تقوم هذه الدراسة على فرضية أساسية مفادها أن تواضع الوعي بأداء ومعالم المشروع الإسلامي الحركي عامة – ومنه المشروع الإسلامي الحركي في الساحة الفرنسية خاصة – يُعتبر أحد أهم أسباب التوتر الذي أصبح ملازماً لقراءة صناع القرار الفرنسي للحالة الإسلامية الفرنسية، إحالة على واقع الجالية المسلمة من جهة، وواقع المشروعات الإسلامية الحركية من جهة ثانية، وفي مقدمتها المشروع الإخواني.
صحيح أن هناك عوامل موازية ساهمت في تكريس هذا الوضع المتأزم الذي وصل إلى محطة 2 أكتوبر 2020 مع خطاب الرئيس الفرنسي الذي تحدث فيه عن “أزمة الإسلام في العالم” من جهة، وعن معضلة “الانفصالية الإسلاموية” من جهة ثانية. ونجد من هذه الأسباب ما يهم دائرة صناعة القرار الفرنسي أو صناعة القرار في دول المنطقة العربية، وخاصة دول المغرب العربي، أخذاً في الاعتبار أن غالبية مسلمي فرنسا، ينحدرون من الدول المغاربية، إلا أن المعضلة التي أسّسنا عليها فرضية الدراسة تبقى من وجهة نظرنا أهم الأسباب المغذية لواقع التأزم.
وتتفرع الدراسة، بناء على هذا، إلى ثلاثة محاور:
- المحور الأول يهدف إلى إلقاء الضوء على التحولات الإعلامية والبحثية التي ميزت قراءة واقع الجاليات أو الأقليات المسلمة في أوروبا؛
- المحور الثاني يرمي إلى قراءة وعي صناع القرار بأهمية إدارة المسألة الإسلامية، وأحدث المستجدات المرتبطة بهذه المعضلة؛
- المحور الثالث يسعى إلى إلقاء الضوء على مكامن الخلل في إدارة هذه المسألة والأسباب التي أوصلت الجميع إلى المآزق الإسلاموية التي أصبحت تعاني منها فرنسا خلال السنوات الأخيرة، وذلك بشهادة الخبراء الفرنسيين، من المشهود لهم بالرصانة والمرجعية في التناول ومن بينهم الباحث أوليفه روا[1].
من معضلة المهاجرين إلى معضلة الإسلاميين
يمكن النظر إلى اعتداءات “شارلي إيبدو” المؤرخة في 7 يناير 2015 باعتبارها محطة مفصلية لمعرفة التحولات التي شهدتها الجاليات العربية الإسلامية خلال العقود الأخيرة في الشق الخاص بالممارسة الدينية، وهي التحولات التي نواتها المشروع الإخواني.
ومعلوم، أنه منذ بضعة عقود، كان الاتجاه العام لعناوين المنابر الإعلامية في فرنسا، ذات الصلة بأوضاع الجاليات العربية والمسلمة، والتي ينحدر أغلبها من دول المغرب العربي وشمال إفريقيا، يدور في فلك العناوين التالية: “قضايا الجالية العربية”، “مشاكل المهاجرين”، “الحكومة الفرنسية ومعضلة إدماج المغاربيين”… إلخ، وعناوين من هذه النوعية، حيث كان التركيز ينصب بالدرجة الأولى على المحدد الاجتماعي، والاقتصادي، وبدرجة أقل المحدد السياسي والعرقي.
بينما كان المحدد الديني الصرف، غائباً كلياً، باستثناء ما كانت تعج به بعض الأعمال في المجال البحثي، لعل أشهرها ما كان يُحرره الباحث الفرنسي من أصل جزائري الصادق سلام، مؤلف مجموعة من الأعمال المرجعية التي اشتغلت على واقع الإسلام والمسلمين في فرنسا، ونذكر منها: “الإسلام والمسلمون في فرنسا: التمثلات والمخاوف والوقائع” (1987)[2]، و”فرنسا ومسلميها: قرن من السياسات الإسلامية” (2006)[3]، وأعمال أخرى.
والملاحظ هنا، كما هو الحال مع إصدارات أخرى، أن الإحالة على موضوع “الإسلام السياسي” أو الإخوان المسلمين أو الجماعات الإسلامية، كانت غائبة كلياً حينها، بخلاف ما سنعاينه لاحقاً. كما أن من تابع التناول الإعلامي والبحثي الفرنسي لاعتداءات نيويورك وواشنطن المؤرخة في 11 سبتمبر 2001، سيُلاحظ أن الحديث عن الإسلاموية الفرنسية حينها، كان نادراً، بقدر ما ألقى الضوء على قضايا الخطاب الديني الإسلامي عامةً، وأهمية الإصلاح الديني وتعديل المناهج الدراسية، وما جاور تلك القرارات أو التوصيات التي صدر أغلبها عن مراكز بحثية أمريكية، بينما لم يتم قط إلقاء الضوء على أداء المشروع الإسلامي الحركي في فرنسا حينها، وبالتالي لم ينتبه أحد إلى النتائج المتوقعة لهذا الأداء إلا لاحقاً، بعد عقد ونيف، وكانت أولى محطات تلك النتائج اعتداءات شارلي إيبدو سالفة الذكر.
