ملخص
منيت القارة الأفريقية خلال السنوت الأخيرة بموجات متطورة من الإرهاب العابر للحدود، مما أسهم في تفاقم التهديدات التي باتت المجتمعات والحكومات في القارة الأفريقية تواجهها وخاصة في ظل انتشار هذه الظاهرة التي لم يسلم إقليم من أفريقيا من وجودها، فتحولت أجزاء واسعة من أراضي القارة إلى ملاذات آمنة تحتضن العناصر الإرهابية وساحات لتدريب وعمليات هذه الجماعات، وازداد الوضع سوءًا مع انتشار جائحة “كوفيد – 19″، حيث أحدثت هذه الجائحة تغييرًا في جهات مكافحة ظاهرة الإرهاب على مستوى القارة، مما أدى إلى ارتباك في استراتيجيات المواجهة، وإضعاف قدرات الدول الأفريقية في مواجهة الظاهرة، بحيث أصبحت منطقة الساحل الأفريقي اليوم المنطقة الثانية في العالم التي تضم أكثر العناصر الإرهابية بعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتعد دولتا مالي وبوركينا فاسو في مقدمة دول منطقة الساحل الأفريقي التي شهدت خلال الفترة (2014 – 2022) تزايدًا ملحوظًا لأعمال العنف المدعومة من قبل التنظيمات الإرهابية، على النحو الذي أوضحته تقارير مؤشر الإرهاب العالمي الصادرة سنويًا، باحتلال كلتا الدولتين مركزًا متقدمًا في قائمة الدول الأكثر تضررًا بالإرهاب عالميًا على مدار الأعوام الأخيرة.
شهدت القارة الأفريقية خلال السنوات الأخيرة تصاعد في ظاهرة الإرهاب العابر للحدود، مما أسهم في تفاقم التحديات والتهديدات التي باتت شعوب الدول الأفريقية والحكومات تواجهها خاصة في ظل انتشار هذه الظاهرة التي لم يسلم إقليم من قارة أفريقيا من وجودها، فتحولت أجزاء واسعة من أراضي القارة ولاسيما منطقة الساحل الأفريقي، إلى ملاذات آمنة تحتضن العناصر الإرهابية وساحات لتدريب هذه العناصر. [1]
وقد قاد ظهور التنظيمات والميلشيات الإرهابية المسلحة، بتلك المنطقة، إلى دخولها في صراعات ممتدة مع حكومات دول المنطقة، على النحو الذي أدى إلى تواتر سلسلة الانقلابات العسكرية في بعض الدول كحال دولة مالي التي شهدت على مدار فترة قصيرة انقلابين عسكريين خلال عامي 2020 – 2021 كما شهدت أيضًا بوركينا فاسو انقلابًا عسكريًا عام 2022، بالإضافة إلى المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد رئيس النيجر محمد بازوم في 31 مارس 2021 قبل ساعات من تنصيبه رئيسًا للجمهورية[2]. وفي ضوء تصاعد أعمال التنظيمات الإرهابية بمنطقة الساحل الأفريقي، أصبحت هذه المنطقة واحدة من أعنف المناطق عالميًا وفقًا لتقارير مؤشر الإرهاب العالمي الصادرة سنويًا عن معهد الاقتصاد والسلام. [3]
من هذا المنطلق، تهدف هذه الدراسة إلى تقديم رؤية تحليلية لتزايد دور التنظيمات الإرهابية في دولتين من دول منطقة الساحل الأفريقي وهما بوركينا فاسو ومالي خلال الفترة 2014 – 2022، والتي شهدت تزايدًا ملحوظًا لأعمال عنف تلك التنظيمات في كلتا الدولتين، وذلك بالتركيز على عدة محاور، هي: ماهية منطقة الساحل الأفريقي وأهميتها، ومؤشرات وأسباب تزايد ظاهرة الإرهاب في بوركينا فاسو ومالي، وخريطة التنظيمات الإرهابية المسلحة في بوركينا فاسو ومالي، وتداعيات تزايد أعمال العنف المسلح في بوركينا فاسو ومالي، ورؤية تقييمية لاستراتيجيات مكافحة الإرهاب في بوركينا فاسو ومالي.
أولًا: ماهية منطقة الساحل الأفريقي وأهميتها
يعد الساحل الأفريقي منطقة تضاريسية تفصل أفريقيا جنوب الصحراء عن شمالها وفق التعبير الجغرافي، أو هي المنطقة التي تفصل أفريقيا السوداء عن أفريقيا البيضاء بمقاربة عرقية أثنية، أو المنطقة التي تفصل أفريقيا المسلمة عن أفريقيا الوثنية أو المسيحية بمقاربة دينية أو حضارية[4].
ويعني مصطلح الساحل الأفريقي في الأصل الجغرافي البحت الشاطئ أو الحافة الجنوبية للصحراء، ويشير إلى المنطقة الجغرافية التي تتضمن الشريط الجنوبي لصحراء الساحل، فهذا التعريف يأخذ بعين الاعتبار حدود هذه المنطقة كحزام للنزاعات، غير أن عددًا من الخبراء كيفوا تعريفًا أوسع للساحل الأفريقي من خلال حصره بين المنطقة المحدودة بالبحر الأبيض المتوسط شمالًا، وموريتانيا والمحيط الأطلسي غربًا، وحوض البحر الأحمر شرقًا، والتشاد جنوبًا، مما يجعل منطقة الساحل الأفريقي بهذا المعنى تقع في عمق الصحراء الكبرى، وعلى أساس هذا المعيار وضع الاتحاد الأوروبي تعريفًا ضيقًا لهذه المنطقة، باشتمالها على موريتانيا، ومالي، والنيجر، واعتبرها كثلاث دول ساحلية أساسية، ويضاف لها بعض المناطق مثل بوركينا فاسو والتشاد[5].
وهناك أيضًا رأي آخر، يعتبر منطقة الساحل الأفريقي منطقة تضم كلًا من موريتانيا في الغرب مرورًا بمالي، جنوب الجزائر، شمال بوركينا فاسو، النيجر حتى شمال التشاد شرقًا، أما التعريف الأوسع والأشمل للساحل الأفريقي، فيعتبرها تلك المنطقة شبه الجافة، التي تقع بين الصحراء الكبرى في الشمال والسافانا في الجنوب، ويمتد غربًا من السنغال عبر موريتانيا، ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وشمال نيجيريا، وتشاد، والسودان، حتى إثيوبيا شرقا[6].
وتتميز منطقة الساحل الأفريقي بالعديد من الإمكانيات التي يمكن استغلالها وتشغيلها، ومنها وجود الأغلبية الشبابية، إذ إن أكثر من 64.5% من سكانها لا تزيد أعمارهم على 25 عامًا، وبالتالي تمتلك كتلة شبابية ضخمة ويمكن استثمار هذه الفئة العمرية بالتعليم والتدريب لتحقيق العديد من المكاسب الديمغرافية، وكذلك توافر الموارد المناسبة لتوليد أكبر معدل من الطاقة المتجددة في العالم، ومرور منطقة الساحل الأفريقي فوق العديد من المناطق الأكثر احتواءً على المياه الجوفية في العالم، وأيضًا توافر الظروف الاقتصادية الجيدة مقارنة بغيرها[7].
