يشهد قطاع غزة أزمة إنسانية كارثية منذ فرض الحصار الإسرائيلي عام 2007؛ إذ تفاقمت تلك الأزمة مع النزاعات المتكررة (2008، 2012، 2014، 2023-2025)؛ ما أدى إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية والخدمات الأساسية. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن 70% من البنية التحتية في غزة، بما في ذلك المباني، وأنظمة الصرف الصحي، وأنابيب المياه، والمستشفيات، تضررت بشكل بالغ أو دُمرت تمامًا؛ ما أثر في قدرة القطاع على تلبية الاحتياجات الأساسية لسكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة [1]. ولمَّا كانت الحالة هذه، فإن قطاع غزة يعاني أزمة غذائية حادة؛ حيث يواجه 1.9 مليون شخص حالةً من انعدام الأمن الغذائي، كما أن 470,000 شخص في خطر المجاعة [2]. كما يعاني النظام الصحي انهيارًا شبه كامل، مع توقف 46 من أصل 72 منشأة صحية، ونفاد 57% من الإمدادات الطبية الأساسية [3].
ومقارنة بأزمات القرن الحادي والعشرين، مثل الأزمة السورية (2011-2025) التي نزح بسببها 13 مليون شخص، أو أزمة اليمن (2015-2025) التي تسببت في نزوح 4.5 ملايين شخص، تتسم أزمة غزة بكثافة الدمار في مساحة جغرافية صغيرة (365 كم²)، وانعدام خيارات النجاة للسكان؛ ما يجعلها من بين أسوأ الأزمات الإنسانية خلال القرن الحادي والعشرين [4]. فقد فشلت الآليات الدولية التقليدية، مثل التنسيق عبر الأمم المتحدة، في تلبية الاحتياجات بسبب القيود السياسية واللوجستية، مثل إغلاق معبر رفح منذ مارس 2025؛ ما أدى إلى توقف 80% من المساعدات [5].
في هذا السياق، برزت الأدوار الفردية للدول كفواعل إنسانية خلال هذه الأزمة. ولعل دولة الإمارات العربية المتحدة الفاعل الإنساني الأبرز في هذا الصدد، من خلال مبادرات مبتكرة للتغلب على المعوقات اللوجستية والأمنية، مثل عملية “طيور الخير”، وحملة “تراحم من أجل غزة”. وبناء عليه، تهدف هذه الدراسة إلى تحليل الدور الإنساني في غزة، مع التركيز على الإسهامات الإماراتية كنموذج رائد، من خلال دراسة الأطر التي تعرض للعمل الإنساني في سياق الصراع، وتحليل الأزمة، واستعراض المبادرات الإماراتية بنظرة تقييمية.
أولًا: العمل الإنساني في سياق الصراعات: المفهوم وحجم المساعدات الدولية
في ظل تصاعد النزاعات المسلحة، وتزايد الكوارث الطبيعية، بات العمل الإنساني يشكل إحدى أهم أدوات التدخل الدولي لضمان الحد الأدنى من الحماية للمدنيين في مناطق الأزمات. وقد تطور هذا المفهوم ليصبح منظومة متكاملة من المبادئ والممارسات التي تنظم تقديم المساعدات في بيئات شديدة التعقيد، حيث تتداخل الاعتبارات السياسية والأمنية مع الاحتياجات الإنسانية الملحة. ويُنظر إلى العمل الإنساني اليوم بوصفه ليس فقط استجابة طارئة، بل كجزء من نهج شامل يهدف إلى تعزيز الصمود المجتمعي، وتحقيق الاستقرار، والتمهيد لجهود التنمية المستدامة في مرحلة ما بعد النزاع. وتؤكد الأدبيات الحديثة أهمية التوازن بين الحياد الإنساني والفعالية التشغيلية، خاصة في السياقات التي تشهد تسييسًا للمساعدات، أو قيودًا على الوصول، كما هو الحال في غزة، سوريا، واليمن .ومن هنا، تبرز الحاجة إلى نماذج استجابة مبتكرة تتجاوز الأطر التقليدية، وتستند إلى الشراكات المتعددة الأطراف، والتقنيات الحديثة، والتمويل المستدام؛ لضمان وصول المساعدات إلى الفئات الأكثر ضعفًا في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة.
