Insight Image

أوروبا تبحث عن موطئ قدم جديد في النظام العالمي

22 مارس 2021

أوروبا تبحث عن موطئ قدم جديد في النظام العالمي

22 مارس 2021

يسبب وصول أي إدارة أمريكية جديدة للحكم في العادة حالة من عدم اليقين على الساحة الدولية؛ إذ تبدأ الدول والأحلاف بإعادة ترتيب مواقعها وإعادة تقييم أولوياتها الاستراتيجية، ومعرفة كيف يمكن أو لا يمكن للرئاسة الأمريكية الجديدة أن تؤثر على كيفية تحقيق هذه الأهداف. وقد ظهر هذا الأمر بوضوح عام 2016 بعد فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعروف بشعبويته؛ حيث كان أقرب حلفاء الولايات المتحدة يتساءلون ماذا يمكن لهذا البليونير النيويوركي أن يفعل.. هل سينفذ وعوده الغريبة التي أطلقها في حملته الانتخابية أم سيلتزم بالتوجهات التقليدية للرؤساء الجمهوريين؟ ماذا ستفعل أمريكا فعليا؟

كانت رئاسة ترامب مختلفة عن كل الرؤساء الذين سبقوه في مقابل رئاسة بايدن التي تبدو أقرب بكثير إلى العودة لشكل ما قريب من شكل الإدارة الأمريكية التقليدية، للعمل مع الحلفاء في إطار عمل متعدد الأطراف، وفق خطوط تتفهمها الأطراف الأخرى وإن لم تكن تتفق معها دائماً. ولكن بالنسبة لـ”بايدن” ما هو موقع الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، والدول الأخرى غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي؟

مرّت الدول الأوروبية جميعها تقريباً في مطبات وأوقات صعبة خلال حقبة ترامب وضعت مستقبل التحالف الأوروبي-الأمريكي في مهب الريح، حيث عرفت العلاقات بين الحليفين التقليديين توترات عميقة على خلفية مجموعة من القضايا بما فيها الخلافات حول قضية تغير المناخ، والتجارة، وحلف الناتو، وإيران، وقضايا أخرى؛ فضلا عن تعبير ترامب الصريح عن دعمه لخروج بريطانيا من الاتحاد، ولم يفعل شيئاً لتهدئة المخاوف الأوروبية بشأن النوايا الروسية.

وقد شكل ترامب أيضاً مصدر إلهام لجماعات اليمين المتطرف والشعبويين في كل أنحاء القارة الأوروبية؛ وعلى نحو متزايد تأثرت دول مثل المجر وبولندا حيث أصبحت بالكاد يمكن أن توصف بأنها دول ديموقراطية، ولوحظ فيها تراجع مخيف لسلطة القانون، وكادت تخلو من أي إعلام مستقل.

لذلك كانت أوروبا في حالة غموض سعت فيها بقدر الإمكان إلى الحدّ من الأضرار التي خلفتها سنوات ترامب الأربع؛ ولم يكن هناك أي دولة تريد مواجهة الولايات المتحدة بصورة مباشرة. كما لم يكن هناك سوى قلة قليلة من القادة الأوروبيين أرادوا التواصل علانية مع ترامب.. فالعلاقات، مثلا، بين ترامب والمستشارة الألمانية ميركل تأرجحت بين الباردة والجامدة.

والأكيد أن العديد من السياسيين الأوروبيين قد تنفسوا الصعداء بعد 20 يناير 2021؛ وينبغي على المرء التساؤل هنا عن وجهة أوروبا وإلى أين هي ماضية؟ نعم، بايدن سيكون رئيساً سهلٌ التعامل معه، غير أن هذا المعطى لا يجب أن يحجب عن أعين الاتحاد الأوروبي التحديات الكبيرة التي يواجهها.

بين واشنطن وبكين

معظم الأوروبيين يعتقدون أن الصين ستكون أقوى من الولايات المتحدة في غضون عشر سنوات؛ وفي ظل هذا التوقع كيف سيتعامل الأوروبيون مع هذا التحول والموازنة بين تحالفهم مع واشنطن وحاجتهم إلى التقرب من الصين؟ يعتقد العديد من الأوروبيين أن على أوروبا تبنى موقف الحياد بين واشنطن وبكين، الأمر الذي يقض مضجع الأمريكيين؛ إذا لم يعد بلد العم سام شريكاً أمنياً موثوقاً به كما كانت منذ عام 1945، وهذا يدفع بأوروبا إلى إعادة النظر في أمنها الجماعي وخططها لحماية أمنها.

