مقدمة:
يُقصد بحظر الأسلحة على الصعيد الدولي: “منع التوريد أو البيع أو النقل المباشر أو غير المباشر للأسلحة والمواد ذات الصلة كالذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية وشبه العسكرية وقطع الغيار الخاصة بها – ويشمل ذلك التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج – إلى أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات مدرجة على قائمة بغرض الإشارة إلى عدم الموافقة على سلوك جهة فاعلة معينة أو الحفاظ على الحياد في صراع مستمر.”[1]
وبما أن الهدف العام هو منع وصول الأفراد والكيانات المدرجة أسماؤهم إلى أي نوع من الأسلحة والذخيرة فعادة ما يتم اللجوء إلى توسيع مصطلح حظر الأسلحة ليشمل سماسرة الأسلحة والشحنات العابرة وكل ما من شأنه أن يحد من قدرة أولئك المستهدفين بالحظر والذين قد يلجؤون لأساليب مرتجلة وغير تقليدية للالتفاف على الحظر المفروض عليهم[2].
من أشهر نماذج فرض حظر الأسلحة للدلالة على عدم الرضا الدولي عن سلوك دولة ما الحظرُ الذي فرضه المجتمع الدولي على الأرجنتين عام 1977[3] بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان، ولم يُرفع الحظر عنها إلا بعد مرور اثني عشر عامًا[4]. كذلك فُرض حظر الأسلحة على إندونيسيا عام 1999[5] بسبب مشكلة إقليم تيمور ثم رُفع عنها الحظر عام 2005[6]، وفُرض حظر الأسلحة على إيران بعد الثورة الإسلامية عام 1979[7] ولم يُرفع إلا بشروط عام 2020 برغم اعتراض الولايات المتحدة[8]. وأحيانًا يكون الحظر الدولي غير إلزامي التنفيذ بل حلّ مُقترح من الأمم المتحدة لفترة مؤقتة؛ كما حدث مع دولة جنوب أفريقيا وأذربيجان وإريتريا[9]، وأحيانًا يكون مفروضًا من جانب واحد كحال الاتحاد الأوروبي مع بيلاروسيا، أو جامعة الدول العربية مع سوريا، أو الاتحاد الأفريقي مع توغو، أو رابطة دول الكومنولث مع نيجيريا[10].
تهدف هذه الورقة إلى إظهار تهافت استراتيجية حظر السلاح التي يتّبعها المجتمع الدولي في الصومال منذ عام 1992[11]، وكيف أنها أسهمت في إطالة أمد الحرب الأهلية بكل ما تسببه من معاناة إنسانية وخراب البنية التحتية وتعثر مشروع إعادة بناء الدولة، مع الإشارة إلى التداعيات الطويلة الأمد لفشل هذه الاستراتيجية على السلم الأهلي ومستقبل النزاع في الصومال، بما في ذلك مفارقة ازدهار سوق السلاح في الصومال برغم الحظر المفروض منذ أكثر من ثلاثة عقود.
أولًا: تفاصيل حظر السلاح في الصومال من قِبل المجتمع الدولي:
في يناير 1992 أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 733 [12] الذي يقضي بضرورة حظر توريد الأسلحة إلى الصومال ردًّا على الصراع المستمر وتدهور الوضع الإنساني هناك، وفي يونيو 2001 سمح قرار مجلس الأمن رقم 1356 [13] بإعفاءات من الحظر لإمدادات المعدات العسكرية غير الفتاكة لاستخدامها في العمليات الإنسانية، وفي يوليو 2002 أوضح قرار مجلس الأمن رقم 1425 [14] نطاق حظر الأسلحة موضحًا أنه يُحظر تمويل حيازة الأسلحة وكذلك البيع المباشر أو غير المباشر أو تقديم المشورة الفنية أو التدريب العسكري.
في ديسمبر 2006 رفع قرار مجلس الأمن رقم 1725 [15] حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على الصومال جزئيًّا، وسمح للهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيغاد) والدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي بنشر قوة تدخُّل إقليمية لحماية الحكومة الاتحادية الانتقالية في الصومال، وتسليح قوات الأمن التابعة للحكومة الاتحادية الانتقالية وتدريبها، وأبقى القرار على الحظر الحالي لكنه نصّ على أن أحكامه لا تنطبق على عمليات نقل المعدات العسكرية والتدريب التقني والمساعدة المخصصة لقوة التدخل الإقليمية.
في فبراير 2007 حصر قرار مجلس الأمن رقم 1744 [16] الحظرَ على الجهات الفاعلة غير الحكومية، وسمح بتوريد الأسلحة والمعدات العسكرية المخصصة لغرض المساعدة في تطوير مؤسسات القطاع الأمني فقط؛ ولكن بشرطين: إخطار لجنة العقوبات الجزائية الخاصة بالصومال مسبقًا بكل حالة على حدة، وعدم اعتراض مجلس الأمن في غضون خمسة أيام عمل بعد إخطاره بذلك. في نوفمبر 2008 عدّل مجلس الأمن قرار حظر الأسلحة رقم 1844 [17] لاستهداف الكيانات التي انتهكت الحظر أو أعاقت إيصال المساعدات الإنسانية إلى الصومال أو في داخله، وكان من نتائج هذا التعديل فرض الأمم المتحدة حظرًا على توريد الأسلحة إلى إريتريا في ديسمبر 2009 نظرًا إلى التقارير الواردة التي تُفيد بانتهاك إريتريا الحظرَ المفروض على الصومال.
في مارس 2013 أضاف مجلس الأمن تعديلات على القرار رقم 2093 [18] ذي الصلة بالقيود والإجراءات المتعلقة بإمداد الحكومة الصومالية بالأسلحة، مع الإبقاء على الحظر المفروض على إمدادات الأسلحة إلى الجهات الفاعلة غير الحكومية في البلاد، وبعد ذلك ببضعة أشهر وتحديدًا في يوليو 2013 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 2111 [19] لإيضاح بعض البنود الواردة في القرار رقم 2093؛ إذ أشار إلى أنه بموجب ذلك القرار لن ينطبق حظر السلاح المفروض في الصومال على شحنات الأسلحة والمعدات العسكرية أو التدريب المخصصة لتطوير قوات الأمن التابعة للحكومة الفيدرالية الصومالية لتحقيق الأمن للشعب الصومالي.
وعلى الرغم من أن هذا يبدو للوهلة الأولى استجابةً لطلبات الحكومة الصومالية والاتحاد الأفريقي الذي دعا إلى رفع القيود المفروضة عن الإمدادات العسكرية للحكومة الصومالية، فإن القرار على الصعيد العملي قد فرض المزيد من القيود. يُذكر أن هناك ملحقًا[20] أُرفق بالقرار يحدد فئات المعدات العسكرية التي يتطلب توريدها إلى حكومة الصومال الاتحادية موافقة مسبقة من لجنة العقوبات الجزائية على أساس كل حالة على حدة، وهذه الفئات هي: صواريخ “أرض – جو” بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المحمولة (MANPADS)[21]، والبنادق، ومدافع الهاوتزر، والمدفعيات التي يزيد عيارها على 12.7 مم وذخائرها وقطع غيارها[22]، وقذائف الهاون التي يزيد عيارها على 82 مم[23]، ومضادات الدبابات والشحنات والأجهزة المخصصة للاستخدام العسكري وتحتوي على مواد نشطة وأسلحة مزودة بمناظير الرؤية الليلية[24]، ولا يشير القرار إلى سبب اختيار هذه البنود، إضافة إلى غموض الصيغ المستخدمة في الملحق.
