أفول الإسلامويّة وانكماش الجماعات والقوى الأصوليّة، على المستوييْن التنظيمي الحركي، وكذا الخطابي، ترتب عليه أن اندلاع ما عُرف بـ”طوفان الأقصى” إثر الهجمات المباغتة التي نفذتها حركة حماس ضد إسرائيل، قد مَثَّلَ فرصةً تتخطى فكرة انبعاث الإسلام السياسي من جديد، بعد نبذه -سياسيًا ومجتمعيًا- خلال العقد الأخير، إلى الاحتماء بمظلومية جديدة تحفر أسفل القضية الفلسطينية؛ لتصنع خطابًا مغايرًا يُسهم في تعويم تلك القوى الماضوية بتنظيماتها الراديكالية، بينما تصنع لها حوامل اجتماعية تقع في أفخاخ أدبياتها الدينية المُسيّسة والمؤدلجة.
ومن الواضح أن المسألة الفلسطينية في خطاب الإسلامويين، مؤخرًا، لم تكن سوى محاولة ذرائعية وإحيائية لإعادة تموضعها في المجال العام، بعد إخفاق الخطاب القديم القائم على تحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية في فترة “الربيع العربي” وما سبقها. ولطالما كان الفضاء العام بالنسبة لهم مُتخمًا بالخطاب التعبوي، وبمقولات دينية لها مزاج سياسي؛ وذلك بغرض تجسير صلاتها بحواضنها بعد انفكاك الراوبط وتآكل الشرعية.
الإسلاموية وصناعة الاستقطاب
نجم عن الحرب في غزة ظهور سياقات جديدة لدوائر الاستقطاب العنيف الذي أعاد تشكيل الاصطفافات السياسية في المنطقة، وربما الأيديولوجية، بنفس درجة الحدة التي شهدها الوضع الميداني، وبما يكشف عن محاولات محمومة من قِبَل القوى الأصولية باتجاه “أسلمة” القضايا والصراعات؛ حتى تُتاخم مصالحهم، وتتماهى مع أهدافهم ورؤاهم البراغماتية. ولهذا، كانت البيانات الرسمية الصادرة عن مختلف القوى تتجه إلى مضاعفة جرعة تديين السياسي، والقفز على الخلافات والتباينات الأيديولوجية بين التيارات الإسلاموية، باتجاه لملمة الصفوف وتشكيل اصطفافات تضطلع بمهام العنف المطلوبة والملحة، بداية من توسيع الحرب من غزة إلى الضفة الغربية، ونقل عدوى الصراع بتعبئة الحواضن في دول الجوار ضد الخصوم الإقليميين.
إن تعاطي هذه القوى مع أحداث غزة لا يدل فحسب على موقفها الداعم لفلسطين ولحماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية، وإنّما يدل على استغلالها هذه الأحداث لاستعادة نشاطها العملياتي داخل المنطقة وخارجها. فقد استغل إعلام التنظيمات الإرهابية الأجواء المشحونة بواقع التأثر بمشاهد استشهاد أطفال فلسطين، من خلال خلط مفاهيم الدفاع عن قضية عادلة بمفاهيم التطرف والعنف، هذه المفاهيم التي تسعى إلى الترويج لها بين قطاع جماهيري أوسع، يصبح قادرًا على تنفيذ أهدافها، مثلما استغلت التنظيمات الإرهابية أحداث فلسطين لتدوير أفكارها حول الجهاد العالمي ضد الغرب الكافر[1]. كما امتدت دعوات التحريض على العنف إلى دول جوار فلسطين، إذ زعم بيان فرع تنظيم القاعدة في “بلاد المغرب الإسلامي” أنْ “استأسد أحفاد القرود يهود في أكناف بيت المقدس، تحميهم جيوش الاحتلال العلماني لدول المسلمين، وتحيط دويلة يهود المسخ بأسوار الحماية، تحرسهم من غضبة أمة الإسلام، فاعرفوا أيها المسلمون عدوكم، وهبوا لنصرة إخوانكم المسلمين في فلسطين.. وما بيننا وبين تحرير بين المقدس إلا هدم حدود سايكس بيكو التي فرقت أمتنا، والالتحام بمجاهدي أرض الرباط”. فيما ركز بيان فرع التنظيم في اليمن، على توجيه دعوة لمواطني مصر والشام ولبنان والأردن، بالقول: “أنتم أقرب البقاع لفلسطين، والحمل أثقل عليكم.. فقوموا لنصرة إخوانكم هناك، وأعدوا العدة لدعمهم ومساندتهم.. ولا يُثنيكم حكام العمالة والتبعية للغرب”.
كما حرض بيان “القيادة العامة” بشكل صريح على العنف في الدول التي وقعت الاتفاقيات الإبراهيمية، لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، إضافة للدول التي يُرجح أن تقيم علاقات مع إسرائيل، وجاء في البيان دعوة صريحة إلى العنف لاستهداف الإسرائيليين، وذكر: “على أبناء الإسلام أن يتحمسوا بحماس المجاهدين، ويقتبسوا من نورهم ونارهم شعلةً لاستهداف الصهاينة في شوارع دبي وأبوظبي بالإمارات، ومراكش والرباط بالمغرب، وجدة والرياض بالسعودية، والمنامة بالبحرين”[2].