يضاف إلى ذلك الأهمية الجيوسياسية والجيواستراتيجية التي تتمتع بها منطقة الساحل الأفريقي، والتي جعلت منها محل اهتمام القوى الكبرى المتنافسة، وعلى رأسها القوى الأوروبية، نظرًا لما تمتلكه دول المنطقة من احتياطيات نفطية وغازية هائلة، بالإضافة إلى الموارد المعدنية[8] كالذهب واليورانيوم والحديد، حيث تمتلك موريتانيا مخزونًا كبيرًا من الحديد المهم في صناعة الصلب في الدول الأوروبية. كما أن هذه المنطقة تقع على معابر مائية مهمة تطل على أوروبا والمشرق العربي، الأمر الذي جعلها مسرحًا مهمًا في ضوء التغيرات الدولية والإقليمية، وحالة الاستقطاب التي تشهدها المنطقة، والتي تظهر بوضوح في التمدد الفرنسي والتوغلين الأمريكي والصيني، وأصبحت تعاني معضلة حقيقية، مما أهل المنطقة لكي تكون واحدة من أكثر أقاليم العالم هشاشة، وتسبب في تحولها إلى بيئة خصبة لاحتضان وتغلغل التنظيمات الراديكالية المتطرفة، لتعمل هذه التنظيمات جنبًا إلى جنب مع شبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وأيضًا مع الحركات الانفصالية، الأمر الذي كبد المنطقة بأسرها خسائر بشرية ومادية كبيرة على مدار السنوات الماضية[9].
وفي ضوء ما تتمتع به منطقة الساحل الأفريقي من المقومات السالف ذكرها، وُجدت العديد من الجماعات والتنظيمات المسلحة في المنطقة لنهب خيراتها والاستيلاء عليها، وتشمل هذه الجماعات حركات التمرد، والميليشيات العرقية، والعصابات الإجرامية، وخاصة في التهريب، والجماعات الإرهابية[10].
ثانيًا: مؤشرات وأسباب تزايد ظاهرة الإرهاب في بوركينا فاسو ومالي
يتناول تقرير مؤشر الإرهاب العالمي الصادر سنويًا تطور النشاط الإرهابي في العالم خلال عام، ويرتب التقرير دول العالم حسب درجة تأثرها واستهدافها بالنشاط الإرهابي، ويرتب المؤشر الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب تبعًا لعدد الهجمات الواقعة داخل الدولة، وعدد الضحايا والمصابين في كل هجوم، وحجم الدمار المادي الذي يصيب المنشآت، ومدى تأثر هذه الدولة بالإرهاب خلال السنوات الماضية، ويضع المؤشر لكل دولة درجة على سلم درجات من 10 إلى صفر، بحيث تكون الدول الأكثر عُرضة للإرهاب أقرب لدرجة 10 وأقلها أقرب لدرجة صفر، ثم يستعرض التقرير السياق الأمني والسياسي والاقتصادي للدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب حول العالم، ويصف بدقة سياق تنفيذ الهجمات، وعدد الضحايا، وأسلوب التنفيذ، وغيرها من التفاصيل المرتبطة بالهجمات الإرهابية[11].
وقد احتلت بوركينا فاسو مركزًا متقدمًا في تقرير مؤشر الإرهاب العالمي الصادر عام 2022، حيث جاءت في المركز الرابع بعد أفغانستان والعراق والصومال في قائمة الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب عالميًا خلال عام 2021، إذ زادت حوادث الإرهاب في البلاد بين عامي 2020 و2021 من 191 إلى 216 حادثة، وهذا هو أكبر عدد من الهجمات منذ ذروتها في عام 2019 بعد إعلان حالة الطوارئ نتيجة لتزايد النشاط الإرهابي وما تلاه من استقالة رئيس الوزراء بول تيبا، وعكست الوفيات المرتبطة بالإرهاب هذا الاتجاه، حيث زادت بنسبة 11% مقارنة بعام 2020، فقد كان أكثر من نصف الوفيات البالغ عددها 732 في عام 2021 من المدنيين. وأما في عام 2021 فقد سجلت بوركينا فاسو ثاني أكبر عدد من الوفيات الناجمة عن الإرهاب. وكان المدنيون هم الفئة الأكثر استهدافًا للعام الثالث على التوالي، حيث كان أكثر من 65% من الوفيات الناجمة عن الإرهاب في بوركينا فاسو من المدنيين، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 32% مقارنة بعام 2020 [12].
أما بالنسبة لدولة مالي، فقد احتلت المرتبة السابعة في قائمة الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب عالميًا خلال عام 2021، حيث زادت الهجمات الإرهابية بها بنسبة 56%، وكذا الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 46% مقارنة بعام 2020. وكانت معظم الهجمات موجّهة لتوجيه رسالة مفادها إفشال الجهود العسكرية وخاصة جهود الدولة المالية لمكافحة الإرهاب وعمليات حفظ السلام، غير أن العدد الأكبر من القتلى وقع في صفوف المدنيين[13].
وتتعدد المحفزات الهيكلية لتزايد نشاط التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة في دول منطقة الساحل الأفريقي بصفة عامة وفي حالتي الدراسة بوركينا فاسو ومالي بصفة خاصة، حيث تواجه مجتمعات الساحل مجموعة مترابطة من التحديات الاقتصادية، مع الأزمات المتكررة والضغوط المتزايدة على الأراضي والموارد والتوظيف، مما يجعل هذه الدول من بين أكثر الدول ضعفًا في العالم، وفقًا لمؤشرات دليل التنمية البشرية للأمم المتحدة سنويًا، الذي يقيس المؤشرات الأساسية، مثل: الصحة والتعليم ومستوى المعيشة[14].
كما تجدر الإشارة إلى تمتع اقتصاد دولة بوركينا فاسو بالعديد من الموارد الطبيعية، مثل المساحات الكبيرة من الأراضي الزراعية الخصبة والصالحة لزراعة المحاصيل مثل القطن والذرة الرفيعة، وكذلك توافر الموارد المعدنية مثل الذهب، إلى جانب الزنك والنحاس والحديد، والفوسفات، والجرانيت، والرخام، فيما يتمتع اقتصاد دولة مالي باتساع مساحات أراضي البلاد التي تحتوي على موارد طبيعية هائلة مثل الصخر الزيتي، والحديد، والزنك، واليورانيوم، والبوكسايت، والفوسفات، والمنجنيز، فضلًا عن الذهب، ومن ثم تؤدي مثل هذه الثروات الاقتصادية في البلدين إلى زيادة مطامع التنظيمات والجماعات الجهادية، للاستفادة منها كمصدر لتمويل أنشطتها المختلفة[15].
