Insight Image

دور القادة الدينيين في بناء السلام في الشرق الأوسط

01 يناير 2025

دور القادة الدينيين في بناء السلام في الشرق الأوسط

01 يناير 2025

1- المقدمة

شهدت منطقة الشرق الأوسط، وهي منطقة ذات مكانة دينية وثقافية مهمة، صراعات طويلة الأمد غالبًا ما كانت تتسم بصبغة دينية، وذلك ما أدّى إلى تعميق الانقسامات، ليس داخل المجتمعات المحلية فحسب، بل وأيضًا في نظرة العالم إلى المنطقة، بالرغم من أن الدين -بطبيعته- يوفر أيضًا سُبُلًا مهمة للمصالحة والوحدة والسلام. وفي العقود القليلة الماضية بدأ الباحثون وصُناع السياسات يدركون بشكل متزايد الدور المحوري الذي يمكن أن يؤديه القادة الدينيون في بناء السلام، خصوصًا من خلال الحوار بين الأديان. فالسلام المستدام في المنطقة لا يتطلب إرادة سياسية فحسب، بل يحتاج أيضًا عملًا جماعيًّا من جانب المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني، والأهم من ذلك من جانب القادة الدينيين، إذْ إن قِيَم الرحمة والتسامح والسلام -وهي قيم تشترك فيها الديانات السماوية- يمكن أن تشكل أساسًا قويًّا لجهود المصالحة والوحدة. وعندما تتوفر لهؤلاء القادة منصات منظمة لمبادرات السلام تستطيع المنطقة الاستفادة من نفوذهم وسلطتهم المعنوية ذات التأثير العميق في مجتمعاتهم. لذلك تسعى هذه الدراسة إلى تحليل الدور الذي يؤديه القادة الدينيون في بناء السلام وحل النزاعات في منطقة الشرق الأوسط. كما أنها تعرض المبادرات السابقة، والوضع الحالي لأدوارهم، والآفاق المستقبلية التي قد يساعدون في الوصول إليها.

2- الدين وبناء السلام (إطار نظري)

لا شك أن الدين، بما في ذلك أبعاده الثقافية والروحية، يؤدي دورًا مهمًّا في تشكيل المجتمعات وتعزيز الشعور بالانتماء بين أتباعه، وفي ذلك يقول الحاخام ميلشيور في مقابلة أجرتها معه مجلة فاثوم: “الدين أكبر منظمة غير حكومية في العالم”[1]. ومن منظور الأنثروبولوجيا الثقافية، لا يعكس الدين المعتقدات الفردية فحسب، بل يعكس أيضًا الهويات الجماعية والثقافية والقواعد الأخلاقية، وكل هذه الأشياء توجه السلوك والمواقف في المجتمعات. في كثير من الأحيان، نتبيّن أن السبب في حشر الدين في الصراعات لا يعود إلى دوافع دينية حقيقية، بل يحدث ذلك نتيجة للتلاعب بالسرديات الدينية لأهداف غير دينية، وغالبًا ما تكون هذه الأهداف سياسية، حيث يمكن استغلال الدين لتوفير غطاء لأجندات محددة، تُفضي إلى تصعيد العنف والكراهية بدلًا من تعزيز التفاهم والوحدة[2]، علمًا أن الدين يوفر أسسًا قوية لبناء السلام من خلال مبادئ الرحمة والعدالة التي تحثُّ عليها الديانات السماوية الثلاث: الإسلام والمسيحية واليهودية[3].

وتمثل المبادئ الأخلاقية التي تدعو إليها هذه الديانات أدوات محتملة للوحدة، حيث يؤكد كل من القرآن والإنجيل والتوراة على الرحمة والعفو وعدم إيذاء الآخرين. فعلى سبيل المثال، يشكل مفهوم العفو، الذي يرد مرارًا في كل من الإنجيل والقرآن، جسرًا بين الإيمان والدبلوماسية، ويسمح باتباع نهج جديد كُليًّا في حل النزاعات. كما أن موضوعات العدل والرحمة ترد في جميع الكتب السماوية، وذلك ما يؤكد التوافق بين الأخلاق الدينية وأهداف بناء السلام[4].

