تصطدم دراسة “أجهزة العنف” لدى جماعة الإخوان المسلمين، والتأريخ لها، عادةً بالعديد من العوائق المنهجية، ليس أقلها غياب المراجع بسبب السرية الشديدة التي تحيط بهذه الأجهزة، في حين لا نجد هذه العوائق في دراسة الأدبيات الإخوانية المؤسسة للعنف لأنها متوفرة ومتاحة للباحثين.
ويتميز فاعلوا الجماعة الإيديولوجيين، في هذا السياق، بالانفتاح وتدوين التجارب، على عكس الفاعلين التنظيميين في الدوائر التنفيذية؛ ولهذا بقيت أغلب الدراسات التي اهتمت بأجهزة العنف الإخواني – على اختلاف أشكالها وتسمياتها – من فرع إلى آخر ومن حقبة زمنية إلى أخرى، تعتمد بشكل أساسي على الملفات القضائية والأمنية، وفي حالات نادرة عما يتسرب من هذه الدوائر شديدة السرية والحذر.
ولقد انعكست ندرة المراجع على تصور الباحثين على البنية التنظيمية للجماعة وفروعها، وعلاقة “العنف بالدعوة”، وهل هذا العنف عرضي جاء في سياق ردّ الفعل ضد السلطة أم أنه متأصل وجزء أساسي من البنية الفكرية للجماعة ومشروعها السياسي، أو كما يسمى في أدبياتها “مشروع التمكين”.
وتحاول هذه الورقة أن تبحث في دور “أجهزة العنف” داخل جماعة الإخوان في مشروع الجماعة “التمكيني” من خلال دراسة “نموذج حركة النهضة التونسية” وتقديم تصور جديد لبنية الجماعة التنظيمية ودورها في “إنتاج التمكين” وإعادة إنتاج سياقات بناء الجماعة بعد كل أزمة، من خلال تطبيقات لوي ألتوسير حول ” أجهزة الدولة”
أولاً:أجهزة الجماعة الأيديولوجية والقمعية
في نظريته الرائدة حول “الأيديولوجيا وأجهزة الدولة”[1] يميّز الفيلسوف الفرنسي لوي ألتوسير (1918 – 1990)، بين “قوة الدولة” و”جهاز الدولة”، مشيراً إلى أن الدولة لا يمكن لها القيام بمهام إعادة إنتاج المجتمع السائد إلا من خلال نوعين من الأجهزة:
- أجهزة الدولة الأيديولوجية وهي مؤسسات متمايزة ومتخصصة ومنها الجهاز الديني والتعليمي والأسري والإعلامي والثقافي؛
- وأجهزة الدولة القمعية ومنها الإدارة، الجيش، الشرطة، المحاكم، السجون.
لكن ألتوسير يوضح أن كل جهاز دولة، سواء قمعي أو أيديولوجي، “يعمل” بالعنف والأيديولوجيا في آن، لكن مع وجه تمييز مهم للغاية يجعل من الضروري ألا نخلط بين أجهزة الدولة الأيديولوجية وجهاز الدولة (القمعي)[2].
فمنذ تشكلها التنظيمي الأول عام 1928، بدت جماعة الإخوان المسلمين– كما أراد لها مؤسسها حسن البنا – “شبه دولة” سواء من حيث التنظيم أو الهدف، حيث تأسست في سياقات تاريخية شهد فيها العالم نهاية الخلافة الإسلامية (1924). وقد وضع البنا في قائمة أهداف التأسيس إعادة بناء هذه الخلافة “المهدورة”، حيث بدت الجماعة “حالة تنظيمية مؤقتة” قبل إعادة بناء “الدولة الإسلامية” أو ما يسمى في أدبيات الإخوان بــــ “النصر والتمكين”. ولأن الجماعة – كما يتجلى في بنائها التنظيمي أو كما يتصورها أعضاؤها – أقرب للدولة، فيمكن الإستفادة من تطبيقات لوي ألتوسير على الدولة للتمييز بين أجهزة الجماعة “الإيدلوجية” وأجهزتها “القمعية”.
ويأخذ “التمكين” حيزاً مهما في مشروع جماعة الإخوان المسلمين، بل هو منتهى غايات الجماعة؛ حتى أن القيادي في الجماعة علي عبد الحليم محمود (1928 – 2014) صاحب كتاب “منهج التربية عند الإخوان المسلمين” يعرفه بأنه:
“هو الهدف الأكبر لكل مفردات العمل الإسلامي، فالدعوة بكل مراحلها وأهدافها ووسائلها، والحركة وكل ما يتصل بها من جهود وأعمال، والتربية بكل أبعادها وأنواعها وأهدافها ووسائلها، والتنظيم وما يستهدفه في الدعوة والحركة بحيث لا يختلف عن ذلك الهدف الأكبر أحد من العاملين من أجل العمل الإسلامي في أن التمكين هو الهدف الأكبر لكل هذا العمل “[3].
