Insight Image

قراءة في نتائج الانتخابات العراقية 2025: محدِّدات وسيناريوهات تشكيل الحكومة الجديدة

15 نوفمبر 2025

قراءة في نتائج الانتخابات العراقية 2025: محدِّدات وسيناريوهات تشكيل الحكومة الجديدة

15 نوفمبر 2025

قراءة في نتائج الانتخابات العراقية 2025: محدِّدات وسيناريوهات تشكيل الحكومة الجديدة

تأسست العملية السياسية في العراق بعد عام 2003 على أساس نظام المكونات (شيعي، وسنّي، وكردي). وبرغم نصّ الدستور الذي أُقرّ في عام 2005 والمتعلق بالتداول السلمي للسلطة والانتقال إلى النظام البرلماني، فإن التجربة أفرزت خطًّا بنيويًّا تَمثّل في “المحاصصة والتوافق السياسي”، وهذا المنهج ارتكز على هاجس حفظ حقوق المكونات، لكنه تحوّل إلى متلازمة فشل لكلٍّ من الحكومات ومؤسسات الدولة؛ لأنه أدى إلى تغليب منطق المكون على مبدأ المواطنة، وإلى ضعف الأداءَين الحكومي والتشريعي.

وبعد خمس دورات تشريعية وتنفيذية، شهدت الانتخابات التشريعية الأخيرة تعديلًا جذريًّا في قانون الانتخابات (مارس 2023)، حيث عاد البرلمان إلى نظام الدوائر الواسعة (المحافظة كدائرة واحدة) واعتماد نظام “سانت ليغو” المعدل. وقد جاء هذا التعديل بالتوازي مع قرار التيار الصدري مقاطعةَ الانتخابات، وضعف أداء البرلمان الخامس، لكن ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات، التي تجاوزت 56 في المئة، أسس لمرحلة جديدة من هيمنة القوى التقليدية، وتجميع المقاعد، وتركيز مركزية إدارة الجلسات مع تراجع كبير للمستقلّين الذين كان عددهم يتجاوز 60 مقعدًا في البرلمان الخامس، وكانوا عاملًا للضعف والتشتّت داخل المؤسسة التشريعية.

تأتي هذه الدراسة لتحليل دلالات ومعطيات النتائج في تكوين البرلمان السادس، وتأثيرها على خريطة التحالفات السياسية وموقف القوى العراقية، ولاسيّما فرص رئيس الوزراء المنتهية ولايته، محمد شياع السوداني، لتولّي ولاية ثانية. وتم تناول موضوع هذه الورقة البحثية عبر ثلاثة مباحث: الأول، الإطاران القانوني والسياسي للانتخابات؛ والثاني، عوامل الحسم في تشكيل الحكومة واختيار الرئاسات الثلاث؛ والثالث، خيارات القوى السياسية في تشكيل التحالفات الجديدة، ومشاهد المستقبل.

المبحث الأول: البيئة القانونية والسياسية للانتخابات

منذ أن هدأت عاصفة احتجاجات تشرين الشعبية، التي اندلعت في خريف عام 2019، تَغيَّرت الكثير من قواعد اللعبة السياسية، وأُجريت أول انتخابات مبكرة عام 2021 أسفرت عن تنافس شديد بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، مع بروز مجموعة قوى سياسية ناشئة وعدد كبير من المستقلّين لأول مرة في تاريخ مجلس النواب. وبعد مخاض طويل، نجح الإطار التنسيقي في تشكيل حكومة، برئاسة محمد شياع السوداني، كان من أبرز مهامها إجراء الانتخابات النيابية للدورة البرلمانية السادسة التي كان لها مقدّمات قانونية وسياسية ربّما يكون لها دور جوهري في تحديد خيارات الناخب، ونتائج الانتخابات، ومن أبرزها:

أولًا: العوامل القانونية

عادةً ما يسبق كل دورة انتخابية في العراق تهيئةٌ للبيئة التشريعية التي تنظم الانتخابات، ولاسيّما تعديل قانون الانتخابات وتشكيلة المفوضية وأسلوب الاقتراع، وفقًا لخبرة من الممارسات والإجراءات في التجارب السابقة. وقد سبقت هذه الانتخابات إجراءاتٌ تخصّ البيئة القانونية، من أبرزها:

  1. تعديل قانون الانتخابات

لم يستقرّ للانتخابات العراقية قانون واحد؛ فكانت القوانين الانتخابية تتغير قبل كل دورة انتخابية. وفي مارس 2023، أقرّ البرلمان العراقي تعديلات جوهرية على قانون الانتخابات رقم 12 لسنة 2018. ومن أبرز هذه التعديلات:

  • العودة إلى اعتبار كل محافظة بحدودها الإدارية دائرة انتخابية واحدة؛ أي اختصار العراق إلى 18 دائرة انتخابية بدلًا من تقسيم المحافظات العراقية إلى 83 دائرة انتخابية صغيرة ومتعددة، وهو النظام الذي طُبّق فعليًّا في انتخابات تشرين 2021 ([1]).
  • العودة إلى تطبيق نظام سانت ليغو المعدل؛ وهو النظام الذي يمنح الامتياز للأحزاب الكبيرة والقوائم المنظمة على حساب المرشحين المستقلّين، حيث ينصّ على تقسيم الأصوات لكلّ قائمة على الأعداد التسلسلية 1.7، 3، 5، 7، 9.. إلخ، وبعدد مقاعد الدائرة الانتخابية ([2]). ففي انتخابات 2014، تم اعتماد سانت ليغو المعدل (1.6) ثم تم تغييرها لاحقًا في التعديل الأول للقانون بتاريخ 24 يناير 2018، وأصبحت الأصوات تقسّم على (1.7)، بدلًا من (1.6)؛ وهو ما لم يستخدم في أي برلمان من برلمانات العالم حتى سمّي (سانت لاغو على الطريقة العراقية) الذي تخلّت عنه المفوضية في انتخابات الدورة الخامسة 2021، وعادت إلى استخدامه في انتخابات الدورة السادسة التي جرت في 11/11/ 2025 ([3]).
  1. الجدل القضائي حول شرعية موعد الانتخابات:

أثار رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، جدلًا واسعًا وتساؤلات كبيرة عندما أعلن أن موعد الانتخابات مخالف للدستور. وقال زيدان، في مقال نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”، قبل يومين من إجراء الانتخابات: “إن تحديد 11 نوفمبر 2025 موعدًا لإجراء الانتخابات البرلمانية يمثل مخالفةً صريحةً؛ لأنه لا يستند إلى أي نصّ دستوري أو قانوني”، وهذا التصريح يذكّر القوى السياسية بعلوية القضاء، وقدرته على تغيير قواعد اللعبة ([4]).

ثانيًا: العوامل السياسية

تميزت هذه الانتخابات بأنها جرَت في ظل ظروف داخلية وخارجية مختلفة عن الانتخابات التي سبقتها، ويمكن تحديد أهم العوامل السياسية المحيطة بانتخابات 2025 فيما يلي:

  • مقاطعة التيار الصدري: منذ انسحابه من العملية السياسية في البلاد وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة، وفقَ ما أعلنه في يونيو 2022، جدّد “الصدر” موقفه في أكثر من مناسبة، وقد دعا -عشية الانتخابات- إلى “رفض الفساد ومقاطعة المفسدين”، مؤكدًا عبارة “مقاطِعون” ([5]).
  • فشل تجربة النواب المستقلّين: حاز “المستقلّون” 60 مقعدًا في البرلمان الخامس عام 2021، ولكن أفعالهم قبل الانتخابات وبعدها أثارت علامات استفهام على صفتهم “المستقلّين” ([6])؛ وهم الذين جاؤوا من خارج منظومة الأحزاب التقليدية، وحمَلوا وعودًا كبيرة بالتحرّر من قيود المحاصصة الطائفية والعرقية، وبإعادة الاعتبار للهوية الوطنية الشاملة. لكن مع مرور الوقت، انجرف الكثير منهم تدريجيًّا نحو سلطة المحاصصة التي وعدوا الناس بإنهائها ([7]).
  • التحالفات السياسية الجديدة: تغيّرت الخريطة السياسية قبيل انتخابات 2025، ليس مع غياب التيار الصدري، وإنما بظهور تحالفات قوية جديدة، كان الأبرز فيها ائتلاف الإعمار والتنمية، بقيادة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، وهذا التحالف يعكس محاولة من “السوداني” لتركيز دعم مناطقي وتحالفات برلمانية من مختلف الأطياف؛ من أجل ضمان بقائه في السلطة، أو تأمين أغلبية قوية بعد الانتخابات، ويضم كلًّا من تيار الفراتين، الذي كان يتزعمه السوداني في انتخابات 2021، وتحالف العقد الوطني وائتلاف الوطنية، وتحالف إبداع كربلاء، وتجمّع بلاد سومر، وتجمّع أجيال، وتحالف حلول الوطني ([8]).

المبحث الثاني: عوامل الحسم في تشكيل الحكومة واختيار الرئاسات الثلاث

تُعدّ عملية تشكيل الحكومة العراقية بعد الانتخابات مزيجًا معقّدًا من المفاوضات الداخلية والضغوط الخارجية، حيث لا تقتصر على عدد المقاعد البرلمانية، وإنما تتأثر أيضًا بشبكة من الفواعل التي تتدخل في رسم الخريطة النهائية.

