Insight Image

الاتجاه نحو التصعيد.. حالة الإرهاب بدايات عام 2025

09 فبراير 2025

الاتجاه نحو التصعيد.. حالة الإرهاب بدايات عام 2025

09 فبراير 2025

شهدت الساحة الإقليمية خلال عام 2024 جملة من الأحداث التي من المرجح أن تحمل انعكاسات مباشرة على مستقبل الظاهرة الإرهابية في عام 2025، يأتي على رأسها تأثيرات الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، والتطورات التي شهدتها الساحة السورية، وعودة ما يُطلق عليه ظاهرة الذئاب المنفردة، فضلًا عن التصاعد اللافت في نشاط التنظيمات الإرهابية داخل القارة الأفريقية التي بدأت تئن تحت وطأة تصاعد الإرهاب والتطرف العنيف، بحيث لم تَعُدْ دولها بمنأى عن مخاطر التنظيمات الإرهابية التي تقوّض كل أشكال الحياة الطبيعية لشعوب القارة الشابة، التي باتت مهددة بشيخوخة الأمن والاستقرار، رغم الجهود الأمنية المبذولة من حكومات دول القارة بالتعاون مع الحلفاء الدوليين، إضافة إلى المقاربات الأمنية وبعثات مكافحة الإرهاب.

ومن ثم، تسعى هذه الدراسة إلى الوقوف على أبرز ملامح حالة الإرهاب على الساحة الدولية مطلع عام 2025، من خلال تناول نشاط التنظيمات الإرهابية الرئيسية -سواء كانت محلية أو عابرة للحدود- كونها تمثل المُعَبِّر الرئيسي عن توجهات حالة الإرهاب، ومسار توجُّهاته التنظيمية والعملياتية، وخياراته الاستراتيجية.

وبالنظر إلى تاريخ التنظيمات الإرهابية، نجد أنها قدمت أربعة خيارات استراتيجية رئيسية، يتعلق أولها بمحاربة “العدو القريب”، أي قتال الأنظمة المحلية الحاكمة، وينصرف ثانيها إلى “الجهاد الدفاعي”، أي محاربة الدول غير الإسلامية التي غزت بلاد مسلمة، ويتصل ثالثها بمحاربة “العدو البعيد”، المتمثل في المقام الأول في الولايات المتحدة؛ إذ إنها -في ضوء رؤية تلك التنظيمات- تقدم الدعم للأنظمة المحلية، ما يحول دون إسقاطها، ويدور رابعها حول “الجهاد الهجومي”، أي تشكيل خلافة عبر توسيع الأراضي الواقعة تحت سيطرة المسلمين[1].

أولًا: تنظيم داعش                    

أثار تزامن إطلاق النار في نيويورك ليلة رأس السنة مع أحداث “لويزيانا” و”نيفادا” تساؤلاتٍ حول ما إذا كانت الهجمات عبارة عن سلسلة من الأحداث المترابطة، أم أنها مجرد مصادفة؟ إلى أن أعلن مسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالي أن الهجوم الذي وقع في “نيو أورليان” حادث إرهابي قام به شمس الدين جبار، الذي كان “متأثرًا بداعش بنسبة 100%”[2] ، لكنهم لم يُدلوا بمثل هذا التصريح فيما يخص أحداث لاس فيغاس ونيويورك، وإن كان المشترك بين الحادثين المنفصلين -نيو أورليان ولاس فيغاس- أن المركبات التي استُخدمت فيهما جرى استئجارها عبر نفس التطبيق، كما أن الحادثين يتعلقان بعسكريين من مواليد الولايات المتحدة خدموا في أفغانستان[3]، ما يعني اختراق داعش للأراضي الأمريكية، وهو ما يرى فيه العديد من المراقبين إشارة إلى عودة ظاهرة الذئاب الداعشية المنفردة، التي يصعب التنبؤ بهجماتها، ومن ثم يصعب إحباطها.

