جاء إعلان وكالة الإمارات للفضاء عن عزمها إنشاء 3 مناطق فضاء اقتصادية بالتعاون مع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) – كقواعد لتأسيس منظومات أعمال متكاملة تدعم الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة الناشطة في مجال الفضاء – ليؤكد على الرؤية المستقبلية للقيادة الرشيدة تجاه بناء قطاع فضاء خاص تنافسي بالتزامن مع بناء قدرات وطنية في هذا المجال تساهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي لدولة الإمارات خلال الخمسين عاما القادمة.
ويأتي هذا الإعلان لوكالة الإمارات للفضاء، بعيد أيام من إعلان مركز محمد بن راشد للفضاء إطلاق الجمعية العالمية لاستدامة الفضاء خلال القمة العالمية للحكومات 2022 ضمن مبادرة هادفة لتعزيز الجهود وتنسيق المبادرات في هذا القطاع الواعد، وابتكار الحلول لتطوير هذا القطاع الاقتصادي المستقبلي؛ ففي الوقت الذي تتنوع فيه المجالات الاقتصادية، لتشمل ما هو صناعي، وزراعي، وخدمي، ومالي، ورقمي…، يتزايد الوعي بأهمية اقتصاد الفضاء، كأحد القطاعات الواعدة بزيادة الناتج القومي الإجمالي، ورفع مستوى نوعية الحياة، وتحقيق المزيد من الرفاه للشعوب والمجتمعات.
ويُعرّف اقتصاد الفضاء بأنه الاستغلال التجاري والاقتصادي للمصادر الطبيعية خارج حدود كوكب الأرض؛ ويتضح حجم هذا القطاع الاقتصادي ومداه من حقيقة أن حجم الاستثمار في اقتصاد الفضاء عام 2016 قارب على 340 مليار دولار، مع تواتر التوقعات بأن يصل حجم هذا الاقتصاد بحلول عام 2040 إلى تريليون دولار، حسب أكثر التوقعات تحفظا، بينما تشير توقعات أكثر جرأة من خبراء ماليين واقتصاديين إلى أن حجم اقتصاد الفضاء سيصل إلى عدة تريليونات من الدولارات مع نهاية العقدين القادمين.
ولذا، وعلى منوال مؤشر تنافسية الأعمال نفسه، يتم سنويا منذ عام 2008 إصدار مؤشر التنافسية الفضائية الذي يصنف مقدار استثمار الدول المختلفة وكيفيته في عوائد اقتصاد الفضاء، ويتضمن حالياً قائمة أكبر 15 دولة تستثمر في اقتصاد الفضاء. ورغم استمرار احتلال الولايات المتحدة رأس قائمة الدول الأكثر استثماراً واستفادة من اقتصاد الفضاء، إلا أن الهوة بينها وبين الدول الأخرى الرائدة في هذا المجال تشهد تراجعا تدريجياً. كما يظهر مؤشر التنافسية الفضائية أن دولا مثل الصين، واليابان، وروسيا، والهند، قد زادت من قدراتها التنافسية في هذا المجال بشكل كبير خلال الأعوام الماضية.
يشمل حاليا اقتصاد الفضاء أنشطة متنوعة، ربما من أهمها إطلاق الأقمار الاصطناعية التي تعددت استخداماتها وتنوعت بشكل هائل، وأصبحت تشكل الجزء الأكبر من الاستغلال التجاري للفضاء، حيث يقدر أن حجم صناعة إطلاق الأقمار الاصطناعية والتي تندرج تحت قطاع (النقل الفضائي) يبلغ حاليا عدة مليارات من الدولارات. ومؤخرا، أصبح حجم وقيمة عمليات إطلاق الأقمار الاصطناعية الممولة من القطاع الخاص، تزيد عن مثيلتها الممولة من قبل الحكومات ووكالات الفضاء الوطنية.
ويأمل الكثيرون أن يتوسع نطاق قطاع النقل الفضائي ومداه ليشمل ما أصبح يعرف بـ “سياحة الفضاء”؛ هذا وإن كان من أكثر الاستغلالات التجارية المستقبلية والاستشرافية للفضاء، هو المجال المعروف بتعدين الفضاء (Space Mining)، وبالتحديد تعدين الكويكبات والمذنبات. وتهدف هذه العمليات إلى تعدين المعادن الثمينة والنفيسة، مثل: الذهب، والفضة، والإيريديوم، والبلاتينيوم، والتنجستن، وغيرها، ومن ثم جلبها إلى الأرض لاستخدامها في الأغراض الصناعية الموجهة لتلبية الاحتياجات البشرية المتنامية.