Insight Image

تركيا والجغرافيا السياسية للغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط

13 أبريل 2020

تركيا والجغرافيا السياسية للغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط

13 أبريل 2020

تحمل مصالح أمن الطاقة للدول في طياتها إمكانات التعاون والصراع في آن واحد، ولا شك في أن منطقة شرق البحر  الأبيض المتوسط ​​تشكل نموذجاً جيداً يعكس هذه الازدواجية التي عبر عنها جيمس دورسي، زميل أول في كلية “إس. راجاراتنام” S. Rajaratnam للدراسات الدولية بجامعة نانيانغ للتكنولوجية في سنغافورة الذي وصف شرق البحر الأبيض المتوسط بـ “ساحة صراع مصغرة للمعارك الإقليمية والعالمية” تجسد احتمالات التوتر والتحديات المتعددة التي تواجهها المنطقة1.

وقد شكل، اكتشاف وجود الغاز الطبيعي في هذه المنطقة في الآونة الأخيرة، محوراً للتعاون والتنافس بالنظر لحجم الاحتياطيات البحرية الكبيرة المكتشفة منه خلال العقد الماضي في شرق البحر الأبيض المتوسط، وتأثيرها الكبير على أجندة أمن الطاقة الإقليمية. كما منحت هذه الاحتياطيات المكتشفة حديثاً لبلدان المنطقة أمل تحقيق اكتفائها الذاتي إلى جانب احتمالات انخراطها في أعمال تصدير مربحة للغاز.

ورغم أن تأسيس”منتدى غاز شرق المتوسط” الذي ضم قبرص، ومصر، واليونان، وإسرائيل، وإيطاليا، والأردن، والأراضي الفلسطينية قد أرسى أسس إطار إقليمي جديد للتعاون الفعال في مجال صناعة الغاز الطبيعي في هذه المنطقة، إلا أنه، وفي ظل هذه المستجدات، تبقى تساؤلات مهمة تطرح نفسها من قبيل:  كيف ينظر  بلدان المنطقة المستبعدين  من هذا الإطار إلى ديناميكيات الطاقة المتغيرة في المنطقة، وما هي السياسات التي قد تتبناها هذه الدول لموازنة الآثار السلبية للتهميش.

ويشكل وضع تركيا المتعطشة للطاقة في المنطقة، في هذا السياق، نموذجاً مثير للاهتمام تحديداً بحكم علاقاتها المتوترة مع عدد من بلدان المنطقة، والذي بالرغم منه تسعى أنقرة إلى الاستفادة من موقع المنطقة الذي تعزز باعتبارها محوراً لأمن الطاقة. وفي هذا الإطار، تبحث هذه الورقة في الخلافات ووجهات النظر المتعلقة بمشاركة تركيا في لعبة الطاقة الكبرى في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

Turkey Gas Trends Report

 

أهداف الغاز باختصار

ينبع الوضع الجيوسياسي المتفرِّد لتركيا من حقيقة أن احتياطاتها الهيدروكربونية محدودة، بينما تملك دول الجوار موارد وفيرة. ويفرض هذا الوضع على أنقرة واجباً يقضي بأن تسعى إلى إقامة علاقات مستقرة في مجال الطاقة مع البلدان أو المناطق الغنية بالطاقة في جوارها. واتساقاً مع الطلب المحلي الذي لا يفتأ يزداد في تركيا، صارت الجهود المدفوعة بأمن الطاقة جزءاً لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدولة خلال العقدَيْن الماضيَيْن؛ فالبحث عن المواد الهيدروكربونية، لا سيما الغاز الطبيعي، أصبح هدفاً جيوسياسياً وجغرافياً – اقتصادياً رئيسياً للدولة.

جدول رقم (1)

حجم الطلب التركي على الغاز الطبيعي على مدار الفترة بين عامَيْ 2002-2018 (بالمليار متر مكعب)2

العام200220042006200820102012201420162018
حجم الطلب )بالمليار متر مكعب)17.89022.53031.18536.64738.11945.25448.82946.47149.643

 

جدول رقم (2)

نسبة الغاز المنقول بالأنابيب إلى الغاز الطبيعي المُسال في واردات تركيا من الغاز الطبيعي (%)3

العامالغاز المنقول بالأنابيبالغاز الطبيعي المُسال
201387.08%12.92%
201485.22%14.78%
201584.21%15.79%
201683.54%16.46%
201780.52%19.48%
201877.51%22.49%

 

جدول رقم (3)

4حجم واردات الغاز الطبيعي لتركيا (بالمليار م3) وحصة من إجمالي الواردات (%) بحسب البلد

 روسياإيرانأذربيجانالجزائرنيجيريابلدان أخرىالإجمالي
العامالحجم (مليار م3)(bcm)الحصة (%)الحجم (مليار م3)الحصة (%)الحجم (مليار م3)الحصة (%)الحجم (مليار م3)الحصة (%)الحجم (مليار م3)الحصة (%)الحجم (مليار م3)الحصة (%)الحجم (مليار م3)
201326.21257.98.73019.284.2459.383.9178.651.2742.810.8921.9745.269
201426.97554.768.93218.136.07412.334.1798.481.4142.871.6893.4349.262
201526.78355.317.82616.166.16912.743.9168.091.2402.562.4935.1548.427
201624.54052.947.70516.626.48013.984.2849.241.2202.632.1244.5846.352
201728.69051.939.25116.746.54411.854.6178.361.3442.434.8048.7055.250
201823.64246.957.86315.617.52714.954.5218.981.6683.315.14010.2150.361

 

ويمكن وصف الدوافع وراء السياسات التركية المتعلقة بالغاز الطبيعي في الإطار الثلاثي التالي:

  • الغاية الأساسية لتركيا، انطلاقاً من كونها دولة تعتمد على الواردات، هي تأمين وصولها إلى إمدادات الغاز الطبيعي لتلبية الطلب المحلي.
  • تهدف تركيا إلى تنويع هيكل إمداداتها الحالي وموازنة الدور المهيمن لروسيا في حافظة الطاقة الخاصة بها.
  • تهدف تركيا إلى تعزيز/ زيادة اندماجها في بنية أمن الطاقة الإقليمية عن طريق توطيد دورها بوصفها دولة معبر للطاقة، ومحوراً أساسياً محتملاً للإمدادات المتجهة نحو أوروبا.