وفيما یعکس الحالة الإرهابية في أفريقيا، وتحديدًا في نيجيريا، نجد أن هناك زيادة في أنشطة تنظيم داعش والجماعات التابعة له، التي استطاعت السيطرة على بعض المناطق, وفرض قوانينها الخاصة بها، رغم مواصلة الجيش النيجيري عملياته ضد مقاتلي داعش في مناطق شرقي البلاد (17 يناير)؛ ما أدى إلى مقتل 76 من عناصر تنظيم داعش، فيما حاصر التنظيم أكثر من 500 مُزارع محلي في ولاية “بورنو”، شمال شرقي نيجيريا، بينما استمرت الاشتباكات بين الجيش النيجيري في مناطق “دامبوا” و”تشيبوك” في ولاية “بورنو”؛ ما أدى إلى مقتل 24 داعشيًّا خلال المعارك[4].

وفيما يدل على توسع دائرة نفوذ “داعش ولاية غرب أفريقيا” في نيجيريا، قيام التنظيم بتغيير اتفاق القرويين المحليين مع القاعدة وبوكوحرام، واشترط عليهم مقابل استمرارهم في زراعة أراضيهم أن يدفع كل مزارع 20% من حصاده على شكل “زكاة”، كما عاقب داعش القرويين بقتل 40 مزارعًا واختطاف عدد من زوجاتهم[5].

وفي إطار هجمات داعش في شرقي الكونغو الديمقراطية (2 يناير)، قُتل 12 شخصًا على الأقل بهجمات التنظيم، بالإضافة لإحراقهم قرى بكاملها[6]، إلى جانب تمركز داعش في منطقة الساحل الأفريقي، وتحديدًا في “المثلث الحدودي” بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، مستغلًا بعض الظروف في أفريقيا (جنوب الصحراء)، مثل تحديات النُّظُم الحاكمة، وعدم الاستقرار السياسي، وضعف المؤسسات، للظهور وتحقيق مكاسب إقليمية في مناطق مختلفة في القارة[7]، بالإضافة  لمواصلة تهديدات داعش في شرق أفريقيا، بالهجوم على قاعدة عسكرية في منطقة “بونتلاند” الصومالية (1 يناير)؛ ما أودى بحياة ما لا يقل عن 20 شخصًا[8].

وفى جنوب آسيا، استمرت تهديدات داعش في أفغانستان وباكستان، مع تزايد الخلافات السياسية بين البلدين، حيث يتبادل الطرفان الاتهامات بدعم الأنشطة الإرهابية على أراضي كل منهما، فبينما أكدت طالبان أن “داعش لديه مراكز تمويل وتدريب في بلوشستان وأجزاء أخرى بباكستان” (11 يناير)، أكد وزير الدفاع الباكستاني أن “داعش وجماعات إرهابية أخرى تتواجد بأفغانستان”[9]. وذلك مع استمرار نشاط “داعش ولاية خراسان”، وإعلان مسؤوليته عن مقتل مستثمر صيني في ولاية “تخار” بشمال أفغانستان (23 يناير)[10].

في الوقت نفسه لُوحظ انخفاض أنشطة “داعش خراسان” في آسيا الوسطى، والتي ينطلق معظمها من الأراضي الأفغانية، نتيجة التنسيق الأمني المستمر بين بعض دول آسيا الوسطى مع “طالبان” للقضاء على التهديد الكبير الذي يشكله “داعش ولاية خراسان” بالمنطقة[11].

وفي سوريا، التي تُعَدُّ من المعاقل الرئيسية لتنظيم داعش، واصل التنظيم تهديداته بالهجوم على قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في ريف دير الزور، وقتل 4 من عناصره (7 يناير)[12]. وفي إطار التنسيق بين الإدارة السورية الجديدة وبين كُلٍّ من الولايات المتحدة والأردن في مكافحة تهديدات داعش، جرى تبادل للمعلومات الاستخباراتية بين هذه الدول (25 يناير)، تعاونت على أساسها الاستخبارات الأمريكية مع دمشق في إحباط الهجوم على مرقد السيدة زينب بنت الحسين[13]. وعلى نحو مماثل، تعاونت الأردن في هذا الصدد لمنع انتشار أنشطة داعش بالمنطقة.

