Insight Image

تغير خرائط النفوذ في الساحل وغرب إفريقيا بين روسيا و”المعسكر الغربي”

07 يوليو 2024

تغير خرائط النفوذ في الساحل وغرب إفريقيا بين روسيا و”المعسكر الغربي”

07 يوليو 2024

– أفضت سلسلة من التحولات على صعيد النخب الحاكمة، جراء انقلابات عسكرية بشكل أساسي، في إقليم الساحل الأفريقي إلى سلسلة من الانسحابات العسكرية للقوات – الفرنسية والأمريكية– من مالي وتشاد وبوركينا فاسو، وأخيرًا النيجر. إذ لم يتردد الرئيس النيجري علي ماهامان لامين زين، في اتخاذ قرار بطرد القوات الأمريكية من قواعدها في النيجر، فيما أعلنت الولايات المتحدة بدورها أنها ستستكمل الانسحاب من هناك في سبتمبر القادم.

– وفي الوقت الذي تغادر فيه القوات الفرنسية والأمريكية إقليم الساحل، تحل قوات روسية من “فيلق أفريقيا”- مجموعة فاغنر سابقا – محلها لتقوم بمهام التأمين ومكافحة الإرهاب وحركات التمرد هناك.

– وبينما تشير المعطيات السابقة إلى تحولات في خرائط النفوذ في الساحل الأفريقي لصالح روسيا، فإن التقييم الدقيق لحدود تمدد هذا النفوذ ومدى استمراريته يتطلب نظرة أعمق إلى كلٍّ من:

  • مجالات الانخراط والشراكة الروسية مع دول الساحل وغرب أفريقيا.
  • التحديات التي تواجه الانخراط الأمني والعسكري الروسي مع هذه الدول أو نخبها، والنظر في مدى تماثلها أو اختلافها، مع السمات ذاتِها التي طبعت تجربة الغرب وتسببت في خروجه من هناك.

أولًا- تمدد عسكري روسي في دول الساحل

  • لدى روسيا ما بين 1000 إلى 2000 جندي يعملون في جميع أنحاء مالي، لدعم قتال المجلس العسكري في مالي ضد عناصر داعش والقاعدة والمتمردين الانفصاليين من الطوارق.
  • كما نشر “الفيلق الأفريقي” دفعات أولية مكونة من 100 جندي في كل من بوركينافاسو والنيجر في يناير وإبريل 2024. وأعلنت فرقة النيجر عند وصولها عزمها الحلول محلَّ القوات الأمريكية في شمال النيجر ودخلت قاعدة تضم أفرادًا عسكريين أمريكيين في البلاد في مايو 2024[1]. وتخطط الولايات المتحدة لسحب جميع قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر، وقد أشار مسؤولون أمريكيون إلى أن القوات ستترك وراءها أشياء ثابتة أو ضخمة مثل حظائر الطائرات والوحدات السكنية والمولدات وغيرها من البنى التحتية[2].

روسيا المورّد الرئيسي للأسلحة في أفريقيا:

  • وقّع نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكوروف، اتفاقية “تعاون متعدد القطاعات” مع مسؤولين نيجريين، خلال زيارته للبلاد مطلع يوينو 2024[3]. وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مطلع شهر يونيو 2024 أيضًا أن روسيا سترسل مزيدًا من الإمدادات العسكرية والمدربين إلى بوركينافاسو، وهو ما يبرهن على صحة ما ورد في وسائل الإعلام التابعة للفيلق الأفريقي بأن روسيا تخطط لزيادة عدد أفراد الفيلق الأفريقي في البلاد[4].
  • ومن الملفت للنظر مرافقة مستثمري قطاع الدفاع الروسي ليفكوروف خلال زيارته الأخيرة إلى النيجر ومالي، ربما لاستكشاف سُبلٍ لمزيد من مبيعات الأسلحة وأنظمتها. وتعد روسيا المورد الرئيسي للأسلحة إلى قارة أفريقيا بشكل عام، حيث مثلت المبيعات الروسية 40% من الواردات الأفريقية من أنظمة الأسلحة الرئيسية بين عامي 2018 و2022. وكان هذا أعلى من إجمالي واردات الأسلحة من الولايات المتحدة (16%) والصين (9.8%) وفرنسا (7.6%) خلال تلك السنوات[5].
  • ووفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة راند، فقد زادت مبيعات الأسلحة الروسية إلى أفريقيا من نحو 500 مليون دولار إلى أكثر من 2 مليار دولار سنويًّا خلال السنوات الأخيرة. وتحصل الجزائر ومصر على أعلى نسب من واردات أنظمة الأسلحة الروسية، حيث تأتي 73% و34% من وارداتها من الأسلحة، على التوالي، من روسيا[6].