وأيضًا تعاني منطقة الساحل الأفريقي من غياب مفاهيم الحكم الرشيد والتنمية المستدامة، فقد شهدت مالي وبوركينا فاسو فترات من الحكم العسكري، ولا تزال القواعد والمؤسسات الديمقراطية فيهما ضعيفة وهشة مثل حال بعض دول المنطقة الأخرى كتشاد والنيجر، فعلى الرغم من إجراء الانتخابات الوطنية على فترات منتظمة، فنادرًا ما يتم تحديد نتائج الانتخابات من خلال الأداء الحكومي، أو تقديم الخدمات، ولكن بالأحرى عن طريق المحسوبية، وسياسات الهوية العرقية أو الدينية، كما لا تزال الفجوة قائمة بين الحاكم والمحكوم[16]، وهذا يجعل هذه المجتمعات الأكثر تعرضًا لخطر تغلغل نفوذ وسيطرة الجماعات المتطرفة العنيفة خاصة في أكثر المناطق تهميشًا ومعاناة من حيث الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
يضاف إلى ذلك، التزايد السكاني السريع والذي يؤدي إلى مضاعفة الآثار السلبية الناجمة عن العوامل السابقة، وتقدر أرقام البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ما يقرب من نصف السكان في جميع أنحاء منطقة الساحل تقل أعمارهم عن 15 عامًا، ومن ثم يواجه هؤلاء الشباب مشكلات البطالة، وقلة الدخل، ولعل تأثير ذلك يظهر جليًا في جاذبية خطاب الجماعات المتطرفة العنيفة، والتجنيد داخل صفوفها[17].
ويمكن الإشارة أيضًا إلى تنبؤ بعض الكتابات عندما ضعف تنظيم القاعدة في باكستان وأفغانستان في السنوات الأخيرة[18]، بانتقال شبكات الإرهاب إلى مناطق أخرى في العالم، وخاصة في أفريقيا التي سوف تصبح مستقبلًا “أرض الجيل الثالث لتنظيم القاعدة” بحيث تكون “أفغانستان جديدة”[19]، ويتزامن ذلك مع توافر التمويل اللازم لهذه الجماعات، من أعمال السلب والنهب، وهو ما يساعد في تسهيل أعمالها، وفي انتقال كبير لحركة الأموال من دولة لأخرى، مما يمكن بعض هذه التنظيمات من السيطرة على حقول النفط، أو مناجم المعادن الثمينة [20].
ثالثًا: خريطة الجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة في بوركينا فاسو ومالي
يعد عام 1997 بمثابة المرحلة الأولى لتطور الجماعات الإرهابية في صحراء مالي، حيث فر عدد من الإرهابيين من الجزائر إلى شمال مالي، وبدأوا في النشاط وبسرعة التحق بهم مقاتلون من موريتانيا ومالي والنيجر. أما المرحلة الثانية فتبدأ في عام 2007 بالتحاق تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال بتنظيم القاعدة، حيث غير اسمه إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي[21]، وشهدت الفترة من عام 2007 إلى 2012 سلسلة من العمليات العسكرية والإرهابية ضد دول المنطقة بشكل عام وضد مالي بشكل خاص، ولا سيما في ظل مطالبة عدد من التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة بحكم ذاتي أقرب للاستقلال الكامل[22].
وبالنظر إلى خريطة الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي تنشط في مالي، فإنها تشمل عددًا من الجماعات والتنظيمات الإرهابية مثل، تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” السابق الإشارة إليه، حيث يعد أقدم التنظيمات الإرهابية في أفريقيا؛ لكونه امتدادًا للجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية التي نفذت عدة مجازر بشعة ضد المدنيين خلال ما كان يعرف بـ”العشرية السوداء”، وأيضًا حركة “أنصار الدين” في شمال مالي التي كانت تسعى لانفصاله بحجة “قيام دولة إسلامية تطبق الشريعة”، وهذه الحركة أسسها إياد آغ غالي في ديسمبر 2011 في مدينة “كيدال” الواقعة شمال مالي، ويعد أحد قادة الطوارق الذين خاضوا تمردًا مسلحًا على الحكومة المالية في التسعينيات من القرن العشرين، قبل أن يوقع اتفاق سلام بين حركته السابقة “الحركة الشعبية لتحرير أزواد” والحكومة المركزية عام 1992.
وتعد “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، هي المظلة التي تنخرط تحتها التنظيمات في منطقة الساحل الأفريقي تحديدًا، حيث تضم 4 جماعات إرهابية، وهي: “جماعة أنصار الدين”، و”كتيبة المرابطون”، و”إمارة منطقة الصحراء الكبرى” و”كتائب تحرير ماسينا”.
وتجدر الإشارة إلى أن “حركة الأزواد” تعد أقدم تنظيم مسلح في مالي، بعد أن قررت رفع السلاح ضد الجيش، ومن أبرز مطالبها “انفصال شمال البلاد وإقامة دولة للطوارق الأزواد”، وقد اتسمت علاقات حركة الأزواد مع التنظيمات الإرهابية بالشد والجذب، بين التحالف تارة والتناحر تارة أخرى، إلا أن سيطرة التنظيمات الإرهابية التابعة للقاعدة وداعش قلص من تواجدها وقوتها العسكرية؛ وعليه تأسست الحركة بشكل رسمي في نوفمبر 2010 في مدينة “تمبكتو” كتنظيم سياسي ينتهج الحل السلمي لتحرير الشمال”، وتدعو إلى “الاعتراف بالدولة الأزوادية”.
يضاف إلى ذلك تنظيم “داعش في الساحل”، ويقوده الإرهابي أبو الوليد الصحراوي، إذ برز بشكل علني في نهاية عام 2014 وبداية عام 2015 ثم غير اسمه في بداية عام 2022 باسم “ولاية الساحل”، ويعمل على حشد وتدريب الأطفال لتنفيذ عمليات إرهابية، وبعد الهزائم التي تلقاها داعش في سوريًا والعراق وليبيا، وجد قادة التنظيم في منطقة الساحل الأفريقي مساحة يمكن أن تكون منطقة نفوذ جديدة، ومنذ شهر مايو من العام نفسه دخل التنظيم الإرهابي في حرب طاحنة مع التنظيمات المسلحة الأخرى التي تنضوي تحت لواء القاعدة الإرهابية بهدف تمديد مساحته في الصحراء المالية وإقامة دولة إسلامية، حتى وصل امتداد تنظيم داعش إلى الجنوب المالي على الحدود مع بوركينا فاسو، وتحولت معها تلك المنطقة إلى حرب مسلحة بين تنظيمي “داعش” و”القاعدة” بهدف السيطرة على الحافة الجنوبية للصحراء الكبرى[23].
في ضوء ما سبق، يمكن القول إنه يوجد في مالي العديد من المسلحين، ويبدو الخط الفاصل بين الجماعات الجهادية العنيفة والميليشيات الإجرامية غير واضح. ولعل أقدم تنظيم جهادي هو تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، الذي ساعد متمردي الطوارق في الاستيلاء على شمال مالي وفي عام 2017، أعلنت أربع مجموعات (هي: القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وأنصار الدين، وحركة تحرير ماسينا، والمرابطون)، توحيد صفوفها تحت راية جماعة نصرة الإسلام والمسلمين. ومن جهة أخرى، يبدو تأييد تنظيم داعش أخذًا في الازدياد، حيث أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، المعروف سابقًا باسم حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا[24]، مسئوليته عن هجومين منفصلين نهاية عام 2018 على قواعد عسكرية في مالي وشمال النيجر أسفرا عن مقتل أكثر من 130 جنديًا.