في سياق متصل، تزايدت المخاوف بشأن احتمال فرار مقاتلي داعش من السجون في شمال سوريا، وخاصة من مخيم “الهول” الذي يُحتجز فيه أكثر من 9 آلاف مقاتل داعشي، وذلك عقب خلافات جيوسياسية بين تركيا والولايات المتحدة على تصنيف “وحدات حماية الشعب الكردية”، فبينما تعتبرها أنقرة فرعًا من فروع “حزب العمال الكردستاني PKK”، المصنف كمنظمة إرهابية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فإن واشنطن تميز بين الاثنين، إذ ماتزال “وحدات حماية الشعب الكردية” أحد أهم حلفاء واشنطن. وفي حال شن هجوم تركي على الميليشيات الكردية، التي تسيطر على سجون ومعسكرات اعتقال داعش (الهول وروج)، لا يُستبعد أن يصبح أعضاء داعش طلقاء فجأة؛ نتيجة المعارك بين “وحدات حماية الشعب الكردية” وتركيا[14].

وداخل الأراضي العراقية، ظهرت مؤشرات حول تصاعد نشاط داعش، في ظل مخاوف عراقية من احتمال تسلل عناصر التنظيم -خاصةً من سوريا- حيث مناطق الفراغ الأمني الفاصلة بين الجيش العراقي وقوات “البيشمركَة” في محافظتيْ ديالى وكركوك وصلاح الدين (تقدر بـ 650 كم طولًا)، التي تقع في بؤرة خلافات سياسية ودستورية بشأن أحقية إدارة هذه المناطق بين الحكومتين: الاتحادية وإقليم كردستان[15]. يؤكد ذلك تحذيرات وزير خارجية العراق (23 يناير)، حول توسع المنطقة التي يسيطر عليها داعش داخل سوريا، وقُرب الإرهابيين من حدود العراق والأردن؛ ما يعني تزايد خطورة انتشار نفوذ التنظيم في سوريا، وحصوله على الأسلحة، وتجنيد عناصر جديدة[16].

وبشكل عام يمكن القول إن المجموعات الداعشية حول العالم من المرجح أنها ستلجأ الى رفع مستوى مُعين من التنسيق أو التحالف بين بعضها وبعض، لمواجهة القوات الحكومية، مع محاولة توطيد العلاقات بين أفرع التنظيم وولاياتها المتواجدة -خاصة في القارة الأفريقية- وهو ما يفتح المجال أمام عمليات الاستقطاب.

ثانيًا: تنظيم القاعدة

مع استمرار الأنشطة الإرهابية لـ”القاعدة” و”الحوثيين” في اليمن ، تصاعدت العمليات العسكرية ضد هذه الجماعات، وتم تطهير مناطق استراتيجية من عناصر “القاعدة” في إطار عمليات “سهام الشرق”، التي تقوم بها القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وتهدف إلى مكافحة الإرهاب في جنوب اليمن؛ ما أسفر عن تحرير “وادي تصبه” والجبال الحدودية في المناطق الوسطى شمال محافظة “أبين”[17]، في ظل مواصلة تهديدات الحوثي الساحلية المتمثلة بإعلانها شن هجمات عسكرية بالصواريخ المُجَنَّحة والطائرات المُسَيَّرة، ضد حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس ترومان” في شمالي البحر الأحمر(13 يناير) [18]. كما توسعت دائرة أنشطة الحوثي الإرهابية وشبكة اتصالاتها الإقليمية في القرن الأفريقي؛ ما دفع واشنطن (22 يناير) إلى إعادة “الحوثيين” إلى قائمة المنظمات الإرهابية، تمهيدًا لتدمير قدراتها العملياتية وإمكاناتها الحربية[19]، مُبَرِّرَةً هذا الإجراء بالسعي لإنهاء هجمات الحوثي على المدنيين الأمريكيين، وعلى شركاء واشنطن، وعلى العبور البحري في البحر الأحمر.

وفي سياق توسع شبكة الاتصالات الإقليمية للحوثي، أقر مجلس الأمن بصحة التقارير والتكهنات التي تشير بوجود تنسيق بين جماعة الحوثي وحركة الشباب الإرهابية في الصومال، حول تهريب الحوثيين لأسلحة متطورة، مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ أرض-جو إلى جماعة الشباب الصومالية، بالإضافة لانتقال مقاتلين من حركة الشباب إلى اليمن للتدريب على كيفية استخدامها؛ ما يعكس تطورًا نوعيًّا في نمط التنسيق بين الجماعات الإرهابية[20].

