Insight Image

ثورة الذكاء الاصطناعي: كيف تُعيد التكنولوجيا تشكيل طبيعة العلاقات الدولية؟

25 يونيو 2025

ثورة الذكاء الاصطناعي: كيف تُعيد التكنولوجيا تشكيل طبيعة العلاقات الدولية؟

25 يونيو 2025

ثورة الذكاء الاصطناعي: كيف تُعيد التكنولوجيا تشكيل طبيعة العلاقات الدولية؟

يقف العالم اليوم على أعتاب ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، حيث يعمل الذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل أسس الكثير من الأمور، بما فيها التفاعل البشري والحوكمة، وحتى الدبلوماسية الدولية. فمن تطبيقاته في التحليل والاستشراف، والتنبؤ بالصراعات، وتحسين التجارة العالمية، إلى إمكاناته الأكثر قتامة في التضليل واتخاذ القرارات، بما فيها تلك المتعلقة بالحرب، وحتى الأسلحة المستخدمة فيها، أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على إعادة تعريف طبيعة العلاقات الدولية ذاتها. ومع تبني الدول والمنظمات وحتى الجهات الفاعلة غير الحكومية أدواتٍ تعتمد على الذكاء الاصطناعي، تدخل ديناميكيات القوة والسيادة والحوكمة العالمية إلى منطقة مجهولة، بل ومحفوفة بالمخاطر.

تستكشف هذه الورقة التأثيرات العميقة للذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية، وتبحث في الكيفية التي يمكن بها لهذه التكنولوجيا “التحويلية”[1] أن تغيّر عملية صنع القرار الدبلوماسي والأمن العالمي، وموازين القوى الاقتصادية، وآليات التعاون الدولي. ففي عالم محفوف بالتوترات الجيوسياسية، والمنافسة الحادة، وغياب العدالة، وعدم المساواة في الوصول إلى التقدم التكنولوجي، فإن دمج الذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية يقدم فرصًا غير مسبوقة، ولكنه يثير في الوقت نفسه قلقًا وتحدياتٍ قد تكون وجودية[2].

الإشكالية:

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقنية محصورة في ميادين البحث أو الصناعة، بل أصبح فاعلًا جديدًا في الساحة الجيوسياسية، يتغلغل في منظومات الأمن القومي، وآليات صنع القرار، واستراتيجيات التفاوض، وحتى في مخرجات السياسة الخارجية للدول الكبرى. فمن خلال قدرته على تحليل البيانات الضخمة، والتنبؤ بالسيناريوهات، واتخاذ قرارات شبه مستقلة، بات الذكاء الاصطناعي يهدد بتجاوز البُعد البشري التقليدي في السياسة الدولية، الأمر الذي يُعيد رسم ملامح القوة والنفوذ والتأثير.

وتتضاعف خطورة هذه التحولات حين نُدرك أنها لا تتم بشكل متوازن بين دول الشمال المتقدم ودول الجنوب النامي؛ بل تُعمّق الهوة التكنولوجية والمعرفية بينهما، مُكرسةً ما يمكن تسميته “الاستعمار الخوارزمي”[3]، حيث تحتكر قلةٌ من الدول والشركات أدوات الذكاء والهيمنة السيبرانية، فيما تُترك بقية الدول رهينةً للقرارات والأنظمة التي لم تُشارك في صناعتها.

في هذا السياق، تبرز فرص واعدة؛ كإمكانية تعزيز كفاءة الحلول التنموية، وتحقيق استجابات أسرع للأزمات، وتطوير نماذج دبلوماسية ذكية تعتمد على تحليل المزاج الدولي، وخريطة المصالح المتغيرة. لكن في المقابل، تُطرح تحديات وجودية: كيف يمكن ضبط أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي في القرارات العسكرية والدبلوماسية؟ مَن يملك حق السيادة على الخوارزميات التي قد تحكم مصير شعوب بأكملها؟ هل سيتحوّل الذكاء الاصطناعي إلى أداة تعزيز للسلام العالمي، أم إلى وقود جديد لحروب باردة أكثر خطورة؟

إن هذه الإشكالية تفرض على الباحثين وصنّاع القرار، بل وعلى البشرية جميعًا، إعادة النظر في شكل النظام الدولي المقبل، والسعي نحو هندسة توازنات جديدة لا تُقصي أحدًا، وتضع في الحسبان أن مَن يتحكم في الذكاء الاصطناعي اليوم، قد يتحكم في مستقبل البشرية غدًا.

الهدف والمنهج:

تهدف هذه الورقة إلى استكشاف التأثيرات العميقة للذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية، مع التركيز على فهم كيفية تغيير الذكاء الاصطناعي لعملية صنع القرار الدبلوماسي والأمني، وتحليل دور الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل موازين القوى الاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى تقييم الفرص والتحديات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي للدول والمنظمات الدولية في ظل التفاوت في الوصول إلى هذه التكنولوجيا.

وتعتمد الورقة على منهج تحليل التوجهات و/ أو السياسات الدولية، المدعوم بمنهج الدراسة المتعددة الأبعاد، ويشمل هذا رصد التطورات الحالية في استخدام الذكاء الاصطناعي على مستوى العلاقات الدولية، ودراسة تأثير الذكاء الاصطناعي في ديناميكيات العلاقات بين الدول في العديد من المجالات، والتحليل الاستشرافي عبر استكشاف الاتجاهات المستقبلية للتأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي في توازنات التعاون والتنافس الدوليين. 

أولًا، الأدبيات: الذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية

يغطي البحث الأكاديمي في العلاقات الدولية (IR) عمومًا قضايا الذكاء الاصطناعي (AI) ضمن أربعة محاور رئيسية هي: ميزان القوى، والحوكمة، والتضليل، والأخلاقيات. وتتداخل كل من هذه المحاور في بعض النواحي، حيث يتم تحليل الذكاء الاصطناعي ضمن أطر نظرية تقليدية، وأحيانًا يتم استحداث مفاهيم جديدة لفهم تأثيره المتزايد:

1. ميزان القوى

لايزال يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه عامل رئيسي في تشكيل المنافسة الجيوسياسية بين القوى الكبرى، خاصة بين الولايات المتحدة والصين[4]. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الصين تعمل على تعزيز مكانتها كقوة رائدة في الذكاء الاصطناعي من خلال استثمارات ضخمة في البحث والتطوير، فيما تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على تفوقها التكنولوجي من خلال تعزيز التعاون مع الحلفاء، وتقييد تصدير التكنولوجيا المتقدمة إلى بكين[5]. وقد أظهرت دراسات حديثة أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا متزايدًا في تعزيز القدرات العسكرية؛ ما يثير مخاوف من “سباق تسلح ذكاء اصطناعي”. ومع ذلك، يجادل بعض الباحثين بأن تأثير الذكاء الاصطناعي في ميزان القوى مبالغ فيه، حيث لايزال يعتمد على البنية التحتية التقليدية والقدرات البشرية.

2. حوكمة الذكاء الاصطناعي

شهدت السنوات الأخيرة تطورات كبيرة في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي، مع ظهور مبادرات تنظيمية جديدة على المستويين الإقليمي والدولي. على سبيل المثال، أقر الاتحاد الأوروبي قانون الذكاء الاصطناعي (AI Act)  عام 2023، الذي يهدف إلى تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، بناءً على مستوى المخاطر[6] . كما أطلقت الأمم المتحدة هيئة استشارية رفيعة المستوى حول الذكاء الاصطناعي عام 2023 لتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال[7].