وعليه، فإن الثابت في مواقف القوى الإسلاموية، بعيدًا عن حل معضلاتها، وأزمة إخفاقها السياسي وفي الحكم -كما هو الحال بمصر وتونس والمغرب- هو التجانس التام في المواقف، تحديدًا بإزاء ما يخص رغبتها القصوى في تديين الصراع السياسي، وأسلمة القضية، وغلق المجال العام على الرؤى الشمولية المتشددة، بما يؤشر إلى أن موقع القضية الفلسطينية لا يتعدى مجرد كونها أداة إجرائية لترميم البنى الأيديولوجية ذاتها، التي تتراكم بواسطتها مقولات عنف، تتصل برؤيتهم للعالم الذي بات يتشظى إلى مربعين حضاريين، ليس بينهما إلا الصراع الدموي والصدام الحتمي. فموقف تنظيم القاعدة كما في بيان قيادتها العامة، المعنون بـ”ألا إن نصر الله قريب”، قد جاء فيه أن “الطوفان القادم من أبطال الإسلام سيُنسي الصهيوصليبيين أهوال أيلول/ سبتمبر”، ثم حرض على عمليات مسلحة ضد كُلّ مَنْ وصفه البيان بأنه “صليبي وصهيوني وإسرائيلي في حرب مفتوحة”[3].
ويُلاحظ أن ما جاء في بيان القاعدة، كما بيانات أخرى مماثلة للأفرع المختلفة للتنظيم الإرهابي حول العالم، لا يكاد يختلف عمّا جاء في بيانات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين (لندن). يُذكر أن صلاح عبد الحق، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في لندن، قد أصدر بيانًا نشره موقع الجماعة الرسمي في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وقد ثمّن/ “بارك” فيه عملية “طوفان الأقصى”. بينما ألح على ضرورة “التفاعل الشعبي والتظاهرات لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة”[4]. وفي الموقع الرسمي للإخوان، وفي ذكرى مرور عام على الحرب، عَنْوَنَ الناطق بلسان الجماعة تصريحه بـ”نداء إلى جماهير أمتنا الإسلامية مع قرب مرور عام على طوفان الأقصى”، وجاء فيه: “مع قرب مرور عام على عملية طوفان الأقصى، يدعو الإخوان المسلمون جماهير أمتنا وكل أحرار العالم إلى إعلان الغضب والتظاهر وعقد الفعاليات الحاشدة ضد حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة؛ وذلك استجابة لدعوة حركة المقاومة الإسلامية حماس”[5].
من ثم، حققت الحرب في غزة قفزة تكتيكية في حسابات القوى الإسلاموية ورهاناتها، بداية من استثمار الحدث ليكون لحظة فاصلة بين زمنين، والانتقال من مرحلة الأفول والانحسار، أو بالأحرى من مرحلة ضعف الروابط التنظيمية البنيوية وتناقضاتها وتآكل شرعيتها، إلى مرحلة تدشين مركزية سياسية جديدة من خلال موسم الهجرة إلى فلسطين، بما يمنحها بطاقة مرور رمزية، لها حمولاتها وتأثيراتها المدوية في ذهنية شعوب المنطقة، إذ إن صناعة رأي عام، أو كسب انحيازات مؤدلجة، عبر تعميم سردية تقودها المنصات الإعلامية للقوى الإسلاموية، كان هدفًا مباشرًا يحقق نتائج مزدوجة، سواء فيما يخص فرض إرادة العنف والتعبئة الأيديولوجية، أو تشكيل قوى دفاعية مضادة لخصوم الاتجاهات الإسلاموية. بالتالي، تظل الرؤية السياسية والفكرية ممارسةً انتقائيةً وإقصائيةً لحساب رواية/ سردية محددة، بينما تظل الرؤى الأخرى المغايرة والمعارضة في الهامش، منبوذة بين ضغوط وإكراهات التخوين والتكفير.
حرب غزة: البحث عن حصان طروادة
ولهذا، كان الموقف الإسلاموي من حرب غزة، يعكس التفكير الرغبوي والانتهازي باتجاه حل مآزقها المحلية في سياقات مختلفة تجمعها قواسم مشتركة عديدة. فالطائفة السُّنِّيَّة في لبنان، تعاني فراغًا منذ مقتل رفيق الحريري. وثمّة أهداف مباشرة لدى إخوان لبنان للبحث عن فرص وشروط لملء هذا الفراغ، والاحتماء بالحزب المدعوم من إيران الذي وفر لها غطاءً للعمل العسكري، وتوسيع نفوذها الميداني من خلال الإعلان عن عمليات ضد إسرائيل، للمرة الأولى، منذ ثمانينيات القرن الماضي، بما قد يهيئ لها المجال نحو استحقاق أو أفق سياسي مستقبلًا. بل إنّه منذ هجمات حماس المباغتة، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، جدّدت فروع “الإخوان المسلمين” السنّية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط دعواتها إلى الجهاد، وأعادت بعضها تنشيط خلاياها العسكرية. وفي لبنان، شاركت الجماعة السنية، الرديف السياسي للإخوان، وجناحها العسكري “قوات الفجر”، في هجمات صاروخية ضد إسرائيل بالتنسيق مع “حزب الله”. وشهدت الحرب أيضًا محاولة من “الجماعة الإسلامية” للاندماج مع “حماس” ومحور “المقاومة” الأوسع نطاقًا.