لا يختلف هذا القرار عن القرارات السابقة في اشتراط عدم اعتراض لجنة العقوبات الجزائية لتزويد الحكومة الفيدرالية الصومالية بالأسلحة والمعدات لتطوير قطاع الأمن ومؤسساته، لكنه يختلف في أنه يجعل الحكومة الفيدرالية الصومالية – وليس الدول المورّدة للسلاح – مسؤولة عن إخطار لجنة العقوبات الجزائية قبل استلام تلك الأسلحة والمعدات بخمسة أيام على الأقل[25]. إضافة إلى ما سبق؛ فالقرار يمنع الحكومة الفيدرالية الصومالية من نقل الأسلحة إلى أي كيان أو فرد ليس في خدمة قواتها الأمنية، من دون أن يوضح المقصود بجملة: “في خدمة قواتها الأمنية”، وهو ما يمثل إشكالية؛ بسبب العلاقات غير الرسمية بين الميليشيات المسلحة التابعة للحكومة الفيدرالية الصومالية. وعلى أي حال فالقرارات تلزم الحكومة الاتحادية في الصومال بتقديم تقارير إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن هيكل قواتها الأمنية والبنية التحتية وإجراءات تأمين مخزوناتها من الأسلحة[26].
في مارس 2014 أكد قرار مجلس الأمن رقم 2142 [27] مجددًا الحظر الشامل على الأسلحة المفروض على الصومال، ومدّد الأحكام المتعلقة بإمدادات الأسلحة إلى الحكومة الصومالية حتى 25 أكتوبر 2014. وفي أكتوبر 2014 أكد قرار مجلس الأمن رقم 2182 [28] مجددًا الحظر الشامل على الأسلحة المفروض على الصومال ومدّد الأحكام المتعلقة بإمدادات الأسلحة إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية حتى 30 أكتوبر 2015، كما سمح للدول الإقليمية لمدة 12 شهرًا[29] بالتفتيش في المياه الإقليمية الصومالية عن السفن البحرية المتجهة إلى الصومال وتتوافر أسباب معقولة للاعتقاد بأنها تحمل أسلحة تنتهك الحظر المفروض على البلاد.
كما قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يطلب صراحةً من الدول أن تمنع توريد قائمة محددة من المواد المتفجرة والمركبات الكيميائية المستخدمة في تصنيع المتفجرات والمعدات والتكنولوجيا ذات الصلة بالمتفجرات إلى الصومال في حال وجود تهديد محتمل أو دليل كافٍ على استخدامها في تصنيع العبوات الناسفة[30]. وقد مُدّد الحظر سنويًّا منذ ذلك الحين، ولا يزال ساري المفعول حاليًّا حتى 17 نوفمبر 2023[31].
ثانيًا: هل سياسة حظر الأسلحة استراتيجية فاعلة أصلًا؟
حلّل إرنست جي هوغيندرون –
مستشار رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية ومسؤول سابق عن مشروع القرن
الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية – تأثيرَ حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم
المتحدة على النزاعات الداخلية؛ لمعرفة إذا ما كان بإمكانها أداء دور في إنهاء
الصراع العنيف أو الحد منه أم لا، وذلك في أطروحته للدكتوراه الصادرة من جامعة
برنستون بعنوان: (الأثر الإنساني لحظر الأسلحة)[32]،
ويعتمد بحثه بصورة أساسية على مجموعة بيانات من 125 نزاعًا أهليًّا بعد الحرب
العالمية الثانية.
من بين أنواع عدة مختلفة من
عمليات الحظر؛ ركز هوغيندورن على عمليات حظر الأسلحة التي تفرضها الأمم المتحدة
وتهدف إلى إنهاء عنف الصراع الداخلي أو الحدّ منه، وقال إن حظر الأسلحة هو خيار
سياسي شائع لمجلس الأمن عند التعامل مع الأزمات الإنسانية لأنه أقوى من
الدبلوماسية وليس مكلفًا وخطيرًا مثل التدخلات العسكرية، ولهذا السبب كثيرًا ما
فرضت الأمم المتحدة حظرًا على الأسلحة في محاولة للتخفيف من معاناة المجتمع المدني
والحد من الأزمات الإنسانية.
يمكن أن تكون استراتيجية حظر
الأسلحة فاعلة من حيث إن الإنهاء السريع للنزاع لا يمنع الخسائر غير الضرورية في
الأرواح فحسب؛ بل قد يمنع أيضًا تراجع التنمية. ومع ذلك؛ لا يوجد توافق في الآراء
داخل المجتمع الدولي بشأن ما يمكن أن تحققه استراتيجية حظر الأسلحة بالضبط، إذ
عادةً ما تتضمن واحدًا أو أكثر من الأهداف الآتية: الاحتواء والردع والامتثال
وإحلال السلام، مع الأخذ في الحسبان أن هناك تمييزًا مهمًّا بين نوعين مختلفين من
حظر توريد الأسلحة؛ حظر محايد أو “شامل” على جميع الأطراف في النزاع
بشكل يحرمها من الحصول على الأسلحة، وحظر جزئي على طرف معيّن على نحو يسمح لأطراف
النزاع الأخرى بمواصلة استيراد الأسلحة. يعتمد المجتمع الدولي على نظرية بسيطة
نسبيًّا لشرح كيفية عمل استراتيجية حظر الأسلحة؛ إذ يفترض أنها ستؤدي إلى تقليل
توريد الأسلحة للمقاتلين بصورة تسهم في تخفيف دوامة العنف تلقائيًّا ما يُفضي في
النهاية إلى السلام.
يؤكد هوغيندرون أن نظرية
الارتباط المباشر هذه تستند إلى افتراضات مَعيبة عدة [33]
يمكن ملاحظتها من خلال استعراض حقيقتين مشاهَدتين على أرض الواقع:
أ) تواجه الأمم المتحدة
صعوبات خطيرة في فرض حظر ذي جدوى على توريد الأسلحة، منها مشاكل في مراقبة إنفاذ
حظر الأسلحة بسبب الموارد المحدودة التي يمكن تخصيصها لهذا المجال، كما أنها تفتقر
إلى الخبرة اللازمة لمراقبة عمليات حظر الأسلحة بشكل فاعل، تُضاف إلى ذلك مشكلة
تبادل المعلومات بين وكالات الأمم المتحدة المختلفة التي تميل إلى عدم مشاركة المعلومات
حول الانتهاكات المحتملة لحظر الأسلحة. أحد أحدث الأمثلة على فشل الأمم المتحدة في
فرض حظر مجدٍ على الأسلحة حالة المتمردين العراقيين؛ إذ لم تنجح سياسة الحظر ضدهم
في الحيلولة دون إعادة إمدادهم بالأسلحة من سوريا.
ب) حظر الأسلحة الأكثر تطورًا
لا يؤدي بالضرورة إلى عنف ودمار أقل ضراوة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك هو الإبادة
الجماعية في رواندا، حيث قُتل أكثر من ثمانمئة ألف شخص على أيدي مقاتلين مسلحين
بالمناجل، كما أن تغيير نمط الأسلحة المتاحة والاكتفاء فقط بتوريد الأسلحة الخفيفة
يغيّر أسلوب ممارسة العنف من دون أن يخفف بالضرورة من وحشيته، وحالة جمهورية
الكونغو الديمقراطية مثال آخر على القتال بالأسلحة الخفيفة بين فصائل غير منضبطة على
نحو أسفر في النهاية عن كارثة إنسانية[34].
لحظر الأسلحة عواقب محتملة
غير مقصودة يمكن أن تؤثر سلبيًّا على عملية حل النزاع. قال هوغيندورن إن الحظر
الشامل على الأسلحة يتسبب عمومًا بإطالة أمد النزاعات؛ إذ تستمر في المتوسط بنسبة
70 في المئة[35]
أطول من النزاعات غير المشمولة بمثل هذا الحظر، فالحرب لا تتوقف إلا عندما يحدث
انزياح في ميزان القوة بصورة تتغير معها الديناميكيات العسكرية على الأرض، وهذا ما يفتح الباب للتفاوض.
