Insight Image

التحول إلى الذكاء الاصطناعي: ملاحظات على التجربة الخليجية

30 يوليو 2023

التحول إلى الذكاء الاصطناعي: ملاحظات على التجربة الخليجية

30 يوليو 2023


مقدمة:

أصبح استخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات التكنولوجية الحديثة واقعًا يسهم في تغيير حياة البشر. وعلى الرغم من الفرص والتغييرات الإيجابية التي ستُحدثها هذه الثورة التكنولوجية؛ حيث تطوُّرُ أساليب الإنتاج، وزيادة الإنتاجية، وزيادة الرفاهية، وتيسير حياة المواطنين، إلا أن هناك مخاوف لدى البعض إزاء هذه التطورات؛ نظرًا للشعور بالقلق من أثرها “اللاإنساني” نتيجة توقّع حدوث معدلات بطالة مرتفعة بسبب إحلال الآلات محل العمالة، أو عدم قدرة العمالة على التأقلم مع ظروف العمل الجديدة.

وفي ضوء الأهمية التي يكتسبها التحول إلى الذكاء الاصطناعي حاليًّا، تهتم هذه الدراسة بتحليل الإطار النظري والمفاهيمي للذكاء الاصطناعي، ثم تتناول أهم الانعكاسات الاقتصادية للتحول المتسارع لتقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. وتتناول كذلك مخاطر التحول إلى الذكاء الاصطناعي. وانطلاقًا من بنائها التحليلي، تتطرق الدراسة لمستقبل التحول إلى الذكاء الاصطناعي، وتعرض التجربة الخليجية في هذا الإطار والجهود المبذولة لتطوير ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي، ثم تتناول أهم التوصيات لتجنّب مخاطر تبنّي الذكاء الاصطناعي في المجتمع الخليجي.

1-   الذكاء الاصطناعي: إطار نظري ومفاهيمي

يعرض هذا الجزء النظري إطارًا لمفهوم الذكاء الاصطناعي، ومفهوم الثورة الصناعية الرابعة، وتكنولوجيا الروبوت، واتصال ذلك بالبيانات الضخمة.

1-1 مفهوم الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence (AI):

على الرغم من ظهور مصطلح الذكاء الاصطناعي (AI) في الأدبيات في وقت مبكر منذ منتصف الخمسينيات، فإنه لا يزال هناك بعض الالتباس فيما يتعلق بتعريفه وسياقه الدقيقين. وقد طـوّر مصطلـح الـذكاء الاصطناعي نفسـه علـى مـرِّ السـنين منـذ صياغته عام 1956 بواسطة “جـون ماكارثـي وآخـرون” بجامعـة دارتمـوث، ففي البدايـة كان يُعتقَد أن الـذكاء الاصطناعي هـو مصطلـحٌ جامـع يشـمل جميـع الأعمال التـي تقـوم بهـا الآلة، وكانت تُوصـف هـذه الآلة بأنها “ذكية”. وركـزت الجهـود المبكـرة فـي تطويـر الـذكاء الاصطناعي علـى ابتـكار آلات وبرمجيـات تسـتطيع محـاكاة العقــل البشــري ما أدى إلــى إنشــاء أنظمــة الخبــراء فــي ســتينيات القــرن العشــرين، التــي اعتمــدت علــى قواعــد مـن الخبـراء في المجالات المختلفـة، إلا أن هـذه الأنظمـة كانت محـدودة دائمًـا بسبب ارتفاع تكلفة تطويرها وتعقد أدوات وأنظمة البرامج لوضع نماذج عمليات معقدة للغاية[1].

وقد كانت التطورات المبكرة للذكاء الاصطناعي مدفوعة بصناعة الألعاب، على سبيل المثال، تطوير برنامج كمبيوتر يمكنه لعب الشطرنج، ففي عام 1997، بعد ما يقرب من نصف قرن، فاز حاسوب عملاق من شركة IBM يُدعى DEEP BLUE في مباراة شطرنج من 6 مباريات على الروسي الكبير غاري كاسباروف، ما جعل بطل العالم في الشطرنج أول من يخسر مباراة أمام جهاز كمبيوتر، وفقًا لضوابط الوقت القياسية، وأثبت ذلك نجاح الذكاء الاصطناعي وقدرته على التفوق على الدماغ البشري في مهمة معينة. وبعد عقدين من الزمن تطور الذكاء الاصطناعي الآن من كونه مدفوعًا بتطوير ألعاب الكمبيوتر إلى أنظمة معقدة مطلوبة لأداء حياتنا اليومية. كما تم تعريفه في تقرير صادر عن شركة PricewaterhouseCoopers (PwC)، “الذكاء الاصطناعي هو مصطلح جماعي لأنظمة الكمبيوتر التي يمكنها الشعور ببيئتها والتفكير والتعلم واتخاذ الإجراءات استجابة لما تستشعر وتحقيقًا لأهدافها”[2].

وهناك أيضًا عدد من التعريفات المتداولة للذكاء الاصطناعي؛ حيث يعرّفه كوبلاند وبراودفوت بأنه عملية تطوير أنظمة الحاسب الآلي؛ بحيث تكون قادرة على أداء المهام التي تتطلب عادة استخدام الذكاء البشري، مثل: الإدراك البصري، والتعرف على الكلام، وصنع القرار، والترجمة”. كما يُعرّف بأنه ما يُطلق على “نوعية الذكاء الذي يُمكن أن تكتسبه الآلة من خلال تزويدها بالبرمجيات والخوارزميات التي تجعلها تبدو وكأنها تمتلك عقلًا يحاكي العقل البشري بقدراته المختلفة”. وتعرّفه شركة (أوراكل) بأنه “الأنظمة أو الأجهزة التي تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام المختلفة التي يمكنها أن تحسِّن من نفسها استنادًا إلى المعلومات التي تجمعها، وتتسم تلك الأنظمة بالقدرة على التفكير الفائق وتحليل البيانات”.

ويُعدّ الذكاء الاصطناعي أحد أهم الأولويات في جداول أعمال السياسات العامة في معظم البلدان؛ حيث تركز مبادرات حكومية وطنية عديدة على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية والنمو الاقتصادي، كما يحتل رأس أولويات جداول أعمال المنظمات الدولية والإقليمية، مثل: مجموعة السبعة (G7) ومجموعة العشرين (G20)  واليونسكو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)  والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، وغيرها. ويُبشر الذكاء الاصطناعي بتغيير جذري في الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية على مستوى العالم؛ فهو يساعد الإنسان على التنبؤ بالمستقبل واتخاذ القرارات بشكل أفضل، ومن المتوقَّع بحلول عام 2030 أن يضيف الذكاء الاصطناعي 15 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي[3].

 

1-2  الثورة الصناعية الرابعة: The Fourth Industrial Revolution

تعدُّ الثورة الصناعية بمنزلة تغيير جذري في شكل الحياة من حيث أنظمة الإنتاج، وكذلك أساليب الحكم والإدارة، وتعدّ فرصة لرفع مستويات الدخل العالمي وتحسين نوعية الحياة للسكان في جميع أنحاء العالم؛ حيث سيؤدي الابتكار التكنولوجي، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات، إلى تحقيق مكاسب طويلة الأجل في الكفاءة والإنتاجية عن طريق خفض تكاليف النقل والاتصالات، وستصبح سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية العالمية أكثر فاعلية، وستقلّ تكلفة التجارة ما يسهم في فتح أسواق جديدة ويدفع النمو الاقتصادي[4].

وتتعدد أشكال تقنيات الثورة الصناعية، ولعل أهمها هو الذكاء الاصطناعي، فهو محور رئيسي لزيادة الإنتاج، ودافعٌ للنمو من خلال الأتمتة الذكية، ويعدّ الابتكار القائم على الذكاء الاصطناعي الطريق لأتمتة المهام المادية المعقَّدة التي تتطلب القدرة على التكيف وسرعة الحركة، ومن الممكن استغلال العمالة الحالية ورأس المال على نحو أكثر فاعلية؛ حيث تُمكِّن أنظمة الذكاء الاصطناعي العمالَ من التركيز على أفضل ما يفعلونه بما يحقق توافر عوامل النجاح من تخيل وخلق وابتكار[5].

وتتمثل بعض التقنيات الأخرى التي نتجت عن الثورة الصناعية الرابعة في أمثلة عدة، أهمها ما يلي:

         تقنية Block chain وهي طريقة لتسجيل البيانات وتداولها تتميز بالأمان واللامركزية، دون الحاجة إلى الاعتماد على وسطاء من جهات خارجية. والعملة الرقمية Bitcoin هي أشهر تطبيق لتقنية block chain، كما تستخدم في جعل سلاسل التوريد قابلة للتتبع، وتأمين البيانات الطبية الحساسة بشكل مجهول ومكافحة تزوير العمليات الانتخابية.

         السحابة الإلكترونية: تعمل التقنيات الحسابية الجديدة على جعل أجهزة الكمبيوتر أكثر ذكاءً؛ حيث يمكن من خلالها معالجة كميات هائلة من البيانات بشكل أسرع من أي وقت مضى، بينما سهّل ظهور “السحابة” للشركات القيام بعملية تخزين المعلومات والوصول إليها بأمان وفي أي وقت.