وعليه؛ يُعرَّف العمل الإنساني بأنه تقديم المساعدات لتلبية الاحتياجات الأساسية للمتضررين من الصراعات أو الكوارث، وفقًا لمبادئ الحيادية، والإنسانية، والاستقلالية، كما نصت عليها اتفاقيات جنيف (1949) والقرار 46/182 للجمعية العامة للأمم المتحدة [6]، وهو جهد إنساني يهدف إلى حماية الحياة، وتخفيف المعاناة، والحفاظ على الكرامة الإنسانية.
ويقوم العمل الإنساني بدور حيوي بُغية تقليل الخسائر البشرية، وتعزيز الاستقرار، وبناء الصمود المجتمعي [7]. وفي سياق الصراعات، يسهم العمل الإنساني في توفير الغذاء، والمأوى، والرعاية الصحية؛ ما يحد من تفاقم الأزمات. فعلى سبيل المثال، ساعدت المساعدات الإنسانية في 2023 على دعم 300 مليون شخص عالميًّا بقيمة 55 مليار دولار، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة الصادر عام 2025. [8]
في عام 2024، بلغ إجمالي المساعدات الإنسانية العالمية نحو 38.5 مليار دولار، استهدفت مساعدة 187.8 مليون شخص في 71 دولة، مع انخفاض بنسبة 11% مقارنة بـ2023 (43.4 مليار دولار) بسبب إرهاق المانحين. وتشير التوقعات إلى انخفاض محتمل بنسبة 34-45% في 2025 مقارنة بذروة 2023 [9]. وتشمل الدول المانحة الرئيسية الولايات المتحدة (30% من إجمالي التمويل)، والاتحاد الأوروبي (20%)، وألمانيا (10%)، فيما تُعد دولة الإمارات من بين أكبر المانحين الإقليميين بنسبة 5% [10]. وتتركز المساعدات في أفريقيا (40%)، والشرق الأوسط (30%)، وآسيا (20%)، مع تخصيص 17% فقط من احتياجات غزة المقدرة بـ4 مليارات دولار في 2025 [11].
وفي السياق ذاته، يمكن الإشارة إلى حجم المساعدات الدولية المقدمة لغزة (2019- 2024)، حيث بلغ إجمالي المساعدات الدولية في عام 2024 نحو 4.2 مليارات دولار، وفقًا لخدمة التتبع المالي، التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (FTS). ويُظهر الجدول التالي توزيع المساعدات بحسب السنوات:
السنة | إجمالي المساعدات (مليون دولار) | أبرز المانحين |
2019 | 720 | الاتحاد الأوروبي، دولة الإمارات، قطر |
2020 | 650 | الاتحاد الأوروبي، السعودية، الإمارات |
2021 | 900 | دولة الإمارات، قطر، الولايات المتحدة |
2022 | 680 | الاتحاد الأوروبي، دولة الإمارات، تركيا |
2023-2024 | 1,250 | دولة الإمارات، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي |
جدول (1) المصدر OCHA Financial Tracking Service (2024)
ثانيًا: الأزمة الإنسانية في غزة: السياق والاحتياجات
منذ فرض الحصار الإسرائيلي عام 2007، عانت غزة نزاعاتٍ متكررة أدت إلى تدمير 70% من البنية التحتية. وبحلول يوليو 2025، نزح 1.9 مليون شخص (90% من السكان)، معظمهم نساء وأطفال، ويعيشون في خيام أو مبانٍ مدمرة [12]. وقد تسبب النزاع الأخير (2023-2025) في مقتل 59,921 فلسطينيًّا وإصابة 145,233 آخرين.
ويعاني 1.9 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي، حيث يواجه 470,000 شخص خطر المجاعة. كما أن 93% من الأسر تعاني انعدام الأمن المائي؛ بسبب توقف 60% من محطات تحلية المياه، والنظام الصحي منهار، مع توقف 46 من أصل 72 منشأة صحية، ونفاد 57% من الإمدادات الطبية الأساسية. ويعتمد 90% من السكان على المياه المحلاة المقدمة عبر المساعدات.