إضافة إلى ذلك يمكن أن يؤدي الحظر إلى تقوية المعتدي الذي أنشأ بالفعل طرق إمداد؛ كما في حالة صرب البوسنة وتشارلز تيلور في ليبيريا، المدهش هنا أن التوسل بحظر السلاح كعقوبة للمتحاربين يؤدي أحيانًا لإفلات المجرمين – أو أولئك الذين لهم صلات إجرامية – لأن لديهم المهارات والعلاقات التي تمكّنهم من ذلك، وهذا بالطبع ستكون له تداعيات عميقة على كل من إدارة الحرب وإعادة البناء بعد أن تضع الحرب أوزارها.[36]
ثالثًا: ظاهرة تهريب الأسلحة إلى الصومال:
تعود ظاهرة تهريب الأسلحة إلى
الصومال إلى عام 1998 الذي اندلعت فيه حرب طاحنة بين إثيوبيا وإريتريا، وأسهمت الحرب
بين البلدين على نحو غير مقصود في تسرُّب الأسلحة إلى الصومال بصورة أجبرت الأمم
المتحدة على فرض عقوبات على البلدين أجبرت طرفَي النزاع لاحقًا على إنهاء الحرب في
بداية عام 2001 [37].
في عام 2016 كانت تقارير مجموعة مراقبة الصومال وإريتريا – وهي آلية الإبلاغ
الرئيسية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – تشير إلى أن الأسلحة اللامشروعة المهربة
إلى الصومال من الخارج مصدرها إيران وليبيا وكوريا الشمالية والسودان[38]، وفي
عام 2020 أدى انفجار الصراع الدموي في إقليم تيغراي بأثيوبيا إلى تدفق الأسلحة غير
المشروعة عبر الحدود؛ وتحديدًا عبر مدينة غالدوغوب الحدودية التي كانت مركز تهريب
الأسلحة غير المشروعة إلى الصومال لفترة من الزمن[39].
ولكن منذ عام 2021 تتزايد الدلائل
بخصوص وجود شبكة لإيران بالوكالة في الصومال تستخدم وسطاء لتقديم الدعم
لـ”المنظمات المتطرفة العنيفة” لمواجهة نفوذ الولايات المتحدة ودول
الخليج[40]،
وقد صرح مسؤولون حكوميون صوماليون أن فيلق القدس – الذراع الخارجية للحرس الثوري
الإيراني – يستخدم هذه الشبكة لتهريب النفط الإيراني إلى الصومال وبيعه لاحقًا
بأسعار رخيصة عبر أفريقيا لخرق العقوبات الأمريكية ثم يستثمر بعض الأرباح في دعم
المسلحين في الصومال[41].
وذكر قادة القوات الأمنية الصومالية ممن شاركوا في عمليات ضد حركة الشباب وسط
وجنوب الصومال أنهم اكتشفوا وجود أسلحة ومواد لصنع القنابل ومواد كيماوية قادمة من
إيران، وأشاروا إلى أن هجمات حركة الشباب منذ عام 2017 أصبحت أكثر فتكًا، وينسبون
قدرات الجماعة المتزايدة إلى أسلحة من مصادر أجنبية معظمها قادم من إيران واليمن[42].
ويمكن فهم مدى اتساع هذه
الشبكة بالنظر إلى إعلان القيادة المركزية الأمريكية في 6 يناير 2023 اعتراضها
مركبًا شراعيًّا مجهول الهوية في خليج عمان كان يُهرّب 2000 بندقية هجومية من طراز
AK-47 في أثناء عبوره المياه الدولية من إيران إلى اليمن، وذلك عبر طريق يُستخدم في
الأغلب لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين[43]،
وصرح قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل إريك كوريلا قائلًا: “إن
التدفق غير القانوني للأسلحة عبر الممرات المائية الدولية له تأثير مزعزع
للاستقرار في المنطقة”. وتابع كوريلا: “نحن ملتزمون بأمن المنطقة واستقرارها
وإنفاذ القانون الدولي، وبمساعدة قواتنا المشتركة ستعمل القيادة المركزية
الأمريكية على ردع هذا النوع من المواد الفتاكة في المنطقة واعتراضه؛ سواء أكان
ذلك عن طريق الجو أو البر أو البحر”[44].
الصومال لديها أطول خط ساحلي
في القارة الأفريقية، لكن حدودها البحرية مملوءة بالثغرات وتتأثر بانعدام الأمن
على الأرض، وتهريب الأسلحة وتهريب المخدرات والسلع الأخرى أمر شائع نسبيًّا في هذه
المنطقة. ومع ذلك؛ فإن انتشار الأسلحة الإيرانية المتجهة إلى اليمن، التي ينتهي
بها المطاف في الصومال يُظهر الطبيعة العابرة للحدود للجريمة البحرية في القرن
الأفريقي؛ فقد تدخلت القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين والمملكة العربية
السعودية في هذا الفراغ الأمني البحري وقادت الجهود لحراسة هذه المياه. المبادرات
الإقليمية مثل مدونة جيبوتي لقواعد السلوك (اعتُمدت في جدة) تُدرج بالفعل الأنشطة
غير القانونية في البحر – بما في ذلك تهريب الأسلحة – باعتبارها تهديدًا كبيرًا
يتضاعف مع مشكلة الحرب الدائرة في اليمن والتي مزقت ذلك البلد، ويزداد الأمر تعقيدًا
مع تلكؤ الدول الإقليمية في تنفيذ المدونة لأنها غير مُلزمة قانونًا[45].
التحدي الآخر هو التباين في تطلعات الدول الخليجية والأجنبية الأخرى في تأمين مياه خليج عدن، فالعديد من المبادرات الخاصة بفرق العمل البحرية في المنطقة لها أجندات مختلفة ولا تأخذ المصالح الأفريقية في الحُسبان بالضرورة. ومن دون عمليات فاعلة بقيادة أفريقية قد تضطر القوات البحرية الأجنبية التي لها منشآت عسكرية في جيبوتي إلى التصدي للتهريب في البحر[46]. من خلال رؤية مشتركة يمكن للاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) توجيه المشاركات المتعددة الأطراف لمصلحة حوكمة الأمن البحري في المنطقة، ويمكن لقوة عمل بحرية من شرق إفريقيا مكافحة تهريب الأسلحة وتأمين النطاق البحري الواسع للقرن. وعلى الرغم من انخفاض القرصنة قبالة سواحل الصومال؛ فإن قرار الاتحاد الأوروبي بتمديد عملية أتلانتا – التدريبات العسكرية في القرن الأفريقي – لا يُظهر سوى التزامه بالأمن بما يتجاوز القرصنة[47].
رابعًا: سوق السلاح في الصومال:
استمرار الفوضى في الصومال لفترة طويلة خلق دوامة من المشاكل التي يغذي بعضها بعضًا، ازدهار سوق السلاح في الصومال هو انعكاس لفشل مشروع الدولة الذي ألقى بظلاله على النظام المصرفي والهيكل المالي في عموم البلاد، فمعظم سكان الصومال يعتمدون في تعاملاتهم النقدية على نظام شبه رسمي لتحويل الأموال يُعرف باسم “الحوالة”، وفي عام 2020 ظهر تقرير دولي يؤكد وجود ثغرات خطيرة في هذا النظام تتعلق بإجراءات العناية الواجبة وضوابط مكافحة غسيل الأموال بشكل يُسهّل تمويل تجارة الأسلحة[48]، ويوثق التقرير استخدام تجار السلاح عشرات الأسماء المستعارة، واستغلال ثغرات في لوائح الامتثال المالي لإجراء صفقات عبر شركات الحوالة من دون إشراف أو تدقيق من الجهات المختصة في الحكومة الفيدرالية الصومالية[49].
لذا
بدأت الهيئات التنظيمية في أوروبا باتخاذ بعض التدابير الصارمة ضد شركات الحوالة[50]،
وأغلقت هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة الحسابات التابعة لشركات الحوالة
الصومالية في مصارفها، وقد عارضت المنظمات الإنسانية الدولية هذه الإجراءات وأوضحت
أن إغلاق المؤسسات المصرفية أبوابَها في وجه شركات الحوالة – شريان الحياة الوحيد
للصوماليين المنكوبين في الداخل إذ يتلقون من خلاله تحويلات ذويهم المقيمين في
الخارج – سوف يُجبر مشغلّي هذه الشركات على اعتماد طرق بديلة ربما ستؤدي من دون
قصد إلى ازدهار عالم الجريمة المنظمة[51].
