شهد الأول من يونيو 2025 هجومًا أوكرانيًّا منسقًا بالطائرات المسيّرة، استهدف قواعد الطيران الاستراتيجي الروسي؛ ما يمثل نقطة تحول في طبيعة الحرب الهجينة، ويثير تساؤلات جوهرية حول فعالية الردع الروسي وتوازن القوى الإقليمي. تستعرض هذه الدراسة الأبعاد العسكرية، والسياسية، والنفسية، والاستخباراتية المرتبطة بالعملية، مع تحليل دقيق للأهداف والدوافع، والثغرات الأمنية والفنية، والآثار المباشرة وغير المباشرة. وتهدف الورقة إلى تسليط الضوء على التحولات الجارية في ميدان الصراع المسلح الحديث، وآفاق تطوير العقيدة الدفاعية التقليدية في مواجهة التهديدات غير المتكافئة.
خلاصة القول إن عملية “شبكة العنكبوت”، سواء بالغت كييف في توصيفها أم لا، تبرز تحولًا نوعيًّا في معادلة الحرب، يُعيد تعريف مفهومَي الردع والقدرة على الوصول (Reach) في النزاعات الحديثة. كما تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع، حيث تصبح التكنولوجيا غير التقليدية، والتكتيكات المرنة، والضغط الإعلامي أدوات فاعلة في قلب التوازنات العسكرية والدبلوماسية على حد سواء.
تحليل الأهداف والدوافع وراء الهجوم على القواعد الجوية الروسية (1 يونيو 2025)
يكشف توقيت الهجوم ونوعيته عن مزيج معقد من الأهداف والدوافع المتعددة المستويات، التي تمثل امتدادًا لمنطق الحرب النفسية والاستنزاف الاستراتيجي، وتشير إلى تحولات في فلسفة الاشتباك الأوكراني، الذي بات يستهدف العمق الروسي بشكل منهجي ومدروس. ويمكن تحليل تلك الأهداف على النحو التالي:
1. تحقيق صدمة إعلامية ونفسية مدروسة
تمثل الهدف الأساسي من الضربة في خلق صدمة استراتيجية ذات طابع رمزي ونفسي عميق، تستهدف المجتمع الروسي والقيادة العسكرية على حد سواء. ومن خلال استهداف قواعد تحتوي على مكونات من “الثالوث النووي الروسي”، سعت أوكرانيا إلى:
- تقويض الإحساس بالأمان داخل العمق الروسي.
- إظهار هشاشة الدفاعات الجوية حتى في مواقع ذات أولوية قصوى.
- رفع المعنويات الداخلية الأوكرانية بتأكيد القدرة على اختراق العمق، وإبراز فشل الخصم في حماية رموزه العسكرية.
وقد تم تضخيم بعض التقديرات الإعلامية -مثل الادعاء بتدمير 40% من الطيران الاستراتيجي- بهدف إرباك الداخل الروسي، حتى وإن لم تكن دقيقة من الناحية العملياتية. وقد تكررت هذه الديناميكية في هجمات سابقة على القرم وقاعدة ساكي؛ ما يؤكد اعتماد أوكرانيا على تكتيك “الضربات الرمزية المحسوبة”؛ لتعظيم الأثر الإعلامي والنفسي.
2. تحقيق مكاسب عسكرية استراتيجية وإنهاك القدرات الروسية
رغم أن الخسائر المادية المباشرة قد لا تكون مدمّرة، فإن إلحاق الضرر بطائرات لا تُنتَج مجددًا (مثل Tu-95 وTu-22M3) يُعد مكسبًا تكتيكيًّا طويل الأمد. وتشير التقارير إلى أن:
- إنتاج طائرات Tu-160 لا يتجاوز طائرة واحدة سنويًّا.
- أي قاذفة تُدمر أو تتعطل تُعد خسارة غير قابلة للتعويض في المدى القريب.