أولًا: الفواعل الداخلية ضمن المنظومة السياسية

بعد إعلان نتائج الانتخابات تشكّلت خريطة جديدة من الكتل السياسية داخل البرلمان. وقد أظهرت النتائج تقدُّمًا واضحًا للأحزاب التقليدية، وغيابًا للمستقلّين والتشرينيّين (نواب احتجاجات تشرين) والحركات المدنية، وفق الآتي:

1- الساحة الشيعية: أظهرت النتائج تقدُّمًا واضحًا لائتلاف رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بحصوله على 45 مقعدًا، وهي نتيجة متوقعة، أو ربّما تكون أقل من التوقعات؛ لأن قائمة رئيس الوزراء تحصد -عادة – النسبة أكبر من الأصوات. وحافظ ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، على مساحته البرلمانية، بحصوله على 29 مقعدًا. لكن المفاجأة جاءت من صعود كتلة “صادقون”، بقيادة قيس الخزعلي، إلى 27 مقعدًا بعد أن كانت 15 مقعدًا، وقوى الدولة، الذي يقوده عمار الحكيم، بحصوله على 18 مقعدًا، بعد أن كانت حصته 4 مقاعد، ومنظمة بدر التي حصلت على 18 مقعدًا بعد أن كان لها مقعدان، إضافةً إلى تحالف الأساس، الذي تشكّل خلال الدورة البرلمانية الخامسة بزعامة محسن المندلاوي.

إن هذه النتائج تعطي مرونة لقوى الإطار التنسيقي لتشكيل الكتلة الأكثر عددًا، ولاسيّما أن هذه القوى تمتلك تفاهمات مسبقة وخبرة في إدارة التحالفات أكثر من التي تمتلكها كتلة رئيس الوزراء المُشكَّلة حديثًا. وتسعى قوى الإطار التنسيقي للحفاظ على مبدأ التوافق كآلية وحيدة لتشكيل الحكومة؛ لضمان مشاركة جميع الأطراف، وأن يكون رئيس الوزراء من بين الخيارات المعتمَدة توافقيًّا.

جدول رقم (1) توزيع المقاعد على الكتل الشيعية

اسم التحالف رئيس التحالف عدد المقاعد
الإعمار والتنمية محمد شياع السوداني 45
دولة القانون نوري المالكي 29
صادقون قيس الخزعلي 28
تحالف قوى الدولة عمار الحكيم 18
منظمة بدر هادي العامري 18
تحالف خدمات شبل الزيدي 9
تحالف الأساس محسن المندلاوي 8
إشراقة كانون حيدر المطيري 8
حقوق حسين مؤنس 6
تصميم عامر الفايز 6
أبشر يا عراق همام حمودي 4

المصدر: جريدة الشرق الأوسط 13 نوفمبر 2025، المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات.

2- الساحة السنّية: حافظ تحالف “تقدُّم”، بزعامة رئيس مجلس النواب السابق، محمد الحلبوسي، على تصدّره بعد أن حقق نتائج مهمة في بغداد والمحافظات الغربية، تلاه تحالف “عزم”، الذي يتزعمه مثنى السامرائي، الذي شكّل تفوّقه على تحالف السيادة، بزعامة خميس الخنجر، مفاجأة لكثير من المراقبين. ويمتلك محمد الحلبوسي خبرات تفاوضية عالية، وعلاقات مع قوى الإطار التنسيقي، ومع رئيس الوزراء، محمد شياع السوادني، لكن علاقاته متوترة مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود برزاني. ورغم إعلان “الحلبوسي” رغبته في تولّي منصب رئيس الجمهورية، فإن من المستبعد أن يخرج عن السياقات السنّية بالاحتفاظ بمنصب رئيس مجلس النواب، وتأمين الدعم الحكومي لمشاريع إعادة الإعمار في المحافظات المحرّرة، والتركيز على الملفَّين الاقتصادي والخدمي.

جدول رقم (2) توزيع المقاعد على الكتل السنّية

اسم التحالف رئيس التحالف عدد المقاعد
تحالف تقدُّم محمد الحلبوسي 28
تحالف عزم مثنى السامرائي 15
تحالف السيادة خميس الخنجر 9
تحالف الحسم ثابت العباسي 7
تحالف قمم خالد بتال النجم -الحلبوسي 3
الأنبار هويّتنا علي فرحان الدليمي – الحلبوسي 3
نينوى لأهلها عبدالله عجيل الياور 3

المصدر: جريدة الشرق الأوسط 13 نوفمبر 2025، المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات.