ويحتاج هذا الهدف الإستراتيجي للجماعة نفساً تاريخياً طويلاً من أجل “إعادة إنتاج دولة الخلافة” لتأمين كل مراحل “المسار التمكيني” الأربعة، والتي يفضلها المنظر الإخواني علي الصلاّبي، في كتابه “فقه النصر والتمكين في القرآن الكريم” الذي أصبح أحد المراجع الأساسية في التربية داخل أسر الجماعة وخلاياها منذ ظهوره نهاية تسعينات القرن الماضي، على النحو التالي[4]:-
– مرحلة الدعوة والتعريف
– مرحلة اختيار العناصر التي تحمل الدعوة
– مرحلة المغالبة
– مرحلة التمكين
واستناداً إلى التقسيم الألتوسيري لأجهزة الدولة، يمكن تقسيم أجهزة الجماعة إلى “جهاز إيديولوجي” يضم التعليم والدعوة والثقافة والعمل السياسي والعمل الخيري، و”جهاز قمعي” يضم أذرع العنف والعمل العسكري والأمني. ويتراوح الإعتماد على هذه الأجهزة نزولاً وصعوداً حسب السياقات الموضوعية والسياسية وفي مختلف مراحل “المسار التمكيني“، لكن الغالب، أن المراحل الأخيرة وهي “المغالبة والتمكين” سيكون فيها عمل “الجهاز القمعي” قوياً وبارزاً، لأنها مرحلة صراع.
بيد أن هذا التقسيم النظري يمكن ألَّا ينطبق تماماً في الواقع، حيث تتداخل وظائف الأجهزة وتتداخل المراحل كذلك؛ فالصلاّبي نفسه يتحدث عن تمكين “جزئي” وتمكين “كلي”، أي يمكن أن تحقق الجماعة التمكين المنشود في قطاع معين (التعليم، الثقافة، النقابات، الشرطة، الأعمال…) أو داخل شرائح اجتماعية محددة (الطلبة، النساء، المهنيون، الفلاحين…)، أو أن تشارك في السلطة بشكل جزئي (التمثيل البرلماني، المشاركة في الحكومات، الحكم المحلي والبلديات…) دون أن تسيطر على الدولة تماماً.[5]
ومؤصلاً لمنهج المرحلية في استعمال أجهزة الجماعة “القمعية والإيديولوجية” على مدى مسار التمكين، يقول مؤسسها حسن البنا، في رسالة المؤتمر الخامس:
“الإخوان المسلمين يعلمون أن أول درجة من درجات القوة هي قوة العقيدة والإيمان، ثم يلي ذلك قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح. ولا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوافر لها هذه المعاني جميعاً، وأنها إذا استخدمت قوة الساعد والسلاح وهي مفككة الأوصال مضطربة النظام أو ضعيفة العقيدة خامدة الإيمان فسيكون مصيرها الفناء والهلاك. (…) وبعد كل هذه النظرات والتقديرات أقول لهؤلاء المتسائلين: إن الإخوان المسلمين يستخدمون القوة العملية حيث لا يجدي غيرها، وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة. وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء وسينذرون أولاً، وينتظرون بعد ذلك ثم يقدمون في كرامة وعزة ويتحملون كل نتائج موقفهم هذا بكل رضاء وارتياح”[6].
ويبدو دور “الجهاز القمعي” في مشروع التمكين الإخواني ليس مجرد مجموعات تمارس عنفاً في سياقات ردود الأفعال، بل عنفاً مؤسساً على قواعد تنظيمية دقيقة يبدو وجوده ضرورياً لهذا المشروع، وخاصة في مراحله الأخيرة “مرحلة المغالبة” بسماتها اللغوية التي تحمل معاني القوة والعنف والغلبة. وسيكون – بداية من هذه المرحلة، وصولاً إلى التمكين النهائي – “التمكين الأمني الجزئي” أو بناء قدرات أمنية وعسكرية قمعية جزءاً أساسياً من عمل الجماعة وفروعها في كل مكان.
ثانياً: التمكين الأمني لدى “الإخوان المسلمين”
التمكين الأمني هو جزء من مشروع التمكين الكبير لدى جماعة الإخوان المسلمين. وهو المرحلة التي تصل فيها الجماعة للسيطرة التامة والكاملة على أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية. ويمكن أن يكون هذا التمكين لاحقاً للتمكين السياسي، أي أن الجماعة أو أحد فروعها ينجح في السيطرة على السلطة السياسية من خلال وسائل مختلفة (الإنتخابات، الثورة…) ومن ثمة يوسع سيطرته على الأجهزة الأمنية والعسكرية، أو أن يكون سابقاً للتمكين السياسي، أي أن تنجح الجماعة أو أحد فروعها في السيطرة على الأجهزة الأمنية والعسكرية للدولة ومن ثمة تسيطر على السلطة السياسية وهو ما يسمى بالانقلاب العسكري، وهذا الأسلوب كان شائعاً لدى تيارات عقائدية سرية أخرى، خاصة القومية البعثية[7].