وتُظهر التقارير الإخبارية أن التعنت الإسرائيلي يمثل العقبة الرئيسية أمام تدفق المساعدات [13]، حيث تشمل العوائق إغلاق معبر رفح، وقيودًا على معبر كرم أبوسالم، حيث دخل 552 شاحنة فقط بين 1 و20 أكتوبر 2024، مقارنة بمتوسط 500 شاحنة يوميًّا قبل الحرب. كما تم رفض 37% من حركات المساعدات المنسقة مع السلطات الإسرائيلية في يونيو 2025.
وقد أكدت تقارير عدة أن كمية المساعدات المعلنة لا تفي بحجم الاحتياجات الحقيقية، إذ يحتاج القطاع إلى 600 شاحنة إغاثية يوميًّا، و250 ألف علبة حليب شهريًّا، مع استمرار الحصار منذ 148 يومًا.
وللتغلب على العوائق، اعتمدت دول، مثل دولة الإمارات والأردن، الإسقاط الجوي، حيث أوصلت 25 طنًّا من المساعدات في يوليو 2025. كما تم اقتراح مشاريع مثل خط أنابيب مياه من مصر لدعم 600,000 شخص[14].
ثالثًا: تجسيد التضامن: الدور الإماراتي في دعم غزة
في ظل الأزمات الإنسانية المتفاقمة التي يشهدها قطاع غزة، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كلاعب رئيسي ونموذج يحتذى به في تقديم الدعم الإنساني والمساعدات الإغاثية؛ حيث تتجلى جهود دولة الإمارات، بتوجيهات كريمة من القيادة الرشيدة، في التزام أخلاقي وإنساني لا يتزعزع، يهدف إلى التخفيف من معاناة السكان، وتحقيق الاستقرار في القطاع. ويعكس هذا الدور الاستثنائي نهجًا شاملًا يجمع بين الاستجابة السريعة للأزمات والمشاريع التنموية الطويلة الأمد؛ ما يضمن أثرًا مستدامًا على حياة المتضررين. لقد أظهرت دولة الإمارات قدرة فائقة على حشد الموارد وتوجيهها بفعالية، مستخدمةً السبل المتاحة كافة لتوصيل المساعدات إلى مَن هم في أشد الحاجة إليها عبر حزمة من المساعدات الإنسانية لإنهاء الأزمة [15].
الفارس الشهم 3: مظلة شاملة للدعم الإماراتي
تعد مبادرة “الفارس الشهم 3” من أبرز ركائز الدعم الإماراتي لقطاع غزة، وقد أُطلقت بتوجيهات سامية لتقديم جهود إغاثية وإنسانية واسعة النطاق. وتشمل هذه المبادرة العديد من الجوانب الحيوية التي تلامس الاحتياجات الأساسية للسكان، مؤكدة النهج الشامل لدولة الإمارات في التعامل مع الأزمات الإنسانية [16].
في قلب “الفارس الشهم 3″، تشمل الجهود تقديم 65,000 طن من المساعدات حتى مايو 2025، منها 4,372 طنًّا من المواد الغذائية، و1,433 طنًّا من مواد الإيواء، و860 طنًّا من المواد الطبية، كما قدمت الإمارات 21 مخبزًا ميدانيًّا، و50 تكية طعام، وأسهمت في علاج 62,000 حالة طبية عبر مستشفيَين ميدانيَّين. وتعكس هذه الجهود النهج الإنساني غير المشروط لدولة الإمارات في إغاثة المنكوبين، بغض النظر عن الاختلافات السياسية .[17]
عملية “طيور الخير“
تكملةً لجهود “الفارس الشهم 3″، جاءت مبادرة “طيور الخير”، حيث نفذت دولة الإمارات 47 عملية إسقاط جوي حتى أكتوبر 2023، وأوصلت 4,126 طنًّا من المساعدات إلى شمال غزة، بالتنسيق مع الأردن. وفي يوليو 2025، استأنفت دولة الإمارات والأردن الإسقاط الجوي بـ42 طنًّا إضافيًّا .[18]
حملة “تراحم من أجل غزة“
أُطلقت حملة “تراحم من أجل غزة” في أكتوبر 2023، ووزعت 33,000 طن من المساعدات الغذائية والطبية، استفاد منها 1.2 مليون شخص حتى ديسمبر 2023 [19]. وركزت الحملة على دعم الفئات الأكثر ضعفًا مثل الأطفال والنساء.