صحيح أنه كانت هناك استثناءات خرجت عن واقع التجاهل البحثي، وحذرت من ضرورة قراءة المشاريع الإسلامية الحركية في فرنسا، وفي مقدمتها المشروع الإخواني، ونذكر هنا أعمال الباحث ألكسندر دير فال، على سبيل المثال لا الحصر، وخاصة كتابه “الشمولية الإسلاموية وغزو الديمقراطيات” (2002)[4]، والكاتب بالمناسبة، كان من أوائل الباحثين الفرنسيين الذين سلطوا الضوء على معالم المشروع التركي في أوروبا، من خلال كتابه الصادر عام 2004، تحت عنوان “تركيا في أوروبا” (2004)[5].
ويمكن أيضاً إضافة أعمال أهم باحث فرنسي متخصص في الظاهرة الإسلامية الحركية وهو جيل كيبل الذي يشتغل على الظاهرة منذ حوالي أربعة عقود، وخاصة في تجلياتها العربية والإسلامية، إلا أن أعماله حول إخوان فرنسا والإسلاميين في فرنسا، جاءت متأخرة زمنياً مقارنة مع أعماله حول الإسلاميين في المنطقة العربية.
ورغم هذا، بقيت هذه الوقفات البحثية نادرة واستثنائية، مقارنة مع السائد، دون الحديث عن وجود أسماء بحثية فرنسية، تدافع عن الإخوان وفي مقدمتها الباحث الفرنسي فرانسوا بورغا، الذي يُصنف في خانة “يسار الإخوان”[6]، وليس صدفة أن يكون بورغا، الباحث الأكثر مشاركة في الندوات التي تنظمها الحركات الإسلامية الإخوانية في المغرب وتونس[7]، إضافة إلى أن أغلب مؤلفاته[8]، يغيب عنها نقد الحركات الإسلامية، الإخوانية والجهادية، مقابل نقد وشيطنة الدول العربية والدول الغربية.
مرّت عقود على تلك الحقبة، لنشاهد تحولات صريحة في عناوين التناول الإعلامي الفرنسي في معرض قراءة أوضاع الأقلية المسلمة، لتُصبح العناوين كالتالي: “معضلة الإسلاموية”، “التطرف الإسلامي في الضواحي”، “الدولة العلمانية والإسلام السياسي”، أو “الانفصالية الإسلاموية”[9] بتعبير الرئيس الفرنسي.
ما يغيب عن أغلب المتتبعين الباحثين والإعلاميين الذين يتطرقون لواقع الحركات الإسلامية في فرنسا، وفي مقدمتها المشروع الإخواني، طرح السؤال التالي: ما الذي جرى في أداء الجالية العربية والمسلمة حتى أصبحت قضاياها المصيرية ترتبط اليوم، وخاصة خلال العقدين الأخيرين بقضايا الإسلام، والإسلام السياسي، والتطرف الإسلامي، والإخوان، والجهادية.. إلخ؟ بينما قضايا المسلمين هناك أعقد وأعمق من أن تنخرط مشاريع إسلامية حركية في الحديث باسم هذه التعددية الثقافية عند مسلمي فرنسا.
واضح أننا إزاء سؤال غائب في التناول البحثي والإعلامي بشكل عام، وغيابه يصب في خدمة المشروع الإسلامي الحركي هناك، وخاصة المشروع الإخواني، وليس صدفة أن الأقلام الإخوانية، سواء في فرنسا أو في أوروبا أو في المنطقة العربية، تطبق الصمت عن الخوض في السؤال، لأن تسليط الضوء عليه، لا يصب في صالح مشروعها الذي لم يخرج عن أدبيات “الجاهلية” و”التمكين” و”المظلومية” و”التقية”، تلك التي تميز هذا المشروع بالذات، مقارنة مع باقي المشاريع الدينية، بما في ذلك المشاريع السلفية والصوفية، لأن هذه الأخيرة، لا تمارس التقية، ولا تشتغل على هاجس التمكين وما جاور الخطاب الإخواني بشكل عام.
وواضح أيضاً أن السؤال نفسه، يقتضي تسليط الضوء على معضلة بنيوية في الساحة الفرنسية، ذات صلة بالتعامل مع الجالية المسلمة، وهي معضلة إدارة الشأن الإسلامي هناك، بما يُحيلنا على المحور الثاني من الدراسة.
الحالة الإسلامية وهاجس مأسسة “الإسلام الفرنسي”
معلوم أن مشروع تنظيم “الإسلام الفرنسي” يعود إلى عقدين على الأقل، ومن كثرة المبادرات المعتمدة من طرف الدولة الفرنسية، عبر بوابة وزارة الداخلية أو بوابة القصر الرئاسي، فإننا سنتوقف زمنياً عند المستجدات المرتبطة بالموضوع، انطلاقاً من منعطف اعتداءات شارلي إيبدو حتى أحدث هذه المبادرات، والإحالة على مشروع الخبير الفرنسي من أصل تونس حكيم القروي، وهو خبير اقتصادي مقرب من القصر الرئاسي.
كان على صناع القرار في فرنسا انتظار منعطف اعتداءات شارلي إيبدو، حتى يتم الشروع في التفكير الجدي والعملي من أجل تنظيم وتأطير المؤسسات الإسلامية في فرنسا، وذلك لعدة اعتبارات، منها أن تلك الاعتداءات كانت صادمة للرأي العام الفرنسي، ومن تبعات هذه الصدمة أنها جسدت محفزاً تاريخياً عند بعض المؤثرين في صناعة القرار من المرجعية اليمينية على الخصوص، لكي يتم الاشتغال على موضوع تأطير الإسلام في فرنسا.