وداخل القارة الأفريقية، التي توصف حاليًّا بمعقل التنظيمات الجهادية، تصاعدت تهديدات جماعة “نُصرة الإسلام والمسلمين” المرتبطة بـ”القاعدة” في مالي، والتي تتمثل في انتهاجها تكتيكات عسكرية وميدانية جديدة، مثل ترهيب السكان من التعاون مع القوات النظامية، ومحاصرة المدن -مثل “ليري” و”كوليكورو”- تمهيدًا لتكرار سيناريو مدينة “تمبكتو”، إلى حين استسلام القوات النظامية فيها، وتسليمها  لجماعة “نُصرة الإسلام والمسلمين”[21]، إلى جانب تصاعد التهديدات الإرهابية في الساحل الأفريقي، والذي تجلى في اختفاء سائحين أجانب في بؤر الجماعات المسلحة شمال شرق بوركينا فاسو على مقربة من حدود النيجر(18 يناير)، وذلك عقب تبني جماعة “نُصرة الإسلام والمسلمين” الهجوم المسلح الذي استهدف مدينة “نيورو” الواقعة على الحدود البرية بين جمهورية مالي وموريتانيا، حيث تمكنت الجماعة من “السيطرة على مقرات أمنية وحكومية مالية قبل انسحابها منها” (7 يناير)[22].

 يُضاف إلى ذلك استمرار نشاط “القاعدة” في وسط دولة مالي، والذي تمثل في اختطاف شيخ إحدى الطرق الصوفية ووفاته بطريقة غامضة، وقد اشتهر هذا الشيخ بمواقفه المعتدلة الرافضة للتطرف ولتطبيق الشريعة بالقوة، وإثنائه شباب قبائل “الفُلاني” عن الانخراط في صفوف “القاعدة”[23].

يحدث كل ذلك رغم تواصل الجهود الدولية لتقويض التهديدات الإرهابية في أفريقيا، ومن هذه الجهود اجتماع مجلس الأمن الدولي (21 يناير)، بشأن مسألة مكافحة الإرهاب في أفريقيا، وضرورة معالجة تجليات هذه الظاهرة وأسبابها الجذرية ضمن مراعاة مختلف الجوانب الإنمائية والأمنية بصورة متكاملة، مع انخراط دول مجلس التعاون الخليجي العربية في الجهود الدولية؛ للحَدّ من التطرف الفكري وتوسع نطاق الأفكار الإرهابية التي تشكل تهديدًا جليًّا للأمن والسلم الدوليين، خاصة في أفريقيا[24].

ثالثًا: الإخوان المسلمون

فيما يعكس الصراع المتواصل بين الفرقاء في الجماعة، التي تحكمها عقيدة المال والسلطة، وفي خضم انقسام بات السمة الأبرز لها، يعيش “الإخوان” صراعًا بين القيادة القديمة للتنظيم العالمي (تأسس عام 1982)، وبين هيئة مكتب “رابطة الإخوان المصريين في الخارج”، على ملف التمويل والمؤسسات الخاصة بالجماعة في أوروبا، بالتزامن مع استمرار الصراع بين جبهة لندن (صلاح عبدالحق) وجبهة إسطنبول (محمود حسين)، وسعي الأخير لتوظيف الملف من أجل تعزيز الانقسامات بصفوف جبهة لندن.

فبينما يحاول مسؤول رابطة الإخوان المصريين في الخارج -جبهة لندن- السعدني أحمد، السيطرة على المؤسسات التابعة للتنظيم في أوروبا، يعارض رجل التنظيم العالمي محمود الإبياري هذه الخطوة، بدعوى أن هذه المؤسسات تتبع قطاع أوروبا في التنظيم العالمي منذ نشأتها، وأنها لم تكن على علاقة تنظيمية برابطة الإخوان المصريين في الخارج[25]، وهو أمر من شأنه أن يزيد الأزمة الداخلية للجماعة الإرهابية.