خريطة (1) مبيعات أسلحة روسية إلى أفريقيا[7]

أدوار لــــ” فيلق أفريقيا”:

– كثيرًا ما قايضت “مجموعة فاغنر” – التي تحولت إلى “فيلق أفريقيا” مؤخرًا بعد موت مؤسسها يفغيني بريغوزين، عمليات تسليم الأسلحة والمعدات الثقيلة، بالسيطرة على الموارد الطبيعية كحوافز رئيسية لإقامة شراكات روسية مع دول أفريقيا. ففي مالي تزامن انتشار “فاغنر” مع وصول مروحيات هجومية من طراز Mi-171. بينما في جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان، رافقتها شاحنات ثقيلة من طراز أورال 43200[8]. وقد تشهد الصفقات المستقبلية مع بديل فاغنر تبادل شحنات الأسلحة والمعدات مقابل النفط أو الذهب أو الماس أو النحاس أو الكوبالت أو حتى الخشب. وتساعد مثل هذه التبادلات روسيا بالفعل على الحد من آثار العقوبات الغربية.

كتلة موالية لروسيا:

– يبدو أن روسيا تعمل على إنشاء كتلة موالية لها تعمل على تحقيق جميع أهدافها العسكرية والاقتصادية والسياسية في أفريقيا في تحالف دول الساحل (AES). ويتألف تحالف دول الساحل الناطقة بالفرنسية من المجالس العسكرية الثلاثة في بوركينافاسو ومالي والنيجر. وأعلنت المجالس العسكرية الثلاث عن التحالف بعد وقت قصير من لقائها مع يفكوروف في سبتمبر 2023. وتعد روسيا الشريك الأمني ​​الأساسي لتحالف دول الساحل AES نظرًا لعلاقاتها العسكرية القوية مع الدول الثلاث، الأمر الذي يمنحها بصمة عسكرية كبيرة عبر أراضي الساحل.

 – تستخدم روسيا هذه الشراكة لإنشاء أسواق تصدير لمبيعات الأسلحة، كما عززت التعاون في قطاعات اقتصادية أخرى لتحقيق أهدافها الاقتصادية الأوسع. والأكثر من ذلك، أن المشاركة المتزايدة بين روسيا والأنظمة من خارج تحالف دول الساحل AES وكذلك بين أنظمة دول الساحل تسلط الضوء على إمكانية توسع الكتلة عبر منطقة الساحل بأكملها.

– كانت المجالس العسكرية في منطقة الساحل قد أنشأت التحالف بغرض الدفاع المتبادل عن النفس، لكنها قامت منذ ذلك الحين بتوسيع أهداف التحالف إلى جهد أوسع لتحقيق التوازن السياسي والاقتصادي مع الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. وبحسب تصريحات مسؤولين من مالي في إبريل الماضي فإن المجلس العسكري المنتخب في تشاد أبدى اهتمامه بالانضمام إلى الكتلة. بينما زار قادة كبار من القوات المسلحة السودانية مالي والنيجر في 4 يونيو، حيث تقوم القوات المسلحة السودانية بوضع اللمسات الأخيرة على صفقة أسلحة مقابل ميناء مع روسيا[9].