على سبيل المثال، بعد مقتل القيادي البارز في “حماس” صالح العاروري في كانون الثاني/ يناير الماضي في غارة إسرائيلية في بيروت، ادّعى بيان التعزية الصادر عن الجماعة، أنّ “الدم اللبناني والفلسطيني امتزجا ليُكملا معًا مسيرة التحرير”[6].
والحال ذاته، مع إخوان تونس الذين انتهى المسار بقادتهم من السلطة فترة حكم “الترويكا” أو ما يُعرف بـ”العشرية السوداء”، إلى التوقيف على خلفية اتهامات قضائية عديدة، تتصل بالإرهاب، وتسفير مقاتلين إلى مناطق النزاع في ليبيا وسوريا، وقضية اغتيال القياديين اليساريَّيْن محمد البراهمي وشكري بلعيد. وقد حاولت جماعة إخوان تونس استغلال “طوفان الأقصى” لكي تجد لها موطئ قدم بالشارع التونسي، بعد محاولات عديدة لم تظفر فيها نداءاتها بأيّ استجابة، بينما فترت قدرتها على إحداث أي حراك مجتمعي أو سياسي أو حقوقي. لكن مع حرب غزة، استدارت “جبهة الخلاص” المحسوبة على إخوان تونس، إلى جهة التحريض على تنظيم مسيرات لـ”دعم المقاومة ومساندة غزة”. وهنا تبدو الحاجة الملحة لإحداث سيولة سياسية في الشارع التونسي، بما يبعث من يجدد شرعيتهم.
وجاء في بيان صادر عن الجبهة التي تمثل الرديف السياسي لإخوان تونس: “تتابع جبهة الخلاص الوطني ببالغ الفخر والاعتزاز ما تسطّره المقاومة الفلسطينية البطلة من ملاحم بطولية إعجازية على أرض فلسطين المحتلة؛ دفاعًا عن الأقصى ودعمًا للأسرى الفلسطينيين الصامدين الأبطال. إنّ ما تشهده الأراضي المحتلة في هذه السّاعات الخالدة هو صفحة مشرقة من سجل الصمود الفلسطيني ومعاركه البطولية طيلة أكثر من سبعين سنة، دفع فيها البشر والشجر والحجر ثمن تخاذل الكثير من الأنظمة العربيّة، وتواطؤ بعضها، والهرولة نحو التطبيع، مقابل فتات المساعدات، أو ضمانات واهية لتأبيد البقاء في السلطة”[7].
بالتالي، لم تكف محاولات جماعة الإخوان عن توظيف الحرب في غزة لتجديد شرعيتها المتآكلة وانحسار شعبيتها، خاصة بعد سنوات الأفول منذ سقوط حكم محمد مرسي في مصر. وكما لم تلقَ نداءات الإخوان للتعبئة السياسية استجابة في العواصم العربية، فقد أخفقت في المقابل محاولات أخرى سعت فيها إلى إبداء قدرتها على التكيف مع المستجدات السياسية والإقليمية، منها إطلاق مبادرة حلمي الجزار[8]. وقد تركزت هذه المبادرة على تقديم تنازلات من جانب الجماعة، منها وقف النشاط السياسي لمدة قد تصل إلى 15 عامًا، مقابل الإفراج عن المعتقلين السياسيين، والسماح بعودة الجماعة للعمل الاجتماعي والدعوي، من دون الانخراط في العمل السياسي. وهي المبادرة التي لم تلقَ استجابة من النظام في مصر، بينما يرفض بشكل قاطع التعامل مع الإخوان المسلمين ككيان سياسي مشروع. كما أنّ المبادرة فجرت التناقضات البنيوية داخل هياكل الجماعة التي تعاني الانقسام والاستقطاب الحاد. من ثم، لم تحظ المبادرة بقبول داخل صفوف الجماعة، بل واجهت رفضًا صريحًا من جبهة محمود حسين، وطاولتها اتهامات عديدة[9].