ومن الناحية الجغرافية، ينبغي تَتَبُّع التطورات الحالية بشأن البحار وأحواض البحار الثلاثة المتاخمة/ القريبة لتركيا متى تعلق الأمر بتقييم التحديات التي تواجه تركيا والفرص التي تلوح لها في توازن أمن الطاقة الإقليمي.

أولاً وقبل كل شيء، يُعدُّ البحر الأسود محوراً أساسياً للطاقة بالنسبة لتركيا، حيث يَنْقِل عبره خط أنابيب بلو ستريم، وخط أنابيب ترك ستريم، المنشأ حديثاً، الغاز من روسيا. ومن جهة ثانية، يعد بحر قزوين الغني بالمواد الهيدروكربونية مصدراً أساسياً لإمدادات الغاز والنفط لتركيا، حيث ترتبط الدولة بأذربيجان عبر ممر الغاز الجنوبي، وكذلك خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان، وفي الجوار الجنوبي لتركيا، ظهرت منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط كمصدر أساسي للغاز الطبيعي نظراً للاكتشافات التي تحققت في العقد الماضي؛ وبالتالي فقد أدى ذلك إلى زيادة اهتمام تركيا بالمنطقة خلال السنوات الأخيرة وتَوجه سياستها الخارجية نحوها.

شرق المتوسط: قصة مُعقَّدَة

عرفت علاقات تركيا على مدار العقد الماضي تراجعاً في في مستواها وتوتراً في طبيعتها مع العديد من الدول في منطقة شرق المتوسط مما تسبب في مزيد من التعقيد لطموحات أنقرة على صعيد أمن الطاقة؛ فعلى سبيل المثال، ضعف مستوى علاقاتها مع إسرائيل عام 2010 إثر واقعة السفينة مرمرة5، وساءت علاقاتها بمصر بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي المدعوم من تركيا عام 20136، وظلت علاقة تركيا بهذين البلديْن فاترةً منذ ذلك الحين.

وعلى الرغم من أن تركيا هي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، إلا أن التوترات بينها وبين اليونان تفاقمت أيضاً، وآخرها كان في أوائل مارس 2020 بسبب قرار اتخذته تركيا بفتح حدودها الغربية، مما فتح الباب أمام آلاف اللاجئين الراغبين في دخول الاتحاد الأوروبي7 ما ردت عليه اليونان بتعزيز حماية حدودها، وأفضى إلى محاصرة اللاجئين في المنطقة الحدودية.

لكن تبقى في ظل كل هذا العلاقة التركية-القبرصية الأكثر تأزماً على الصعيد الإقليمي بسبب الخلاف المعمر بين البلدين منذ عقود على إثر ما شهدته الجزيرة، التي يسكنها يونانيون وأتراك، من تطور حاسم عام 1974 عندما قام ضباط في الجيش اليوناني بانقلاب عسكري وطالبوا بضم الجزيرة إلى اليونان، ما دفع بتركيا إلى التدخل عسكريا في الجزيرة وبسط سيطرتها على قرابة الـ 37% منها وتقسيمها بحكم الأمر الواقع.

وما زاد من حدة تأزم العلاقات التركية-القبرصية أيضاً هو ما أقدمت عليه تركيا عام 1983 بعد إعلانها قيام جمهورية شمال قبرص التركية المعترف بها أحادياً في الداخل التركي في وقت لا تعترف فيه بجمهورية قبرص التي تسيطر على بقية الجزيرة باعتبارها دولة ذات سيادة، وعلى هذه الخلفية ظلت التوترات قائمة منذ ذلك الحين، وإلى الآن باءت جميع الجهود الساعية إلى توحيد جزيرة قبرص بالفشل8.

وبالنظر إلى هذه التحديات التي تواجه السياسة الخارجية التركية في المنطقة، فإن السعي إلى الحصول على الغاز الطبيعي في هذه المياه التي تموج بالاضطرابات تُعدُّ مهمةً شاقة. وقد منح تعاقب الاكتشافات البحرية للغاز الطبيعي على أيدي إسرائيل، وقبرص، ومصر خلال العقد الماضي تلك البلدان أملاً في تلبية طلبها المحلي على الغاز الطبيعي، وكذلك فرصةً الارتقاء بإمكاناتها التصديرية.

ولم يزعزع اكتشاف حقل ليفياثان للغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة بإسرائيل عام 2010 (605 مليار م2)9، وحقل ظُهر للغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة بمصر عام 2015 (850 مليار م2)10، وحقل غلوكوس للغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص عام 2019 (142-227 مليار م2)11، إضافة إلى حقول أخرى، أجندات أمن الطاقة الإقليمية فحسب، بل أدى أيضاً إلى تعديل تركيا لحساباتها الاستراتيجية بما يضع في الحسبان المنافسة الإقليمية المحمومة على الطاقة.