ومن هنا نقرأ سياق إصدار العديد من الكتب والأبحاث والتقارير حول الإسلام في فرنسا، ومن ذلك الحركات الإسلامية، الإخوانية والسلفية و”الجهادية”، كما أنه منذ منعطف اعتداءات نيويورك وواشنطن، ومعه الاعتداءات التي طالت بعض الدول الأوروبية (وخاصة إسبانيا وبريطانيا)، كان المتتبعون في الساحة الفرنسية يفخرون بأن هذه الساحة تمثل استثناءً مقارنة مع الاعتداءات التي عصفت بمجموعة من دول القارة الأوروبية[10]، حيث “اكتشف الفرنسيون فجأة أن أخبار الاعتداءات والانتحاريين التي كانت حصراً على منطقة الشرق الأوسط، أصبحت تهم الجميع مباشرة بعد اعتداءات 13 نوفمبر2015 بباريس، “حينها أصبح كل فرد فرنسي هدفاً محتملاً، وحينها اكتشفنا جميعاً هشاشة الروابط الجماعية، تعدد الانحرافات الطائفية، جسامة الفوارق الاجتماعية، ومقابل ذلك، بزغ مصطلح واحد في هذا التخبط والاستفهامات المرتبطة بالمستقبل: الإسلام”[11].
موازاة مع هذه المقدمات، تميز الحقل الإسلامي الفرنسي خلال العقدين الأخيرين، وخاصة منذ منعطف اعتداءات نيويورك وواشنطن، بدخول فاعلين إسلاميين جدد، مع رعاية غير مُعلن عنها رسمياً، تبنتها مجموعة من الدول العربية، من خلال دعم وترويج المشروع الإخواني، وجاءت هذه الرعاية في إطار انخراط بعض دول المنطقة، في عدة مشاريع استثمارية طالت عدة قطاعات (من قبيل السياحة والثقافة والرياضة والعقار)، وبالنظر إلى حجم الاستثمارات الكبيرة التي هبت على فرنسا خلال هذه الفترة، فكان طبيعياً أن يتم غض الطرف عن الشق الديني في هذه الاستثمارات، إلى أن جاءت اعتداءات شارلي إيبدو لتدفع بعض الباحثين والإعلاميين لأن يطالبوا بضرورة إعادة النظر في موضوع “استيراد التديّن الإسلامي” من الخارج، ومن ذلك استيراد الأئمة والدعاة والأدبيات الإسلامية من خارج فرنسا.
مباشرة بعد فوز الرئيس إيمانويل ماكرون (ليبرالي المرجعية) بكرسي الرئاسة، في انتخابات 7 مايو2017، لم ينتظر كثيراً حتى يُعلن عن الانخراط النظري في مشروع “صناعة الإسلام الفرنسي”، بمرجعية ليبرالية غير مُعلنة، حيث أحال هذه المهمة، ذات المرجعية الليبرالية على خبير اقتصادي بالتحديد، وليس خبيراً في الدراسات الإسلامية، أو باحثاً في الفلسفة أو علم الاجتماع الديني وما شابه، ويتعلق الأمر بالباحث الاقتصادي حكيم القروي، فرنسي من أصل تونسي، والذي خرج للوجود البحثي في موضوع “الإسلام الفرنسي” من خلال تقريرين بارزين:
- الأول صدر في سبتمبر2016 بعنوان: “هل ثمة احتمال لصُنع إسلام فرنسي؟”[12] عن معهد “مونتاني” [Montaigne]، وهو مركز أبحاث ليبرالي في فرنسا.
- والثاني بعنوان: “صناعة الإسلاميين”[13]، صدر عن المعهد الفرنسي نفسه، وتضمن مقترحات للتصدي للظاهرة الإسلامية الحركية، من خلال هيكل يسهر على تنظيم وتمويل ممارسة الديانة الإسلامية في فرنسا ويقوم بمكافحة أكبر لخطاب الحركات الإسلامية على شبكات التواصل الاجتماعي. وقد توقف التقرير عند “مصانع إنتاج الأسلمة”، سواء تعلق الأمر بالتيار الإخواني[14] أو الإسلاميين الأتراك، إضافة إلى التشيع المرتبط بأحداث 1979 في إيران.
إذا استحضرنا السياق الزمني للتقريرين، سنقرأ دلالات مجموعة من الأحداث التي تندرج في سياق “صناعة الإسلام الفرنسي”، سواء كانت صادرة عن صناع القرار، ممثلين في شخص رئيس الدولة، أو عن بعض الداعمين للمشروع الإخواني في فرنسا الذي ارتفعت أسهمه خلال العقدين الأخيرين بمقتضى تراكم في أخطاء الدولة الفرنسية وبعض الدول المغاربية، وخاصة المغرب والجزائر.