ومع ذلك، تشير الدراسات إلى أن الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك غياب إطار قانوني ملزم، وعدم وجود تعريفات واضحة للمخاطر الشائعة[8]. بالإضافة إلى ذلك، تظل المبادرات الحالية غير متسقة، حيث تتبنى الدول نهجًا مختلفًا بناءً على مصالحها الوطنية؛ ما يعيق التوصل إلى توافق دولي.

3. التضليل والمعلومات المضللة

أصبح الذكاء الاصطناعي أداة قوية في نشر المعلومات المضللة، خاصة مع تطور تقنيات التزييف العميق (Deepfakes). وتشير الدراسات والتقارير الحديثة إلى أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم بشكل متزايد في تعزيز حملات التضليل الإعلامي، خاصة في سياقات الانتخابات والصراعات الجيوسياسية.​ وفي هذا السياق، نشر معهد بروكينغز مقالًا بعنوان “كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي والتضليل الإعلامي على الانتخابات؟” يُبرز فيه الباحثون كيف أن تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل التزييف العميق وتوليد النصوص، تُستخدم لتضليل الناخبين، ونشر معلومات خاطئة خلال الفترات الانتخابية[9]. على الجانب الآخر، أفادت وكالة “رويترز” بأن روسيا تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لتكثيف حملات التضليل ضد أوكرانيا؛ ما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة، ويزيد من تأثيرها العالمي[10].

وتُظهر هذه الأمثلة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُستخدم كأداة قوية في نشر المعلومات المضللة؛ ما يُبرز الحاجة إلى تطوير أطر تنظيمية وتقنيات مضادة لمواجهة هذه التحديات.

ومع ذلك، لايزال هناك جدل حول مدى تأثير الذكاء الاصطناعي في التضليل. وفيما تحذر بعض الدراسات من مخاطر زعزعة الاستقرار السياسي، يرى آخرون أن التأثير الفعلي لهذه التكنولوجيا لايزال محدودًا، حيث تعتمد النتائج السياسية على عوامل متعددة تتجاوز التضليل الإعلامي.

4. الأخلاقيات

تشير القضايا الأخلاقية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، خاصة في المجال العسكري، إلى تحديات متزايدة تتعلق بالمسؤولية الأخلاقية عند اتخاذ الآلات قراراتٍ دون تدخل بشري مباشر. في هذا السياق، يرى بعض الباحثين أن الفجوة في المسؤولية التي تنشأ عندما تتخذ أنظمة الأسلحة الذاتية قرارات قد تؤدي إلى أضرار جسيمة دون إمكانية تحديد المسؤول البشري المباشر عنها. وتُعقّد هذه الفجوة من إمكانية محاسبة الأفراد أو الجهات المسؤولة؛ ما يثير تساؤلات أخلاقية وقانونية حول استخدام مثل هذه الأنظمة في النزاعات المسلحة[11].

أيضًا، يتم تسليط الضوء على تأثير الذكاء الاصطناعي في الهيئات البشرية، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي قد يقلل من قدرة الأفراد على اتخاذ قرارات مستقلة. بالإضافة إلى ذلك، يتم استكشاف دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز أو تقويض القيم “الديمقراطية”، خاصة في سياقات المراقبة الجماعية وتقييد الحريات الفردية[12].

ثانيًا، الذكاء الاصطناعي كمجال جديد

الذكاء الاصطناعي مجال جديد نسبيًّا، عمره بضعة عقود، ويجمع بين العلوم والنظرية والتقنيات لمحاكاة القدرات المعرفية البشرية من خلال الآلات[13]. وبالاعتماد على البيانات الضخمة والتعلم الآلي، يحدد الذكاء الاصطناعي الأنماط في مجموعات البيانات المعقدة، ويعزز عمليات صنع القرار[14]. تاريخيًّا، يعكس تطور الذكاء الاصطناعي رغبة البشرية في الحصول على أدوات ذكية، لكن إمكاناته الحقيقية ظهرت بعد الانتقال من الأنظمة القائمة على القواعد إلى نماذج التعلم الذاتي في أواخر القرن العشرين[15]. وفي السنوات الأخيرة، برز الذكاء الاصطناعي كقوة تحويلية عبر مختلف القطاعات، ولا يشكل عالم الدبلوماسية والعلاقات الدولية استثناءً[16]. وفي الوقت الذي تكافح فيه الدول لمواجهة التحديات العالمية المتزايدة التعقيد، بدءًا من تغير المناخ، وصولًا إلى تهديدات الأمن السيبراني، فإن الذكاء الاصطناعي يقدم فرصًا ومخاطر في صنع السياسات وإدارة الشؤون الخارجية؛ وحتى أبعد من ذلك، حيث يشكل الاقتصادات المحلية والدولية على حد سواء. وتشير التقارير إلى أن إسهام الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد العالمي بحلول علم 2030 قد يبلغ 15.7 تريليون دولار[17]. 

ثالثًا، نظرية العلاقات الدولة والذكاء الاصطناعي

رغم أهميتها في فهم وتحليل العلاقات الدولية، بما فيها الصراع والتعاون، واجهت نظرية العلاقات الدولية تحديات حقيقة، حيث فشلت في تفسير العديد من التطورات في الساحة الدولية؛ على سبيل المثال، عجزت الواقعية، النظرية السائدة والمسيطرة في العلاقات الدولية، في التنبؤ بانتهاء الحرب الباردة، كما فشلت أيضًا في تفسير بقاء التحالفات العسكرية، رغم زوال مسببات تشكيلها[18].

في الوقت نفسه، تكافح نظرية العلاقات الدولية لمواكبة التقدم التكنولوجي. تاريخيًّا، أهملت نظرية العلاقات الدولية والنظرية السياسية عمومًا دور التكنولوجيا في تشكيل السياسة العالمية، على الرغم من تأثيرها العميق أحيانًا، بل ولم تولِ هذا الموضوع أهمية في الأدبيات باستثناء بعض الأعمال الخجول، منها -على سبيل المثال- دراسات نوربرت وينر، الذي يُعد الأب الروحي لعلم التحكم الآلي (السايبرنيتيكس)، التي عالجت التغير التكنولوجي السريع، وتأثيراتها في العلاقات الدولية[19]، ولكن هذه الأعمال تظل في الواقع هامشية بالنسبة لنظرية العلاقات الدولية السائدة.

وتعيق هذه الفجوة قدرة العلاقات الدولية على تحليل الآثار الجيوسياسية لتقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي. والحقيقة أن تبني نهج متعدد التخصصات يشتمل على رؤى من مجالات أخرى من شأنه أن يعزز قدرة العلاقات الدولية على معالجة التغيير التكنولوجي. وبدلًا من الاستسلام لفكرة أن النظرية لا يمكنها مواكبة ذلك، فإن هناك حاجة إلى إعادة النظر في الأسئلة الأساسية حول طبيعة السياسة والغرض منها؛ فهذا التوجه الجديد يمكن أن يساعد في توجيه الجهود لفهم وتنظيم وحكم التقنيات الناشئة بشكل فعال.