جدول رقم (4)

بعض أبرز حقول الغاز الطبيعي البحرية في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط 12

حقل الغازالدولةالعام الأول لاكتشاف الغازاحتياطات الغاز المُقدَّرَة
حقل أفروديت للغازقبرص2011129 مليار متر مكعب
حقل كاليبسو للغازقبرص2018170-230 مليار متر مكعب
حقل غلوكوس للغازقبرص2019142-227 مليار متر مكعب
حقل ظُهْر للغازمصر2015850 مليار متر مكعب
حقل ليفياثان للغازإسرائيل2010605 مليار متر مكعب
حقل تمار جنوب غربإسرائيل2009318 مليار متر مكعب

 

جدول رقم (5)

محطات تسييل الغاز في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط بدايةً من فبراير2019 13

الدولةاسم المحطةتاريخ البدءالطاقة الإسمية
(بالمليون طن في السنة)
مصرمجمع المصرية الإسبانية للغاز (سيجاس) T120055
مصرمجمع المصرية للغاز الطبيعي المسالT120053.6
مصرمجمع المصرية للغاز الطبيعي المسال T220053.6
ليبيامجمع مرسى البريقة
(خارج الخدمة منذ عام 2011)
19701.5

 

جدول رقم (6)

محطات استقبال الغاز الطبيعي المُسال في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط بدايةً من فبراير2019 14

الدولةاسم المحطةتاريخ بدء العملالقدرة الاسيتعابية بالمليون طن في السنة
مصرالشركة العربية لأنابيب البترول “سوميد” (وحدة عائمة)20175.7
مصرمحطة هوغ بالعين السخنة (وحدة عائمة)
(لا توجد وحدة تخزين وإعادة تغويز عائمة مُستأجرة منذ فبراير 2019)
20154.2
مصرمحطة بى دبليو بالعين السخنة (وحدة عائمة)
(لا توجد وحدة تخزين وإعادة تغويز عائمة مُستأجرة منذ فبراير 2019)
20155.7
إسرائيلمحطة الخضيرة (وحدة عائمة)20133.0
اليونانمحطة ريفيثوسا للغاز الطبيعي المسال20004.8
تركيامحطة مرمرة إريجليسي19947.6
Turkeyألياجا20068.0
تركيامحطة إيتكي (وحدة عائمة)20165.3
تركيامحطة دورتيول (وحدة عائمة)20184.1

هناك مشكلتان أساسيتان تقفان عقبة أمام النهج التركي في تحقيق استراتيجيتها الخاصة بالوصول لاحتياطات غاز منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وهما التناقضات التي ينطوي عليها تعيين حدود المناطق الاقتصادية الخالصة في شرق المتوسط، والعلاقات المتوترة حالياً بين تركيا وقبرص.

ويمكن الإشارة، في هذا الصدد، إلى أن قبرص وقعت اتفاقيات خاصة بترسم حدودها البحرية مع مصر عام 2003، وإسرائيل عام 2010، ولبنان عام 2007 في حين أنها لم تُبرم أي اتفاقية في هذا الشأن مع تركيا؛ وفي مقابل هذا وقعت تركيا اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع جمهورية شمال قبرص التركية عام 2011 التي تزعم بموجبها الأخيرة امتلاكها 44% من المنطقة الاقتصادية الأمر الذي ترفضه قبرص رفضاً قاطعاً.

وعلاوة على هذ، لم تصادق تركيا على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، وتزعم أن قبرص بوصفها جزيرة لا يحق لها امتلاك منطقة اقتصادية خالصة، وتدعي تركيا بالتالي، على هذا الأساس، ملكيتها جزءاً من المناطق البحرية التي تدعي قبرص ملكيتها وفقاً لقانون البحار. كما لا تعترف تركيا باتفاقات الحدود البحرية التي أبرمتها قبرص مع مصر وإسرائيل15.

لقد بدأت حدة التوترات السياسية تتزايد خصوصاً مع تزايد جهود البحث عن احتياطات الغاز الطبيعي والتنقيب عنها في شرق البحر الأبيض المتوسط؛ ففي عام 2011، وبعد فترة وجيزة من إبرام اتفاقية بين تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية بخصوص الحدود البحرية، بدأت تركيا في التنقيب في المناطق البحرية المتنازع عليها. وذكر عمر شليك، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم آنذاك أن بعثة استكشاف ترافقها سفن حربية قد بدأت العمل.

وتابع بالقول: “لقد أظهرنا للجميع بوضوح أننا لن نسمح لمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط أن تصبح هدفاً يونانياً-قبرصياً-إسرائيلياً”16. وبعد ذلك بعام، بدأت تركيا عمليات التنقيب البرية عن النفط والغاز في جمهورية شمال قبرص التركية، الأمر الذي أثار توترات مع حكومة قبرص17 التي اعتبرت أن هذه الأعمال بمنزلة انتهاكات سافرة لسيادتها على ترابها.

ونشرت تركيا في أعقاب هذا سفناً بحرية لمرافقة سفن الحفر التابعة لها أو لمنع الملاحة البحرية لسفن الحفر التابعة لدول أخرى في إشارةٍ واضحة مفادها أن تركيا لا تعترف بالحدود البحرية لقبرص، وأنها مستعدة لإثبات قدراتها العسكرية. وبعد إرسال سفينتَيْن حربيتَيْن وغواصة لمراقبة سفينة تقوم بالحفر والتنقيب لصالح قبرص في يوليو 2017، أعلنت الخارجية التركية: “أن تركيا عازمة على حماية حقوقها ومصالحها في جرفها القاري ومواصلة دعمها للجانب القبرصي التركي”18. وبعد ستة أشهر، أوقفت البحرية التركية في فبراير 2018 حفّارة في طريقها إلى تنفيذ عمليات حفر لصالح قبرص مما أدى مرة أخرى إلى مواجهة دبلوماسية بين تركيا وقبرص.19

وبالتوازي مع هذه التوترات، شهد التعاون بين قبرص، وإسرائيل، واليونان تطوراً ملموساً إلى درجة أنه أطلق عليه اسم “مثلث الطاقة” في شرق المتوسط. وقد ناقشت الدول الثلاثة بشكل مكثّف خططاً لبناء خط أنابيب موجَّه إلى الأسواق الأوروبية20؛ وفي مقابل هذا وبهدف تعزيز قدرتها على التحول إلى مركز إقليمي للغاز، بحثت تركيا من جانبها إمكانات الشراكة مع إسرائيل لإبرام صفقة بخصوص خطوط الأنابيب، لكن توتر العلاقات العامة بين البلدين حَالَ دون تنفيذ الخطة 21.

