقع معه الدراسة أن يكون له آثاراً سلبيةً اقتصادية واجتماعية على العديد من الاقتصادات العربية.

كما أظهرت هذه الدراسة أن التوزيع القطاعي للخسائر في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ستكون غير متكافئة من حيث الحجم، حيث أنه من المرجح أن تتأثر قطاعات معينة على وجه التحديد من تداعيات الجائحة بصورة شديدة، مثل قطاعات الصناعة والتعدين، يليها البناء والتعليم. وخلصت الدراسة إلى أن أكثر الدول تأثراً ستكون العراق تليها مصر والمملكة العربية السعودية وموريتانيا وتونس، بينما من المتوقع أن تكون الكويت ولبنان أقل تأثراً.

الخاتمة:

أدّت جائحة “كوفيد-19” إلى آثار سلبية متوقعة على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عالمياً وإقليمياً بصورة فاقت الآثار السلبية المقدّرة على كل من النمو الاقتصادي والتجارة العالميين. وتأتي الشدة المتوقعة في تأثر هذه التدفقات من واقع حساسيتها الشديدة لجوانب في العرض والطلب والسياسات الاستثمارية المنتهجة من بعض الدول بعد الجائحة.

فمن جانب العرض، أسهمت عوامل مثل تراجع أرباح الشركات متعددة الجنسيات في انهيار الأرباح المعاد استثمارها في الدول المتلقية للاستثمارات. كما أن انهيار الأسواق المالية، والمخاوف من استغلال الشركات الأجنبية للقيم المنخفضة للشركات المحلية، أدت لمراجعة ووقف كثير من عمليات الاندماج والاستحواذ، وتشدد أكبر من بعض الحكومات في قواعد مثل هذه العمليات. كما تأثرت مشروعات البنية التحتية سلباً بالجائحة، وهو ما أثر بالتالي على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يعتبر ممولاً هاماً لمثل هذه المشروعات.

ولا يعتبر العالم العربي استثناءً من هذا التوجه السلبي للاستثمار الأجنبي المباشر، بل قد يكون الوضع أشد بالنسبة له في ظل التأثير الرئيسي لتطورات أسواق النفط العالمية على هذه الاستثمارات، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة غير أنه من الممكن النظر إلى أنه في مقابل هذه الآثار السلبية فإن هناك مجال لظهور فرص جيدة للاستثمار الأجنبي المباشر الإقليمي، وذلك بصورة تعمل على إحداث تكامل في سلاسل القيمة بين الدول العربية من خلال تعزيز التكامل فيما بينها، وبما يمكن من تلافي مخاطر مستقبلية في انقطاع سلسلة التوريد والإغلاق في ظل أزمات محتملة شبيهة في تأثيرها لجائحة “كوفيد-19”.

ومن الممكن النظر بصورة إيجابية لتزايد فرص الاستثمار الأجنبي المباشر على المستوى الإقليمي في قطاعات مثل الرعاية الصحية، والتعليم، وتقنيات المعلومات، والاتصالات، حيث يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التكامل الإقليمي بين رأس المال المادي والبشري.


المراجع
  1. UNCTAD, World Investment Report 2020: International Production Beyond the Pandemic, https://unctad.org/en/pages/PublicationWebflyer.aspx?publicationid=2769
  2. IMF, World Economic Outlook Update, June 2020, https://www.imf.org/en/Publications/WEO/Issues/2020/06/24/WEOUpdateJune2020
  3. OECD, OECD Policy Responses to Coronavirus (COVID-19): Foreign direct investment flows in the time of COVID-19, https://www.oecd.org/coronavirus/policy-responses/foreign-direct-investment-flows-in-the-time-of-covid-19-a2fa20c4/, (Accessed June 18, 2020)
  4. Mohamed Chemingui and Riadh Ben Jelili, Will Covid-19 trigger a massive fall in FDI flows to the Arab region?, Economic Research Forum, April 21, 2020, https://theforum.erf.org.eg/2020/04/19/will-covid-19-trigger-massive-fall-fdi-flows-arab-region/
  5. Cristián Rodriguez Chiffelle and Peter Vanham, Foreign investment is drying up thanks to COVID-19 But there may be a silver lining, World Economic Forum, April 24, 2020, https://www.weforum.org/agenda/2020/04/foreign-investment-covid19-economy-winners/

How useful was this post?

Click on a star to rate it!

Average rating 2 / 5. Vote count: 2

No votes so far! Be the first to rate this post.

إقتصاد الاستثمار عالمية كوفيد

التعليقات

موسى شكرا على الافادة القيمة.
موسى مقالة في المستوى.

البريد الالكتروني الخاص بك لن يتم كشفه.