مواقف أوروبا منقسمة أيضاً بشأن روسيا، فهناك دول تسعى إلى مقاربة أقوى لكبح جماحها وممارساتها التدخلية، فيما تشعر دول البلطيق وأوروبا الشرقية بالقلق من مخططاتها ونواياها. وتتحدث ألمانيا، في الجانب الآخر، بلهجة لينة – رغم ضغط الولايات المتحدة – وتمضي قدماً في تنفيذ مشروع ضخم بقيمة 11 مليار دولار وهو مشروع خط الأنابيب “السيل الشمالي – 2″ لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر بحر البلطيق.

تخوف ترامب من مشروع “السيل الشمالي – 2″ كان في محله إذ أنه يجعل أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي (ألمانيا) معتمدة على روسيا أكثر مما ينبغي للحصول على إمدادات الطاقة. كما وجّه البرلمان الأوروبي نداءً لإيقاف هذا المشروع، رداً على حادثة تسميم أليكسي نافالني الذي يُعتبر من أبرز معارضي نظام بوتين.

بالإضافة إلى هذه التحديات التي تواجه البيت الأوروبي أصبح أيضاً مشروع توسع الاتحاد راكداً خصوصا مع عدم استيفاء الدول المرشحة للالتحاق به للشروط اللازمة لذلك، وبعد خروج بريطانيا الذي من غير المستبعد أن يكون آخر خروج من أكبر تكتل في العالم.. الحقيقة هي أن الاتحاد الأوروبي يكافح ليضمن لمواطنيه مكاسبهم كما أن شعار “اتحاد أمتن من أي وقت مضى” قد أفل بريقه ولم يعد جذاباً كما كان عند توقيع ميثاق الاتحاد الأوروبي عام 1983.

لقد جاءت جائحة كورونا لتفاقم من حدة هذا الوضع؛ إذ سجلت بريطانيا بسبب إدارتها السيئة للجائحة أعلى معدلات الوفيات في العالم غير أن استراتيجيتها، في المقابل، بخصوص اللقاحات وتطويرها وطرحها في الأسواق تميزت بفعاليتها مقارنة مع باقي دول الاتحاد؛ ففي الوقت الذي طعمت فيه بريطانيا بالجرعة الأولى من اللقاح أكثر من 20 مليون نسمة من سكانها، كانت دول الاتحاد الأوروبي بما فيها فرنسا وألمانيا متعثرة بشكل واضح. كما أن السماح لـ بروكسل بالإشراف على عملية اقتناء اللقاحات كان قراراً كارثياً اتضح معه أن البيروقراطية في الاتحاد سيئة للغاية.

ولكن دعونا ننظر إلى الطرق المختلفة التي اعتمدتها دول أوروبية عدة في إدارة الجائحة؛ فالسويد حاولت اعتماد مقاربة مناعة القطيع؛ وهناك دول أخرى قليلة فكرت أن تحذوا حذوها.. الملاحظ أن وحدة الاتحاد الأوروبي التي كثيراً ما تفاخرت بها أوروبا قد أصبحت في خبر كان خصوصا في نظر الإيطاليين الذين كان حظهم من المساعدات من داخل الاتحاد هزيلا، مع العلم أنها عانت من كونها البؤرة الأولى لتفشي الوباء في أوروبا.

قال حاكم مقاطعة فينيتو، ويدعى لوكا زايا منتقدا سوء تدبير الاتحاد للجائحة: “إن الاتحاد الأوروبي غائب تماما.. وهذه فضيحة.. لا اهتمام، ولا توجيه، ولا تنسيق بخصوص صحة الناس.. يبدو أننا نعيش نسخة جديدة لحكاية مهاجر“[1]؛ وكان رئيس وزراء البرتغال أنطونيو كوستا أكثر صراحة عندما قال في السياق ذاته: “إما أن يفعل الاتحاد الأوروبي ما ينبغي عليه أن يفعل، أو أن هذه ستكون نهايته“[2].