خريطة (2): المنشآت العسكرية الروسية في شمال وغرب أفريقيا:[10]

ثانيًا- ملف الاقتصاد يحد من فرص تمدُّد روسيا

  • تحاول روسيا تعزيز المشاركة الاقتصادية مع أفريقيا في مختلف القطاعات للتخفيف من تأثير التوترات مع الغرب من خلال توظيف مصادر الإيرادات الجديدة وأسواق التصدير. واستكشف الوفدان الروسيان اللذان زارا شمال أفريقيا ومنطقة الساحل خلال الفترة من 30 مايو وحتى 5 يونيو الماضي، إمكانية التعاون بشكل أكبر في البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، بهدف زيادة حصة روسيا في مصادر الإيرادات وأسواق التصدير.
  • شدد سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، على رغبة موسكو في تنمية العلاقات الاقتصادية مع تشاد وسلّط الضوء بشكل خاص على مشاريع البنية التحتية للنقل. كما أعلن أن الكرملين سيرسل بعثة اقتصادية لمناقشة مثل هذه المشاريع. كما ناقش “لافروف” التعاون المستقبلي في مجال الاستكشاف الجيولوجي وتطوير الاحتياطيات المعدنية والطاقة في تشاد والكونغو.
  • كما رافق مستثمرو قطاع الطاقة الروس نائب وزير الدفاع الروسي يفكوروف إلى النيجر ومالي، ومن المفترض أن من ضمنهم مستثمرين في مجال النفط والغاز الطبيعي المسال. وكانت الحكومتان المالية والروسية قد وقّعتا يوم 31 مارس الماضي عدة اتفاقيات تعاون في مجال إنتاج النفط والغاز واليورانيوم والليثيوم.

الطاقة النووية مجال رئيسي لروسيا في الساحل:

  • كانت الطاقة النووية على وجه التحديد مجالًا رئيسيًّا للتركيز عليه في منطقة الساحل. إذ ذكرت وكالة بلومبرج بعد وقت قصير من زيارة يفكوروف أن شركة الطاقة النووية الروسية المملوكة للدولة “روساتوم” تسعى للحصول على أصول اليورانيوم التي تمتلكها شركة “أورانو” الفرنسية في النيجر[11]. وناقش لافروف أيضًا التعاون في مجال الطاقة النووية مع المسؤولين البوركينابيين والتشاديين. وكانت بوركينافاسو قد وقّعت اتفاقية مع شركة “روساتوم” في أكتوبر 2023 بشأن التعاون النووي وبناء محطة للطاقة النووية. وأشار لافروف أيضًا على وجه التحديد إلى أن الرئيس التشادي مهتم جدًّا بالتعاون في مجال الطاقة النووية[12].

الصادرات الزراعية الروسية:

  • من المرجح أن تسعى روسيا إلى تعزيز صادراتها الزراعية إلى أفريقيا لزيادة الإيرادات. وفي هذا السياق حاولت روسيا الحصول على حصة أكبر من سوق القمح في أفريقيا منذ أواخر عام 2010، واستخدمت الحرب في أوكرانيا لدعم هذه الجهود من خلال استهداف إنتاج الحبوب الأوكرانية وعرقلة تصديرها. وقد حاول الكرملين في وقت لاحق التبرع ببعض الحبوب للدول الأفريقية التي تكافح انعدام الأمن الغذائي الناجم عن ذلك. وناقش لافروف على وجه التحديد التعاون الزراعي مع تشاد.

علاقات اقتصادية روسية متواضعة مع أفريقيا:

  • على الرغم من الجهود المستمرة التي تبذلها روسيا لبناء علاقات تجارية واقتصادية أقوى مع القارة الأفريقية ومنطقة الساحل، فإن ارتباطات الكرملين الاقتصادية في أفريقيا اليوم متواضعة مقارنة مع تلك التي كانت للاتحاد السوفييتي، فضلًا عن ارتباطات الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
  • ففي حين تبلغ عائدات التجارة بين روسيا والدول الأفريقية نحو 17.7 مليار دولار بحسب بيانات العام 2022، فإن قيمة التجارة الأفريقية مع الاتحاد الأوروبي والصين والولايات المتحدة تبلغ حاليًا 295 مليار دولار، و254 مليار دولار، و65 مليار دولار، على التوالي.
  • كما تستثمر روسيا القليل في أفريقيا، حيث تمثل استثماراتها أقل من 1% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر المتجه إلى القارة [13]. وبالتالي فإن الميزة التنافسية الرئيسية لموسكو ضد الغرب تنحصر حتى الآن في قدرتها على تقديم خدمات أمنية وعسكرية رخيصة نسبيًّا، بما في ذلك نقل الأسلحة، فضلًا عن التدريب والخدمات الاستشارية لمكافحة التمرد.