بين ديسمبر 2020 وأغسطس 2021؛
وثق الباحثون الميدانيون في المبادرة العالمية ضد الجريمة المنظمة العابرة للقارات
(GI-TOC) ما مجموعه 425 من الأسلحة الصغيرة والأسلحة
الخفيفة وأكثر من 3,200 طلقة ذخيرة[52]،
هناك بنادق هجومية صينية الصنع من النوع 56-1 في جميع أنحاء الصومال[53]،
وهناك أيضًا بنادق حربية سعودية الصنع من طراز [54]G3 وذخائر من
عيار الناتو 7.62 × 51 ملم[55]،
بالإضافة إلى بنادق من طراز KLS وKLF يُرجح أن
تكون من صنع إيراني[56].
أكثر دول التصنيع شيوعًا كانت الصين وروسيا (الاتحاد السوفيتي) اللتان استحوذتا معًا
على 80.9 في المئة[57]
من إجمالي العتاد الذي يمكن تحديده بالسوق السوداء في الصومال. البنادق الهجومية
تمثل 90 بالمئة من إجمالي الأسلحة غير المشروعة، والفرق في أسعارها في جنوب
الصومال أكثر من الشمال بنحو 90 دولارًا أمريكيًّا[58]،
وهذا يؤكد أن معظم الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة غير المشروعة تدخل الصومال
عبر إقليم بونتلاند – منطقة شبه مستقلة في الشمال الشرقي من البلاد – ثم تنتقل إلى
الجنوب. ومن ثمّ فإنه من المتوقع أن يرتفع ثمن السلاح في الجنوب نظرًا إلى التكاليف
اللوجستية الإضافية على طول سلسلة التوريد.
تراوحت أسعار البنادق بين 900
و2000 دولار أمريكي؛ ومتوسط السعر 1422 دولارًا أمريكيًّا[59]، جرى
تسعير البنادق الصينية والروسية على نحو متطابق تقريبًا برغم أن البنادق الصينية صُنعت
عام 2020، بينما الروسية صُنعت عام 1988، وأحيانًا يُضيف التجار أرقامًا تسلسلية
مزيفة تبدأ بالرمز “EM17” لبنادق صينية من نوع 56 وبنادق أخرى
من طراز AK لإيهام المشتري بأنها روسية – تُسمَّى “بنادق
فرانكشتاين” – لزيادة قيمتها[60].
وعادة ما يتأثر سعر السلاح في السوق السوداء ببعض الأحداث السياسية، فمثلًا كان
سعر البندقية من طراز AK
بين عامَي 2011 و2012 نحو 731دولار
أمريكي[61]
في مقديشو، ثم تضاعف عام 2015 إلى 1,800 دولار أمريكي بعد إحكام الحكومة
الفيدرالية سيطرتها نسبيًّا على العاصمة، وحينما حدث نهب جماعي لأسلحة من قاعدة
تدريب إماراتية في مقديشو عام 2018 انخفض السعر إلى 700 دولار أمريكي[62]
تقريبًا.
أسعار البنادق الآلية
(الرشاشات) من طراز PKM (عيار 7.62 × 54R ملم) تقترب
من سقف 13 ألف دولار أمريكي[63]،
وبالنسبة إلى المسدسات – السلاح المفضل للقتل المستهدف عن قرب في الصومال –
فأسعارها تراوحت من 800 دولار أمريكي إلى 2000 دولار أمريكي بمتوسط سعر يبلغ 1,358 دولار أمريكي[64]،
ويُعتقد أن معظمها صينية الصنع؛ على الرغم من صعوبة التحقق من ذلك لعدم وجود أرقام
تسلسلية على هذه المسدسات التي دخل معظمها إلى الصومال عن طريق اليمن[65].
وقد يعود ارتفاع تفشي الاغتيالات بدوافع أيديولوجية أو تجارية في جنوب الصومال
أكثر من شماله إلى زيادة عدد المسدسات غير المرخصة في السوق السوداء في الجنوب
أكثر من الشمال، التي يُعلن توافرها للبيع – في كثير من الأحيان – في مجموعات
دردشة خاصة على الرسائل المشفرة في تطبيق تيلغرام[66].
ربما يعود السبب في الغياب العام للأسلحة الثقيلة في السوق السوداء التي شملها المسح الذ أجراه الباحثون إلى حقيقة مفادها أنها تلبي احتياجات المشترين الأفراد أكثر من الجماعات المسلحة، وبخلاف قوات الأمن الحكومية (الاتحادية والإقليمية على حد سواء) فمن المرجح أن يكون المشترون الرئيسيون للبنادق الآلية وغيرها من الأسلحة الخفيفة من الميليشيات التابعة للعشائر، وكذلك الجماعات المسلحة مثل حركة الشباب والفصيل الصومالي من تنظيم الدولة الإسلامية. في مثل هذه الحالات غالبًا ما تكون الأسلحة الثقيلة مملوكة بشكل جماعي للعشيرة، أو تحصل عليها الجماعة المسلحة مباشرة، إذ لا يسعى الأفراد في طلبها من السوق السوداء[67]. الجدير بالذكر في هذا السياق أنه جرى توثيق استمرار ظاهرة تسرُّب أعداد كبيرة من الأسلحة المستوردة من مستودعات الحكومة الصومالية الموجودة في مطار مقديشو الدولي إلى السوق السوداء – بعضها كان مملوكًا في الأصل لعناصر “نيسا” جهاز المخابرات الصومالي – على الرغم من كل الجهود التي يبذلها مراقبو الأمم المتحدة للتأكد من امتثال الدولة الصومالية لاشتراطات الرفع الجزئي لسياسة حظر توريد الأسلحة إلى الصومال، ويبلغ متوسط سعر هذه الأسلحة الحكومية في السوق السوداء نحو 1,515 دولار أمريكي[68].
خامسًا: سبب فشل استراتيجية حظر توريد الأسلحة إلى الصومال وتأثيرها على مشاريع إعادة بناء الدولة:
يُمكن أن يُعزى السبب في
ظاهرة انتشار الأسلحة في الصومال إلى ثلاثة عوامل هي: ثقافة السلاح المحلية،
وتأثير التنافس بين القوى العظمى خلال الحرب الباردة، وعسكرة المجتمع نتيجة سنوات
من انعدام الأمن.
أ) ثقافة السلاح المحلية:
لطالما كانت حيازة السلاح ثقافة لدى الصوماليين؛ خصوصًا في حقبة ما بعد الاستعمار،
وقد أسهم نمط الحياة التقليدي المعتمد على الرعي والثروة الحيوانية مصدرًا لكسب
الرزق وتوليد الدخل في تفشي سرقة المواشي والتزاحم على الموارد المالية إلى درجة
الاقتتال بصورة جعلت اقتناء السلاح أمرًا لا مفر منه، وأصبح السلاح رمزًا للهيبة
والسلطة، وفي بعض المناطق تُعدّ بادرة الرجل بإضافة بندقية إلى المهر المقدم
للزواج بمثابة علامة على أنه سيكون زوجًا صالحًا يدافع عن أهله وماله[69].
ب)
تأثير الحرب الباردة: كان الاتحاد السوفيتي يتنافس مع الولايات المتحدة لبسط نفوذه
على الصومال بسبب موقعها الاستراتيجي على خليج عدن، وقد استغل الرئيس محمد سياد
بري هذا الوضع؛ إذ تمكن من الحصول على شحنة أسلحة من السوفييت بقيمة 260 مليون
دولار أمريكي بين عامي 1973 و 1977، ثم تخلى عن تحالفه مع السوفييت لمصلحة أمريكا
وأوروبا لينجح في الحصول على شحنة أسلحة من إيطاليا بقيمة 380 مليون دولار أمريكي
بين عامي 1978 و 1982، بالإضافة إلى صفقات تسليح أخرى من الولايات المتحدة بقيمة
154 مليون دولار أمريكي بين عامي 1981 و1991، لذا فإنه ما إن تفكك الجيش بعد
انهيار الدولة الصومالية حتى سقطت أكثر من نصف مليون قطعة سلاح بِيد أمراء الحرب
المتنافسين في جميع أنحاء الصومال[70].