وفي ظل هذه المحددات شهد عام 2019 أحداثاً عصيبة كانت بدايتها في يناير الذي عرف تأسيس “منتدى غاز شرق المتوسط” الذي تسبب في زيادة عزلة تركيا في المنطقة22، ثم ما أقدمت عليه تركيا في شهرَيْ مايو ويونيو، بإرسالها لحفَّارات إلى المياه القبرصية، الأمر الذي عُدَّ رداً على استبعادها من التعاون الموجه نحو التصدير23. وقد أدان الاتحاد الأوروبي تصرفات أنقرة، ووضع تدابير عقابية ضدها شملت تأجيل المحادثات الجارية ووقف بعض المساعدات24. ورداً على ذلك، ذكرت الخارجية التركية أن هذه التدابير: “لن تؤثر بأي شكل من الأشكال على تصميم بلادنا على مواصلة الأنشطة الهيدروكربونية في شرق البحر الأبيض المتوسط”25.

وتصاعدت حدة التوتر في أوائل أكتوبر 2019 عندما أكدت تركيا أنها سترسل واحدةً من حفَّاراتها إلى المياه قبالة جنوب قبرص حيث منحت السلطات القبرصية بالفعل شركات أخرى حقوق التنقيب26؛ ما ردت عليه قبرص27، والاتحاد الأوروبي28، وكذلك الولايات المتحدة بتحذير تركيا من مغبة مواصلة أنشطتها غير القانونية29. ولممارسة ضغوط على تركيا، تبنى الاتحاد الأوروبي إطاراً للعقوبات ضد تركيا في نوفمبر30.

كما قررت تركيا، في وقت لاحق من الشهر نفسه ورداً على هذه الإجرءات، التصعيد أكثر بإبرامها اتفاقيتَيْن مع حكومة الوفاق الوطني الليبية التي تتخذ من طرابلس مقراً لها؛ تتعلق إحداهما بالتعاون العسكري والأمني، مما أسفر عن نشر القوات التركية في ليبيا، والأخرى عن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين31 ما زاد من تعقيد مسألة الحدود البحرية المتنازع عليها في المنطقة بأسرها.

ويشار إلى أن طموح تركيا من هذا الاتفاق الأخير هو تعزيز موقفها للمطالبة بمناطق بحرية من منافسيها في شرق البحر الأبيض المتوسط الأمر الذي أوضحه الرئيس أردوغان بالقول: “سيسمح – أي الاتفاق –  لتركيا أيضاً بالقيام بعمليات حفر في الجرف القاري لليبيا بموافقة طرابلس… وفي ظل هذا الاتفاق الجديد بين تركيا وليبيا، يمكننا القيام بعمليات استكشاف مشتركة في هذه المناطق الاقتصادية الخالصة التي حددناها دون أدنى مشكلة”.

كما زعمت أنقرة، في ضوء الاتفاقات الجديدة، أن بلداناً إقليمية أخرى – مثل قبرص، ومصر، وإسرائيل، واليونان لا تستطيع مواصلة التنقيب عن احتياطيات الغاز أو مد خطوط الأنابيب دون موافقتها، رُغم الآثار الواضحة لهذا الأمر على مشروع خط أنابيب شرق البحر المتوسط المخطط له32. وبعد الاتفاق مع طرابلس، قال أردوغان: “إن تركيا ستستخدم حقوقها النابعة من القانون البحري الدولي والقانون الدولي في البحر المتوسط حتى النهاية”33.

وبينما أكدت تركيا على الشرعية الدولية لأعمالها، أدان الاتحاد الأوروبي هذه الخطوة مشيراً إلى أن الاتفاق التركي- الليبي حول ترسيم الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط “ينتهك الحقوق السيادية لدول ثالثة، ولا يمتثل لقانون البحار ولا يمكن أن ينتج عنه أي تبعات قانونية بالنسبة لدول ثالثة”34؛ وتُشير التقديرات – في هذا السياق – إلى أن قبرص واليونان يمكن أن يكونا البلدَيْن الخاسرَيْن جراء تحركات أردوغان نظراً لموقعهما الجغرافي إذ بوسع إسرائيل – من حيث المبدأ – مد خط أنابيبها عبر تركيا دون عبور الأراضي البحرية المتنازع عليها35.

وفي ظل هذه التطورات أعربت تركيا، في ديسمبر 2019، لإسرائيل عن رغبتها في التفاوض بشأن احتمال مد خط أنابيب لنقل الغاز الإسرائيلي مروراً بتركيا إلى أوروبا ما سيُمكن تركيا من تعزيز دورها كمركز ناشئ للطاقة في المنطقة؛ وردا على هذا خرج وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتز بتصريح قال فيه: “نحن مستعدون لمناقشة صيغة للتعاون.. تعاون في مجال الطاقة.. مع الأتراك أيضاً.. نحن لسنا ضد الأتراك لكننا نساند مشروع خط أنابيب غاز شرق البحر المتوسط”36.