وفي سعي جماعة الإخوان لاستغلال القضية الفلسطينية، خاصة عقب وقف إطلاق النار في غزة (19 يناير)، بُغْيَةَ جمع الأموال والتبرعات وإنفاقها على مشاريعهم الخاصة، إلى جانب خلافاتهم الداخلية حول كيفية الاستفادة من آلام الشعب الفلسطيني، وصف صلاح عبدالحق، القائم بأعمال مرشد الإخوان، وقف إطلاق النار في غزة بـ”الإنجاز العظيم” للشعب الفلسطيني، كما أشاد بـ”حماس”، على صنيعها.

وعلى الجانب الآخر، شنت بعض قيادات حزب “الإصلاح” الإخواني في اليمن هجومًا حادًّا على “حماس” على خلفية تصريحات المتحدث العسكري -أبو عبيدة- لأنه لم يوجه لهم الشكر على مساندتهم لغزة، في الوقت الذي لم يسجل فيه الحزب أيَّ موقف يُذكر على مدى أشهر الحرب على غزة[26] . وتأتي هذه المواقف بالتزامن مع تراجع نفوذ وشعبية “الإخوان” في اليمن؛ ما دفعهم للتقرب من ميليشيا الحوثي الإرهابية عبر عقد لقاءات ثنائية بين الطرفين على مستوى القيادات[27].

وبالنسبة لإخوان تونس، ومع أفعالهم التي دأبوا عليها عبر تاريخهم، وتورطهم في عمليات التصفية الجسدية لمعارضيهم السياسيين، بشكل مباشر أو من خلال مؤامرات، واجهت “حركة النهضة” الإخوانية اتهامات بالوقوف وراء عملية تصفية المعارض التونسي “محمد البراهمي”، من خلال قيام الجهاز السري للحركة بالتخطيط لعملية الاغتيال، فيما تولت “أنصار الشريعة” التنفيذ[28]. ولذلك جاء قرار الدولة التونسية استثناء “حركة النهضة” والقوى الإسلاموية الداعمة لها من الحوار الوطني المزمع عقده في تونس، بالتوازي مع محاسبة “الحركة” على جرائم ما يُعرف بـ”العشرية السوداء” من حكم الإخوان على البلاد[29].

وفي سياق تنامي مخاوف الدول من تفشي إرهاب “الإخوان”، ومواجهة تهديداتها المتزايدة، خاصة في الأوساط الدينية والتعليمية في فرنسا، ألغت وزارة التربية والتعليم الفرنسية (24 يناير)، عقودها مع مدارس “الكندي وابن رشد وابن خلدون”، التابعة لتنظيم “الإخوان” الإرهابي في قطاع التعليم الفرنسي، بالإضافة إلى تعزيز الرقابة على الجمعيات الدينية التابعة “للإخوان”.[30]

رابعًا: التنظيمات الإرهابية المحلية

  • بوكوحرام: استمرت التهديدات الأمنية التي تشكلها الجماعة ضد الدولة النيجيرية، متمثلةً في اشتباكات بين الجماعة والجيش النيجيري بولاية “بورنو” شمال شرقي نيجيريا (28 يناير)، التي أدت إلى مقتل 70 إرهابيًّا و22 جنديًّا، وإسقاط القوات الحكومية طائرات مُسَيَّرة أطلقها الإرهابيون؛ ما يعني حصول الجماعة على تكنولوجيا متطورة[31]. ومما يؤكد تصعيد التهديدات النوعية للجماعة تنفيذها هجومًا انتحاريًّا (25 يناير)، أدى إلى مقتل 27 جنديًّا على الأقل، فيما يُعتبر تحولًا جذريًّا في الحرب الدائرة بين التنظيم الإرهابي والجيش. كما تجدر الإشارة إلى أن هجمات الجماعة توسعت في طبيعتها، ففي كثير من الحالات دخلت في مواجهات مباشرة مع الجيش النيجيري، وتلقت تعزيزات من “داعش”، تمثلت في وصول مئات المقاتلين على متن شاحنات مسلحة؛ ما أدى إلى انسحاب الجيش من منطقة “مالام فاتوري” القريبة من حدود النيجر[32].

