مقدمة
فاز المرشح المتشدد إبراهيم رئيسي في انتخابات الرئاسة الإيرانية التي جرت يوم الجمعة 18 يونيو 2021، بعد أن حصل على 62% من أصوات الناخبين؛ ليكون بذلك الرئيس الثامن منذ قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عام 1979. وقد أثار انتخاب رئيسي ردود أفعال متباينة تفاوتت بين التفاؤل الحذر بالتغيير وفقدان الأمل بل والثقة فيه؛ بسبب قربه من المرشد الأعلى علي خامنئي وتوجهاته المحافظة بل وحتى المتشددة؛ وهناك حالة من الترقب للسياسات التي سيتبنّاها وللطريقة التي سيتعامل فيها مع الملفات الساخنة التي تنتظره سواء على المستوى الداخلي وخاصة الأزمة الاقتصادية والبطالة وانهيار العملة؛ أو الصعيد الخارجي ولا سيما الملف النووي والعلاقات مع الجوار الجغرافي.
نتائج متوقعة في ظل ترتيبات مسبقة
فوز رئيسي كان متوقعاً جداً؛ بسبب: أولاً، غياب المنافسة الحقيقية بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور لمرشحين بارزين من أمثال علي لاريجاني؛ وثانياً، دعم المرشد وقائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي؛ حيث يعد رئيسي من المقربين جداً له؛ وثالثاً، انسحاب آخر مرشح محسوب على التيار الإصلاحي قبل الانتخابات بيومين؛ ما مهد الطريق لرئيسي للفوز بالرئاسة من الدور الأول؛ حيث حصل على أصوات 17.8 مليون من 28 مليون ناخب أدلو بأصواتهم من أصل 59 مليوناً يحق لهم التصويت؛ بينما فاز أقرب منافسيه، محسن رضائي، بـ 3.3 مليون صوت، وحصل عبد الناصر همتي على 2.3 صوت، واحتل أمير حسين قاضي زاده المرتبة الرابعة بمليون صوت[1].
ورغم تمديد مدة الاقتراع أكثر من مرة، حيث بقيت الصناديق مفتوحة حتى الساعة الثانية من صباح اليوم التالي (السبت)؛ ودعوة المرشد إلى للتصويت بكثافة، فإن نسبة المشاركة قد بلغت 48.8% [2]، وهي الأدنى في تاريخ البلاد.
من هو إبراهيم رئيسي؟
ولد إبراهيم رئيسي في 14 ديسمبر 1960 في مدينة مشهد، وخلال الثورة الإسلامية (1978-1979)، كان طالباً في دراسات الفقه في قم. ورغم أنه كان، آنذاك، في سن الـ 18 فقط، فإنه كان واحداً من بين 70 رجلاً من رجال الدين الشباب الذين تم اختيارهم للمشاركة في حلقة دراسية مكثفة حول الكفاءة السياسية والإدارة، من أجل ملء الفراغ في السلطة الذي أعقب الإطاحة بالشاه. وكان المرشد الحالي، علي خامنئي، أحد رجال الدين الذين علموا أولئك الرجال المختارين. ومع ذلك، فإن علاقات رئيسي المبكرة مع خامنئي لم تكن العامل الوحيد وراء صعوده السريع في النظام[3].
دخل رئيسي سلك القضاء، وأصبح عام 1981 مدعياً عاماً في مدينة كرج (50 كلم من طهران) ثم مدعياً عاماً في مدينة همدان في غرب البلاد، وبين الأعوام 1985 و1988 تسلم منصب مساعد مدعي عام المحكمة الثورية في طهران. وخلال هذه الفترة تعرض المعارضون لحملة قمع شديدة وتم إعدام المئات، بل وربما الآلاف منهم، في الوقت الذي كانت فيها البلاد في حرب ضارية مع العراق، وفي عام 2003 أصبح الرجل الثاني في السلطة القضائية، والمدعي العام للبلاد بين الأعوام 2013 و2015[4]، قبل أن يعينه خامنئي رئيساً للسلطة القضائية عام 2019، بعد عامين من خسارته الانتخابات الرئاسية السابقة أمام الرئيس الحالي حسن روحاني.