ومن هذه أن الدول المغاربية، تركت فراغاً منذ عقدين تقريباً، على صعيد إدارة الشؤون الدينية لأفراد الجالية المسلمة، مما “شجع بعض التيارات الإسلامية الحركية، سنية وشيعية، على تعويض هذا التراجع في تدبير القطاع في أفق ما هو متاح، خصوصاً وأن بعض أجيالها المحدثة في أوروبا لم يكن يربطها بالدين الإسلامي سوى النزر اليسير من المعرفة الممزوجة بمقومات الحياة الأوروبية المعاصرة، وبالتالي نمت السلفية والحركات الإسلامية الإخوانية والتيار الشيعي في شقيه الرسالي والشيرازي، بين أوساط الشباب خصوصاً من تلك الجالية. وإلى حدود بديات 2016، كان التطرف قد بدأ ينمو وسط التنظيمات الشبابية المغربية في بلاد المهجر.
في هذا السياق، نتوقف عند ثلاثة أحداث دالة:
- يتعلق الحدث الأول بتصريح شهير صدر عن الرئيس إيمانويل ماكرون مفاده أن “تنظيم الإسلام بفرنسا سيكون هذه السنة [يقصد سنة 2018] أحد الملفات الأساسية، باعتباره أحد أهم وأقدم القضايا العالقة بفرنسا” بما يطرحه ذلك من تعقيدات، مرتبطة بهذه الديانة وكذلك لانتماء مسلمي فرنسا إلى أصول وبلدان مختلفة، وأحياناً متنافسة تضاف إليها “بلدان عربية وإسلامية تريد التأثير على الإسلام في هذا البلد من خلال التمويل بالأساس، إضافة إلى التعقيدات الجيو ــ استراتيجية المرتبطة بهذه الديانة وذلك جراء الحرب الأهلية بسوريا والوضع غير المستقر في العراق ولبنان والحرب في اليمن وتصاعد نفوذ طهران بالمنطقة من خلال التأثير في القرار سواء ببغداد ودمشق وبيروت”[15].
- يتعلق الحدث الثاني بالاستقبال الذي خصّ به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الباحثة الكندية والإمام الدنماركية شيرين خانكان[16]، يوم الاثنين 26 مارس 2018، وكان ممكناً لهذا اللقاء أن يمر بشكل عابر دون إثارة حساسيات المؤسسات الإسلامية في فرنسا، لو أن الأمر يتعلق بباحثة لا تثير قلاقل لدى فقهاء ودعاة الساحة الأوروبية، حيث اشتهرت خانكان بإشرافها على افتتاح أول مسجد نسائي خالص في أوروبا في كوبنهاجن عام 2017. كما أنها تهتم بتغيير مفهوم الإسلام عن طريق الترويج لإسلام حديث ومنفتح وتقدمي ومعتدل، ومن هنا نقرأ دلالات ما اقترحته خانكان في اللقاء ذاته، من قبيل “عقد مؤتمر كبير يضم الأئمة النساء من مختلف أنحاء العالم، والحاخامات النساء والقساوسة البروتستانت والكهنة الكاثوليك والمثقفين من جميع الأديان”[17].
- يتعلق الحدث الثالث بإطلاق باحث إخواني المرجعية مشروع “استشارة المسلمين” في فرنسا، والتي تمت أساساً خلال شهر رمضان 2018 عبر الإنترنت وفي المساجد، وتضمنت خلاصتها مجموعة من الاقتراحات بشأن تنظيم الديانة الإسلامية وتمثيل المسلمين في هذا البلد، ويتعلق الأمر بمبادرة أطلقها الرئيس السابق لتنسيقية مناهضة الإسلاموفوبيا[18] محمد مروان، أحد الأقلام البحثية المحسوبة على الباحث والداعية الإخواني طارق رمضان.
وقد قوبلت هذه الاستشارة ذات المرجعية الإخوانية بنقد صريح صادر عن حكيم القروي، حيث اعتبر أنها تصب في سحب البساط عن شرعية مؤسسة “المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية”، باعتبارها المُحاور الرسمي للمسلمين للسلطات الفرنسية، وهو ما لا يروق للمشروع الإسلامي الحركي في نسخته الإخوانية، بل شكك في “مصداقية إحصاءات هذه الاستشارة”، متهماً مروان محمد، ومن يؤيد مواقفه ــ من التيار الإخواني أو غيره ــ بأنه يحاول زرع الفرقة بين المسلمين في فرنسا والدولة الفرنسية.
يجب التذكير هنا بأن المسكوت عنه في انخراط العقل الإخواني الفرنسي، في موضوع “مناهضة الإسلاموفوبيا” أو “استشارة المسلمين” في فرنسا، مرده منافسة صناع القرار على تدبير الملف الإسلامي بشكل عام، وليس صدفة أن صدور الدراسة يعقب الإصدار الثاني لهاشم القروي والخاص بمكافحة التطرف الإسلامي، إلى غاية منعطف 2 أكتوبر 2020، حيث الإعلان الرسمي الصريح، والصادر عن أعلى سلطة سياسية في فرنسا، بخصوص وجود معضلة إسلامية حركية، عنوانها “الانفصالية الإسلاموية”، وقد وصل الأمر مع هذه الانفصالية إلى درجة اختراقها للمنظومة التعليمية الفرنسية، كما تفيد ذلك مجموعة إصدارات في الساحة[19].