ج)
عسكرة المجتمع الصومالي: ضخامة مخزون السلاح الذي تسرب من مستودعات الحكومة ووصل
إلى أيدي المواطنين خلق سوقًا سوداء منتعشة داخل الأسواق الشعبية في العاصمة مثل:
“سوق بكارا” و “سوق أرجنتينا”، وأسهم هذا الانتشار لسوق
السلاح في الحفاظ على قدرة جميع الجهات الفاعلة على المشاركة باستمرار في الصراعات
العنيفة والمميتة، وتشهد جميع الصراعات تقريبًا استخدامًا مكثفًا للبنادق شبه
الآلية والبنادق المركبة بمنصات على سيارات البيك آب، وقاذفات الصواريخ وقاذفات
الآر بي جي والألغام الأرضية[71].
وبالنظر إلى قرار الأمم المتحدة رقم 733 الصادر سنة 1992 الذي يُعدّ الأساس لفرض حظر توريد السلاح إلى الصومال؛ يلاحظ أن القرار لم يضع إطارًا لتكوين آلية رصد ومتابعة لهذا الحظر، فاضطرت المنظمة الأممية بعد ثلاثة أشهر إلى إصدار القرار رقم 751 بغرض إنشاء لجنة عقوبات وفقًا للمادة 28 وكلفتها بالحصول على إفادات الدول المتاخمة للصومال بشأن الحظر، والنظر في الانتهاكات المبلَغ عنها، وتقديم التوصيات إلى مجلس الأمن بخصوص كيفية رفع كفاءة الحظر. من الصعب تحديد الأسباب الحقيقية لتأخر الأمم المتحدة ثلاثة أشهر قبل إصدارها إطارًا تنفيذيًّا وتحديدها آليات الإبلاغ وإنفاذها لتدابير تردع أنشطة خرق الحظر، ومن الواضح أن المنظمة الأممية استجابت بسياسة حظر السلاح بصورة فورية لاحتواء الفوضى في هذا البلد من دون أن تكون واعية بتعقيداته، ومن دون جدول زمني مفترض لتدارك تداعيات هذا الحظر في حال فشل تحقُّق تأثيره المطلوب على سلوك الأطراف المتنازعة.[72]
ومن أجل رفع كفاءة الحظر؛ شكّلت
الأمم المتحدة بعد عشر سنوات من قرارها بالحظر (عام 2002) مجموعةً للإشراف
والمراقبة تتركز مهمتها في التحقيق في انتهاكات حظر توريد السلاح والذخيرة، وإجراء
البحث الميداني في الصومال والدول المجاورة لتقييم قدرتها على تنفيذ الحظر من خلال
مراجعة الجمارك وأنظمة مراقبة الحدود، وتقديم التوصيات والتدابير اللازمة بهذا
الخصوص. لكن مجموعة الإشراف والمراقبة تعاني مشاكل في أسلوب عملها، ومقرها ليس في
الصومال وإنما في كينيا – كحال معظم وكالات الأمم المتحدة العاملة في الصومال وذلك
لأسباب أمنية في الأساس – وهذا يُضعف قدرتها على المراقبة اليومية لديناميكيات
الحظر في البلاد بطريقة فاعلة. وعلى الرغم من أن المجموعة كيان تأسس بقرار من مجلس
الأمن، ويستمد تفويضه التشغيلي من المجلس، لكنها تسترشد في عملياتها بلجنة
العقوبات وهي مطالَبة في الوقت نفسه بالعمل بصورة مستقلة عن تأثيرها، هذه العلاقة
التشغيلية العمودية بين مجلس الأمن ولجنة العقوبات ومجموعة الإشراف والمراقبة تولد
الكثير من التعقيدات؛ لأنها تؤخر تدفق المعلومات والتوصيات من الميدان إلى أصحاب
القرار في مجلس الأمن بصورة تُضعف فاعلية سياسة الحظر برمتها.[73]
وقد
انتقلت التعقيدات البيروقراطية والتشغيلية في محاولة استعانة الأمم المتحدة بقوات
حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (أميصوم) في إنفاذ سياسة حظر الأسلحة عبر
الإبلاغ عن الانتهاكات والمساعدة في عمليات نزع السلاح على الصعيد المحلي
والامتثال للدولة، فنظرًا إلى عدم تفويض هذه القوات من قِبل مجلس السلام والأمن
التابع للاتحاد الأفريقي بمراقبة فرض حظر السلاح على الصومال – بالإضافة إلى
الصعوبات التي تواجهها لافتقارها للقدرات والتجهيزات التي تساعدها في إنجاز هذه
المهمة – فإن تكليف قوات حفظ السلام الأفريقية ذات العدد المحدود في الجنود
والعتاد بمراقبة إنفاذ سياسة حظر الأسلحة يبدد طاقتها ويشوش مهمتها الأصلية
المتمثلة في حماية الحكومة الصومالية الفيدرالية ومساعدتها في تحقيق الاستقرار في
البلاد وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وجهود إعادة الإعمار والتنمية، ما يفسر
كثرة التقارير التي تتحدث عن تورط أفراد من هذه القوات في انتهاك الحظر وتهريب
السلاح إلى السوق السوداء وفق سيناريو مشابه لما حدث سابقًا في دول غرب أفريقيا
مثل ليبيريا وسيراليون وجمهورية الكونغو الديمقراطية.[74]
الغرض من حظر توريد السلاح في حالة الصراع مرادف لما يفعله رجال الإطفاء حين يُغلقون نوافذ بيت يحترق لتقليل وصول الأكسجين إلى النار وتسريع عملية إخماد الحريق، وفي حالة الصومال ظنّ المجتمع الدولي أن أكسجين حربه الأهلية هو السلاح فسعى إلى فرض حظر عليه لعله يخمد حريق الحرب، لكن تراخيه في فرض الحظر، وتعقيدات حدود دول الجوار، وعدم وجود تدابير عقابية، بالإضافة إلى ثقافة السلاح المحلية، والانهيار السريع لمؤسسات الدولة كأحجار الدومينو، حوَّل الحظر إلى مركز مغناطيس يجذب إليه كل أنواع الأسلحة على نحو ضاعف الجحيم المستعر في الصراع المسلح.
سادسًا: تأثير سياسة الحظر على قدرة الدولة
الصومالية في مواجهة الإرهاب الإسلامي:
كانت أول دعوة من تكتل إقليمي
لرفع الحظر المفروض على الصومال من الجامعة العربية في ختام أعمال الدورة الـ144 على
المستوى الوزاري عام 2015، إذ أشادت الجامعة العربية في قرارها الذي حمل عنوان
(دعم جمهورية الصومال الفيدرالية) بالمصالحة الصومالية، وأعربت عن تقديرها للدور
الذي تضطلع به بعثة الاتحاد الأفريقي إلى الصومال وتعاونها مع الحكومة لمواجهة
الإرهاب الإسلامي المسلح، ودعا وزراء الدول إلى ضرورة تقديم الدعم العاجل للحكومة
الصومالية لإعادة بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية وتأهيلها بما في ذلك دعوة مجلس
الأمن إلى رفع الحظر عن توريد السلاح إلى الدولة الصومالية[75].
في 30 سبتمبر 2022 أصدر كل من
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بيانًا مشتركًا
يدعو المجتمع الدولي إلى رفع حظر توريد السلاح المفروض على الصومال من قِبل الأمم
المتحدة منذ ثلاثة عقود حتى تتمكن الحكومة من مواجهة المتمردين، وكانت الصومال قد
دعت الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي إلى دعم حملتها لرفع الحظر الذي يشمل حظر
الأسلحة والمركبات العسكرية من العيار الثقيل، وجاء دعم إثيوبيا، وانضمت إليها
لاحقًا أوغندا، بعد توغل نادر لجماعة من المتطرفين الإسلاميين المدعومين من حركة
الشباب الإرهابية داخل إثيوبيا في يوليو 2022 وسط هجوم واسع النقاط من القوات
الصومالية وحلفائها ضد هذه الجماعة[76]،
الجدير بالذكر أن الحرب الشاملة التي يشنها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود منذ
توليه الحكم عام 2022 ضد تنظيم حركة الشباب قد نجحت في انتشال عشرات القرى من أيدي
المسلحين لكنه لم يستطع حسم معركته الطاحنة معهم بسبب الحظر.