من ثم، فإن إجبار روسيا على إعادة انتشار قاذفاتها وتوزيعها على مطارات بديلة، مع تعزيز الدفاعات الجوية، يؤدي إلى استنزاف في الموارد والجهد، ويُقلص من فعالية الحملات الجوية المركزة ضد أوكرانيا.
3. تعزيز الموقع التفاوضي قبل محادثات إسطنبول
جاء توقيت الهجوم عشية جولة مفاوضات جديدة في إسطنبول (2 يونيو 2025)؛ ما يُرجّح وجود أهداف سياسية ودبلوماسية مباشرة، تتمثل في:
- تعزيز أوراق الضغط التفاوضية: عبر إظهار القدرة على الوصول العميق داخل روسيا، وهو ما يُجبر موسكو على إعادة حساباتها في طاولة التفاوض.
- تعقيد مسار المفاوضات: عبر دفع روسيا نحو رد فعل عسكري تصعيدي، قد يؤدي إلى تجميد المسار التفاوضي أو تأجيله.
- جذب دعم غربي أكبر: حيث يشكل نجاح الهجوم أداة إعلامية تُستخدم لطلب دعم نوعي إضافي، خصوصًا في مجالات الدفاع الجوي والصواريخ البعيدة المدى، على غرار ما حدث عقب هجمات سيفاستوبول وخط كيرتش.
4. تحقيق مكاسب داخلية في ظل الإرهاق من الحرب
في ظل التصاعد المستمر في وتيرة الحرب، واستنزاف القوات الأوكرانية على الخطوط الأمامية، تبرز الحاجة لعمليات ذات طابع “درامي” لشد انتباه الرأي العام، وتحقيق قدر من الإجماع الشعبي حول استمرار القتال. إن ضرب أهداف في عمق روسيا يخدم هذا الغرض من خلال:
- خلق إحساس بالقدرة على الرد وامتلاك زمام المبادرة.
- صرف الانتباه عن التحديات الميدانية الداخلية.
- إعادة تأطير الحرب إعلاميًّا كصراع متوازن لا تمليه موسكو وحدها.
تحليل الثغرات البنيوية في منظومة الدفاع عن القواعد الجوية الروسية: الحاجة إلى إصلاح استراتيجي شامل
شكّل هجوم 1 يونيو 2025 نقطة كشف حاسمة للثغرات المنهجية في بنية الدفاع عن القواعد الجوية الاستراتيجية الروسية، وأظهر بوضوح أن البنية الحالية غير مهيّأة للتعامل مع تهديدات الحرب الحديثة، لاسيما غير المتماثلة منها. ويمكن تحديد أبرز تلك الثغرات على النحو التالي:
- غياب البنية التحتية التحصينية الملائمة
رغم التوصيات المتكررة من الخبراء الروس منذ سنوات، فإن القواعد الجوية الرئيسية مثل “إنجلز” و”أوكرينكا” لاتزال تفتقر إلى ملاجئ محصّنة بالمعايير الدولية. وفي حين تُظهر التجارب الغربية والصينية أن القاذفات الاستراتيجية تُخزّن عادة في حظائر مدرّعة، فإن الطائرات الروسية وُضعت في مواقف مكشوفة؛ ما سهّل استهدافها بطائرات FPV صغيرة. ويُعزى هذا الإهمال جزئيًّا إلى سوء الإدارة؛ إذ تشير تقارير رسمية إلى أن نسبة الإنجاز في إنشاء الملاجئ في 2022 لم تتجاوز 40%، وسط هدر مالي وهيكلي مزمن.
- فشل في تقدير طبيعة التهديدات الجديدة
تعاملت المؤسسة العسكرية الروسية لفترة طويلة مع التهديدات الجوية من منظور تقليدي يركّز على الصواريخ والطائرات المأهولة، متجاهلة خطر المسيّرات الصغيرة والرخيصة التي أثبتت فعاليتها في اختراق الدفاعات وضرب أهداف ذات قيمة عالية. من هنا، يُعد الاعتماد على وسائل بدائية، مثل تغطية الأجنحة بإطارات سيارات، مؤشرًا على ضعف الاستجابة التكنولوجية والتكتيكية للتهديدات المستجدة.