ونظراً إلى قربه من المرشد فقد تقلد رئيسي عدداً من المناصب الأخرى أيضاً، من بينها منصبه في الروضة الرضوية المقدسة في عام 2016؛ حيث أصبح عقب رحيل آية الله واعظ طبسي سادنا للروضة الرضوية المقدسة بقرار من خامنئي؛ وإلى جانب هذا اشتغل رئيسي بتدريس مادة خارج الفقه في مدرسة “نواب” في مدينة مشهد، كما درس نصوص الفقه وقواعد فقه القضاء وفقه الاقتصاد في الحوزات العلمية في طهران وجامعات إيران، وألّف العديد من الكتب في الحقوق والاقتصاد والعدالة الاجتماعية[5].
وخلال هذه السنوات، شغل رئيسي مناصب عدة أيضاً، مثل: المدعي العام الخاص لمحكمة رجال الدين، وعضو المجلس المركزي لجمعية رجال الدين المناضلين المحافظة، وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، وأصبح عضواً في مجلس خبراء القيادة منذ عام 2006، وهو يشغل في هذا المجلس الذي يختار الولي الفقيه أي خليفة المرشد، ويشغل حالياً منصب النائب الأول للرئيس في المجلس، ويشار إليه كأحد المرشحين لمنصب الولي الفقيه بعد خامنئي[6].
ردود الأفعال المحلية والدولية
من الطبيعي أن يثير فوز إبراهيم رئيسي ردود أفعال محلياً ودولياً واسعة. محلياً، أكد المرشد الأعلى علي خامنئي، أن نتائج الانتخابات تعكس دعماً لمؤسسة الجمهورية الإسلامية، ووصف المشاركة الشعبية بالملحمية، بينما قال وزير الخارجية محمد جواد ظريف: إن “إبراهيم رئيسي هو الآن الرئيس المنتخب الجديد لإيران وعلى الجميع العمل معه من الآن فصاعداً”[7].
من جانب آخر شكك المتحدث باسم “مجاهدي خلق” الإيرانية المعارضة بنتائج الانتخابات، وقال إن “نسبة المشاركة في انتخابات الملالي كانت أقل من 10٪ من المؤهلين للتصويت، بناءً على تقارير من أكثر من 1200 صحفي ومراسل من قناة “سيماي آزادي” من 400 مدينة إيرانية وأكثر من 3500 مقطع فيديو متوافر لتقديمه للمراجع الدولية وللرأي العام الدولي، وأضاف أن “النظام بنفس الوقاحة والكذب في إعلان عدد وفيات كورونا وشهداء انتفاضة نوفمبر 2019، ويعلن المشاركة في الانتخابات 5 مرات أكثر من الحقيقة لترسيخ سفاح مجزرة 1988 كرئيس للنظام”[8].
أما مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعارض ومقره باريس، فاعتبرت أن إبراهيم رئيسي هو “آخر محاولة لخامنئي للحفاظ على نظامه” معتبرة أن هذا الأخير تخلص من جميع المنافسين لتنصيب رئيسي “أحد أعتى المجرمين ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية”[9].
أما على الصعيد الدولي فقد أثارت نتائج الانتخابات الإيرانية، ردود فعل عالمية منددة بالأجواء القمعية التي جرت فيها الانتخابات وأسفرت عن فوز إبراهيم رئيسي المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، أوضح تقرير لـ “نيويورك تايمز” أن الانتخابات الإيرانية تأثرت بالفساد وسوء الوضع الاقتصادي، وأن الإيرانيين شعروا أن الانتخابات تم التلاعب بها لصالح رئيسي؛ فيما دعت “منظمة العفو الدولية” للتحقيق مع الرئيس الإيراني الجديد لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، وقالت إن “الانتخابات الإيرانية تمت في أجواء قمعية”، كما أن “رئيسي” دعم قتل المئات منهم نساء وأطفال خلال احتجاجات إيران 2019، موضحة أن صعود رئيسي للحكم في إيران تذكير بأن الإفلات من العقاب يسود البلاد[10].
وفي إسرائيل، قال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، إن إيران انتخبت “رئيسا هو الأكثر تطرفا حتى الآن”، [11] بينما قال عضو الكنيست رام بن براك عن حزب يش عتيد بقوله: (إن اختيار “إبراهيم رئيسي” هو دليل قاطع لقرار المرشد الأعلى علي خامنئي بتشديد السياسة الإيرانية الخارجية، لا سيما تلك الخاصة بالملف النووي وتصدير الإرهاب. وأكد أن هذا الأمر يشكل تحدياً كبيراً بالنسبة إلى الدول الغربية وأكبر بكثير بالنسبة إلى إسرائيل[12].