  الواقع الافتراضي: حيث يقدم الواقع الافتراضي أو VR تجارب رقمية تحاكي العالم الحقيقي، كان أشهرها مؤخرًا الميتافيرس، التي أعلن عنها مارك زوكربيرغ، مالك شركة فيس بوك، بينما يدمج الواقع المعزز العالـمَيْن الرقمي والمادي.

         الروبوت: إن التقدم التكنولوجي جعل الروبوتات أكثر تعقيدًا، فالآن يتم استخدامها في مجالات واسعة النطاق مثل: التصنيع والصحة والسلامة والمساعدة البشرية، فعلى سبيل المثال، أصبحت العمليات الجراحية باستخدام الروبوت أكثر سهولة وأكثر أمانًا، وحققت معدلات نجاح فائقة وخفَّضت نسب الخطأ المتعارَف عليها بشكل كبير[6].

         الشبكة العصبية الاصطناعية: (ANN) هي نهج ذكاء اصطناعي مستوحَى من بنية الشبكات العصبية البيولوجية)؛ أي أدمغة الحيوانات، تتألف كل من الشبكات العصبية الاصطناعية من ثلاثة أنواع من الطبقات المترابطة من الخلايا العصبية الاصطناعية: طبقة إدخال، وطبقة حسابية وسيطة مخفية واحدة أو أكثر، وطبقة إخراج تقدم النتيجة[7].

ومما سبق يتضح أن الذكاء الاصطناعي يستند إلى ركيزتين أساسيتين هما:

         برامج متطورة تحاكي العقل البشري.

         البيانات الضخمة، وهي كَمٌّ هائل من البيانات يتم استخدامه وتحليله وتتبّعه للوصول إلى استنتاجات أو قرارات أو محاكاة للعقل البشري.

 

v      البيانات الضخمة Big Data

يزداد حجم البيانات في العالم زيادة مطّردة. ووفقًا لأحدث التقارير، أُنتجت 90% من البيانات في العالم في السنتين الماضيتين، ومن المتوقَّع أن تزيد بمقدار 40% سنويًّا. ويُسمى الجزء الأكبر من تلك البيانات “عوادم البيانات”، وهي البيانات التي تُجمع نتيجة التفاعلات اليومية مع المنتجات والخدمات الرقمية، بما في ذلك الهواتف المحمولة وبطاقات الائتمان ومنصات التواصل الاجتماعي. ويطلق على هذه النوعية من البيانات مصطلح البيانات الضخمة. ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، تتضاعف السعة العالمية لتخزين البيانات في كل 40 شهرًا[8]. فالبيانات الضخمة هي مصطلح يتم إطلاقه على فئات البيانات التي يتعدى حجمها أو نوعها القدرة التقليدية لقواعد البيانات؛ حيث إن البيانات الكبيرة تتميز بواحدة أو أكثر من الخصائص التالية: حجم كبير، أو سرعة عالية، أو تنوّع كبير.

ويسهم تحليل البيانات الكبيرة للمحللين والباحثين ومستخدمي الأعمال وصنّاع القرار بشكل كبير في وضع السياسات، كل في مجاله، واتخاذ قرارات أفضل وأسرع باستخدام بيانات لم يكن بالإمكان الوصول إليها أو استخدامها من قبل؛ حيث تستطيع الشركات استخدام أساليب التحليل المتقدمة، مثل: تحليل النص، والتعلم الآلي، والتحليلات التنبئية، واستخراج البيانات، والإحصاءات، ومعالجة اللغات للحصول على إحصاءات ورؤى جديدة من مصادر البيانات التي لم يتم استغلالها من قبل بشكل مستقل أو ضمن بيانات المؤسسة.[9]

 

 

 

2-   الانعكاسات الاقتصادية للذكاء الاصطناعي:

يؤثر الذكاء الاصطناعي على الحياة على نطاق واسع يشمل جميع المجالات؛ فنجد تأثير الذكاء الاصطناعي واضحًا على بيئة الأعمال وعلى الاقتصاد، وأيضًا على قطاع التعليم والصحة وأسواق التجارة والعمل، وهذا ما سيتم التطرق إليه بالتفصيل، مع طرح أمثلة لأهم الوظائف المستقبلية المتوقَّع ظهورها في كل مجال كما يلي:

2-1 الأثر على الاقتصاد الكلي:

تأثر الاقتصاد بشكل إيجابي جرّاء التغيرات التي أعقبت التطور التكنولوجي الهائل؛ حيث تشير التقديرات إلى توقّع نمو إيرادات الصناعة على المستوى العالمي بشكل متسارع لتبلغ نحو 60 مليار دولار بحلول عام 2025، وذلك بسبب النمو القوي لمستويات الطلب على أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجالات: إنترنت الأشياء، والرعاية الصحية، والأنظمة الصناعية.

ففي دراسة لشركة (PWC) استُخدمت فيها منهجية النمذجة الاقتصادية والمحاكاة لتقدير الأثر الاقتصادي للذكاء الاصطناعي على الاقتصاد العالمي؛ حيث توقعت نتائج الدراسة أن تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في زيادة مستويات الناتج العالمي بنحو 15.7 تريليون دولار عام 2030 ما يشكل نموًّا في مستويات الناتج العالمي بنسبة تبلغ حوالي 14% مقارنة بالمستويات الحالية، أو بما يساوي فعليًّا مجموع الناتج المحلي الإجمالي في كل من الصين والهند مجتمعتَيْن، ما يجعل هذه الصناعة من أهم الفرص الاستثمارية في مجتمع الأعمال[10].

وينمو الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بسرعة، وتهيمن عليه الشركات العملاقة، مثل Google وBaidu على الصعيد العالمي، ويقدّر تقرير ماكينزي عن الذكاء الاصطناعي لعام 2017 أن عمالقة التكنولوجيا أنفقوا ما بين 20 و30 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي في عام 2016، حيث تم إنفاق 90% من هذا المبلغ على البحث والتطوير والنشر، و10% على عمليات الاستحواذ على الذكاء الاصطناعي. كما نما تمويل رأس المال الاستثماري والأسهم الخاصة، والمنح، والاستثمارات الأولية بسرعة كبيرة، وأصدرت شركة جوجل مؤخرًا دليلًا للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع معهد أكسفورد يشمل شرحًا مبسطًا لأهم المفاهيم المتعلقة بالذكاء الاصطناعي؛ أهميتها ودورها في تغيير العالم[11].

كما تتوقع نتائج الدراسة أن يؤدي انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تحسُّن إنتاجية العمالة لتسهم بنحو 55% من الزيادة المتوقَّعة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال الفترة 2017-2030، وتأتي قطاعات: تجارة التجزئة، والسفر، والنقل، والخدمات اللوجستية، وأنظمة الرعاية الصحية، والخدمات الحكومية، على رأس القطاعات الاقتصادية التي من المتوقَّع أن تستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ حيث يتوقع الخبراء تزايد الإنفاق على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والاستثمار في تطوير هذه الأنظمة بتلك القطاعات، ويعتمد حجم المكاسب الاقتصادية المتوقَّعة على حسب مستويات تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي التي ستشهد تسارعًا في بعض الدول، ومن ثم ستجني هذه الدول المكاسب الأكبر لهذه التقنيات في وقت مبكر، فيما ستتباطأ مستويات الاستفادة من تلك التقنيات في دول أخرى نتيجة تأخرها في امتلاك مقومات تطوير هذه التقنيات. وبشكل عام، فإن وتيرة تبنّي هذه التقنيات تعتمد على أربعة عوامل هي: العائد والجدوى من هذه الأنظمة على بيئة العمل، وتكلفة تطوير وتبنّي هذه الأنظمة، وديناميكية أسواق العمل، والمكاسب الاقتصادية المتوقَّعة. فمن المتوقع أن تشهد الدول سريعة التبني مكاسب كبيرة في الإنتاجية تساعد على مضاعفة مستوى الدخل القومي لها بحلول عام 2030، وهو ما يعني التنبؤ بفجوة مستقبلية بين دول العالم[12].

وقد بلغت قيمة سوق الذكاء الاصطناعي العالمي 136.55 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقّع أن يتوسع بمعدل نمو سنوي مركّب (CAGR) يبلغ 37.3% من عام 2023 إلى عام2030[13]

ومما لا شك فيه أن التطور التكنولوجي بأشكاله المختلفة له تبعات على بنية المجتمعات، وخاصة مجتمع الأعمال؛ حيث يشهد المجتمع تحولات هيكلية بسبب تعاظم ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات. والمجتمعات التكنولوجية هي مجتمعات معقدة وتتسم بالتشابك بين جميع مكوناتها وتستند بشكل رئيسي إلى: التحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة، والروبوتات، والأجهزة الذكية، وتتفاعل من خلال إنترنت الأشياء، الذي يعني أن تمتلك كل الأشياء في حياتنا قابلية الاتصال بالإنترنت أو ببعضها بعضًا لإرسال واستقبال البيانات لأداء وظائف محددة[14].