لكن التمكين الأمني، وإن كان جزءاً من مشروع التمكين الكبير للجماعة، فإنه أيضاً أحد الأجزاء الأساسية ضمن شروط التمكين وأسبابه، حيث يعتبر جزءاً رئيسياً من أسباب التمكين المادية، والذي يسميه علي الصلابي “الإعداد الأمني”[8]، مشيراً إلى أن
“من أهم أسباب التمكين النهائي هو إنشاء الحس الأمني للأفراد العاملين منذ دخولهم في العمل الجماعي، وأن تشكل لجان ومكاتب وتتحول مع توسع الحركة إلى مؤسسات. (…) إن العمل الأمني والاستخباراتي في العمل الإسلامي من مظاهر القوة، حتى يكون التخطيط على أساس من أسباب القوة ومظاهرها ومن أسباب التمكين”[9].
ومفصلاً أدوار هذه “اللجان الأمنية” يقول الصلابي إنها تشمل “استطلاع أخبار العدو، ومعرفة مواطن الضعف فيه، ومواقعه، ومنشآته، لأن ذلك يوصل للتخطيط السليم والظفر”، ويلخص دور “الجهاز الأمني” داخل الجماعة، باعتباره جزءاً من جهازها القمعي خلال المراحل الأول، أي قبل الدخول في مرحلتي “المغالبة والتمكين” في التالي:[10]
– التقصي والتجسس وجمع المعلومات عن الخصوم
– تحليل المعلومات والإستفادة منها
– اختراق مواقع الخصوم (المؤسسات الأمنية والعسكرية إلخ…)
– بناء قدرات أمنية للأفراد العاملين
– المحافظة على أقصى درجات السرية في العمل
وعلى هذا الأساس النظري شهدنا منذ ولادة الجماعة وتوسعها في العالم الإسلامي العشرات من تجارب “التمكين الأمني” الإخواني في الكثير من الدول، والتي أخذت أشكالاً مختلفةً في سياقات مختلفة، لكنها حافظت على الأرضية الأيديولوجية نفسها والنهج ذاته. وقد تراوحت هذه التجارب بين بناء أجهزة أمنية وعسكرية خاصة داخل الجماعة وفروعها، وبين اختراق الأجهزة الأمنية والعسكرية الرسمية للدول، ويمكن في هذا السياق الإشارة إلى بعضها دون حصر:
1-النظام الخاص لجماعة الإخوان المسلمين (مصر، 1940):
تشكيل عسكري أسسته الجماعة الأم في مصر في عهد مؤسسها حسن البنا، وقد ضم عدداً محدوداً من أعضاء الجماعة وكانت مهمته عسكرية وأمنية، وقد نفذ النظام العديد من عمليات العنف وعمليات الاغتيال السياسي التي استهدفت شخصيات سياسية وقضائية، بينها القاضي أحمد بك الخازندار (1948)، ورئيس الوزراء المصري الأسبق محمود فهمي النقراشي (1948)[11]. كما نجح في اختراق الجيش المصري وجند ضباطاً داخله بينهم: عبد المنعم عبد الرؤوف[12].
ويفصل المنظّر الإخواني يوسف القرضاوي في مذكراته أدوار هذا النظام الخاص بالقول: كانت وراء تكوين هذا النظام عدة أهداف يسعى إلى تحقيقها (…) منها حماية الدعوة من أعدائها الذين قد يحاولون اقتلاع جذورها، وإيقاف مسيرتها، وتعويق حركتها، بقانون القوة، أو بقوة القانون، عن طريق الأحكام العرفية أو الطوارئ العسكرية. وكان النظام الخاص هو الذي يوفر ذلك بقوة وجلاء، ويدرب الشباب على الأعمال الجهادية والعسكرية اللازمة. والسعي إلى تغيير الحكم العلماني، عن طريق (انقلاب عسكري) تكون طلائعه من أبناء النظام الخاص”[13].
2-تنظيم مدرسة المدفعية (سوريا، 1979):
تشكيل عسكري محدود نجحت جماعة الإخوان المسلمين في تأسيسه من خلال تجنيد واستمالة عدد من الجنود والضباط داخل الجيش، وكانت قاعدة عمله في مدرسة المدفعية بحلب تحت قيادة النقيب إبراهيم يوسف، والذي قاد بنفسه ما يعرف بمجزرة مدرسة المدفعية عام 1979، والتي راح ضحيتها نحو ثمانين طالباً في الكلية العسكرية بسبب انتمائهم الطائفي المخالف للإخوان، ثم قاد لاحقاً “قوات الطليعة المقاتلة” وهي الجناح العسكري لجماعة الإخوان السورية بداية من العام 1982 [14].