    وفي سياق هجمات الجماعة على بلدة “دومبا” بولاية “بورنو” (12 يناير) قُتل 40 مزارعًا[33] ، بالتزامن مع إعلان الجيش تصديه هجومًا آخر لـلجماعة في بلدة “بيمي”، أسفر عن مقتل 34 من عناصر الجماعة ومقتل 6 جنود أيضًا[34]. وفي إطار تصعيد تهديدات الجماعة في تشاد، شنت بوكوحرام هجومها (8 يناير) على القصر الرئاسي في “نجامينا” العاصمة، وسقط قتلى وجرحى في الهجوم، بالتزامن مع تواجد الرئيس التشادي داخل القصر أثناء الهجوم[35]. ولا شك أن قوة الهجوم الذي أسفر عن مصرع 19 شخصًا، وكان يستهدف -بشكل مباشر- القصر الرئاسي، يُشير إلى دقة التخطيط للعملية، والدعم الذي حصلت عليه بوكوحرام لتنفيذ هجومها متجاوزةً كل الحواجز الأمنية بالعاصمة التشادية نجامينا.

  • حركة طالبان الباكستانية TTP: تُعَدُّ حركة طالبان باكستان واحدة من أبرز الجماعات المتطرفة التي تنشط في البلاد، حيث تتحمل مسؤولية عدد كبير من الهجمات الإرهابية التي تستهدف المدنيين والقوات الأمنية. وتسعى هذه الهجمات إلى زعزعة الاستقرار وتقويض جهود الحكومة الباكستانية في الحفاظ على الأمن، وماتزال الحركة تشكل تهديدًا أمنيًّا لباكستان بسبب مواصلة هجماتها على مناطق مختلفة في البلاد، ومن ذلك إعلان الجيش (1 يناير) أن “مئات الإرهابيين” من أفغانستان استولوا على 15 قاعدة أمنية في إقليم “خيبر بختونخوا”، ورفعوا فيها أعلامهم، بالتزامن مع وقوع عدة هجمات انتحارية وانفجارات بمناطق مختلفة بالإقليم، أدت إلى مقتل وإصابة العديد من العسكريين والمدنيين[36]. وقد نشرت طالبان الباكستانية العام الماضي تقريرًا عن عملياتها المسلحة، التي بلغت 1758عملية[37]. وأعقب ذلك قيام الجيش الباكستاني (25 يناير) بثلاث عمليات منفصلة بمنطقة “لكي مروت” و”كرك” القبلية، قُتل فيها 30 من عناصر “TTP”[38].

ونظرًا لأن هجمات الحركة تتنوع ما بين التفجيرات الانتحارية، والهجمات المسلحة، والاغتيالات، التي غالبًا ما تستهدف مراكز أمنية ونقاط تفتيش الجيش والشرطة، إضافة إلى شخصيات بارزة ومدنيين؛ لذا يجب أن تركز الحكومة الباكستانية على وضع استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، بحيث تتضمن نهجًا أمنيًّا متماسكًا ومتكاملًا ينسق بين الجيش والشرطة ووكالات الاستخبارات، مع التركيز على مكافحة الخلايا النائمة، والتعاون مع القوى الإقليمية والدولية؛ لتضييق الخناق على المجموعات الإرهابية.

الخاتمة  

يمكن القول إن المؤشرات الأولية تشير إلى احتمالية تصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية في عام 2025، سواء كانت هذه التنظيمات عابرة للحدود -مثل داعش والقاعدة والإخوان المسلمين- أو تنظيمات محلية، مثل بوكوحرام وطالبان باكستان، وذلك بالنظر لقدرة تلك التنظيمات على شن الهجمات الإرهابية النوعية، والاستمرار في نشر الأفكار المتطرفة، فضلًا عن قدرتها على مواصلة الاستقطاب والتجنيد، وتوفير مصادر التمويل المختلفة التي تساعدها في الإنفاق على أنشطتها الإرهابية والمتطرفة، وهو ما يعني أن المناطق الرئيسية لنشاط التنظيمات الإرهابية، خاصة داخل القارة الأفريقية، قد تشهد مزيدًا من الهجمات الدموية، في ظل رغبتها لتوسيع انتشارها وتكريس نفوذها، وهو ما يتطلب تعاونًا دوليًّا وإقليميًّا لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب على المستوى الأمني والفكري، على حد سواء.