2-2  الأثر على التجارة الإلكترونية:

يساعد استخدام الذكاء الاصطناعي المسوّقين في عملية التسويق على استخدام بيانات العملاء لاستخلاص أهم البيانات التحليلية لسلوك العملاء الشرائي وتفضيلاتهم من خلال جمع وتحليل كمية هائلة من البيانات الضخمة، ويستخدم في تطبيقات، مثل أتمتة المبيعات والتسويق، ووفقًا لـتقرير Digital 2021، انضم 500 مليون مستخدم جديد إلى شبكات التواصل الاجتماعي العالمية في بداية عام 2021، وفي يناير 2021، بلغ إجمالي عدد المستخدمين 4.20 مليارات مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم. الأمر الذي يمثل نموًّا سنويًّا يزيد عن 13%. وخلال عام 2020، انضم أكثر من 1.3 مليون مستخدم جديد إلى تدفقات الوسائط الاجتماعية في المتوسط ​​يوميًّا؛ أي حوالي 15مستخدمًا جديدًا كل ثانية. ومن هنا أدركت شركات عدة الإمكانات الهائلة للثورة الصناعية واستخداماتها في التجارة الإلكترونية ودعم العملاء والتسويق والعلاقات العامة؛ لذا أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا غير منفصل عن شبكات التواصل الاجتماعي اليوم[15].

وتسمح الشبكات الاجتماعية للمسوِّقين بتشغيل إعلانات مدفوعة لمستخدمي النظام الأساسي بناءً على الاستهداف الديموغرافي والسلوكي. فقد تم إنفاق ما مجموعه 89.91 مليار دولار أمريكي على إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي، وبلغ إجمالي الإنفاق العالمي على الإعلانات الرقمية 333.3 مليار دولار أمريكي، ما يمثّل 50.1% من إجمالي الإنفاق الإعلاني العالمي. ومن إجمالي الإنفاق على الإعلانات الرقمية، استحوذت Google وFacebook وAlibaba وAmazon على 31.1% و20.2% و8.8% و4.2% على التوالي. وبالتالي، فإن الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي للإعلان يعزز الذكاء الاصطناعي في نمو سوق التسويق[16].

وقد بلغت قيمة الذكاء الاصطناعي في سوق التسويق 5 مليارات دولار أمريكي في عام 2017، ومن المرجح أن تصل إلى 40.09 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025، بمعدل نمو سنوي مركّب نسبته 29.79% خلال الفترة المتوقعة. وسنة الأساس التي تم أخذها في الاعتبار هي سنة 2017، وفترة التوقعات بين عامَي 2018 و2025[17].

وفي عصر الذكاء الاصطناعي أصبح البيع بالتجزئة “تنبئيًّا”، فقد استطاعت مواقع التسوق من خلال جمع المعلومات والبيانات للعملاء أن تسهّل عملية التسوق بشكل كبير؛ حيث ترتّب على استخدام الذكاء الاصطناعي انعكاس جذري من نموذج “التسوق ثم الشحن” إلى نموذج “الشحن ثم التسوق”. وحتى عندما لا يفوّض المستهلكون قرارات الشراء إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فإن الذكاء الاصطناعي لا يزال يؤثر على الطريقة التي يرى بها المستهلك السوق والمنتجات والعلامات التجارية؛ حيث إنه، في المتوسط، يوصي تطبيق الذكاء الاصطناعي، مثل أمازون أليكسا، المستهلك بثلاثة منتجات عندما يحثّه المستهلك على البحث عن منتج ليشتريه؛ ومن ثم فإن المستهلك هنا لا يعلم عن كامل المنتجات المعروضة في السوق، بل تُقدَّم إليه خيارات محدودة نسبيًّا من المنتجات ليشتريها، حتى لو كان هو الذي يتخذ قرار الشراء في نهاية المطاف، فالذكاء الاصطناعي يؤدي مجددًا دور المُرشِّح بين المستهلك والعلامة التجارية[18].

ومؤخرًا في العام الحالي 2023 أطلقت جوجل تجربة قياس الملابس online بما يعزز من عملية التسوق على منصات البيع المختلفة ويسمح بالتوسع في مجال التجارة الإلكترونية.

2-3  الأثر على سوق العمل:

تعدّ سوق العمل الجبهة الأكثر تأثرًا نتيجة الثورة الصناعية الرابعة. وكما هي الحال مع الثورات الصناعية السابقة، تؤثر الثورة الصناعية الرابعة بشكل عميق على بيئة الأعمال؛ حيث يشهد الذكاء الاصطناعي وزيادة الأتمتة اختفاء العديد من أنواع الوظائف، واستحداث أنواع جديدة تمامًا من الوظائف، وقد أشار تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي 2020 حول مستقبل الوظائف إلى وجود 85 مليون وظيفة حالية يُتوقَّع أن يتم الاستغناء عنها، ويُتوقَّع ظهور 97مليون وظيفة بحلول عام 2025 لتلبية متطلبات التقنيات المستقبلية[19].

ومن أبرز الأمثلة على أثر الروبوتات على فقدان العمال وظائفهم، ما قامت به شركة (Foxconn) في عام 2016، وهي شركة عالمية من أكبر الشركات العاملة في مجال الإلكترونيات؛ حيث قامت بتقليص حجم العمالة لديها من خلال تسريح ما يقرب من 60 ألف عامل، لتحلّ الروبوتات وتكنولوجيا التصنيع الحديثة محلهم في أداء المهام الروتينية المتكررة. وقد أعلنت الشركة أنها سوف تعتمد على التدريب، وتمكين الموظفين من امتلاك المهارات ذات القيمة المضافة لعملية التصنيع، مثل مهارات: البحث والتطوير، ومراقبة عمليات الإنتاج، ومراقبة الجودة[20]. وعلى الوجه الآخر، سيصاحب هذه الثورة صدمات كبيرة في أسواق العمل، فالتطورات التقنية المتسارعة، وانتشار الروبوتات، وتقنيات الإنتاج الذكية ستتسبب في انخفاض كبير في مستويات الطلب على العمالة غير الماهرة؛ حيث ستحلّ محل العمالة في قطاعات: الزراعة، والصناعة، والتعدين، والوظائف المكتبية والحرفية. فيما ستنمو مستويات الطلب على العمالة في مجالات إنتاج التقنية والهندسة والرياضيات والعلوم والتحليل المنطقي والتفكير الإبداعي وحل المشكلات[21].

وفيما يتعلق بالأثر الصافي لعملية خلق وفقدان الوظائف الناتجة عن أتمتة الوظائف نتيجة تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإنه من المتوقَّع أن يؤدي استخدام تلك التقنيات الجديدة إلى خلق عدد هائل من الوظائف المستحدَثة في مختلف القطاعات، ومن المتوقَّع أن تتمثل الوظائف الجديدة في تلك التي تتطلب مهارات التفكير التحليلي والإبداع والمرونة والوظائف في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، وإنشاء المحتوى والحوسبة السحابية وغيرها من الوظائف عالية المهارات. في المقابل، من المتوقَّع أن ينتج عن انتشار هذه التقنيات فقدان أو اختفاء عدد كبير من الوظائف التي تتعلق بالأساس بالوظائف منخفضة المهارات والنمطية.

ويعرف تأثير الأتمتة على الوظائف بظاهرة تمحور الوظائف” (Job polarization)  التي تشير إلى ارتباط موجات التطور التقني بفقدان أكبر للوظائف متوسطة المهارات الروتينية بما يشمل، على سبيل المثال، الأعمال المكتبية والإدارية، مقارنة بكل من الوظائف متدنية المهارات، منها على سبيل المثال، عمال النظافة، أو مقارنة بالوظائف عالية المهارات، مثل مهندسي البرمجيات، وهو الاتجاه الملاحَظ بشكل كبير منذ بداية الألفية الجديدة، ففي ظل قيام الآلات بالعديد من الأعمال الموكلة للبشر سيفقد العمال المهارات والخبرات التي تعلموها في السابق لتنفيذ هذه الأعمال في ظل انخفاض مستويات الطلب عليهم[22].

وفي ضوء ما سبق، يتضح أن الأثر في مجمله قد يكون إيجابيًّا لصالح خلق المزيد من الوظائف، إلا أن هذا الأمر يرتبط إلى حدٍّ كبير بقدرة الشركات على إعادة تأهيل العمالة المتوافرة لديها، وعلى استقطاب تلك العمالة التي تتمتع بالمهارات المتقدمة التي يندر وجودها حاليًّا. وسوف يستتبع هذه الاتجاهات تغيّرات هيكلية في أسواق العمل وانتقال العمالة باتجاه قطاعات الثورة الصناعية الرابعة، ومن أهمها الذكاء الاصطناعي.

تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن تحديد الأثر الصافي بدقة لتقنيات الذكاء الاصطناعي على عملية خلق الوظائف لا يزال أمرًا تكتنفه صعوبات عديدة في ضوء عدم توافر البيانات التفصيلية عن ديناميكية عملية خلق الوظائف والبيانات الخاصة بالمهارات المرتبطة بالوظائف المختلفة ومستويات الإحلال التكاملية المتوقَّعة نتيجة الأتمتة في القطاعات الاقتصادية المختلفة. إضافة إلى ما سبق، تتفاعل هذه الاتجاهات وتتأثر بعدد من العوامل على مستوى ديناميكيات الاقتصاد الكلي، والهجرة من الريف إلى المدن، وسياسات التجارة الدولية[23]، فالأمر يتطلب على مستوى الدول الاستثمار في رأس المال البشري من خلال توجيه نُظُم التعليم الحالية نحو التركيز على تكوين أجيال جديدة متخصصة ومؤهلة في مجالات العلوم التقنية والهندسة والرياضيات التي تستند إليها تقنيات الذكاء الاصطناعي، بداية من مرحلة رياض الأطفال إلى مرحلة التعليم الجامعي. من جانب آخر، ستستلزم هذه التغيرات الهيكلية دورًا أكبر للدولة على صعيد توفير الحماية الاجتماعية للعمالة منخفضة المهارات من خلال تعميق دور شبكات الأمان الاجتماعي لتقليل الفجوة الكبيرة المتوقَّعة في مستويات توزيع الدخل، ولضمان عدالة توزيع الفرص للنابغين من أبناء الطبقات التي ستفقد وظائفها للحيلولة دون المزيد من تعمق التوزيع غير العادل للفرص الاقتصادية. كما سيتطلب الأمر كذلك تدخلات للدولة على صعيد السياسة المالية من خلال فرض ضرائب على رأس المال وشركات التقنية العملاقة واستخدام الحصيلة الخاصة بهذه الضريبة لدعم إعادة تأهيل العمالة وتعزيز قدرات شبكات الحماية الاجتماعية لتوفير الدعم اللازم لمواجهة فقدان الوظائف، بل وتمويل نظم الدعم الأساسي الشامل الذي ينادي به الكثيرون كحلٍّ لمواجهة التداعيات الناتجة عن فقدان الوظائف بالنسبة إلى العمالة غير الماهرة[24].

 

2-4  أثر الذكاء الاصطناعي على التعليم:

في عام 2040، سوف يصبح بمقدور المعلم ترك التلميذ بمفرده، وذلك لأن الروبوتات سوف تستخدم كوسيلة فعالة للتعليم في المدارس الذكية، ولعل ما يساعد على التوسع في ذلك، قدرة الآلات الذكية على التكيف بدرجة عالية مع أساليب تعليم الأطفال المتعددة[25].

ويساعد استخدام الذكاء الاصطناعي في مواجهة التحديات التي تتعلق بالعملية التعليمية وابتكار ممارسات جديدة في التعليم والتعلم، بما يصب في مصلحة تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة. وتلتزم اليونسكو بدعم الدول الأعضاء لتسخير إمكانات تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق أجندة التعليم 2030. كما يسهم استخدام الذكاء الاصطناعي في معالجة أوجه عدم المساواة الحالية فيما يتعلق بالحصول على المعرفة والبحث وتنوع أشكال التعبير الثقافي ويحافظ على عدم توسيع الفجوات التعليمية التكنولوجية داخل البلدان وفيما بينها.

وتؤكد منظمة اليونسكو، من خلال مشاريعها، أن نشر تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في التعليم يجب أن يهدف إلى تعزيز القدرات البشرية وحماية حقوق الإنسان من أجل التعاون الفعال بين الإنسان والآلة في الحياة والتعلم والعمل، وللتنمية المستدامة. بالتعاون مع الشركاء والمنظمات الدولية.

وفي إجماع بيجين الذي أعدته الأمم المتحدة بخصوص علاقة الذكاء الاصطناعي والتعليم، فقد اعتمد ممثلو الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص بتوافق الآراء «إجماع بيجين» بشأن الذكاء الاصطناعي والتعليم، في المؤتمر الدولي حول الذكاء الاصطناعي والتعليم الذي عقد في بكين في الفترة من 16 إلى 18 مايو 2019. وهو أول وثيقة تقدم إرشادات وتوصيات حول أفضل السبل التي يمكن أن تستجيب بها الدول الأعضاء للفرص والتحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي لتسريع التقدم نحو تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة[26]. ونتج عن ذلك توصيات عدة تتوافق مع أربع قضايا متداخلة، هي:

      تشجيع الاستخدام المنصف والشامل للذكاء الاصطناعي في التعليم.

      المساواة بين الجنسين والذكاء الاصطناعي المنصف للمساواة بين الجنسين.

      ضمان الاستخدام الأخلاقي والشفاف والقابل للتدقيق في البيانات والبرمجيات التعليمية.

      تأكيد أهمية الرصد والتقييم والبحث.

2-5  أثر الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية:

بحلول عام 2040 من المتوقَّع أن يخلو العالم من المستشفيات بمفهومها التقليدي؛ نظرًا للتطورات المذهلة التي تم تحقيقها في مجال الطب التجديدي، والتعويضات الاصطناعية المطبوعة عبر تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتعديل الجينات بتقنية كريسبر، ما يعني تمكّن التكنولوجيا من التحكم في البيولوجيا البشرية على نحو يجعلنا نعيش حياة أفضل؛ حيث ساعد الذكاء الاصطناعي كثيرًا على تغيّر طبيعة فهم الأمراض وطريقة فحص الجسم، وعلى تحقيق اللامركزية في الرعاية الصحية عن طريق الروبوتات الطبية الزائرة، التي تسهم في تشخيص الأمراض بسهولة، كما أنها توفر للمرضى الأدوية وتحقنهم بالمضادات الحيوية، وتعطيهم توصيات لأنظمة صحية مثالية. وحاليًّا يتم إجراء عمليات جراحية عن بعد بواسطة الروبوتات. وعلى الرغم من سيطرة الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي على العديد من الوظائف الخاصة بقطاع الرعاية الصحية، إلا أنه وفي المقابل ظهرت وظائف عديدة تخدم تلك التطورات الهائلة التي يشهدها ذلك القطاع.[27]

وتعمل حلول الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي على تطوير طريقة تقديم خدمات الرعاية الصحية، وذلك عن طريق استغلال حجم البيانات المتراكمة لدى المؤسسات الصحية؛ حيث لديها مجموعات ضخمة من البيانات على شكل سجلات وصور تتعلق بالصحة، وبيانات تتعلق بالسكان، وبيانات تتعلق بالتجارب السريرية. وتعدّ تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة تمامًا على الاستفادة من تحليل هذه البيانات وكشف النماذج والرؤى التي لم يتمكن البشر من العثور عليها بقدراتهم المحدودة؛ حيث تستطيع مؤسسات الرعاية الصحية استخدام الطرق (الخوارزميات) لمساعدتها في اتخاذ قرارات أفضل فيما يتعلق بالأعمال والطب وتحسين جودة ما تقدمه من تجارب.

وهذا ما شهده العالم نتيجة دور الذكاء الاصطناعي مؤخرًا بشكل واضح الأثر في التعامل مع وباء كورونا؛ فلم يعد الحديث عن الذكاء الاصطناعي أمرًا يتعلق بالمستقبل، كما استخدم العلماء تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل المعلومات الجينية (دي. إن. ايه) لهذا الفيروس بسرعة كبيرة، وهو ما مكّن العلماء من تحديد خصائص الفيروس وفهم مدى السرعة التي يتمكن خلالها من التحور، كما ساعدهم في تطوير اللقاحات المضادة لفيروس كورونا واختبار فاعلية هذه اللقاحات[28].

ويقدم الذكاء الاصطناعي العديد من المزايا في مجال الرعاية الصحية لعل أهمها الآتي:

      تقديم تجارب أكثر دقة باستخدام مجموعات البيانات الضخمة والتعلم الآلي

      تقليل نسبة الخطأ ورفع نسبة الدقة في العمليات الجراحية

      تكوين ترابطات بين قواعد البيانات المتفرقة في مجال الرعاية الصحية

      مساعدة الأطباء في اتخاذ القرارات السليمة

      تحقيق المساواة والعدالة الصحية للمجتمع[29].

أما في مجال صناعة الأدوية، فقد بلغت قيمة الذكاء الاصطناعي العالمي في حجم سوق اكتشاف الأدوية 473.4 مليون دولار أمريكي في عام 2019، ومن المتوقَّع أن ينمو بمعدل نموٍّ سنوي مركّب يبلغ 28.8% من عام 2020 إلى عام 2027 نتيجة الزخم المتزايد لخفض تكلفة اكتشاف الأدوية الجديدة، ومن المتوقَّع أن يعزز الإنتاج في السنوات الأخيرة الطلب على منصات الذكاء الاصطناعي في مجال اكتشاف الأدوية[30].

ووفقًا لتقدير آخر من جامعة ستانفورد في تقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي عام 2021، من المتوقَّع أن يصل الذكاء الاصطناعي العالمي في سوق اكتشاف الأدوية إلى 1.434 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2024 من 259 مليون دولار أمريكي في عام 2019، بمعدل نمو سنوي مركّب نسبته 40.8% خلال فترة التوقعات (2019-2024). ويكون نمو الذكاء الاصطناعي في سوق اكتشاف الأدوية مدفوعًا بشكل أساسي بعوامل، مثل العدد المتزايد من عمليات التعاون والشراكات عبر الصناعة، والحاجة المتزايدة للتحكم في تكاليف اكتشاف وتطوير الأدوية ويقلّل الوقت الإجمالي المستغرَق في هذه العملية، وارتفاع اعتماد التطبيقات والخدمات المستندة إلى السحابة، وانتهاء صلاحية براءة الاختراع للأدوية الرائجة[31].

ولكن على الجانب الآخر هناك مجموعة تحديات تعوق تبنّي الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية؛ حيث تتعلق التحديات التي تواجه الأنظمة الصحية في تبني الذكاء الاصطناعي بالحاجة إلى تلبية المتطلبات التنظيمية والتغلب على المشاكل المتعلقة بالثقة بنتائج التعلم الآلي، ويتحتم على الدول اتخاذ بعض التدابير لمواجهة التحديات التي تقف أمام تبنّي سياسات الذكاء الاصطناعي.