3- تنظيم الجبهة القومية الإسلامية (السودان، 1989):
تشكيل عسكري موال للجبهة القومية الإسلامية السودانية بقيادة حسن الترابي، تكون من عدد من الضباط في الجيش السوداني والمبايعين للجماعة، وقد نجح هذا التشكيل في تنفيذ انقلاب عسكري في يونيو عام 1989 وصلت به الجبهة للسلطة، من خلال العميد في الجيش، عمر البشير، وبقيت فيها حوالي ثلاثة عقود. ويروي الترابي تفاصيل العملية، قائلاً:
“خطتنا الانقلابية كانت معدة سلفاً وقررها مجلس الشورى السري (المشرف السياسي والشرعي على النظام الخاص للحركة الإسلامية) منذ العام 1977. لكنها تعاظمت، عندما خرجنا من حكومة الصادق المهدي، وتبين لنا أن لا طريق للإسلام في أن يظهر للحياة العامة، إلا إذا تمكن من السلطة، لكن إذا تمكن بوجهه ستحيط به الدول الغربية وحتى الإسلامية وسيُوأَدُ طفلاً وينزل عليه العالم بأثقاله، لذلك كان لابد أن يخرج دون أن يعلم عنه أحد سوى أنه انقلاب عسكري. وقد رتب الأمر مجموعة فنية – الذراع الاستخباراتي – من الحركة الإسلامية، عطلت جهاز الاتصالات في كامل البلاد واستبدلته بجهاز تابع للحركة، استوردته من الخارج”[15].
ثالثاً: الإسلاميون في تونس ومشروع التمكين الأمني:
لم يكن فرع جماعة الإخوان المسلمين في تونس نسيجاً مختلفاً عن بقية فروع الجماعة أو عن الجماعة الأم، فقد اشتغل منذ تأسيسه في نهاية ستينات القرن الماضي تحت اسم “الجماعة الإسلامية” ثم “حركة الإتجاه الإسلامي” بين عامي 1981 و1988 ولاحقاً “حركة النهضة” بداية من عام 1988 وحتى اليوم، على بناء أجهزة “قمعية” للتنظيم حالها حال الأجهزة الأيدولوجية المعلنة والعاملة في مجالات الدعوة والثقافة والتعليم والعمل الخيري.
لذلك توجهت الحركة باكراً نحو تأسيس نواة لهذا الجهاز الأمني في إطار مشروع تمكين أمني وسياسي أوسع، إذ يقول مؤسس التنظيم التونسي راشد الغنوشي- متحدثاً في مقالة نشرها في مجلة “المعرفة” لسان الحركة، تحت عنوان: “قادة الحركة الإسلامية المعاصرة: البنا-المودودي –الخميني” في العام 1979 – عن تكوين النواة الصلبة لهذا العمل الأمني والسري، بإن هذه الخصيصة التنظيمية يتردد صداها بوضوح عند مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصرية، حسن البنا وعند قائد الثورة الإسلامية الإيرانية، الإمام الخميني الذي يشير بوضوح إلى ذلك في كتابه “دروس في الجهاد والرفض” حين يقول:
“يجب على الأشخاص المهمين الذين بيدهم المبادرة والذين تعهدوا العمل وتحملوا المسؤوليات أن يتجنبوا الكشف عن أنفسهم والاقتراب من دائرة الضوء؛ عليهم أن يعتبروا من الحوادث والتجارب السابقة ويبادروا إلى العمل في ظل الإسلام وأطر موازينه بدقة، ويحذروا من الأشخاص الذين هم ليسوا في هذه الأطر مائة بالمائة”[16].
وقد مر مشروع التمكين الأمني للإسلاميين في تونس بالعديد من الأشكال التنظيمية، والتي اختلفت أهدافها بحسب السياقات السياسية والموضوعية، لكنها كانت كلها تصب في مشروع التمكين السياسي للحركة الإخوانية، وذلك على النحو التالي:
- المجموعة الأمنية (1978-1991)
بدأ الفرع الإخواني التونسي في تشكيل جهازه الأمني – العسكري منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، حيث تشير الوثائق الأمنية الرسمية إلى أن النواة الأولى التي تشكل منها هذا الجهاز كانت أساساً من العناصر العسكرية، وهي نواة ضباط الصف، انخرطت عناصرها في الجماعة بعد مرورها بحلقات مَسْجِدِية أدارها راشد الغنوشي أو كانت في بعض الأحيان من بين تلاميذه.
وكان يتم من خلال حلقات النقاش التنبه إلى العناصر الأكثر انتظاماً في الحضور أو الأكثر شغفاً في التلقي. ومن بين أعضاء الجهاز العسكري الأوائل: جمعة العوني وإبراهيم العمري من سلاح الجو، وسيد الفرجاني نقيب في الجيش، وعبد السلام الخماري من جيش البر. وكانت مهام هذه النواة محاولة استقطاب عسكريين ممن يستشف لديهم استعداد للالتحاق بالحركة. وكان الجهاز العسكري معروفاً في وثائق التنظيم من خلال رقم 15 [17].