ومن ثم، فليس الهدف من الدبلوماسية الدينية دعوة الأفراد لاعتناق دين جديد أو تغيير الأفكار العلمانية، بل وضع إطار لحوار يُفضي لنتائج إيجابية في المجتمعات التي تعاني من الصراعات. وهذا النهج يؤكد دور الدين في الدبلوماسية، ويضمن وضع مبادرات السلام في سياق المفاهيم الدينية والأخلاقية المعروفة. فمن خلال جعل الجهود الدبلوماسية متوافقة مع قيم السكان المحليين، يمكن للقادة الدينيين رسم مسار تعاوني نحو السلام، يعزز الهويات الثقافية والروحية بدلًا من تهميشها[5].

3- مبادرات الحوار بين الأديان في الشرق الأوسط بين الماضي والحاضر

3-1 مبادرات الحوار بين الأديان في الشرق الأوسط في الماضي

كان الشرق الأوسط منذ أمد طويل مركزًا للتأثير الديني، يؤدي قادته أدوارًا أساسية في إدارة المجتمع والوساطة في الخلافات التي تنشأ بين أفراده، حيث كان القادة الدينيون عبر التاريخ يقومون بدور القادة الروحيين وقادة المجتمع، ويعالجون الصراعات عبر الحوار والإرشاد الأخلاقي. ووساطة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بين الأوس والخزرج خير مثال على الدبلوماسية الدينية، حيث تم التوفيق بين هاتين القبيلتين، بعد أن تصاعدت الصراعات بينهما جَرَّاء التنافس بشأن الشرف والهيمنة، وتحققت هذه المصالحة تحت قيادة النبي صلى الله عليه وسلم من خلال دستور المدينة المنورة. وجديرٌ بالذكر أن هذا الاتفاق أكّد الوحدة والاحترام المتبادل بين اليهود والمسلمين، وأرسى سابقة للتعايش السلمي في مجتمع متعدد الثقافات. وأظهر النهج النبوي أهمية تعاليم الإسلام الحنيف كدليل لحل الصراعات وتحقيق رفاه المجتمع[6].

ودور القادة الدينيين -كصانعي سلام- حاضرٌ أيضًا في المجتمعات المسيحية واليهودية في الشرق الأوسط، حيث سعى القادة الروحيون عبر التاريخ إلى تعزيز المصالحة. وعملت المؤسسات الدينية عبر القرون على التوسط في حل النزاعات، عن طريق تشجيع الالتزام بمبادئ التسامح ونبذ العنف. ولكن العلاقة التاريخية بين الدين والسياسة في المنطقة تشير أيضًا إلى حدوث تلاعب بالخطاب الديني في بعض الأحيان لخدمة مصالح معينة. ومع تصاعد حدة الصراعات، قد تلجأ الفصائل السياسية، وغير السياسية، إلى استخدام الخطاب الديني لحشد الدعم أو تبرير الأعمال العدوانية، وذلك ما يُحَوِّل الدين من أداة للتوحيد إلى أداة للتقسيم. وأيًّا ما كان الأمر، فإن تأثير القادة الدينيين يبقى واضحًا، ودعوتهم للسلام في ظل القيم الأخلاقية المشتركة ما زالت تُبشر بتحويل هذه الخطابات إلى دعوات للوحدة والتماسك الاجتماعي[7]. ويمكن أن ينطبق هذا على أمثلة حديثة كان فيها الدين أداة لبناء السلام، وليس أداة لتأجيج الصراع. ومن الضروري النظر إلى المبادرات التاريخية، وتسليط الضوء على نتائجها الإيجابية في تحقيق التعاون بين الأديان.

3-2 المبادرات الحديثة للحوار بين الأديان في الشرق الأوسط

يمثل إعلان الإسكندرية (2002) نموذجًا بارزًا للتعاون بين الأديان، حيث اجتمع قادة من الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية في دعوة للسلام في الأرض المقدسة، القدس. وقد تم في يناير 2002 التوقيع على الإعلان الذي أدان العنف، وأكد حق كل فرد في الحياة والكرامة، واستنكر الأعمال العدوانية التي تُرتكب باسم الله. وإضافة إلى الدعوة للاحترام المتبادل بين المجتمعات الدينية، أنشأ الإعلان مجلسًا دائمًا للحوار بين الأديان يتولى الإشراف على تنفيذ توصياته. ومنذ ذلك الوقت، عمل هذا المجلس على تعزيز الثقة والتعاون بين المجموعات الدينية المختلفة، مقدّمًا نموذجًا لمبادرات السلام الديني في مناطق أخرى من العالم[8].