المستشفيات الميدانية
أنشأت دولة الإمارات مستشفى ميدانيًّا بطاقة 200 سرير في غزة، عالج 22,000 مريض بحلول يونيو 2024. كما أنشأت مستشفى عائمًا قبالة سواحل غزة، قدم خدمات طبية لـ 1,056 مريضًا تم نقلهم إلى دولة الإمارات لتلقّي العلاج المتخصص .[20]
إعادة الإعمار
أسهمت دولة الإمارات بـ350 مليون دولار منذ 2014 لإعادة إعمار غزة، شملت بناء 15 مدرسة، استفاد منها 12,000 طالب، فضلًا عن دعم البنية التحتية، مثل محطات تحلية المياه ومخابز آلية، وإنشاء 6 محطات في العريش بطاقة 1.2 مليون غالون يوميًّا، تخدم 600,000 نسمة .[21]
جهود متعددة الأبعاد: برًّا وبحرًا وجوًّا
لم يقتصر الدعم الإماراتي على نوع واحد من وسائل النقل، بل شمل جميع الطرق الممكنة؛ لضمان وصول المساعدات بأقصى كفاءة. ويعكس هذا النهج المتكامل التزام دولة الإمارات بتخطي التحديات اللوجستية كافة، حيث نفذت 47 عملية إسقاط جوي بـ4,126 طنًّا حتى أكتوبر 2023، و17 طنًّا إضافيًّا في يوليو 2025 [22].
السنة | المساعدات المالية (مليون دولار) | المساعدات العينية (طن) | الرحلات الجوية |
2008-2023 | 2,250 | 17,000 | 165 |
2024 | 350 | 21,000 | 212 |
2025 | – | 7,183 | 17 |
جدول 2: الإسهامات الإماراتية لغزة (المصدر: الهلال الأحمر الإماراتي، 2025).
المساعدات البرية
منذ اندلاع الأزمة في قطاع غزة في أكتوبر 2023، قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة مساعدات إنسانية برية عبر معبر رفح ضمن مبادرات، مثل “الفارس الشهم 3″ و”تراحم من أجل غزة”. وفقًا لمصادر موثوق بها، تشير بيانات غير رسمية إلى أن دولة الإمارات أسهمت بنحو 650 شاحنة مساعدات برية حتى يناير 2025، محملة بالمواد الغذائية والطبية ومستلزمات الإيواء مثل البطانيات والخيام. ومع ذلك، لا توجد أرقام دقيقة ومؤكدة رسميًّا من مصادر حكومية إماراتية، أو تقارير الأمم المتحدة، تحدد العدد الإجمالي للشاحنات البرية منذ بداية الأزمة حتى يوليو 2025. وتشير تقارير إضافية إلى إدخال 38 شاحنة في يوم واحد في يوليو 2025 (18 شاحنة محمّلة بالمواد الغذائية والطبية وحليب الأطفال، و20 شاحنة بمعدات لدعم خط أنابيب المياه)، بالإضافة إلى 25 شاحنة في اليوم السابق لهذا التاريخ؛ ما يشير إلى استمرار الجهود البرية [23]. وعلى الرغم من التحديات الأمنية واللوجستية، فقد استمرت دولة الإمارات في تسيير هذه القوافل؛ لضمان وصول الدعم المباشر إلى الأرض.
المساعدات البحرية
تم إرسال سفن مساعدات ضخمة، مثل “سفينة خليفة للمساعدات الإنسانية”، محمّلة بآلاف الأطنان من الإمدادات المتنوعة، التي تتجه إلى ميناء العريش المصري، تمهيدًا لإدخالها إلى غزة. وتوفر هذه العمليات البحرية قدرة على نقل كميات هائلة من المساعدات التي قد لا تكون ممكنة عبر الطرق الأخرى [24].