وقد تطور لاحقاً وجود الحركة داخل مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية بشكل كبير من خلال عمليات اختراق واسعة شملت تقريباً جميع الأجهزة الحساسة، وتشكل من خلال ذلك أذرع أخرى للجهاز العسكري-الأمني شملت، قسم المخابرات والمعلومات، قسم الجيش، قسم الشرطة والأمن، قسم الجمارك. وقد قام هذا الجهاز حتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي بمجموعة من الأدوار كان أغلبها مهام دفاعية لضمان استمرارية عمل الحركة من بينها، تقديم التقارير الأمنية والمعلومات السرية للدولة لقيادة الحركة، وتوفير الوثائق اللازمة لنشاط الأعضاء السري (جوزات، بطاقات هوية، تراخيص…)[18]، واستباق الضربات الأمنية ضد الحركة من خلال التبليغ[19]، وتهريب المطلوب أمنياً من خلال المنافذ الرسمية (مطارات، موانئ) وغير الرسمية[20]، وتسهيل مرور الأموال والسلاح للحركة[21]، وتأمين الإجتماعات والمؤتمرات[22] .
ومع منتصف ثمانينيات القرن الماضي دخلت تونس أزمة سياسية خانقة، بعد تقدّم رئيسها الحبيب بورقيبة في السن وصراع الخلافة الذي اندلع في أروقة النظام بين وزرائها، مما أدى إلى ضعف غير مسبوق في أجهزة الدولة وسلطتها المركزية، وجعل الحركة الإخوانية تتوجه إلى خوض صراع معلن مع النظام من خلال موجة من التظاهرات وأعمال العنف، وصراع سري عبر تحريك جهازها الأمني والعسكري للقيام بانقلاب عسكري، كان مقرراً يوم 8 نوفمبر 1987[23]، لكن وزير الداخلية زين العابدين بن علي استبق العناصر الإخوانية ونجح في حسم السلطة لنفسه قبل الموعد المحدد بيوم واحد.
ورغم ما تقدم، فإن فشل الانقلاب لم يمنع الحركة الإخوانية من إعادة بناء جهازها الأمني –العسكري رغم انكشاف جزء منه، لتحاول مرة أخرى تنفيذ انقلاب عام 1991 لكنها فشلت مرة أخرى، وكان لذلك الفشل الأمني أثره الكارثي على وجودها التنظيمي الذي انتهى تقريباً في الداخل، ولم يبقَ منه إلا مجموعات متناثرة في المنفى إلى حدود سقوط نظام بن علي في أعقاب ثورة 2011؛ فخلال محاكمة قيادات وعناصر حركة النهضة عام 1992، ظهرت في وثائق القضية مسألة إعادة بناء الجهاز العسكري الأمني، ومن خلال قرار دائرة الاتهام العسكرية، يظهر أن الحركة جددت نشاط جهازها منذ 1989، عبر ربط علاقات جديدة مع ظباط داخل الجيش والأجهزة الأمنية[24].
- الثورة واستئناف المشروع الأمني
خلال مرحلة المنفى احتفظت حركة النهضة بجزء صغير من جهازها الأمني، يشرف عليه عدد من الضباط الذين نجحوا في الهرب من البلاد، إثر المواجهة مع النظام عام 1991، وكانت مهام هذا الجهاز – الذي تركز عمله في العاصمة السودانية الخرطوم بين 1991 و1996 – مقاومة محاولات الاختراق الذي يمكن أن تحدث للتنظيم خلال هذه المرحلة الصعبة[25]. وبمجرد عودتها إلى العمل السياسي من الداخل بداية عام 2011، سعت الحركة إلى إعادة بناء هذا الجهاز واستئناف مشروع تمكينها الأمني، وقد عملت على ذلك من خلال وسيلتين رئيسيين هما محاولة اختراق وزارة الداخلية وبناء الجهاز السري.
أ-محاولات اختراق وزارة الداخلية:
كانت حركة النهضة أكثر القوى السياسية التي تعرف الكثير عن وزارة الداخلية، وذلك لأنها: أولاً، الأكثر احتكاكاً بالأجهزة الأمنية ودخلت في صراع طويل معها. وثانياً، لأنها تملك خبرة طويلة في اختراق الوزارة، من خلال استقطاب عدد من الأعوان والضباط في الثمانينيات من القرن العشرين، وفي المقابل كانت وزارة الداخلية، الجهة الأكثر معرفة بالحركة الإسلامية داخل مؤسسات النظام؛ هذه المعرفة العميقة المتبادلة والصراع المحتدم منذ أكثر من أربعة عقود بين الطرفين كان له آثاره على سلوك الحركة تجاه الأجهزة الأمنية بعد وصولها إلى السلطة عام 2011، وكان له أيضاً تأثيراته على توجهات ضباط الوزارة وأعوانها تجاه الحركة، كل حسب موقعه في المتغيرات التي حصلت في البلاد بعد هروب بن علي. وكان تقدير حركة النهضة للوضع بعد عودتها إلى الساحة السياسية، يشير إلى أن الجهة الوحيدة التي يمكن أن تشكل خطراً على الحركة الإخوانية هي الأجهزة الأمنية وليس الجيش[26].
