يقف المتابع عن كثب لتطورات الأوضاع في تونس منذ سنة 2011، على ما يشوبها من اضطراب وهشاشة في الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية كافة. وقد تعمقت الأزمة واستفحلت أبعادها وآثارها منذ انتخابات 2019، وبدا البلد في الأشهر الأخيرة بفعل تداعيات الأزمة الصحية الناتجة عن انتشار جائحة كورونا على فوهة بركان، إذ تصاعد الغضب الشعبي على ما آلت إليه حال البلاد من تدهور غير مسبوق، وقد انصب هذا الغضب على الماسكين بزمام السلطة السياسية في البرلمان والحكومة خصوصاً[1].
وقد بلغ هذا الغضب ذروته في الآونة الأخيرة، إذ شهدت منصات التواصل الاجتماعي تجييشا لمظاهرات ومسيرات في 25 يوليو 2021، شهدت مشاركة واسعة في العاصمة تونس وفي سائر المحافظات خصوصاً الكبرى منها، كصفاقس وسوسة والقيروان وغيرها، منذرة بانفجار يهدد السلم الاجتماعي. وكان من اللافت للانتباه أن الاحتجاجات ركزت على رئيس الحكومة وعلى حزب حركة النهضة والبرلمان، فقد توجه المحتجون إلى بعض مقارّ حزب النهضة وإلى مقر البرلمان، مطالبين بحله وبمحاسبة من يسمونهم الفاسدين؛ ليعلن رئيس الجمهورية قيس سعيّد في مساء ذلك اليوم – تفاعلاً مع ما حدث – جملة من القرارات بحضور قيادات المؤسسة العسكرية والأمنية؛ أهمها تجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وإعفاء الحكومة ورئيسها، وتولي رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية، وتسيير شؤون الدولة عبر مراسيم وأوامر رئاسية.
تمثل قرارات الرئاسة التونسية منعطفاً حاسماً في تاريخ تونس المعاصر، وهي تطرح أسئلة عميقة حول مصير ما سمي “الربيع العربي” الذي كانت انطلاقته من تونس؟ وهل بلغ منتهاه وانتهت صلاحية عناصره وأدواته الأساسية، ولاسيما الحركة الإسلاموية؟ وهل توقف مسار التحولات بانسداد الآفاق التي بشر بها في لحظته الأولى؟ وهل تكون بداية لمرحلة ما بعد “الربيع العربي” بفاعلين جدد وشواغل جديدة تفتح أفقاً استراتيجياً مغايراً؟
وتهتم هذه الورقة بتحليل أبعاد الأحداث الأخيرة في تونس واستشراف مآلاتها القريبة والبعيدة؛ وذلك من خلال العناصر الثلاثة التالية:
- تونس ومسار الانتقال الديمقراطي العسير والمتعثر: قراءة في الأسباب العميقة للتطورات الأخيرة، فما حدث مرتبط بسياق مخصوص تمر به تونس منذ ما يزيد على عشر سنوات.
- هل هي نهاية الإسلام السياسي في تونس: النهضة والخيارات المتاحة؟ فقد كانت هذه الحركة إحدى الأدوات الرئيسية في مرحلة ما بعد سقوط نظام الرئيس بن علي، والفاعل المؤثر والمهندس لمجمل الأحداث والتطورات التي حصلت بتونس؛ فهي إذن تتحمل المسؤولية الأكبر في الوضع الذي تردت فيه البلاد.
- هل تتجه تونس إلى الجمهورية الثالثة: التونسيون بين الواقع والمأمول؟ فقد كانت الخيبة كبيرة، إذ لم تتحقق طموحات قطاعات واسعة من الشعب التونسي، وخصوصاً الشباب في التنمية والرفاه والعيش الرغيد، التي أطلقتها الانتفاضة الشعبية في عام 2011، وفشلت النخب السياسية في الاستجابة لها.
- تونس ومسار الانتقال الديمقراطي
منذ سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي (1987-2011) استحوذت النخبة التونسية المعارضة على العملية السياسية تدريجياً، ووضعت التحولات التي تعيشها تونس تحت عنوان “الانتقال الديمقراطي”. وقد تمكنت حركة النهضة الحركة الإسلاموية ذات الميول الإخوانية، بفعل عدة عوامل داخلية وخارجية منذ فوزها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر 2011، من السيطرة على مقاليد الحكم، وباتت تعتبر نفسها العمود الفقري للحياة السياسية في تونس وضمانة هذا المسار الجديد، متحكمة في مفاصل المشهد السياسي بعد أن كان لها الدور المؤثر في صياغة دستور جديد، أرست من خلاله نظاماً سياسياً هجيناً يشتت السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وقانوناً انتخابياً يسمح بأن يكون لها موطئ قدم فيها، مهما كانت الظروف بما لها من انتهازية ومن قدرة على التلون والتكيف مع المتغيرات.
