مقدمة
الانقلاب العسكري، الذي أُعلن عنه
مساء يوم السادس والعشرين من يوليو 2023 في النيجر، لم يكن الأول في أفريقيا
عمومًا، ولا في منطقة الغرب منها على وجه الخصوص[1]، ويبدو كذلك أنه لن يكون الأخير، لا سيّما
في وجود هذه المجموعة من العوامل الجيوسياسية التي تحيط بهذه المنطقة، والتنافس
الدولي الشديد حول القارة، وتراجع حالة الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي فيها،
وكلها عوامل جعلت منها بؤرة مشتعلة بالانقلابات العسكرية وبيئة خصبة لنمو الجماعات
الإرهابية.
ولا شك أن غياب الاستقرار السياسي عن
منطقة غرب أفريقيا قد صَبَّ في صالح انتشار الجماعات المتطرفة وتناميها في هذه المنطقة،
خاصة وأنها شهدت عدة انقلابات حديثة، آخرها انقلاب النيجر الذي قد يتسبب في إتاحة
مزيد من الفرص أمام التنظيمات الإرهابية كي ترسخ وجودها في هذا البلد، وفي المنطقة
عمومًا.
وليس من العسير أن نلاحظ أن الانقلاب
في النيجر قد أتى لاحقًا للانقلابيْن اللذيْن حدثا في كل من مالي وبوركينا فاسو[2]، لا سيّما أن كُلًا من هاتين الدولتين
ملاصقة للنيجر، وتشهدان وجودًا كبيرًا للتنظيمات الإرهابية. ومن المثير للاهتمام أن
النيجر كانت تمثل القاعدة الأهم لمواجهة الإرهاب المتنامي في هاتين الدولتين، ومن
ثم فإن وقوع الانقلاب في النيجر قد يؤدي إلى تراجع مواجهة الإرهاب، ليس في هاتين
الدولتين فحسب، بل أيضًا في المنطقتين المجاورتين، وهما منطقة الساحل الأفريقي
ومنطقة غرب أفريقيا.
وعلى هذا الأساس، فإن هذه الورقة تبحث
في تداعيات الانقلاب العسكري على تنامي الجماعات الإرهابية في هاتين المنطقتين، وفي
كيفية استفادة هذه الجماعات من حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني فيهما.
الانقلابات العسكرية وتنامي
الجماعات المتطرفة
الانقلابات العسكرية هي سمة عامة
مرتبطة بالقارة الأفريقية عمومًا، ولا تخص غرب القارة وحده، وقد يعود ذلك في بعض
أسبابه إلى أن دول القارة لم تحصل على استقلالها من الاحتلال الأجنبي إلَّا
متأخرًا، ومن ثم ظلت تبعيتها للمحتل الأجنبي مستمرة حتى بعد خروجه منها، فضلًا عن تراجع
الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفقر الذي تُعاني منه أغلب هذه العواصم.
في هذا الإطار، انتشرت في أفريقيا
موجة الانقلابات مع استقلال هذه الدول؛ إذ وصل عدد المحاولات الانقلابية إلى أكثر
من 200 محاولة، وأكثر من 50% منها كانت ناجحة، وأدَّت في أغلبها إلى خلع الحكام،
وتعطيل العمل بالدستور. وتشير الإحصاءات إلى أن هناك 27 دولة في أفريقيا حتى عام
2019 قد شهدت انقلابات عسكرية[3].
وخلال السنوات العشر التي تبدأ من عام
2011 وحتى عام 2021، شهدت القارة الأفريقية أكثر من عشرة انقلابات عسكرية، أبرزها
في مالي (مارس 2012)، وغينيا بيساو (أبريل 2012)، وبوركينا فاسو (سبتمبر 2015)،
وزيمبابوي (نوفمبر 2017)، والسودان (أبريل 2019)، ومالي (أغسطس 2020)، وتشاد
(أبريل 2021)، ومالي (أبريل 2021)، وغينيا (سبتمبر 2021)[4].