عراقيل بنيوية أمام الانفصالية الإسلاموية
نأتي لبعض أعطاب مشروع المواجهة المفتوحة بين السلطة الفرنسية والمشاريع الإسلامية الحركية، بناء على مستجدات النصف الثاني من عام 2020 لأنه لا يمكن أن نتوقع أفول أو تراجع تلك الانفصالية التي نددت بها الرئاسة الفرنسية، بين ليلة وضحاها، خاصة أنها جاءت نتيجة تفاعل مجموعة عوامل ومُحددات طيلة عقود مضت، وبالتالي، علينا انتظار بضع سنوات على الأقل، حتى نشهد أولى نتائج المبادرات النظرية والعملية الكفيلة بالتصدي للمعضلة الانفصالية، كما تكرسها المشاريع الإسلامية الحركية في فرنسا، وفي مقدمتها المشروع الإخواني.
من يرغب في الاشتغال على معالم المشروع الإخواني في فرنسا، مطلوب منه استحضار أدبيات الجماعة وتطبيقاتها على أرض الواقع، لأن تواضع الوعي بها، يُغذي المشروع، ونتوقف هنا عند نموذج واحد من تطبيقات تلك الأدبيات، ويتعلق بهاجس “التقية”، من خلال أمثلة ميدانية، من أرض الواقع، لأن باقي الأدبيات تجد صعوبة أو استحالة التحقق في المنطقة العربية والإسلامية، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، هاجس التمكين، ومعلوم أن هذا الهاجس كان يهم بالدرجة الأولى الحالة العربية والإسلامية، قبل قدوم أحداث “الفوضى الخلاقة” أو “الربيع العربي” التي كشفت استحالته، ومن باب أولى أن يكون مستحيل التحقق في الحالة الأوروبية، لأننا نتحدث عن مجتمعات غربية، تضم جاليات أو أقليات مسلمة.
تعتبر التقية من أهم نقاط قوة المشروع الإخواني، كما هي سائدة في أداء التنظيم الدولي للإخوان، وكما هي سائدة في فروع هذا التنظيم في دول المنطقة، وهي منطقة عربية إسلامية، وإذا كان مفتاح التقية، تشتغل به قيادات وأتباع الإخوان المسلمين في دول عربية مسلمة أساساً، فمن باب أولى، أن تشتغل به في مجتمعات غربية حيث مؤشر الجهل بها مضاعف مقارنة مع نظيره في الساحة العربية والإسلامية.
في غضون عام 2017، قامت المؤسسة التي تجسد المشروع الإخواني في فرنسا، وهي “اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا”[20] بتغيير الاسم إلى “اتحاد مسلمي فرنسا”[21]، وبالنسبة للرأي العام الفرنسي غير المتتبع أو بالنسبة لأي فاعل تغيب عنه أي معرفة له بتاريخ المؤسسة ومشروعها وعلاقاتها مع الداخل والخارج، فإن الحديث عن “اتحاد مسلمي فرنسا”، يُحيل على جمعية مدنية تضم فعاليات مسلمة في فرنسا، على غرار عشرات من الجمعيات هناك، سواء كانت وازنة أو متواضعة، خاصة أننا نتحدث عن دولة تضم أكبر جالية مسلمة في أوروبا، حيث يتراوح عدد المسلمين هناك بين ستة وسبعة ملايين مسلم، والحال أن الأمر خلاف ذلك، لأنه يتعلق تحديداً بجمعية محسوبة على المشروع الإخواني، ولا يمكن فصل هذه المبادرة عن هاجس التقية في خطاب وأداء الجماعة، ولا يختلف الأمر هنا عن التقية التي تشتغل بها الأقلام البحثية والإخوانية في بعض دول المنطقة، من قبيل المغرب وتونس[22]، والتي تتحدث بين الفينة والأخرى عما يُسمى الفصل بين العمل الدعوي والعمل السياسي، بينما الأمر خلاف ذلك كما هو معلوم.
أداة التقية هذه، يُفسر اختراق المشروع الإخواني للعديد من الجمعيات في فرنسا، من باب خدمة المشروع الإخواني تحت شعار خدمة قضايا الجالية العربية والمسلمة، وهي الأداة نفسها التي نشاهدها في عدة دول عربية، بخلاف السائد في الدول الأوروبية، ومنها فرنسا، لأنه في الحالة العربية، هناك وعي متصاعد بحقيقة المشروع، وأهدافه، وآليات اشتغاله، بخلاف السائد مع الحالة الأوروبية.
وتأتي من هنا أهمية صدور كتاب منذ سنة ونيف في فرنسا تحت عنوان “التقية: كيف يُخطط الإخوان المسلمون لاختراق فرنسا”[23]، وهذه سابقة بحثية في أوروبا وليس في فرنسا وحسب، وكان من المستحيل الحديث هناك عن “التقية” منذ بضع عقود، لولا أن انتشار وتغلغل المشروع الإخواني، كان سبباً من الأسباب التي تفسر شروع الباحثين في كشف طبيعة هذا المشروع وباقي المشاريع الإسلاموية.
لم نكن نقرأ من قبل أي إصدارات أو أبحاث ولا حتى مقالات، تتطرق لموضوع التقية عند الأجيال الأولى من المهاجرين، بينما تطورت الأحوال هناك مع المسلمين في منعطف مجتمعي عنوانه قدوم الحركات الإسلامية، وفي مقدمتها الحركات الإخوانية، فكانت إحدى نتائج هذا المنعطف، أننا انتقلنا في مرحلة ما قبل اعتداءات “شارلي إيبدو” (2015) للحديث عن التقية في مقالات نادرة.