3- الساحة الكردية: حافظ الحزب الديمقراطي الكردستاني على تفوّقه بحصوله على 27 مقعدًا، تلاه منافسه التقليدي، الاتحاد الوطني الكردستاني، بحصوله على 17 مقعدًا، ثم الأحزاب الأخرى. ووفق الجدول رقم (3)، فإن القوى الكردستانية تسعى إلى ضمان بقاء منصب رئيس الجمهورية للبيت الكردي، والحصول على ضمانات دستورية وقانونية تتعلق بحصة إقليم كردستان من الموازنة الوطنية والنفط “بحسب المادة 140”.

جدول رقم (3) توزيع المقاعد على الكتل الكردية

اسم التحالف رئيس التحالف عدد المقاعد
الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني 27
الاتحاد الوطني الكردستاني بافيل طالباني 17
الموقف الوطني علي حمه صالح 5
الاتحاد الإسلامي-الكردستاني صلاح الدين محمد بهاء الدين 4
الجيل الجديد ساشوار عبدالواحد 3

المصدر: جريدة الشرق الأوسط 13 نوفمبر 2025، المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات.

ثانيًا: الفواعل العراقية المؤثرة خارج المنظومة السياسية

هناك ثلاثة فواعل رئيسية عراقية من خارج العملية السياسية؛ هي: المرجعية الدينية، والتيار الصدري بعد انسحابه من البرلمان، والمؤسّسة القضائية، ولاسيّما بعد تنامي دور القاضي فائق زيدان، وهذه الفواعل هي جهات غير برلمانية، لكنها تمتلك تأثيرًا معنويًّا أو سياسيًّا أو قانونيًّا يفوق في بعض الأحيان قوة الكتل السياسية الفائزة.

  1. المرجعية الدينية (آية الله العظمى السيد علي السيستاني)

لعبت المرجعية الدينية في النجف الأشرف دورًا أساسيًّا في رعاية العملية السياسية منذ مطالبتها بكتابة دستور وطني للعراق، وموقفها من الاحتلال ومن مواجهة الإرهاب بفتوى الجهاد الكفائي. وقد كان للمرجعية دور في منع الولاية الثالثة لرئيس الوزراء، نوري المالكي، عام 2014، رغم حصوله على أكثر من 100 مقعد في البرلمان، وكذلك دورها في إجبار حكومة عادل عبدالمهدي على الاستقالة بعد احتجاجات تشرين، عام 2019 ([9]).

ولا تتدخل المرجعية بشكل مباشر في ترشيح الأسماء، ولكن دورها حاسم في تحديد السقوف والمعايير الأخلاقية والوطنية للحكومة. ورغم تحفّظها على الأداء الحكومي والبرلماني، خلال السنوات الأخيرة، فإنها شجعت الجميع على المشاركة الواعية والمسؤولة في الانتخابات؛ كونها الطريق الأسلم للعبور بالبلد إلى مستقبل أفضل، مع تأكيد أنها لا تساند أيّ مرشح أو قائمة انتخابية على الإطلاق ([10]).

  1. التيار الصدري

يتمتع السيد مقتدى الصدر بنفوذ اجتماعي وسياسي وديني كبير، يتمكن من خلاله من الضغط على القوى السياسية من خلال قاعدته الشعبية الكبيرة. وقد تمكن “الصدر” من فرض إرادته على القوى السياسية في أكثر من مناسبة باستخدام الضغط الشعبي، واحتفظ التيار الصدري -بعد انسحابه من البرلمان والعملية السياسية- بكونه قوة معارضة جماهيرية فعالة قادرة على التظاهر والحشد؛ ما يشكّل تحدّيًا دائمًا لشرعية الحكومة التي يشكلها الإطار التنسيقي أو أي تحاف آخر، ومن المحتمل أن يتم إشراك الصدر في ترتيبات اختيار رئيس الوزراء القادم.

  1. المؤسسة القضائية

لعب القضاء في العراق دورًا دستوريًّا حاسمًا في حفظ التوازن بين القوى السياسية المتصارعة في أصعب الظروف، وللقضاء العراقي دور مهمّ في تفسير النصوص الغامضة، مثل تفسير المحكمة الاتحادية العليا لمفهوم “الكتلة الأكبر”، الذي أسهم في تغيير قواعد العبة السياسية، وكذلك في فضّ النزاعات الدستورية، وفي الإشراف على مراحل الانتخابات والتصديق النهائي على النتائج. ويتمتع القاضي فائق زيدان بنفوذ وتأثير كبيرين في المشهد السياسي العراقي. وقد دعا القوى السياسية إلى استثمار اليوم الأول من كل مرحلة دستورية، وعدم الانتظار إلى نهاية المدد القصوى للانتهاء من انتخاب رئيس المجلس ورئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء في الأيام الأولى؛ لجعل الحكومة الجديدة ترى النور في مطلع يناير 2026 بدلًا من مارس من العام ذاته ([11]).