وثمة مستجدات أخرى تقاوم محاولات الإحياء الإسلاموي لنشاطها التعبوي، وتحريك الجماهير وتجييش انفعالاتهم، بدعاوى سياسية أو مجتمعية مؤدلجة، إذ لم تَعُدْ الجماهير تتجاوب مع الدعوات للتغيير السياسي المبني على الدين. وعلى الجانب الآخر، سعى تنظيما داعش والقاعدة إلى استغلال حالة الغضب من الهجمات الإسرائيلية على غزة لإعادة بسط نفوذهما، لكن كُلًّا منهما تبنى استراتيجيات مختلفة. فقد ركز داعش على فكرة “الجهاد العالمي” متجاهلًا القضايا القومية، مثل تحرير الأراضي الفلسطينية، ومتمسكًا بأيديولوجيا إقامة خلافة إسلامية تمتد على مناطق شاسعة. في حين دعا تنظيم القاعدة إلى توسيع الحرب لتشمل أهدافًا يهودية وغربية حول العالم، مستغلًا مشاعر الغضب من الدعم الغربي لإسرائيل. ورغم هذه المحاولات، لم يستطع التنظيمان تحقيق تقدم ملموس في تجييش الشارع العربي مثلما كان الحال في سنوات سابقة. أمّا الميليشيات الشيعية، خصوصًا حزب الله اللبناني والفصائل العراقية المدعومة من إيران، فقد حاولت تعزيز نفوذها من خلال دعم المقاومة الفلسطينية، لكن هذه الفصائل واجهت تحديات كبيرة، خصوصًا بعد اغتيال شخصيات بارزة مثل حسن نصر الله. فقد أدى ذلك إلى اهتزاز قدرتها على الاستفادة من الصراع بنفس القوة التي كانت عليها في السابق[10]. هذا التحول في نظرة المسلمين إلى الدين أثر بشكل واضح على قدرة هذه التنظيمات على التأثير في الشارع العربي. ورغم محاولات تجييش الجماهير ودفعها نحو التحرك، فإن تصاعد التدين الروحاني حال دون نجاح تلك الحملات، وأصبحت الجماعات الجهادية تجد نفسها في مواجهة واقع جديد يُفقدها شعبيتها وقدرتها على تعبئة الجماهير بنفس الزخم الذي كانت تتمتع به في الماضي. وفي ظل هذا الواقع، تبدو محاولات داعش والقاعدة وغيرهما من التنظيمات لاستغلال حرب غزة غير قادرة على تحقيق الأهداف التي سعت إليها، إذ باتت تواجه تيارًا شعبيًا قويًا يرفض تسييس الدين، ويطالب بفصل الدين عن الصراعات السياسية. واليوم، بعد عقود من صعود الحركات الإسلامية إلى الساحة السياسية في العالم العربي والإسلامي، تواجه هذه الحركات الآن تحديات كبيرة قد تحدد مستقبلها في السنوات المقبلة. ومع تغير الديناميات السياسية المحلية والدولية، تبدو هذه الحركات على مفترق طرق بين عدة سيناريوهات، إمّا التكيف مع المتغيرات، أو مواجهة مصير التفكك والانهيار. ومن خلال استعراض الأوضاع الحالية، يمكننا استنباط عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل هذه الجماعات.
الإسلاموية كإخفاق تاريخي
رغم المحاولات المحمومة من قِبَل قوى الإسلام السياسي كافة للبحث عن نقطة تدشينية جديدة، تعدل من مساراتها المأزومة التي استغرقت دورة كاملة، ثم تلاشت مع الانسداد السياسي في فترة وصولهم للحكم إبان الربيع العربي، إلا أنّ الإخفاق بات متلازمة الإسلاموية التي يبدو أنّ أزمتها بنيوية، ليس فقط على مستوى هياكلها التنظيمية والحركية، بل أيضًا فيما يخص أدبياتها التي تتسيّدها -مرة أخرى- مقولات أخلاقية تبشيرية ذات غرض دعوي وتعبوي. وفي الوقت نفسه تبدد أيّ فرص عملية وسياسية جديدة تفض الالتباسات المعقدة في خطابهم الوعظي المتشنج، لاسيّما تحت وطأة غياب -أو تغييب- ضرورات جمّة بشأن قبولهم التعددية، والتنوع في المجال السياسي، والحقوق المدنية، والمواطنة، ثم الاستدعاء القسري للأدبيات المؤسسّة، ومنها “أستاذية العالم”، و”الاستعلاء الإيماني”، والغيتوهات الإسلاموية على أساس “العصبة المؤمنة”، والعنف الرمزي الذي يراكمه “الجيل القرآني” بواسطة ما يكبته من “العزلة الشعورية”[11].
بالتالي، فإنّ متلازمة الإخفاق لدى الإسلاموية تُعزى إلى ضعف البنى الاجتماعية التي تتبنى الأفكار الإسلاموية، وذلك على خلفية انكشاف المفارقات العديدة بين خطابهم الدعوي الاستقطابي لحصد نتائج انتخابية، وبين ممارساتهم السياسية التي تسببت في فقدان الشرائح الاجتماعية الدنيا والمتوسطة بالطبقة الوسطى امتيازاتها. كما أنّ الشبكات الرعائية لهذه الجماعات، لم تتمكن من توفير الغطاء الاجتماعي للأفراد والمجموعات، بينما لم تصمد في ظل تقلص النفقات وتراجع الاقتصاديات لحساب المواجهة مع النظم الوطنية في مرحلة فرض القيود على أنشطتهم، ووضعها على لوائح الإرهاب، إثر اتساع وتيرة العنف والتماسهم الخطاب الأصولي الكفاحي العنيف، كما حدث في مصر بعد عام 2013، وغلق مقرات جماعة الإخوان.