ولكن هذا كله بالطبع لا يمنع من رؤية التأثيرات المتزايدة للذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية عمومًا؛ حيث تتطور تقنيات التحليل، وصنع أو صياغة أو بلورة السياسات، بما في ذلك عمليات بناء السيناريوهات واستشراف المستقبل بشكل كبير؛ وهناك استخدام فعلي للعديد من التطبيقات في مجال السياسة الدولية والحوكمة العالمية [20]. 

رابعًا، مجالات العلاقات الدولية التي يخترقها الذكاء الاصطناعي

بدأ الذكاء الاصطناعي يترك بصماته بوضوح في العديد من مجالات السياسة والعلاقات الدولية، حيث أصبح أداة حيوية تُحدث تحولًا كبيرًا في أساليب العمل وآليات اتخاذ القرار. من أبرز هذه المجالات:

1. دور الذكاء الاصطناعي في الدبلوماسية

فيما ظلت الدبلوماسية لعقود طويلة “حرفة” إنسانية تعتمد على الخبرة والحدس والتجربة والكياسة، أصبحت اليوم ميدانًا واعدًا لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي تَعِد بإحداث ثورة في طريقة التفكير والتخطيط واتخاذ القرار.

من أبرز أوجه هذا التحول، قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات هائلة من البيانات المرتبطة بالأحداث السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية؛ ما يمكّن صناع القرار من الوصول إلى رؤى دقيقة ومعمّقة يصعب الوصول إليها بالوسائل التقليدية. فمن خلال خوارزميات متقدمة، تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي تحديد الأنماط الخفية والاتجاهات الناشئة في العلاقات الدولية؛ وهو ما يمنح الدبلوماسيين ميزة تنافسية في الاستعداد للمفاوضات وفهم مواقف الأطراف الأخرى بشكل ربما غير مسبوق.[21]

فعند التحضير لقمة دولية أو اجتماع ثنائي، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدّم سيناريوهات تفاوض محتملة، مستندًا إلى تحليل سلوكيات الدول، ونبرة الخطاب السياسي، وحتى التفاعلات على وسائل الإعلام. ولا يساعد هذا فقط على تعزيز التخطيط الاستراتيجي، ولكنه أيضًا يسهم في تحقيق التوازن بين المصالح بوسائل أكثر علمية ودقة.

أما في بيئة التفاوض المتعددة اللغات والثقافات، فإن أدوات الذكاء الاصطناعي تلعب دورًا جوهريًّا في تسهيل التواصل، من خلال أنظمة الترجمة الفورية، التي تقلل من سوء الفهم، وتعزز الانسجام بين الأطراف. كما تتيح أنظمة دعم القرار المدعومة بالذكاء الاصطناعي للمفاوضين الاستفادة من تحليلات متقدمة وتوصيات مبنية على البيانات؛ ما يساعدهم على اتخاذ قرارات مدروسة بسرعة وفعالية، حتى في المواقف المعقدة والحساسة.

وفي ظل التطورات المتسارعة في هذا المجال، يُتوقّع أن يصبح دمج الذكاء الاصطناعي في الممارسات الدبلوماسية عنصرًا محوريًّا، ليس فقط لتعزيز الكفاءة، وإنما لإعادة تعريف مفهوم التأثير والنفوذ في العلاقات الدولية. ومع هذا التقدم، تبرز تحديات جديدة تتعلق بالشفافية، والسيادة على البيانات، وأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي؛ ما يستدعي حوارًا عالميًّا لضمان أن تبقى الدبلوماسية أداة للسلام والتفاهم، لا ساحة جديدة للصراعات الرقمية.

2. دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز عملية صنع القرار

يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًّا في تحسين عملية اتخاذ القرارات عبر مختلف القطاعات؛ فبفضل قدرته على تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة فائقة ودقة عالية، يمكن للذكاء الاصطناعي استخلاص الأنماط والاتجاهات غير الواضحة للبشر؛ ما يوفر رؤى قيّمة تدعم القرارات المستنيرة. ويتيح هذا التحليل الدقيق للمؤسسات تقليل الأخطاء البشرية، واتخاذ قرارات استراتيجية أفضل. على سبيل المثال، يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الاقتصادية، وتقديم توصيات في الوقت الفعلي، في أثناء الأزمات أو المفاوضات التجارية؛ ما يعزز التخطيط الاستراتيجي، ويزيد من كفاءة الأداء[22].

إضافةً إلى ذلك، يتميز الذكاء الاصطناعي بتقليل التحيزات البشرية من خلال اتخاذ قرارات موضوعية مبنية على الحقائق والبيانات؛ ما يعزز من الشفافية والموثوقية[23]. أيضًا، يُسهم في التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية عبر النماذج التنبئية؛ ما يساعد المؤسسات على الاستعداد للتحديات المحتملة، واستغلال الفرص الجديدة. فضلًا عن ذلك، يُمكن للذكاء الاصطناعي دعم الابتكار والإبداع عبر تحليل بيانات المستخدمين لتطوير منتجات وخدمات مبتكرة؛ ما يجعل منه أداة حيوية لإدارة الموارد بكفاءة، واتخاذ قرارات استراتيجية مستدامة.

3. أدوات منع/حل الصراعات والنماذج التنبئية

أصبحت النماذج التنبئية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي مفيدة حتى في منع الصراعات، بل وربما إمكانية وضع تصورات لحلها. فمن خلال تحليل البيانات المتعلقة بالنزاعات، مثل المعلومات التاريخية وكذلك المؤشرات الحالية، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالصراعات المحتملة؛ ما يسمح باتخاذ تدابير استباقية[24]. وتقوم أنظمة الإنذار المبكر، التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، بتقييم احتمالات تصعيد الصراع؛ ما يتيح التدخلات في الوقت المناسب. على سبيل المثال، يستخدم مشروع VIEWS تقنيات التعلم الآلي للتنبؤ بالصراعات وتأثيراتها المجتمعية؛ ما يوفر رؤى قيّمة لصناع السياسات[25].

لذا، يعكس استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالصراعات وإدارتها تحولًا كبيرًا في العلاقات الدولية، حيث يسهم في تعزيز التعاون الدولي، وتعزيز الاستقرار العالمي. فتوافر النماذج التنبئية يُمكّن الدول والمنظمات الدولية من اتخاذ خطوات فعالة لتجنب الأزمات أو الحد من تصعيدها. على سبيل المثال، يمكن للدول الكبرى والمنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، توظيف هذه الأدوات لتنسيق الجهود الدبلوماسية والتدخل الإنساني بشكل أكثر دقة وفعالية.

في الوقت نفسه، قد يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى خلق ديناميكيات جديدة بين الدول؛ فمن ناحية، يمكن أن يعزز التعاون بين الدول في مجال تبادل البيانات وتطوير التكنولوجيا لحل الأزمات المشتركة. ومن ناحية أخرى، قد تظهر مخاوف تتعلق بالخصوصية والسيادة، خاصة إذا تم استخدام هذه التقنيات بطرق تعزز النفوذ السياسي لدول معينة على حساب أخرى. وبالتالي، يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة لتعزيز السلم الدولي، إذا أُحسن استخدامه، لكنه قد يصبح مصدرًا للتوترات إذا أسيء توظيفه، أو افتقرت الدول إلى الثقة المتبادلة بشأن استخدامه. 