ثالثًا: الأبعاد الإقليمية والدولية (عوامل الضغط والموازنة)

تؤثر القوى الخارجية بشكل كبير على خيارات القوى السياسية العراقية، خصوصًا في اختيار الشخصيات المعتدلة والمقبولة دوليًّا. ورغم التأثير الكبير للفاعل الخارجي في تشكيل الحكومات العراقية خلال الدورات البرلمانية السابقة، فإن الدور سيكون أكبر في هذه الدورة البرلمانية؛ بفعل التغييرات الإقليمية والدولية، وسياسة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يسعى لتعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة.

  1. الفواعل الإقليمية: إيران وتركيا ودول الخليج
    • الفاعل الإيراني: تمثل إيران أهم الفواعل الخارجية وأكثرها تأثيرًا في تشكيل الحكومات؛ نتيجة قوة حلفاء وأصدقاء طهران، الذين يشكّلون معظم قوى الإطار التنسيقي، إضافة إلى الاتحاد الوطني الكردستاني، وقوى مسيحية وسنّية أخرى. ولكن الدور الإيراني تراجع بعد اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، وبعد التغيير في موازين القوى عقِب 7 أكتوبر وحرب غزة. وتمارس طهران تأثيرًا على قوى الإطار التنسيقي؛ لضمان تماسكها، وتشكيل حكومة تحافظ على الاستقرار والتوازن في المصالح والنفوذ. ومع ذلك، من غير المرجح أن تدخل إيران في صراع مع الولايات المتحدة، استنادًا إلى ما حدث في الفترات السابقة.
    • الفاعل التركي: كان دور الفاعل التركي يتركز على الجانبَين الاقتصادي والطاقة، وفي مناطق النفوذ السنّي والكردي الشمالية. ولكن هذا الدور أخذ يتّسع، ولاسيّما بعد دخول القوات التركية إلى شمال العراق، حيث تُعدّ تركيا العراق جزءًا من أمنها القومي. وعادةً ما يلعب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دورًا في جمع القوى العراقية السنّية، وتقريب وجهات النظر فيما بينها، وربّما في رعاية تفاهم بين القوى السنّية وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني، كما حصل في التحالف الثلاثي (إنقاذ وطن) بين الحلبوسي وبرزاني والصدر عام 2021، حيث كان أردوغان أحد أهم وأبرز داعميه ([12]).

      وقد تضاعفت المصالح التركية في العراق بعد إعلان طريق التنمية، الذي يربط تركيا بالخليج العربي عن طريق العراق، وكذلك تم في بغداد إعلان اتفاق حكومة السوداني مع أنقرة على تنظيم حصة العراق المائية من خلال ربط جزء من عائدات مبيعات النفط لتركيا بتنفيذ مشاريع حيوية في مجال السياسة المائية العراقية ([13]).

  1. دول الخليج: تستخدم دول الخليج أدوات الاستثمار الاقتصادي والضغط الدبلوماسي لدعم القوى السنّية والقوى الشيعية، التي تدعو إلى التوازن الوطني والابتعاد عن النفوذ الإيراني؛ بهدف تهدئة المخاوف الخليجية والعربية من تنامي نفوذ إيران والقوى المحسوبة عليها في العراق. كما تسعى إلى دعم القوى المعتدلة القريبة من توجهاتها والراغبة في دعم الاستقرار في المنطقة، ولاسيّما أن هناك مناطق توتر وخلافات حدودية بين الكويت والعراق؛ أبرزها قضية خور عبدالله.
  1. الفواعل الدولية: رغم تعدّد الفواعل الدولية، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا هما الفاعلان الكبيران:
    • الولايات المتحدة وبريطانيا: لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دورًا في دعم العملية السياسية في العراق حتى انسحاب قواتها عام 2011، حيث أخذ النفوذ الإيراني بالتوسع على حساب النفوذ الأمريكي. وقد أخفق المبعوث الأمريكي، بريت ماكغورك، في مهمّته عام 2018، في تمديد ولاية ثانية لرئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي ([14]).