وخلال العامين الماضيين فقط، شهدت
القارة الأفريقية نحو 5 انقلابات عسكرية؛ فإضافة إلى الانقلاب الحالي في النيجر،
وقعت انقلابات في كل من مالي (مايو 2021)، وغينيا كوناكري (سبتمبر 2021)، وبوركينا
فاسو (يناير 2022)، وغينيا بيساو (فبراير 2022)[5].
وصحيحٌ أن حدة الانقلابات داخل القارة
الأفريقية ربما تكون قد تراجعت بدرجة بسيطة خلال السنوات الأخيرة، لكن القارة ما
زالت تحظى بأكبر عدد من الانقلابات بين بقية القارات الأخرى، وهذا الأمر أنتج
أوضاعًا سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية غير مستقرة تمامًا؛ مما وفر بيئة خصبة
لنمو حركات الإرهاب والتطرف في بعض مناطق القارة. وليس أدل على ذلك من تمدد هذه
الحركات في العديد من دول القارة: مثل تنظيم داعش وتنظيم القاعدة وحركة بوكو حرام
وحركة الشباب الصومالية، هذا فضلًا عن الكثير من حركات التمرد الأخرى التي ربما
تتخذ طابعًا عرقيًا أو اثنيًا.
وفي هذا الصدد يشير بعض الخبراء إلى
أنه فيما كانت قضية استعادة الأمن تمثل المبرر الرئيسي المستخدم من قِبَل قادة
الانقلاب في بوركينا فاسو ومالي حين استولوا على السلطة خلال الأعوام القليلة
الماضية، فإن الواقع يثبت خلاف ذلك تمامًا، إذ إن مشروع بيانات مواقع وأحداث
النزاعات المسلحة قد كشف أنَّ كُلًا من هذيْن البلديْن كانا في منتصف عام 2022 في
طريقهما نحو المرور بأكثر الأعوام دموية منذ نشوب الصراع في منطقة الساحل قبل عقد
من الزمان. كما كشف مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية أنَّ أعمال العنف التي
ترتكبها الجماعات المتطرفة في مالي أوشكت على التصاعد بنسبة 70% خلال عام 2022، حتى
إن عدد القتلى في صفوف المدنيين على إثر عنف المتطرفين في الربع الأول من العام
كان أعلى من أي عام سابق. ومن المعروف أنَّ بوركينا فاسو قد عانت أيضًا من أعمال
العنف، إذ كشفت منظمة أطباء بلا حدود أنَّ أعمال العنف أسفرت منذ يوليو 2021 وحتى
سبتمبر 2022 عن تهجير نحو 6700 شخص في منطقة بوكلي دو موهون[6].
تداعيات انقلاب النيجر على عملية
مواجهة الإرهاب في المنطقة
يحمل انقلاب النيجر مجموعة من
التداعيات على عملية مواجهة الإرهاب، في القارة الأفريقية عمومًا، وفي منطقتيْ
الساحل الأفريقي وغرب أفريقيا خصوصًا. فمن جهة قد تتراجع قدرات النيجر ذاتها على
مواجهة الجماعات الإرهابية، ومن جهة أخرى قد تتراجع قدرات الدول الغربية التي كانت
تدعم النيجر في مواجهة هذه الجماعات، وفي الحالتين قد تتحول البلاد إلى بيئة حاضنة
لهذه الجماعات، بل إن من المحتمل أن يزداد تمدد تلك الجماعات في المنطقة عمومًا.
في هذا الإطار، تُعَدُّ النيجر دولة
ذات أهمية كبيرة للعبور من شمال أفريقيا إلى منطقة الساحل الأفريقي عن طريق ليبيا،
حيث يمكن نقل الأسلحة عبرها في الاتجاهين. ومن ناحية أخرى
فإن الموقع الجغرافي للنيجر ربما يُساعد في تنامي الجماعات الإرهابية في القارة
عمومًا، وفي دول الساحل والصحراء خصوصًا، وذلك بعد وقوع الانقلاب العسكري، وما سوف
يخلّفه من فوضى ربما تمتد لفترة طويلة، وفق القراءة الأولى لمسار الأحداث واستشراف
المستقبل السياسي والأمني، سواء في النيجر أو في الدول المجاورة لها[7].