وبالكاد يظهر المفهوم في هذا الإصدار أو ذلك، إلى مرحلة ما بعد تلك الاعتداءات، تطلبت إصدار كتاب خاص حول مفهوم ومشروع التقية، وهذا أمر كان خارج دائرة التفكير، لأن المشروع الإخواني لم يكن قائماً أساساً، إلا أن حضوره واختراقه للمجال الإسلامي في الساحة، تسبب – ضمن محددات أخرى – في حتمية إلقاء الضوء على حقيقة وتفاصيل أي مشروع إخواني يُراهن على التقية من أجل خلخلة التديّن الإسلامي لدى الجاليات المسلمة.
وبسبب حضور هاجس التقية في مشروع إسلاميي فرنسا، نقرأ مجموعة من الإصدارات التي ما كنا نتوقع صدورها في مرحلة سابقة، لولا أن وعي بعض النخب البحثية بطبيعة هذا المشروع وغيره، يُفسر انخراطها في إصدار مجموعة كتب في هذا السياق، بصرف النظر عن مرجعياتهم، لأنها متعددة، بما فيها مرجعيات باحثين مسلمين.
كان بعض هؤلاء من الإخوان أنفسهم غير أنهم طلّقوا المشروع الإخواني وأخذوا مسافة بعيداً عنه، ونذكر من هذه الأعمال: كتاب “لماذا انفصلت عن الإخوان المسلمين؟” للباحث محمد لويزي[24]؛ كتاب ألفه باحثان، هما ألكسندر دير فال وإيمانويل رزافي، تحت عنوان “المشروع: استراتيجية الإخوان المسلمين في غزو واختراق فرنسا والعالم”[25]، ويتطرق لمعالم اشتغال المشروع الإخواني على اختراق القارة الأوروبية.
لقد أصاب جيل كيبل في أحد أعماله عندما نَبَّهَ إلى أنه “سواء تعلق الأمر بالسياسيين أو الأمنيين، وإدارة الدولة بشكل عام؛ فإنهم يملكون المعلومة، ويراقبون الكل، ومتابعون لأغلب الإسلاميين، ولكنهم يفتقدون مهارة التحليل والتفسير، وهذا خلل بنيوي يُعاني منه هؤلاء”[26]، يقف وراء هذا الكم من مؤلفات الكاتب، وغيره من الباحثين هناك في المجال الفرنسي.
كما استشهد كيبل أيضاً بخلاصات دراسة سابقة له، وجاءت تحت عنوان: “93”، والتي خَلُصت حينها إلى تراجع تأثير المؤسسات الدينية التابعة للدول المغاربية مقارنة مع تصاعد المد الإسلامي الحركي في الساحة الفرنسية، بما يتطلب إعادة النظر في وظيفة وأداء تلك المؤسسات، من طرف صناع القرار، وازداد الوضع استفحالاً بسبب أخطاء العمل السياسي الذي هجرت أحياء الهامش، ابتداء من هجرة الأحزاب اليسارية وخاصة الشيوعية.
وقد تركت هذه الهجرة الساحة فارغة استغلتها التيارات الإسلامية التي حذر منها كيبل في دراسته “93”، وتحديدا الفراغ المؤسّس لخطر “التقوقع الهوياتي”، وهو ما اصطلح عليه الرئيس الفرنسي بعد أربع سنوات من كتاب كيبل بـ”الانفصالية الإسلاموية”، وهو الخطاب الذي لم يسلم من حملات إعلامية دولية، قادتها المشاريع الإسلامية الحركية، وتطلبت صدور توضيحات عن الرئيس الفرنسي، من باب التذكير بأنه يقصد مواجهة الإسلاميين، وليس الإسلام، كما جاء في مقاله الصادر في إحدى المنابر البريطانية[27].
هذا غيض من فيض تغلغل الخطاب الإخواني الإسلاموي في الساحة الإسلامية الفرنسية، بكل القلاقل الثقافية والمجتمعية والسياسية المصاحبة لهذا التغلغل، منه المساهمة في تغذية خطاب الإسلاموفوبيا، ومنه تحريف التديّن الإسلامي الثقافي هناك، والذي كان وما زال في مُجمله تديناً وسطياً ومعتدلاً، وصوفياً أيضاً، لأنه تديّن شعبي مُسالم، قبل أن يتعرض للتشويه والتحريف خلال العقود الأخيرة.
وواضح أن تواضع وعي صناع القرار بمعالم هذا المشروع، يُعتبر سبباً مباشراً من الأسباب المغذية لأزمة الانفصالية سالفة الذكر، موازاة مع أسباب أخرى، تهم أداء الحكومات الفرنسية خلال العقود الأخيرة، في إدارة المسألة الإسلامية؛ وأداء مجموعة دول إقليمية، يتحمل بعضها مسؤولية مباشرة في تمويل المشروع الإخواني، بل إن هذا التمويل ما زال مستمراً حتى بعد اعتداءات شارلي إيبدو أقله ما يصدر عن تركيا، ضمن عوامل أخرى.
المراجع
[1] أنظر، على سبيل المثال لا الحصر، مقالة أوليفيه روا بعنوان: “كيف تحول الإرهاب الجهادي في فرنسا منذ اعتداءات 2015؟”، على الرابط:
Olivier Roy’s Analysis. How Jihadi Terrorism Has Changed in France Since the 2015 Attacks, 13 novembre 2020, in : https://www.ispionline.it/it/pubblicazione/how-jihadi-terrorism-has-changed-france-2015-attacks-28241
[2] أنظر:
Sadek Sellam, L’islam et les musulmans en France: perceptions, craintes et réalités, édition : Tougui, 1987, 485 pages.