ويقول محللون إن توغل تنظيم
حركة الشباب الأخير في إثيوبيا – وهو من أكثر الهجمات دموية في الذاكرة الحديثة –
كان عاملًا رئيسيًّا في دعوة رئيس الوزراء آبي أحمد العلنية إلى رفع الحظر، ويقول
مسؤولون إثيوبيون إنهم صدّوا الغزو وقتلوا أكثر من 800 من المتشددين الإسلاميين،
لكن تأكيد أعداد الضحايا غير ممكن لأن المنطقة محظورة على الصحفيين[77].
ويشدد مسؤولو الدولة الصومالية على حاجتهم إلى الأسلحة؛ إذ من المتوقع أن تتولى
الدولة في نهاية المطاف مسؤولية الأمن من القوات الدولية التي تساعد في القتال ضد
المسلحين، لذا غيرت بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (“أميصوم” AMISOM) اسمها في أبريل 2022 إلى البعثة الانتقالية الأفريقية في الصومال
(“أتميس”ATMIS ) في خطوة لتحقيق هذا الهدف.
المجتمع الدولي ليس الجهة
الوحيدة التي تتحفظ على إنهاء سياسة حظر توريد السلاح إلى الصومال؛ بل إن هناك
أطيافًا من داخل المجتمع الصومالي تتخوف من هذا الأمر، فمثلًا يقول محمد موسى متان
(أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الصومال) إن الحظر يؤثر فعلًا في
قدرة الدولة الصومالية على إلحاق هزيمة ساحقة بالإرهابيين، لكن إنهاءه حاليًّا
والسماح للدولة بالحصول على أسلحة من العيار الثقيل أمر محفوف بالمخاطر – بحسب
تعبيره – وذلك لعدم وجود آليات وإجراءات تضمن عدم وقوع تلك الأسلحة في أيدي الإرهابيين[78].
ومن جانب آخر؛ يقول نائب مدير المخابرات الوطنية الصومالية السابق، عبد السلام
غوليد، إن الصومال بحاجة إلى أسلحة ثقيلة مثل دبابات القتال وناقلات الجنود
المدرعة، ويرى أن حظر الأسلحة المفروض على الصومال تدعمه في الغالب دول مجاورة؛
لأنها تخشى أن تحصل الصومال على أسلحة ثقيلة قد تستخدمها لاحقًا ضد جيرانها، وأضاف
غوليد أن تنظيم إثيوبيا الآن – التي تعد من بين أقوى الدول في المنطقة – حملةً
لرفع الحظر هي خطوة جيدة تستحق الثناء والتشجيع[79].
لم
تسفر مناشدة كل من الرئيس الصومالي والرئيس الأثيوبي للمجتمع الدولي إلا عن اعتماد
مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2662 بتاريخ 17 نوفمبر 2022 الذي يقضي
بتجديد سياسة الحظر الشامل على الصومال لسنة أخرى، فقد صوّت لمصلحة القرار 11 عضوًا،
وامتنع عن التصويت 4 أعضاء (الصين، وغابون، وغانا، وروسيا)، في حين لم يصوّت ضده
أحد[80]. وعلى
الرغم من ذلك فقد أشاد ممثل الولايات المتحدة في المجلس (روبرت وود) بالتقدم الذي
أحرزته الحكومة الصومالية في إدارة مستودعات الأسلحة والذخيرة مُعربًا عن أمله أن
يستمر ذلك، وكذلك أشار ممثل المملكة المتحدة (جيمس كاريوكي) إلى حدوث تقدم سياسي
في الصومال بصورة قد تشجع المجلس على إجراء المزيد من التغيير بخصوص سياسة حظر
السلاح في المستقبل القريب، بينما شددت ممثلة الإمارات العربية المتحدة (لانا زكي
نسيبة) على أن الصومال بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى دعم دولي متجدد، وأضافت
أنه يجب على المجلس مراجعة العقوبات باستمرار والانفتاح على المزيد من إجراءات
تخفيف القيود بالنظر إلى إنجازات الدولة الصومالية في مجال إدارة الأسلحة وتطوير
قوات الأمن[81].
وقالت مجموعة الأبحاث الأمنية “Hiraal Institute” ومقرها الصومال – في تقريرها الصادر في فبراير 2022 – إن حظر الأسلحة فشل في منع حركة الشباب من تهريب أسلحة لم يُسمح للقوات الفيدرالية بشرائها، وعلى الرغم من التعديلات المتتالية على سياسة حظر توريد الأسلحة في السنوات الأخيرة فإنه لا يزال هناك تفاوت كبير بين الأسلحة التي تُهرّب إلى تنظيم حركة الشباب وتلك المتاحة “رسميًّا” لقوات أمن الدولة الصومالية، لذا فقد حان الوقت لإعادة النظر في هذا الحظر لتبيّن إذا ما كان مناسبًا للغرض الذي وُضع من أجله، مع الأخذ في الحسبان التدابير المطلوبة التي تربط رفعه بتحسن قابل للملاحظة والقياس في أداء الحكومة الفيدرالية المركزية وشفافيتها وقدرتها على إدارة مخزون السلاح لديها[82].
يوصي التقرير بالتركيز على مخابئ تنظيم حركة الشباب المستخدمة لتصنيع المتفجرات، فقد استطاع التنظيم الحصول على إيرادات سنوية تصل إلى نحو 180 مليون دولار من خلال الضرائب التي يفرضها في مناطق نفوذه، هذه الإيرادات الضخمة سمحت للتنظيم بتشكيل منظومة من الأسلحة مثل: القنابل اليدوية الصنع، والسيارات المفخخة، وطائرات الدرونز، وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة (صواريخ “أرض – جو” تُحمل على الكتف) التي تمثّل تهديدًا حقيقيًّا للطائرات التي تحلق على ارتفاع منخفض. وكذلك يوصي التقرير بإطلاق عمليات تتمتع بالدعم الدولي لمكافحة تجارة الأسلحة غير المشروعة في خليج عدن، بحجة أن شبكات التهريب عبر خليج عدن هي الأقدر -مقارنة بغيرها- على العمل بصورة تضمن لها الإفلات من العقاب؛ نظرًا إلى محدودية الإجراءات المتَّخذة ضدها. إن التركيز المنهجي على مكافحة تجارة الأسلحة غير المشروعة – على غرار عمليات مكافحة القرصنة المدعومة دوليًّا – من شأنه أن يزيد التكاليف التي تتحملها شبكات الأسلحة غير المشروعة ويساعد في تعطيل تدفق الأسلحة بين اليمن والصومال[83].
خاتمة: مستقبل استراتيجية حظر توريد السلاح لصناعة
السلم الأهلي:
منذ انتهاء الحرب الباردة غدت
سياسة حظر توريد الأسلحة أول وسيلة أمنية تتبعها الأمم المتحدة للسيطرة على مناطق
النزاع، والسؤال الذي يبرز هنا: هل تخلق سياسة حظر توريد الأسلحة التأثير المرجوّ
بوصفها عقوبة لتغيير سلوك الأطراف المتحاربة؟
المدهش أن قائمة الإخفاقات
طويلة، وأكثرها إثارة للانتباه هو ذلك الحظر المفروض على الصومال منذ عام 1992 من دون
أية تسوية حاسمة تلوح في الأفق، هذا لا يعني صبّ الزيت على النار أو الاستجابة
لأهواء من لا يستطيعون التحكم بغضبهم وإمدادهم بالسلاح لإحراق أوطانهم، فالإحصاءات
تشير إلى نجاح 25% من حالات حظر توريد الأسلحة في تحقيق التغيير المنشود إن توافرت
بعض الظروف[84]،
هذه النسبة قليلة لكنها مرشحة للزيادة إذا أُعيد النظر في الأسلوب المتبع حاليًّا
في فرض توريد الأسلحة إلى مناطق النزاع، بحيث يُنظر بادئ ذي بدء في مدى جدواه قبل
المسارعة بفرضه على أرض الواقع.