وتماشياً مع ذلك، وقَّعت إسرائيل مع قبرص، واليونان أوائل يناير 2020 اتفاقاً لإقامة خط أنابيب شرق البحر المتوسط تحت البحر بطول 1900 كيلومتر لنقل الغاز الطبيعي من حقول الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، ومن المقرر الانتهاء منه عام 2025 37، بيد أن تركيا تعارض خط أنابيب شرق البحر المتوسط، وتدعي أن مثل هذا المشروع لا يمكن أن يستمر دون موافقة أنقرة، ولا ترى فيه إلا أداةً لإقصاء تركيا من المشهد38.

وسينقل خط أنابيب شرق البحر المتوسط 10 مليارات م3 من الغاز الطبيعي إلى أوروبا سنوياً. وعلى الرغم من أن الخبراء يلفتون الانتباه إلى المخاطر المحتملة للمشروع، علق سيمون تاجليابيترا – زميل بحوث أول في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية – عليه بالقول: “إن مشروع خط الأنابيب يجب أن يجذب أولاً التمويل الكافي وأن يصبح مستداماً من الناحية الاقتصادية. كما أن “الصفقة الأوروبية الخضراء” – وهي الخطة المصممة لتحقيق الحياد المناخيّ في أوروبا بحلول عام 2050 – تُثير المزيد من التساؤلات حول جدوى خط الأنابيب بالنظر إلى أن الاتحاد الأوروبي هو المستهلك الأساسي39.

وقد تفاقمت التوترات أكثر في يناير 2020 بعد أن أدانت رئاسة قبرص استمرار تركيا في أنشطة الحفر في المياه المتنازع عليها قائلةً: “إن تركيا تتحول إلى دولة قراصنة في شرق البحر الأبيض المتوسط”40. كما بدأت، خلال الشهر نفسه، إسرائيل تصدير الغاز إلى الأردن41، ثم إلى مصر بعدها بأسبوعَيْن، مما شكَّلَ معلماً بارزاً آخر في سياق علاقات الطاقة الإقليمية.

وربما تُعيد مصر قريباً تصدير الغاز الإسرائيلي من خلال بنيتها التحتية ومحطات الإسالة42. ورغم استمرار الأوضاع المعقدة، تواصل تركيا استكشاف احتياطيات محتملة من المواد الهيدروكربونية في شرق البحر الأبيض المتوسط بسفينتَيْن لبحوث الاهتزازات الأرضية وحفارتين43، في حين أفادت تقارير أن هناك حفارة ثالثاً وصلت إلى تركيا في الخامس عشر من مارس 2020 44.

تقييـــم

أصبح ضمان الحصول على موارد الطاقة المتعلقة بالغاز الطبيعي هدفاً محورياً في السياسة الخارجية التركية. فقد تفاوضت تركيا بشأن علاقات طاقة شاملة مع أكبر مصدرَيْن للغاز لديها، وهما روسيا وإيران. وكانت التفاعلات المرتبطة بالغاز الطبيعي تُدار دوماً سلمياً في ما بينها. والتعاون في مجال الطاقة له أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للعلاقات الأذربيجانية-التركية، حيث تُعدُّ أذربيجان أحد أقرب حلفاء تركيا وثالث أكبر موردي الغاز لها.

ولكن، لماذا يختلف الوضع في شرق البحر الأبيض المتوسط إلى هذا الحد؟ وما الجديد في نهج تركيا؟ أولاً، مصالح تركيا في مجال الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط تصاحبها إمكانية استعراض أنقرة قدرات القوة الصلبة، ولتفسير السياسات التركية، في هذه الحالة، يمكن تعريف مفهوم “قوة الطاقة” كما رسم ملامحها الأستاذ مايكل تي كلير بأنها “استغلال لمزايا دولة ما في إنتاج الطاقة والتكنولوجيا لتعزيز مصالحها العالمية وتقويض مصالح منافسيها”45. وأوضح كلير كيف يمكن أن يُعزز نوع محدد مدفوع بأمن الطاقة من ممارسة السلطة السردية للقوة الصارمة-القوة الناعمة الكلاسيكية.

وفي ما يتعلق بأهداف تركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط، تُمارسُ “قوة الطاقة” لضمان أن بوسع أي دولة آمنة من حيث احتياجات الطاقة أن تكون أيضاً طرفاً فاعلاً رئيسياً للطاقة في المنطقة. ومع ذلك، فإن استعراض أدوات القوة الصلبة التقليدية، مثل نشر السفن العسكرية في المياه المتنازع عليها يُستغَل أيضاً لإثبات موقف تركيا الحازم تجاه تأمين مصالحها في مجال الطاقة والقوة الإقليمية.

ومن منظور أوسع، كان وضع القوة الإقليمية التركية في تطور مستمر في العقد الماضي. وفي أعقاب الاضطرابات العربية، خسرت تركيا شركاءها السابقين في الشرق الأوسط، وأصبح الوضع السوري على رأس أولويات الأجندة الإقليمية التركية. لقد كان لتركيا أهداف متعددة في انخرطها في الصراع السوري، وقد أظهرت أن الصراع المتاخم لها مباشرةً لا ينبغي تسويته دون مشاركتها الفعّالة فيه.

لقد كان من الواضح بالنسبة لأنقرة أن تسوية الصراع السوري قد تعيد إلى حد كبير رسم معالم توازن القوى الإقليمي. ونتيجة لذلك، فهي لم تكن راغبة في إهدار فرصتها في صياغة الوضع الراهن الجديد. ولكن بينما يستعيد بشار الأسد الحكم في سوريا، يبدو أن المرحلة النهائية في سوريا لن تزيد من المساحة المتاحة لتركيا للمناورة في الشرق الأوسط بقدر ما كانت أنقرة تعقد الآمال. ولذلك، فإن تركيا متحمسة بشكل متزايد لاستعراض قوتها في المناطق الإقليمية المجاورة الأخرى أيضاً.