      وأكد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال قمة شرم الشيخ بمصر، التي عُقدت في 13 أكتوبر 2025، أن “العراق بلد يمتلك الكثير من النفط.. لديهم كميات هائلة لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون به”، مضيفًا: “وهذا في حدّ ذاته مشكلة كبيرة، عندما تملك الكثير ولا تعرف كيف تتصرف به”؛ الأمر الذي أثار ردود أفعال مختلفة داخل العراق وخارجه، قبل أن يقوم الرئيس الأمريكي بتسمية مبعوث خاص له إلى العراق، وهو رجل الأعمال العراقي الشاب، مارك سافايا. وقد أثار ذلك الأمر نقاشًا واسعًا في الأوساط السياسية والأمنية العراقية، حيث يُنظر إليه كدلالة على توجّه أمريكي جديد للتعامل المباشر مع الملف العراقي بعيدًا عن القنوات الدبلوماسية المعتادة، في حين يرى مراقبون أن خلفية “سافايا” التجارية وولاءه السياسي وأصوله العراقية تمنحه مدخلًا مرنًا للمشهد العراقي المعقّد ([15]).

      أما المملكة المتحدة، فهي تنسق مواقفها مع الولايات المتحدة في حفظ التوازن في المنطقة بشكل عام، والعراق على وجه الخصوص، ومواجهة الإرهاب والحد من النفوذ الإيراني عبر مشاريع سياسية كان آخرها رعايتها لمشروع التحالف الثلاثي عام 2021.

    • الاتحاد الأوروبي: يتركز اهتمام الاتحاد الأوروبي على مكافحة الفساد، واستقرار أسعار النفط، وضمان استمرار التعاون الأمني، وتشكيل حكومة قادرة على إدارة علاقات متوازنة.
    • الصين وروسيا: إن تزايد نفوذ بكين الاقتصادي (عبر مشاريع البنية التحتية والاستثمار في الطاقة) وموسكو (عبر صفقات التسليح والطاقة) يجعلهما فاعلين صامتين لكن مهمّين، حيث تسعى الحكومة العراقية الجديدة إلى إرضائهما؛ لضمان استمرار تدفق الاستثمارات والتعاون.

المبحث الثالث: خيارات وسيناريوهات تشكيل الحكومة الجديدة

يركز هذا المبحث على المرحلة الحاسمة التي تلي إعلان النتائج النهائية لانتخابات 2025، وهي مرحلة المفاوضات والتحالفات التي تحدّد شكل الحكومة القادمة، وقدرتها على البقاء والاستمرار.

أولًا: خيارات الإطار التنسيقي

  1. إعلان الكتلة الأكثر عددًا مع الاتحاد الوطني الكردستاني، أو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف “عزم”، بقيادة مثنى السامرائي، وربّما تحالف “تقدم”، بزعامة محمد الحلبوسي، مع أعضاء الإطار المنضمّين إلى ائتلاف الإعمار والتنمية، وحركة عطاء، بزعامة فالح الفياض، وكتلة “سند”، برئاسة أحمد الأسدي؛ والهدف منع محمد شياع السوداني من ولاية ثانية. وهذا الخيار ممكن، وستدعم إيران هذا الخيار؛ شريطة اتفاق القيادة الرباعية (نوري المالكي، وقيس الخزعلي، وعمار الحكيم، وهادي العامري)، وستكون نتيجته تفتّت ائتلاف رئيس الوزراء، وتمكّن الإطار من طرح الشخصية التي يراها مناسبة لتشكيل الحكومة بأريحية، وهذا خيار وارد؛ شريطة أن يتمكن “الإطار” من إعطاء ضمانات للولايات المتحدة ودول الخليج والدول الإقليمية الأخرى بالحفاظ على التوازنات والالتزامات، وعلى استقرار المنطقة.
  2. التحالف مع كتلة رئيس الوزراء، الإعمار والتنمية، والاتفاق بين “السوداني” وقادة الإطار على تشكيل الحكومة برئاسة “السوداني”، أو شخص يتم الاتفاق عليه بين الطرفين. وسيحظى هذا التحالف بدعم جميع أطراف العملية السياسية والفواعل الخارجية، لكنه صعب التحقق.
  3. تحالف جزء من “الإطار” مع قوى سنّية، مثل “عزم” أو “تقدُّم”، وقوى كردية، مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، ويحظى بدعم إيراني. وسيكون هذا الخيار بمواجهة تحالف آخر يقوده محمد شياع السوداني بدعم أمريكي-خليجي-تركي، وهو أشبه بسيناريو عام 2018؛ تحالف الإصلاح والبناء، وهذا خيار صعب، ويؤدي إلى انسداد سياسي، وهو بخلاف إرادة القضاء العراقي التي عبّر عنها القاضي فائق زيدان قبيل الانتخابات وبعدها.

