Insight Image

المنافسة الانتخابية بين ترامب وبايدن تجسّد تناقضاً حاداً في مشهد الشرق الأوسط

02 نوفمبر 2020

المنافسة الانتخابية بين ترامب وبايدن تجسّد تناقضاً حاداً في مشهد الشرق الأوسط

02 نوفمبر 2020

خلال الأسابيع الأخيرة التي تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كان هناك لحظة مميزة في عملية السلام بين العرب وإسرائيل، وهذه اللحظة تلخص أو تجسّد فكرة أن دونالد ترامب شخص فريد من نوعه. لقد استضاف الصحفيين في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض ليعلن لهم إبرام الاتفاقية الناجحة بين إسرائيل والسودان، وبذلك وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موقف محرج.

في مكالمة هاتفية مسموعة على مكبر الصوت، سأل ترامب نتنياهو: “هل تعتقد أن جو النائم كان يمكن أن ينجز هذه الصفقة يا بيبي (نتنياهو)؟”. “بطريقة أو بأخرى، لا أعتقد ذلك”[1]. وهذا مفاجئ في البروتوكولات الدبلوماسية! حتى بالنسبة لترامب، الذي يستمتع بكسر قواعد السلوك المتبعة في البيت الأبيض، كان المشهد مفاجئاً أن نراه يحاول تحريض رئيس دولة أجنبي للمشاركة علنياً في انتقاد بايدن الذي قد يصبح بالفعل رئيساً بعد فوزه بأصوات الناخبين في 3 نوفمبر.

لقد نجح نتنياهو في تجنب الوقوع في الفخ المنصوب لإقحامه في دوامة السياسة الأمريكية الصاخبة. قال نتنياهو: “حسناً سيادة الرئيس، هناك شيء واحد أستطيع أن أقوله لك، وهو أننا نقدّر المساعدة لتحقيق السلام من أي شخص في أمريكا، ونقدر ما فعلته تقديراً عالياً”.

يوضح جواب نتنياهو الذكي الأهمية الكبيرة لصناعة السلام في الشرق الأوسط في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020. خلال السنوات الأربع الماضية، كان ترامب يغير توجيه المسار الأمريكي بصورة دراماتيكية، في ما يخص الصراع مع الفلسطينيين وكان دائما ينحاز لصالح إسرائيل. وقد مهّد الطريق لإقامة علاقات علنية مع أعضاء من مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وستحدد نتائج الانتخابات ما إذا كان ترامب هو الذي سيفوز وسيمتلك القوة المستمدة من فترة رئاسية ثانية في البيت الأبيض، لكي يدفع “صفقة القرن” إلى الأمام، ويلعب دور الوسيط لإبرام اتفاقية السلام الشامل في الشرق الأوسط، أم يفوز بايدن، الذي من المتوقع أن يغيّر المسار مرة ثانية، ويستعيد استراتيجيات مألوفة من فترة رئاسة أوباما.

ستوضح هذه الورقة بناء على مشاركتي في الندوة الافتراضية التي نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات[2] التي شاركت فيها حول الانتخابات الأمريكية 2020 بعض الفوارق الأساسية في السياسة تجاه الشرق الأوسط بين ترامب وبايدن. ومع أن التصويت سيجري في 3 نوفمبر، فربما يستغرق الأمر أياما وربما أسابيع لتحديد الفائز، لأنه من المتوقع أن يحدث تأخير في فرز وإحصاء الأصوات بسبب جائحة كوفيد-19؛ أو بسبب المعركة القانونية الشرسة التي ستنشب إذا كانت النتائج متقاربة[3].

انحياز ترامب لصالح إسرائيل 

إن المكالمة الهاتفية من المكتب البيضاوي كانت خدعة لنتنياهو لأنه يعرف مسبقاً أنه يدين لترامب بفضل كبير وفق المصطلحات السياسية. وليس هناك شك بأن الرئيس الأمريكي ترامب قد بذل الكثير خلال السنوات الأربع الماضية بحيث يستحق تقدير نتنياهو وشكره. ومن منطلق كونه ترامب، فقد أراد أن يسمع نتنياهو يعبر عن الشكر له. وبينما تحدث عن الصفقة السودانية الدراماتيكية والحساسة جداً، فإن السؤال الذي طرحه الرئيس ينطبق على المشهد الشرق أوسطي بأكمله.

لقد غير هذا الرئيس الأمريكي، بأوجه عديدة، الطريقة التي تتعامل بها السياسة الخارجية الأمريكية مع الصراع العربي-الإسرائيلي، وعملية صنع السلام، وأعطى نتنياهو كل شيء يريده تقريباً. واستبعد في الطرف المقابل بشكل كامل الفلسطينيين الذين يتمنون خسارته وفوز بايدن. فإذا ربح ترامب وأُعيد انتخابه، يُرجح أن يستمر انحيازه لصالح إسرائيل، ولكن ربما يجد طريقة لإدخال الفلسطينيين إلى المعادلة.