يضاف إلى ذلك، أنّ المزاج الشعبي في مصر، كما في عدة بلدان عربية، وفي الخليج، انفكت روابطه مع نمط التدين الإسلاموي. كما أن مقولات الإسلام الصحوي، التي راجت في سبعينيات القرن الماضي ووصلت ذروتها مع وصول الخميني للحكم في إيران، لم تَعُدْ لها نفس درجة التأثير والإغراء السابقين، بل خفت حدتها، وربما فقدت صلاحيتها لدى قطاعات وشرائح اجتماعية عديدة ومتفاوتة، وذلك لحساب البحث عن إسلام آخر، غير سياسي أو مؤدلج. فمع اتساع الفضاء الرقمي والأزمنة الافتراضية، وتنامي الاتجاهات المعولمة في السياسة والاقتصاد، والانفتاح على بدائل وأنماط متباينة في المعرفة والاجتماع الإنساني، خدشت هذه الانعطافات ذائقة الإنسان بتَدَيُّنٍ غير مُسَيَّس، وغير فئوي، إنّما هو إنساني مُعقلن، قادر على الفعل التواصلي، لا يمجد الموت/ الشهادة.
من المعروف أن تمجيد الموت هو الوتر الذي لعبت عليه قوى الإسلام السياسي في ظل ما راكمته حرب غزة من أجسام متهالكة، لاسيّما بين صفوف المدنيين، باعتباره “شهادة” لها الجزاء الأخروي، ويجعل للموت قداسة كونهم شهداء الله الجدد، وذلك للتعمية عن الخسائر الفادحة في غزة أو لبنان. ولكن العزف على هذا الوتر لم يلجم الانتقادات التي رددها المدنيون، ولم ينل قبولًا من حواضن هذه التيارات، التي لم تجد ثمة مبرر لكل هذه الأثمان أمام القتل والتدمير. ففي عام2021، مثلًا، كشفت منظمة “غامان” الهولندية، والمعنية بقياس اتجاهات الرأي العام، أنّ نصف الإيرانيين الذين تم تحليل مواقفهم (وهم نحو 50 ألفًا) فقد فقدوا إيمانهم أو غيروا دينهم، وصرح أقل من الثلث أنّهم من المسلمين الشيعة. وأوضح التقرير أنّه رغم الحظر المفروض على التبشير، فإن الاهتمام بالديانات الإيرانية غير الإسلامية، في بلد تتنوع فيه القوميات العرقية والإثنية، وتنتشر فيه الديانات مثل الزرادشتية والصابئة المندائية والبهائية، هذا الاهتمام ينمو بقوة في البلاد. ووفقًا للإنجيليين الإيرانيين، فإنّ المسيحية تنمو هناك بشكل أسرع من أي مكان آخر. وتصف شهريار آهي العضو السابق في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، المجتمع الإيراني بأنّه “أول مجتمع ما بعد الإسلام”[12].
وهناك استطلاع آخر أُجْرِيَ قبل نحو العامين، لمعهد استطلاعات الرأي الأمريكي “زغبي لخدمات الأبحاث”، هذا الاستطلاع وَثَّقَ ميل أكثر من ثلثيْ الشباب في الشرق الأوسط إلى “تحديث” المؤسسات الدينية، حيث زاد التسامح تجاه الديانات الأخرى بشكل كبير في البلدان الإسلامية. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، استضافت أكثر من اثنتي عشرة دولة البابا فرانسيس. وقامت مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة والمغرب بتجديد المعابد اليهودية أو بناء معابد جديدة. وفي العراق، فتح مركز مخصص للحوار بين الأديان أبوابه مقابل أقدس ضريح للشيعة في النجف. في المتوسط، يعتقد أقل من ربع المشاركين في الاستطلاع في الدول الغربية أن الناس في الشرق الأوسط يشتركون معهم في القيم نفسها، كلها أو معظمها، مثل دعم السياسة العلمانية، واحترام الاختلاف وحرية التعبير. ويعتقد عدد أقل من هؤلاء أن الشرق الأوسط منطقة تتطلع إلى المستقبل وتتميز بالأمل. من وجهة نظر الناس الذين يعيشون هناك، فإن الشرق الأوسط الجديد أصبح مكانًا مختلفًا تمامًا. وهناك أغلبية ساحقة تدعم برنامج التحديث السعودي، وغيره من البرامج المماثلة التي تعمل على إصلاح المؤسسات وتحرير المجتمع وتنويع الاقتصاد. وبالمثل، تعارض هذه الأغلبية الحركات الدينية الرجعية ودورها في السياسة”.