تباين مواقف الاتحاد الأوروبي

مظاهر الانقسام والفروق البادية بين الشمال والجنوب في الاتحاد الأوروبي كانت موجود منذ انطلاق مشروعه الوحدودي، فالقوى الشمالية الأكثر ثراء التي دفعت المبالغ الطائلة إلى اليونان لكي تدخل الاتحاد، ويتوجب عليها اليوم أن تدفع مرة أخرى لتنقذ اقتصاد هذا البلد؛ والقوى الجنوبية التي عبرت عن غضبها عام 2015 عندما حاول المهاجرون دخول أوروبا بأعداد كبيرة، وقامت بتجميد اتفاقية دبلن بشأن حق اللجوء السياسي بين عشية وضحاها، ولاسيما المجر، التي أقامت حواجز أسلاك شائكة على حدودها في وجه اللاجئين، وضعت دول مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا في وضع وجدت نفسها معه مجبرة على استضافة آلاف اللاجئين الذين رفضت مساعدتهم دول أخرى مثل فرنسا وبريطانيا.

إن مشهد الانقسام الداخلي في البيت الأوروبي لا ينسجم مع أمل اضطلاع الاتحاد الأوربي بدور عالمي؛ وتظهر هذه الانقسامات بوضوح في تعامل الاتحاد مع دول الجوار القريبة، على الأقل، في حوض البحر الأبيض المتوسط إذ من الصعب وضع اليد أو تحديد استراتيجية واضحة للاتحاد بشأن أي من النقاط الساخنة أو مناطق الصراعات الخطيرة في هذه المناطق.

مشهد الانقسام يبدو أيضا بوضوح في سياسة الاتحاد بشأن دول البلقان التي يكتنفها عدم الوضوح؛ فكرواتيا كانت آخر دولة تنضم للاتحاد عام 2013، والدول الأخرى المرشحة للانضمام كانت تتقدم ببطء، وما تزال صربيا ومقدونيا الشمالية تنتظران محادثات الانضمام منذ 16 سنة بعد تقديم طلبات الانضمام. وتركيا هي الأخرى بدأت محادثات الانضمام منذ عام 2005 غير أن انضمامها يبدو مستبعداً كلياً لأسباب عديدة ليس أقلها الطبيعة الاستبدادية المتزايدة لحكم أردوغان.

كان يمكن للاتحاد الأوروبي في ما مضى من السنوات أن يفاخر بنفسه باعتباره بيتا موحدا يتبنى مقاربة متناسقة بدرجة معقولة بشأن القضية الفلسطينية/الإسرائيلية حيث استند موقفه دائما إلى شرعية القانون الدولي غير أنه في نهاية المطاف انخرط في الإجماع الدولي على حل الدولتين، وتطبيق معاهدة جنيف الرابعة على الأراضي المحتلة.

كما أن مواقف الاتحاد المتناسقة بشأن القضية الفلسطينية/الإسرائيلية تعرضت لسنين طويلة لعرقلة دول أوروبا الشرقية الأعضاء في الاتحاد مثل المجر، وبولندا، وجمهورية التشيك، وبدلاً من تبني الاتحاد لسياسة مشتركة تجاه هذه القضية، فإن المساعي السياسية الموجهة إلى إسرائيل أصبحت بشكل متزايد تأتي من دول أوروبا الغربية فقط.

ربما تكون القضية الفلسطينية واحدة من القضايا التي تلعب بريطانيا فيها دوراً منسجماً مع دول أوروبا الغربية، حتى بعد خروجها من الاتحاد، غير أن الفلسطينيين يتساءلون: أين ذهبت حيوية دول الاتحاد في صياغة دور فعال يضطلع به هذا التكتل ويؤهله لموازنة الكفة في مقابل الانحياز الأمريكي الواضح لإسرائيل المنشغلة بالانتخابات، والتي سيحرص فيها أي رئيس وزراء قادم على ضمان الإبقاء على التصدع والتباين في الموقف داخل البيت الأوروبي.

أما بشأن سوريا، ليس هناك أي طرف يريد التورط في قضية هذا البلد، الذي وضعت أزمته داخل خانة الأزمات التي يصعب حلها. ومعظم السياسيين الأوروبيين لا يملكون سوى الأمل في أن تنتهي هذه الأزمة غير أن هذا الأمل مستبعد، فخطوط القتال في سوريا تجمدت منذ سنة، ولكن الصراع لم يتجمد. القتال لم يتوقف، وإذا كان يمكن التنبؤ بأي شيء، عندما تنحسر جائحة كوفيد-19، فإن الصراع سيشتعل بقوة مرة أخرى.