3-   مخاطر الذكاء الاصطناعي:

يتناول هذا الجزء بالعرض والتحليل مخاطر الذكاء الاصطناعي على الأمن القومي في دول العالم المختلفة ويحلل مخاوف انتهاك الخصوصية ومخاطر اتساع الفجوة بين البلدان الغنية والفقيرة، بالإضافة إلى فجوة النوع.

3-1 مخاطر الذكاء الاصطناعي على الأمن القومي

أسفرت نتائج استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي المذهلة عن أهمية بالغة وضرورة حتمية لتغيير القوانين واللوائح الدولية للتكيف مع الأزمات المفاجئة. لكن على الجانب الآخر يتسم نمط التغيّرات التكنولوجية بوتيرة سريعة ومتلاحقة، الأمر الذي شكَّل تحديًا صعبًا للسياسات واللوائح والقوانين مواكبة ذلك، ويمثل تأخر تطويع القوانين واللوائح في مواكبة التغير عقبة تؤدي إلى ثغرات بالغة في السياسات، فتعيد حاليًّا المجتمعات المحمّلة بالبيانات تقييم معايير الخصوصية الشخصية المقبولة؛ نظرًا إلى تنامي جمع البيانات واسعة الانتشار والخوارزميات الجاهزة والقوية ومتدنية التكلفة، ومن هنا تظهر الحاجة إلى إعادة التفاوض على المعايير القانونية حول الخصوصية المعقولة أو المقبولة لتضم تكنولوجيات جديدة يتم اعتمادها بنمط سريع وعلى نطاق واسع.

3-2  مخاوف انتهاك الخصوصية

يعدّ الذكاء الاصطناعي سلاحًا ذا حدين، كما أشرنا مسبقًا، فهناك مجالات عديدة محتمَلة لجرائم إلكترونية قد يسهّل الذكاء الاصطناعي ارتكابها في المستقبل. وهو ما أكدته نتائج الاجتماع العالمي المشترك بين الإنتربول ومعهد الأمم المتحدة لبحوث الجريمة والعدالة، المتعلق بالذكاء الاصطناعي والموجّه إلى أجهزة إنفاذ القانون. وبرغم أهمية الفوائد التي تقدمها التكنولوجيات الجديدة المبتكَرة، فإن النقاش حول القضايا التي تربط بين الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة من جانب، وتهديد الخصوصية الشخصية من جانب آخر، لا يزال يثير إشكاليات عدة، وبما أن العالم يعتمد حاليًّا اعتمادًا كبيرًا على تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي لإيجاد حلول للقضاء على انتشار الفيروسات الوبائية، بما في ذلك تتبع تحركات المواطنين وجمع البيانات ذات الصلة من خلال تطبيقات الهاتف وكاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة وغيرها من الوسائل التكنولوجية المثيرة للتساؤلات، فقد أثار الحجم الهائل من البيانات الشخصية التي تم جمعها من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي مخاوف عالمية بشأن خصوصية تلك البيانات وسلامتها وأمنها. وفي حين أن بعض الناس قد يتصورون أن هذا يشكّل انتهاكًا للخصوصية، يرى الخبراء أن جمع هذه الكمية من البيانات يساعد في دعم تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتكمن المشكلة الرئيسية التي تواجهها المنظمات أو الحكومات في استخدام البيانات الشخصية في ظل خضوعها لمجموعة كبيرة من القواعد التنظيمية؛ فعلى سبيل المثال تم تغريم “فيس بوك” عام 2019 حوالي 5 مليارات دولار؛ لعدم امتثالها لقواعد الخصوصية؛ واستخدام البيانات واستغلالها بطريقة تختلف عن الغرض الرئيسي التي تم جمعها من أجله[32].

3-3  مخاطر اتساع الفجوة بين البلدان الغنية والفقيرة

من المتوقَّع أن تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الفجوة الرقمية والتفاوت في توزيع الدخل بين الدول المتقدمة والدول النامية، وذلك لعدد من الأسباب، لعل من أهمها ارتفاع مستوى الاستثمارات المطلوبة لتطوير وتبنّي هذه التقنيات، إلى جانب انخفاض مستويات الحافز لدى البلدان النامية التي تعاني ارتفاع مستويات البطالة وتتسم بانخفاض مستويات أجور العمالة لتبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي التي ينتج عنها تزايد مستويات أتمتة الأعمال حفاظًا على الاستقرار الاجتماعي، بالإضافة إلى انخفاض مستويات مهارة رأس المال البشري المطلوب لقيادة تطور نوعي في هذه الأنظمة .ويترتب على انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي اتساع الفوارق الاقتصادية بين البلدان المتقدمة، التي من المتوقَّع أن تجني المكاسب الأكبر من هذه التقنيات بزيادة متوقَّعة في مستويات الناتج المحلي في ظل تزايد وتيرة تبني هذه التقنيات بما يعكس العديد من العوامل، على رأسها ظاهرة شيخوخة السكان وارتفاع مستويات الأجور، مقابل مكاسب معتدلة للبلدان مقارنة بمستويات الناتج المسجَّلة الحالية.

ولا يعني ذلك أن الدول النامية ليس في مقدورها اللحاق بالركب في مجال التطور التقني المصاحب للذكاء الاصطناعي؛ حيث يعتمد ذلك على الخيارات المستقبلية التي تعمل عليها كل دولة من هذه الدول ومساعيها لتمهيد الطريق نحو تهيئة البيئة الداعمة للاستفادة من هذه التقنيات. ولعل الصين من بين هذه الدول التي قامت ببلورة استراتيجية مستقبلية للذكاء الاصطناعي كي تكون لاعبًا عالميًّا في مجال سلاسل الإمداد للذكاء الاصطناعي، ومن ثم كثّفت استثماراتها في هذا المجال برغم ذلك؛ حيث تؤدي هيمنة الدول المتقدمة على تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى استحواذ شركات التقنية العملاقة، التي تتاح لها فرص النفاذ إلى قواعد البيانات الضخمة ولديها القدرة على استقطاب أفضل المهارات، على مكاسب هذه الأنظمة واستئثار البلدان التي تعمل فيها هذه الشركات بالجزء الأكبر من مكاسب الإنتاجية والدخل المحققة من نظم الذكاء الاصطناعي[33].

3-4 فجوة النوع

هناك توقعات متباينة لتأثير الثورة الصناعية الرابعة على فجوة النوع الاجتماعي، فمن ناحية ستوفر أتمتة الأعمال المنزلية وقتًا يُمكّن المرأة من العمل في القطاع الرسمي. كما ستوفر أسواق العمل المرنة فرصًا لم يسبق لها مثيل للمزيد من مستويات مشاركة الإناث في سوق العمل، استنادًا إلى التوسع في أنظمة العمل التي تعتمد على التقييم وفقًا للنتائج وليس الوجود الفعلي في مقر العمل، ولكنّ ذلك يتطلب تأهيل المرأة بشكل جيد للعمل بالوظائف التي تتطلب مهارات تقنية مرتفعة.

ويرى بعض الخبراء أنه سيقع العائق الأكبر لفقدان الوظائف على المرأة؛ حيث من المتوقَّع أن يخسر الرجال نحو 4 ملايين وظيفة، مقابل اكتساب نحو 1.4 مليون وظيفة جديدة نتيجة الثورة الصناعية الرابعة، في حين أن النساء سيواجهن خسارة 3 ملايين وظيفة مقابل اكتساب نحو 550 ألف وظيفة جديدة فقط؛ ما يعني خسارة الإناث لنحو 5 وظائف مقابل كل وظيفة مكتسَبة، الأمر الذي سيؤدي إلى اتساع فجوة النوع الاجتماعي، ولاسيما في ظل تركُّز مجالات عمل المرأة في الوظائف التقليدية، التي من المتوقَّع أن تشهد خسائر صافية في التوظيف، خاصة في الوظائف المتعلقة بمجالات الصناعة والزراعة والإنشاءات والأعمال التقليدية والحرفية، وفي المقابل تتواضع مشاركة المرأة في المجالات التي تستند إليها تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يشمل (مجالات العلوم والتقنيات والهندسة والرياضياتSTEM (، الأمر الذي سيُعمّق من حجم هذه الفجوة وسيؤدي إلى انخفاض مستوى مشاركة المرأة في سوق العمل بشكل عام.[34]

ومؤخرًا لوحظ أن تمثيل المرأة منخفض في المجالات التي تتزايد فيها الوظائف التقنية، مثل الهندسة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ففي مجال التكنولوجيا تقلّ احتمالات وصول النساء إلى مناصب المديرين والمهنيين المتخصصين عن الاحتمالات المتوقَّعة للرجال، بينما تزيد احتمالات تَوليهنَّ وظائف مكتبية وأعمالًا خدمية عن الاحتمالات المتوقَّعة للرجال، وهي الأعمال التي يؤدينَ فيها مهام أكثر روتينية، ما يجعلهنّ أكثر عرضة لمخاطر التسريح بسبب تغيّر التكنولوجيا[35].