من المؤشرات الأخرى لهذه الرؤية المنحازة للإصلاح والتحديث والقبول باتجاهات التغيير، وجود “الحماس للإصلاح”، بحسب المعهد الأمريكي. ويقول: “يطالب جيل جديد في الشرق الأوسط بإصلاح المؤسسات الدينية، ويريد أكثر من ثلثي الشباب تحديث مؤسساتهم الدينية، في حين يعتقد الناس بشكل متزايد أنّ الزعماء الدينيين لا ينبغي أن يتدخلوا في السياسة. وفي الفترة ما بين عامي 2011 و2020، ارتفعت نسبة المؤيدين للبيان الأخير من 62% إلى 78% في مصر، ومن 75% إلى 80% في تركيا. وحتى قبل هذه الفترة، سُجلت زيادة في دعم الفصل بين الدين والسياسة بين العراقيين، من 54% في عام 2004 إلى 69% في عام 2011، ومن 75% في عام 2008 إلى 80% في عام 2011 بين اللبنانيين”[13].
ومن الملامح الملحوظة في هذا الصدد ظهور التعبئة من أجل التغيير، وبدلًا من انتظار تغيير السياسة، أصبح الشباب في الشرق الأوسط يطالب بتغيير تقدمي، حيث شهدت المنطقة حركات احتجاجية وجماهيرية مجتمعية مدنية أكثر بعشر مرات من بقية العالم على مدى السنوات العشرين الماضية. ومنها على سبيل المثال حركة “تشرين” في العراق، وتزامن معها الحراك السياسي والحقوقي المماثل في لبنان، ورفض كل منهما هيمنة الحكم الميلشياوي والسلاح المتفلت في يد الفصائل الولائية، كما رافقتهما حركة أخرى حقوقية أوسع نطاقًا بالمدن الإيرانية -ومنها العاصمة طهران- ضد المركزية الدينية والسياسية لحكم الولي الفقيه.
بالتالي، فإن “تغيير القيم، والحرية في التعبير عنها من خلال السياسات الشعبية تمهد الطريق لشرق أوسط أكثر تفاؤلًا وأملًا. ووفقًا لاستطلاع رأي الشباب العربي، فإن التفاؤل بلغ أعلى مستوياته في خمس سنوات، حيث يعتقد ستة من كل عشرة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا أن أفضل أيامهم قادمة”. ويباشر جيل جديد على تطوير الإبداع الثقافي والفني، وإحياء “التراث الغني في الشرق الأوسط، مدعومًا باعتراف القادة السياسيين بأن النمو الاقتصادي مرتبط بالتعبير الإبداعي. وبدلًا من أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الإبداع، فقد كانت منذ فترة طويلة موطنًا للأحداث الأدبية والثقافية المزدحمة”[14].
وفي ظلّ هذه المعطيات الضافية، فإنّ الإخفاق التاريخي للإسلاموية تنعكس أعراضه في فشل تَبْيِئَة مفاهيمها التي كانت تسعى لشرعنة وجودها في الفضاء السياسي والمجال العام، من خلال الارتكاز على القضية الفلسطينية، والتي تبدو هي الأخرى في إطارها الضيق عبارة عن خطاب طوباوي، لا يحمل سوى صخب البلاغة الدينية المسيّسة، من دون أن تحمل برنامجًا عمليًا وسياسيًا له الأفق الوطني القائم على التسوية، بدلًا من وسائل الكفاح التبشيري. فهذه الخطابات الأخلاقية -بانفعالاتها الغرائزية- قد استنفدت أغراضها، مثل غيرها من الخطابات الإسلاموية، بداية من “الثورة” و”المجتمع/ الأمة/ الدولة” الإسلاميتين، مرورًا بـ”الاقتصاد الإسلامي”، وانتهاءً بالعدالة الاجتماعية السياسية ودولة الرفاه. بالتالي، فإنّ المجتمع ما بعد الإسلاموي وما بعد “موت الإسلاموية” يتشكل على مهل، بقدر إجهاض محاولات انبعاث الإسلاموية، وقدرة الفئات المعلمنة والإصلاحية على تجاوز الجهاز المفاهيمي المتغلغل في الشبكات الاجتماعية والحواضن الخفية والمستترة. ذلك ما يمكن رؤيته في غياب قدرة الحركات الإسلاموية على تحريك الشارع في العواصم العربية المختلفة، فضلًا عن الاستجابة لشائعاتها المختلفة ضد الأنظمة والسياسات العربية داخل محور الاعتدال. كما أنّ الاحتجاج على المواقف المحافظة والبراغماتية للإسلاموية، لم يَعُدْ مجرد رفض مؤقت، إنما تنبني على تخومه بدائل جديدة تتمثل في رفض الاستقطاب الديني، ومقاومة النزعة السلطوية الاحتكارية للحقيقة والمعرفة، ورفض الإذعان لها.