وكما شاهدنا في يونيو 2019 في المؤتمر الذي عُقد برعاية الولايات المتحدة في البحرين، كان المستثمرون ينتظرون بترقب، وعرضوا ضخ مبلغ 50 مليار دولار في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، إذا وافق الفلسطينيون على الانضمام لقافلة السلام[4].

من ناحية أخرى، يمكن لفترة رئاسة ثانية لترامب أن تقوّي الشعور باليأس الذي يمكن للمرء استشعاره بين الفلسطينيين اليوم. ويمكن أن تسرع إطلاق موجة عنف تؤدي إلى تدمير آمال إنهاء الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني؛ وليس هذا فحسب، بل يمكن أن تُجبر جميع الأحزاب الأخرى على العمل السري. فعندما يتعرض المسجد الأقصى في القدس – وهو يُعتبر ثالث الأماكن المقدسة في الإسلام – للتهديد، فإن أصداء الصراع تنتشر في العالم الإسلامي بأكمله، وهذا يجعل التعاون مع إسرائيل مسألة خطيرة. ولا يعتبر الفلسطينيون آمالهم بفوز بايدن سراً، وقد أصدروا تقريراً مؤخراً يوضح التفاصيل حول مدى شعورهم بالغبن والتحيز ضدهم في عهد ترامب.

يقول التقرير الفلسطيني: “من المؤسف أنه بعد سنوات من الجهود المبذولة لتحقيق السلام، فإن الإدارة الأمريكية الحالية، ومن خلال منهجها المتحيز وانحرافها عن معايير القانون الدولي، فهي تدعم السياسات التمييزية غير الشرعية وممارسات الاحتلال والقوة الاستعمارية. وقد أجهضت الولايات المتحدة من خلال هذه الأعمال جهوداً مستمرة لعشرات السنين تنشد تحقيق السلام العادل والدائم”[5].

الفلسطينيون مع بايدن

في جوهر الاتفاق بين إسرائيل ودولة الإمارات، الذي تم الإعلان عنه بواسطة ترامب أيضاً من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، في أغسطس 2020، هناك التزام من جانب إسرائيل بالتخلي عن مخططاتها لضم حوالي 30% من أراضي الضفة الغربية. ولكن حتى هذا البند القاضي بالتزام إسرائيل بالتخلي عن مخططاتها لضم أراضي الضفة الغربية لم يمنع المسؤولين الفلسطينيين من شجب المعاهدة مع إسرائيل، ووصفوها بأنها “طعنة في الظهر” بأيدي دولة خليجية. وفي المقابل، كتب يوسف العتيبة، السفير الإماراتي لدى واشنطن، عمود على الصفحة الأولى في الصحيفة الإسرائيلية “يديعوت أحرنوت” يقول فيه إن تأجيل ضم الأراضي الفلسطينية “ربما كان النتيجة الفورية والأكثر أهمية” لإعلان الاتفاق الإسرائيلي-الإماراتي.

ويتابع العتيبة قائلا: “إن هذا الاتفاق يفسح المجال لاستخدام ديناميات وطاقات جديدة لدعم عملية السلام. وهو يحافظ على بقاء ونجاح حل الدولتين، حسب الصيغة التي حظيت بمباركة جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي. ويعزز استقرار الأردن، ويعيد تأكيد أهميته في المبادرات المستقبلية. وانطلاقاً من هذه الروح، فإن الإمارات ستبقى داعماً ثابتاً للشعب الفلسطيني، للحفاظ على كرامته، وحقوقه، وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة.

وتابع العتيبة في العمود ذاته بالقول: “يجب أن يأخذ الفلسطينيون حصتهم من مكاسب التطبيع مع إسرائيل. وكما فعلنا طوال 50 عاماً، سنواصل بقوة السعي للوصول إلى هذه الأهداف. والآن، سنفعل ذلك مباشرة، وجهاً لوجه، وقد أصبحنا نمتلك حوافز أقوى، وخيارات سياسة وأدوات دبلوماسية أفضل”[6].