خامسًا، الذكاء الاصطناعي والأمن العالمي

يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير مفعوم الأمن العالمي وربما عناصره، حيث يوفر لنا قدرات مبتكرة وتحديات عميقة. فتطبيقه في مجالات، مثل الأسلحة الذاتية، والاستراتيجية العسكرية، والأمن السيبراني، والمراقبة، يعيد تشكيل طبيعة الصراع والدفاع، في حين يثير مخاوف أخلاقية واستراتيجية بالغة الأهمية. وفيما يلي أبرز المجالات الأمنية والعسكرية التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث تغييرات مهمة فيها:

1. الأسلحة الذاتية والاستراتيجية العسكرية

يحتل الذكاء الاصطناعي الآن الصدارة في تطوير أنظمة الأسلحة المستقلة القادرة على اتخاذ القرارات في الوقت الحقيقي دون تدخل بشري مباشر[26]. ويمكن لهذه الأنظمة أن تعزز الدقة، وتقلل من المخاطر التي يتعرض لها الجنود البشر، وتُسرّع العمليات العسكرية. ومع ذلك، فإن نشرها يؤدي إلى عدم الاستقرار الاستراتيجي، حيث قد تدخل الدول في سباق تسلح لتطوير أسلحة متفوقة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. كذلك، تعمل الأنظمة المستقلة على تعقيد عملية المساءلة، حيث قد تؤدي القرارات التي يتخذها الذكاء الاصطناعي إلى تصعيدات غير مقصودة، أو انتهاكات للقانون الدولي.

2. دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني

يُعزز الذكاء الاصطناعي الأمن السيبراني من خلال توفير أدوات وتقنيات متقدمة للكشف عن التهديدات والاستجابة لها بشكل أكثر دقة وسرعة. فالذكاء الاصطناعي يتميز بقدرته على تحليل كميات هائلة من البيانات للتعرف على الأنماط الشاذة التي قد تشير إلى هجمات إلكترونية محتملة، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات فورية للتصدي للتهديدات، مثل حظر البرامج الضارة أو عزل الأنظمة المصابة. أيضًا، يساعد في التنبؤ بالهجمات المستقبلية عبر تحليل البيانات السابقة، وتقديم استراتيجيات وقائية متقدمة. ويُستخدم كذلك في تحليل نقاط الضعف داخل الأنظمة والشبكات لتحديد الثغرات ومعالجتها، أو تقديم توصيات للإصلاح [27].

إلى جانب ذلك، يُحسن الذكاء الاصطناعي أمان البيانات من خلال التشفير والكشف عن محاولات الوصول غير المصرح بها، ويعزز التحقق من الهوية باستخدام تقنيات متطورة، مثل التعرف على الوجه والصوت[28]، كما يدعم مكافحة التصيد الاحتيالي بتحليل رسائل البريد الإلكتروني والمواقع المشبوهة للكشف عن محاولات الاحتيال. ومن خلال التكيف المستمر مع التهديدات المتطورة، وتقليل التكاليف التشغيلية، أصبح الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في بناء أنظمة أمنية قادرة على حماية الأفراد والمنظمات من التهديدات السيبرانية المتزايدة تعقيدًا.

وبالطبع، تُثير إمكانية اتخاذ أنظمة الذكاء الاصطناعي قرارات تتعلق بالحياة والموت دون إشراف بشري أسئلة أخلاقية وقانونية مهمة؛ فضمان الحوكمة الأخلاقية أمر بالغ الأهمية لمنع الانتهاكات والحفاظ على المعايير الدولية؛ ما يمثل تحديًا حقيقيًّا للمجتمع البشري.

3. مخاطر الصراعات الناجمة عن الذكاء الاصطناعي

في ظل التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح من الممكن لمجموعة أوسع من الجهات -الحكومية وغير الحكومية- امتلاك أدوات رقمية ذات قدرات تكنولوجية متقدمة، كان امتلاكها في السابق حكرًا على الدول الكبرى. وقد يؤدي هذا التحول في ميزان القدرة التقنية إلى زيادة احتمالات نشوب صراعات جديدة، أو تعقيد الصراعات القائمة؛ بفعل إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي في ميادين غير تقليدية.

يتمثل أحد أبرز هذه التهديدات في الحرب السيبرانية (Cyber Warfare)، حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لاختراق البنى التحتية الحيوية لدول بأكملها -من أنظمة الكهرباء والمياه إلى أنظمة الملاحة والاتصالات- بما يؤدي إلى شلل جزئي أو تام، دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة. وهناك خشية حقيقية من أن تطور بعض الأنظمة أو الدول والحكومات قدرات هجومية مبنية على الذكاء الاصطناعي، دون أن تراعي الضوابط الأخلاقية، أو الالتزامات القانونية الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُستغل الذكاء الاصطناعي في نشر المعلومات المضللة بطريقة آلية، وبنطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام الرقمي، وهو ما يُعرف بـ”حملات التضليل المدعومة بالذكاء الاصطناعي” (AI-enabled Disinformation Campaigns). [29]. هذه الحملات قادرة على خلق حالة من الفوضى المعلوماتية، والتأثير في نتائج الانتخابات، وزعزعة الثقة بالمؤسسات الديمقراطية، بل وإشعال صراعات داخلية أو بين الدول، كما حدث في عدد من الحالات خلال العقد الأخير.

الأكثر خطورة من ذلك هو أن الجماعات الإرهابية أو المسلحة غير التابعة لدولة يمكنها الآن؛ بفضل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتاحة تجاريًّا، تنفيذ هجمات موجهة باستخدام طائرات مسيّرة، أو برمجيات خبيثة، أو حتى تطوير أنظمة “قتل ذاتية التشغيل ” (Autonomous Weapon Systems) تُدار دون تدخل بشري مباشر.[30]

لهذا، لم تعد مسألة تنظيم الذكاء الاصطناعي خيارًا أخلاقيًّا أو تنظيميًّا فحسب، بل أصبحت أولوية أمن قومي دولي. وتتطلب المعالجة الفاعلة لهذه المخاطر وضع أطر تنظيمية صارمة، وتكثيف التعاون الدولي، وتشكيل لجان رقابية متعددة الأطراف؛ لتفادي انفلات زمام الأمور.

سادسًا، التأثيرات الاقتصادية للذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية

يشهد الاقتصاد العالمي تحولًا جذريًّا بفضل الذكاء الاصطناعي (AI)، الذي أصبح أداة حاسمة في إعادة تشكيل التجارة، وأسواق العمل، والسياسات الاقتصادية. وتمتد تأثيراته من تحسين الكفاءة التشغيلية إلى تعزيز الابتكار، لكنها تطرح أيضًا تحديات كبيرة تتعلق بالحوكمة، والفجوات الاقتصادية، وكذلك التوترات الجيوسياسية. ومن أبرزها:

1. تحسين سلاسل التوريد العالمية وتغيير أنماط التجارة

يسهم الذكاء الاصطناعي في إحداث تحول نوعي في إدارة سلاسل التوريد العالمية، من خلال إدخال أدوات التحليل التنبئية والتعلم الآلي في مجالات التوريد، والتخزين، والتوزيع، والتنبؤ بالطلب[31]. وتتيح هذه الأدوات للشركات والمؤسسات تحسين اتخاذ القرار في الزمن الحقيقي؛ ما يقلل من الهدر، ويخفف من الاضطرابات الناتجة عن الأزمات العالمية مثل جائحة كوفيد-19 أو الحروب الإقليمية[32]. وعبر الأتمتة الذكية، بات بالإمكان مراقبة حركة السلع والبضائع بشكل لحظي، وتعديل المسارات والخطط بناءً على متغيرات السوق أو المخاطر المفاجئة. ولا يعزز هذا الأمر فقط الكفاءة التشغيلية، بل يخلق نوعًا جديدًا من المرونة التجارية، ويسهم في إعادة تشكيل أنماط التجارة العالمية، حيث تُعطى الأولوية للسرعة، والدقة، والقدرة على التكيف التكنولوجي.