كما تجدر الإشارة إلى أن شمال مالي ومنطقة الساحل والصحراء عمومًا يشكلان مساحات شاسعة يسهل اختراقها، مما يجعل من الصعب على الحكومات الوطنية السيطرة عليها، وقد استطاعت الجماعات الإرهابية كسب السيطرة والنفوذ في المنطقة، لأن مؤسسات الدولة الوطنية ضعيفة وينظر إليها المدنيون على أنها لا تقوى على تقديم الخدمات الأساسية لسكان المناطق النائية والمهمشة. وهنا تقوم بعض الجماعات الجهادية بسد الفراغ من خلال تقديم خدمات اجتماعية للمجتمعات التي تعاني من العزلة أو التهميش؛ مثل: بوكوحرام في نيجيريا وتشاد والنيجر، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مالي، وأهل السنة والجماعة في موزمبيق وولاية غرب أفريقيا التابعة لتنظيم داعش، بينما يستخدم البعض الآخر وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لخطاب راديكالي معاد للحكومة [25].
أما عن خريطة الجماعات والتنظيمات الإرهابية في بوركينا فاسو، فقد بدأ النشاط الإرهابي فيها عام 2007، وشهد زيادة كبيرة بعد عام 2016، حيث تواجه البلاد العديد من التحديات، بما في ذلك ضعف المؤسسات، والفساد، وانهيار البنية التحتية، إلى جانب صعوبة السيطرة الأمنية على الحدود الشاسعة، كما واجهت بوركينا فاسو شأنها في ذلك شأن دولتي مالي والنيجر، فترات طويلة من الجفاف والفيضانات التي كان لها تأثير سلبي على تحقيق الأمن المائي والغذائي، بالتزامن مع ارتفاع معدلات النمو السكاني [26].
وفي بوركينا فاسو توجد ثلاث جماعات جهادية رئيسية في منطقتي الشرق والشمال، وهي “جماعة أنصار الإسلام”، و”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، و”تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”؛ أي ولاية الساحل التابعة لتنظيم داعش، وقد تأسست جماعة “أنصار الإسلام” عام 2016 كجماعة محلية على يد رجل الدين المتشدد مالام ديكو، الذي يقال إنه قاتَل مع المتشددين الإسلاميين في مالي لدى استيلائهم على شمال البلاد عام 2012، مما أدى إلى التدخل الفرنسي، وبعد وفاة ديكو في أبريل 2017، تولى شقيقه جعفر قيادة الجماعة، وجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” هي جماعة إسلامية مسلحة تنشط في بوركينا فاسو ومالي، وهي ما يمكن اعتباره الشقيق الأصغر لحركة “تحرير ماسينا” في بوركينا فاسو [27]. أما “تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” فقد تم تشكيله عام 2015، وتولى قيادته عدنان أبو وليد الصحراوي والذي أعلنت القوات الفرنسية استهدافه في 19 سبتمبر 2021 [28]. وتجدر الإشارة إلى أن الذهب يمثل إحدى الوسائل التي تستخدمها الجماعات والتنظيمات الإرهابية لتمويل أنشطتها في بوركينا فاسو[29].
وفي ضوء ما سبق تجدر الإشارة إلى أن السمات المشتركة للجماعات الجهادية في كل من مالي وبوركينا فاسو وبقية دول غرب أفريقيا، أن هذه الجماعات تسعى للتطبيق الحرفي للشريعة الإسلامية وطرد القوات الأجنبية في مالي ومنطقة الساحل، وتسعى أيضًا للاستفادة من التوترات المجتمعية والاستياء المتنامي ضد الحكومات المحلية، كما أنهم يشاركون في النزاعات المحلية، للتغلغل في النسيج المجتمعي، أما بالنسبة للجماعات الأخرى، فإنها تسعى في بعض الأحيان لتحقيق مصالح محلية أو مجتمعية، أو ترجو تحقيق أهداف سياسية مثل الاستقلال أو الحكم الذاتي الواسع النطاق في شمال مالي[30]، وكذلك تعمل التنظيمات المتطرفة العنيفة على تحقيق مصالح مختلفة ومنها استهداف الزعماء المحليين والسلطات الدينية، والتخلص من المعارضين المحليين وخصوم الحكومة، لأهداف مختلفة ومنها السيطرة على بعض المناطق الجغرافية والرد على الأداة الأمنية التي تتبعها القوات الحكومية[31].
يفهم مما سبق أن المعضلة الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي، قد فرضت معها سياقات الإرهاب المختلط أيضًا، والتي جمعت ما بين تنظيمات إرهابية، وأفراد، وجماعات قبلية، وعصابات الجريمة المنظمة، بما أنتج نمطًا من الإرهاب المختلط “Hybrid Terrorism” الذي اشتركت فيه عوامل عدة؛ كالأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأزمة الهوية الدينية في ظل صراعات قبلية ومصالح دولية، صعدت من الظاهرة الإرهابية، والتي انتشرت معها العديد من الميليشيات المسلحة والمرتزقة، ولاسيما في مالي وبوركينا فاسو.
وبالنسبة لمصادر التمويل التي تعتمد عليها الجماعات والتنظيمات الإرهابية في مالي وبوركينا فاسو، فقد لوحظ أن هذه الجماعات والتنظيماـت، تستمد قوتها من مصادر التمويل المتنوعة التي تحصل عليها من أجل مواجهة الجيوش النظامية والتحالفات العسكرية الجهوية، التي عجزت عن فرض سيطرتها على مساحات جغرافية مكشوفة وغير متحكم فيها، مما أعطت نقاط قوة لتلك الجماعات الإرهابية في إدارة الحروب اللامتماثلة.
وفي دراسة ميدانية قامت بها مجموعة العمل الحكومية لمحاربة تبييض الأموال في غرب أفريقيا (GIABA) ومجموعة العمل المالية (GAFI) حول تحديد الوسائل المستخدمة من قبل الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية التي تدعمها في جمع ونقل واستخدام الأموال، نُشرت خلال عام 2015، توصل فريق من الخبراء إلى تحديد أربعة أصناف من التقنيات التي تستخدمها الجماعات الإرهابية في منطقة غرب أفريقيا، ومنها مالي وبوركينا فاسو، في تمويل ودعم الأعمال الإرهابية، وتتمثل أولًا: في التمويل عن طريق التجارة والأنشطة الربحية، وثانيًا: التمويل عن طريق المنظمات غير الحكومية والخدمات الخيرية، وثالثًا: التمويل بواسطة تجارة الأسلحة والممتلكات والعملات، ورابعًا: التمويل عن طريق الاتجار بالمخدرات[32].