أما على صعيد الملف النووي فقد جاءت ردود الأفعال والتصريحات غير متفائلة فيما يتعلق بمستقبل المباحثات في جنيف، حيث عبرت مصادر دبلوماسية على صلة بمحادثات الاتفاق النووي الإيراني، عن خشيتها من تعقيد المحادثات بعد فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الإيرانية، كونه على لائحة العقوبات الأمريكية لدوره في الإعدامات الجماعية للمعارضين في الثمانينيات[13]. ولهذا يرجح أن تعمل الولايات المتحدة على التوصل إلى اتفاق قبل تولي رئيسي لمهامه رسمياً في أغسطس المقبل؛ وقد تحدث وزير الخارجية جواد ظريف عن إمكانية ذلك.
وكانت هناك ردود فعل سلبية من أوساط أمريكية أيضاً؛ حيث شن السيناتور بيل هاجرتي “هجوماً حاداً على النظام الإيراني والانتخابات الجارية هناك، واصفاً إياها بأنها “مزورة”، وأن خامنئي قد اختار الرئيس المقبل، ووجه تحذيرات لإدارة بايدن من مغبة التساهل مع إيران[14].
بالمقابل رحبت دول كثيرة بانتخاب إبراهيم رئيسي بما فيها دول الخليج العربية؛ وتلقى رئيسي التهاني من رؤساء ومسؤولين دوليين متعددين، مثل: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، والرئيس العراقي، برهم صالح، والرئيس السوري، بشار الأسد، وغيرهم[15].
رئيسي وتعزيز قبضة التيار المحافظ على السلطات
يبدو واضحاً أن نظام الملالي في إيران يسعى إلى فرض سيطرته على الشؤون الداخلية والخارجية عن طريق المقربين من دائرة النظام، وإن كان بعض الإصلاحيين قد استطاعوا في مرحلة من المراحل الوصول إلى منصب الرئاسة كما حدث في عهد محمد خاتمي، إلا أن السنوات الأخيرة كشفت حقيقة الممارسات التي يسعى إليها النظام والتي تهدف إلى حصر السلطة في دائرة المحافظين والمتشددين.
ولطالما كان إبراهيم رئيسي الخيار المفضل للنظام الحاكم في إيران من خلال قربه وصلاته الوطيدة بأركانه؛ حيث أجمعت عليه ثلاث جهات مؤثرة في النظام السياسي الإيراني، هي: مكتب المرشد، والحرس الثوري، والتيار الأصولي، ما جعل فوزه في الانتخابات محسوماً تقريباً، خصوصاً بعد استبعاد أبرز منافس له، رئيس مجلس الشورى السابق، علي لاريجاني. ويظهر السجل السابق لرئيسي أنه كان مطلق الولاء للمرشد الأعلى، ما جعله رئيساً لمحكمة الثورة في ثمانينيات القرن الماضي، ونتيجة للسجل الدامي الذي خلفه في هذه المحكمة، عمد النظام إلى تعيينه على رأس مؤسسة الإمام الرضا في مشهد عام 1994 من أجل إبعاد الصورة السلبية عنه، وإعادة تعريف شخصيته من منظور ديني واقتصادي وسياسي مؤثر[16].
وكان الدعم المستمر لإبراهيم رئيسي ينطلق من قربه لهذا النظام وعلاقاته المباشرة به، ويعكس فوز رئيسي حالة وحدة في الخطاب الأيديولوجي الإيراني الموجه للداخل والخارج، وهو ما يطمح إليه خامنئي، خاصة بعد ما يمكن تسميته حالة التمرد التي أظهرها حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف خلال الفترة الماضية؛ ولهذا كان لا بد من إعادة هندسة الحياة السياسية عبر فوز رئيسي؛ حيث ستكون هناك حالة تكامل بين ثلاث مؤسسات مهمة في إيران هي؛ مؤسسة الرئاسة ومجلس الشورى والحرس الثوري، بدعم وتأييد من مؤسسة المرشد والمؤسسة الدينية في قم، ومن ثم سيحقق خامنئي عبر هذه الوحدة الاندماج الكامل ضمن رؤيته السياسية[17]، وسيضمن سيطرة التيار المحافظ بقوة على السلطات الرئيسية الثلاث كلها في البلاد فضلاً عن المؤسسات التابعة الأخرى.