إن التحدي الذي يواجه نتنياهو هو أن بايدن قد يفوز بالانتخابات. وهذا ما أظهرته معظم استطلاعات الرأي قبل بدء الانتخابات، وبالتالي ينبغي على نتنياهو أن يضع في اعتباره احتمال خسارة ترامب، في أي شيء قاله أو يقوله يمكن أن يوسع فجوة السياسة بين إسرائيل والحزب الديمقراطي الأمريكي. فعندما قال نتنياهو لترامب “نحن نقدر المساعدة من أجل تحقيق السلام من أي شخص في أمريكا”، كان من الواضح أن نتنياهو يعطي اهتماما شديداً لاستطلاعات الرأي التي تشير إلى أن سياسة “استعراض ترامب” ربما تكون قد وصلت إلى نهايتها.

هناك مبدأ واحد حاولت إسرائيل ودول الخليج العربية ترسيخه وتعزيزه على مدى سنين طويلة وهو “الشراكة والتعاون مع الحزبين”، والفكرة الجوهرية هي أنه ينبغي عليك ألا تضع كل الخيارات في سلة واحدة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الولايات المتحدة. ينبغي عليك أن تحاول المحافظة على علاقات قوية مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وهذا المبدأ أو الافتراض يخضع للاختبار في الانتخابات الرئاسية 2020 بصورة لم تحدث من قبل.

إذا فاز بايدن، كيف سيتعامل العرب وإسرائيل مع الولايات المتحدة في عالم ما بعد ترامب؟ من التحديات المتوقعة: كيف سيتمكن المعنيون من متابعة العمل وفق اتفاق إبراهيم؛ وتوسيع المنظور لبناء علاقات تجارية مزدهرة بين إسرائيل والدول العربية، وخاصة إذا تعاونت في ذلك السعودية ودول الخليج الأخرى.

الانتخابات الأمريكية والتهديد الإيراني

في خلفية هذا النشاط الدبلوماسي بأكمله تقبع قضية إيران. كان التهديد المتمثل في المساعي الإيرانية لتطوير قنبلة نووية هو العامل الذي جمع إسرائيل والدول الخليجية معاً أكثر من أي أمر آخر. وبعد أن أعلن ترامب انسحاب أمريكا من خطة العمل المشترك الشامل (الاتفاق النووي الإيراني) التي تفاوضت بشأنها إدارة أوباما مع إيران عام 2015 – إلى جانب الصين، وفرنسا، وروسيا، والمملكة المتحدة البريطانية، وألمانيا (5+1) – أبدى بايدن بوضوح رغبته في العودة إلى الاتفاق.

ومن تصريحات بايدن: “… سأقدم لطهران مساراً موثوقاً للعودة إلى الدبلوماسية. وإذا رجعت إيران إلى الالتزام ببنود الاتفاق النووي، فإن الولايات المتحدة ستعود إلى الاتفاق كنقطة بداية لمتابعة المفاوضات اللاحقة. وبالتعاون مع حلفائنا، سنعمل لتقوية وتوسيع بنود الاتفاق النووي، وفي الوقت نفسه سنعالج أيضاً القضايا الأخرى المثيرة للهواجس… كما سأتخذ خطوات للتأكد من أن العقوبات الأمريكية لا تعيق جهود إيران في محاربة جائحة كوفيد-19. وسألغي، في يوم ما، حظر السفر المخزي الذي فرضه ترامب، والذي يستهدف عدة دول ذات أغلبية مسلمة من بين دول أخرى”.[7]

في حين أن نتنياهو قد يكون مديناً لـ ترامب في الجانب السياسي، فمن الواضح أيضاً أن الرئيس كان لديه أسباب سياسية محلية دفعته لأن يمطر إسرائيل بالعواطف. صوّرت حملة ترامب اتفاق إبراهيم على أنه واحد من بصمات إدارة ترامب في إنجازات السياسة الخارجية، وحتى معارضي ترامب يمنحونه الفضل في كسر الجليد وتمكين إسرائيل من التعامل مع دول الخليج علانية بعد سنوات من العلاقات السرية.

وعلى الأقل في هذه المرحلة، نشاهد علاقات سياسية وتجارية واسعة وعلاقات “شعب مع شعب”، بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة؛ مقارنة مع علاقات فاترة “حكومة مع حكومة” كانت على الدوام هي السمة الغالبة على المعاهدات بين إسرائيل ومصر والأردن. وخلال الإطراء على الاتفاقيات في يوم توقيعها (مع الإمارات والبحرين) في البيت الأبيض، قال ترامب إنه واثق من أن الفلسطينيين سينضمون إلى القافلة في نهاية المطاف إذا كسب فترة ثانية في البيت الأبيض.