كما يشير عدد من الخبراء إلى أن تعدين الذهب غير الشرعي يمثل مصدر تمويل جديدًا للتنظيمات الإرهابية، ولا سيما في ظل جائحة كورونا، حيث قامت تلك التنظيمات في عدد من دول غرب أفريقيا وتحديدًا في مالي وبوركينا فاسو بالاستيلاء على مواقع التعدين منذ عام 2016، ووفقًا لمجموعة الأزمات الدولية، فإن بعض عمال المناجم الحرفيين الرئيسيين هم أيضًا من تجار المخدرات الرئيسيين.
رابعًا: تداعيات تزايد ظاهرة الإرهاب في مالي وبوركينا فاسو
1- التداعيات السياسية للإرهاب في مالي وبوركينا فاسو
تعد أبرز دوافع الانقلاب العسكري التي حدثت في الدولتين محل البحث ترجع إلى تزايد حالة السخط العام، وذلك نتيجة فشل الرؤساء في الوفاء بوعودهم الانتخابية، ولاسيما في ملف محاربة الإرهاب، حيث وجهت اتهامات عدة بالتباطؤ في التصدي لتصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية في البلاد، فضلًا عن هشاشة الأنظمة الحاكمة التي لم تستطع إحكام السيطرة الأمنية في البلاد ضد التهديدات الأمنية وهو ما أفضى إلى تزايد التوتر وضعف الدعم المقدم للحكام على المستويين الشعبي والعسكري، يضاف إلى ذلك محاكاة التغيير بالقوة في بعض دول الجوار، حيث يعد الانقلاب في بوركينا فاسو على سبيل المثال الانقلاب الرابع الذي شهدته منطقة الساحل الأفريقي منذ عام 2020، فيما شهدت دولة مالي كما سبقت الإشارة انقلابين في عامي 2020 و2021، ودولة غينيا في سبتمبر 2021 [33].
وتتجلى أبرز التحديات السياسية التي تفرضها ظاهرة الإرهاب على مالي وبوركينا فاسو، في تقويض الديمقراطية داخل الدولة، نتيجة لانعدام مناخ الأمن المرتبط بوجود التنظيمات والجماعات الإرهابية المسلحة، وهو ما يقود إلى انتشار وعودة الممارسات الاستبدادية في الحكم، ولعل أبرز هذه الشواهد ما قاد إليه الانقلاب العسكري الذي حدث في دولة مالي في أغسطس 2020 من استقالة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، إذ حل محله الجيش، ثم تبعه الانقلاب العسكري مرة أخرى من العقيد اسيمسي جويتا في مايو 2021 [34]، والوضع في بوركينا فاسو خلال الفترة الأخيرة يشبه إلى حد ما الوضع الأمني لمالي، حيث تعرضت بوركينا فاسو لانقلاب عسكري في يناير 2022 واعتقال الرئيس كابوري في إحدى القواعد العسكرية في العاصمة “واجادوجو” إلى جانب رئيس الوزراء ورئيس الجمعية الوطنية “البرلمان”، وهو ما يؤثر على مسار التطور الديمقراطي في البلاد سلبيًا[35].
2- التداعيات الأمنية للإرهاب في مالي وبوركينا فاسو:
لا تزال تعاني مالي وبوركينا فاسو من التداعيات الأمنية والعسكرية نتيجة الانتشار الواسع للجماعات المسلحة والإرهابية، حيث إنها تفرض العديد من السياسات القمعية والاستنزافية، وكذلك الممارسات الإرهابية والتي تؤثر على حالة السلم بالبلاد، كما تقوم بتهديد يمتد إلى الدول المجاورة، ولاسيما الدول الساحلية، فإذا كان مركز القتال ضد الجهاديين حاليًا فيما يسمى منطقة “الحدود الثلاثة” المتداخلة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، فإن التهديد الإرهابي يقلق أيضًا البلدان الساحلية، لقد تمكنت الجماعات الإرهابية من نشب مخالبها لتتجاوز مركز وجودها في مالي عبر المناطق القاحلة في منطقة الساحل إلى الجنوب من الصحراء، لتصل إلى الدول المجاورة التي ليست أعضاء في مجموعة الساحل الخمس، بما في ذلك “بنين” و”كوت ديفوار” و”توجو”[36].
ويمكن عزو ذلك لتغير نمط تمركز التنظيمات الإرهابية وقدرتها على إيجاد بيئة حاضنة في مناطق وأقاليم جغرافية مختلفة، إلا أنه توجد في منطقة الساحل الأفريقي بؤرتان ملتهبتان للتطرف العنيف وعدم الاستقرار، الأولى: تشمل مالي وجوارها المباشر، وبوركينا فاسو والنيجر، في الساحل الغربي، حيث تنشط العديد من الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والتي بايع بعضها تنظيم “داعش” في السنوات الأخيرة. أما البؤرة الثانية: فإنها تشمل حوض بحيرة تشاد، الذي يضم نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون، التي تعاني منذ سنوات طويلة – خاصة نيجيريا – من إرهاب جماعة بوكو حرام، ومنذ عام 2016 ظهرت مجموعة منشقة من بوكو حرام أعلنت مبايعتها لتنظيم “داعش”.
يضاف إلى ذلك أن الجماعات الإرهابية تستولي على الأراضي من خلال المفاوضات، حيث ينشئون سوقًا للاتجار غير المشروع لتمويل أنشطتهم، وبمجرد حصولهم على منطقة ما فإنهم يقيمون مستوطناتهم ومعسكراتهم التدريبية ويستعدون لهجماتهم القادمة، كما توجد وسيلة أخرى للتمويل وهي الاختطاف ثم طلب الفدية؛ للاستمرار في تمويل النشاط؛ ولشراء ولاء المجتمعات والأسلحة[37].
3- التداعيات الاقتصادية للإرهاب في مالي وبوركينا فاسو
تؤثر التهديدات الناشئة عن انتشار الأعمال الإرهابية بشكل كبير على الأنشطة الاقتصادية في دول منطقة الساحل الأفريقي، حيث تؤدي إلى استنزاف كم هائل من موارد الدولة، ومن ثم يؤثر الإرهاب سلبًا على عجلة التنمية الاقتصادية في بلدان المنطقة. وبالنسبة للوضع في مالي وبوركينا فاسو لا يختلف كثيرًا عن بقية دول منطقة الساحل الأفريقي من حيث التداعيات الاقتصادية السلبية للإرهاب، إذ تعتبر مالي وبوركينا فاسو من دول المنطقة الأكثر عرضة لخطر الشبكات الإرهابية والإجرامية، التي تشكل تهديدًا حقيقيًا للاقتصادات الوطنية فيها [38].