ويرى الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية، أن الهدف من دعم النظام لإبراهيم رئيسي هو لتقوية الدائرة الضيقة المحيطة بالمرشد، فبعد فرض عملية انتقائية أدت إلى تعيين الجنرال السابق محمد باقر قاليباف رئيساً لمجلس الشورى (البرلمان) في مارس 2019، يأتي الآن دور الحكومة لتصبح السلطة التنفيذية بالكامل في يد خامنئي الذي يملك صلاحية تعيين رئيس السلطة القضائية أيضاً؛ ما يعني أن السلطات الرئيسية الثلاث ستكون في يد خامنئي. ولكن من غير الواضح إذا ما كان هذا “سيقوي من شوكة النظام أم سيدفعه نحو الانكماش بعد هذه العملية المعقدة في السيطرة على المفاصل كلها ومنع النقلة من الثورة إلى الدولة”[18].
الملفات الداخلية والخارجية التي تنتظره
لا شك أن إبراهيم رئيسي سيتولى منصبه وإيران تمر بمرحلة ربما تكون الأسوأ منذ قيام الثورة قبل أكثر من 40 عام؛ حيث تواجه البلاد تحديات غير مسبوقة؛ ولذا تنتظر عدد من الملفات المصيرية الرئيس الجديد، سواء على الصعيد الداخلي، حيث تبرز مشكلة الفساد والاقتصاد المتدهور والبطالة، أو على الصعيد الخارجي؛ حيث تبرز العلاقة مع الولايات المتحدة والعقوبات المرتبطة بالملف النووي، فضلاً عن علاقات إيران مع محيطها الإقليمي وخاصة العربي.
وفي أول تعليق له بعد الإعلان عن فوزه قال رئيسي: “إن الحكومة الجديدة، ستبذل قصارى جهدها لحل مشكلات البلاد، خاصة في مجال الوضع المعيشي للمواطنين” مؤكداً أنه سيتعاون “مع حكومة روحاني وسأعقد اجتماعات مع أعضاء حكومته للاطلاع على تجربتهم في إدارة البلاد”، ودعا جميع الخبراء والمفكرين إلى “تقديم وجهات نظرهم حول إدارة البلاد”، مؤكداً أنه “سيشكل حكومة الشعب” وسيقوم “بالمهمة الثقيلة التي وضعها الشعب على كاهله على أفضل نحو”[19].
وكان رئيسي قد تعهد في برنامجه الانتخابي بمكافحة الفساد، وبالدفاع عن حرية التعبير والحقوق الأساسية لكل المواطنين الإيرانيين والشفافية، وأكد نيته في “تشكيل حكومة من الشعب من أجل إيران قوية، والقضاء على أوكار الفساد أيضاً”. وهو يستند كما يبدو في ذلك إلى خبرته والعمل الذي قام به خلال توليه السلطة القضائية؛ حيث حصلت في عهده محاكمات كثيرة حظيت باهتمام إعلامي كبير، وقبول شعبي، بحق مسؤولين بارزين على خلفية تهم بالفساد. وطالت الإجراءات قضاة يشتبه بضلوعهم في ملفات مماثلة أيضاً، وهو أمر لم يكن معهوداً سابقاً في إيران[20]؛ كما جرى التحقيق مع عدد من كبار المسؤولين من التيارين المحافظ والإصلاحي على حد سواء[21] ولهذا سيكون ملف الفساد في طليعة أولياته.
والملف الآخر الذي ينتظر الرئيس المنتخب هو الاقتصاد؛ فالمؤشرات الاقتصادية مفزعة للغاية، حيث انهارت العملة، ووصلت نسبة الفقر في البلاد إلى 60%. ولا شك أن أبرز أسباب الأزمة الاقتصادية هو العقوبات الأمريكية المشددة، التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018 [22]. وقد قطع رئيسي وعوداً بتحسين الأحوال المعيشية للإيرانيين، وتوفير فرص العمل وحل مشكلة التضخم ومساعدة ذوي الدخل المحدود؛ ولكن دون أن يشرح آليات عملية أو بياناً يوضح فيه كيف سيقوم بتوفير الأموال اللازمة لذلك. ولا شك أن هذا سيكون تحدياً كبيراً يواجه حكومته.
وهناك قضية أخرى مهمة أيضاً وهي تراجع مستوى الثقة بين النظام والشعب؛ وكما يرى الصحافي الإصلاحي أحمد زيد آبادي فإن “أزمة الثقة (بين الناس والسلطات) عميقة وواسعة”، ومن الإشارات على ذلك، نسبة الامتناع القياسية (57%) عن المشاركة في الانتخابات التشريعية لعام 2020، وهذا سيتطلب من الحكومة المقبلة اتخاذ إجراءات مهمة إذا ما أرادت استعادة الثقة، ربما من بينها “رفع الحظر عن بعض شبكات التواصل الاجتماعي مثل تلغرام وتوتير، والحد من الصرامة بشأن الحجاب”[23].