لقد أتاح هذا المسار مأسسة الحياة السياسية على نحو تبدو فيه تونس وكأنها على خطى الدول الديمقراطية، من حيث الاحتكام إلى الانتخابات لاختيار ممثلي الشعب في المجلس النيابي واختيار رئيس الجمهورية، ومن حيث تركيز مؤسسات الحكم والقضاء والهيئات التعديلية والدستورية، ومن حيث حق التنظيم الحزبي والمدني، ومن حيث حرية الإعلام والتعبير. لقد كانت هذه المعطيات بمثابة جرعات تعطي انطباعاً للمتابعين في الداخل والخارج أن تونس تسير قدماً نحو إرساء نظام حكم ديمقراطي.
غير أن المدقق في واقع البلاد وحقيقة أوضاعها من خارج هذا المشهد المليء بمظاهر الزينة الديمقراطية يقف على جملة من الحقائق الموضوعية، والتي يمكن أن نختزلها في النقاط التالية:
- أدى النظام السياسي إلى صراع حول الصلاحيات بين رأسي السلطة التنفيذية بدأت ملامحه منذ سنة 2018 بين رئيس الجمهورية الأسبق الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، وتعمق أكثر في المدة الأخيرة بين الرئيس قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي وفي الحالتين دعمت حركة النهضة وحلفاؤها في البرلمان رئيس الحكومة؛ ما أجج ذلك الصراع، وكانت له في الآونة الأخيرة تداعيات خطيرة تجلت في تصاعد الأزمة السياسية، إذ أدى رفض الرئيس قيس سعيد للتعديل الوزاري الأخير الذي أجراه المشيشي إلى أزمة عطلت التسيير العادي للمرافق العمومية وبدت مؤسسات الدولة مفككة ومعطوبة[2]. وفي المحصلة لم يكن هذا النظام من حيث إجراؤه في الواقع مناسباً ولا صالحاً وفاقداً للنجاعة المطلوبة لضمان مصالح الدولة والمجتمع، إضافة إلى كونه شكل خطراً جسيماً على وحدة الدولة وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
- لئن ضمن النظام القائم مصالح الطبقة السياسية الحاكمة منها خصوصاً في الاستحواذ على المناصب والمواقع القيادية في أجهزة الدولة وإحكام السيطرة عليها، فإن تلك الطبقة لم تكن على درجة من الكفاءة لتحقق ما تصبو إليه الفئات الاجتماعية، ولاسيما المتوسطة منها والدنيا والفئات الشبابية، من تحسين لأحوالها الاقتصادية والاجتماعية، وتتحمل حركة النهضة القسط الأوفر من المسؤولية؛ فقد كانت مشاركة في أغلب الحكومات منذ ديسمبر 2011 وتحكمت في السياسات العمومية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وقد كان شغلها الشاغل إحكام سيطرتها على مفاصل الدولة وأجهزة الحكم الرئيسية الأمنية والقضائية والمالية، واختزلت العمل السياسي في مقاربة تقوم على المناورات واستهداف الخصوم ومحاولات اختراق الأحزاب المنافسة لإضعافها وإقامة التحالفات الظرفية مع مجموعات سياسية غير إسلاموية للتمويه وتحسين صورتها كطرف يمد يده إلى المخالفين، ثم سرعان ما تتخلى عنهم على غرار ما جرى مع أحزاب المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل من أجل العمل والحريات، ونداء تونس[3].
- لم تفتأ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تتدهور بشكل كبير ومتواصل، وفشلت الحكومات المتعاقبة، سواء كانت متحزبة أو من التكنوقراط في تقديم برامج وحلول كفيلة بتفادي هذا التدهور وبتحقيق انتقال اقتصادي على غرار الانتقال السياسي يضمن تحسن مؤشرات التنمية. بل تفاقمت الأزمة في السنتين الأخيرتين، إذ تراجعت نسبة النمو الاقتصادي في سنة 2020 إلى 8.8% سلبي، ووصلت في الثلث الأول من عام 2021 إلى 3% سلبي، وتصاعد معدل البطالة إلى مستوى 17.8% حسب إحصاءات المعهد الوطني للإحصاء[4]. وازداد الدَّين العام للدولة إلى ما يفوق نسبة 100% من الناتج المحلي الخام، إذ يناهز 30 مليار دولار وهو ما يهدد الدولة بالإفلاس وبالوقوع تحت الوصاية الأجنبية من القوى والمؤسسات المقرضة[5]. كما تغلغل الفساد في البلاد، حيث احتلت تونس المرتبة 69 عالمياً في مؤشر مدركات الفساد، حسب منظمة الشفافية الدولية[6]. وبات الكثيرون يتساءلون عن جدوى الانتقال الديمقراطي في ظل هذه الأزمة الشاملة المستفحلة المهددة لكيان الدولة وسيادتها ولاستقرار المجتمع، وعما إذا كان يمكن لهذا المسار أن يستمر وينجح في تحقيق أهدافه؟