[3] أنظر:
Sadek Sellam, La France et ses musulmans. Un siècle de politique musulmane (1895-2005), Fayard, Paris, 2006, 392 pages.
[4] أنظر:
Alexandre Del Valle, Le Totalitarisme islamiste à l’assaut des démocraties, Editions des Syrtes, Paris, septembre 2002, 480 pages.
[5] أنظر:
Alexandre Del Valle, La Turquie dans l’Europe, Editions des Syrtes, Paris, février 2004,352 pages.
[6] ومقابله بالفرنسية: Islamogauchisme، وفي هذا السياق يأتي ملف نشرته مجلة محسوبة على المرجعية اليمينية في الساحة الفرنسية، حول ظاهرة المفكرين الفرنسيين “الإسلاميين اليساريين”، لعل أبرزهم الإعلامي والكاتب إدوي بلينيل، ونشرته في عدد شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2018، بعنوان: “الإسلاميون اليساريون: قصة انحراف”. أنظر:
Dossier: L’islamo-gauchisme, histoire d’une dérive, Revue des deux mondes, Paris, octobre 2018.
[7] من بين هذه المساهمات، مشاركة فرانسوا بورغا في عام 2016، ضمن أشغال ندوة “الهوية والانتماء المزدوج”، التي نظمها منتدى يضم أتباع حزب “العدالة التنمية” الإسلامي المغربي [“لجنة المغاربة المقيمين بالخارج لحزب العدالة والتنمية”] بمؤسسة رسمية، تابعة لمؤسسات الدولة الوطنية، وهي مؤسسة “محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين”، بالعاصمة المغربية الرباط، مع مشاركة باحثين إسلاميين من المنتمين أو من المحسوبين على المشروع الإخواني، ويتعلق الأمر بالباحث خالد الصمدي (سيُصبح لاحقاً وزيراً في الحكومة المغربية، باسم حزب “العدالة والتنمية”)، الباحث سمير بودينار والباحث محمد مصباح، الذي كان مكلفاً بتنسيق تقرير الحالة الدينية في المغرب، والصادر عن مركز بحثي إخواني، هو “المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة”، التابع لحركة “التوحيد والإصلاح” الإخوانية.
[8] نذكر منها الأعمال التالية، والتي كما كان متوقعاً، حظيت بدعاية من طرف الأقلام البحثية والإعلامية الإسلامية الحركية، وفي مقدمتها الأقلام الإخوانية:
– François Burgat, L’islamisme au Maghreb : La voix du Sud, édition Payot, septembre 2008, 410 pages.
– François Burgat, L’islamisme à l’heure d’Al-Qaida, La Découverte, octobre 2010, 238 pages.
– François Burgat, Comprendre l’islam politique, édition: La Découverte, octobre 2016, 310 pages.
[9] نقصد عبارة Séparatisme islamiste، كما جاءت في خطاب الرئيس الفرنسي المؤرخ في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، و”الإسلاموية” هنا إحالة على الحركات الإسلامية بالتحديد.
[10] في مقدمة أحد مؤلفاته، اعتبر الباحث الفرنسي جيل كيبل، أحد أبرز المتخصصين الفرنسيين في الحركات الإسلامية، أن “فرنسا ولجت نفس العالم الذي تمر منه منطقة الشرق الأوسط في مرحلة سابقة، أي معاينة الرعب الإسلامي الحركي في عقر الدار، وليس عن بعد أو في الشاشات الفضائية وشبكة الإنترنت، كما كان الحال من قبل. بل إن مقولة “حِبر العالِم، خير من دم الشهيد”، كانت الجملة التي افتتح بها الكاتب عمله، نقلاً عن أثر نبوي، وهي جملة دالة في سياق الموضوع الشائك الذي يتطرق إليه جيل كيبل، أي تطرف شباب الجالية العربية والأقلية المسلمة في أوروبا، من خلال الحالة الفرنسية، بحكم أن فرنسا تضم أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، بعدد يُناهز ستة ملايين مسلم”. أنظر:
Gilles Kepel, La Fracture : Chroniques 2015-2016, Gallimard, Paris, 4 novembre 2016.
[11] أنظر:
Robert Bistolfi et Haoues Seniguer, Islam de France : défis collectifs, in : Confluences Méditerranée, N° 95, 4/2015, p 5.
[12] رابط لتحميل التقرير:
http://www.institutmontaigne.org/ressources/pdfs/publications/rapport-un-islam-francais-est_-possible.pdf
وهذا رابط يتضمن ملخصاً مركزاً لمضامين التقرير الأصلي الذي جاء في 617 صفحة:
https://www.institutmontaigne.org/ressources/pdfs/publications/Re%CC%81sume%CC%81%20e%CC%81xe%CC%81cutif%20La%20Fabrique%20de%20l’Islamisme.pdf
[13] ومقابله بالفرنسية: [La fabrique de l’islamisme]
[14] وجب التذكير بأن المشروع الإخواني في فرنسا حاضر عبر “اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا” [Union des organisations islamiques de France] (تأسس المشروع في غضون 1983)، وفي سياق محاولة لتكريس الاختراق الإخواني للمشهد الإسلامي في فرنسا، تمّ في غضون مايو 2017 تغيير اسم المنظمة إلى جمعية “المسلمين الفرنسيين” [Musulmans de France].