ومع دخول تقنيات التصنيع الذكي والتوأم الرقمي إلى خطوط الإنتاج، بات بإمكان الشركات تقليل الاعتماد على العمالة البشرية في مناطق بعيدة منخفضة التكلفة؛ وهو ما دفع العديد من الشركات الكبرى إلى إعادة تموضع مصانعها قرب الأسواق المستهدفة (ظاهرة “إعادة التصنيع المحلي” أو  .[33](Reshoring)

ورغم هذه المكاسب، فإن الدول النامية، التي لم تتمكن بعد من اللحاق بركب الثورة الرقمية، تواجه خطر الإقصاء من سلاسل القيمة العالمية؛ إذ تفتقر إلى البنية التحتية الرقمية، والمهارات التقنية، ورأس المال البشري المتقدم، وهذا من شأنه تعميق الفجوة الرقمية العالمية، وتعزيز الهياكل الاقتصادية الهرمية التي تُكرّس التبعية والتهميش.

2. الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية

يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا متزايدًا في مجالات الابتكار والإبداع؛ ما يثير نقاشات حول تأثيره في الملكية الفكرية. ويعتمد الذكاء الاصطناعي على بيانات تدريب ضخمة تُجمع غالبًا من مصادر متاحة للجمهور، مثل النصوص والصور والموسيقى، التي قد تكون محمية بحقوق الطبع والنشر. وتثير هذه الممارسات تساؤلات حول كيفية حماية حقوق المؤلف لأصحاب البيانات المُستخدمة، وكيفية تنظيم العلاقة بين البيانات المدخلة والمخرجات المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي. ويُستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي أيضًا في إنشاء محتوى جديد مثل الصور والموسيقى؛ ما يُحدث تحولات كبيرة في الصناعات الإبداعية. ومع ذلك، تظل هناك تحديات حول منح براءات الاختراع لاختراعات الذكاء الاصطناعي؛ حيث تتطلب معايير واضحة وشفافة لضمان حماية الحقوق وتحفيز الابتكار[34].

وتؤثر مسألة الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية بشكل كبير في العلاقات بين الدول من خلال تعزيز التنافس التكنولوجي والاقتصادي بين القوى الكبرى؛ ما يزيد التوترات، خاصة في سياق حماية حقوق الابتكار واستخدام البيانات. وفي الوقت نفسه، يؤدي استخدام بيانات محمية بحقوق الطبع والنشر إلى نزاعات قانونية ودبلوماسية، فيما تواجه الدول النامية تحديات في مواكبة الابتكار التكنولوجي؛ ما يعمّق الفجوة الرقمية.

ومع ذلك، يدفع هذا الواقع الدول غالبًا إلى التعاون ضمن منظمات دولية لوضع معايير تنظيمية مشتركة، مع التركيز على الابتكار التعاوني، وإدارة الأخلاقيات والقوانين المتعلقة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

سابعًا، الذكاء الاصطناعي وحرب المعلومات

في عصرٍ تتغير فيه طبيعة الحروب، لم تعد المعارك تُخاض على الأرض فحسب، بل أصبحت تُدار من خلف الشاشات، وتُوجَّه بالعقول قبل الجيوش. ويبرز الذكاء الاصطناعي، في هذا السياق، كلاعب محوري في ميدان جديد وخطير: حرب المعلومات. ولم يعد الصراع العالمي مقتصرًا على التفوق العسكري أو الاقتصادي، بل أصبح يدور حول السيطرة على الحقيقة، أو ما يُقدَّم على أنه كذلك. ففي هذا المجال، تحولت الخوارزميات إلى أدوات فاعلة في إنتاج الأكاذيب وتشكيل الإدراك الجمعي، عبر آليات لا تُرى ولا تُلمس، ولكنها تترك أثرًا عميقًا في البنى السياسية والاجتماعية للدول.

لقد أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة نوعية في أدوات الدعاية والتضليل والتلاعب بالمعلومات، حيث بات يُستخدم في إنتاج محتوى مزيف، مقنع، وسهل الانتشار، يهدد الثقة العامة، ويقوض الاستقرار السياسي. ومن خلال ما يُعرف بـ”المحتوى التركيبي ” (synthetic content)، باتت التقنيات الحديثة قادرة على خلق مقاطع فيديو مزيفة، وصور معدّلة، وأصوات مُحرَّفة، يمكن من خلالها تلفيق تصريحات أو مواقف لقادة سياسيين، أو تضخيم أحداث جزئية لتبدو كأزمات كبرى؛ ما يعمّق الانقسامات، ويشعل التوترات في لحظات حرجة.

  1. الذكاء الاصطناعي والدعاية الموجهة: تمثل أدوات الذكاء الاصطناعي قفزة في القدرات الدعائية للدول والجماعات، حيث تمكنت هذه الأدوات من إنتاج كميات هائلة من المحتوى الدعائي الكاذب، المدعوم بتحليل سلوكي دقيق للجماهير. وقد أصبح بالإمكان الآن استهداف فئات محددة من الناس برسائل موجهة، مصممة خصيصًا لتعزيز سرديات معينة، أو تقويض ثقة الناس بمؤسساتهم السياسية. وتُستخدم مثل هذه القدرات بالفعل في حملات تضليل منظمة عبر الإنترنت، وتُعد تهديدًا حقيقيًّا للاستقرار الديمقراطي.
  2. التلاعب السياسي عبر المحتوى الذكي: تعتمد الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي على تحليل بيانات المستخدمين لإنتاج محتوى مخصص بدقة عالية. هذه القدرة، وإن كانت مفيدة في السياقات التجارية، فإنها تُستخدم سياسيًا لتضخيم الخطابات الاستقطابية والتلاعب بالرأي العام، خاصة في الفترات الانتخابية، أو في أثناء الأزمات الدولية. وقد رُصدت تدخلات رقمية عبر الذكاء الاصطناعي في العديد من الانتخابات حول العالم، حيث أُنتجت حملات دعائية خادعة بأحجام ضخمة، دون أن يتمكن المستخدم العادي من التمييز بينها وبين المحتوى الحقيقي[35].
  3. تداعيات على الثقة والاستقرار الدولي: لعل أخطر ما في حرب المعلومات المدعومة بالذكاء الاصطناعي هو تأثيرها العميق في بنية العلاقات الدولية؛ فالتضليل الرقمي لا يزرع فقط الارتباك داخل المجتمعات، بل يخلق مناخًا من الشك المستمر بين الدول. وفي حالات كثيرة، تسببت المعلومات المزيفة في تعطيل جهود الوساطة الدبلوماسية، أو تغذية أزمات قائمة، أو حتى اختلاق أزمات جديدة[36]. وعندما تصبح الحقيقة نفسها عرضة للشك، تتراجع القدرة على بناء الثقة، التي تُعد أساسًا لكل توازن سياسي أو تفاهم دبلوماسي.