ثالثًا- أسباب تراجع النفوذ الغربي في الساحل

  • في 24 إبريل، أعلنت الخارجية الأمريكية القرار النهائي بسحب القوات الأمريكية من النيجر. ووفقًا لإعلان مشترك صدر في 19 مايو عن وزارتي الدفاع الأمريكية والنيجرية، ستكمل القوات الأمريكية انسحابها بحلول 15 سبتمبر. وستسلم هذه القوات، التي يبلغ عددها أقل قليلًا من 650 جنديًّا، المنشآت الرئيسية، بما في ذلك قاعدة باهظة الثمن للطائرات بدون طيار في مدينة أغاديز الشمالية. ويأتي ذلك عقِب إلغاء المجلس العسكري النيجري من جانب واحد اتفاقية وضع القوات لعام 2013 التي كانت هي الأساس القانوني للأنشطة العسكرية الأمريكية في البلاد[14].
  • وكان المجلس العسكري في النيجر قد طرد ما يقرب من 1500 من القوات الفرنسية المنتشرة في البلاد. كما اتبع السياسات ذاتِها التي أقدمت عليها بوركينافاسو ومالي، اللتين أجبرتا القوات الفرنسية على المغادرة، مع قيام مالي بطرد بعثة كبرى لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة في العام الماضي.

أساس هش للسياسة الأمنية الغربية في الساحل:

  • يكشف السياق السياسي الإقليمي والنيجري عن الأساس الهش للسياسة الأمنية الغربية في منطقة الساحل بشكل عام وفي النيجر بشكل خاص. ففي حين ينظر صناع القرار في الولايات المتحدة إلى المنطقة من خلال عدسة مكافحة جماعات السلفية الجهادية والمنافسة الجيوسياسية مع روسيا، فإن العديد من السكان المحليين ينظرون إلى الوجود الغربي – حتى وقت قريب كان معظمهم من الفرنسيين – على أنه دفاع عن أنظمة سياسية غير خاضعة للمساءلة. وهذا من شأنه أن يغذي ديناميكية تكرِّس عدم شرعية الحكومات المحلية بفِعل اعتمادها الأمني ​​والاقتصادي على الدول الغربية.
  • كما كان فشل القوى الغربية، وفي مقدمتها فرنسا، في وقف انتشار حركات التمرد الجهادية الإقليمية بشكل فعال، سببًا في تسريع انهيار شرعية النُّظم في الساحل، وزيادة مستويات عدم شعبية التدخلات الأجنبية في جميع أنحاء المنطقة. وأفضى كل ذلك في المحصّلة إلى أن تبدوَ مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الذين يعملون بشكل وثيق مع الحكومات الإقليمية، على نحو يتعارض مع مصالح السكان المحليين الذين يرون أن نظمهم فاسدة وغير شرعية. وربما يكون هذا هو مكمن الخلل الأساسي في نموذج المساعدة الأمنية الأمريكي والغربي الأوسع في كل من النيجر وخارجها.
  • وقد ساعدت هذه الديناميكية في تغذية صعود موجة إقليمية من “المشاعر المعادية لفرنسا” خلال السنوات الأخيرة كانت موجهة نحو دعم باريس لحكومات لا تحظى بشعبية ولا تخضع للمساءلة. ومن ثم فعندما وصلت المجالس العسكرية إلى السلطة في مالي (في انقلابين، أحدهما في عام 2020 والآخر في عام 2021)، وبوركينافاسو (انقلابان في عام 2022)، والنيجر (2023)، كانت الوسيلة الأنجع لتمييز النخب العسكرية الجديدة عن أسلافها وتبرير تحركاتها تتمثل في خطاب وممارسات مضادة للقوى الغربية، خصوصًا فرنسا. وقد أثبت هذا فعاليته ومنح المجالس العسكرية درجة من الدعم الشعبي، خصوصًا في المناطق الحضرية الأساسية، وهو للمفارقة ما افتقر إليه أسلافها المنتخبون.