أثبتت سوريا قدرتها على تصدير أزماتها عبر دول المنطقة إلى أوروبا أولا من خلال “داعش”، وثانيا من خلال قضية اللاجئين:

  • أولا – يعيد “دَاعش” بناء نفسه بحذر في شرق سوريا ويشكل تهديداً خطيراً، ويسعى جاهدا إلى استغلال التوترات العربية-الكردية المتزايدة في مناطق مثل الرقة؛ هذه المدينة التي أدى تقصير المجتمع الدولي في مساعدتها على إعادة البناء إلى إضعاف مصداقيته، والاحتمال المرجح أيضاً أن الدول الأوروبية ستقطع المساعدات عن اللاجئين السوريين، وستُضعف هذه الخطوة أي بقية متبقية للنفوذ الأوروبي.
  • ثانيا – قضية اللاجئين السوريين: سيطلق الرئيس أردوغان، على الأرجح، جولة جديدة من التهديد والابتزاز ضد الاتحاد، ويهدد بفتح حدود بلاده وإغراق أوروبا بسيل من اللاجئين مرة ثانية، إلا إذا تحققت له مطالبه؛ وهذا تهديد يثير السخرية ولكنه حقيقي؛ وهي ورقة قوية في يد تركيا التي تستضيف نحو 3.5 مليون لاجيء، والدول الأوروبية، باستثناء ألمانيا والسويد، كانت مترددة في المشاركة في تحمل عبء هؤلاء.

أما ليبيا فهي البؤرة الساخنة التي تجتمع فيها الطموحات المتنافسة لدول الاتحاد، وهي منطقة حساسة ومهمة وخاصة بالنسبة لدول جنوب أوروبا التي تعتمد على إنتاج ليبيا من النفط والغاز، وهناك ثلاث دول أوربية، ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، لها مصالح مهمة في ليبيا، حيث دعمت فرنسا القوات التي يسيطر عليها المشير خليفة حفتر في شرق ليبيا، غير أنه وبعد صدّ هجمات قوات حفتر على طرابلس، وطرح الاتفاق السياسي الأخير، بدأت فرنسا تعيد تقييم خياراتها. وربما أصبح هناك فرصة أفضل مما كان في السنوات الأخيرة للتحرك نحو موقف مشترك للاتحاد الأوروبي بشأن ليبيا، فأوروبا بحاجة إلى لعب دور بنّاء في ليبيا لمعالجة الأزمة.

فيما يخص إيران، أثبتت القوى الأوربية درجة من وحدة الموقف. إذا كان الهدف المنشود هو إعادة الولايات المتحدة وإيران إلى طاولة المفاوضات، فإن الدول الأوربية الكبرى الثلاث (E3) فرنسا وألمانيا وبريطانيا لديها دور مهم في إقناع الطرفين بالعودة إلى المفاوضات. لا أحد يريد أن يرى حرباً مع إيران، ولكن في الوقت نفسه، يشتركون في المخاوف بشأن الدور السلبي الذي تلعبه إيران في الشرق الأوسط، والفشل في إحداث تأثير في هذا المشهد سيعزّز آراء الذين يؤمنون أن أوروبا لن يكون لها دور في المستقبل.

غالباً ما كان العجز الأوروبي عجزاً فرضته القارة العجوز على نفسها حيث كانت مترددة في اتخاذ مواقف قوية واستخدام أدوات القوة الناعمة المتوافرة لديها. كما يتزايد ضعف هذه الأدوات نظراً لأن القوة الاقتصادية والثروة يتحولان إلى مناطق أخرى.

كوفيد-19 و”رباعي التقشف”

ستفاقم جائحة كوفيد-19 توجهات التقشف المالي في القارة. كما أن التأثير الكارثي لهذه الجائحة ربما أسوأ مما كان متوقعاً، فاقتصاد الاتحاد الأوروبي انكمش بنسبة 6.5% عام 2020[3]؛ ونتيجة لهذا ستشهد أوروبا تقليصات كبيرة في الميزانية من داخل الاتحاد. والدول التي وصفت نفسها بمصطلح “رباعي التقشف” (النمسا، السويد، الدانمارك، هولندا) ستعزز رغبتها في تقليص الإنفاق.