- بدا واضحا أن النظام الذي انبثق عن مسار الانتقال الديمقراطي قد وصل إلى طريق مسدودة، وإلى ما يمكن أن نطلق عليه “الأزمة العضوية” حسب تعبير أنطونيو غرامشي وهي أزمة هيكلية افتقد فيها النظام القدرة على إعادة إنتاج نفسه وفرض هيمنته على الدولة والمجتمع، ولئن تمكن النظام من تجاوز الأزمة في عام 2013 عقب اغتيال المعارضَين السياسيَّين شكري بلعيد (6/2/2013) ومحمد البراهمي (25/7/2013) عبر آلية الحوار الوطني واعتماد سياسة التوافق بين حركة النهضة وحركة نداء تونس، فإنه عجز عن حل الأزمة التي يتخبط فيها منذ عام 2020، فهي أزمة داخل النظام بين مكوناته الحزبية والسياسية، والتي بلغ التناقض بينها حداً كبيراً، ولم يعد بالإمكان أن تجد صيغة تفاهم وتعايش فيما بينها، ولاسيما أمام سعي حركة النهضة وحلفائها إلى فرض سياسة تقوم على المغالبة وتهميش المعارضين. وهي أزمة انفصام بين النظام في ذاته – وخصوصاً حركة النهضة نواته الصلبة – وبين المجتمع. فطوال السنوات الماضية تعمقت الهوة بين الطبقة السياسية التي كانت تستغل المواعيد الانتخابية لمراكمة فوائدها السياسية والمادية والرمزية وإعادة إنتاج النظام ذاته، وإن تغيرت بعض تكويناته السياسية، وبين قطاعات واسعة من المجتمع تقاطع تلك الانتخابات، ولا ترى فيها جدوى لتغيير حياتها وتحسين ظروف عيشها، ولاسيما في ظل ما يكتنفها من خروقات جسيمة تتعلق بتمويل الأحزاب والحملات الانتخابية[7]، وكانت تعبر عن نفسها في شكل اندفاعات احتجاجية متفاوتة الحدة والقوة بين الفينة والأخرى، وقد تجذرت هذه الاحتجاجات إلى أن بلغت أوجها في 25 يوليو2021، وقد التقط الرئيس قيس سعيد الذي جاء من خارج المنتظم السياسي التقليدي، اللحظة التاريخية لحسم التناقض القائم بين النظام والمجتمع[8].
تبرز هذه المعطيات أن ما سمي مسار الانتقال الديمقراطي كان مساراً عسيراً ومتعثراً، وانتهى إلى الإخفاق، سواء في إرساء نظام سياسي قائم على مبادئ الحوكمة الرشيدة أو في إرساء منوال تنموي يحقق تطلعات الفئات كافة إلى العيش الكريم، والتوزيع العادل للثروة الوطنية، وتحقيق خدمات اجتماعية صحية وتعليمية وثقافية راقية؛ وهو ما أدى إلى أزمة شاملة ومركبة بات النظام القائم عاجزاً عن تقديم حلول جذرية لها، وهو ما كان يمكن أن يشكل تهديداً لوحدة الدولة وسلامة المجتمع وأمنه، وكانت النتيجة انفجار الغضب الشعبي على المتحكّمين في هذا النظام، وخصوصاً حركة النهضة.
- هل هي نهاية الإسلام السياسي في تونس؟
مثَّل الحدث الموسوم بالثورة في تونس في سنة 2011 فرصة لصعود حركة النهضة الإسلاموية إلى سدة الحكم، وقد سعت إلى إقامة نظام سياسي وانتخابي يلبي طموحاتها في الهيمنة على مقاليد الحكم واستمرار تلك الهيمنة، وقد تمكنت من أن تفرض سيطرتها تدريجياً على أجهزة الدولة، مستغلة مهارتها في المناورة والتضليل من جهة وانتهازية بعض النخب السياسية والإدارية من جهة أخرى. ويمكن أن نجمل التوجهات التي سلكتها حركة النهضة طوال عشر سنوات في أنها اختزلت الديمقراطية في الانتخابات باعتبارها مطية للوصول إلى السلطة، واختزلت السياسة في مسألة الحكم، واختزلت الحكم في التحكم في أجهزة الدولة ومؤسساتها، ومن الواضح أن هناك إشكالاً أصلياً يكمن في علاقة هذه الحركة الإسلاموية المتوترة بالدولة الوطنية، فهي تعارضها وتقف منها موقف الضد وتسعى فقط للسيطرة على أجهزتها من أجل خدمة أجندتها الأيديولوجية ضمن خطة تندرج فيما يعرف في الأدبيات الإسلاموية بالتمكين.