ويُبرز إعلان الإسكندرية أهمية الخطاب الديني الذي يتوافق مع القيم الإنسانية، ويجعل القادة الدينيين مناصرين للسلام ومدافعين عنه. ومن اللافت للانتباه أن تأثير الإعلان امتد إلى خارج إسرائيل وفلسطين، فقد أثّر في جهود بناء السلام بين الأديان في دول مثل نيجيريا، حيث استُخدم كبرنامج عمل لتعزيز الانسجام الديني في المناطق التي تأثرت بالعنف بين المسلمين والمسيحيين. كما أن تأكيد الإعلان أهمية القيم المقدسة المشتركة يُظهر قدرة الدبلوماسية الدينية على تجاوز الحدود الوطنية والثقافية، وقدرتها أيضًا على إلهام مبادرات مشابهة على مستوى العالم[9].

وفي عام 2016، جمع إعلان مراكش أكثر من 300 من علماء الإسلام والسياسيين والنشطاء في المغرب لمناقشة حقوق الأقليات الدينية في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة. واستند الإعلان إلى المبادئ التي أرستها صحيفة المدينة المنورة؛ وهي عقد اجتماعي وضعه النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، لإدارة العلاقات وتنظيمها داخل مجتمع متعدد الثقافات. وقد أكد الشيخ عبدالله بن بيه، أحد علماء الإسلام البارزين، أن إطار الإعلان يتوافق مع كل من الشريعة الإسلامية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وقد أصبح إعلان مراكش وثيقة بالغة الأهمية في مواجهة الخطابات المتطرفة التي تسعى لتبرير العنف ضد الأقليات، وذلك بتأكيده التواؤم بين التقاليد الدينية وحقوق الإنسان العالمية[10]. ويُجسّد الإعلان قدرة القادة الدينيين ومدى تأثيرهم في الحوكمة الإيجابية التي تعزز مبادئ المساواة والتعايش. وإن وضع الإعلان بأيدي جهات دينية وسياسية، ومصادقة بعض الحكومات عليه -مثل حكومة المغرب وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة- يؤكد إمكانات التعاون بين المؤسسات الدينية والجهات الحكومية في تعزيز السلام. ويمثل هذا الإعلان إجراءً مضادًّا للتطرف، من خلال تقديم حُجة متجذرة دينيًّا تدعم حقوق الأقليات، وذلك ما يثبت قدرة القادة الدينيين على الدفاع عن حقوق الإنسان عبر إطار ملائم ثقافيًّا[11].

وفي عام 2019، وقّع البابا فرنسيس والإمام الأكبر أحمد الطيب وثيقة الأُخُوَّة الإنسانية، وهي إعلان يدعو إلى الوحدة العالمية والتسامح والتعايش. ويحث هذا الاتفاق التاريخي بين الكنيسة الكاثوليكية وجامعة الأزهر على الاحترام والفهم المتبادل بين جميع الانتماءات الدينية، حيث يضع الأُخُوَّة كقيمة أساسية في حل النزاعات. وبالدعوة إلى التعاون بين القادة الدينيين والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني، تقدّم الوثيقة رؤية للسلام قائمة على الكرامة الإنسانية المشتركة والاحترام المتبادل[12]. وتهدف الوثيقة إلى نشر ثقافة السلام المتجاوزة للحدود الدينية؛ من أجل معالجة تحديات مثل التطرف والاتجار بالبشر والتدهور البيئي. ويركز تنفيذ الوثيقة على أهمية الفهم المتبادل في صياغة السياسات والتعليم، بهدف توجيه رؤى الأجيال القادمة وتصوراتها نحو عالم أكثر رحابة. وتُبرز هذه الجهود بين الأديان تأثير القادة الدينيين في الدفاع عن المعايير الأخلاقية العالمية، وذلك ما يزيد من ترسيخ دورهم في بناء السلام[13].