في تصريح لترامب قال: “هذا سلام الشرق الأوسط.. سلام دون إراقة قطرة دم.. أقول هذا اليوم بعد عقود وعقود وعقود من سفك الدماء.. تحاربوا فيها وتقاتلوا وأزهقوا الأرواح.. هذه كانت لغتهم.. هذا كل ما كانوا يعرفون.. ولا أحد يكسب أي شيء.. ما نصنعه اليوم هو بالفعل سلام راسخ.. سلام قوي حقاً ومستدام.. سلام بطريقة مختلفة.. سلكنا فيه طريق الباب الخلفي.. وأستطيع أن أقول إن هذا الطريق هو المسلك الذكي.. سلكناه.. والتقينا الناس.. وسينخرط فيه الفلسطينيون حتماً.. أنا لا أقول هذا تبجحًا، بل أقول هذا لأخبركم أن الفلسطينيين سينخرطون فيه في الوقت المناسب.. في الوقت المناسب”[8].

السياسة تجاه الشرق الأوسط لا تغير رأي الناخبين

تكمن مشكلة ترامب في كون الاتفاقات العربية – الإسرائيلية، على ما يبدو، لا تجعل الكثيرين من الأمريكيين يغيرون آراءهم بشأن ترامب. وبشكل عام، لا تلعب السياسة الخارجية دوراً مهماً في توجيه عملية تصويت الأمريكيين. هناك قضايا مثل “كوفيد-19″، والبطالة، والانقسامات العرقية بين السود والبيض، تأخذ وزناً أكبر بكثير مما يحدث في الشرق الأوسط، أو في روسيا والصين. ويحظى ترامب بشعبية بين اليهود الأرثوذوكس، والمسيحيين الإنجيليين، ولكن هذه التفضيلات محسوبة مسبقاً ضمن الحسابات والاعتبارات السياسية الأمريكية.

أظهرت استطلاعات الرأي أن ما بين 70% إلى 75% من اليهود الأمريكيين يصوتون لصالح المرشحين الديموقراطيين[9]. وهذا يتعارض مع المشاعر والميول السائدة داخل إسرائيل، حيث يقول 63% من الإسرائيليين إنهم يأملون أن يُعاد انتخاب ترامب[10]. ومن المهم أن ندرك أن الناخبين المسلمين في أمريكا يفضلون المرشحين الديموقراطيين أيضاً. وحسب استطلاع إستطلاع للرأي فإن 71% من المشاركين قالوا إنهم سيصوتون لصالح بايدن، بينما كانت نسبة المسلمين الذين قالوا إنهم سيصوتون لترامب 18% فقط[11].

ويشكل اليهود 2% من عدد سكان الولايات المتحدة البالغ 330 مليوناً. بينما لا يشكل عدد المسلمين سوى أكثر بقليل من 1%. أما الكتلة الانتخابية الأكبر المؤيدة لإسرائيل فهي من المسيحيين الإنجيليين الذين يشكلون 20% من الأمريكيين[12]. وضمن هذه الفئة (الإنجيليين) هناك 85% منهم تقريباً سيصوتون لصالح ترامب[13].

توقيع وعبارة على صورة لـ بايدن

ما هو وجه المقارنة بين بايدن وترامب فيما يخص شؤون الشرق الأوسط؟ هناك مسألة تشير إلى أيام صعبة قادمة إذا استمر نتنياهو في منصبه رئيسًا للوزراء. السياسيون يحبون عرض صور تحمل تواقيع وعبارات للذكرى لجميع الرؤساء الأجانب الذين التقوا بهم. ويقول بايدن إنه تلقى طلباً من نتنياهو ذات مرة لأخذ صورة للذكرى. فأرسل صورة إلى نتنياهو تحمل العبارة التالية: “بيبي (نتنياهو)، أنا لا أوافق على الشيء اللعين الذي تقوله، ولكنني أحبك”[14].

ماذا تقول لنا هذه العبارة عن شخصية بايدن؟ يريد الأخير، في جانب منها، أن يُظهر – بعد 47 سنة في الكونغرس – أنه يعرف كل شخص على حقيقته. أما بالنسبة لإسرائيل، فهو يكشف كيف كانت له لقاءات مع كل واحد من رؤساء وزراء إسرائيل وجهاً لوجه، بدءاً من غولدا مائير وانتهاء بنتنياهو. فقد قابل بايدن غولدا مائير في زيارة لإسرائيل قبل أيام قليلة من نشوب حرب 1973؛ السنة نفسها التي شغل فيها منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي.

كما أصبح لـ بايدن، بمرور السنين، رصيدا كبيرا من اللقاءات والتفاعلات مع نتنياهو. فهل يحب بايدن فعلا رئيس وزراء إسرائيل الذي كان على الدوام مثيراً للجدل؟ لا أعرف الجواب. بايدن شخص لطيف جداً. ولكن نظراً لكونه يقول إنه لا يوافق على أي شيء، فإن ذلك بالتأكيد يعطي مؤشراً بأننا سنشهد فترة جديدة من المواجهات. تظهر مؤشراتها بوضوح من خلال ثمانية أعوام لم يكن فيها الرئيس أوباما ونتنياهو يحب أحدهما الآخر.

