Insight Image

قراءة في مقابلة الأسد مع قناة “سكاي نيوز عربية”

10 أغسطس 2023

قراءة في مقابلة الأسد مع قناة “سكاي نيوز عربية”

10 أغسطس 2023

أجرت قناة “سكاي نيوز عربية” أمس لقاءً خاصًا مع الرئيس السوري بشار الأسد في قصر المهاجرين بدمشق، تناول خلاله العديد من القضايا وآخر المستجدات. وتحدث الأسد خلال اللقاء عن الكثير من القضايا الداخلية والخارجية، الإقليمية والدولية، وأوضح موقف بلاده منها، مثل الحرب التي عانت منها سوريا، ولا تزال، وقضية المعارضة، وعودة اللاجئين، وتجارة المخدرات، والعلاقة مع تركيا وحركة حماس، والموقف من الولايات المتحدة وإسرائيل.

وقد حظيت المقابلة باهتمام كبير، بالنظر إلى أنها المقابلة الأولى للرئيس الأسد منذ فترة طويلة، بالإضافة إلى أنه كان حريصًا على الإجابة – بوضوح تام – على مختلف الأسئلة التي وُجهت إليه، سواء فيما يتعلق بالقضايا الداخلية أو القضايا الخارجية، الأمر الذي أزال كثيرًا من الغموض عن العديد من مواقف سوريا من مختلف التطورات الإقليمية والدولية. ويمكن تناول القضايا التي أثيرت أثناء الحوار وفق ما يلي:

أولًا: القضايا الداخلية: –

شغلت قضايا الداخل السوري وتطوراتها في سوريا منذ اندلاع الأزمة حيزًا مهمًا في المقابلة التلفزيونية، حيث كان الرئيس الأسد حريصًا على توضيح بعض النقاط المهمة، ومنها أنه حَمَّل الدول التي دعمت المعارضة مسؤولية ما حدث في بلاده، وأكد على أن محاربة تجارة المخدرات هي بالأساس مصلحة سورية، وعزا عدم عودة اللاجئين إلى الدمار الحادث وغياب البنية التحتية.

1- الأزمة في سوريا:

عَبَّر الرئيس الأسد عن موقفه السابق فيما يتعلق بالحرب التي عانت منها بلاده على مدار عقد من الزمن، وقال إنه كان من الممكن تفاديها، ولكن ذلك كان سيكلف البلاد ثمنًا باهظًا، مؤكدًا أن رؤيته ارتكزت خلال هذه الحرب على الدفاع عن المصالح السورية ومحاربة الإرهاب. وشدد الأسد على أن خيار التنحي عن السلطة لم يكن مطروحًا على الإطلاق، بسبب وعي الدولة بوجود ما وصفه بـ “الخطة” التي كانت تُعَوِّل على سيناريوهات القذافي وصدام لإيجاد حالة من الرعب. وقال إن ذلك لم يكن يخيفهم، بسبب الدعم الشعبي الكبير، مشيرًا إلى أن من كانوا يطالبونه بالتنحي في الداخل قلة، لا يتجاوز عددهم ١٠٠ ألف شخص. وان هذه المطالب جاءت بضغوط خارجية، معتبرًا أن الاستجابة لها كان سيعد “هروبًا”.

2- المعارضة:

تحدث الرئيس الأسد عن موقفه من المعارضة، مؤكدًا في البداية أنه يرى أن وجودها أمر طبيعي، بالنظر إلى أنه من الطبيعي أن يختلف الأفراء في رؤاهم لكل الأمور، وفي هذا الصدد قال: “المعارضة شيء طبيعي، ونحن بشر، نختلف في الآراء داخل المنزل الواحد.. فكيف لا نختلف على مستوى الوطن تجاه الكثير من القضايا”. لكن الأسد كان واضحًا حينما أكد أنه لا يعترف إلَّا بالمعارضة المصطنعة داخليًا، التي تمتلك الوعي الوطني والنية الوطنية الصادقة، ولكن ليس تلك التي وصفها بأنها مصطنعة خارجيًا، وتعمل وفق أجندات لصالح جهات أجنبية.

3- الإرهاب:

لم ينكر الأسد مقتل الكثير من المدنيين في الحرب، ولكنه رفض الاتهامات الموجهة للدولة في هذا الشأن، وحَمَّل المسؤولية للجماعات الإرهابية التي كانت الدولة السورية تقاتلهم.