لقد أدت هذه التوجهات المحكومة بالخلفية الأيديولوجية إلى سوء إدارة وتسيير للدولة أضر بمصالحها العليا، وظهرت نتائجها في الأزمة الاقتصادية والمالية، وفي الهزات الاجتماعية المتواصلة، وفي تدهور الظروف المعيشية وارتفاع نسب الفقر، فضلاً عن الصراعات السياسية والحزبية خصوصاً داخل البرلمان. ويدرك المتابع للتطورات التي تشهدها تونس أن الأمر يتعلق بمخاض ينبئ بتحول عميق، وأن حركة النهضة في قطيعة مع هذا التحول. فهذه الحركة، التي حاولت إجراء مراجعات كانت في أغلبها شكلية مسايرة للإكراهات الخارجية وفي إطار تلميع الصورة[9]، باتت بحكم مرجعيتها الأيديولوجية وطريقتها في التموقع السياسي والتصرف في شؤون الحكم منفصلة عن الواقع الاجتماعي، وغير قادرة على فهم ما يمور داخله من أحداث، وما يعتمل فيه من تحركات هادئة حيناً وعنيفة أحياناً، وأما خطاباتها القائمة على تجييش العاطفة الدينية من ناحية، وعلى تثمين الديمقراطية كما يريدونها من ناحية ثانية، وعلى ادعاء أنها لا تحكم متخفية وراء حكومات مستقلة في الظاهر من ناحية ثالثة – فقد فقدت القدرة على إقناع غالبية القوى الاجتماعية والشعبية والشبابية وامتصاص غضبها. إن الإشكال الرئيسي في رأينا بالنسبة لحركة النهضة أنها نظرت إلى الأمر من زاوية يحكمها مبدأ نهاية التاريخ بمجرد وصولها إلى السلطة، وأنها باقية مستمرة فيها، ولم تكن مدركة أن التاريخ كمجرى النهر لا نسبح فيه مرتين، وأن سيرورته لا تنقطع ولا تتوقف في لحظة بعينها، وأن ما يحركها عوامل متعددة لا تخضع لسلطان أحد. فالمسألة من هذا المنظور منهجية بحتة تتصل بالنظرة السكونية، التي تتحكم في رؤية الجماعات الإسلاموية للتاريخ.
لقد كشفت التطورات الأخيرة أن الحركة الإسلاموية في تونس أصبحت معزولة عن المجتمع،
إذ هوجمت مقارُّها، وتقبلت قطاعات واسعة من الشعب قرارات الرئيس وأيدتها، ولم تبدِ القوى المدنية وخصوصاً الاتحاد العام التونسي للشغل معارضة لها[10]، ولم تجد نداءات قيادات حركة النهضة لمساندة ما سموه “الثورة والدستور” سوى استجابة من أقلية صغيرة تجمعت أمام مقر البرلمان؛ ما دفع بهم إلى الانسحاب، وتراجعت حدة التصريحات، وباتت تتقلب ما بين التصريحات المتوترة والعنيفة الحادة والتصريحات التي تسعى للتهدئة والبحث عن مخارج للأزمة، وهو ما يمثل وجهاً من وجوه الازدواجية والتخبط، ولاسيما بعد أن تبين لهم أن القوى الدولية والإقليمية لم تنخرط في ادعائهم بأن قرارات الرئيس تمثل انقلاباً؛ ما يعكس عزلتهم الدولية والإقليمية أيضاً. إن السؤال المطروح الآن في ضوء هذه المعطيات: هل يمكن الحديث عن نهاية الإسلام السياسي في تونس؟ وإذا كان الأمر كذلك فبأي معنى؟
يبدو جلياً أن الحركة الإسلاموية عملت على تكريس نظام يسمح لها بالتغلغل داخل جسم الدولة والتحكم في أجهزتها الأكثر حساسية، الأمنية والقضائية والمالية، ومحاولة تحييد القوى الاجتماعية النقابية، غير أنها فشلت في الهيمنة الأيديولوجية على المجتمع، وباتت في قطيعة معه، وتطور الأمر خلال احتجاجات 25 يوليو 2021 إلى ظهور إرهاصات الصدام والعنف. ووجدت الحركة نفسها غير قادرة على توظيف أجهزة الدولة بعد قرارات الرئيس، فلم يعد ميزان القوة في هذا الصعيد في صالحها، وأصبحت عاجزة عن أن تقدم خطاباً مقنعاً للمجتمع، بل حتى أنصارها والمتعاطفون معها لم يبدوا استعداداً لنصرتها والدفاع عنها، وكأن الحركة تعيش قطيعة أخرى بين قيادتها المتنفذة، وهي تتشكل من الدوائر القريبة من رئيس الحركة راشد الغنوشي وبين قواعدها التي كثيراً ما تلاعبت بها تلك القيادة، خصوصاً في مستوى توجهاتها ومواقفها السياسية المتقلبة، ولعل آخرها التصريح قبل انتخابات 2019 بأنهم لن يتحالفوا مع حزب قلب تونس ورئيسه نبيل القروي، الذي تحيط به شبهات فساد، لكن بعد ذلك اتجهت الحركة إلى التحالف معه.