التساؤل بشأن السعودية

في ما يخص علاقات إسرائيل مع دول الخليج العربية، رحّب بايدن باتفاق إبراهيم، وربما سيحاول توسيع رقعة الاتفاق إذا أصبح رئيساً. والسؤال الذي يفرض نفسه، كيف سيتصرف بايدن في المرحلة المقبلة، لكي يُشرك السعودية. بصورة مختلفة عن سلوك ترامب، من المتوقع أن يقوم بايدن بطرح مسألة حقوق الإنسان مع السعوديين، ويشدد انتقادات الولايات المتحدة بشأن مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

وقد تم التحايل على هذه المسألة بدهاء من قبل نتنياهو، وربما منحته هذه الحيلة بعض النقاط في الديوان الملكي السعودي؛ ففي حديثه عن مقتل خاشقجي على أيدي نشطاء سعوديين في تركيا قبل عامين، قال نتنياهو: “إن ما حدث في القنصلية السعودية في اسطنبول عمل مروّع، ويجب التعامل معه حسب الأصول. كما أنه من المهم والضروري، في الوقت نفسه، من أجل حماية استقرار المنطقة ولمصلحة العالم، أن تظل المملكة العربية السعودية مستقرة”[15].

إن هذا التصريح يعبّر إلى حد كبير عن نظرة ترامب إلى منطقة الخليج أيضاً، والتي كان يشدد فيها على نقطة مهمة مفادها أن العلاقات الأمريكية – السعودية تقوم في المقام الأول على علاقات تجارية، وتأكيده أنه ليس شخصا مؤهلا للبت في سلوك الدول الأخرى بشأن حقوق الإنسان. دعونا نتذكر هنا أن الرحلة الخارجية الأولى للرئيس ترامب بعد تتويجه في المنصب في يناير 2017، كانت إلى السعودية.

كما استقبل ترامب، في وقت لاحق، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض، وكان اللقاء يحمل لافتة تقول إن السعودية ستنفق 12,5 مليار دولار لشراء أسلحة ومعدات أمنية أمريكية. واستبعد ترامب مسألة معاقبة السعودية بشأن مقتل خاشقجي، وقال إن معاقبة السعودية تنطوي على مخاطرة وخسارة مبيعات عسكرية بقيمة 110 مليارات دولار لشركات بوينغ، ولوكهيد مارتن، ورايثون، وشركات أخرى للصناعات العسكرية. كما سيترتب عليها خسائر في استثمارات أخرى بقيمة 340 مليار دولار[16].

من موقعه كمرشح للرئاسة، قال بايدن إن سياسة الولايات المتحدة تجاه السعودية ستتغير بشكل كبير إذا أصبح هو رئيساً. وقال في هذا الصدد: “في ظل إدارة بايدن-هاريس، سنعيد تقييم علاقتنا مع السعودية. سأدافع عن حقوق النشطاء، والمعارضين السياسيين، والصحفيين في كل أنحاء العالم لأن يعبروا عن آرائهم بحريّة، من دون خوف التعرض للاضطهاد والعنف”[17]. إذا أردنا تقييم توجهات بايدن من خلال تصريحاته في الحملة الانتخابية؛ فمن المنطقي أن نتوقع بكل وضوح أنه سيكون هناك لحظات صعبة في العلاقة مع السعودية إذا أصبح بايدن رئيساً.

العمل مع الفلسطينيين 

هناك ساحة أخرى قام فيها ترامب بتغيير سياسة الولايات المتحدة بصورة دراماتيكية، وهي ساحة التعامل مع الفلسطينيين. ومن بين الأعمال التي قام بها ترامب كان الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها من تل أبيب التي كانت مقراً للبعثات الدبلوماسية لمعظم الدول في إسرائيل. وكان السبب في استبعاد القدس سابقاً أن إسرائيل احتلت الجزء الشرقي من مدينة القدس في حرب عام 1967، والأمم المتحدة ما تزال تعتبرها أرضاً محتلة.

وفي عام 1995، أقرّ الكونغرس الأمريكي قانون نقل السفارة إلى القدس، ولكن كان يتم تأجيل تنفيذ هذه الخطوة في كل عام منذ ذلك التاريخ؛ لأن الرؤساء الأمريكيين كانوا يعتقدون أن نقل السفارة سيشعل رداً عنيفاً من جانب الفلسطينيين. على أية حال، تم تنفيذ النقل عندما وصل ترامب إلى البيت الأبيض. وفي نهاية المطاف، فقد أثار نقل السفارة الكثير من الاحتجاجات الدبلوماسية الدولية، والاضطرابات وأعمال الشغب في قطاع غزة، ولكنه لم يشعل موجات العنف الشديد المتوقعة.