4- عودة اللاجئين:

أقر الرئيس الأسد بمشكلة اللاجئين، ولكنه عزا عدم عودتهم حتى الان إلى انعدام توفر الظروف المناسبة، خاصة البنية التحتية، ونفى أن يكون السبب هو خوف اللاجئين من الدولة، حيث أكد أن من بين نحو نصف مليون مواطن عادوا إلى البلاد لم يتم سجن أي شخص منهم، مشيرًا في هذا الصدد إلى العفو العام الذي أصدره، وأكد أن هناك حوارًا يجري مع الأمم المتحدة حول اللاجئين وكيفية عودتهم.

5- تجارة المخدرات في سوريا:

كان لافتًا حرص الرئيس الأسد على توضيح الصورة حول ما يُشاع ويتردد في هذا الأمر، إذ أكد بدايةً أن الدولة السورية لا تدعم تجارة المخدرات، وأنها متحمسة للتعاون مع مختلف الدول للقضاء على هذه التجارة. وذكر الرئيس السوري أن هذه المشكلة كانت موجودة من قبل، لكنها ازدهرت خلال الحرب في ظل انشغال الدولة بمحاربة الإرهاب، وحَمَّل مجددًا الدول التي قال إنها خلقت الفوضى في سوريا المسؤولية عن تفاقم هذه التجارة ، وذكر بوضوح تام أنه “لدينا مصلحة مشتركة مع الدول العربية في القضاء على تجارة المخدرات”.

6- مستجدات الداخل السوري:

تطرق الرئيس الأسد إلى تطورات الوضع الداخلي في سوريا، حيث أكد أن بلاده تعاني من وضع اقتصادي صعب، وبِنية تحتية مدمرة، ولكنه أكد أنها تمكنت بعدة طرق من تجاوز قانون قيصر، حيث لم يَعُدْ يمثل عقبة كبرى، بينما اعتبر أن الزمن هو العقبة الرئيسية، حيث من السهل هدم العلاقات الاقتصادية، ربما في أسابيع أو أشهر، ولكن استعادتها تحتاج إلى سنوات، واعتبر أن صورة الحرب تمنع أي مستثمر من القدوم للتعامل مع السوق السورية.

7- التعامل مع المظاهرات:

أكد الرئيس الأسد قناعته بالطريقة التي تم التعامل من خلالها مع المظاهرات عند بدايتها، وقال إن “المظاهرات التي سُميت سلمية تعاملنا معها في البداية على أنها سلمية، واستمر الأمر كذلك رغم أننا كنا نعلم أنها غير سلمية”. وأوضح أنه كان يعلم أن الكثير من الجماعات الإخوانية وغيرهم قد تسللوا إلى المظاهرات وبادروا بإطلاق النار على الشرطة، ورغم ذلك استمر التعامل السلمي مع المظاهرات.

8- مستقبل حافظ الابن السياسي:

نفى الرئيس الأسد أي علاقة لابنه حافظ بالسياسة، وقال إنه لا يناقش معه قضايا الحُكم، وإنه لا يفضل ولا يرغب بمناقشة مثل هذه التفاصيل معه، لا الآن ولا لاحقًا، وأن العلاقة بينهما هي علاقة عائلية. وقال – بالنسبة له – إن الرئيس الراحل حافظ الأسد لم يكن له أي دور في أن يصبح رئيسًا، وإنما جرى ذلك عبر الحزب، مؤكدًا أن والده لم يناقش معه هذه النقطة حتى في الأسابيع الأخيرة من حياته.

ثانيًا: القضايا الخارجية: –

حظيت قضايا السياسة الخارجية والموقف من بعض الدول بحيّز مهم في المقابلة أيضًا، حيث تحدث الرئيس الأسد بوضوح تام عن موقفه وموقف بلاده من هذه القضايا، وذلك على النحو التالي: –

1-العلاقات العربية- العربية:

 لم يُبْدِ الرئيس الأسد تفاؤلًا بشأن مستقبل العلاقات مع الدول العربية، ووصف العلاقات العربية – العربية بأنها “شكلية”، حيث لا يتم خلالها طرح حلول عملية للقضايا والمشكلات التي تواجه العرب، وقال إنه ما دام لا يوجد حلول للمشاكل فإن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ستبقى شكلية. وحرص الأسد على أن يوضح أن بلاده لم تكن المسؤولة عن إبعادها عن محيطها العربي، حين قال “لم نبدأ القطيعة مع الدول العربية، ولم نقم بأي عمل ضد أية دولة عربية”. واعتبر أن مشكلة العرب تكمن في أن العلاقات بينهم لا تقوم على أسس مؤسساتية، مشيرًا إلى أن الجامعة العربية لم تتحول بعد إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي.