[15] يوسف لهلالي، مواجهة بين رئيس فرنسا ورئيس المجلس الفرنسي لديانة الإسلامية، موقع “أنفاس بريس” المغربي، 18 مارس/ آذار 2018، على الرابط:
https://www.anfaspress.com/index.php/news/voir/36646-2018-03-18-01-30-34
[16] صدر لشيرين خانكان كتاب “المرأة هي مستقبل الإسلام”، (ط 1، 2017)، وأكدت في مضامينه أنها تناهض الخطاب الإسلاموفوبي والخطاب الإسلامي الحركي، مقترحة مجموعة من الخيارات، من قبيل الرهان على القيم الروحية للإسلام، والرهان على خيار التأويل، وتجديد النظر في الآيات القرآنية، حتى إنها توقفت عند عدة ستة تطبيقية بالتحديد: من باب توضيح الصورة للقارئ والمتلقي، ونخصّ بالذكر، الأمثلة المرتبطة بملفات شهادة المرأة في مقابل شهادة الرجل، تعدد الزوجات، القوامة، الإرث، الزنا، زواج المسلمة بغير المسلم. أنظر:
Sherin Khankan ,Women are the Future of Islam, Publisher : Rider, 23 April 2020, 256 pages.
[17] أكدت شيرين خانكان حينها أن الرئيس الفرنسي أعرب عن اهتمامه بالفكرة وتعهد بمتابعتها. أنظر:
Axel Gyldén, Macron reçoit l’imame danoise SherinKhankan à L’Elysée, site L’express, publié le 26/03/2018, in:
https://www.lexpress.fr/actualite/societe/religion/macron-recoit-l-imame-danoise-sherin-khankan-a-l-elysee_1995409.html
[18] هناك تضليل يمارسه الإخوان في معرض الحديث عن مواجهة الإسلاموفوبيا [أي معادة الإسلام والمسلمين]، ومفاده أن الإسلاموفوبيا، ذات أسباب مركبة، منها ما هو خاص بالعقل الفرنسي، في تفرعاته السياسية والثقافية والدينية وغيرها، ومنها ما هو خاص بالعقل الإسلامي بشكل عام، بما في ذلك الحضور الإسلامي في فرنسا، سواء تعلق الأمر بالمسلمين أو الإسلاميين، ومعلوم أن أهم المشاكل المؤرقة التي أسالت مداد الإعلام التقليدي ونقرات الإعلام الرقمي في الساحة الأوروبية، والمرتبطة بالحضور الإسلامي ذات صلة على الخصوص بالقلاقل الصادرة عن المشروع الإسلامي الحركي بالتحديد، في شقيه الإخواني والجهادي، بينما تندرج مشاكل المسلمين هناك، ضمن قضايا الحق العام، على غرار مشاكل الأوروبيين، من قبيل قضايا الجرائم أو الجنايات أو الجُنح، بينما الأمر مختلف مع قلاقل الإسلاميين، لأنها مرتبطة بخطاب إسلامي حركي، أساء إلى المسلمين وغير المسلمين، وتسبب للمسلمين في مشاكل مجانية، محلياً وإقليمياً ودولياً.
[19] أنظر على سبيل المثال لا الحصر، كتاب جان بيير أوبين، تحت عنوان: “كيف سمحنا للإسلاميين باختراق المدرسة؟”.
Jean-Pierre Obin, Comment on a laissé l’islamisme pénétrer l’école, éditions : Hermann, collection Questions sensibles, septembre 2020, 163 pages.
[20] ومقابله بالفرنسية: L’Union des organisations islamiques de France
[21] ومقابله بالفرنسية: Musulmans de France
[22] ليس صدفة، أن سنة 2017، التي كانت السنة نفسها التي عرفت تغيير اسم المنظمة الإخوانية سالفة الذكر، هي السنة نفسها التي عرفت حديث الفرع المغربي والفرع التونسي للتنظيم الدولي للإخوان، عن ضرورة فصل الدعوة عن السياسة، ولو أن واقع الحال، يُفيد أنه لا يوجد أي فصل.
[23] أنظر:
Mohamed Sifaoui, Taqiyya ! : Comment les Frères musulmans veulent infiltrer la France, éditions : L’observatoire, septembre 2019, 416 pages.
[24] أنظر:
Mohamed Louizi, Pourquoi j’ai quitté les Frères musulmans: Retour éclairé vers un islam apolitique, éditions : Michalon Editeur, January, 2016, 310 pages.
[25] أنظر:
Alexandre Del Valle et Emmanuel Razavi , Le Projet: La stratégie de conquête et d’infiltration des frères musulmans en France et dans le monde, éditions: L’artilleur, novembre 2019, 560 pages.
[26] أنظر لمزيد من التفصيل كتابه:
Gilles Kepel, La Fracture : Chroniques 2015-2016, Gallimard, Paris, 4 novembre 2016, p 55.
[27] أنظر:
Letter: France is against “Islamist separatism” – never Islam, November 4, 2020, in : https://www.ft.com/content/8e459097-4b9a-4e04-a344-4262488e7754