يقول بايدن إنه لن يلغي قرار نقل السفارة، مع أنه يمكن أن يتخذ خطوات لسد ثغرات أشياء أخرى مع الفلسطينيين. ويمكن أن تشمل هذه الخطوات استعادة بعض أموال المساعدات الأجنبية التي قطعها ترامب، والسماح للفلسطينيين بإعادة فتح مكتب التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني في واشنطن، الذي أمر ترامب بإغلاقه.

وهناك خطوة أخرى تحمل توقيع ترامب وهي الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة. وهذه خطوة إضافية حذّر الكثيرون من عواقبها وقالوا بأنها ستؤدي إلى نشوب العنف، ولكن هذا التوقع لم يحدث أيضاً. وما دامت سوريا دولة منبوذة وتحتفظ بعلاقات وثيقة مع إيران، فعلى الأرجح لن تقوم إدارة بايدن بإثارة هذه القضية وإلغاء الاعتراف الذي أعلنه ترامب.

مغازلة الإنجيليين

ليس هناك مبالغة في القول إن أعمال ترامب لصالح إسرائيل تهدف إلى تعزيز مكانته بين المؤمنين المسيحيين أكثر من حرصه على إرضاء اليهود. وعبّر الرئيس ترامب عن ذلك صراحة أثناء التوقف في الحملة الانتخابية الصيفية، في أوشكوش، وسكنسن؛ حيث قال: “لقد نقلنا عاصمة إسرائيل إلى القدس. وهذا لكسب رضا الإنجيليين. وأنتم تعلمون أن هذه الخطوة مذهلة. والإنجيليون مسرورون بذلك أكثر من اليهود. إنه أمر لا يُصدّق. ولكننا فعلناها. فعلنا ما طال انتظاره. ومرتفعات الجولان، لا تنسوا مرتفعات الجولان”[18].

وافق نتنياهو على فكرة أن مجاملة الإنجيليين هي استراتيجية أكثر فاعلية بكثير من محاولة التودد للطيف الواسع من اليهود في أمريكا الذين ينتمون بثبات إلى معسكر الديموقراطيين. ويظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل منتظم إما شخصياً أو عبر رسائل الفيديو في المؤتمر السنوي الذي يحمل شعار مسيحيون متحدون لصالح إسرائيل. وهذا المؤتمر يحشد دعم المسيحيين الإنجيليين لمساندة الدولة اليهودية. وتحدث نتنياهو في فعالية للإنجيليين عقدت في واشنطن عام 2017، وقال إن إسرائيل تدين بالامتنان لأعضاء هذا المؤتمر (المسيحيين).  كما قال في ذلك المؤتمر: “وأنتم، يامن تدعمون إسرائيل … الملايين الكثيرة منكم في الولايات المتحدة وأماكن أخرى. الأصدقاء المسيحيون لإسرائيل، أنتم موجودون دائماً لدعمنا. وليس لدينا أصدقاء أفضل منكم على وجه الأرض”[19].

إن التواصل مع الإنجيليين كان تحولاً راديكالياً بالنسبة لإسرائيل حيث كانت على مر التاريخ تتعامل مع المسيحيين الأصوليين بحذر وارتياب، وقد أصدرت قرارات وقوانين تحظر أنشطة البعثات التبشيرية المسيحية. ولكن الحكومة الإسرائيلية الحالية تتصرف بعزيمة متحمسة لترويج منظمة أصدقاء صهيون، التي بنت متحفاً ومركزاً للتراث بقيمة 20 مليون دولار في وسط مدينة القدس، لتسجيل وتجسيد تاريخ الدعم المسيحي لإسرائيل. وقبل زيارة الرئيس ترامب لإسرائيل عام 2018، اشترت هذه المنظمة (أصدقاء صهيون) مساحة إعلانية على 42 لوحة إعلان موزعة في مختلف أنحاء المدينة لعرض رسالة تقول: “ترامب يصنع إسرائيل العظيمة”[20].

ماذا سيفعل بايدن؟

مع الأخذ في الاعتبار التحالف الجديد بين دول الخليج وإسرائيل، كيف ستبدو عملية السلام المرمَّمة في الشرق الأوسط في عهد رئاسة بايدن؟ كان ابتكار ترامب يتركز بالدرجة الأولى على إخراج الفلسطينيين من المعادلة، والعمل لكي يصبح مقترح السلام نابضاً وسريع الانتشار، ومكرّساً بانحياز لصالح إسرائيل، وبالتالي يصبح من المستحيل أن يقبله القائد الفلسطيني محمود عباس. وعندما تم الكشف عن صيغة مقترح ترامب لعقد اتفاق (مع الفلسطينيين) في يناير الماضي، وتم رفض المقترح من قبل الفلسطينيين، فإن تلك العملية مهدت الطريق لتقديم صفقة حقيقية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ومع السعودية، ودول خليجية أخرى. وقد تُوجت تلك الجهود بتوقيع اتفاق إبراهيم.