محاولات أمريكية لتجنُّب المصير الفرنسي:

  • يبدو أن صناع السياسة الأمريكيين كانوا يأملون في أن يساعدهم الوجود العسكري الأقل وضوحًا لواشنطن وافتقارها إلى الماضي الاستعماري في المنطقة على تجنُّب مصير فرنسا في النيجر. ومع ذلك، وعلى الرغم من تأثيرها الأخف، فإن موقف واشنطن في النيجر تضرر بسبب دعمها للسلطات المدنية المنتخبة التي يُنظر إليها محليًا على أنها غير شرعية.
  • ومع مغادرة القوات الأمريكية النيجر، يبدو أنها تتطلع إلى توسيع شراكات مع دول أخرى في الساحل وغرب أفريقيا. وقد زار قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا، الجنرال مايكل لانجلي، مؤخرًا كلًّا من ساحل العاج وبنين لمناقشة تشديد العلاقات الأمنية. وقد يشمل ذلك مناقشات حول ترتيبات القواعد الجديدة، خصوصًا في ساحل العاج، التي كانت منذ فترة طويلة شريكًا إقليميًّا رئيسيًّا لفرنسا[15].
  • ويبدو أن لدى واشنطن الكثير لتقدمه لهذه الدول حيث إن مناطقها الحدودية الشمالية أكثر هشاشة وفقرًا وعرضة لتهديدات الجهاديين الإقليميين. وسوف ترحب الحكومات في جميع أنحاء المنطقة بالتدريب الإضافي والمعدات والتعاون الاستخباراتي. كما أن أغلب هذه الدول أكثر ثراءً وقوة وقدرة من جيرانها في منطقة الساحل، الأمر الذي يجعلها شريكًا أمنيًّا أكثر فعالية.
  • ومع ذلك، فإن الشرعية الديمقراطية لحكومتي بنين وساحل العاج هي في أحسن الأحوال موضع شك. فقد أقدم رئيس بنين، باتريس تالون، على سجن شخصيات معارضة بارزة وصحفيين منتقدين، ولم يكن للمعارضة سوى وزن ضئيل في البرلمان. وقد يسعى رئيس ساحل العاج الحسن واتارا لولاية رابعة غير دستورية في الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
  • وفضلًا عن ذلك، شهدت ساحل العاج خلال السنوات العشرين الماضية محاولات انقلابية، وتمردات عسكرية، وانتخابات متنازع عليها بعنف، وحربًا أهلية. ويدين “واتارا” نفسه برئاسته جزئيًّا لتدخل الجيش الفرنسي بعد فوزه في الانتخابات عام 2010 ضد الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو.
  • ونظرًا إلى أن الغضب الشعبي من السياسات الفرنسية مردُّه جزئيًّا القرارات الفرنسية الأخيرة بخفض مستوى الوجود العسكري الفرنسي الإقليمي بشكل كبير، بما في ذلك ساحل العاج. فإن الولايات المتحدة ليست محصنة ضد التأثير السياسي لمثل هذه المشاعر الشعبية. وإذا حدث تغيير في أيٍّ من حكومتَي بنين أو ساحل العاج، فقد يفضي ذلك إلى ذوبان الأسس السياسية لعلاقاتها الأمنية مع هذين البلدين.