ويمكن
تقييم مدى فاعلية عمليات حظر توريد الأسلحة التي تفرضها الأمم المتحدة في مناطق
النزاع من أجل الوصول إلى أهداف محددة عن طريق قياس مؤشرات كمية ونوعية، تتمثل
المؤشرات الكمية في إيقاف تدفق الأسلحة، بينما تتمثل المؤشرات النوعية في امتثال
الطرف المستهدف بالحظر[85]،
ومن المفترض أن تظهر بوادر هذه الفعالية على ثلاث مراحل: مرحلة التهديد بالحظر،
ومرحلة فرض الحظر، ومرحلة إزالة الحظر. لكن آثار الحظر لا تظهر جليّة إلا في
الحالات التي يصاحبها وجودٌ لقوات حفظ السلام متعددة الجنسيات[86].
وعلى الرغم من ذلك فإن تاريخ سياسة حظر توريد الأسلحة حافل بالانتهاكات والتعقيدات.
تشير بعض الدراسات إلى أن أكثر من عانى الطابعَ المعيب لاستراتيجية فرض حظر السلاح الأممية من قِبل مجلس الأمن هي الصومال (بموجب القرار رقم 733 عام 1992) ورواندا (بموجب القرار رقم 788 عام 1992) وليبيريا (بموجب القرار رقم 918 عام 1994)، التشابه اللافت للنظر في التداعيات الكارثية للحظر على هذه الدول الثلاث يؤكد أن الخلل ليس في التطبيق بل في النظرية[87]. فعلى الرغم من الحظر استمرت المجازر الجماعية في رواندا على يد متطرفي الهوتو، واستمر تدفق الأسلحة إلى ليبيريا من سيراليون المجاورة، ولا زال العنف الدموي مستمرًا في الصومال حتى اليوم لأن الحظر لم يحل دون تدفق السلاح إلى الناس على مدى ثلاثة عقود؛ ففي حقبة التسعينيات كان يتدفق من مخازن الدولة المنهارة ومن الجارة إثيوبيا في فترة صراعها مع أريتريا، وفي حقبة الألفية كان يتدفق من ليبيا والسودان، والآن يتدفق من إيران عبر اليمن، يحدث هذا كله برغم الحظر الذي لم يستفد منه عمليًّا سوى المسلحين المتمردين على سلطة الدولة الصومالية[88].
إن استراتيجية حظر توريد الأسلحة ليست فاعلة إلا إذا كان هدفها واضحًا، والرغبة في تطبيقها محل إجماع من الدول العظمى، إنها استراتيجية تتطلب قوات على الأرض ودولًا إقليمية تراقب الحدود، وخبراء يراجعون آثار الحظر على الأطراف المتنازعة ويقيّمون نتائجها باستمرار، فمن دون هذه التدابير سوف تكون وسيلة لتعطيل مشاريع إعادة بناء الدولة وتأخر التنمية، وإجبار الناس على الالتحاق بالفصائل في ظل عجز المجتمع الدولي عن إقناع الفاعلين السياسيين بالجلوس إلى مائدة التفاوض وتقاسُم السلطة وإنقاذ الوطن كما هو الحال في الصومال منذ أكثر من ثلاثين عامًا.
المراجع العربية:
· قرارات مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية الـ144، الأمانة العامة، القرار رقم 7943، القاهرة، 13 سبتمبر 2015. https://rb.gy/mk551
المراجع الأجنبية:
· Ahmed Mohamed. (2022, October 11). “Somalia: Lifting Arms Embargo Key to Battling Islamist Militants”.
Voice of America News. https://rb.gy/g0r3w
· Bruhan Makong. (2022, February 23). “Somalia Arms Embargo is
Failing”. Capital News. https://tinyurl.com/yzdhjtcb
· David Cortright, George A. Lopez and Linda Gerber. (2002). Sanctions and the Search for Security: Challenges to UN Action. International Peace Academy. https://rb.gy/a7h4e
· David Cortright, George A. Lopez and Linda Gerber. (2002). Sanctions and the Search for Security: Challenges to UN Action. International Peace Academy. https://rb.gy/a7h4e
· David Willima & Tshegofatso Johanna
Ramachela. (2023,
February 07). “An Ocean of Weapons: Arms Smuggling to Somalia”. Institute for Security Studies (ISS). https://rb.gy/tnj9z
· Dr. Andrews Atta-Asamoah. (2009, March). “Sanctions and embargoes
in Africa: Implementation dynamics, Prospects and Challenges in the case of
Somalia”. Institute
for Security Studies (ISS). Research Paper. https://shorturl.at/lpvYZ
· Dr. Ernst Jan Hogendoorn. (2008, November 17). “The Humanitarian
Impact of Arms Embargoes”. Event hosted by Woodrow Wilson Center. https://rb.gy/3j07r
· Ernst Jan Hogendoorn. (2008). The humanitarian impact of UN arms
embargoes: Can arms embargoes end or limit violent conflict?. (Publication No.
3338682). [Doctoral dissertation,Princeton University]. ProQuest Dissertations.
· Jay Bahadur. (2020, Semptember). “Following the money: The use of
the hawala remittance system in the Yemen–Somalia arms trade”. Research Report.
P.01 https://rb.gy/ln5mt
· Jay Bahadur. (2022, April). “The price of civil war: A survey of
Somalia’s arms markets”. Global Initiative Against
Transnational Organized Crime. Research Report.P.33 https://shorturl.at/cdR06
· Jay Bahadur. (2022, April). “The price of civil war: A survey of
Somalia’s arms markets”. Global Initiative Against
Transnational Organized Crime. Research Report.P.01 https://shorturl.at/cdR06
· Khristopher Carlson. (2016, October). “Measuring
Illicit Arms Flows: Somalia”. Research Notes. Small Arms Survey.P.02 https://rb.gy/0acbi
· Los Angeles Times. “WORLD: U.S. Ends Argentine Arms Embargo”. (1989, February 21). https://tinyurl.com/mr3b5tdr
· Muhammad
Fraser-Rahim. (2020, July
17). “In Somalia, Iran Is Replicating Russia’s Afghan Strategy”. Forein Policy.
https://rb.gy/ke2gx
· Nasser Karimi. (2020, October 19). “UN arms embargoes on Iran
expire despite US objections”. Associated Press. https://rb.gy/uaudp
· NBC News Agency. “U.S. lifts arms embargo against Indonesia”. (2005,
November 23). https://rb.gy/mmz5q
· Peter Wallensteen. (2008, January 14). “Save the Arms Embargo”. The
Joan B. Kroc Institute for International Peace Studies. Policy Brief. https://tinyurl.com/mpv59xyv
· Stockholm International Peace Research Institute. (2022, January
16). “Arms embargoes”. Free Database on Global Security. https://rb.gy/4813q
· Stockholm International Peace Research Institute. (2023, January 21). “UN arms embargo on Somalia”. Free
Database on Global Security. https://rb.gy/9uypv
· U.S. Central Command. (Jan.10,
2023). “CENTCOM Forces Intercept More Than
2,000 Assault Rifles Shipped from Iran”. Press Release. https://tinyurl.com/nww2zwh2
· UN Security Councel. “Sanctions and embargoes in Africa
Implementation dynamics, prospects and challenges in the case of Somalia”.
(2015, February 24). https://rb.gy/wtq9l
· UN Security Council. (2008, September 16). “ANATOMY OF A
SANCTIONS REGIME: A Case Study of Sixteen Years of Failed Efforts to
Effectively Implement Sanctions in Somalia”. Special Research Report. https://rb.gy/pm4jf
· UN Security Council. (2014, May 22). “Statement by the President of
the Security Council”. Press Release. https://rb.gy/swxjs
· UN Security Council. (2014, October 24). “Resolution 2182
(2014) Adopted by the Security Council at its 7286th meeting“. Press Release. https://rb.gy/c9yv0
· United Nations. (2013, July 24). “Security Council, Adopting
Resolution 2111 (2013), Renews Mandate of Sanctions Monitoring Group in
Somalia, but Eases Way for Domestic Troop Development”. Meetings Coverage and
Press Releases. https://rb.gy/7f0pl
· United Nations. (2015, October 23). “Security Council Adopts Resolution Extending Arms Embargoes
Imposed on Somalia, Eritrea by Vote of 14 in Favour, 1 Abstention”. Meetings Coverage and Press Releases. https://rb.gy/1dkqc
· United Nations. (2022, November 17). “Security
Council Renews Sanctions Regime on Somalia, Mandate for Panel of Experts,
Adopting Resolution 2662 (2022) by 11 Votes in Favour, 4 Abstentions”. Meetings
Coverage & Press Releases. https://rb.gy/ax2vv
· US. Today Agency. “Obama renews a 35-year Iran emergency for 36th year”. (2014,
November 12). https://rb.gy/dtztp
[1] UN Security
Councel. (2015, February 24). “Sanctions and embargoes in Africa Implementation
dynamics, prospects and challenges in the case of Somalia”. Arms Embargo
Committe Report: Explanation of Terms. P.01 https://rb.gy/wtq9l
[2] Ibid. P.02
[3] Los Angeles Times. (1989, February 21). “WORLD: U.S.