لقد سعت هذه الورقة إلى التأكيد على أن منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تُعدُّ ذات أهمية رئيسية لتركيا؛ ففي الوقت الذي تسعى فيه أنقرة إلى فرض سلطتها في هذه المنطقة، يعكس هذا الطموح أهمية بحث تركيا عن موارد الطاقة. ولا ينبغي للمرء أن يتجاهل حقيقة مفادها أن احتمالات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي قد تلاشت أساساً، وبالتالي أصبح لدى تركيا دوافع أقل تسوقها إلى الإحجام عن الدخول في صراع مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في المنطقة مثل قبرص أو اليونان.

في الوقت الراهن، لا تزود منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط تركيا بالغاز، اللهم باستثناء صفقات السوق الفورية بين الحين والآخر مع مصر46. ومع ذلك، تتجلى هذه المسألة بوصفها نقطة حاسمة على جدول أعمال السياسة الخارجية التركية، طالما أن أنقرة لا تنظر إلى المنطقة من منظور أمن الطاقة فحسب، بل أيضاً من خلال صراعها الطويل الأمد مع قبرص وفي السياق الأوسع للمنافسة الإقليمية الكبرى على السلطة في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وتماشياً مع ما تقدم، تقترح هذه الورقة أنه يمكن تحديد ستة عوامل رئيسية على الأقل في ما يتعلق بتزايد انخراط تركيا في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط:

  1. سعي تركيا ذاتها، بعد أن شجعتها الاكتشافات الناجحة التي حققتها بلدان أخرى، إلى امتلاك احتياطيات محتملة من الغاز في مياهها الإقليمية يمكن أن تعود على الدولة بفوائد اقتصادية؛
  2. تذكير الجهات الفاعلة الإقليمية في جميع المنتديات الممكنة بأن تركيا لا تريد أن تُستبعد من تشكيل أجندة إقليمية جديدة للطاقة وأنها على استعداد لحماية مصالحها؛
  3. إرسال رسالة إلى الأطراف الإقليمية مفادها أن تركيا يمكن أن تكون دولة معبر للطاقة لنقل الغاز من المنطقة إلى أوروبا، ما يمكن أن يرتقي بدور تركيا كمركز للطاقة، ويثبت أن أنقرة يمكن أن تقوِّض المشاريع المنافسة مثل خط أنابيب شرق البحر المتوسط؛
  4. التعاطي مع المطالبات التركية المعنية بمنطقة اقتصادية تركية خالصة، وممارسة ضغوط على الحكومة القبرصية لتقاسم عائدات الغاز المتوقعة مع جمهورية شمال قبرص التركية؛
  5. إشراك مزيد من دول المنطقة في دعم أهداف تركيا على غرار ما شهدنا في اتفاقية الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، لضمان تعزيز تركيا موقفها بينما تمنع الدول الأخرى من كسب نفوذ؛
  6. واستعراض قدرات أنقرة العسكرية في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

 

خاتمة

كي يتسنى لأي دولة أن تعزز موقعها الجيوسياسي، فقد تسعى إلى التعاون بشكل مباشر مع جهات فاعلة أخرى في الجوار. وبدلاً من ذلك، لو رأت أن هذا النهج مستحيل، قد يستقر رأيها على ممارسة ضغوط على الجهات الفاعلة الأخرى أولاً ثم محاولة إجبارها على التعاون. لكن، يظل رغم ذلك خطر تَحوُّل مثل هذه الاستراتيجية إلى استراتيجية هدّامة. ويبدو أن تركيا اختارت الخيار الثاني في ما يتعلق ببحثها عن الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط.

ومن الصعب التكهن بمدى نجاح السياسات التي تنتهجها تركيا في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط غير أنه يبدو الآن أن تركيا تعاني من موقف منعزل نسبياً في المنطقة في ما يتعلق باستغلال الغاز الطبيعي، ومن بين النتائج المترتبة على ذلك أن الشكوك المتبادلة في العلاقات بين تركيا وغيرها من الجهات الفاعلة في المنطقة أصبحت في ازدياد وباتت تُشكّل جزءاً لا يتجزأ من هذا الموقف، والتوترات المتزايدة مع قبرص من شأنها أن تزيد من تأخير أي نوع من التقارب بشأن قضية جمهورية شمال قبرص التركية.

وبينما تُشكّل الدول الأعضاء في منتدى غاز شرق المتوسط نوعاً من التحالف الإقليمي، فإن إقصاء تركيا عن هذه الدول إما قد يزيد من رغبتها اليائسة في فرض نفوذها على الآخرين وإما يجبرها على السعي إلى شكل أكبر من أشكال التعاون. جدير بالذكر أيضاً أن الانضمام إلى مشروع خط أنابيب شرق البحر المتوسط الذي تم توقيعه مؤخراً لا يضمن نجاحه بأي حال من الأحوال، حيث ما زالت جدوى المشروع غير مؤكدة ولا ينبغي النظر إليه على أنه المقياس الرئيسي للتعاون الإقليمي الناجح في مجال الغاز.

ويبدو من المرجح أن يعود الغاز الطبيعي بفوائد على المنطقة بأسرها، حتى لو لم تجد تركيا احتياطيات من الغاز في مياهها بعد. وقد تم تطوير البنية الأساسية لإعادة تحويل الغاز الطبيعي إلى غاز مسال، ويمكن استخدامها لاستيراد المزيد من الغاز في المستقبل، وربما أيضاً من بلدان أخرى في شرق البحر الأبيض المتوسط بمجرد اصطفاف الإرادة السياسية الكافية ومسوغات الأعمال، وهذا من شأنه أن يساعد تركيا على زيادة تنويع هيكل واردات الغاز، وهو هدف رئيسي للبلاد في مجال الطاقة على أي حال.