يتبين من هذه المعطيات أن الحركة الإسلاموية في تونس تمر بمرحلة من الهشاشة والضعف، سواء من الناحية السياسية بفقدانها زمام المبادرة والقدرة على التحكم في مجريات الأحداث، أو من الناحية التنظيمية الداخلية بسبب الصراعات التي تشق صفوفها، سواءً كان ذلك من جهة موضوع القيادة ومرحلة ما بعد الغنوشي ما أدى إلى استقالات على غرار عبدالحميد الجلاصي، أو من جهة التوجهات والاختيارات السياسية ما أدى إلى استقالة القيادي السابق لطفي زيتون، أو من الناحية الأيديولوجية، إذ لم تعد شعارات الإسلاموية والمفاهيم التي تبني بها خطاباتها ذات تأثير وجاذبية في المجتمع التونسي، بعد أن أدركت شرائح واسعة منه أنها مجرد سراب فاقد للنجاعة والفاعلية ولا يلبي لها مطامحها وتطلعاتها، وأنه لم يكن سوى قناع يخفي وراءه مطامع سلطوية.
بهذا المعنى يمكن القول إن الإسلام السياسي في تونس بعد تجربة تواصلت على مدى عقد كامل فشل في تمرير مشروعه من الناحية الأيديولوجية وفي التمكين له من الناحية السياسية، وفَقَد بعد قرارات الرئيس الأخيرة وإسناد المؤسسة العسكرية والأمنية له، الآليات القانونية والتنفيذية التي تمكنه من التحكم في مجريات الأمور وتوجيهها لصالحه؛ فهل يعني هذا الفشل نهاية الإسلام السياسي؟
من الواضح، في تقديرنا، أن حركة النهضة باعتبارها أحد تعبيرات الإسلام السياسي أيديولوجياً وتنظيمياً قد شارفت على نهايتها، وأنه مهما تكن مآلات الأحداث الأخيرة، فإنه لم يعد بوسعها أن تحافظ على طريقة حضورها الحالية سواء في أطروحاتها الأيديولوجية أو في ارتباطاتها التنظيمية أو في طريقة تسييرها وآلية القيادة وأخذ القرار داخلها. غير أنه من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أن هناك شريحة اجتماعية في تونس ذات ميول محافظة، مثلما هي الحال في سائر المجتمعات، وهي تحتاج إلى من يمثلها سياسياً، وقد كان ظهور هذه الفئة رد فعل على ما تعتبره تفشياً لقيم الاستهلاك والفساد وفقدان الذات في تونس في بداية الألفية الجديدة، وترى أنه بالإمكان الجمع بين أفضل ما يفد من الغرب وأفضل ما في الإسلام. وهي تلجأ إلى الدين في بحثها عن معنى لوجودها، ولكنها تعتبره أمراً شخصياً لا يجوز فرضه على المجتمع، وتؤيد الحرية الاقتصادية والمبادرة الخاصة، وتتطلع إلى ديمقراطية لا مركزية تخفف من سطوة الدولة واحتكارها الفضاء العام. وبرغم ميل هذه الفئة إلى حركة النهضة بعد 2011 فإن أفكارها وتوجهاتها لا علاقة لها بموروث الجماعة الإسلاموية في العقود الماضية. وقد كان لها تأثير في خطاب حركة النهضة، ولاسيما من حيث الإلحاح على التسامح وعدم فرض الدين على المجتمع[11].
وتحتاج هذه الفئة إلى من يؤطر توجهاتها ويمثل أفكارها سياسياً، ولعل تحول النهضة إلى حزب محافظ بلا مواربة أو ازدواجية يمثل الأفق الأمثل لهما، وهو يكفل قطع روابطها بالحركات الإسلاموية على النحو الذي ترسخ في المخيال السياسي العربي منذ عقود، والخروج من دائرتها الأيديولوجية، مهما تعددت صيغ الانتماء أو بدت أنها تميل إلى المرونة والتباين مع الحركات المتشددة والجهادية من وسطية إسلامية وإسلام معتدل وإسلام ديمقراطي،… إلخ. ولعل السؤال المطروح في هذا المضمار هو: إلى أي حد يمكن لقيادات حركة النهضة الحالية بما لهم من موروث الانتماء الأيديولوجي للإسلاموية أن ينخرطوا في مثل هذا التحول وأن يستجيبوا لمقتضياته المعرفية والأخلاقية والسياسية؟
وفي المحصلة نرى أن حركة النهضة لم يعد لها إمكانية للاستمرار بصيغتها الحالية؛ أي باعتبارها الممثل الأيديولوجي للإسلام السياسي العابر للدول والأوطان، وأن أفق التغيير الجدي المتاح أمامها أن تصبح الممثل السياسي لتلك الفئة المحافظة في إطار ما تقرره البيئة الوطنية التونسية بتركيبتها الاجتماعية ونظامها الثقافي والقانوني، مع ما يتطلبه ذلك من مراجعات جذرية عميقة وعسيرة، قد لا تكون القيادات الحالية قادرة عليها، لاسيما وأن ما حدث في 25 يوليو 2021 قد يكون منعطفاً تاريخياً تفتح من خلاله تونس صفحة جديدة من تاريخها المعاصر.