[1] تقى النجار، تحولات واتجاهات: مستقبل الإرهاب في عام 2025، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 19 يناير 2025، على الرابط: https://ecss.com.eg/51606/

[2] “Understanding How the Driver Was Able to Commit Deadly New Orleans Attack.” 2025. https://goo.su/r1jGr.

[3] Picchi, Aimee. 2025. “Trucks in New Orleans Attack and Las Vegas Explosion Were Rented on Turo. Here’s What to Know.” CBS News, January 3, 2025. https://goo.su/lIjqG.

[4] Rt Arabic. 2025. “الجيش النيجيري يقضي على 34 إرهابيًّا شمال شرقي البلاد.” RT Arabic, January 8, 2025. https://goo.su/97k63N.

[5] “داعش يحاصر 500 مُزارع في نيجيريا”، لبنان فايلز، آخر تحديث 29 يناير 2025، على الرابط: https://goo.su/yUvAFJ

[6] “مقتل 12 شخصًا على الأقل بهجمات شرقي الكونغو الديمقراطية”، الغد،02/01/2025 ، على الرابط” https://linksshortcut.com/uSkPF.

[7] “بعد هزيمته في الشرق الأوسط: داعش يعود بطرق جديدة”، العربي بوست، آخر تحديث 29 يناير 2025، على الرابط: https://linksshortcut.com/xyCZe

[8] “داعش الإرهابي يتبنى هجومًا على قاعدة عسكرية بالصومال”، الخليج، 1 يناير 2025، على الرابط:

 https://linksshortcut.com/XMfah

[9] “حکومت طالبان ادعای تازۀ وزیر دفاع پاکستان در مورد فعالیت داعش در افغانستان را تکذیب کرد”، راديو آزاد، آخر تحديث 12 يناير 2025، على الرابط:

 https://da.azadiradio.com/a/33272885.html.

[10] “أفغانستان: داعش کے حملے میں ایک چینی شہری ہلاک”، آخر تحديث 23، يناير 2025، على الرابط:

https://linksshortcut.com/Acxlk.

[11] “ارمغان «سال مار» برای کشورهای آسیای مرکزی چه خواهد بود؟، بي بي سي، ۲ بهمن ۱۴۰۳ – ۲۲ ژانویه ۲۰۲۵”، على الرابط:

https://goo.su/Z3Lb

12 “هجوم لـ”داعش” يقتل 4 عناصر من قوات “قسد” في ريف دير الزور”، إرم، آخر تحديث 7 يناير 2025، على الرابط:

https://linksshortcut.com/DSZpy

[13] “واشنطن تتبادل معلومات استخباراتية حول داعش مع قيادة سوريا الجديدة”، العربية، آخر تحديث 25 يناير 2025، على الرابط:

https://linksshortcut.com/GFXXB

14 “شمال سوريا: كيف يمكن للمعتقلين من داعش الاستفادة من طموحات تركيا”، دويتشه فيله، 21 يناير 2025، على الرابط: https://2u.pw/Db0rhp06

[15] “مناطق الفراغ الأمني في العراق.. تهديد داعش يتصاعد”، الحرة، 10 يناير 2025، على الرابط:

https://linksshortcut.com/SXCHT

[16] “وزیر خارجۀ عراق: داعش بر مساحت بیشتری از سوریه تسلط پیدا کرده است”، انتخاب، 29 يناير 2025، على الرابط:

https://goo.su/pKYvHd

[17] “عملية ”سهام الشرق” تطهر وادي تصبه من عناصر القاعدة الإرهابية”، المشهد نيوز، تاريخ الوصول 2 يناير 2025، على الرابط:

https://linksshortcut.com/sQGhI

[18] “الحوثيون: هاجمنا حاملة طائرات أمريكية”، الجزيرة، 12 يناير 2025، على الرابط: https://linksshortcut.com/XvaHL