وتزداد خطورة الأمر بالنظر إلى أن
النيجر ملاصقة لدولة مالي التي انسحبت منها مؤخرًا القوات الفرنسية، الأمر الذي
أسهم في إعطاء الفرصة لتمدد الجماعات الإرهابية في هذه الدولة، ما يعني أن هناك
فرصة أخرى باتت تلوح في الأفق أمام هذه الجماعات للتمدد وترسيخ النفوذ في النيجر، لا
سيّما وأن فيها مصالح غربية عديدة يسهل استهدافها من قِبَل هذه الجماعات، فضلًا عن
ثرواتها التي قد تجد فيها تلك الجماعات وسيلة للحصول على الموارد التي تحتاجها
بشدة[8].
ولا شك أن استمرار مناخ عدم الاستقرار الأمني والسياسي في
البلاد سوف يمثل فرصة سانحة أمام بعض الجماعات الإرهابية، مثل “بوكو
حرام” التي تنشط على الحدود الجنوبية انطلاقًا من نيجيريا، وفرع تنظيم داعش الذي
يحمل اسم “ولاية الساحل”، وينشط على الحدود بين النيجر ومالي وبوركينا
فاسو، ويمكنهما اغتنام هذه الفرصة وتوظيف هذه الأحداث، سواء لتصعيد أنشطتها
العملياتية ضد الجيش، أو محاولات توسيع النفوذ والسيطرة الميدانية على مستوى القرى
والبلدات. ويبدو ذلك أمرًا ممكنًا في ظل احتمالات تراجع خطط الجيش والأمن في
مكافحة الإرهاب، سواء بسبب نشوء صراعات داخل المؤسسة العسكرية، أو بسبب انشغالها بمحاولة
السيطرة على أي احتجاجات داخلية[9].
إلى جانب ذلك، من شأن انقلاب النيجر
أن يضعف الأمل في مواجهة الإرهاب المتنامي في المنطقة؛ بالنظر إلى أنها – أي
النيجر –
تُعَدُّ
القاعدة الوحيدة للقوات الغربية التي من المفترض أن تمنع أي انهيار كامل للاستقرار
في منطقة الساحل. ومن الجدير بالذكر أن مجلس الأمن الدولي كان قد أنهى الشهر
الماضي مهمة حفظ السلام الأممية في مالي (مينوسما)، استجابة لرغبة باماكو، كما
أنهت فرنسا أيضًا العام الماضي وجودها العسكري في مالي، بعد تسع سنوات على إرسال
قوات فرنسية للمساعدة في وقف انتشار الحركات المتطرفة هناك، فيما كانت النيجر من
الدول التي انتقلت إليها القوات الفرنسية، كذلك قررت ألمانيا أواخر العام الماضي
سحب قواتها من مالي في موعد أقصاه مايو 2024 [10].
في ضوء كل هذه العوامل، فإن انهيار
النيجر وتراجع الاستقرار الأمني والسياسي فيها، يعني تراجع قدرات مواجهة الإرهاب
في هذه المنطقة. وفي هذا الصدد يقول أولف ليسينغ، رئيس مكتب مؤسسة كونراد أديناور
التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في منطقة الساحل، إن هذا الانقلاب
“سَطَرَ نهاية الوهم القائل بأن النيجر بلد مستقر للغاية، ويمكنه تحقيق
الاستقرار في بلدان أخرى في منطقة الساحل”، وأوضح أن “الجماعات الجهادية
الناشطة في المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، مثل داعش وما تُعرف بـ
“حركة نصرة الإسلام والمسلمين”، سوف تستفيد من هذا الانقلاب”[11].