الإسلام الإنسانوي كبديل عن الأصولية
ثمّة مقاومة عنيفة لمحاولات تعميم أو ترسيم رؤية شمولية للدين تجعله مفارقًا للزمن والتاريخ، وتحديدًا في البلدان التي تهيمن عليها قوى الإسلام السياسي، لاسيّما التي تقع تحت سلطة قوى الأمر الواقع التابعة لـ”الولي الفقيه”، كما في البلدان التي لديها رصيد سابق مع محاولات النهضة في مصر وتونس وغيرهما، ناهيك عن الاستجابة لديناميات التنمية الثقافية والتحديث بالخليج. وهذه المراجعة يوثقها الحراك الشبابي في بيروت وطهران وبغداد منذ العام 2019، بل ومعاودة أفكار القوى الإصلاحية حتى من داخل الحيز الديني الحوزوي، المتململ من عسكرة النظرية الخمينية على يد الأجهزة الثورية، في ظل تمفصل القوى الأصولية بمؤسسات وأجهزة الدولة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، بما يطرح إلى جانب موت الإسلاموية رهان آخر يتمثل في موت الميلشياوية. ولم يكن تصريح المرجع الشيعي، علي السيستاني، بعد سنوات من ممانعته الحديث السياسي، بضرورة “حصر السلاح”، أي سلاح، في يد مؤسسات الدولة، سوى مراجعة جادة لعمليات الخرق السابقة التي تسللت منها القوى الميلشياوية لإزاحة الدولة. وجاء في بيان صادر عن مكتبه، مطلع الشهر الحالي نوفمبر، خلال لقائه الممثل الجديد للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، العُماني محمد الحسان، أن من الضروري “استخلاص العبر من التجارب الماضية، والسعي الحثيث لتجاوز إخفاقاتها، والعمل بجد لبناء مستقبل أفضل ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والازدهار”[15].
في المحصلة، يبدو أن تلك المراجعات المختلفة تؤشر إلى جملة من الشروط الواقعية، حيث إن الواقع السياسي والاجتماعي بالمنطقة لم يَعُدْ يحتمل حالة السيولة والفوضى، أو التَّفَلُّت والسلاح غير الشرعي، والاحتماء بأيديولوجيات قمعية تمارس الإكراه والعنف. وثمّة ضرورة ملحة لمقاربة يبرز فيها “الإسلام الإنسانوي”، باعتباره نمط التدين الوحيد القادر على استيعاب كافة “الإسلامات”، “أي أنماط التدين باسم الإسلام” غير الإسلاموية، بل يمكن القول من هذه الزاوية إنّه “إسلام الإسلامات”. إن قوة الإسلام الإنسانوي تكمن في كونه يقوم على فكرة محورية معينة، وهي فكرة التسامح والتعايش بين مختلف الإسلامات غير الإسلاموية، إذ إن مشكلة الإسلاموية -أو الإسلام السياسي- تكمن في كونها نافية لبقية “الإسلامات”. صحيحٌ أن الإسلاموية قد تنجح في هذه اللحظة أو تلك من لحظات التاريخ، ولكن ما إن تنتهي اللحظة حتى يصبح “نفي الآخر” مثل كعب أخيل الذي تتسلل منه الهزيمة إلى هذا النوع من التَّدَيُّن. أمّا الإسلام الإنسانوي فهو -نظريًا على الأقل- نمط تدين، حقيقته المطلقة هي أنه لا يملك الحقيقة المطلقة، أي أنّه يبقى نصًا مفتوحًا، على عكس النصوص المغلقة في الإسلاموية.[16]
وفي هذا السياق يمكن الاستشهاد بما قاله الدكتور وائل صالح في كتابه المشترك مع الباحث الكندي الدكتور “باتريس برودر” تحت عنوان « L’islam politique à l’ère du post-printemps arabe. Sommes-nous entrés dans l’ère du nécro-islamisme ? أي “الإسلام السياسي في زمن ما بعد الربيع العربي.. هل حان موت الإسلاموية؟”، حيث يقول إن الإسلاموية في مرحلة الإخفاق السياسي والارتداد للعنف، ستُحَوِّل الرهان إلى إسلام آخر، إنسانوي عقلاني، لا ينحصر في مرجعية بعينها، ولا يتبنى مقولات وتأويلات متشددة. ويضيف الكتاب: “ولا يعني زوال حركات الإسلاموية الاختفاء الفوري أو الاندثار التام لها ولفكرها، ولكن يعني أن التأثير الذي كان لديها قبل الربيع العربي لن يعود أبدًا كما كان. إنه نوع من الموت الإكلينيكي، يجعل حركات الإسلاموية لا تغادر أبدًا نطاق الهامش. وكلما استعادت الدولة الوطنية قوتها ومكانتها ودورها، وكلما ترسخ الإسلام الإنسانوي في المجتمعات، اضمحلت الإسلاموية.