القادة الأوربيون سيسعون إلى حماية اقتصاداتهم، وسيقلقون من إضافة ديون جديدة إلى الديون المتراكمة عليهم. وإذا كانت القوى الأوروبية قد لعبت دوراً مهماً واحداً، فقد كان ذلك الدور يتمثل في كونها المتبرع الأول على مستوى العالم للإغاثة في معظم الكوارث الإنسانية، ومن بينها كوارث سوريا، وليبيا، وفلسطين. فهل هذه الصفة الراقية مهددة بالزوال؟ بريطانيا أعلنت أنها ستقلص حجم برنامج المساعدات الخارجية من 0.7% من دخلها القومي الإجمالي إلى 0.5% ويشمل هذا تقليص المساعدات إلى نصف ما كانت عليه، وهي الدولة التي تواجه أسوأ كارثة إنسانية في العالم. وإيطاليا تمر بأسوأ ركود اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية، ولا يُتوقع أن تكون مانحاً رئيسياً في المستقبل.

ينبغي على أوروبا أن تتكيف مع الواقع وتتقبل خسارة مكانتها المتميزة في العالم؛ فالولايات المتحدة تفوقت عليها منذ زمن طويل في الساحة الاقتصادية، والصين تفعل الشيء ذاته الآن. كما أن حصة أوروبا من إجمالي الناتج المحلي العالمي تقلصت بشكل ملحوظ، وتجد أوروبا نفسها في حالة توجس وعدم التأكد ممن سيكونون حلفاءها في المستقبل.

ومع هذا ستظل التحالفات عبر ضفتي الأطلسي حيوية غير أن حقبة ترامب أثبتت أن الأمر لن يكون سهلاً دائماً. ترامب خسر الانتخابات الرئاسية، ولكن سواء كان هو أو شخص آخر ينتهج نهجاً مشابهاً يمكن أن يعود عبر الانتخابات في السنوات القادمة.

ستكون القيادة الديناميكية والجريئة مطلوبة في السنة التي تغادر فيها أنجيلا ميركل منصبها، بعد حوالي 16 عاما من وجودها على رأس هرم السلطة في ألمانيا. لقد أمسكت الأمور بحزم في أوقات صعبة، وفي بعض الأحيان كانت تمثل قائد الاتحاد بحكم الأمر الواقع. والشكوك بشأن مواقف ألمانيا – بعد رحيل أنجيلا ميركل في سبتمبر 2021- ستكون ملموسة بشدة في كل أنحاء القارة.

ولكن القرارات الجريئة مطلوبة للمحافظة على تقدم المشروع الأوروبي، ويفرض هذا على القادة الأوربيين أن يحلوا خلافاتهم. والعداء المتزايد بين بروكسل ولندن بشأن لقاحات كوفيد-19 وإيرلندا الشمالية يجب أن تتم تسويته؛ كما أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بحاجة إلى العمل معاً والتعاون لخدمة مصالح الطرفين.

التعامل القاسي مع دول أوروبا الشرقية مسألة حيوية لضمان عدم تفكك الاتحاد الأوروبي، والتأكد من أنه يستطيع الاستمرار في التمسك بقيم التعاون الدولي والديموقراطية. كما أن هناك دور حيوي مهم لأوروبا في النظام العالمي، ولكن التساؤلات المطروحة تدور حول ما إذا كانت أوروبا تريد لعب هذا الدور أم لا؟


المراجع

[1]  الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي أصبحت واضحة بسبب الخلافات حول إجراءات مكافحة جائحة كوفيد-19، وكالة رويترز، 27 مارس 2020، على الرابط:

https://www.reuters.com/article/uk-health-coronavirus-eu/eu-divisions-laid-bare-as-bloc-feuds-over-coronavirus-rescue-idUKKBN21E1Z0?edition-redirect=uk

[2]   الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي أصبحت واضحة بسبب الخلافات حول إجراءات مكافحة جائحة كوفيد-19، وكالة رويترز، 27 مارس 2020، على الرابط:

https://www.reuters.com/article/uk-health-coronavirus-eu/eu-divisions-laid-bare-as-bloc-feuds-over-coronavirus-rescue-idUKKBN21E1Z0?edition-redirect=uk

[3]   بيان إجباري من يوروستات (Eurostat News Release)February 2, 2021

https://ec.europa.eu/eurostat/documents/portlet_file_entry/2995521/2-02022021-AP-EN.pdf/0e84de9c-0462-6868-df3e-dbacaad9f49f

المواضيع ذات الصلة