من بين مكونات صفقة السلام الشامل التي طرحها ترامب أن الفلسطينيين سيحصلون على دولتهم، ولكن إسرائيل ستضم حوالي 30% من أراضي الضفة الغربية، حيث يتم بناء معظم المستوطنات اليهودية. إذا فاز بايدن فإن مسألة ضم الأراضي ستشكل تحدياً لنتنياهو، لأنه سيصعب عليه التراجع عن العرض الذي قدمه للمستوطنين والذي يعتبره المستوطنون الإسرائيليون مضموناً في جيبوهم. ومن المؤكد، على ما يبدو، أن الأمر يسير في مسار آخر نحو الجمود، بصورة مشابهة لما حصل في الجولة الأخيرة من محادثات السلام التي جرت تحت رعاية وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والتي انهارت عام 2014.

وقد أحزن فشل محادثات السلام هذه مارتن إنديك (رئيس فريق كيري في محادثات السلام) إلى درجة أنه صرّح أن جهود السلام في الشرق الأوسط “ميؤوس منها”. واعترف بحزنه الشديد لأنه كرّس معظم سنوات سيرته المهنية لجهود السلام تلك. وكتب مارتن إنديك في صحيفة وول ستريت جورنال (يناير 2020): “لقد حان الوقت لإنهاء المهزلة المتمثلة بوضع خطط أمريكية للسلام، والنتيجة دائماً أنه يتم رفضها من قبل أحد الطرفين أو كليهما”[21].

إذا وصل بايدن إلى البيت الأبيض، فإن الآفاق تبدو ضيقة أمامه لكي يدفع إسرائيل في الاتجاه المعاكس، بعد أن تم إعطاء نتنياهو مكانة بارزة في البيت الأبيض في حفل توقيع اتفاق إبراهيم في 15 سبتمبر 2020، حيث صرح نتنياهو أن المعادلة القديمة لمقايضة “الأرض مقابل السلام” ماتت ودُفنت. ومن الناحية الأخرى، هناك بعض المتغيرات الجديدة التي يمكن أن تساعد بايدن في التعامل مع شؤون الشرق الأوسط، إذا فاز بالانتخابات. ومن بين هذه المتغيرات احتمال صعود قيادة جديدة للفلسطينيين.

محمود عباس يبلغ من العمر 83 عاماً، ومن المتوقع أن يتم استبداله خلال السنوات الأربع القادمة. ومن المرشحين المحتملين لخلافته هناك قادة فلسطينيون أصغر سناً، يمكن أن يُبدوا مرونة أكثر مما أبدى عباس في المفاوضات مع إسرائيل. وهناك متغير آخر وهو احتمال أن تقوم دول الخليج العربية ببذل جهود فعالة لترويج حل النزاع مع إسرائيل. وربما يكون ذلك من خلال الدعم المالي أو المشاركة الفعلية في عملية التفاوض، والمشاركة المباشرة لدول الخليج في محادثات السلام يمكن أن تكون تطوراً يغير قواعد اللعبة.

بعد قضاء ترامب فترة أربع سنوات في البيت الأبيض، فإن أهمية الشرق الأوسط في انتخابات 2020 أصبحت عالية. والفوارق بين ترامب وبايدن كما الفرق بين الليل والنهار. ومهما كانت نتائج الانتخابات، فإنها ستؤثر بشكل عميق على الصراعات الضاغطة والأكثر خطورة في المنطقة والتي تشمل إيران، والسعودية، والفلسطينيين. يمكن لترامب أن يصف منافسه بعبارة “جو النائم”، وربما يكون لدى بايدن عاطفة عميقة تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي. ولكن في ما يخص السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، فإذا فاز بايدن بالانتخابات الرئاسية 2020، يتوجب علينا أن نركز الانتباه على الكلمات التي كتبها على صورته مع نتنياهو: “أنا لا أوافق على الشيء اللعين الذي تقوله”.