[19] “حساب وزارة الخارجية الأمريكية”، تويتر، 29 يناير 2025، على الرابط:

 https://goo.su/yHmbWn

[20]” تقديرات ميدانية: تطور صراع القوى في الشرق الأوسط”، مركز الدراسات الاستراتيجية، على الرابط:

 https://linksshortcut.com/XNbRO

[21] خبراء: “نُصرة الإسلام” تنتهج تكتيكًا يخلق ضغطًا متزايدًا على حكومة مالي”، إرم نيوز، 16 يناير 2025، على الرابط:

https://linksshortcut.com/ekZGK

[22] “تنظيم “القاعدة” يتبنى الهجوم المسلح على الشاحنات المغربية بالحدود المالية الموريتانية “، أشكاين، 9 يناير 2025، على الرابط:

 https://linksshortcut.com/OaWVM

[23]” وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم القاعدة”، الشرق الأوسط، 19 يناير 2025، على الرابط:

https://linksshortcut.com/FAtYz

[24] “دول مجلس التعاون: الإرهاب يشكل تهديدًا جليًّا للأمن والسلم الدوليين، خاصة في أفريقيا”، وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، 22/1/2025، على الرابط:  https://linksshortcut.com/LRclE

[25] “فصل جديد من الانهيار: صراعات المال تضرب”، إمارات 24، 18 يناير 2025، على الرابط:

https://goo.su/eYDsQ

[26] “إخوان اليمن في مواجهة أبو عبيدة واستغلال سياسي لوقف إطلاق النار بغزة”. حفريات، 25 يناير 2025، على الرابط:

 https://linksshortcut.com/byjwX

[27] “احتفالات إخوان اليمن بهدنة غزة تثير الجدل”. إي إم عربي، 25 يناير 2025، على الرابط:

 https://linksshortcut.com/JUioF

[28] “تونس: القضاء يتهم سياسيين باغتيال البراهمي”. العين الإخبارية، 12 يناير 2025، على الرابط:

 https://goo.su/3UyTm4

[29] “تونس: الإخوان يدعون للحوار مع قيس سعيد”. العين الإخبارية، 21 يناير 2025، على الرابط:

https://2u.pw/QOYcLJvj

[30] “فرنسا تُغلق آخر معاقل الإخوان التعليمية”. 24.آي إي، 21 يناير 2025، على الرابط:

https://goo.su/18dSA8u

[31] “مقتل 70 إرهابيًّا شمال شرق نيجيريا”، الاتحاد، 21 يناير 2025، على الرابط:

https://linksshortcut.com/VgqQi

[32] “بوكو حرام تقتل 27 جنديًّا نيجيريًّا خلال معارك عنيفة”، الشرق الأوسط، 22 يناير 2025، على الرابط:

 https://linksshortcut.com/pgYDs

[33] “مقتل 40 مزارعًا في هجوم شنه مسلحون في ولاية بورنو النيجيرية”، الخليج، 13 يناير 2025، على الرابط:

 https://linksshortcut.com/NziLe

[34] “القوات النيجيرية تصد هجومًا لبوكو حرام”، الجزيرة، 8 يناير 2025، على الرابط:

 https://linksshortcut.com/VUtcC

[35] “قتلى وجرحى بهجوم لبوكو حرام على القصر الرئاسي في تشاد”، العربية، 9 يناير 2025، على الرابط:

https://linksshortcut.com/UFGWS

[36] مقام‌های ایالتی در پاکستان: صدها «تروریست» از افغانستان ۱۵پایگاه امنیتی در خیبرپختونخوا را تصرف کردند “”، بي بي سي فارسي، ۱۲ دی ۱۴۰۳ – ۱ ژانویه ۲۰۲۵، على الرابط:

https://linksshortcut.com/VhbMA

[37] “نخست‌ وزیر پاکستان: با استفاده از موقعیت تازه در شورای امنیت، تروریسم را در پاکستان از بین می‌برم”، بي بي سي فارسي، ۱۵ دی ۱۴۰۳ – ۴ ژانویه ۲۰۲۵، على الرابط:

 https://linksshortcut.com/SVQSv

[38] “ejang

BACK

سیکورٹی فورسز کی KP میں کارروائیاں، 30 خوارج ہلاک، صدر، وزیراعظم کا فورسز کو خراج تحسین”، جنگ، 26 جنوری، 2025،

https://goo.su/ToRX7

المواضيع ذات الصلة