4- الوضع الراهن وتحديات القادة الدينيين في بناء السلام في الشرق الأوسط

يتمتع القادة الدينيون في الشرق الأوسط بإمكانات عظيمة للإسهام في بناء السلام، بفضل سلطتهم الأخلاقية وارتباطهم العميق بمجتمعاتهم. والمبادرات الأخيرة، مثل إعلان مراكش ووثيقة الأُخُوَّة الإنسانية، تُؤكد دورهم الحيوي في تعزيز التسامح والتعايش بين مختلف أطياف المجتمع. غير أنه ينبغي الاعتراف بأن تأثيرهم يظل مقيدًا بالديناميات الاجتماعية والسياسية. ففي العديد من الدول، ترتبط السلطات الدينية الرسمية بالحكومات، ما يحدُّ كثيرًا من استقلاليتها وقدرتها على التوسط في النزاعات على نحو فعّال. وفي المقابل، يلجأ القادة الدينيون -غير الرسميين- إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الفردية للوصول إلى جمهور أوسع، وذلك ما يُفرز دينامية تنافسية تُعَقِّد توحيد الجهود الرامية لبناء السلام[14].

وبالرغم من هذه التحديات، يظل القادة الدينيون عنصرًا مركزيًّا في الحوار بين الأديان وخدمة المجتمع، ولكن ثمة حواجز هيكلية تعوق جهودهم، مثل قلة المنصات الرسمية التي تسمح بالتفاعل والمشاركة مع صناع السياسات. وغالبًا ما تكون هذه التفاعلات نادرة، وتمليها قوى خارجية. إضافة إلى ذلك، يهيمن الذكور على المؤسسات الدينية، ما يَحُدُّ من تنوع الآراء في عمليات صنع القرار[15]. كما أن المخاطر التي تواجه القادة الدينيين المنخرطين في بناء السلام تمثل عائقًا كبيرًا آخر. فمن دون دعمٍ حكوميٍّ كافٍ، يظل هؤلاء القادة عُرضة للتهديدات، ويفتقرون إلى الموارد اللازمة لضمان استدامة تدخلاتهم. كما أن المشهد الاجتماعي السياسي كثيرًا ما يفاقم هذه التحديات، حيث يمكن للفاعلين أن يستغلوا الهويات والانتماءات الدينية لتعزيز سلطتهم. ولا شك في أن إخفاقات القيادة وضعف الحوكمة في دول المنطقة يضعان ضغوطًا إضافية على القادة الدينيين لسد هذه الفجوات، وهي مهمة تزداد صعوبة بسبب غياب الأطر القانونية التي تعالج النزاعات العرقية والدينية[16].

5- الآفاق والتحديات أمام القادة الدينيين في بناء السلام

تبدو آفاق بناء السلام أمام القادة الدينيين واعدة، لكنها في الوقت ذاتِه لا تخلو من تحديات كبيرة. وتُثبت المبادرات الناجحة لبناء السلام، مثل المبادرات آنفة الذكر، قدرة القادة الدينيين على مواءمة مبادئ حقوق الإنسان مع القيم الدينية، ولكن تحقيق هذه القدرة على أرض الواقع يتوقف على معالجة الحواجز النظامية وإنشاء أطر مستدامة للتعاون[17].

وتتطلب معالجة هذه التحديات جهودًا مدروسة ومتواصلة لتمكين القادة الدينيين. ويتمثل أحد الحلول في إنشاء هياكل مؤسسية للتواصل والتفاعل مع صُنّاع السياسات. ويجب أن تكون هذه المنصات شاملة للجميع، بحيث تضمن مشاركة النساء والمجموعات الأقل تمثيلًا، وهو ما من شأنه تنويع وجهات النظر وتعزيز ثقة المجتمع[18]. وإضافة إلى ذلك، من المهم سدُّ الفجوة بين السلطات الدينية الرسمية وغير الرسمية. وفي هذا الإطار فإن المنتديات التشاركية، التي تجمع القادة المرتبطين بالدولة وغيرهم من القادة، يمكن لها أن تعزز الخطابات الموحدة، وتقلل من التنافس الذي يقوّض جهود بناء السلام.