ويرى محللون أنه إذا استطاع قادة الانقلاب العسكري تثبيت
وجودهم، وتمكنوا من السيطرة على البلاد وحكمها، فإنه من المرجح أن يرفضوا الوجود
الفرنسي، بل ربما يطالبون بإنهائه، الأمر الذي قد يتسبب في فراغ أمني كبير، قد
ينجح في استغلاله مقاتلو تنظيم داعش في الساحل وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، لا
سيّما في المقاطعات الغربية للنيجر. وبالمثل من المرجح أن تقوم ولاية داعش في
الصحراء الكبرى باستغلال الفراغ في حوض بحيرة تشاد لتوسيع نفوذها. وبحسب هؤلاء المحللين،
فإنه في ظل هذا السيناريو، من المرجح أن تخفيف الضغط على الجماعات الجهادية
المنبثقة من النيجر قد يؤدي إلى زيادة توسعها الإقليمي في منطقة الساحل وغرب
أفريقيا، وتسريع وتيرة الهجمات الإرهابية فيهما[12].
من جانب آخر، فإن المخاوف تزداد بشأن
تراجع قدرات مواجهة الإرهاب في المنطقة، بل ومن تنامي فرص تمدد الجماعات
الإرهابية، وتشتد هذه المخاوف في ظل احتدام الصراع الدولي الذي يمكن أن ترتفع
وتيرته بشدة خلال الفترة المقبلة، إذ إن هذا الصراع من شأنه أن يدفع بالبلاد لتنضم
إلى عِداد الدول غير المستقرة، بل ربما الفاشلة، ومن ثم تتحول إلى بيئة خصبة لتمدد
الجماعات الإرهابية. وبدلًا من أن تصبح قاعدة لمواجهة هذه الجماعات – كما كانت تأمل
بعض الدول الغربية – فإنها ستتحول هي الأخرى إلى حاضنة لهذه الجماعات.
في هذا الإطار، لا يمكن فصل الانقلاب
عن مجموعة أخرى من الأحداث الدولية، من بينها الصراع بين الدول الكبرى على الموارد
الطبيعية، وفي هذا الصدد يشير خوسيه لويس مانسيا – الكاتب الإسباني المتخصص في
شؤون الإرهاب بمنطقة الساحل – يشير إلى أن الانقلاب العسكري بالنيجر لم يكن من
قبيل المصادفة، وأن من يقف وراء تغيير السلطة في تلك الدول “يتبع استراتيجية
محددة للسيطرة على الموارد الحيوية لهذه المنطقة”، مشيرًا إلى أن النيجر
تتوفر على ثروات مثل الذهب والماس والنفط والفضة والقصدير واليورانيوم[13].
ويربط مانسيا انقلاب النيجر بالحاجة العالمية إلى اليورانيوم، قائلًا: “كان
هذا المعدن مُهِمًا حتى قبل بضعة أشهر، لكنه الآن أكثر أهمية منذ الحرب في
أوكرانيا، حيث تبحث العديد من البلدان عن بدائل للنفط والغاز لإنتاج الطاقة،
واليورانيوم هو أحد الحلول”، ويذهب في تحليله إلى أن الانقلاب ما هو إلَّا
“نتيجة تنظيم وتخطيط مسبق، خاصة أن النيجر هي رابع منتج عالمي لليورانيوم”[14].
ومن الجدير بالاهتمام أن ننظر في
توقيت حدوث الانقلاب، فقد جاء الانقلاب قبل يوم واحد من انعقاد القمة الروسية
الأفريقية (27 – 28 يوليو)، وكأنه رسالة موجهة من الروس إلى الأوربيين[15]،
وقد كانت هذه الرسالة أكثر وضوحًا عندما تظاهر مؤيدون للانقلاب وهم يرفعون الأعلام
الروسية ويهتفون لروسيا[16]!. وعلى هذا الأساس، لم يستبعد محللون أن
يكون لروسيا دور في هذا الانقلاب، في ظل صراعها مع فرنسا على النفوذ في المنطقة، فمن
المعروف أن النيجر هي الدولة الشريكة
الأولى لفرنسا في منطقة الساحل والصحراء، لا سيّما بعد اضطرار القوات الفرنسية إلى
الخروج من مالي، وتراجعها في بوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى، وحينذاك نقلت فرنسا قواتها إلى النيجر التي وافقت حكومتها على ذلك
“للاستفادة من الخبرات الفرنسية” في التدريب العسكري ومكافحة الإرهاب،
كما أن النيجر تمد فرنسا باليورانيوم الذي تستخدمه في محطات الطاقة النووية[17].