Ends Argentine Arms Embargo”. News Report. https://tinyurl.com/mr3b5tdr
[4] Ibid.
[5] NBC News
Agency. (2005, November 23). “U.S. lifts arms
embargo against Indonesia”. News Report. https://rb.gy/mmz5q
[6] Ibid.
[7] US. Today Agency. (2014,
November 12). “Obama renews a 35-year Iran emergency for 36th year”. News
Report. https://rb.gy/dtztp
[8] Nasser Karimi.
(2020, October 19). “UN arms embargoes on Iran expire despite US objections”.
Associated Press. https://rb.gy/uaudp
[9] Stockholm
International Peace Research Institute. (2022, January 16). “Arms embargoes”. Free Database on Global Security. https://rb.gy/4813q
[10] Ibid.
[11] Ibid
[12] UN Security Council. (2008, September 16). “ANATOMY OF A SANCTIONS REGIME: A Case Study
of Sixteen Years of Failed Efforts to Effectively Implement Sanctions in
Somalia”. Special Research Report. P.03 https://rb.gy/pm4jf
[13] Ibid. P.17
[14] Ibid. P.10
[15] Ibid. P.12
[16] Stockholm
International Peace Research Institute. (2023, January 21). “UN arms embargo on Somalia”. Free Database on Global Security. https://rb.gy/9uypv
[17] Ibid.
[18] Ibid.
[19] United Nations. (2015, October 23). “Security
Council Adopts Resolution Extending Arms Embargoes Imposed on Somalia, Eritrea
by Vote of 14 in Favour, 1 Abstention”. Meetings
Coverage and Press Releases. https://rb.gy/1dkqc
[20] United
Nations. (2013, July 24). “Security Council, Adopting Resolution 2111 (2013),
Renews Mandate of Sanctions Monitoring Group in Somalia, but Eases Way for
Domestic Troop Development”. Meetings Coverage and Press Releases. https://rb.gy/7f0pl
[21] Ibid.
[22] Ibid.
[23] Ibid.
[24] Ibid.
[25] Ibid.
[26] Ibid.
[27] UN Security
Council. (2014, May 22). “Statement by the President of the Security Council”.
Press Release. https://rb.gy/swxjs
[28]UN Security
Council. (2014, October 24). “Resolution 2182
(2014) Adopted by the Security Council at its 7286th meeting“. Press Release. https://rb.gy/c9yv0
[29] Ibid. P.06
[30] Ibid.
[31] Stockholm International
Peace Research Institute. (2023,
January 21). “UN arms
embargo on Somalia”. Free Database on Global Security. https://rb.gy/9uypv
[32] Ernst Jan
Hogendoorn. (2008). The humanitarian impact of UN arms embargoes: Can arms
embargoes end or limit violent conflict?. (Publication No. 3338682). [Doctoral
dissertation,Princeton University]. ProQuest Dissertations.
[33] Ibid. P.09
[34] Ibid. P.10
[35] Dr. Ernst Jan
Hogendoorn. (2008, November 17). “The Humanitarian Impact of Arms Embargoes”.
Event hosted by Woodrow Wilson Center. https://rb.gy/3j07r
[36] Ibid.
[37] David Cortright, George A.
Lopez and Linda Gerber. (2002). Sanctions and
the Search for Security: Challenges to UN Action. International
Peace Academy. P.160. https://rb.gy/a7h4e
[38] Khristopher
Carlson. (2016, October). “Measuring
Illicit Arms Flows: Somalia”. Research Notes. Small Arms Survey.P.02 https://rb.gy/0acbi
[39] Jay Bahadur.
(2022, April). “The price of civil war: A survey of Somalia’s arms markets”. Global Initiative Against Transnational Organized Crime. Research
Report.P.33 https://shorturl.at/cdR06
[40] Muhammad Fraser-Rahim. (2020, July
17). “In Somalia, Iran Is Replicating Russia’s Afghan Strategy”. Forein Policy.
https://rb.gy/ke2gx
[41] Ibid.
[42] Ibid.
[43] U.S. Central Command. (Jan.10, 2023). “CENTCOM Forces Intercept More Than
2,000 Assault Rifles Shipped from Iran”. Press Release. https://tinyurl.com/nww2zwh2
[44] Ibid.
[45] David Willima & Tshegofatso
Johanna Ramachela. (2023,
February 07). “An Ocean of Weapons: Arms Smuggling to Somalia”. Institute for Security Studies (ISS). https://rb.gy/tnj9z
[46] Ibid.
[47] Ibid.
[48] Jay Bahadur.
(2020, Semptember). “Following the money: The use of the hawala remittance
system in the Yemen–Somalia arms trade”. Research Report. P.01 https://rb.gy/ln5mt
[49] Ibid. P.01
[50] Ibid. P.34
[51] Ibid. P.34
[52] Jay Bahadur.
(2022, April). “The price of civil war: A survey of Somalia’s arms markets”. Global Initiative Against Transnational Organized Crime. Research
Report.P.01 https://shorturl.at/cdR06
[53] Ibid. P.01
[54] Ibid. P.16
[55] Ibid. P.17
[56] Ibid. P.13
[57] Ibid. P.01
[58] Ibid. P.01
[59] Ibid. P.08
[60] Ibid. P.13
[61] Ibid. P.08
[62] Ibid. P.09
[63] Ibid. P.11
[64] Ibid. P.09
[65] Ibid. P.10
[66] Ibid. P.09
[67] Ibid. P.11
[68] Ibid. P.18
[69] Dr. Andrews
Atta-Asamoah. (2009, March). “Sanctions and embargoes in Africa: Implementation dynamics, Prospects and Challenges in the case of
Somalia”. Institute for Security Studies (ISS). Research Paper. P.03 & P.04 https://shorturl.at/lpvYZ
[70] Ibid.
[71] Ibid.
[72] Ibid. P.07
[73] Ibid. P.08
[74] Ibid. P.09 & P.10
[75] قرارات مجلس جامعة
الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية الـ144، الأمانة العامة،
القرار رقم 7943، القاهرة، 13 سبتمبر 2015 https://rb.gy/mk551 .
[76] Ahmed Mohamed. (2022, October 11). “Somalia:
Lifting Arms Embargo Key to Battling Islamist Militants”. Voice of America
News. https://rb.gy/g0r3w
[77] Ibid.
[78] Ibid.
[79] Ibid.
[80] United
Nations. (2022, November 17). “Security
Council Renews Sanctions Regime on Somalia, Mandate for Panel of Experts,
Adopting Resolution 2662 (2022) by 11 Votes in Favour, 4 Abstentions”. Meetings
Coverage & Press Releases. https://rb.gy/ax2vv
[81] Ibid.
[82] Bruhan Makong.
(2022, February 23). “Somalia Arms Embargo is Failing”. Capital News. https://tinyurl.com/yzdhjtcb
[83] Ibid.
[84] Peter
Wallensteen. (2008, January 14). “Save the Arms Embargo”. The Joan B. Kroc Institute for International Peace Studies. Policy
Brief. https://tinyurl.com/mpv59xyv
[85] Ibid.
[86] Ibid.
[87] David
Cortright, George A. Lopez and Linda Gerber. (2002). Sanctions and the Search for Security: Challenges to UN Action. International
Peace Academy. P.156. https://rb.gy/a7h4e
[88] Ibid.