التعاون الدولي
تدرك دولة الإمارات أن العمل الإنساني الفعال يتطلب تنسيقًا وتعاونًا دوليًّا؛ لذلك تعمل الإمارات بشكل وثيق مع منظمات دولية رئيسية؛ لضمان وصول المساعدات بكفاءة وفعالية. في هذا السياق، تنسق دولة الإمارات مع منظمات، مثل الأونروا واليونيسيف؛ لضمان توزيع فعال للمساعدات. وفي يناير 2025، دعمت دولة الإمارات دخول 900 شاحنة مساعدات خلال التهدئة؛ ما عزز الاستجابة الإنسانية .[25]
وبالإضافة إلى الدعم الإنساني المباشر، تقوم دولة الإمارات بدور دبلوماسي وسياسي مهم في التخفيف من معاناة غزة؛ حيث تسعى الإمارات إلى وقف الحرب وحماية المدنيين، وتدعو إلى حل سلمي شامل للأزمة. يُبرز هذا الدور المزدوج، الذي يجمع بين الإغاثة المباشرة والجهود الدبلوماسية، التزام دولة الإمارات بتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.
وتوضح الخريطة الذهنية الأبعاد المختلفة للدور الإماراتي في دعم غزة، من المبادرات الرئيسية وقنوات التوصيل إلى حجم الدعم والنتائج المترتبة عليه، إضافة إلى جهود التعاون والدبلوماسية. وتعكس الخريطة الذهنية النهج الشامل لدولة الإمارات في دعم غزة، حيث تربط بين المبادرات الإنسانية، وقنوات التوصيل المتنوعة، وحجم الدعم المالي والعيني، مع إبراز التعاون الدولي والنتائج الملموسة. وأخيرًا، توضح الفروع التفصيلية كيفية تنظيم الجهود الإماراتية لتحقيق أثر مستدام في مواجهة التحديات اللوجستية والسياسية.
الخاتمة
في النهاية؛ تُظهر الأزمة الإنسانية في غزة بجلاء أن العمل الإنساني لم يعد خيارًا ثانويًّا، بل ضرورة وجودية تمليها الكارثة المستمرة التي يعيشها ملايين المدنيين. وفي ظل التحديات الأمنية واللوجستية المتفاقمة، مثل إغلاق المعابر، واستهداف البنية التحتية، وتسييس المساعدات، تبرز أهمية الأدوار الإنسانية المبتكرة التي تتجاوز الأطر التقليدية، وتُعيد تعريف الاستجابة في سياقات النزاع.
لقد جسدت دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجًا متقدمًا في هذا المجال، من خلال نهج متعدد الأبعاد يجمع بين الإغاثة العاجلة، والمشاريع التنموية، والتنسيق الدولي؛ ما مكّنها من إيصال المساعدات، رغم القيود المفروضة. إن هذه التجربة تؤكد أن الإرادة السياسية، والمرونة التشغيلية، والتخطيط الاستراتيجي، يمكن أن تصنع فارقًا حقيقيًّا في حياة المتضررين، حتى في أكثر البيئات تعقيدًا.
في ضوء ما سبق، فإن استمرار الأدوار الإنسانية، لاسيما تلك التي تتسم بالابتكار والتكامل، يمثل ضرورة أخلاقية وإنسانية لا غنى عنها. كما أن تعزيز التعاون الدولي، وتطوير آليات التمويل المستدام، وضمان الحياد في تقديم المساعدات، تُعد عناصر محورية لضمان فعالية الاستجابة الإنسانية في غزة وغيرها من مناطق النزاع.
إن هذه الدراسة لا تكتفي بتوثيق الجهود، بل تدعو إلى استلهام النموذج الإماراتي كنقطة انطلاق نحو بناء منظومة إنسانية أكثر قدرة على مواجهة التحديات، وأكثر التزامًا بقيمتَي التضامن والكرامة الإنسانية. ففي عالم يزداد اضطرابًا، يبقى العمل الإنساني جسرًا للأمل، وأداةً لإعادة بناء الإنسان قبل المكان.
[1] United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Humanitarian Situation Update #300 | Gaza Strip. New York: United Nations, 2025. https://www.ochaopt.org/content/humanitarian-situation-update-300-gaza-strip.