الأمر
الآخر الذي يمكن الإشارة إليه، هو تلك المخاوف من أن أي نظام جديد في النيجر قد
يهدد بتعطيل الاستراتيجية الأمريكية لمحاربة الجماعات الإرهابية أثناء توسعها عبر
غرب أفريقيا، وهو ما قد ينعكس على عدة أمور، أولها: تراجع النهج الأمريكي تجاه
مسألة الأمن الإقليمي، الذي يتمثل دوره بالأساس في إرسال قوات خاصة أمريكية لتدريب
نخبة من القوات الخاصة في النيجر لمواجهة تنظيميْ “القاعدة”
و”داعش”، لا سيّما بعد أن انتشرت أيديولوجيتهما العنيفة بسرعة من الشرق
الأوسط وجنوب آسيا إلى منطقة الساحل. والأمر الثاني هو تراجع قدرات الولايات
المتحدة على جمع المعلومات حول التنظيمات الإرهابية في المنطقة، فبحسب كاميرون
هدسون، المنسق الأول لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، تحتفظ
الولايات المتحدة بقاعدتين لطائرات “الدرون” في البلاد، ومن هذه القواعد
تجمع واشنطن المعلومات الاستخبارية على مساحة واسعة من الساحل وشرق أفريقيا، على
طول الطريق من السودان إلى مالي، ومن الشمال في ليبيا إلى الجنوب في نيجيريا، ومن
ثم فإن النيجر تمثل منصة في وسط أفريقيا كانت الولايات المتحدة تعتمد عليها في
جميع عمليات مكافحة الإرهاب وجميع عمليات جمع المعلومات الاستخبارية في المنطقة.
الأمر الثالث هو تراجع الدعم الأمريكي لقوات النيجر في مواجهة فروع
“القاعدة” و”داعش”، إذ اقتصر منذ عام 2017 على تقديم المشورة
والمساعدة، وتدريب عناصر من القوات الخاصة في النيجر وجيشها لمواجهة هذه التهديدات
الإرهابية بأنفسهم[18].
في هذا
الصدد أيضًا يشير محللون إلى أن نجاح قادة الانقلاب في تثبيت وجودهم في الحكم قد
يؤثر على مهمة الاتحاد الأوروبي الداعمة لمكافحة الإرهاب، التي تم إطلاقها عبر
شراكة عسكرية في ديسمبر 2022، وأعلن عنها حينذاك “المجلس الأوروبي” في
فبراير 2023، حيث تهدف هذه الشراكة إلى تأسيس وجود للاتحاد الأوروبي على أراضيها.
وفي هذه الحالة – أي حال تثبيت أركان الانقلاب – إمّا أن تتجه السلطة الانتقالية
إلى إنهاء هذه الشراكة، خاصة في ظل الموقف الأوروبي الرافض للانقلاب، وإمّا أن
يتجه الاتحاد الأوروبي نفسه إلى إلغاء هذه الشراكة أو تعليقها على الأقل، بناءً
على الموقف الرافض للانقلاب، وهو ما قد ينعكس على جهود مكافحة الإرهاب في النيجر
وفي المنطقة عمومًا[19].