4-   مستقبل التحول للذكاء الاصطناعي: ملاحظات وتوصيات للتجربة الخليجية

بداية، يتناول هذا الجزء أهم المؤشرات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في محيط دول مجلس التعاون الخليجي، لينطلق منها للتعرف على أهم الجهود المبذولة في هذه الدول، ويتطرق إلى بعض الملاحظات والتوصيات الختامية التي يمكن أن تسهم في ترقية استخدامات هذه التطبيقات التكنولوجية في بيئة الأعمال الخليجية.

4-1 مؤشرات عامة للذكاء الاصطناعي في التجربة الخليجية

اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي موقفًا استباقيًّا تجاه الاستثمار في الذكاء الاصطناعي واعتماده. وقد كانت أهم الجهود المبذولة على هذا النحو في دولة الإمارات العربية المتحدة تتمثل في إطلاق استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، وإطلاق استراتيجية النقل المستقل، كما عيّنت دولة الإمارات أيضًا أول وزير للذكاء الاصطناعي في البلاد بعد تقديرها بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم بمبلغ 182 مليار دولار أمريكي في الاقتصاد بحلول عام 2035. وتهدف المبادرة الإماراتية إلى تحسين الأداء الحكومي وخلق ثقافة مبتكرة وبيئة أعمال منتجة. في حين يعدّ دمج الذكاء الاصطناعي في نسيج المجتمع بأكمله إحدى الركائز الأساسية لأهداف مئوية الإمارات 2071 الأوسع، التي تهدف إلى تمهيد الطريق لدولة الإمارات العربية المتحدة لتصبح واحدة من أفضل البلدان وأكثرها إبداعًا على مستوى العالم خلال العقود الخمسة القادمة[36].

واستجابة لانتشار فيروس كورونا، وجدت دول مجلس التعاون الخليجي تطبيقات عملية مهمة في تقنيات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تطبيق الإجراءات الاحترازية ومنع انتشار الوباء، بما في ذلك تعليق رحلات الركاب وفرض عمليات الإغلاق مع حظر التجول؛ حيث اتجهت الدول إلى استخدام كاميرات السرعة والطائرات من دون طيار والروبوتات؛ لفرض التباعد الاجتماعي وحركة المواطنين المحدودة. ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، تستخدم شرطة دبي برنامجًا يسمى “Oyoon” الذي يستخدم من خلال شبكة من الكاميرات في المدينة للتعرف على الوجه والصوت ولوحة الترخيص لتحديد ما إذا كان المقيم يعمل في قطاع حيوي أو لديه تصريح ساري المفعول لمغادرة المنزل أو العمل. بالإضافة إلى ذلك، نفذت هيئة الطرق والمواصلات في المدينة (RTA) رؤية الكمبيوتر وخوارزميات التعلم الآلي لمسح مئات الآلاف من الساعات من لقطات الفيديو لاكتشاف المخالفين للتدابير الوقائية والإبلاغ عنهم، مثل ارتداء الأقنعة بشكل صحيح، والمسافة المناسبة بين الراكب والسائق. كما طوّرت السلطات الحكومية أيضًا تطبيقات الهاتف المحمول وفرضت استخدامها، مثل Tawakkalna وTabaud في المملكة العربية السعودية، وBeAware في البحرين؛ لتسهيل تتبّع جهات الاتصال المستندة إلى الموقع، التي تراقب أولئك الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس ومحاولة الحد من تعرّضهم للسكان.

وفي المملكة العربية السعودية، تم إعداد استراتيجية التحول الوطني لرؤية السعودية 2030، التي تم تحديد التحول الرقمي فيها كعامل تمكين رئيسي، كما قامت المملكة بمنح الجنسية السعودية لروبوت ذكاء اصطناعي يعمل بالذكاء الاصطناعي “صوفيا” إعرابًا عن اهتمامها الشديد بالتحول نحو الذكاء الاصطناعي. وفي أغسطس 2019، أصدرت مرسومًا ملكيًّا لإنشاء هيئة وطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، واستضافت في أكتوبر 2020 قمة عالمية افتراضية للذكاء الاصطناعي، لتكون أكبر لقاء ذكاء اصطناعي من نوعه.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانات اقتصادية هائلة. وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، فمن المتوقَّع أن يسهم الذكاء الاصطناعي بمبلغ 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030 و320 مليار دولار في اقتصاد الشرق الأوسط على وجه الخصوص أي بما يعادل (11% من الناتج المحلي الإجمالي).

ولقد حققت دولة الإمارات العربية المتحدة قفزة نوعية في تقديم بنية تحتية للنقل عالية الجودة اعتمادا على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة؛ حيث احتلت المرتبة الأولى على مستوى العالم. وفي عصر الذكاء الاصطناعي كانت الإمارات العربية المتحدة أول دولة تعين وزير دولة للذكاء الاصطناعي وأعلنت استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي 2031 بهدف زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 35% وخفض الإنفاق الحكومي بنسبة 50% سنويًّا، خاصة أن قطاع النقل قطاع رئيس ستكون له مساهمة مباشرة في هذه الاستراتيجية من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لتقليل الحوادث وخفض التكاليف التشغيلية وتقليل حركة المرور وتشريع سياسات مرور أكثر فاعلية لتحقيق هذه المعالم، ومن المتوقَّع أن تلعب الشراكة بين القطاعين العام والخاص دورًا حيويًّا في الاقتصاد.

وقد تم تقسيم استراتيجية الذكاء الاصطناعي في الإمارات إلى أهداف ومشاريع أكثر صلةً وتحديدًا؛ لأنها تتدرج من المستوى الوطني إلى المستوى القطاعي، وفي النهاية إلى المستوى التنظيمي. على سبيل المثال، لدى دبي استراتيجية النقل الذاتي الخاصة بها التي تهدف إلى تحقيق 25% من جميع الرحلات في دبي باستخدام التكنولوجيا الذاتية في عام 2030. لذلك، فإن مواءمة تنفيذ استراتيجية الذكاء الاصطناعي الوطنية مع ذلك على المستوى التنظيمي تتطلب اعتماد قياس الأداء بمتابعة المؤشرات (KPIs)[37].

خلال الفترة 2008-2018، استثمرت الإمارات 2.15 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي. كما استثمرت المملكة العربية السعودية في شركات التكنولوجيا التي يقودها الذكاء الاصطناعي من خلال حصتها في صندوق Soft

bank Vision ووكالة الاستثمار العامة الوطنية.

الجدول 1. بعض المؤشرات الرئيسة المتعلقة بتطوير صناعة الذكاء الاصطناعي وسوقه في دول مجلس التعاون الخليجي التي تؤثر عليها[38]

 

 

الشكل 1. مساهمة دول العالم في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030

PWC, The potential impact of AI in the Middle East ,2018

ومن بين دول مجلس التعاون الخليجي الست، من المتوقَّع أن تستفيد المملكة العربية السعودية إلى أقصى حدّ من التحرك نحو الذكاء الاصطناعي بمساهمة متوقعة تبلغ 135.2 مليار دولار أمريكي في اقتصادها. وستستفيد دولة الإمارات العربية المتحدة بدورها من مساهمة قدرها 96.0 مليار دولار أمريكي، بينما من المتوقَّع أن تشارك الدول الأربع المتبقية في نموّ إجمالي قدره 45.9 مليار دولار أمريكي. وبالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة، ستكون مساهمة الذكاء الاصطناعي في اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة هي الأعلى بنسبة 14% من الناتج المحلي الإجمالي.

 

الشكل2. المساهمة الاقتصادية للذكاء الاصطناعي في دول مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2030

[1] Mamduh M. Hanafi, Nir Kshetri, Ravi Sharma, Economics of Artificial Intelligence in the Gulf Cooperation Council Countries,2021

4-2       تطوير الريادة الخليجية بالتعلم من الدروس الدولية:

بالنظر إلى المؤشرات السابق ذكرها فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي في دول الخليج، واتساقًا مع كون حوالي 70% من سكان دول مجلس التعاون الخليجي تقلّ أعمارهم عن 30 عامًا، فإنه من المرجح أن يكون الشباب أكثر انفتاحًا وراحة مع الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي، ما يخلق فرصًا لنماذج أعمال جديدة لشركات الذكاء الاصطناعي، ويعد توافر نسبة عظمى من سكان دول الخليج في عمر الشباب هو بمثابة نقطة قوة دافعة لحصول دول الخليج على مراتب متقدمة في عالم الذكاء الاصطناعي، فوفقًا لدراسة أجرتها شركة ماكنزي، أفاد 62% من المشاركين في دول مجلس التعاون الخليجي باستخدام الذكاء الاصطناعي في وظيفة عمل واحدة على الأقل في مؤسساتهم[39].

من جانب آخر تواجه اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها. التحدي الأول يتمثل في الإنفاق على البحث والتطوير، حيث تُظهر أحدث البيانات المتاحة من البنك الدولي أنه لا يوجد في دول مجلس التعاون الخليجي إنفاق على البحث والتطوير كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي يتجاوز 0.7%.