ثانيًا: خيارات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني

  1. إحياء التحالف الثلاثي، الذي تم بعد انتخابات 2021 بين مقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي ومسعود برزاني، بالحلول محلّ الصدر في هذا التحالف، وتهميش الإطار التنسيقي وفق مبدأ حكومة أغلبية وطنية بدعم تركي-عربي-أمريكي، وهذا خيار صعب لم يتحقق بوجود مقتدى الصدر، ومن الصعب أن يتحقق في غيابه. كما أن التقاطعات بين مسعود برزاني ومحمد الحلبوسي لا تشجع على هذا الاتجاه.
  2. التحالف مع جزء من الإطار التنسيقي وقوى سنّية وكردية، وتهميش كتلة دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، وكتل أخرى رافضة للولاية الثانية لـ”السوداني” بدعم تركي-عربي-أمريكي، وهذا خيار صعب بسبب الأزمات والتقاطعات بين قوى الإطار التنسيقي ورئيس الوزراء، فضلًا عن أن رغبة هذه القوى في معادلة حكم جديدة، ولاسيّما بعد النتائج التي حققها تحالف قوى الدولة بزعامة عمار الحكيم، وتحالف “صادقون”، بزعامة قيس الخزعلي، ومنظمة بدر، بزعامة هادي العامري، لا تتماشى مع رغبة “السوداني” بالزعامة وانفراده بالقرار السياسي.
  3. التحالف مع قوى الإطار التنسيقي، والتفاهم على معادلة حكم جديدة، يكون فيها “السوداني” جزءًا من عملية الاتفاق على رئيس وزراء جديد مقابل تنازلات متقابلة، ويتم هذا السيناريو بدعم أمريكي-عربي-إيراني، لكنه صعب التحقق.

الخاتمة:

تُعدّ انتخابات البرلمان العراقي لعام 2025 نقطة تحوّل منهجية في العملية السياسية، حيث أسفرت عن نتيجة متوقعة إلى حدٍّ كبير بفعل عاملين حاسمين، هما: عودة القانون الانتخابي لخدمة الكتل الكبرى (نظام الدوائر الواسعة وسانت ليغو) والمقاطعة الصريحة للتيار الصدري؛ وتشتّت المستقلّين وانتقالهم إلى الكتل السياسية التقليدية. ويمكن تحديد جملة من النتائج، من خلال دراستنا للمعطيات والمؤشرات والمعلومات بعد إعلان النتائج:

أولًا: النتائج الرئيسية

  1. تراجُع المستقلّين والقوى الصاعدة وهيمنة القوى التقليدية: وفق النتائج التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فمن الواضح أن البرلمان السادس سيكون أكثر تماسكًا وأقل تجزئة وتشتّتًا كما كان البرلمان السابق، وهو الأمر الذي يكتب فشل تجربة المستقلّين والقوى الصاعدة التي أفرزتها احتجاجات تشرين 2019، مثل حركتَي “امتداد” و”نازل آخذ حقي”، وغيرهما، بما فيها حركة الجيل الجديد في إقليم كردستان، التي تراجعت من 9 إلى 3 مقاعد، وبذلك يتراجع دور المستقلّين (قوى تشرين) كقوة حاسمة، مع هيمنة القوى السياسية التقليدية، خصوصًا قوى الإطار التنسيقي (رباعية المالكي، والخزعلي، والحكيم، والعامري).
  2. تراجُع خيار حكم الأغلبية السياسية والعودة إلى التوافق: ففي ظل غياب المنافس الشيعي القوي، يصبح سيناريو التوافق الكلاسيكي هو الأكثر ترجيحًا؛ إذ ستسعى القوى الشيعية إلى جمع الكتلة الأكبر (نحو 165-180 مقعدًا) بالتحالف بين الإطار التنسيقي وقوى سنّية وكردية أخرى.
  3. الحاجة إلى معادلة حكم جديدة داخل البيت الشيعي: بعد ثلاث تجارب مع عادل عبدالمهدي ومصطفى الكاظمي ومحمد شياع السوداني، سيحاول الإطار التنسيقي إيجاد معادلة جديدة لاختيار رئيس وزراء، وتحديد ولايته، بالشكل الذي يضمَن عدم انفراده بالقرار السياسي.
  4. أهمية اختيار شخصية قوية ذات مقبولية إقليمية ودولية، بدلًا من البحث عن وجوه جديدة لم يسبق لها الحضور الخارجي، ولاسيّما مع الاهتمام الأمريكي بالشأن العراقي، وقلق دول الجوار. ويمتلك الإطار التنسيقي خيارين؛ إما إعادة طرح مَن تولّوا منصب رئيس الوزراء في فترات سابقة من بين قيادات الإطار التنسيقي، مثل نوري المالكي وحيدر العبادي، أو الاستعانة بالجيل الثاني من المؤهلين أو الطامحين لهذا المنصب.