[2] United Nations Relief and Works Agency. UNRWA Situation Report #181 on the Humanitarian Crisis in the Gaza Strip and the West Bank. Amman: UNRWA, 2025.
[3] WHO, “Health System in Gaza: Situation Report,” 2024.
[4] World Health Organization. People in Gaza Starving, Sick and Dying as Aid Blockade Continues. Geneva: WHO, 2025. https://www.who.int/news/item/12-05-2025-people-in-gaza-starving–sick-and-dying-as-aid-blockade-continues
[5] United Nations High Commissioner for Refugees. Global Trends: Forced Displacement in 2024. Geneva: UNHCR, 2024. https://www.unhcr.org/global-trends.
[6] International Committee of the Red Cross. Humanitarian Principles in Armed Conflict. Geneva: ICRC, 2020. https://www.icrc.org/en/document/humanitarian-principles.
[7] Active Learning Network for Accountability and Performance. Global Humanitarian Assistance Report 2024. London: ALNAP, 2024. https://alnap.org/help-library/resources/global-humanitarian-assistance-report-2024/.
[8] United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Occupied Palestinian Territory. New York: United Nations, 2025. https://www.unocha.org/occupied-palestinian-territory
[9] OCHA. “Global Humanitarian Overview 2024, Mid-Year Update.” 2024 https://www.unocha.org/publications/report/world/global-humanitarian-overview-2024-mid-year-update-snapshot-31-may-2024
[10] Development Initiatives. Global Humanitarian Assistance Report 2025. Bristol: DI, 2025. https://devinit.org/what-we-do/what-we-are-working-on/global-humanitarian-assistance/
[11] United Nations Relief and Works Agency. UNRWA Situation Report #181 on the Humanitarian Crisis in the Gaza Strip and the West Bank. Amman: UNRWA, 2025
[12] UNRWA, Situation Report #181.
[13] عودة الجدل حول «إغلاق» معبر رفح مع اشتداد «المجاعة» في غزة”، الشرق الأوسط، 21 يوليو 2025. عودة الجدل حول «إغلاق» معبر رفح مع اشتداد «المجاعة» في غزة
[14] UNRWA, Situation Report #181.
[15] Emirates Red Crescent, “Humanitarian Aid Report: Gaza 2024.
[16] أمل عبدالله الهدابي، “الدور الإنساني للإمارات.. قوة ناعمة عالمية”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ٩ يناير، ٢٠٢٥، https://2u.pw/SXKho
[17] Dubai Eye 103.8. “UAE’s ‘Operation Chivalrous Knight 3’ Marks 500 Days of Aid to Gaza.” Dubai Eye 103.8, July 29, 2025. https://www.dubaieye1038.com/news/local/uaes-operation-chivalrous-knight-3-marks-500-days-of-aid-to-gaza/
[18] Emirates Red Crescent, 2024.
[19] Ibid.
[20] World Health Organization. Joint Statement by UNDP, UNFPA, UNICEF, WFP and WHO on Humanitarian Supplies Crossing into Gaza. Geneva: WHO, 2023. https://www.who.int/news/item/21-10-2023-joint-statement-by-undp–unfpa–unicef–wfp-and-who-on-humanitarian-supplies-crossing-into-gaza
[21] وام، “الدعم الإماراتي للشعب الفلسطيني.. عام العطاء”، وكالة أنباء الإمارات، 29 يوليو 2025. https://2u.pw/L6rnB
[22] British Red Cross. How is Aid Getting into Gaza?. London: BRC, 2025. https://www.redcross.org.uk/stories/disasters-and-emergencies/world/how-is-aid-getting-into-gaza
[23] “الإمارات تواصل تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح ضمن عملية الفارس الشهم 3″، خليج تايمز، 29 يوليو 2025. https://www.khaleejtimes.com.
[24] المرجع نفسه.
[25] United Nations Relief and Works Agency. UNRWA Situation Report #181 on the Humanitarian Crisis in the Gaza Strip and the West Bank. Amman: UNRWA, 2025. https://www.unrwa.org/resources/reports/unrwa-situation-report-181-humanitarian-crisis-gaza-strip-and-west-bank.