ثامنًا، حوكمة الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات في العلاقات الدولية

مع تزايد تأثير الذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية، أصبح إرساء أطر حوكمة وأخلاقية قوية أمرًا ضروريًّا لضمان استخدامه بشكل مسؤول. ويشكل تحقيق التوازن بين الابتكار والتنظيم أهمية بالغة لمعالجة التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي عبر الأنظمة الدولية أو العالمية المختلفة.

1. الحاجة إلى لوائح ومعاهدات عالمية

لا شك في أن الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي تتطلب وضع قواعد دولية شاملة لمعالجة إساءة استخدامه، والعواقب المصاحبة (غير المقصودة) المترتبة على هذا الاستخدام. فمن الأسلحة الذاتية التشغيل إلى خصوصية البيانات، يمكن للمعاهدات العالمية توحيد ممارسات الذكاء الاصطناعي الأخلاقية، وضمان النشر العادل والمنصف. وفي غياب مثل هذه الأطر، قد تستغل الدول والشركات الذكاء الاصطناعي؛ ما يؤدي إلى عدم الاستقرار والانتهاكات الأخلاقية[37].

2. التحديات في تطبيق المبادئ الأخلاقية

تواجه حوكمة الذكاء الاصطناعي عقبة كبيرة تتمثل في فرض القانون، خاصة عبر الأنظمة السياسية المتنوعة. وتختلف البلدان في وجهات نظرها بشأن الخصوصية وحرية التعبير والتطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي. وتؤدي هذه الاختلافات إلى تعقيد عملية إنشاء وتنفيذ المبادئ التوجيهية المقبولة عالميًّا. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تتفوق التطورات التكنولوجية السريعة على الجهود التنظيمية؛ ما يترك فجوات في الحوكمة.

3. دور المنظمات الدولية

تلعب المنظمات، مثل الأمم المتحدة واليونسكو، دورًا حاسمًا في تشكيل حوكمة الذكاء الاصطناعي. ويمكن للأمم المتحدة أن تيسّر الحوار، وتضع المعايير العالمية، وتتوسط بين الدول لمواءمة سياسات الذكاء الاصطناعي مع المبادئ الأخلاقية. وتسلط مبادرات، مثل توصيات اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، الضوء على أهمية التعاون المتعدد الأطراف في معالجة التحديات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، من المراقبة إلى التحيز الخوارزمي[38].

تاسعًا، دور الذكاء الاصطناعي في معالجة التحديات العالمية

يبرز الذكاء الاصطناعي كأداة قوية لمعالجة التحديات العالمية الملحة، حيث يقدم حلولًا مبتكرة لتغير المناخ والأوبئة والأمن الغذائي. ومع ذلك، فإن فوائده المحتملة تأتي مع المخاطر، خاصة في تفاقم التفاوت بين الدول المتقدمة والنامية. ومن بين أهم المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي التعامل معها ما يلي:

1. الذكاء الاصطناعي والتغير المناخي والأوبئة والأمن الغذائي

يسهم الذكاء الاصطناعي في مكافحة تغير المناخ من خلال تحسين استخدام الطاقة وتحسين التنبؤات الجوية، وتسهيل الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة. على سبيل المثال، تساعد نماذج الذكاء الاصطناعي في مراقبة إزالة الغابات، وتتبع انبعاثات الكربون، والتنبؤ بالكوارث الطبيعية؛ ما يتيح الاستجابات الاستباقية.

وفي أثناء الأوبئة أيضًا، يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًّا في الكشف المبكر، وتطوير اللقاح، وتخصيص الموارد؛ على سبيل المثال، كان الذكاء الاصطناعي فعالًا في تسريع أبحاث لقاح كوفيد-19[39]. وفي مجال الأمن الغذائي، تعمل الأنظمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي على تعزيز الكفاءة الزراعية من خلال تحليل بيانات التربة، والتنبؤ بغلة المحاصيل، وإدارة سلاسل التوريد، وبالتالي تقليل النفايات، وتحسين توزيع الغذاء العالمي.

2. تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة

يتماشى الذكاء الاصطناعي مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة من خلال معالجة التحديات في مجالات الصحة والتعليم والبنية الأساسية. ومن أتمتة التشخيصات الطبية إلى إنشاء أنظمة تعليمية مخصصة، يعمل الذكاء الاصطناعي على تعزيز إمكانية الوصول والكفاءة، وتمكين الكشف المبكر عن المرض، مع تعزيز سير العمل من خلال تسريع وقت قراءة البيانات، وتحديد أولويات الحالات العاجلة[40].

ومن خلال دعم تبني الطاقة المتجددة، وتحسين تخصيص الموارد، يساعد الذكاء الاصطناعي في تعزيز التنمية المستدامة، وتعزيز الابتكار الضروري لتحقيق الأهداف العالمية.

من هنا، يسهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في معالجة التحديات العالمية، مثل التغير المناخي، والأوبئة، والأمن الغذائي، والتنمية المستدامة؛ ما ينعكس إيجابًا على العلاقات الدولية. ومع ذلك، تظهر تحديات تتعلق بعدم المساواة في الوصول إلى هذه التقنيات بين الدول المتقدمة والنامية؛ ما قد يؤدي إلى فجوات في تحقيق التنمية المستدامة. لذا، يصبح التعاون الدولي في مشاركة التكنولوجيا والمعرفة أمرًا حيويًّا لضمان استفادة الجميع من إمكانات الذكاء الاصطناعي في مواجهة هذه التحديات.

عاشرًا، السيادة والقوة في عصر الذكاء الاصطناعي

يعيد صعود الذكاء الاصطناعي تعريف المفاهيم التقليدية للسيادة، كما يعيد تشكيل ديناميكيات القوة العالمية، ويؤثر في قدرة الدول على تأكيد نفسها على المسرح العالمي:

1. إعادة تعريف السيادة

أصبحت السيادة، التي كانت مرتبطة تقليديًّا بالسيطرة على الحدود المادية، مرتبطة بشكل متزايد بالسيطرة على الأصول الرقمية والبيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي[41]. فالدول التي تستغل كميات هائلة من البيانات، وتطور قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة تكتسب ميزة استراتيجية في الحوكمة والدفاع والنمو الاقتصادي. ويشكل هذا التحول تحديًا للسيادة التقليدية، حيث تتدفق البيانات عبر الحدود، وتعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم؛ ما يجعل السيطرة القضائية أكثر تعقيدًا.

2. المنافسة الجيوسياسية في مجال الذكاء الاصطناعي

أصبح الذكاء الاصطناعي محورًا مركزيًّا للتنافس الجيوسياسي، خاصة بين اللاعبين الرئيسيين، مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي. وتستثمر هذه المناطق بكثافة في أبحاث الذكاء الاصطناعي والبنية الأساسية لتأمين الهيمنة في التكنولوجيا والابتكار[42]. وتتصدر واشنطن وبكين التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي؛ بفضل مواردهما الضخمة، وبنيتهما التحتية المتقدمة، وخطوط أنابيب المواهب المتوافرة، في حين يركز الاتحاد الأوروبي على تعزيز الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، وتولي دور قيادي في وضع الأطر التنظيمية العالمية.