ثانيًا: مشاهد المستقبل

بالنظر إلى التركيبة الجديدة للبرلمان السادس، وهيمنة القوى التقليدية والأحزاب الكبيرة، مع غياب التيار الصدري والمدنيين، فإننا أمام ثلاثة مشاهد للمستقبل؛ هي:

أولًا: مشهد الاستقرار: سيشهد البرلمان استقرارًا في تمرير القوانين والقرارات لغياب نواب التيار الصدري والنواب المدنيين والمستقلّين، الذين يختارون دور المعارضة، رغم مشاركتهم في تشكيل الحكومة.

ثانيًا: مشهد الاضطرابات: سينتقل التهديد الرئيسي لاستقرار الدولة من داخل البرلمان إلى الشارع، حيث سيتحوّل التيار الصدري (بقيادة السيد مقتدى الصدر) إلى قوة معارضة جماهيرية فعالة، وستنضم إليها القوى المدنية والتشرينية. ويمكن أن يتكرّر سيناريو دخول المنطقة الخضراء خلال حكومة حيدر العبادي في أعوام 2015 و2016 و2017، وحكومة عادل عبدالمهدي، في احتجاجات تشرين عام 2019، وخلال حكومة الكاظمي، حيث جرَت اشتباكات مسلّحة داخل المنطقة الخضراء وفي محيطها، عام 2022.

ثالثًا: مشهد تفاقم الأزمة البنيوية: سيؤدي التشكيل التوافقي السريع إلى استمرار المحاصصة والفساد المؤسساتي؛ ما يعمّق الفجوة بين الدولة والمجتمع، وتضاعف الفساد دون رقابة برلمانية حقيقية، الأمر الذي يؤدي إلى فشل البرلمان السادس، وإخفاقه في إعادة ثقة المواطن العراقي بالمؤسسات السياسية.


[1] ) ينظر جريدة الوقائع العراقية، العدد 4718، التاريخ 8/5/2023م، ص9.

[2] ) جريدة الوقائع العراقية، مصدر سبق ذكره، ص3.

[3] ) مصطفى الناجي، قانون انتخابات مجلس النواب رقم (45) لسنة 2018م.. قراءة في أبرز التعديلات، مجلس النواب العراقي، دائرة البحوث، بغداد 2019م، ص2.

[4] ) فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، التوقيتات الدستورية لتشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية في العراق، جريدة الشرق. الأوسط، 09 نوفمبر2025، https://url-shortener.me/9S5A

[5] ) الصفحة الرسمية لمقتدى الصدر على منصة إكس، مقتدى السيد محمد الصدر، https://x.com/Mu_AlSadr

[6] ) آدم حسين، المستقلون في البرلمان.. تجربة “الاستقلالية” و”التطرّف” و”التخادُم”، موقع جمار، 24 تشرين الأول 2024، https://jummar.media/6364#

[7] ) نوري حمدان، المستقلون في البرلمان الخامس، جريدة الدستور، بغداد 05/11/2025، https://www.addustor.com/content.php?id=68023

[8] ) الإعلان عن تشكيل ائتلاف الإعمار والتنمية لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة، وكالة الأنباء العراقية، بغداد 5/20/2025.

[9] ) حمزة مصطفى، عبدالمهدي يطرح استقالته بضغط من السيستاني.. والحراك الشعبي مستمر، 30 نوفمبر 2019م، https://url-shortener.me/9SVQ

[10] ) ينظر الموقع الرسمي لمكتب آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني https://www.sistani.org/arabic/statement/

[11] ) فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، مصدر سبق ذكره.

[12] ) أردوغان: استقرار وأمن العراق لا ينفصل عن أمن واستقرار تركيا، وكالة الأناضول التركية، 09.10.2025، https://url-shortener.me/9SOA

[13] ) فارس الخيام، العراق.. اتفاقية المياه مع تركيا تشعل جدلًا داخليًّا، شبكة الجزيرة، 8/11/2025، https://url-shortener.me/9SOW

[14] ) إيليا جزائري، دعم أمريكي للعبادي.. والتفكك يلاحق تحالف “النصر”، العربية نت، 17 يناير ,2018، https://url-shortener.me/9SSH

[15] ) فارس الخيام، 4 عوامل وراء اختيار المبعوث الأمريكي للعراق، وهذه أجندته المتوقعة، شبكة الجزيرة، 21/10/2025, https://url-shortener.me/9T3H

المواضيع ذات الصلة