- قصور في تكامل منظومات الدفاع الجوي القريب والحرب الإلكترونية
أوضح الهجوم فشل أنظمة الدفاع المتعددة الطبقات في كشف وتحييد الطائرات الصغيرة ذات المقطع الراداري المنخفض، كما كشف عن ضعف في أداء وحدات الحرب الإلكترونية في بيئات مشبعة بالتشويش والإشارات الكثيفة. ويشير ذلك إلى ضرورة تحديث التكتيكات ومنظومات الدفاع الجوي القريب، وتكثيف الاستثمار في أجهزة التشويش القصير المدى والنقاط الدفاعية الآلية.
- ثغرات استخباراتية وأمنية خطيرة
الأكثر خطورة أن الطائرات التي نفذت الهجوم يُرجح أنها أُطلقت من داخل الأراضي الروسية؛ ما يسلط الضوء على فشل واضح في عمل وحدات مكافحة التجسس والاستخبارات الداخلية. إن هذه الثغرة لا تطرح فقط أسئلة حول أمن المنشآت، بل تمس جوهر السيطرة على العمق الداخلي الروسي، بما يحمله ذلك من أبعاد استراتيجية.
- ضعف في انضباط القرار التنفيذي وتسلسل القيادة
تُظهر مصادر روسية مستقلة أن بعض القرارات المتعلقة بحماية البنية التحتية الجوية تأخرت أو تم تجاهلها، نتيجة ضعف الانضباط المؤسسي، أو قصور في كفاءة القيادات الميدانية. ويُعد ذلك دلالة على خلل في البنية البيروقراطية للقرار العسكري، يستوجب المعالجة الفورية عبر هيكلة جديدة للمسؤوليات وآليات الرقابة.
الآثار العسكرية: تحوّلات في مفاهيم الردع والاستجابة
على الرغم من تضارب البيانات الصادرة عن موسكو وكييف حول حجم الخسائر الفعلية التي أسفر عنها الهجوم، فإن المؤكد أن تداعياته العسكرية تتجاوز الحسابات الرقمية المباشرة، لتشمل المفاهيم الاستراتيجية ذاتها التي يرتكز إليها الأمن القومي الروسي.
- تآكل الردع التقليدي أمام التهديدات غير المتماثلة
برهن الهجوم على أن الأهداف الاستراتيجية -مهما بلغت من بعدٍ أو تحصين- لم تعد بمنأى عن الضربات المنخفضة التكلفة والعالية الأثر، التي تنفَّذ عبر وسائل مرنة كالمسيّرات. ويفرض هذا الواقع مراجعة شاملة لعقيدة الدفاع الجوي الروسي، تتجاوز مجرد التعزيز المادي إلى إعادة صياغة نماذج التهديد والاستجابة.
- تأثيرات موضعية في الجاهزية ورمزية في الردع الجوي
صحيح أن القوات الجوية الروسية لاتزال تحتفظ بقدراتها على تنفيذ ضربات استراتيجية عبر عدد محدود من قاذفات طراز Tu-95MSM، إلا أن خسارة أي وحدة من القاذفات الاستراتيجية تُعد ضربة مؤلمة، ليس فقط على مستوى الجرد التشغيلي، وإنما على صعيد الهيبة والرمزية الردعية. وفي هذا السياق، يلاحظ الغياب النسبي لطائرات Tu-160 عن ساحة العمليات الأوكرانية، فيما يُفهم أنه محاولة للحفاظ على عمرها القتالي استعدادًا لسيناريوهات أكثر حدة.