خاتمة
تبقى معضلة الإسلام السياسي في عدم قدرته على التكيُّف مع المستجدات الطارئة، في الواقعيْن السياسي والمجتمعي، وسواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي. أمّا محاولات الاعتماد على عمليات التجييش القديمة والتقليدية، كما في حرب غزة، وبناء منصة لتوجيه قواعدها وحواضنها والمتعاطفين ضد القوى السياسية والإقليمية المعادية لها، فإنها تظل محدودة، وتجدد إخفاقها المرة تلو الأخرى، كأنما ترسم مربعًا يطوقها ويحدد حيزها التاريخي الهش، بما يؤكد فقدان فعاليتها، وضعف تأثيراتها، ونهايتها المحتومة. ومع غياب الحلول العملية والسياسية، وانكشاف إخفاق الإسلاموية في تحقيق وعودها بالتمكين الشعبي، والعدالة المجتمعية، وتحقيق الخدمات الأساسية، وارتدادها للعنف الأصولي والجهادي الذي يُلِحُّ على معاني الموت الخلاصي والتضحية بالذات، فإن خطابها التعبوي تتآكل أطرافه ويفقد إغراءاته. وفي الوقت نفسه تتجه الحاجة أكثر فأكثر نحو “الهجرة إلى الإنسانية”، بتعبير الفيلسوف التونسي في الكتاب الذي يحمل العنوان ذاته، والذي أوضح فيه ضرورة الانعتاق من التصورات القديمة التي ألغتها الحداثة السياسية بخصوص “تصوُّرها للسيادة على المفهوم القانوني للشعب، وذلك حتى تميزه تمييزًا نهائيًّا عن المعنى اللاهوتي الوسيط للجمهور أو العامة الدينية، إذ إن الدولة الحديثة هي دولة الانتقال الحقوقي من حُكم الجمهور (جمهور الملة) إلى حُكم الشعب (شعب الدولة)”[17].
[1] الحرب على غزة وخطر التطرف، مقال، مؤسسة كارنيغي، 25-1-2024، على الرابط:
https://carnegieendowment.org/sada/2024/01/the-gaza-war-and-the-danger-of-extremism?lang=ar
[2] كيف تفاعلت التنظيمات الإرهابية مع عملية طوفان الأقصى؟، تقرير، الحائط العربي، 22-10-2023، على الرابط: https://arabwall.com/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9%D9%84%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%B9%D9%85%D9%84/
[3] تقرير، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 21-10-2023 طوفان الأقصى.. بين “القاعدة” و”داعش”، على الرابط:
“طوفان الأقصى”.. بين “القاعدة” و”داعش”
[4] كلمة متلفزة لمرشد الإخوان، الموقع الرسمي لجماعة الإخوان، بيان رسمي، 10-10-2023، على الرابط:
https://ikhwan.site/p-222696
[5] نداء إلى جماهير أمتنا الإسلامية مع قرب مرور عام على طوفان الأقصى، تصريح رسمي للناطق بلسان الجماعة، الموقع الرسمي للإخوان، 2-10-2024، على الربط:
https://ikhwan.site/p-223023
[6] “الإخوان المسلمون” يمنحون “حماس” موطئ قدم في لبنان، تقرير، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 18-7-2024، على الرابط:
https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/alakhwan-almslmwn-ymnhwn-hmas-mwty-qdm-fy-lbnan
[7] جبهة الخلاص الوطني: المقاومة الفلسطينية عنوان العزة والإباء، بيان، موقع أنباء تونس، 7-10-2023، على الرابط: https://kapitalis.com/anbaa-tounes/2023/10/07/%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86/
[8] رفض مصري لحديث إخواني عن «مبادرة صلح، تقرير، الشرق الأوسط اللندنية، 25-8-2024، على الرابط:
https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5054127-%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%B9%D9%86-%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D8%B5%D9%84%D8%AD
[9] ما موقف جبهة إسطنبول الإخوانية من مبادرة الجزار؟ وما قصة لقاء أذربيجان؟، تقرير، موقع حفريات، 28-8-2024، على الرابط:
https://hafryat.com/ar/blog/%D9%85%D8%A7-%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%9F-%D9%88%D9%85%D8%A7-%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A1-%D8%A3%D8%B0%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%9F
[10] طوفان الأقصى ومستقبل الحركات الإسلامية.. بين تجدد الأزمات وتلاشي الخيارات، الدكتور محمد البشاري، منتدى أصيلة الخامس والأربعون، غير منشورة.
[11] المصدر السابق
[12] Think Again: Inside the Modernisation of the New Middle East, report,14-7-2022.
https://institute.global/insights/geopolitics-and-security/think-again-inside-modernisation-new-middle-east
[13] المصدر السابق.
[14] المصدر السابق.
[15] السيستاني يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة، ورفض التدخلات الخارجية، خبر، الشرق الأوسط اللندنية، 4-11-2024، على الرابط:
https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5078053-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AD%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A8%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%88%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%AE%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9
[16] الإسلام الإنسانوي.. موت الإسلاموية، الإسلام الإنسانوي، وائل صالح، العين الإخبارية، 12-10-2020، على الرابط:
https://al-ain.com/article/humanistic-islam-death-islamism?fbclid=IwY2xjawGURtlleHRuA2FlbQIxMAABHVUhCGZ1PM-k6y62IbVs271DgebFgZegy5zalbVGukt00rnDsZeyd96Vfg_aem_aLwJ3OCkyH3hR-1rMdUSCQ
[17] فتحي المسكيني، الهجرة إلى الإنسانية، دار هنداوي، الطبعة الأولى، 2024.