وفيما يخص مواجهة الاستغلال السياسي، ففي سبيل ذلك لا بُدَّ للقادة الدينيين من الحفاظ على استقلاليتهم، مع الاستفادة من الشراكات مع الحكومات والمنظمات الدولية. فعلى سبيل المثال، تُوضح المبادرات المذكورة، مثل إعلان مراكش، كيف يمكن للقيم الدينية أن تتوافق مع أطر الحوكمة وحقوق الإنسان لمواجهة التطرف والدعوة للتعايش. ومع ذلك، يجب أن تصاحب هذه الجهود إصلاحات قانونية وسياسية تعالج قضايا مثل البطالة وصراعات الموارد، التي كثيرًا ما تثير التوترات العرقية والدينية.

ويؤدي التعليم أيضًا دورًا حاسمًا في تعزيز حظوظ القادة الدينيين في بناء السلام. وفي هذا الإطار فإن المبادئ الدينية، التي تركز على التسامح والتعايش وحقوق الإنسان، يمكن إدماجها في المناهج التعليمية بما يصوغ مواقف الأجيال القادمة ويُشكّلها. كما ينبغي للحوارات بين الأديان أن تتجاوز النقاشات النخبوية لتُشرك المجتمعات على مستوى القواعد الشعبية، وذلك ما يعزز الفهم والثقة بين أطيافها المختلفة.

ومن ناحية أخرى، تشكّل مشاركة القادة الدينيين في عمليات إعادة الإعمار بعد النزاعات مجالًا واعدًا آخر. فمن خلال تعبئة الموارد للمساعدات الإنسانية ومشاريع التنمية الاجتماعية الاقتصادية، يمكن لهؤلاء القادة أن يعالجوا الأسباب الجذرية للنزاعات، وأن يعيدوا بناء النسيج الاجتماعي للمجتمعات المتضررة. كما أن دورهم المزدوج -كقادة روحيين ومجتمعيين- يُمَكِّنُهم من الدعوة إلى سياسات لَمّ الشَّمل، التي تدمج المجموعات المهمشة في الإطار الاجتماعي الأوسع، وذلك ما يزيد من تعزيز آفاق تحقيق السلام المستدام.

وبالرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه القادة الدينيين في بناء السلام، فإن قدرتهم على دفع عجلة المصالحة والتماسك الاجتماعي في الشرق الأوسط لا يمكن إنكارها. ومن خلال معالجة الحواجز المؤسسية والسياسية والاجتماعية الاقتصادية، وتعزيز التعاون والشمول، يمكن أن يضطلع هؤلاء القادة بدور تحويلي في النهوض بالسلام في المنطقة. وفي ظل تصاعد الصراعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ينبغي أن نؤكد أهمية هذا الحوار لحل القضايا من خلال استعراض بعض الجوانب الإنسانية لويلات الحروب.

6- الخاتمة

للقادة الدينيين دور كبير في تعزيز السلام والمصالحة في الشرق الأوسط. فمن خلال تبني القيم الأساسية المشتركة بين الإسلام والمسيحية واليهودية، المتمثلة في التعاطف والتسامح والاحترام، يقدم هؤلاء القادة منظورًا فريدًا، قد تعجز القنوات السياسية وحدها عن تقديمه. وبالنظر إلى دراسات الحالة -مثل إعلان الإسكندرية وإعلان مراكش ووثيقة الأُخُوَّة الإنسانية- تتجلَّى الإمكانات التي تمتلكها الدبلوماسية الدينية لخلق الوحدة وتعزيز الحوار، حتى في المناطق التي تعاني من انقسامات عميقة.

وبالرغم من استمرار التحديات، خصوصًا تلك المتعلقة بالمعارضة السياسية والخطابات المتطرفة، فإن المنصات الرسمية للتفاعل الديني يمكن أن تدعم القادة الدينيين في نشر رسالة السلام. ولتسخير هذه الإمكانية، من الضروري توفير الدعم اللازم للقادة الدينيين، من خلال المبادرات التعليمية، وإقرار السياسات التي تعزز بناء السلام على مستوى القواعد الشعبية.