أما على المستوى الخارجي، فيعد الملف النووي من أبرز القضايا المهمة التي تنتظر إبراهيم رئيسي، حيث شدد خلال حملته الانتخابية على أولوية رفع العقوبات من أجل تحسين الاقتصاد وجذب الاستثمارات. وهذا بالطبع يتطلب التوصل إلى اتفاق نهائي مع الولايات المتحدة؛ وهناك بالفعل مؤشرات على حدوث انفراج كبير في المفاوضات الجارية حالياً في فيينا، حيث أكد عباس عراقجي، كبير المفاوضين الإيرانيين في محادثات فيينا، أن إيران والقوى الكبرى اقتربت من إحياء الاتفاق النووي؛ كما أكد ذلك المبعوث الروسي وممثل التحاد الأوروبي؛ ولكن الولايات المتحدة أبدت الشكوك بقرب التوصل إلى اتفاق؛ حيث قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إن الخلافات ما زالت قائمة؛ وهي كما يبدو تدور حول أي العقوبات ستُرفع عن إيران.
وأياً يكن الأمر فلا يتوقع أن يكون هناك تغيير في الموقف الإيراني؛ وإن كان رئيسي محسوباً على التيار المحافظ الذي يتخذ خطاً متشدداً في التعامل مع الولايات المتحدة؛ حيث يعود القرار النهائي في هذا الشأن، والشؤون الخارجية عموماً، إلى المرشد الأعلى. ولكن الرئيس الجديد سيحرص، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل توليه منصبه في أغسطس المقبل، على مواصلة مسار التفاوض[24] ولكنه سيكون أقل رغبة لتقديم تنازلات.
أما فيما يتعلق بالعلاقات مع المحيط الإقليمي، فلا يتوقع تغيراً كبيراً في المسار القائم؛ وهناك قلق من توجهات رئيسي المحافظة؛ ولكنه على الأغلب سيواصل النهج نفسه؛ لأن مسألة علاقات إيران الإقليمية وكذا القضايا الخارجية المهمة هي أصلاً بيد المرشد الأعلى.
الخلاصة
فوز رئيسي، كان أمراً متوقعاً جداً؛ بحكم دعم المرشد واستبعاد منافسين بارزين. وبفوزه يُحكم التيار المحافظ سيطرته على السلطات الثلاث بالإضافة إلى المؤسسات السيادية في الدولة.
وتنتظر رئيسي ملفات مهمة جداً سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي؛ حيث يشكل الاقتصاد المتدهور أكبر تحدٍّ للحكومة الجديدة، بينما تمثل نسبة البطالة المرتفعة التي تتفاقم بسبب العقوبات وجائحة كورونا “قنبلة موقوتة” وقد تتسبب في اضطرابات واسعة، ما لم يتم التعامل معها بحلول جذرية.
أما خارجياً، فلا يتوقع حدوث أي تغيير جذري في سياسات إيران الخارجية؛ بل هناك قلق من توجهات رئيسي المحافظة؛ وهذا ربما يفسر حرص الولايات المتحدة والحكومة الإيرانية الحالية على التوصل إلى اتفاق قبل تولي رئيسي السلطة في أغسطس المقبل.
أما فيما يتعلق بعلاقات إيران الإقليمية، فلا يتوقع حدوث أي تغيرات جذرية؛ وعلى الأغلب سيواصل رئيسي النهج الحالي؛ رغم حاجة إيران الماسة لتحسين علاقاتها مع جوارها الإقليمي وخاصة دول الخليج العربية؛ إذا ما أرادت فعلاً فك عزلتها الإقليمية والدولية.