على سبيل المقارنة، في دولة مجاورة، إسرائيل، بلغ الإنفاق على البحث والتطوير 4.11٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعني أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تضع تركيزًا أقل على تطوير التقنيات الأساسية والبحوث. ويرجع ذلك إلى أن شركات الذكاء الاصطناعي في دول مجلس التعاون الخليجي تركّز بشكل كبير على التطبيقات وليس تطوير التقنيات، ومن المتوقَّع أن تعيق هذه التحديات الانتشار الكامل للذكاء الاصطناعي في دول مجلس التعاون الخليجي. وتشمل التحديات، على سبيل المثال لا الحصر، المعرفة المتولدة محليًّا، والحواجز الاقتصادية، والمخاطر الاجتماعية، والهياكل المؤسسية والسياسية الصارمة.

التحدي الآخر يتمثل في المستوى الحالي للمهارات الرقمية لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، فهو غير كافٍ لتلبية الحاجة إلى تطوير وتنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعي، فوفقًا لدراسة أجرتها الشركة الاستشارية Strategy & Middle East وLinkedIn وُجِد أن هناك نقصًا حادًّا في المهارات الرقمية، مثل: التحليل الإحصائي واستخراج البيانات وتصميم الخوارزميات في المنطقة. على سبيل المثال، في عام 2015، كانت نسبة الوظائف الرقمية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى إجمالي القوى العاملة 1.7% مقارنة بـ 5.4% في الاتحاد الأوروبي.

ولعل من أهم التوصيات التي ينبغي أخذها في الاعتبار للارتقاء بوضع دول الخليج في عالم الذكاء الاصطناعي ما يلي:

·      إتاحة الوصول إلى مصادر البيانات الموثوقة أحد أهم المتطلبات الأساسية للبحث الجيد والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، لكن لا تزال العمليات الحالية للوصول إلى معلومات القطاع العام غير واضحة وغير منظَّمة، ومع وجود مخاوف تتعلق بجودة البيانات والأمن وإساءة استخدامها المحتمَلة. يمكن أن تساعد الممارسات الأفضل في مجال البيانات المفتوحة في التخفيف من المخاطر المذكورة، ولكنها تتطلب تكيّفًا دقيقًا مع السياق المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي.

·      تعدّ مشاركة أصحاب المصلحة شرطًا آخر للتكامل الفعال والشامل للذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعات الاقتصاد، في حين أن الجهود الحكومية من أعلى إلى أسفل يجب مواجهتها بمبادرات من القاعدة إلى القمة من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني لخلق أوجه تعاون مختلفة بحيث تجعل الاهتمام والاستثمار الحاليين في الذكاء الاصطناعي مستدامَيْن.

·      تتطلب التطورات الأخيرة والسريعة في أنظمة الذكاء الاصطناعي تدخلات تنظيمية من قبل صانعي السياسات لتحقيق التوازن بين الفوائد المتوقَّعة للمجتمع والتهديدات والمخاطر المحتمَلة، في حين أن التدخلات التنظيمية غالبًا ما تستلزم تنفيذ قوانين “صارمة” ومُلزمة قانونًا، في حين أن النُّهُج القائمة على الحوافز، مثل تلك القائمة على آليات إصدار الشهادات، يمكن أن تقدم حلولًا سريعة ومرنة لإدارة المخاطر.

·      بشكل عام، هناك نقص في البحث حول تصورات واتجاهات ومعرفة آراء المهنيين تجاه الذكاء الاصطناعي في مؤسسات دول مجلس التعاون الخليجي. كما تشير البيانات الأولية إلى تزايد عدد الأشخاص الذين أصبحوا “كارهين للتكنولوجيا” مع مخاوف من الاستيلاء على وظائفهم بواسطة الروبوتات وبرامج الذكاء الاصطناعي الأخرى. أصبحت هناك حاجة ملحة إلى مزيد من البحث حول هذا الموضوع، ولاسيما في ضوء برامج التوطين المتنوعة للقوى العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي.

·      بالتوازي مع الشراكات العالمية، يجب تكييف النظم البيئية المحلية لتوفير المرونة الكافية وتحفيز الشركات على توسيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاعاتها. وقد لعبت المناطق الحرة دورًا حيويًّا، في مدن مثل دبي، في جذب الشركات التكنولوجية الرائدة وبالتالي، يمكن للمناطق الحرة أن تلعب دورًا مشابهًا لإنشاء نظام بيئي صديق للذكاء الاصطناعي؛ حيث يتم تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي محليًّا، وللمساعدة في انتقال المنطقة من مجرد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تطوير حلول الذكاء الاصطناعي أيضًا.

·      تُعدّ الشمولية، ولاسيما إدراج المرأة في عملية تبني الذكاء الاصطناعي، عاملًا مهمًّا في ضمان التطوير الناجح للذكاء الاصطناعي ونشره وحوكمته. وبينما تتنافس الحكومات على السلطة في الثورة الصناعية الرابعة اليوم، فإنها بحاجة إلى قوة عاملة تتمتع بالمهارات والقدرات لمطابقة متطلبات سوق العمل والمنافسة على مستوى عالمي؛ لذلك يجب أن تتبنى الاستراتيجيات الوطنية للذكاء الاصطناعي “تعميم مراعاة المنظور النوعي” الذي يأخذ في الاعتبار المساواة بين الجنسين على جميع مستويات صنع القرار.

·      تقوم شركات التكنولوجيا بجمع وتحليل قدر كبير من البيانات والمعلومات عن مستخدميها، التي، بدعم من تقنية الذكاء الاصطناعي، تجعل سمات شخصياتهم وأنماط نفقاتهم، أو حتى معتقداتهم السياسية، يمكن التنبؤ بها إلى حدٍّ ما. وينتج عن عواقب مثل هذه المعرفة آثار أخلاقية وصحية وسياسية مهمة يجب دراستها من قِبل المعنيين في دول مجلس التعاون الخليجي، مما يسلّط الضوء على فجوة مهمة يجب سدها للتخفيف من الآثار السلبية المعلنة للذكاء الاصطناعي على مواطني الخليج[40].

 

مراجع الدراسة ومصادر البيانات

       الأمم المتحدة، البيانات الضخمة لأغراض التنمية المستدامة، متاح على الرابط: https://www.un.org/ar/global-issues/big-data-for-sustainable-development

       المنظمة العالمية للملكية الفكرية، هل يتلكأ قانون العلامات التجارية خلف الذكاء الاصطناعي؟ لي كيرتس وريتشل بلاتس، يونيو 2020.

       اليونسكو، تقرير الذكاء الاصطناعي والتعليم: إرشادات لواضعي السياسات،2021.

       الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، الذكاء الاصطناعي والقوة، متاح على الرابط:

https://www.sis.gov.eg

       تحليلات البيانات الكبيرة، متاح على الرابط https://www.ibm.com/ae-ar/analytics/hadoop/big-data-analytics

       صندوق النقد الدولي، النساء والتكنولوجيا ومستقبل العمل، متاح على الرابط:

       https://www.imf.org/ar/News/Articles/2018/11/19/blog-Women-Technology-the-Future-of-Work

       كريستيان ألونسو، وسيدارث كوثاري، وسيدرا رحمان، كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوسع الفجوة بين البلدان الغنية والفقيرة؟ صندوق النقد الدولي، 2020 متاح على الرابط:

       https://www.imf.org/ar/News/Articles/2020/12/02/blog-how-artificial-intelligence-could-widen-the-gap-between-rich-and-poor-nations

        ما هو الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية؟ متاح على الرابط:

        https://www.ibm.com/ae-ar/topics/artificial-intelligence-healthcare

       منتدى الاقتصاد العالمي، تقرير مستقبل الوظائف 2020، أكتوبر 2020.

       https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/perspectives/PE200/PE237/RAND_PE237z1.arabic.pdf

       وسوندي أ. أوسوبا، “مخاطر الذكاء الاصطناعي على الأمن ومستقبل العمل”، مؤسسة RAND، رؤى الخبراء بشأن قضايا السياسات الآنية. متاح على الرابط:

        https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/perspectives/PE200/PE237/RAND_PE237z1.arabic.pdf

 

        وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذكاء الاصطناعي، مصر متاح على الرابط التالي: https://mcit.gov.eg/ar/Artificial_Intelligence

       هبة عبد المنعم، ومحمد إسماعيل، مشروع بحثي حول الانعكاسات الاقتصادية للثورة الصناعية الرابعة، صندوق النقد العربي، 2021.

       ياسمين أيمن، دروس التفوق الصيني في مجال الذكاء الاصطناعي، عروض الكتب، مركز المستقبل للدراسات متاح على الرابط:

 https://futureuae.com

       Elie Azar and Anthony N. Haddad, Springer Nature, An Introduction to AI in the GCC,2021

         Frank, M. et al. (2019). “Toward understanding the impact of artificial intelligence on labor”, Proceeding of the National Academy of Sciences of the United States of America, April. Available at: https://www.pnas.org/content/116/14/6531

 

       Grand View Research, Artificial Intelligence Market Size, Share & Trends Analysis Report by Solution, By Technology (Deep Learning, Machine Learning), By End-use, By Region, And Segment Forecasts, 2023 – 2030

        GlobeNewswire, Artificial Intelligence in Marketing Market Size Worth $107,535.57 Million, Globally, 2021, available at: https://www.globenewswire.com/news-release/2021/12/17/2354660/0/en/Artificial-Intelligence-in-Marketing-Market-Size-Worth-107-535-57-Million-Globally-by-2028-at-31-6-CAGR-Exclusive-Report-by-The-Insight-Partners.html

        Grand View Research, Artificial Intelligence in Drug Discovery Market Size, Share & Trends Analysis Report by Therapeutic Area (Oncology, Cardiovascular Disease, Metabolic Diseases), By Application, By Region, And Segment Forecasts, 2020 – 2027 available at: https://www.grandviewresearch.com/industry-analysis/artificial-intelligence-drug-discovery-market .