المراجع

[1] White House, Remarks by President Trump and Prime Minister Benjamin Netanyahu, October 23, 2020, https://www.whitehouse.gov/briefings-statements/remarks-president-trump-announcing-normalization-relations-sudan-israel/

[2] ندوة نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بعنوان: “الانتخابات الرئاسية الأمريكية: سياسات الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط” على الرابط التالي:  https://trendsresearch.org/trends-news/trump-has-changed-the-way-us-does-business-in-the-middle-east-says-expert-during-trends-symposium/

[3] Anita Kumar, “Trump, Biden Teams Prep for Once-Outlandish Scenarios,” Politico, 30 Oct. 2020, https://www.politico.com/news/2020/10/30/trump-biden-election-scenarios-433663

[4] White House, “Peace to Prosperity: A Vision to Improve the Lives of the Palestinian and Israeli People,”  https://www.whitehouse.gov/peacetoprosperity/

[5]  Palestine Liberation Organization. “US Foreign Policy and Palestine.” October 2020. https://www.nad.ps/sites/default/files/102020.pdf

[6]  Yousef Al Otaiba, “Shalom, Salaam and Welcome.” Ynet/Yedioth Aharonoth. August 21, 2020, https://www.ynetnews.com/article/r1ccsaiGP

[7]  Joe Biden, “There’s a smarter way to be tough on Iran,” CNN Opinion, 13 Sept. 2020  https://edition.cnn.com/2020/09/13/opinions/smarter-way-to-be-tough-on-iran-joe-biden/index.html

[8]  Donald J. Trump, White House transcript of Oval Office meeting with Netanyahu, September 15, 2020, https://www.whitehouse.gov/briefings-statements/remarks-president-trump-prime-minister-netanyahu-state-israel-bilateral-meeting-091520/

[9] Ron Kampeas, Jewish Telegraphic Agency, “Poll Among Jews Shows Biden Widening Gap,” October 19, 2020, https://www.timesofisrael.com/poll-among-us-jews-shows-biden-widening-gap-over-trump-to-75-22/

[10]  Cody Levine, Jerusalem Post, “Majority of Israelis Prefer Trump Over Biden,” October 14, 2020, https://www.jpost.com/israel-news/majority-of-israelis-prefer-donald-trump-over-joe-biden-poll-645493

[11]  Council on American-Islamic Relations, Poll on Muslim voting patterns, PRNewswire, October 5, 2020, https://www.prnewswire.com/news-releases/cair-survey-indicates-high-turnout-of-muslim-voters-71-percent-support-for-joe-biden-301145912.html

[12]  Aleksandra Sandstrom, Pew Research Center, Study of American’s Religious Affiliations, November 14, 2016, https://www.pewresearch.org/fact-tank/2016/11/14/if-the-u-s-had-100-people-charting-americans-religious-affiliations/

[13]  Elizabeth Dias, “Most Conservative Christians Support Trump,” The New York Times, October 30, 2020, https://www.nytimes.com/2020/10/30/us/trump-evangelical-vote.html

[14]  Transcript of meeting between Prime Minister Netanyahu and Vice President Biden, March 9, 2016, https://mfa.gov.il/MFA/PressRoom/2016/Pages/PM-Netanyahu-meet-with-US-Vice-President-Joe-Biden-9-Mar-2016.aspx

[15]  Times of Israel, “Netanyahu: Khashoggi killing horrendous but Saudi stability paramount,” November 2, 2018, https://www.timesofisrael.com/netanyahu-khashoggi-killing-horrendous-but-saudi-stablity-paramount/

[16]  White House, “Statement from President Trump on Standing with Saudi Arabia, November 20, 2018, https://www.whitehouse.gov/briefings-statements/statement-president-donald-j-trump-standing-saudi-arabia/

[17]  Biden for President, Statement on anniversary of Jamal Khashoggi’s murder, October 2, 2020, https://joebiden.com/2020/10/02/anniversary-of-jamal-khashoggis-murder-statement-by-vice-president-joe-biden/#

[18]  Tovah Lazaroff, “Trump Set Embassy in Jerusalem for Evangelicals,” Jerusalem Post, August 18, 2020. https://www.jpost.com/american-politics/trump-we-moved-the-capital-of-israel-to-jerusalem-for-the-evangelicals-639034

[19]  Christians United for Israel, “Netanyahu Says Israeli Has No Better Friends Than Christian Zionists,” https://www.cufi.org/netanyahu-says-israel-has-no-better-friends-than-us-christian-zionists/

[20]  Judy Maltz, “Who’s Behind the Pro-Trump Billboards,” Haaretz, May 22, 2017, https://www.haaretz.com/israel-news/.premium-who-s-behind-the-pro-trump-billboards-around-jerusalem-1.5474959

[21]  Martin Indyk, The Middle East Isn’t Worth It Anymore, Wall Street Journal, January 17, 2020, https://www.wsj.com/articles/the-middle-east-isnt-worth-it-anymore-11579277317

المواضيع ذات الصلة