رابعًا- مستقبل النفوذ الروسي في الساحل

  • ما يزال النفوذ الروسي في إقليم الساحل مهددًا بديناميكيات مشابهة لتلك التي أفضت إلى إخراج فرنسا والولايات المتحدة من هناك. إذ ما تزال المساعدة الأمنية الروسية موجهة في المقام الأول نحو أمن النظم، ولا تعالج انعدام الأمن الأوسع الذي يواجهه العديد من الشركاء الأفارقة. وستعمل هذه الإخفاقات على تعريض روسيا لانتقادات مماثلة لتلك التي وجهتها الدول الشريكة إلى الغرب بسبب فشله في حل مشكلة انعدام الأمن.
  • كما تفتقر روسيا إلى القدرة على زيادة التنمية أو الاستثمار العسكري بشكل كبير في أفريقيا بسبب القيود الاقتصادية المفروضة عليها، والتي أدت حربها مع أوكرانيا إلى تفاقمها. ومن المرجح أن تحد هذه القيود من جاذبية روسيا في الإقليم.
  • ومع ذلك فإن وصول هذه الديناميكية إلى نهايتها وإنهاء أو تقويض النفوذ الروسي في الساحل سيحدث على المدى البعيد. بينما على المدى المنظور والمتوسط، من المرجح أن تعزز روسيا نفوذها أكثر فأكثر في الساحل الأفريقي.
  • لقد عززت روسيا أهدافها المتمثلة في توسيع نطاق وجودها العسكري في إقليم الساحل. واستغلت المشاعر المناهضة للاستعمار على نطاق واسع في المستعمرات الفرنسية السابقة لتضع نفسها كبديل طبيعي أمام النخب الشعبوية التي تتطلع إلى الابتعاد عن الغرب. كما عزّزت روسيا وجودها العسكري حيث أحلّت دول مثل بوركينافاسو ومالي والنيجر المساعدة الروسية محلّ المساعدة الفرنسية.
  • كما اعترف الغرب أيضًا بأنه وضع أهدافًا عسكرية مفرطة في مكافحة الإرهاب كأساس لشراكاته مع العديد من الدول الأفريقية، وأن سياساته الأمنية أغفلت معالجة الدوافع الأساسية لحركات التمرد وربطت الغرب بأنظمة لا تحظى بشعبية. وقد مكنت هذه النتائج روسيا من إزاحة النفوذ الغربي بسهولة من خلال تقديم درجة مساوية أو أكبر من الدعم العسكري للأنظمة الناشئة والشعبوية المعادية للغرب مقارنة بما يرغب الغرب في تقديمه.

القواعد الروسية واحتمالات تهديد الغرب:

  • الأكثر من ذلك، أن الدوائر العسكرية والأمنية الغربية تشير إلى أن الوجود العسكري الروسي المتنامي في أفريقيا ربما يمكّن الكرملين من تهديد الغرب وإفشال سياساته. وفي هذا السياق تشير هذه الدوائر إلى ما يأتي:
    • وجود قاعدة بحرية روسية في ليبيا، وهو الأمر الذي تم الاتفاق عليه خلال زيارة لافروف الأخيرة إلى ليبيا، من شأنه أن يهدد أوروبا والجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي من خلال المساعدة في دعم النشاط الروسي في البحر الأبيض المتوسط، ​​وربما تمركز قوة روسية دائمة قادرة على تهديد البنية التحتية الحيوية لحلف شمال الأطلسي بضربات صاروخية بعيدة المدى من البحر.
    •  كما أن الانتشار الروسي في قاعدة الطائرات الأمريكية بدون طيار في شمال النيجر (بعد استكمال خروج القوات الأمريكية في سبتمبر) قد يخلق الفرصة لروسيا لتهديد عمليات الناتو في البحر الأبيض المتوسط ​​بنسخ من الطائرة بدون طيار الهجومية شاهد-136 ذات الإنتاج الضخم.
    • أيضًا، ربما تستخدم روسيا بصمتها العسكرية المتزايدة على طول طرق المهاجرين الرئيسية عبر الصحراء الكبرى، لتعزيز تدفقات المهاجرين التي تخاطر بزعزعة استقرار أوروبا.