       Ian Fletcher, Brian Goehring, Anthony Marshall, and Tarek Saeed, IBM, Middle East Prepares for AI accelerati.

        Jacques Bughin, Jeongmin Seong & others McKinsey Global Institute, Notes from the AI frontier: Tackling Europe’s gap in digital and artificial intelligence,2019

       Jane Wakefield، “Foxconn replaces ’60،000 factory workers with robots’’، BBC, May 2016،available at: http://www.bbc.com/news/technology-36376966 .

        Markets and Markets, Artificial Intelligence, Jan2022, available at: https://www.marketsandmarkets.com/practices/thankyouform.asp?repost=yes

       Mamduh M. Hanafi, Nir Kshetri, Ravi Sharma, Economics of Artificial Intelligence in the Gulf Cooperation Council Countries,2021

        McKinsey Global Institute, Artificial intelligence: The next digital frontier? 2017

       McKinsey, the state of AI in GCC countries—and how to overcome adoption challenges, May 2023.

         Osonde A. Osoba, William Welser IV, The Risks of Artificial Intelligence to Security and the Future of Work, available at: https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/perspectives/PE200/PE237/RAND_PE237z1.arabic.pdf

        PWC, The potential impact of AI in the Middle East ,2018

       Pwc, Artificial Intelligence everywhere, big opportunities. Manageable risks, available at https://www.pwc.com/gx/en/issues/data-and-analytics/artificial-intelligence.html

       Salesforce, What Is the Fourth Industrial Revolution? 2020, available at https://www.salesforce.com/ap/blog/2020/03/apac-what-is-the-fourth-industrial-revolution-4IR.html

        Stanford University, AI Index 2021 Annual Report, 2021

       Scott A. Wolla,” Will Robots Take Our Jobs?” page one Economics, Federal Reserve Bank of St. Louis, January 2018, retrieved from: https://files.stlouisfed.org/files/htdocs/publications/page1-econ/2018/01/02/will-robots-take-our-jobs_SE.pdf accessed on 02/08/2021 .

       Simon kemp , Digital 2021: global overview report, available at: https://datareportal.com/reports/digital-2021-global-overview-report

        World economic forum, Women and Work in the Fourth Industrial Revolution, available at: https://reports.weforum.org/future-of-jobs-2016/women-and-work-in-the-fourth-industrial-revolution/



 [1] د. هبة عبد المنعم، ود. محمد إسماعيل: صندوق النقد العربي، مشروع بحثي حول الانعكاسات الاقتصادية للثورة الصناعية الرابعة، 2021.

[2] Elie Azar and Anthony N. Haddad, Springer Nature, An Introduction to AI in the GCC,2021

[3]  وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذكاء الاصطناعي، مصر، متاح على الرابط التالي: https://mcit.gov.eg/ar/Artificial_Intelligence

 

 

 [6]  د. هبة عبد المنعم، ود. محمد إسماعيل، مرجع سبق ذكره.

[7]  اليونسكو، تقرير الذكاء الاصطناعي والتعليم: إرشادات لواضعي السياسات،2021.

[8]  الأمم المتحدة، البيانات الضخمة لأغراض التنمية المستدامة، متاح على الرابط: https://www.un.org/ar/global-issues/big-data-for-sustainable-development

 [9] تحليلات البيانات الكبيرة، IBM  متاح على الرابط https://www.ibm.com/ae-ar/analytics/hadoop/big-data-analytics

[10] PWC, Artificial Intelligence everywhere, big opportunities. Manageable risks, available at https://www.pwc.com/gx/en/issues/data-and-analytics/artificial-intelligence.html

[11] McKinsey Global Institute, Artificial intelligence: The next digital frontier? 2017

        [12]  الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، الذكاء الاصطناعي والقوة، متاح على الرابط:

https://www.sis.gov.eg

[13] Grand View Research, Artificial Intelligence Market Size, Share & Trends Analysis Report by Solution, By Technology (Deep Learning, Machine Learning), By End-use, By Region, And Segment Forecasts, 2023 – 2030

[14] Scott A. Wolla,” Will Robots Take Our Jobs?” page one Economics, Federal Reserve Bank of St. Louis, January 2018, retrieved from: https://files.stlouisfed.org/files/htdocs/publications/page1-econ/2018/01/02/will-robots-take-our-jobs_SE.pdf accessed on 02/08/2021.

[15] SIMON KEMP, Digital 2021: global overview report, available at: https://datareportal.com/reports/digital-2021-global-overview-report

[16] GlobeNewswire, Artificial Intelligence in Marketing Market Size Worth $107,535.57 Million, Globally, 2021, available at: https://www.globenewswire.com/news-release/2021/12/17/2354660/0/en/Artificial-Intelligence-in-Marketing-Market-Size-Worth-107-535-57-Million-Globally-by-2028-at-31-6-CAGR-Exclusive-Report-by-The-Insight-Partners.html

[17] Markets and Markets, Artificial Intelligence, Jan2022, available at: https://www.marketsandmarkets.com

 [18]  المنظمة العالمية للملكية الفكرية، هل يتلكأ قانون العلامات التجارية خلف الذكاء الاصطناعي؟ لي كيرتس وريتشل بلاتس، يونيو 2020.

[19]  منتدى الاقتصاد العالمي، تقرير مستقبل الوظائف 2020، أكتوبر 2020.

[20] Jane Wakefield، “Foxconn replaces ’60،000 factory workers with robots’’، BBC, May 2016،available at: http://www.bbc.com/news/technology-36376966.

[21] Salesforce, What Is the Fourth Industrial Revolution?, 2020, available at https://www.salesforce.com/ap/blog/2020/03/apac-what-is-the-fourth-industrial-revolution-4IR.html

[22]  وسوندي أ. أوسوبا، مخاطر الذكاء الاصطناعي على الأمن ومستقبل العمل، مؤسسة RAND، رؤى الخبراء بشأن قضايا السياسات الآنية

https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/perspectives/PE200/PE237/RAND_PE237z1.arabic.pdf

 

[23]  د. هبة عبد المنعم، ود. محمد إسماعيل، مرجع سبق ذكره.

[24] Frank, M. et al. (2019). “Toward understanding the impact of artificial intelligence on labor”, Proceeding of the National Academy of Sciences of the United States of America, April. Available at: https://www.pnas.org/content/116/14/6531

[25] مؤسسة استشراف المستقبل، تقرير وظائف المستقبل 2040 ،157 وظيفة شائعة حتى عام 2040.

[26]  الذكاء الاصطناعي في التعليم متاح على الرابط:

 https://ar.unesco.org/themes/ict-education/action/ai-in-education

[27]  مؤسسة استشراف المستقبل، تقرير وظائف المستقبل 2040، مرجع سبق ذكره.

 [28] ما هو الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية؟ متاح على الرابط:

 https://www.ibm.com/ae-ar/topics/artificial-intelligence-healthcare

[29]  ما هو الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية؟ مرجع سبق ذكره.

[30] Grand View Research, Artificial Intelligence in Drug Discovery Market Size, Share & Trends Analysis Report by Therapeutic Area (Oncology, Cardiovascular Disease, Metabolic Diseases), By Application, By Region, And Segment Forecasts, 2020 – 2027 available at: https://www.grandviewresearch.com/industry-analysis/artificial-intelligence-drug-discovery-market.

[31] . Stanford University, AI Index 2021 Annual Report, 2021

[32] Osonde A. Osoba, William Welser IV, The Risks of Artificial Intelligence to Security and the Future of Work, available at: https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/perspectives/PE200/PE237/RAND_PE237z1.arabic.pdf

 [33]  كريستيان ألونسو، وسيدارث كوثاري، وسيدرا رحمان، كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوسع الفجوة بين البلدان الغنية والفقيرة، صندوق النقد الدولي، 2020 متاح على الرابط:

https://www.imf.org/ar/News/Articles/2020/12/02/blog-how-artificial-intelligence-could-widen-the-gap-between-rich-and-poor-nations

[34] World economic forum, Women and Work in the Fourth Industrial Revolution, available at:

https://reports.weforum.org/future-of-jobs-2016/women-and-work-in-the-fourth-industrial-revolution/

[35]  صندوق النقد الدولي، النساء والتكنولوجيا ومستقبل العمل، متاح على الرابط:

https://www.imf.org/ar/News/Articles/2018/11/19/blog-Women-Technology-the-Future-of-Work

[36] Ian Fletcher, Brian Goehring, Anthony Marshall, and Tarek Saeed, IBM, Middle East Prepares for AI acceleration.

[37] Elie Azar and Anthony N. Haddad, Ibid, gulf research center, Artificial Intelligence in the Gulf:

Prospects and Challenges workshop

[38] Mamduh M. Hanafi, Nir Kshetri, Ravi Sharma, Economics of Artificial Intelligence in the Gulf Cooperation Council Countries,2021

[39] McKinsey, the state of AI in GCC countries—and how to overcome adoption challenges, May 2023.

[40] Elie Azar and Anthony N. Haddad, Ibid

المواضيع ذات الصلة