الهوامش:

[1] James M. Dorsey, ”Eastern Mediterranean: A Microcosm Of Regional And Global Battles – Analysis,” Eurasia Review, 6 March 2020 (https://www.eurasiareview.com/06032020-eastern-mediterranean-a-microcosm-of-regional-and-global-battles-analysis/)

[2] OPEC Annual Statistical Bulletin, 2019.

[3] Dataset compiled from: T.C. Elektrik Piyasasi Düzenleme Kurumu, Doğal Gaz Piyasasi Sektör Raporu, 2012-2018, (Natural Gas Market Sector Report, 2012-2018).

[4] T.C. Elektrik Piyasasi Düzenleme Kurumu, Doğal Gaz Piyasasi 2018 Yili Sektör Raporu, (Natural Gas Market 2018 Sector Report) 7.

[5] Umut Uzer, ”Turkish – Israeli Relations: Their Rise and Fall,” Middle East Policy, Vol. XX, No. 1, 2013 (https://mepc.org/turkish-israeli-relations-their-rise-and-fall)

[6] Khalil al-Alani, ”Egypt-Turkey Strained Relations: Implications for Regional Security,” Arab Center Washington DC, 18 March 2020 (http://arabcenterdc.org/policy_analyses/egypt-turkey-strained-relations-implications-for-regional-security/)

[7] ”Erdogan warns Europe to expect ‘millions’ of migrants after Turkey opens borders,” France 24, 3 March 2020 (https://www.france24.com/en/20200303-erdogan-warns-europe-to-expect-millions-of-migrants-after-turkey-opens-borders)

[8] Egeresi Zoltán, ”Kelet-mediterráneumi gázkincs: a ciprusi válság új dimenzióban,” (Gas Reserves in the Eastern Mediterranean: New Dimension in the Cyprus Crisis), Stratégiai Védelmi Kutatóintézet, Elemzések 2019/16, 15 August 2019 (https://svkk.uni-nke.hu/document/svkk-uni-nke-hu-1506332684763/SVKI_Elemz%C3%A9sek_2019_16_Kelet-mediterr%C3%A1neumi_g%C3%A1zkincs_a_ciprusi_v%C3%A1ls%C3%A1g_%C3%BAj_dimenzi%C3%B3ban_(Egeresi%20Z.).pdf)

[9] ”Leviathan: a regional energy anchor,” Delek Drilling (https://www.delekdrilling.com/natural-gas/gas-fields/leviathan)

[10] ”Eni discovers 850 bcm giant gas field offshore Egypt,” Enerdata, 31 August 2015 (https://www.enerdata.net/publications/daily-energy-news/eni-discovers-850-bcm-giant-gas-field-offshore-egypt.html)

[11] ”ExxonMobil Discovered Gas Field on Cyprus Shelf,” Caspian Barrel, 1 March 2019 (http://caspianbarrel.org/en/2019/03/exxonmobil-discovered-gas-field-on-cyprus-shelf/)

[12] Compiled by author.

[13] IGU – International Gas Union, 2019 World LNG Report, 96-97.

[14] IGU, 100-105.

[15] Egeresi, 2019.

[16] Jonathon Burch, ”Turkish ship explores near Cypriot gas rig – official,” Reuters, 27 September 2011 (https://www.reuters.com/article/turkey-cyprus-exploration/turkish-ship-explores-near-cypriot-gas-rig-official-idUSL5E7KR16H20110927)

[17] ”Timeline: Turkey’s gas exploration off Cyprus raises tensions,” Reuters, 14 October 2019 (https://www.reuters.com/article/us-cyprus-turkey-ship-timeline/timeline-turkeys-gas-exploration-off-cyprus-raises-tensions-idUSKBN1WT20L)

[18] Dorian Jones, ”Tensions Rise Over Race to Explore Cyprus’ Gas Resources,” VOA News, 14 July 2017 (https://www.voanews.com/europe/tensions-rise-over-race-explore-cyprus-gas-resources)

[19] ”Timeline: Turkey’s gas exploration off Cyprus raises tensions,” 2019.

[20] George Stavris, ”The New Energy Triangle Of Cyprus-Greece-Israel: Casting a Net For Turkey?” Turkish Policy Quarterly, Vol. 11, No. 2, 2012 (http://turkishpolicy.com/pdf/The-New-Energy-Triangle-of-Cyprus-Greece-Israel-Casting-a-Net-for-Turkey-Summer-2012_1302.pdf)

[21] Selin Girit, ”Gas pipeline hope heals rupture in Israel-Turkey ties,” BBC News, 19 October 2016 (https://www.bbc.com/news/world-europe-37692753)

[22] ”The Energy Ministers of 7 countries created the Eastern Mediterranean Gas Forum,” EuroMeSCo, 14 January 2019 (https://www.euromesco.net/news/the-energy-ministers-of-7-countries-created-the-eastern-mediterranean-gas-forum/)

[23] Micha’el Tanchum, ”A Dangerous Policy of Turkish Containment in the Eastern Mediterranean,” Turkish Policy Quarterly, 16 July 2019 (http://turkishpolicy.com/blog/35/a-dangerous-policy-of-turkish-containment-in-the-eastern-mediterranean)

[24] Selcan Hacaoglu, ”Turkey Scoffs at EU Rebuke, Vows to Keep Drilling Off Cyprus,” Bloomberg, 16 July 2019 (https://www.bloomberg.com/news/articles/2019-07-16/turkey-scoffs-at-eu-rebuke-vows-to-keep-up-drilling-off-cyprus)

[25] Daren Butler, ”Turkey says EU funding cuts will not affect its drilling off Cyprus,” Reuters, 16 July 2019 (https://www.reuters.com/article/us-cyprus-turkey-eu/turkey-says-eu-funding-cuts-will-not-affect-its-drilling-off-cyprus-idUSKCN1UB09R)

[26] ”Timeline: Turkey’s gas exploration off Cyprus raises tensions,” 2019.

