Insight Image

زراعة الرقائق الإلكترونية في البشر

21 أبريل 2022

زراعة الرقائق الإلكترونية في البشر

21 أبريل 2022

حاليا أصبح من الصعب، وربما من المستحيل، أن يمر يوم إنسان العصر الحديث، دون أن يستخدم أشباه الموصلات أو الرقائق الإلكترونية (Microchip)، عدة مرات، وربما عشرات المرات في غضون ساعات قليلة.  فبداية من التليفونات المحمولة، ومرورا بأجهزة التلفزيون، وباقي الأجهزة المنزلية مثل الثلاجة والغسالة والفرن، وحتى فرشاة الأسنان الكهربائية، تعتمد جميعها على رقائق إلكترونية لتؤدي وظائفها بشكل سليم، ناهيك طبعا عن أجهزة الكمبيوتر المكتبية والمحمولة. بل أصبحت السيارات الحديثة مجرد أجهزة كمبيوتر على أربع عجلات، متصل بها محرك احتراق داخلي، كون السيارات الحديثة تحتوي على العشرات من الرقائق الإلكترونية، التي تتحكم في جميع الوظائف التي يمكن للسيارة أن تقوم بها.

وعلى حسب آخر البيانات والإحصائيات، بلغت مبيعات صناعة أشباه الموصلات عام 2021، أكثر من 555 مليار دولار، هذا بالإضافة إلى أن أشباه الموصلات تعتبر حجر الأساس في صناعة الإلكترونيات، والتي تضم شبكات نقل الطاقة الكهربائية بقيمة مبيعات سنوية 216 مليار دولار، وتضم أيضا صناعة الأجهزة الإلكترونية للمستهلك العادي بقيمة مبيعات سنوية بلغت 2.9 تريليون دولار. ويُقدر أن قيمة مبيعات الصناعات التكنولوجية بوجه عام تتخطى حاليا 5 تريليون دولار، بينما بلغت قيمة مبيعات التجارة الإلكترونية عام 2017 أكثر من 29 تريليون دولار، وهي جميعها صناعات ونشاطات اقتصادية تعتمد بشكل أساسي على رقائق الكمبيوتر.

وكتسلسل طبيعي لغزو الرقائق الإلكترونية تقريبا لجميع جوانب الحياة الإنسانية الحديثة، أصبح جسد الإنسان هو الهدف والمقصد التالي. وبالفعل تمت زراعة رقائق إلكترونية، من نوع المعروف بنظم تحديد الهوية باستخدام موجات الراديو (Radio-frequency identification)، أو اختصارا (RFID). هذه الرقائق والتي تزرع تحت الجلد، تحتوي على رقم مسلسل مميز وفريد، متصل بقاعدة بيانات خارجية، تحتوي مثلا على المستندات الشخصية والأوراق الثبوتية، أو على السجل الطبي والأدوية والعقاقير التي يتناولها الشخص، أو على السجل الجنائي، أو مجرد بيانات العنوان ورقم التليفون وأسماء ذوي القربى. وبالتالي يمكن لأفراد الطاقم الطبي الحصول على كامل التاريخ المرضى والعقاقير والأدوية لشخص ما أدخل لقسم الطوارئ في غيبوبة، أو بعد حادث سير خطير.

 ويأمل العلماء أن يتم توسيع مدى ونطاق استخدام الرقائق الإلكترونية في التشخيص والعلاج، كتلك التي يتم إيصالها بشكل مباشر إلى المخ أو زراعتها في القشرة المخية، وتعرف بالزرعات العصبية (Neural Implants). وترتكز جهود الباحثين حاليا على تخليق جهاز استعاضة عصبي، يمكنه تخطّي مناطق عطبة في المخ، إما نتيجة لسكتة دماغية أو إصابة دماغية شديدة، ويمكن نظريا أيضا لمثل هذه الزرعات، استعادة حاسة فقدت، مثل حاسة الرؤية. كما يتواجد اتجاه علمي آخر، يبحث في خلق واجهة تفاعلية بين الجهاز العصبي للإنسان وبين أجهزة الكمبيوتر (brain-computer interface)، والذي يمكن من خلاله أن يتحكم الشخص في جميع الأجهزة الذكية المحتوية على رقائق إلكترونية من خلال نبضات عصبية.

 وبعيدا عن الاستخدامات الطبية، والتطبيقات الأخرى العملية الأخرى المتعددة، يبقى السؤال القائم هو ما إذا كان زراعة رقائق الكمبيوتر في البشر، سيجعل العالم الذي نعيش فيه أكثر أمنا؟ مؤيدو هذا الاتجاه يضربون مثالا بالاستخدامات الشرطية، حيث يمكن لرجال الشرطة عند إيقاف شخص مشتبه به، الاطلاع على تاريخه الجنائي بمجرد قراءة الرقيقة المزروعة تحت جلده، أو تعقب المجرمين مهما حاولوا الاختباء، أو تأكيد صحة بيانات الشخص عند دخوله للبلاد وعبوره للحدود. وعلى الجانب الآخر، يرى المعارضون أن هذه الفكرة ستصبح كابوسا، بتبعات سلبية عديدة، الكثير منها لا يمكن توقعه حاليا. وأهم مصادر قلق هذا الفريق، هو فقدان الخصوصية، أو احتمال أن يتمكن “هاكر” من اختراق الرقيقة الإلكترونية لشخص ما، فسيصبح متاح له حينها جميع بيانات ووثائق هذا الشخص، بما في ذلك بياناته البنكية وممتلكاته، وسجلّه الطبي والشخصي كاملا.

المواضيع ذات الصلة