وتشكل هذه المنافسة السياسات والمعايير والتحالفات العالمية؛ ما يعكس سباقًا ليس فقط من أجل التفوق التكنولوجي، ولكن أيضًا من أجل النفوذ الجيوسياسي.

3. التأثير في الدول الصغيرة

بالنسبة للدول الأصغر حجمًا، فإن إعادة تعريف القوة التي يقودها الذكاء الاصطناعي تقدم فرصًا وتحدياتٍ في الوقت نفسه؛ ففي حين يستغل البعض الخبرة المتخصصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحقيق مكاسب أكبر من ثقلهم، فإن معظمهم يفتقرون إلى الموارد اللازمة للتنافس مع القوى الأكبر. وقد يؤدي هذا إلى تهميش الدول الأصغر حجمًا في عملية صنع القرار العالمي؛ ما يؤدي إلى تعميق الفجوة بين “الدول التي تمتلك” الذكاء الاصطناعي، و”الدول التي لا تمتلكه”. ومع ذلك، فإن التعاون الدولي، وأطر الذكاء الاصطناعي المشتركة يستطيعان أن يُمكّنا الدول الأصغر حجمًا من الاستفادة من التقدم التكنولوجي، مع الحفاظ على النفوذ.

في هذا العصر، تتجاوز السيادة الحدود، وتعتمد على الهيمنة الرقمية والبراعة التكنولوجية. ويُعد تحقيق التوازن بين المنافسة العالمية والتعاون أمرًا حيويًّا لضمان عمل الذكاء الاصطناعي كأداة للتقدم المشترك بدلًا من كونه مصدرًا للإقصاء وعدم المساواة. 

خاتمة

يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل العلاقات الدولية بعمق، حيث يخلق فرصًا، ويثير في الوقت نفسه تحدياتٍ في مجالات متعددة تشمل الدفاع والأمن، والاقتصاد، والحوكمة، والسياسة، والقوة، وغيرها. ومن الواضح أن تأثير الذكاء الاصطناعي كقوة تحويلية ذو حدين؛ فمن ناحية، يقدم حلولًا فريدة لتحسين الكفاءة، ومعالجة المشكلات المعقدة، وتعزيز الابتكار. ومن ناحية أخرى، يخاطر بتضخيم أوجه عدم المساواة القائمة، وتعزيز القوة بين عدد قليل من الجهات الفاعلة المتقدمة تكنولوجيًّا، وزعزعة استقرار الأنظمة السياسية العالمية، من خلال سوء الاستخدام أو الافتقار إلى التنظيم. وتؤكد هذه الجوانب المتناقضة الحاجة الملحة إلى اتباع نهج مدروس لإدارة اندماج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الدولية. كما أن تسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي مع التخفيف من مخاطره يتطلب جهدًا دوليًّا جماعيًّا. ويجب على الحوكمة الأخلاقية أن تعطي الأولوية للشفافية والإنصاف والمساءلة في تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره. ويشكل التعاون الدولي، هنا، ضرورة أساسية لإنشاء أطر ومعاهدات قوية تمنع سوء الاستخدام، وتنظم التقنيات الناشئة، وتضمن الوصول العادل إلى فوائد الذكاء الاصطناعي. فضلًا عن ذلك، فإن الابتكار المسؤول يشكل مفتاحًا لمواءمة تقدم الذكاء الاصطناعي مع الأهداف الأوسع نطاقًا لقضايا، مثل حقوق الإنسان والاستدامة والاستقرار العالمي.


[1]مصطلح “التكنولوجيا التحويلية” (Transformative Technology) يُستخدم للإشارة إلى التقنيات التي لا تكتفي بتحسين العمليات القائمة، بل تُحدث تغييرات جذرية في البنية الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، وتعيد تشكيل الأنظمة بطرق لم تكن ممكنة من قبل. انظر: “Transformative Technologies Poised to Change the World,” Mecalux, December 23, 2024, https://www.mecalux.com/logistics-articles/transformative-technologies-global-impact.​

[2]

[3] Simeon Kepp, “Decolonizing AI Systems: Addressing Power Disparities and Indigenous Knowledge,” FrozenLight, February 23, 2025, https://www.frozenlight.ai/post/simeon-kepp/325/decolonizing-ai-systems-addressing-power-disparities-and-indigenous-knowledge/

[4] Shamma Al Qutbah, “AI Rivalries: Redefining Global Power Dynamics,” TRENDS Research & Advisory, February 16, 2025, https://trendsresearch.org/insight/ai-rivalries-redefining-global-power-dynamics/.​

[5] Gregory Allen, “Gregory Allen on China and the Future of Artificial Intelligence,” Washington Journal, C-SPAN, July 17, 2023, https://www.c-span.org/program/washington-journal/gregory-allen-on-china-and-the-future-of-artificial-intelligence/655217.​

[6] Matt Kosinski and Mark Scapicchio, “What is the Artificial Intelligence Act of the European Union (EU AI Act)?”, IBM, September 20, 2024, https://www.ibm.com/think/topics/eu-ai-act

[7]“الأمم المتحدة تطلق هيئة استشارية بشأن الذكاء الاصطناعي لتعم فوائده على البشرية جمعاء”، أخبار الأمم المتحدة، 26 أكتوبر 2023، https://news.un.org/ar/story/2023/10/1125357.​

[8] تشمل المخاطر المعقولة للذكاء الاصطناعي مجموعة من التحديات الواقعية التي بدأت آثارها تظهر في مختلف المجالات، مثل التحيز الخوارزمي الذي يؤدي إلى قرارات غير عادلة في التوظيف والعدالة، وانتهاك الخصوصية من خلال المراقبة وتحليل البيانات، ونشر المعلومات المضللة باستخدام تقنيات مثل الفيديوهات المزيفة (Deepfakes)، إضافة إلى فقدان الوظائف بسبب الأتمتة، وتفاقم الفجوة الاقتصادية، وتزايد استخدام الأسلحة الذاتية التشغيل، وأخيرًا غياب الشفافية والمساءلة في قرارات الآلة؛ ما يهدد القيم القانونية والأخلاقية القائمة في المجتمعات. انظر:

IBM. “10 Dangers and Risks of AI and How to Prevent Them.” IBM Think Blog, September 3, 2024. https://www.ibm.com/think/insights/10-ai-dangers-and-risks-and-how-to-manage-them

[9] rookings Institution. “How Do Artificial Intelligence and Disinformation Impact Elections?” Brookings accessed April 23, 2025. https://www.brookings.edu/articles/how-do-artificial-intelligence-and-disinformation-impact-elections/.​

[10] Reuters. “Russia Using Generative AI to Ramp Up Disinformation, Says Ukraine Minister.” Reuters, October 16, 2024. https://www.reuters.com/technology/artificial-intelligence/russia-using-generative-ai-ramp-up-disinformation-says-ukraine-minister-2024-10-16/.​

[11] Dimensions of Human–Machine Command Teams,” Journal of Military Ethics 22, no. 1 (2023): 1–17, https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/15027570.2023.2175887.​