ولهذا، استأثرت حركة النهضة بالسيطرة على وزارة الداخلية ووضعت على رأسها عليّ العريض في 17 ديسمبر 2011. ولم تمض أيام على ذلك حتى أصدر قراراً بإقالة المدير العام لوحدات التدخل، المنصف العجيمي يوم 12 يناير 2012، وقد ترافق ذلك بمظاهرة نظمتها الحركة أمام وزارة الداخلية لمساندة قرار الوزير رفعت خلالها شعارات “تطهير الوزارة”[27].
كان “تطهير الوزارة” يعني عند حركة النهضة، السيطرة عليها. ومنذ البداية جلب عليّ العريض معه إلى الوزارة فريقاً من المستشارين، ليس لهم علاقة بالعمل الأمني الرسمي، فقط لأنهم من أبناء الحركة ولهم خبرات قديمة في العمل الأمني الموازي، بينهم فتحي البلدي والطاهر بوبحري، العضوان السابقان في “المجموعة الأمنية”، الجهاز العسكري الأمني للحركة حتى بداية التسعينات. وقد شكل فريق الوزير من أبناء حركته النواة الصلبة لعمل الوزارة، فمن خلالهم كانت تتم التعيينات والترقيات والإقالات، وترفع التقارير إلى مقر الحركة المركزي في مونبليزير بشكل يومي رأساً إلى قيادة التنظيم. فقد كان تركيز هذا الفريق ضرورياً لانطلاق عملية التغيير الشامل داخل الأجهزة الأمنية[28].
وقد بدأ الوزير مع فريقه في فرز قائمة القيادات الأمنية المركزية والجهوية والمحلية، بحسب درجة قربها من أفكار الحركة أو بعدها عنها وبحسب درجة ولائها للنظام القديم، وحسب تأثيرها داخل الوزارة والأجهزة؛ وعلى هذا الأساس استهدفت التغييرات قيادات الصف الأول بالعزل والإحالة على التقاعد الوجوبي، وتحييد البعض الآخر، من ذوي التأثير الكبير داخل الوزارة عبر منحهم مناصب استشارية غير مؤثرة، واستبدال كل هؤلاء بقيادات من الصفين الثاني والثالث، كـ جمال النفزي ومحرز الزواري وعبد الكريم العبيدي.
كما شهدت فرقة سلامة الدولة حينذاك، تغيرات شملت إقالة 12 ضابطاً والتخلص من المدير العام للجماعات المحلية، الهادي زخامة، بإحالته على التقاعد الوجوبي، في سبتمبر 2012. وقبل هجوم السفارة الأمريكية بيومين قام عليّ العريض، بإحالة 17 ضابطاً من قيادات الحرس الوطني إلى التقاعد الوجوبي، بينهم أربع جنرالات وثمانية عقداء[29].
وشهدت الوزارة خلال الفترة نفسها موجة ترقيات غير مسبوقة، خاصة في جهاز الحرس الوطني. والحقيقة أن كثيراً من الضباط قد سارعوا للتقرب من حركة النهضة، إما عن قناعات فكرية ببرنامجها، أو لأسباب جهوية منعتهم سابقاً من الترقي في السلم الوظيفي، أو لدوافع شخصية وطموحات في الترقية المهنية، فقد شكلت تلك المرحلة فرصة نادرة للبعض كي يحرق مراحل طويلة من الترقيات المهنية ليقفز من مجرد قيادي محلي أو جهوي إلى مدير أو مدير عام في مقر الوزارة[30].
لم تكتفِ النهضة بهذه التغييرات لإخضاع وزارة الداخلية وتحييد القيادات الأمنية التي تخشاها، وتخشى انقلابها على المسار الذي كان جارياً، بل عمدت إلى خلق أجسام موازية غير أمنية لتقوم بمهام أمنية، لا تريد أن تتورط فيها بشكل رسمي أو يمنعها القانون المنظم للأسلاك الأمنية من القيام بها. ولعل أبرز هذه الأجسام، “روابط حماية الثورة” التي كانت تقاد من طرف عناصر تابعة لحركة النهضة تنظيمياً وفكرياً وتنسق عملها مع مكاتب الحركة أينما وجدت[31].
ب- بناء الجهاز السري:
ونعني هنا بالجهاز السري – وهي تسمية إعلامية – “الجهاز الخاص” وهو تنظيم سري ضمن الحركة يقوم بمهام أمنية، كجمع المعلومات وتجنيد الضباط من الأمن والجيش والتجسس على الخصوم السياسيين والسفارات، فضلاً عن نسج علاقات تعاون مع المجموعات السلفية العنيفة ومع الجماعات الإسلامية خارج البلاد، لا سيما التنظيم الأم في مصر وحتى مع تشكيلات إجرامية محلية في الأحياء الشعبية. وقد كشفت الأجهزة الأمنية التونسية هذا الجهاز بالصدفة في ديسمبر 2013، عندما ألقي القبض على منسقه مصطفى خضر – وهو ضابط سابق في الجيش التونسي تورط في المحاولة الانقلابية الثانية للحركة في 1991، خلال خلاف عقاري مع إحدى السيدات[32].