خاتمة
يمكن القول إن الانقلابات العسكرية في أفريقيا قد أثرت بصورة
كبيرة على جهود مكافحة الإرهاب، وما حدث مؤخرًا في النيجر سوف ينعكس بالضرورة، وبصورة
أكبر، على تنامي الجماعات الإرهابية في منطقة غرب أفريقيا. وهنا تبدو التخوفات
أكبر في ظل ضعف الأنظمة السياسية، وغياب التنمية، واستمرار تبعية هذه الدول للدول
الكبرى التي عادةً ما تقدم مصالحها السياسية والاقتصادية على التحدي الأكبر
لمواجهة التنظيمات المتطرفة في أفريقيا.
[1] فاز
الرئيس المعزول محمد بازوم البالغ من العمر 63 عامًا، والذي يعد حليفًا وثيقًا
لفرنسا، بحصوله على 55% من الأصوات في الشوط الثاني من الانتخابات، التي نُظمت في
فبراير 2021، مقابل 44% من الأصوات حصل عليها منافسه محمد عثمان، مرشح المعارضة،
الذي سبق أن حكم البلاد في تسعينيات القرن الماضي.
[2] حدث الانقلاب
العسكري في مالي في 24 مايو من العام 2022، وهو ثالث انقلاب عسكري في آخر 10
سنوات، حيث سبقه انقلابان في عاميْ 2010 وفي 2020، أمّا انقلاب بوركينا فاسو فقد
حدث في 23 يناير عام 2022.
[3] بوحنية قوي، الظاهرة
الانقلابية في إفريقيا .. السياقات والتفسيرات، مركز الجزيرة للدراسات، 27 سبتمبر
2022، https://studies.aljazeera.net/ar/article/5469
[4] تعرف على أبرز الانقلابات العسكرية في أفريقيا
على مدى 10 سنوات، يورونيوز، 25 أكتوبر 2021، https://arabic.euronews.com/2021/10/25/africa-decade-coups-sudan
[5] بازوم آخر الضحايا .. أفريقيا تفشل في
كسر حلقة الانقلابات، سكاي نيوز عربية، 27 يوليو 2023، https://l8.nu/toGh
[6] مالي
وبوركينا فاسو يقاسيان من تزايد الهجمات الإرهابية عقب الانقلابات، مجلة منبر الدفاع الأفريقي (ADF)6، سبتمبر 2022، https://l8.nu/s1qM
[7] منير أديب، انقلاب النيجر وتنامي
الجماعات المتطرّفة في أفريقيا، العربية نت، 29 يوليو 2023، https://l8.nu/toIc
[8] المصدر السابق.
[9] محمد الفقي، ما التداعيات المُحتمَلة
لانقلاب النيجر على جهود مكافحة الإرهاب؟ إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية، 28
يوليو 2023، https://l8.nu/toOA
[10] انقلاب النيجر .. خطر يهدد آخر معاقل الاستقرار في منطقة الساحل،
دويتشه فيله، 29 يوليو 2023، https://l8.nu/s1kp
[11] المصدر السابق.
[12] د. حمدي عبدالرحمن، انقلاب النيجر ومستقبل الحرب على الإرهاب في الساحل،
مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 28 يوليو 2023، https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/8430
[13] انقلاب النيجر .. سؤال التوقيت
وتداعيات الحدث، موقع العين الإخبارية، 29 يوليو 2023، https://l8.nu/s1le
[14] المصدر السابق.
[15] انعقدت القمة الروسية الأفريقية في سانت بطرسبرج يومي 27
و28 يوليو من العام 2023، أي بعد يوم واحد من الانقلاب العسكري في النيجر.
[16] يمكن مراجعته على موقع اليوتيوب على شبكة المعلومات
الدولية “الإنترنت” على الرابط، https://www.youtube.com/watch?v=4nAc27DbQG0
[17] ما علاقة صراع روسيا وفرنسا بما يحدث
في النيجر؟ سكاي نيوز عربية، 26 يوليو 2023، https://l8.nu/toL4
[18] طارق الشامي، لماذا تخشى أمريكا تداعيات انقلاب النيجر؟ إندبندنت عربية، 29 يوليو 2023، https://l8.nu/toNq
[19] محمد الفقي، مصدر سابق.