[12] Adriana Salatino et al., “Influence of AI Behavior on Human Moral Decisions, Agency, and Responsibility,” Scientific Reports 15, no. 1 (2025): Article 12329, https://www.nature.com/articles/s41598-025-95587-6.​

[13]مهدي سلامي، الذكاء الاصطناعي ومستقبل العلاقات الدولية، معهد الدراسات السياسية والدولية،(IPIS) 19 يونيو 2023:

https://shorturl.at/dZ8Si

[14]تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي: ما العلاقة بينهما، موقع العربي أيه أي، 11 سبتمبر 2024:

https://shorturl.at/Od9a3

[15]يوسف إسكندر، نشأة الذكاء الاصطناعي وتطوره والتوقعات المستقبلية!، الجزيرة، 4 نوفمبر 2024

[16]أحمد بانافا، صعود الذكاء الاصطناعي في الدبلوماسية والعلاقات الدولية، 30 يونيو 2024:

https://tinyurl.com/2abz7cpy

[17]جولي بوي، تأثير الذكاء الاصطناعي: تحويل عالمنا، بيكل، 16 ديسمبر 2024::

https://tinyurl.com/bdzx687c

[18]أحمد محمد وهبان، النظرية الواقعية وتحليل السياسة الدولية من مورجنثاو إلى ميرشايمر “دراسة تقويمية”: https://tinyurl.com/3hphh6mm

[19] قدّم وينر مفهوم “السايبرنيتيكس” في كتابه “Cybernetics: Control and Communication in the Animal and the Machine” الذي عرفه بأنه علم دراسة الأنظمة المعقدة، سواء كانت حيوية أو آلية؛ بهدف فهم التحكم الذاتي والتكيف مع البيئة. كما استكشف في كتابه الآخر

“The Human Use of Human Beings: Cybernetics and Society” تأثير التكنولوجيا في المجتمع، محذرًا من مخاطر الاعتماد المفرط على الآلات وتجاهل القيم الإنسانية:

Wiener, N. (1948). Cybernetics: Or Control and Communication in the Animal and the Machine. MIT Press; Wiener, N. (1950). The Human Use of Human Beings: Cybernetics and Society. Houghton Mifflin.

[20] Ambrose Preminger, Study on the Integration of Mobile Applications Into Governance Frameworks: A Study, Munich Personal RePEc Archive, October 12, 2024:

https://mpra.ub.uni-muenchen.de/116357/1/MPRA_paper_116357.pdf

[21] Marta Konovalova, AI AND DIPLOMACY: CHALLENGES AND OPPORTUNITIES, Journal of Liberty and International Affairs, Volume 9 · Number 2 · 2023: https://tinyurl.com/5n86b24w

[22]كيف يمكن للذكاء الاصطناعي دعم اتخاذ القرارات؟ موقع صفر، 15 سبتمبر 2024: https://tinyurl.com/4u3u8fas

[23]عصر التحول.. كيف يغير الذكاء الاصطناعي وجه العالم الذي نعرفه؟، الجزيرة، 18 أكتوبر 2018: https://tinyurl.com/mr3ffc8s

[24]الذكاء الاصطناعي والتنبؤ بالصراعات.. إمكانيات واعدة تعترضها “أوجه قصور”، 26 سبتمبر 2023: https://shorturl.at/EVMbI

[25] أدوات لمنع الصراعات وحلها من خلال النماذج التنبئية: “مشروع VIEWS: التنبؤ بالصراع المسلح”، جامعة أوبسالا: https://viewsforecasting.org/

[26]سمية نصر، عندما تتحول الروبوتات إلى أسلحة فتاكة، بي بي سي عربي، 17 نوفمبر 2024: https://shorturl.at/QPYQO

[27]دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني، موقع إكسونتل: https://shorturl.at/z8uSw

[28]“التشفير وحماية البيانات في الذكاء الاصطناعي: أمان البيانات في عصر التعلم الآلي”، FreeTech، آخر تحديث في 12 أبريل 2024: https://freetech.tech/encryption/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%83%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A7/

[29] Katerina Sedova et al., “AI and the Future of Disinformation Campaigns,” Center for Security and Emerging Technology, December 2021, https://cset.georgetown.edu/publication/ai-and-the-future-of-disinformation-campaigns-2/

[30] larisa Nelu, “Exploitation of Generative AI by Terrorist Groups,” International Centre for Counter-Terrorism, June 10, 2024, https://icct.nl/publication/exploitation-generative-ai-terrorist-groups.

[31] Anand Ramachandran, The Impact of Artificial Intelligence on Global Trade and Economic Relations Transforming Markets, Policies, and Geopolitical Power, December 2024: https://tinyurl.com/y2a6au3p

[32] McKinsey & Company, Succeeding in the AI Supply Chain Revolution (McKinsey & Company, July 2021), https://www.mckinsey.com/industries/metals-and-mining/our-insights/succeeding-in-the-ai-supply-chain-revolution.

[33] OECD, Industrial Policies for the Digital Age: Repositioning Global Manufacturing, 2022, https://www.oecd.org/industry/industrial-policies-for-the-digital-age.pdf

[34]الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية، المنظمة العالمية للمليكة الفكرية (الويبو):

https://www.wipo.int/about-ip/ar/frontier_technologies/ai_and_ip.html

[35] Masabah Bint E. Islam, Muhammad Haseeb, Hina Batool, Nasir Ahtasham and Zia Muhammad, AI Threats to Politics, Elections, and Democracy: A Blockchain-Based Deepfake Authenticity Verification Framework, MDPI, Blockchains 2024, 2(4), 458-481; https://doi.org/10.3390/blockchains2040020

[36]وكالة أنباء الإمارات، “خبراء ومختصون يناقشون المعلومات المضللة وأثرها على استقرار المجتمعات بمؤتمر الدفاع الدولي 2025″، 16 فبراير 2025: https://www.wam.ae/ar/article/bi8cdpn-%D8%AE%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%86-%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%82%D8%B4%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B6%D9%84%D9%84%D8%A9-%D9%88%D8%A3%D8%AB%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89

[37]الأمم المتحدة، “حوكمة الذكاء الاصطناعي من أجل الإنسانية: التقرير النهائي”، تقرير الهيئة الاستشارية رفيعة المستوى المعنية بالذكاء الاصطناعي، سبتمبر 2024.

[38]الدراسة الأولية لإمكانية وضع وثيقة تقنينية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، اليونسكو، 30 يوليو 2019:

https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000369455_ara

[39]رهف الخزرجي، تسخير الذكاء الاصطناعي في مكافحة وباء كوفيد-19، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، 26 أغسطس 2020:

https://shorturl.at/bWbME

[40]بيسان شامية، استخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص الطبي، ويب تيب، 3 نوفمبر 2022: https://shorturl.at/3VEz3

[41]حسام رشيد هادي، تأثير الذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية، مركز الجزيرة للدراسات، لباب، العدد 20، 1 نوفمبر 2023: https://shorturl.at/oUZFj

[42]محمد غاشي، سباق الذكاء الصناعي بين الولايات المتحدة والصين: من يفوز؟ التاسعة، 20 ديسمبر 2024:

https://attasiaa.com/?p=27529

المواضيع ذات الصلة