[27] ”Cyprus slams Turkey’s latest gas drilling bid as ‘severe escalation,’” Deutsche Welle, 4 October 2019 (https://www.dw.com/en/cyprus-slams-turkeys-latest-gas-drilling-bid-as-severe-escalation/a-50698274)

[28] ”European Council president urges Turkey to halt drilling,” Navy Times, 11 October 2019 (https://www.navytimes.com/news/your-navy/2019/10/12/european-council-president-urges-turkey-to-halt-drilling/)

[29] ”US warns Turkey over offshore drilling near Cyprus,” Euractiv, 7 October 2019 (https://www.euractiv.com/section/global-europe/news/us-warns-turkey-over-offshore-drilling-near-cyprus/)

[30] Council of the European Union, ”Turkey’s illegal drilling activities in the Eastern Mediterranean: Council adopts framework for sanctions,” 11 November 2019 (https://www.consilium.europa.eu/en/press/press-releases/2019/11/11/turkey-s-illegal-drilling-activities-in-the-eastern-mediterranean-council-adopts-framework-for-sanctions/)

[31] ”Turkey and Libya sign deal on maritime zones in the Mediterranean,” Hürriyet Daily News, 28 November 2019 (https://www.hurriyetdailynews.com/turkey-and-libya-sign-deal-on-maritime-zones-in-the-mediterranean-149216)

[32] Ariel Cohen, ”Turkey-Libya Maritime Deal Upsets Mediterranean Energy Plan,” Forbes, 8 January 2020 (https://www.forbes.com/sites/arielcohen/2020/01/08/turkey-libya-maritime-deal-upsets-mediterranean-energy-plan/#1dd8362c6bee)

[33] Motasem A. Dalloul, ”Turkey’s efforts to delimit its maritime boundaries have prompted a colonial response,” Middle East Monitor, 17 December 2019 (https://www.middleeastmonitor.com/20191217-turkeys-effort-to-delimit-its-maritime-boundaries-have-prompted-a-colonial-response/(

[34] European Council, ”European Council meeting (12 December 2019) – Conclusions,” 12 December 2019 (https://www.consilium.europa.eu/media/41768/12-euco-final-conclusions-en.pdf)

[35] Ariel Cohen, 2020.

[36] Aleksey Degtyarev, ”Turtsiya predlozhila Izrailyu obsudit’ stroitel’stvo gazoprovoda v Evropu,” (Turkey proposed Israel to negotiate the construction of a gas pipeline to Europe), Vzglyad, 15 December 2019 (https://vz.ru/news/2019/12/15/1013760.html)

[37] Angeliki Konutantou, ”Greece, Israel, Cyprus sign EastMed gas pipeline deal,” Reuters, 2 January 2020 (https://www.reuters.com/article/us-greece-cyprus-israel-pipeline/greece-israel-cyprus-sign-eastmed-gas-pipeline-deal-idUSKBN1Z10R5)

[38] ”Greece, Cyprus, Israel Sign EastMed Gas Pipeline Deal To Ease Reliance On Russia,” Radio Free Europe – Radio Liberty,” 3 January 2020 (https://www.rferl.org/a/greece-cyprus-israel-eastmed-gas-pipeline-russia-ukraine/30358166.html)

[39] Simone Tagliapietra, ”Eastern Mediterranean Gas: What Prospects for the New Decade?” ISPI, 21 February 2020 (https://www.ispionline.it/it/pubblicazione/eastern-mediterranean-gas-what-prospects-new-decade-25102)

[40] Press and Information Centre, ”Announcement by the Presidency of the Republic regarding the illegal activities of Turkey within Cyprus’ Exclusive Economic Zone,” 19 January 2020 (https://www.pio.gov.cy/en/press-releases-article.html?id=11658#flat)

[41] Suleiman Al-Khalidi, ”Jordan gets first natural gas supplies from Israel,” Reuters, 1 January 2020 (https://www.reuters.com/article/jordan-israel-gas/jordan-gets-first-natural-gas-supplies-from-israel-idUSL8N2960Q9)

[42] Aidan Lewis – Ari Rabinovitch, ”UPDATE 2-Israel starts exporting natural gas to Egypt under landmark deal,” Reuters, 15 January 2020 (https://www.reuters.com/article/israel-egypt-natgas/update-2-israel-starts-exporting-natural-gas-to-egypt-under-landmark-deal-idUSL8N29K1R8)

[43] ”Britain to soon deliver new drill ships to Turkey, says Turkish energy minister,” Ahval, 24 February 2020 (https://ahvalnews.com/turkey-natural-gas/britain-soon-deliver-new-drill-ships-turkey-says-turkish-energy-minister)

[44] ”Third offshore drilling vessel arrives in Turkey,” Ahval, 15 March 2020 (https://ahvalnews.com/turkey-drillships/third-offshore-drilling-vessel-arrives-turkey)

[45] Michael T. Klare, ”Hard Power, Soft Power, and Energy Power: The New Foreign Policy Tool,” Foreign Affairs, 3 March 2015 (https://www.foreignaffairs.com/articles/united-states/2015-03-03/hard-power-soft-power-and-energy-power)

[46] T.C. Elektrik Piyasasi Düzenleme Kurumu, Doğal Gaz Piyasasi 2018 Yili Sektör Raporu, (Natural Gas Market 2018 Sector Report) 7.

متاح بالإنجليزية

المواضيع ذات الصلة