الجدير بالذكر أن معدل التنمية البشرية والاقتصادية في كل من مالي وبوركينا فاسو يقع ضمن أدناها في العالم، وعلى مدار الأعوام الماضية، أدى تكرار الأزمات الغذائية الناجمة عن تغير المناخ والتدهور البيئي والجفاف والفيضانات وسوء أداء الأسواق وانخفاض الإنتاجية الزراعية والفقر والنزاعات، إلى ازدياد حدة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة لدى قاطني المناطق المهمشة. فضلًا عن أن الإرهاب يؤدي في مالي وبوركينا فاسو إلى تراجع معدلات النمو، وتزايد مخاطر الاستثمار المحلي والأجنبي، فلا يمكن لأحد أن يستثمر أمواله في مناخ يسوده الإرهاب، وعدم الاستقرار الأمني مثلما تشهده الدولتان[39].
خامسًا: استراتيجيات مكافحة الإرهاب في بوركينا فاسو ومالي.. رؤية تقييمية
منذ عام 2012، واجهت مالي سلسلة من الصراعات العنيفة، فقد كشف تمرد الطوارق واحتلال الجماعات الجهادية اللاحق لشمال مالي في ذلك العام عن العديد من الانقسامات في المجتمع والحكم، وازدادت الأمور سوءًا بفقدان الحكومة السيطرة على أكثر من نصف مساحة اليابسة في البلاد، بجانب الضغوط التي تمارسها على المناطق المحلية نتيجة للتنافس على الموارد، وانتشار الأسلحة، والأيديولوجيا الصدامية، وكل ذلك وغيره من العوامل أدى إلى تفاقم الصراعات الداخلية في مالي.
وفي ضوء هذا، أدى التدخل الفرنسي تحت ستار عملية “سيرفال” في يناير 2013 إلى طرد الجماعات الجهادية من مدن مالي وتحديدًا منع تنظيم “القاعدة” والجماعات المتحالفة معه من الاستيلاء على العاصمة “باماكو”، وفي عام 2014 استتبعت “سيرفال” بـعملية برخان وكانت أهدافها أوسع نطاقًا تمثلت في استهداف تنظيمي القاعدة” و”داعش” والجماعات الإرهابية المحلية، لكن لم يتم القضاء عليها نهائيًا، بحيث اتجهوا نحو إعادة تنظيمهم، وعادوا لمهاجمة بعثة للأمم المتحدة لحفظ السلام التي أنشئت في مالي، والبعثة المتكاملة، وكذلك القوات المالية والفرنسية والأهداف المدنية في العاصمة “باماكو” وحتى خارج حدود مالي[40].
وعلى الرغم من أن عام 2015 شهد توقيعًا على اتفاقات السلام بين كل من الحكومة المالية، وتحالف الميليشيات الموالية للحكومة المعروفة باسم “بلايت فورم”، وتحالف يضم عددًا من المجموعات العربية من أصل عرقي والطوارق التي تتبنى توجهات مناوئة للحكومة والميلشيات الداعمة، لكن حدثت انشقاقات بين هذه المجموعات وعرقلت تنفيذ الاتفاقيات، مما أدخل البلاد في موجة من عدم الاستقرار نتيجة تعثر التوصل إلى تسويات سياسية[41].
ويأتي ذلك مع إعلان فرنسا وكندا و27 دولة من أوروبا وأفريقيا في 17 فبراير 2022، نقل مواردها العسكرية – من بينها الوحدة الأساسية المكونة من 2200 جندي فرنسي – من مالي إلى دول مجاورة، وجاء هذا القرار بعد شهور من التوتر السياسي مع المجلس العسكري الحاكم في مالي، فضلًا عن استمرار الحرب الأوكرانية والتي تشكل منعطفًا جوهريًا في مسار الأحداث بالنسبة للأمن الأوروبي، وبالتالي كان قرار الانسحاب الفرنسي الأوروبي من مالي له تأثيراته السلبية على الأمن القومي بالبلاد [42].
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن توتر العلاقات المالية الفرنسية الأوروبية، دفع القوى الأوروبية لإعادة النظر في اختيار حليف استراتيجي أفريقي قادر على سد الثغرات الناجمة عن توتر هذه العلاقات. فهناك عدة عوامل في الأدبيات لتفسير ذلك التوتر، أولهما الخلاف بين مالي وفرنسا والدول الأوروبية من ناحية أخرى بشأن إطلاق الأخيرة استراتيجية لإعادة هيكلة وجودها وانتشارها العسكري في منطقة الساحل خلال عام 2021، في سياق عملية “برخان”، وإغلاق عدد من قواعدها العسكرية في مالي، وإعادة تموضع قواتها في إطار قوات أوروبية متخصصة “تاكوبا”، وهو ما اعتبرته مالي “انسحابًا مفاجئًا” ويمثل تخليًا عن شريك استراتيجي رغم التهديدات الأمنية التي تحيط بالمشهد المالي، الأمر الذي فرض على النخبة الحاكمة في مالي البحث عن حليف استراتيجي جديد بعد الانسحاب الفرنسي[43]. وفي هذا السياق، تمثلت المشكلة في الاستقرار على اختيار مجموعة “فاغنر” الروسية التي تمثل المنافس الرئيسي لفرنسا والدول الأوروبية. هذا بخلاف الاعتراض الفرنسي والأوروبي على تراجع المسار الديمقراطي في مالي بعد حدوث انقلابيين عسكريين في أقل من عام (2020- 2021)، وهو ما دفع باريس إلى تعليق عملياتها العسكرية (ولو بشكل مؤقت) [44].
يضاف إلى ذلك الأهمية الاستراتيجية للنيجر في ضوء ما تتمتع به من ثروات معدنية حيث تغطي 12 في المئة من احتياجات دول الاتحاد الأوروبي فضلًا عما تحوزه النيجر من احتياطات نفطية، بخلاف تنامي العمليات الإرهابية في البلاد خلال عامي 2020-2021، والتي تركزت بشكل خاص على الحدود المالية النيجرية[45]، لذا أقر البرلمان النيجري في أبريل 2022 وبأغلبية مطلقة قانونًا يسمح بنشر قوات أجنبية جديدة في البلاد[46]. كما أن هناك تفسيرًا يتعلق باختيار النيجر مقرًا لتمركز القوات الأوروبية، هو امتلاك برلين مركزًا استراتيجيًا في النيجر، المتمثل في قاعدة النقل الجوي في نيامي، وتقوم إيطاليا وكندا بتدريب القوات الخاصة[47]. علاوة على تخوف الدول الأوروبية من تمدد مهاجري ونازحي النيجر إلى الدول الأوروبية في ظل تزايد المهددات الأمنية وانعدام الأمن الغذائي[48].
أما عن جهود بوركينا فاسو لمكافحة الإرهاب، فالدولة تعتمد أسلوبًا جديدًا لمكافحة التمرد المسلح الدامي فيها، يقوم على إجراء حوار بين زعماء المجتمعات المحلية ومقاتلي الجماعات المسلحة في مبادرة تعكس تحولًا في مسار جهود ركزت على الأمن لإنهاء نزاع طال أمده، فالجدير بالذكر أن بوركينا فاسو تشهد هجمات إرهابية تنفذها حركات مسلحة، بعضها تابع لتنظيمي “القاعدة” و”داعش” الإرهابيين منذ عام 2015، وخلفت أكثر من 2000 قتيل وأجبرت نحو 1.8 مليون شخص على النزوح.