المراجع
[1]. “انتخابات الرئاسة الإيرانية: فوز إبراهيم رئيسي بأكثر من 62 في المئة من الأصوات”، موقع بي بي سي العربية، 19 يونيو 2020 على الرابط: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-57527703
[2]. “بنسبة 62%.. إيران تعلن رسمياً فوز رئيسي بانتخابات الرئاسة”، قناة العربية، 19 يونيو 2021 على الرابط: https://tinyurl.com/cvwj39ar
[3]. “إبراهيم رئيسي: شخصية ذات تأثيرٍ في إيران”، موقع فنك دون كوم، 3 يوليو 2017، على الرابط: https://tinyurl.com/4dne7tm6
[4]. (من هو إبراهيم رئيسي رجل الدين المحافظ “المدافع عن الفقراء”؟)، مونت كارلو الدولية، 17 مايو 2017، على الرابط: https://tinyurl.com/2tyj4da5
[5] “نبذة عن حياة الرئيس الجديد للسلطة القضائية “ابراهيم رئيسي”، مهر للأنباء، 7 مارس 2019، على الرابط https://tinyurl.com/46dmd8vj
[6] “المرشح الأوفر حظاً لرئاسة إيران.. من هو إبراهيم رئيسي؟”، موقع العربية، تاريخ 18 يونيو 2021، على الرابط https://tinyurl.com/hnjznv3s
[7]. “الانتخابات الإيرانية: فوز إبراهيم رئيسي بأكثر من 62% من الأصوات”، بي بي سي العربية، 19 يونيو 2021 على الرابط: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-57527703
[8]. “المتحدث باسم مجاهدي خلق الإيرانية: النظام يعلن المشاركة في الانتخابات 5 مرات أكثر من الحقيقة”، موقع منظمة مجاهدي خلق، 19 يونيو 2021، على الرابط: https://tinyurl.com/2pucee6r
[9]. “تباين ردود الفعل الدولية عقب فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية”، فرنسا 24، 19 يونيو 2021 على الرابط: https://tinyurl.com/7mkd6n2v
[10]. “منظمات دولية: الانتخابات الإيرانية تمت في أجواء قمعية”، صحيفة اليوم، 19 يونيو 2021، على الرابط: https://tinyurl.com/5xm55vsr
[11] فرانس 24، مرجع سابق، على الرابط: https://bit.ly/2SdKkhT
[12] هبة المنسي، “وجوه متغيرة وسياسة واحدة.. ماذا بعد فوز “رئيسي” بانتخابات إيران؟”، موقع الوطن العربي، 19 يونيو 2021 على الرابط: https://tinyurl.com/pkr4fx39
[13]. “مصادر أوروبية تخشى أن يعرقل فوز رئيسي مسار فيينا”، العربية نت، 19 يونيو 2021، على الرابط: https://tinyurl.com/4euue2h6
[14]. بندر الدوشي، “السيناتور هاجرتي: الانتخابات الإيرانية مزورة والملايين يقاطعونها”، العربية نت، 19 يونيو 2021 على الرابط: https://tinyurl.com/pphha9ex
[15]. “أبرز ردود الفعل على فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية”، يورو نيوز، 19 يونيو 2021 على الرابط: https://tinyurl.com/3n68t4ud
[16]. فراس إلياس، “إبراهيم رئيسي.. ظل المرشد الحالي وصانع المرشد القادم”، موقع نون بوست، 3 يونيو 2021، على الرابط: https://www.noonpost.com/content/40841
[17]. فراس إلياس، “ماذا لو أصبح إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران، موقع أخبار الآن، 18 يونيو 2021، على الرابط: https://tinyurl.com/8twxnj5c
[18]. د. خطار أبو دياب، “الرهان على إبراهيم رئيسي.. منعطف إيراني جديد”، صحيفة العرب، 1 يونيو 2021، على الرابط: https://tinyurl.com/4mr944mh
[19]. “أول تعليق من إبراهيم رئيسي عقب فوزه في انتخابات الرئاسة الإيرانية”، موقع سبوتنيك، 19 يونيو 2021، على الرابط: https://tinyurl.com/hzr753pc
[20]. “إبراهيم رئيسي محافظ متشدد يرفع شعار مكافحة الفساد في إيران”، موقع فرنسا 24، 14 يونيو 2021، على الرابط: https://tinyurl.com/ab3jutzn
[21]. “إبراهيم رئيسي: الابن المخلص لمؤسسة الحكم الإيرانية”، بي بي سي العربية، 19 يونيو 2021، على الرابط: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-57531526
[22]. “من كورونا إلى النووي.. ملفات ثقيلة تنتظر رئيس إيران الجديد”، سكاي نيوز عربية، 19 يونيو 2021، على الرابط: https://tinyurl.com/euzn87vf
[23]. “ما هي أبرز التحديات التي تنتظر الرئيس الإيراني الجديد؟”، موقع فرانس 24، 19 يونيو 2021، على الرابط: https://tinyurl.com/373bnufe
[24]. “من كورونا إلى النووي.. ملفات ثقيلة تنتظر رئيس إيران الجديد” المرجع السابق.