- هل تتجه تونس إلى الجمهورية الثالثة؟
لعله من المفيد أن ننوه بأن طرح هذا السؤال يدخل في باب استشراف المستقبل المنظور على المدى القريب والمدى المتوسط والبعيد. وفي كل الأحوال شكل ما حدث في 25 يوليو 2021، سواء من حيث حجم الحركة الاحتجاجية الشعبية أو من حيث قرارات رئيس الجمهورية، حدثاً مفصلياً، وقد التقت فيه إرادة تلك الحركة الرافضة لما آل إليه الوضع في البلاد والغاضبة مما تردت إليه أحوالهم الاقتصادية والاجتماعية، بإرادة الرئيس الذي شكل انتخابه من خارج المنتظم السياسي التقليدي خلخلة للتوازنات داخل المنظومة الحاكمة والتي لطالما انتقدها وعبّر عن رفضه لها.
فقد التحمت قرارات الرئيس بمطالب الحركة الاحتجاجية، وقد حرص على أن يضفي عليها مشروعية دستورية باستناده إلى الفصل 80 من الدستور الذي يتيح له اتخاذ تدابير استثنائية في حال خطر داهم يهدد كيان الدولة، مستنداً إلى تأويل مخصوص لهذا الفصل، الذي لم يوضح بالدقة المطلوبة معنى الخطر الداهم ولم يضبط طبيعة تلك التدابير الاستثنائية، وهو تأويل مسنود بالقوة والشرعية التي تمنحه الصلاحية والنفاذ باعتبار موقعه الدستوري رئيساً للدولة وقائداً أعلى للقوات المسلحة، وهو ما ينزع أي مصداقية للحديث عن انقلاب، كما روجت لذلك حركة النهضة التي حاولت أن تحتج بحرفية الدستور في موقف أزمة سياسية واجتماعية حادة تعصف بكيان الدولة وأمن المجتمع، ولعل ذلك ما يكشف وجهاً من وجوه انفصالها عن الواقع. إضافة إلى كونه أقام الدليل على أن للدولة الوطنية آليات قوية لتدافع عن وجودها وكيانها مستمدة من عمق تغلغلها في الوعي الجمعي للتونسيين من ناحية، ومن صلابة مؤسساتها الراسخة التي أسندت قرارات رئيس الجمهورية من ناحية أخرى.
ويبدو لنا أن لهذا الحدث اتجاهين/احتمالين اثنين رئيسيين: الأول أن تؤدي قرارات الرئيس إلى إرباك النظام القائم منذ 2011 دون الذهاب إلى إسقاطه كلياً، وذلك بخلق ميزان قوى جديد تحافظ فيه مكونات النظام على وجودها على أن يكون ميزان القوة لصالح رئاسة الجمهورية وإدخال تعديلات دستورية وقانونية تفضي إلى تعديل موازين القوة بين الرئيس باعتباره ممثلاً للقوى الاجتماعية الشعبية المحتجة والغاضبة وبين قوى النظام القائم سواء من خلال ممثليه السياسيين أو الفاعلين المتحكمين اقتصادياً ومالياً وإدارياً والمستفيدين منه. وفي هذه الحالة سيبقى النظام قائماً دون أن تطاله تغييرات جوهرية، وهو ما يجعل أسباب التناقض بين قوى هذا النظام والحركة الاحتجاجية الاجتماعية قائمة ولا يستبعد أن تتجدد المواجهة بينهما.
أما الاتجاه أو الاحتمال الثاني فهو ينطلق من معطى أساسي مفاده انتهاء صلاحية النظام، وأن قرارات الرئيس ليست سوى خطوة أولى نحو طي صفحته ببنائها الدستوري والقانوني وأدواتها السياسية وخصوصاً حركة النهضة الإسلاموية والقطع مع المنهج السائد في إدارة شؤون الدولة والحكم، ثم تتلوها خطوات أخرى لإرساء نظام جديد يكون معبراً عن إرادة المجتمع ويعيد صياغة العقد الاجتماعي وميثاق العلاقة بين الدولة والمجتمع نحو ما يمكن أن نسميه الجمهورية الثالثة المرتكزة على أساس الديمقراطية التشاركية التي لا تنحصر في مجرد آليات الوصول إلى السلطة عبر صناديق الانتخابات، وإنما تستلهم القيم الديمقراطية الجوهرية؛ كالحرية والمساواة ورفض احتكار الدين والمقدس وتوظيفه في الممارسة السياسية، إضافة إلى ركيزتي العدل الاجتماعي والحكم الرشيد، وهو ما يقتضي تعديل السياسات الاقتصادية التنموية ومحاربة الفساد المستشري واقتصاد الريع.