[1]   Liam Karr, “Russian Diplomatic Blitz Highlights The Kremlin’s Strategic Aims in Africa”, Africa File Special Edition, (Critical Threats project, American Enterprise Institute, Jun 6, 2024), available at: https://www.understandingwar.org/backgrounder/africa-file-special-edition-russian-diplomatic-blitz-highlights-kremlin%E2%80%99s-strategic

(Last time access: June 26, 2024)

[2]  Hannah Allam, “Pentagon: U.S. forces to leave Niger by mid-September”, (Washington Post, May 19, 2024), available at: https://www.washingtonpost.com/national-security/2024/05/19/us-forces-niger-counterterrorism/

(Last time access: June 26, 2024)

[3] النيجر.. نائب وزير الدفاع الروسي يفكيروف في نيامي.. ويلتقي قائد الانقلاب تشياني، (وكالة أجينزيا نوفا، 4 يونيو 2024)، متوفر على: https://www.agenzianova.com/ar/news/niger-il-viceministro-della-difesa-russo-evkurov-a-niamey-incontro-con-il-leader-golpista-tchiani/

(تاريخ آخر دخول للموقع: 26 يونيو 2024)

[4] لافروف: روسيا ستزيد عدد المدربين العسكريين في بوركينافاسو، (روسيا اليوم، 5 يونيو 2024)، متوفر على: https://arabic.rt.com/world/1571427-%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%88%D9%81-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D8%B3%D8%AA%D8%B2%D9%8A%D8%AF-%D8%B9%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D9%88%D8%B1%D9%83%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D9%81%D8%A7%D8%B3%D9%88/

(تاريخ آخر دخول للموقع: 26 يونيو 2024)

[5]  Mathieu Droin and Tina Dolbaia, “Russia Is Still Progressing in Africa. What’s the Limit?” (CSIS, August 15, 2023), available at: https://www.csis.org/analysis/russia-still-progressing-africa-whats-limit

(Last time access: June 26, 2024)

[6]   Adam R. Grissom, Samuel Charap, Joe Cheravitch, Russell Hanson, Dara Massicot, Christopher A. Mouton, Jordan R. Reimer, “Russia’s Growing Presence in Africa. A Geostrategic Assessment”, (RAND, Jan 31, 2022), available at: https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/research_reports/RR4000/RR4399/RAND_RR4399.pdf

(Last time access: June 26, 2024) 

[7] الخريطة مترجمة عن أصل إنجليزي متوفر على:

Liam Karr, “Russian Diplomatic Blitz Highlights The Kremlin’s Strategic Aims in Africa”, Op-Cit.

[8] Christopher Faulkner & Raphael Parens, “Russia’s Mercenary-Industrial Complex in Africa’, (War On the Rocks, JUNE 6, 2024), available at: https://warontherocks.com/2024/06/russias-mercenary-industrial-complex-in-africa/

 (Last time access: June 26, 2024)

[9] Liam Karr, “Russian Diplomatic Blitz Highlights The Kremlin’s Strategic Aims in Africa”, Op-Cit.

[10] الخريطة مترجمة عن أصل إنجليزي متوفر على:

Liam Karr, “Russian Diplomatic Blitz Highlights The Kremlin’s Strategic Aims in Africa”, Op-Cit.

[11]  Russia Is Said to Seek French-Held Uranium Assets in Niger, (Bloomberg, June 3, 2024), available at: https://www.bloomberg.com/news/articles/2024-06-03/russia-said-to-seek-takeover-of-france-s-uranium-assets-in-niger?embedded-checkout=true

(Last time access: June 26, 2024)

[12] Russia and Chad to expand economic relations – Lavrov, (RT, 6 Jun, 2024), available at: https://www.rt.com/africa/598837-lavrov-african-tour-chad/

(Last time access: June 26, 2024)

[13]  Mathieu Droin and Tina Dolbaia, “Russia Is Still Progressing in Africa. What’s the Limit?” Op-Cit.

[14]Joint Statement From the U.S. Department of Defense and the Department of National Defense of the Republic of Niger, (US Department of Defense, May 19, 2024), available at: https://www.defense.gov/News/Releases/Release/Article/3780392/joint-statement-from-the-us-department-of-defense-and-the-department-of-nationa/

 (Last time access: June 26, 2024)

[15]  Nathaniel Powell, “Why Washington Failed in Niger”, (War on the Rocks, JUNE 3, 2024), available at: https://warontherocks.com/2024/06/why-washington-failed-in-niger/

(Last time access: June 26, 2024)

المواضيع ذات الصلة