- تسريع ديناميات التحصين والدفاع المتعدد الطبقات
فرض الهجوم واقعًا جديدًا على وزارة الدفاع الروسية، يتمثل في ضرورة تسريع تنفيذ مشاريع تحصين القواعد الجوية، وبناء ملاجئ محصّنة تحت الأرض، وتحديث أنظمة الدفاع الجوي القصير المدى، إضافة إلى تحسين أدوات الحرب الإلكترونية المصممة خصيصًا للتعامل مع الأسراب الصغيرة من الطائرات بدون طيار.
- تحوّل في فلسفة تطوير الطيران الاستراتيجي
قد يلعب الهجوم دورًا محفزًا لإعادة التفكير في برنامج تطوير القاذفة المستقبلية PAK DA، مع إعطاء الأولوية لتقنيات الإطلاق من مسافات آمنة دون دخول المجال الجوي المعادي، وتعزيز قدراتها على التخفّي الإلكتروني. كما أعادت الضربة إحياء الطروحات المتعلقة بـ”القاذفة التعبوية”؛ أي تحويل طائرات مدنية مثل Tu-214 إلى منصات لإطلاق الصواريخ الجوّالة؛ ما يوفر حلًّا أكثر مرونة وتكلفة منخفضة، ويتيح توزيعها على مطارات مدنية يصعب استهدافها مسبقًا.
الآثار السياسية:
- الانعكاسات الداخلية الروسية
كشف الهجوم عن تصدعات في ثقة الرأي العام الروسي بالبنية العسكرية والأمنية، حيث فجّر موجة من الانتقادات العلنية تجاه القيادات المعنية، مع تصاعد الدعوات لتفعيل آليات المساءلة وتعزيز نظم الدفاع الداخلي. وقد يُترجم هذا الحراك الداخلي إلى تغييرات تنظيمية أو قيادية، تهدف إلى استعادة الردع النفسي والمؤسسي داخل روسيا.
- تأثير محدود في العملية التفاوضية
رغم سعي أوكرانيا إلى تحسين موقعها التفاوضي عبر هذه الضربات، فإن الواقعية السياسية تشير إلى أن مثل هذه العمليات قد تؤدي إلى نتائج عكسية؛ إذ تُعد استهدافات كهذه، من منظور موسكو، انتهاكًا صريحًا لـ”الخطوط الحُمر”؛ ما يدفع القيادة الروسية إلى تبنّي موقف أكثر تشددًا، ويُقلّل من فرص تقديم تنازلات في الملفات الجوهرية. فالعقلية الروسية، ذات الطابع البراغماتي والمرتكز على مبدأ الردع، تميل إلى تفسير الهجمات على البنى الاستراتيجية كرسالة تهديد وجودي.
- ردود الفعل الدولية
على الصعيد الدولي، يُتوقع أن تُقابَل هذه التطورات بمواقف متباينة؛ فمن جهة، قد يعبّر المجتمع الدولي عن قلقه إزاء التصعيد وخطر زعزعة الاستقرار الاستراتيجي، لكن من غير المرجّح صدور إدانة جماعية ضد أوكرانيا، خصوصًا من دول الغرب الداعمة لها. بل على العكس، قد تجد بعض القوى الغربية في هذه الهجمات وسيلة فعالة لاستنزاف روسيا وتعميق مأزقها الاستراتيجي، ولو على حساب التوازن الإقليمي.
- صعود خطاب الانتقام غير المتناظر
برز في الإعلام الروسي خطاب جديد يدعو إلى الرد عبر وسائل غير تقليدية، بما في ذلك استخدام أدوات غير رسمية، مثل “مجموعات كارتل مكسيكية” أو “لاجئين أفارقة”؛ لضرب منشآت غربية. ورغم الطابع العاطفي والرمزي لمثل هذه التصريحات، فإنها تعبّر عن تحولات في المزاج العام، وقد تُوظف لاحقًا كأداة ضغط نفسي ودعائي، تعكس رغبة في فرض معادلات ردع جديدة على المسرح الدولي.