تبدو تونس اليوم في حالة مخاض، وسيكون المسار الذي ستتخذه نتيجة هذا الصراع الدائر بين القوى الممثلة للاتجاهين المذكورين. ومهما يكن من أمر، فإن الأوضاع لن تعود إلى ما قبل 25 يوليو في تقديرنا. وستكون هناك تغييرات، سواء في مستوى الدستور أو في مستوى النظام السياسي أو في مستوى الفاعلين السياسيين، والسؤال المطروح حول طبيعة هذه التغييرات: هل ستقتصر على تعديلات ثانوية تحافظ على المشهد السياسي على أن تميل موازين القوة لصالح رئاسة الجمهورية؟ أم ستكون تغييرات عميقة وجذرية تزلزل النظام وتسقط قواه السياسية والاقتصادية المهيمنة؟ يبدو من السابق لأوانه الإجابة عن هذا السؤال، وهي إجابة ستحددها بصفة أساسية موازين القوة من جهة، إضافة إلى تأثير قوى الضغط الإقليمية والدولية في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تعيشها تونس وحاجتها إلى التداين والمساعدة المالية من الخارج من جهة أخرى.
خاتمة
تبدو تونس بعد 25 يوليو 2021 في مفترق طرق، فما حدث كان استثنائياً ومفصلياً فضلاً عن كونه كان متوقعاً بحكم ارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي واستفحال الأزمة بمختلف أبعادها، وقد بلغت ذروتها بفعل تداعيات الجائحة الصحية، وعجز النظام القائم عن إيجاد الحلول الملائمة لها.
ويعيش المجتمع التونسي لحظة ترقب وانتظار لما ستكون عليه توجهات رئاسة الجمهورية من جهة، وللتفاعلات الدائرة اليوم بوتيرة أقل ميلاً إلى الحدة والصدام والعنف بين القوى المتصارعة من جهة أخرى، سواء قوى النظام التي تحاول الدفاع عن مواقعها ومصالحها، ولاسيما حركة النهضة الإسلاموية، أو القوى الاحتجاجية التي تطالب بإحداث تغييرات جوهرية في المنظومة القائمة دستورياً وقانونياً وإجرائياً وفي مستوى السياسات العمومية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية. ولئن تبدو الاحتمالات كافة واردة لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في المستقبل القريب، إلا أنه بات من الواضح أن النظام القائم وليد ما يعرف بالربيع العربي والذي تستأثر بقيادته والتحكم فيه حركة النهضة قد وصل إلى نهايته، وما عاد قادراً على أن يستمر على النحو الذي كان سائداً طيلة عقد من الزمان، وهو ما يتطلب إجراء تغييرات عليه قد تتراوح بين تعديلات طفيفة وبين تغيير جذري.
وفي كل الأحوال تبدو تونس مقبلة على صفحة جديدة من تاريخها قد تكون مدخلاً للجمهورية الثالثة، وفي هذا الخضم يبدو مصير الحركة الإسلاموية مفتوحاً على عدة إمكانيات؛ فإما أن تحافظ على موقعها ضمن خريطة الإسلام السياسي أيديولوجياً وتنظيمياً وهو ما سيعمق أزمتها وعزلتها، وإما أن تُحدِث من داخلها مراجعات شكلية وتعديلات في قيادتها لتحسين صورتها فحسب، وبذلك قد تحافظ على وجودها ولكنها ستكون حركة هامشية لا تأثير لها، وإما أن تنخرط في السياق الوطني التونسي وتحدث تحويرات عميقة وجذرية تتخلى بموجبها على ارتباطاتها الأيديولوجية والتنظيمية الإسلاموية وتصبح ممثلة للفئة المحافظة سياسياً واجتماعياً، دون أن نغفل عن فتح ملفات حارقة تتعلق بها من قبيل ملف الجهاز السري وملفات الاغتيالات السياسية والتمويلات المالية الأجنبية والبت فيها قضائياً[12]. وهي ملفات مهمة لتنقية المناخ السياسي في البلاد من جهة ولحفظ أمن الدولة وكيانها من جهة أخرى، وقد تكون لها تداعيات أخرى على مصير الحركة الإسلاموية ومستقبلها.