2- العلاقة مع تركيا:

ردًا على التقارير التي ترددت حول لقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أوضح الرئيس الأسد أن الظروف لم تحن بعد لعقد هذا اللقاء، موضحًا ضرورة انسحاب تركيا من الأراضي السورية، ووقف هجمات الجماعات الإرهابية في الشمال السوري. وشكك الأسد في نيات أردوغان من الجلوس معه، حين اعتبر أن هدف الرئيس التركي من الجلوس معه ليس إلَّا “شرعنةً” للاحتلال التركي للأراضي السورية؛ لذا فهو غير مستعد للقاء مع الرئيس التركي تحت شروطه.

وحرص الرئيس الأسد الرد على تصريحات الرئيس أردوغان التي تحدث فيها مرارا بأن الانسحاب التركي لن يتم من سوريا مادام هناك إرهاب يهدد الدولة التركية، قائلًا “الحقيقة، الإرهاب الموجود في سورية هو صناعة تركية، جبهة النصرة، أحرار الشام هي تسميات مختلفة لجهة واحدة كلها صناعة تركية وتمّول حتى هذه اللحظة من تركيا، إذن عن أي إرهاب يتحدث”.

3- الموقف من الولايات المتحدة:

أكد الرئيس الأسد وجود حوار مع الولايات المتحدة منذ سنوات، ولكنه لم يسفر عن أي نتائج. وموضحًا أن “الجانب الأمريكي يطلب ويأخذ ولا يعطي شيئًا”، معبرًا في هذا الصدد عن تشاؤمه بشأن تحقيق أي نتائج من المفاوضات مع الولايات المتحدة، حيث قال “ليس لدينا أي أمل في تحقيق أي نتائج من المفاوضات مع الولايات المتحدة”.

4- السلام مع إسرائيل:

نفى الرئيس الأسد تلقي أيّ عروضٍ أمريكية لإقامة علاقات مع إسرائيل، وأكد موقف بلاده من عملية السلام، وأنه ثابت وواضح منذ عام 1990، حيث اعتبر أن الحديث عن هذا الأمر مضيعة للوقت ما لم تكن إسرائيل مستعدة لإعادة الأراضي السورية المحتلة.

5- الموقف من حركة حماس:

تحدث الرئيس الأسد بصراحة عن موقفه من حركة حماس، حيث اعتبر موقفها من الحرب في بلاده بأنه كان “مزيجًا من الغدر والنفاق”، ونفى طلب دمشق من الحركة الدفاع عن سوريا، مؤكدًا عدم وجود أي مكاتب لها في سوريا في الوقت الراهن، وأن العلاقات معها “لا يمكن أن تعود كما كانت عليه في السابق”. وسيتم التعامل معها ضمن المبدأ العام: “نحن نقف مع كل طرف فلسطيني يقف ضد إسرائيل لكي يسترد حقوقه”

6- الأزمة اللبنانية:

نأي الرئيس الأسد ببلاده عن الوضع في لبنان، حيث أكد أن بلاده لم تتدخل في الأزمة الحالية هناك، وأنها لا تدعم أي مرشح، ولا تقف في الوقت نفسه ضد أي مرشح. واعتبر أنه لا يمكن لأي طرف خارجي أن يساعد في حل الأزمة اللبنانية دون إرادة من اللبنانيين أنفسهم.

وبرغم تأكيدات الرئيس الأسد في هذا المجال، إلا أن ذلك لا يعني أن سوريا ستكون بعيد عن في لبنان؛ ولكنها تُعَوِّل – كما يبدو – على ما يقوم به الإيرانيون عبر حزب الله، حيث يدعمون المرشح المقرب لسوريا، وهو سليمان فرنجية.

7- التحالفات الخارجية: عَبَّر الأسد عن رغبته في تعزيز علاقات بلاده بالمحيطين الإقليمي والدولي، واعتبر أن سوريا قد أحسنت اختيار حلفائها، وقال إن العلاقة مع روسيا ومع إيران أثبتت أن دمشق تعرف كيف تختار أصدقاءها بشكل صحيح، وهو ما يشير إلى أن هذه العلاقات ستستمر، وأنه لا توجد أي رغبة في التخلي عنها.

 

 

المواضيع ذات الصلة