كما شرعت بوركينا فاسو في البدء باتخاذ إجراءات قانونية لمواجهة الإرهاب، حيث قرر الرئيس بول هنري، الدعوة لاجتماعات وطنية في 28 فبراير 2022 لمناقشة مسودات النصوص الدستورية وجدول الأعمال للمرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، وذلك من أجل توفير نهج توافقي وشامل يمكّن البلاد من إجراء انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة، وقد أكد هنري أن تلك الخطوات هدفها الرئيسي، هو مكافحة الإرهاب باعتباره أولوية على الأجندة الوطنية[49].
خاتمة
تعد ظاهرة الإرهاب داخل منطقة الساحل الأفريقي وفي القلب منها دولتا مالي وبوركينا فاسو، أحد أبرز التحديات والتهديدات العابرة للحدود التي تواجهها المنطقة، خاصة وأن الأخيرة تعد واحدة من أكثر المناطق تضررًا من ممارسات الجماعات والتنظيمات المسلحة في العالم والتي أدت إلى عدم الاستقرار الذي تعانيه هذه الدول، لاسيما وأن سماتها الجغرافية المعقدة جعلت من الصعب السيطرة على الحدود “الرخوة” في ظل العلاقات بين التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة، والعصابات الإجرامية، وخاصة في كل من تهريب البشر وتجارة الأسلحة والمخدرات.
لذا، تنتعش اقتصاديات الحدود على جانبي خطوط الحدود لكل من مالي وبوركينافاسو، ولا تزال تعاني الدولتان العديد من معضلة الافتقار إلى التجانس الثقافي وتعدد المعتقد الديني، إلى جانب التحديات الاقتصادية والاجتماعية المستمرة، والتي تفاقمت بسبب تداعيات جائحة كورونا، على نحو يجعل المنطقة هشة وبيئة مناسبة لتغلغل الجماعات الإرهابية في داخل البلاد، فضلًا عن سلسلة الانقلابات العسكرية (العدوى الانقلابية) التي تعمق من موجة عدم الاستقرار الممتد ليس في منطقة الساحل فحسب بل في أنحاء القارة الأفريقية كلها.
المراجع
[1] رشا السيد عشري، “معضلة الأمن في الساحل والصحراء ما بين تراجع داعش وتقدم بوكو حرام”، آفاق أفريقية (القاهرة: الهيئة العامة للاستعلامات)، العدد 48، 2019، ص ص 180 – 182، https://bit.ly/3pgq8ZB
[2] “محاولة انقلاب في النيجر قبل تنصيب الرئيس الجديد”، إندبندنت عربية، 31 مارس 2021، https://bit.ly/3JUuOOs
[3] انظر مؤشر تقرير الإرهاب العالمي لعام 2022 على الرابط: https://bit.ly/3X2qO3C
[4] د. ظريف شاكر، “معضلة الهجرة السرية في منطقة الساحل الأفريقي والصحراء الكبرى وارتداداتها الإقليمية”، مجلة العلوم القانونية والسياسية، العدد (13)، 2016، ص ص 12 – 13، https://bit.ly/3XaXk3H
[5] عربي بومدين وفوزية قاسي، “المقاربة الأمنية الجزائرية في منطقة الساحل الأفريقي: نحو تفعيل مبدأ الدبلوماسية الإنسانية”، المستقبل العربي، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية)، العدد 456، فبراير 2017، https://bit.ly/3Qq34n6
[6] عصام عاشور، “إشكالية منطقة الساحل والصحراء وتداعياتها على الجوار العربي الواقع.. التحديات.. المأمول”، الموقع الإلكتروني لمجلة شؤون عربية، (القاهرة: الأمانة العامة لجامعة الدول العربية)، 12 مارس 2022، https://bit.ly/3JS8CV0
[7] “الساحل: أرض الفرص”، برنامج الأمم المتحدة لتجديد أفريقيا، https://bit.ly/2KAdIsT
[8] “الساحل الأفريقي مرآة تعكس تنوع القارة السمراء”، الجزيرة، 27 ديسمبر 2015، https://bit.ly/3AiXTzG
[9] ستيفين ثانكيل وإيفان جويشاوا، “عقبات محلية: مقارنة بين دوافع التدخل الأمريكي والفرنسي بالساحل الأفريقي”، الموقع الإلكتروني لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المستقبلية، 18 أغسطس 2020، https://bit.ly/3Qpc23V
[10] “مسئولون أمميون: الروابط العابرة للحدود بين الإرهابيين والجريمة المنظمة تؤكد على الحاجة إلى استجابة عالمية متماسكة”، الأمم المتحدة، 6 أغسطس 2020،https://bit.ly/3jTlZLv
[11] رابحة سيف علام، “قراءة في تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020″، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 2 يونيو 2022، على الرابط:https://bit.ly/3VMYilm
[12] منى قشطة، “قراءة في مؤشر الإرهاب العالمي 2022: قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب”، المرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 11 مارس 2022، https://bit.ly/3VL3l5N
[13] المرجع السابق.
[14] “Development and Security Challenges in The Sahel Region”, Report of Mediterranean and Middle East Special Group (GSM), December 2020, PP. 10-12.