وإذا حصل القادة الدينيون على الدعم المناسب والمنصة المناسبة، فيمكنهم تقديم إسهامات جليلة في بناء شرق أوسط أكثر استقرارًا وانسجامًا، يرتكز على القيم المشتركة، والالتزام برفاه جميع مكوناته المجتمعية. وفي النهاية، من خلال إعطاء الأولوية للحوار بين الأديان، والدعوة إلى التماسك الاجتماعي، فإن الجهود الدينية لبناء السلام ستكون لديها القدرة على الإسهام في تحقيق سلام دائم، في منطقة عانت وما زالت تعاني من صراع طويل الأمد.


[1] Fathom Journal. Interview with Rabbi Michael Melchior. 2018. https://fathomjournal.org/doing-god-or-the-importance-of-religious-peacemaking-an-interview-with-rabbi-michael-melchior/.

[2] Bakaki, Andrew N. The Role of Religion in Leadership for Conflict Resolution and Peace-building. https://www.academia.edu/12702631/The_Role_of_Religion_in_Leadership_for_Conflict_Resolution_and_Peace_building.

[3] Damien, K. “Faith-Based Leadership in Conflict Resolution.” 2009.

[4] Silvestri, Sara, and James Mayall. “Role of Religion in Conflict Peacebuilding.” 2015. https://openaccess.city.ac.uk/id/eprint/14098/7/Role-of-religion-in-conflict-peacebuilding%25282%2529.pdf.

[5] Ibid.

[6] Elamin, Mustafa. “Faith-Based Leadership in Conflict Resolution: Prophet Muhammad’s Role in Conflict Resolution.” https://www.researchgate.net/publication/377910423_Faith-Based_Leadership_in_Conflict_Resolution_The_Practices_of_the_Prophet_Muhammad_PBUH.

[7] United Nations Secretary-General. “Remarks on the Role of Religious Leaders in Peacebuilding.” 2017. https://www.un.org/sg/en/content/sg/speeches/2017-07-18/secretary-generals-role-religious-leaders-peacebuilding-remarks.

[8] The Alexandria Declaration. 2002. https://www.bc.edu/content/dam/files/research_sites/cjl/texts/cjrelations/resources/documents/interreligious/alexandria2002.htm.

[9] Fathom Journal. Interview with Rabbi Michael Melchior. 2018. https://fathomjournal.org/doing-god-or-the-importance-of-religious-peacemaking-an-interview-with-rabbi-michael-melchior/.

[10] United States Institute of Peace. “Understanding and Extending the Marrakesh Declaration in Policy and Practice.” 2016. United States Institute of Peace. “Understanding and Extending the Marrakesh Declaration in Policy and Practice.” 2016.

[11] The Marrakesh Declaration. 2016.

[12] Document on Human Fraternity. For Human Fraternity. 2019. https://www.forhumanfraternity.org/document-on-human-fraternity/.

[13] Ibid

[14] Marrakesh Declaration. United States Institute of Peace, 2016. https://www.usip.org/sites/default/files/SR392-Understanding-and-Extending-the-Marrakesh-Declaration-in-Policy-and-Practice.pdf.

[15] Document on Human Fraternity. For Human Fraternity, 2019. https://www.forhumanfraternity.org/document-on-human-fraternity/.

[16] Religion and Diplomacy. “The Role of Religious Leaders in Peacemaking.” Religion and Diplomacy. November 8, 2021. https://religionanddiplomacy.org/2021/11/08/the-role-of-religious-leaders-in-peacemaking-what-is-needed/.

[17] Bakundi Journal. “Religious Peacebuilding in Nigeria.” Bakundi Journal. 2021. https://www.bakundijournal.com/-/uploads/J%202.pdf.

[18] Religion and Diplomacy. “The Role of Religious Leaders in Peacemaking.” Religion and Diplomacy. November 8, 2021. https://religionanddiplomacy.org/2021/11/08/the-role-of-religious-leaders-in-peacemaking-what-is-needed/.

المواضيع ذات الصلة