وتبين، من خلال الوثائق التي حجزت لدى خضر، أن من مهام الجهاز: “بناء جهاز أمن موازٍ وقد تضمنت الوثائق قوائم بمئات الأمنيين وتقارير صادرة عن الأمنيين، واقتراح ترقيات لأمنيين وإجراء أبحاث وتحريات أمنية بقصد استقطابهم لحركة النهضة، ومتابعة العسكريين والمؤسسة العسكرية وكتابة التقارير حولها، وإطلاع حركة النهضة بالتفاصيل الحياتية الدقيقة للقيادة العسكرية. وكذلك الإشراف على دورات حول التنصت والاستخبارات وبناء الجهاز الأمني السري وكتابة التقارير”[33].
لكن اللافت في عمل الجهاز هو التنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر من خلال تبادل الخبرات والاستفادة من خبرة الجماعة المصرية في تدريب الكوادر، حيث تكشف إحدى وثائق الجهاز المحجوزة عن وجود مراسلات بين منسق الجهاز السري للحركة، مصطفى خضر وعناصر من جماعة الإخوان في مصر خلال عام 2012، حول دورات تدريبية في مجال التجنيد والرصد الاستخباراتي وبناء الأمن الداخلي وإدارة الأزمات قدمها عناصر من الجماعة المصرية لفائدة نظرائهم في تونس[34].
وتكشف هذه الوثائق عن هوية شخص مصري يدعى، سليمان عزمي عويس، أشرف في يونيو 2012 على دورة تدريبية لفائدة أعضاء الجهاز السري لحركة النهضة. كما توصلت الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب، إلى أن أحد مستشاري وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الفترة ما بين 2011 و2014، وهو سجين سابق لحركة النهضة متورط في إدخال عناصر من حركة حماس تحت غطاء منح دراسية[35]. وربما تكشف هذه الوثائق عن معطيات جديدة تمكن من دراسة أكثر عمقاً لهذا الجهاز، وتالياً لمشروع التمكين الأمني للإسلاميين في تونس، بعد أن يحسم القضاء في مصيرها.
خاتمة
لا يمكن الجزم أبداً، أن مصير الجهاز الأمني السري لحركة النهضة التونسية قد حسم باعتقال منسقه مصطفى خضر، عام 2013، فدروس التجربة التاريخية تكشف عن أن وجود ذراع أمني قوي، يعتبر ضرورة وجودية للتنظيم الإسلاموي، أينما وجد. فوجود مثل هذه الأجهزة، لم يكن أبداً يوماً مجرد وجود عرضي مؤقت فرضته الظروف أو الصراعات السياسية، لكنه جزء أصيل وأساسي من البنية التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين وفروعها في كل مكان، والتي يجب أن تتضمن داخلها “أجهزة ايديولوجية” تقوم بالنشاط “الناعم” للجماعة وأجهزة “قمعية” تشكل الرافد الخشن والعنيف للنشاط السياسي؛ وهذه الثنائية القائمة على الموازنة بين القوة والسياسة، حالها حال ثنائية توازن أخرى تحكم الجماعة من نشأتها، كالسرية والعلنية، والتي تبدو للوهلة الأولى شديدة التناقض، لكنها في الواقع شديدة الانسجام مع المنهج المزدوج للجماعة والقائم أساساً على مبدأ “التَقية” بمعناها السياسي.
الهوامش
[1] Louis Althusser (1918-1990) – Lénine et la philosophie. Suivi de Marx et Lénine devant Hegel – Edité par F. Maspero – paru en 1982.
[2] لوي ألتوسير، “الأيديولوجيا وأجهزة الدولة الأيديولوجية”، ترجمة، عمرو خيري، موقع قراءات، 23 نوفمبر 2014، على الرابط https://bit.ly/3dWsF4W
[3] علي عبد الحليم محمود، فقه المسؤولية في الإسلام (القاهرة، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1995) ص 358.
[4] علي الصلاّبي، فقه النصر والتمكين في القرآن الكريم : أنواعه – شروطه – أسبابه – مراحله وأهدافه ( لبنان، دار المعرفة، الطبعة الخامسة، 2009) ص ص 323، 422.
[5] المصدر السابق، ص 83.
[6] حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام حسن البنا (القاهرة، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع، 2011) ص 149.
[7] ميشال عفلق ( في سبيل البعث.. الأعمال السياسية الكاملة ( بيروت، دار الطليعة للطباعة والنشر، الجزء الأول، 1978) ص ص 67 – 96 .
[8] علي الصلاّبي، مصدر سبق ذكره، ص 271.
[9] المصدر السابق، ص 305.
[10] المصدر السابق، ص 305.