- رفع سقف التصعيد الاستراتيجي
يشير استهداف منشآت ذات صلة بالثالوث النووي، ولو بشكل غير مباشر، إلى تصعيد نوعي محفوف بالمخاطر. حتى وإن لم يؤدِ إلى رد نووي مباشر، فإن الاستمرار في هذا النوع من الضربات قد يدفع بالنزاع إلى مساحات أشدّ توتّرًا، لاسيما إذا شملت الضربات القادمة قواعد غواصات أو مصانع متقدمة للطيران الاستراتيجي؛ ما يرفع مستوى التهديدات المتبادلة، ويُعقّد أي مسار تفاوضي لاحق.
الخاتمة
يعكس الهجوم تحوّلًا نوعيًّا في نمط الحرب المعاصرة، حيث لم تعد الأسلحة المعقدة وحدها قادرة على حسم الصراع، بل باتت الأدوات المنخفضة التكلفة والعالية المرونة قادرة على إحداث تأثيرات استراتيجية. كما تكشف العملية عن فجوات حقيقية في بنية الدفاع الروسية، وتفرض مراجعات فكرية وعسكرية عاجلة. كما أنها تشكّل اختبارًا مبكرًا لقدرة المجتمع الدولي على التفاعل مع التهديدات الجديدة التي تعيد تشكيل معادلات الردع والأمن الإقليمي.
- عسكريًّا، أظهر الهجوم الحاجة الملحّة لإعادة النظر في أنظمة الحماية للطيران الاستراتيجي، من خلال تعزيز تحصين القواعد، وتطوير أساليب الانتشار والتمويه، بما في ذلك البحث في مفاهيم جديدة مثل “القاذفات التعبوية” المستندة إلى طائرات مدنية لتقليل قابلية الاستهداف. كما سلط الضوء على الدور المتصاعد للطائرات المسيّرة في تغيير ميزان المبادرة على المستوى التكتيكي، لاسيما عند استخدامها بعمق في مناطق العدو.
- سياسيًّا، لم ينجح الهجوم في إحداث تحول جوهري في الموقف التفاوضي الروسي قبيل محادثات إسطنبول، غير أنه أدى إلى تداعيات داخلية لا يُستهان بها، حيث حفّز موجة من النقد للمؤسسة العسكرية الروسية، ودفع باتجاه مراجعة جذرية لمفاهيم الحماية، وربما الردع، في المرحلة المقبلة.
وعليه، فإن هذا الحدث لا يمكن اعتباره معزولًا أو تكتيكيًّا فقط، بل هو مؤشر استراتيجي على تحوّل في قواعد الاشتباك، يتطلب من الفاعلين الدوليين إعادة تقييم أطر الأمن العسكري في زمن تتسارع فيه أدوات الحرب، وتتجاوز فيه القدرات التقنية الحدود التقليدية للصراع.
المراجع:
- Volzhsky, I. & Kanevskaya, S., 2025. What damage did the SBU operation cause to the Russian army? The fact that the planes were blown up is more important than the amount of damage. It will take years to build analogues of the destroyed bombers. 2 June. Available at: https://novayagazeta.eu/articles/2025/06/02/kakoi-uron-operatsiia-sbu-nanesla-armii-rossii.
- Khomenko, S., 2025. Operation Spider Web: Ukraine hits Russian military airfields with drones flown out of trucks. 1 June. BBC Russian. Available at: https://www.bbc.com/russian/articles/c0mrgwvywvwo.
- RBC, 2025. Head of Amur Region reports details of attempted attack on Ukrainka airfield. 1 June. Available at: https://www.rbc.ru/politics/01/06/2025/683c775a9a794787bfe240e6.
- Borisov, M., 2025. Why were the Russian “strategists” Tu-95MS, Tu-160 and Tu-22M3 left in the open? The version about START-3 turned out to be not so clear-cut. 3 June. Available at: https://www1.ru/articles/2025/06/03/pocemu-russkie-strategi-tu-95ms-tu-160-i-tu-22m3-ostalis-pod-otkrytym-nebom-versiia-o-snv-3-okaz.html.