المصادر:
[1]. اندلعت في تونس احتجاجات شعبية شبابية عارمة في شهر يناير 2021 على الأزمة الاقتصادية الخانقة وضد استشراء الفساد والإفلات من العقاب، وطالب المحتجون آنذاك بحل البرلمان وإسقاط الحكومة، وقد ردت عليها قوات الأمن التابعة لسلطة رئيس الحكومة آنذاك هشام المشيشي بعنف وقوة، راجع تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش على الرابط:
https://www.hrw.org/ar/news/2021/02/05/377780
[2]. راجع في هذا المضمار تصريح نور الدين الطبوبي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل في صباح يوم 25 يوليو 2021 في موكب إحياء ذكرى اغتيال المعارض السياسي محمد البراهمي الذي يقر فيه بسوء إدارة الدولة وتفككها على الرابط: https://bit.ly/3rNUza4
[3]. نستحضر في هذا الإطار ما كان قد قاله راشد الغنوشي عن استعداد الحركة الإسلامية للقبول بالتحالف مع غير الإسلاميين لإقامة حكم تعددي يسمح بنشر الدعوة “لإقامة حكم الإسلام ولو بعد حين”، وهو ما يعبر عن منهجهم في التعامل مع غيرهم من جهة ويكشف حقيقة مشروعهم من جهة أخرى. راشد الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1993)، ص363.
[4]. راجع موقع إحصائيات تونس على الرابط: http://www.ins.tn/ar
[5]. آمال الهلالي، “ديون تونس تهدد سيادتها.. ومخاوف من إفلاس وشيك”، موقع تي أر تي عربي، 30 إبريل 2021، على الرابط: https://bit.ly/376HQWh
[6]. راجع الرابط: https://www.transparency.org/en/countries/tunisia
[7]. رصدت محكمة المحاسبات خلال عملها الرقابي على الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019 العديد من الإخلالات التي شابت الحسابات المالية للمرشحين وشرعية الموارد ومجالات إنفاقها وعدم الإفصاح عن مصادر التمويل واستعمال مال مشبوه غير مصرح به في الحملات الانتخابية وعدم احترام أحكام مرسوم الأحزاب. راجع التقرير الذي أصدرته المحكمة على الرابط:
http://www.courdescomptes.nat.tn/upload/RapportSepec/rapport2020/rapport_election.pdf
[8]. راجع تحليلاً من منظور علم الاجتماع في حوار عالم الاجتماع التونسي منير السعيداني لصحيفة الحدث على الرابط:
[9]. راجع دراستنا بعنوان: المراجعات في تجارب الحركات الإسلاموية في مرحلة ما بعد “الربيع العربي”: حركة النهضة أنموذجاً، سلسلة اتجاهات حول الإسلام السياسي، العدد الأول (أبوظبي، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، إبريل 2021).
[10]. باستثناء حركة النهضة وبعض حلفائها كائتلاف الكرامة وبعض قيادات حزب قلب تونس، الذين عبروا عن رفضهم لقرارات الرئيس واعتبروها انقلاباً على الدستور، كان موقف التيار الديمقراطي قريباً من ذلك، إذ خالف تأويل الرئيس وعارض قراراته، لكن أغلب القوى الحزبية والمدنية لم تذهب في اتجاه اعتبار ما صدر عن الرئيس انقلاباً وتراوحت مواقفها بين المساندة الصريحة على غرار حركة الشعب ذات التوجهات القومية، والمساندة النقدية على غرار المنظمات الاجتماعية وحزب تحيا تونس بقيادة يوسف الشاهد رئيس الحكومة الأسبق وحزب البديل التونسي بقيادة مهدي جمعة رئيس الحكومة الأسبق والحزب الدستوري الحر، الذي دعا الرئيس إلى إنهاء حكم الإسلام السياسي، وفتح ملفات الجهاز السري لحركة النهضة والإرهاب والتمويل الأجنبي والجمعيات الدعوية، على غرار الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس.
[11]. راجع تحليلاً مستفيضاً لظهور هذه الفئة قبل 2011 باعتبارها تغييراً اجتماعياً فسر به الكاتبان الأسباب العميقة لفوز النهضة بانتخابات 2011، في:
Hostrup Hougbolle. (R) and Cavatorta. (F). (spring 2012). Beyond Ghannouchi Islamism and social change in Tunisia, in: Middle East report, N 262, , p.p.20-25.
ونحن نختلف معهما في اعتبار هذا التغيير يعكس إعادة أسلمة أو عملية إحياء إسلامية، ولكنه يمثل في رأينا توجهاً محافظاً مستنداً إلى القيم الدينية والتقوى الشخصية في مواجهة التدهور الأخلاقي العام في تلك المرحلة، بعيداً عن الطرح الأيديولوجي الإسلاموي الذي يريد إقامة دولة إسلامية محكومة بالشريعة.
[12]. أعلن الناطق باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي عن فتح بحث تحقيقي ضد حركة النهضة وحزب قلب تونس ومجموعة “عيش تونسي” حول عقود مجموعات الضغط والحصول على تمويلات أجنبية وتمويلات مجهولة المصدر للحملة الانتخابية، فهل يكون ذلك بداية لفتح بقية القضايا؟ انظر على الرابط: https://bit.ly/3f9IkPP