[11] علي عشماوي، التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين: مذكرات آخر قادة التنظيم الخاص (القاهرة، مركز ابن خلدون، 2006) ص 157.
[12] لمزيد من المعلومات أنظر: عبد المنعم عبد الرؤوف، أرغمت فاروق على التنازل عن العرش (القاهرة، دار الزهراء للإعلام العربي، 1988)
[13] يوسف القرضاوي، أنا والجهاز السري (النظام الخاص) مذكرات شخصية، الموقع الرسمي ليوسف القرضاوي، 24 أبريل 2016، على الرابط https://www.al-qaradawi.net/node/4536
[14] Nikolaos van Dam, The Struggle for Power in Syria: Sectarianism, Regionalism and Tribalism in Politics, 1961-1980 (Kent, UK, Croom Helm, 1981) P. 106
[15] “حسن الترابي يروي تفاصيل انقلاب “1989، قناة الجزيرة في برنامج ” شاهد على العصر” الجزء 9، تاريخ البثّ 12/6/2016.
[16] راشد الغنوشي، “قادة الحركة الإسلامية المعاصرة: البنّا-المودودي -الخميني”، مجلة المعرفة، العدد الرابع، السنة الخامسة، 1 أبريل 1979.
[17] عبد الله عمامي، تنظيمات الإرهاب في العالم الإسلامي -أنموذج النهضة ( تونس، الدار التونسية للنشر، بدون تاريخ) ص ص 54-55. اعتمد الكاتب كلياً على محضر التحقيق الأمني والقضائي مع عدد من أعضاء الجهاز الأمني – العسكري، الوارد في الكتاب.
[18] المصدر السابق.
[19] النوري بوشعالة، قبس من الذاكرة، مذكرات ضابط أمن 414، الطبعة الأولى (رام الله، مركز الأبحاث منظمة التحرير الفلسطينية،2014) ص 404
[20] أحمد نظيف، المجموعة الأمنيّة: الجهاز الخاصّ للحركة الإسلاميّة في تونس انقلاب 1987( تونس، دار ديار للنشر والتوزيع، 2017) ص 71
[21] منصف بن سالم، سنوات الجمر شهادات حية عن الاضطهاد الفكري واستهداف الإسلام في تونس (بدون ناشر،2014 ) ص43. يمكن الاطلاع على الكتاب على الرابط : https://bit.ly/3a3ybld
[22] عبد الله عمامي، مصدر سبق ذكره، ص 55.
[23] منصف بن سالم، مصدر سابق، ص ص 43 – 57.
[24] أنظر: قرار دائرة الاتهام في القضية عدد 76111 الصادر عن المحكمة العسكرية بباب سعدون في عام 1992، في: المحاكمات السياسية في تونس 1956 – 2011 ، الجزء الثاني ، القسم الثاني: محاكمات الإسلاميين 157 – 201 (تونس، المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر،2015 ) ص8.
[25] أنظر: شهادة الصحبي العمري، العضو السابق في الجهاز الخاص لحركة النهضة، مقابلة على راديو كاب أ ف م، 13 نوفمبر 2015، على الرابط، https://www.youtube.com/watch?v=5NBxND5FT7w
[26] “تحييد وزارة الداخلية، أو كيف اخترقت النهضة الجهاز الأمني”، موقع نواة، 13 يوليو 2013 ، على الرابط، https://bit.ly/3s3xvCJ
[27] “علي العريض يعد بتطهير وزارة الداخلية”، موقع يوتيوب، 12 يوليو 2012، على الرابط https://www.youtube.com/watch?v=bjDhCtvC6dw
[28] أحمد نظيف، عشر ساعات هزت تونس: حريق السفارة الأمريكية ونتائجه، (تونس: دار ديار للنشر والتوزيع تونس، 2019)، ص 68.
[29] المصدر السابق، ص 70.
[30] “تحييد وزارة الداخلية، أو كيف اخترقت النهضة الجهاز الأمني”، مصدر سبق ذكره.
[31] “تحقيق استقصائي : مطار تونس قرطاج ..”ثكنة” الأمن الموازي”، موقع نواة، 23 مارس 2013، على الرابط، https://bit.ly/3sbhVoq
[32] محمد سميح الباجي عكّاز، ملف: ماذا عن مصطفى خضر، الغرفة السوداء، دم البراهمي وارتباك النهضة ؟، موقع نواة، 11 فبراير 2019، على الرابط: https://bit.ly/3rw8gZw
[33] سنيا البرينصي، ” تونس: كشف معطيات عن التنظيم السرّي لحركة النهضة”، موقع بوابة أفريقيا الإخبارية، 2 أكتوبر 2018، على الرابط: https://bit.ly/3fZX0Co
[34] “الأسماء والتفاصيل.. ماذا فعلت النهضة التونسية مع إخوان مصر؟”، سكاي نيوز عربية، 9 مارس 2021، على الرابط: https://bit.ly/3cybJCB
[35] المصدر السابق.