[15] محمد زكريا فضل، “الساحل الأفريقي وصراع القوى الدولية: الدوافع والمآلات”، مقالة منشورة على الموقع الإلكتروني لمجلة أفروبوليسي الصادرة عن المركز الأفريقي للأبحاث والدراسات السياسية، 22 نوفمبر 2021، https://bit.ly/3AfTnSx
[16] البروفيسور الخضر عبد الباقي محمد، “منطقة الساحل والصحراء الأفريقية: نحو منظور أمني مستدام”، دراسة منشورة على الموقع الإلكتروني لمركز تريندز للبحوث والاستشارات – دولة الإمارات، 22 فبراير 2022، https://bit.ly/3AkwvS4
[17] د. حمدي عبد الرحمن، “معضلة الأمن في الساحل والصحراء وتأثيرها على دول الجوار العربي”، الموقع الإلكتروني لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار– رئاسة مجلس الوزراء المصري، العدد 15، 12 أغسطس 2021، https://bit.ly/3Po1px9
[18] “تنظيم القاعدة: ضعف في المركز وقوة في الأجنحة”، دويتشه فيله، 3 مايو 2014، https://bit.ly/3w2Oeuv
[19] “أفريقيا جنوب الصحراء أرض الجيل الثالث للإرهاب”، صحيفة العرب اللندنية، 9 مارس 2021، https://bit.ly/3BYjkr8
“تقرير: داعش يشهد “طفرة نمو” في أفريقيا بعد فشله بالشرق الأوسط”، صحيفة الشرق، 13 مايو 2022، https://bit.ly/3zMbzSo
[20] منير أديب، “ولاية داعش وسط أفريقيا.. إشكالية الصعود وآلية المواجهة”، مركز تريندز للبحوث والاستشارات الجديد، 29 مايو 2022، https://bit.ly/3QmcAYr
فيصل عابدون، “الإرهاب يتمدد في أفريقيا”، صحيفة الخليج، 1 يناير 2022، https://bit.ly/3QnEsLM
[21] متوكل دقاش، “الإرهاب في مالي: تداعيات عدم الاستقرار السياسي وخطر تمدد الإرهاب”، الموقع الإلكتروني للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI، 1 أكتوبر 2020، https://bit.ly/3zUcEHZ
[22] أنوار بوخرص، “الجزائر والصراع في مالي”، مركز مالكوم كير- كارنيجي، 23 أكتوبر 2021، https://bit.ly/2VKOM4k
[23] “يونس بورنان”، “تدين بالولاء للقاعدة وداعش.. 7 تنظيمات إرهابية تنخر استقرار مالي”، العين الإخبارية، 27 أغسطس 2020، https://bit.ly/3Gjflps
[24] د. حمدي عبدالرحمن حسن، “مخاطر البقاء والتمدد: صعود الجماعات الإرهابية في أفريقيا”، الموقع الإلكتروني لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار – مجلس الوزراء المصري، 27 أكتوبر 2021، https://bit.ly/3Za2ejc
[25] إسحق كفير، “صعود الجماعات الجهادية في أفريقيا: إعادة النظر في العلاقة بين الفقر والإرهاب”، عين أوروبية على التطرف، 9 يونيو 2022،https://bit.ly/3PpMsKV
[26] نهال أحمد السيد، “أفريقيا في تقرير مؤشر الإرهاب العالمي 2022″، الموقع الإلكتروني لمركز المسبار للدراسات والبحوث، 31 مارس 2022، https://bit.ly/3PnehDx
[27] “هل انتقل مسلحو القاعدة والدولة الإسلامية إلى بوركينا فاسو؟”، بي بي سي نيوز عربي، 13 أكتوبر 2019، https://bbc.in/3IpkgrR
[28] “القوات الفرنسية تقتل أبو وليد الصحراوي قائد تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، فرانس 24، 16 سبتمبر 2021، https://bit.ly/3JQsCYb
[29] “تقرير: الجماعات الإرهابية في بوركينا فاسو تستخدم الذهب لتمويل أنشطتها”، يورو نيوز، 5 سبتمبر 2020، https://bit.ly/3X7IniJs
[30] أنور بوخرص، “مسارات العنف ضد المدنيين من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة في أفريقيا”، المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية، 1 أبريل 2022، https://bit.ly/3jTmkxL
[31] Merlly Demuynck, Julie Coleman, “Customary leader and terrorism in the Sahel: cp-opted, coerced, or killed”, International Center for Counter Terrorism, 6 April 2022, https://bit.ly/3VKxNgE
[32] “البيانات والإحصاءات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”، مجموعة العمل المالي، أكتوبر 2015، https://bit.ly/3Gfbmud
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة العمل المالي هي عبارة عن هيئة مستقلة متعددة الحكومات تضع وتعزز سياسات لحماية النظام المالي العالمي ضد غسل الأموال وتمويل الإرهاب ونشر أسلحة الدمار الشامل.
د. مصطفى صايج، “الجماعات الإرهابية في غرب أفريقيا: الخريطة – التمويل – والتحديات”، دورية آراء حول الخليج، (الرياض: مركز الخليج للأبحاث)، العدد 130، مايو 2018، https://bit.ly/3C9GzP5
[33] أحمد عسكر، “ماذا يحدث في بوركينا فاسو؟”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 8 يونيو 2022، https://bit.ly/3CpvXel
[34] Joseph Sany, Ena Dion, “After two coups: Malineeds regional support to Bol ster Democracy, United States Institute of Peace, 9/12/2021, https://bit.ly/3iclEmM
[35]Burkina Faso: Coup d’etat fears grow with president kabore’s location uncertain live, The Africa Report, 24 January 2022,https://bit.Iy/3FxjFJ5
[36] “إرهاب الجماعات الجهادية في خليج غينيا يوقظ المخاوف”، حفريات، 28 مارس 2022، https://bit.ly/3c2nV0U
[37] Paula Mora Brito, “Religious Terrorism in the Sahel, Causes, Means and Impact”, Center for Global Affairs & Strategic studies (GASS), https://bit.ly/3bSn96t
[38] د. أحمد أمل، “مهددات أمن الحدود في أفريقيا: المظاهر والأسباب وسياسات الاستجابة”، مجلة السياسة والاقتصاد، جامعة بني سويف، المجلد (14)، العدد (13)، يناير 2022، https://bit.ly/3X49QBV
[39] “بوركينا فاسو حينما يصبح الإرهاب جزءًا من الاقتصاد”، دويتشه فيله، 18 يونيو 2021، https://bit.ly/3K0uX2I
[40] فرانك غاردنر، “كيف وصلت المواجهة مع الإسلاميين المتشددين في غرب أفريقيا إلى مرحلة حرجة؟”، موقع بي بي سي عربي، 7 يونيو 2021، https://bbc.in/3vCX7ub
[41] أندروليبوفيتش، “خريطة الجماعات المسلحة في مالي والساحل”، مرجع سابق.
[42] لويس دوجيت جروس، “مالي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: مستقبل مكافحة الإرهاب في منطقتي الساحل والمغرب العربي”، الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن لتحليل سياسات الشرق الأوسط، 7 مارس 2022، https://bit.ly/3ig3K2E
[43] د. توفيق أكليموندوس، “فرنسا والساحل والصحراء: الانتقال من استراتيجية إلى أخرى”، الموقع الإلكتروني للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 11 أغسطس 2021، https://bit.ly/3STX1J3
[44] بسمة سعد، “لماذا أعادت القوى الأوروبية تمركز قواتها العسكرية لمكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي في النيجر؟”، مجلة قراءات أفريقية، عدد مايو 2022، https://bit.ly/3SNh9fQ
[45] انظر: لويس دوجيت جروس، “مالي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: مستقبل مكافحة الإرهاب في منطقتي الساحل والمغرب العربي”، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 7 مارس 2022، https://bit.ly/3Qe5w0P
[46] “برلمان النيجر يوافق على نشر قوات أجنبية على أراضي البلاد للتصدي للمجموعات المسلحة”، وكالة الأنباء القطرية، 23 أبريل 2022، https://bit.ly/3w9T09R
[47] “نقاش مرتقب في برلمان النيجر حول حضور القوات الأجنبية”، موقع قناة الميادين، 15 أبريل 2022، https://bit.ly/3c26PjM
[48] “الاتحاد الأوروبي يستعد لموجات هجرة جديدة بسبب أزمة الغذاء”، العربية نت، 11 يوليو 2022، https://bit.ly/3ppzvpV
“انعدام الأمن الغذائي يهدد أكثر من 50 مليون شخص في شرق أفريقيا”، الأمم المتحدة، 22 يوليو 2022، https://bit.ly/3vCueyk
[49] نهلة عبد المنعم، “بوركينا فاسو تنتفض لمواجهة الإرهاب عبر توحيد الصفوف الوطنية”، الموقع الإلكتروني للمرجع، 8 مارس 2020، https://bit.ly/3idwhFY
التعليقات