مقدمة:
مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27، والذي يسمى أيضًا باسم مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، يعقد بين 6-18 نوفمبر 2022 بشرم الشيخ في مصر، ويهدف بشكل رئيسي إلى ضمان التنفيذ الكامل لاتفاقية باريس للتغير المناخي. وبموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس، تجتمع الأطراف بانتظام للنهوض بالإطار الدولي للتصدي لتغير المناخ. ويعقد المؤتمر سنويًا منذ أول اتفاقية مناخية للأمم المتحدة في عام 1992[1].
ومما لا شك فيه، تعول الدول في هذا المؤتمر على الاتفاق حول سياسات للحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض، والتكيف مع الآثار المرتبطة بتغير المناخ. وهنا تجدر الإشارة إلى أن معالجة تغيرات المناخ تتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة ومتضافرة على المستوى الدولي.
إن السياق العام الذي جاء فيه مؤتمر COP27 شهد العديد من التقلبات الجوية القاسية، منها موجات الحر والفيضانات غير المسبوقة والجفاف الشديد والعواصف المدمرة. كلها دلائل وشواهد على حالة التغيرات المناخية. في الوقت نفسه، يواجه ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم آثار الأزمات المتزامنة في الطاقة والغذاء والمياه وارتفاع تكاليف المعيشة، والتي تفاقمت بسبب الصراعات والتوترات الجيوسياسية. في المقابل اتجهت بعض الدول باتجاه معاكس للسياسات المناخية حيث قامت باستخدام الوقود الأحفوري بشكل متضاعف. والجدير بالقول، أنه منذ مؤتمر COP26 في غلاسكو، تتقدم 29 دولة فقط من أصل 194 بخطط وطنية مشددة لمعالجة تحديات المناخ[2].
واللافت للنظر ما أشار إليه تقرير نشرته الأمم المتحدة حول تغير المناخ قبل انعقاد COP27؛ أنه في الوقت الذي تتجه فيه الدول نحو منحنى انبعاثات الغازات الدفيئة إلى أسفل، تظل الجهود الدولية غير كافية للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن[3]. وأكد التقرير أيضًا على أن الجفاف بات أكثر سرعة بمقدار 20 مرة، وستتفاقم الخسائر والأضرار مع كل زيادة في الاحتباس الحراري، وأنه منذ مؤتمر COP26 غلاسكو في عام 2021، أصبحت التأثيرات المناخية أكثر وضوحًا. فقد أدى هطول الأمطار الموسمية غير الاستباقية إلى فيضانات شديدة في باكستان هذا العام بين يونيو وأغسطس الماضيين، وقد أثر ذلك سلبًا على 33 مليون شخص وتسبب في مقتل ما يقرب من 1500 شخص، ودمر أكثر من 1.7 مليون منزل وأكثر من 1.2 مليون هكتار من الأراضي في إقليم السند[4].
ومما لا شك فيه أن تفاقم الآثار المناخية المدمرة جاء نتيجة الافتقار إلى الاستثمار في الحد من المخاطر والتكيف معها. لهذا دعا مؤتمر COP26 إلى أنه على الأطراف الدولية إعادة النظر في أهدافها لعام 2030، وتعزيزها بحلول نهاية عام 2022[5].
ولقد أكدت العديد من التقارير على أنه في حال الاستمرار على هذا النهج القائم، وعلى الأهداف الحالية، فإن العالم لا يسير على المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاقية باريس. لهذا تأتي أهمية اجتماع COP27 حيث يمكن أن يوفر إطارًا للعمل والتعاون المناخي، ويجد طرقًا فعالة للمضي قدُمًا بشأن حل أزمات الغذاء والطاقة والطبيعة والأمن، وللحوار والتعاون الدوليين بشأن هذه القضايا[6].
قضايا التمويل وبند الخسائر والأضرار:
في هذا العام، ولأول مرة، تم إدراج مقترح بند الخسائر والأضرار في جدول أعمال المؤتمر، والذي يشير إلى دعوة الولايات المتحدة والدول الأوروبية الصناعية لتقديم تمويلات إلى البلدان الأقل نموًا والتي تواجه كوارث بسبب تغير المناخ، ومناقشة كل ما يتعلق بترتيبات هذا التمويل. وقد احتلت بالفعل قضايا التعويضات المناخية وتمويل الخسائر والأضرار الحيز الأكبر من النقاشات. ومن خلال فعاليات المؤتمر، يتضح أنه قد تم التركيز على مناقشة ثلاث قضايا رئيسية متعلقة بالتمويل المبتكر، وتمويل التحول العادل، ودور القطاع الخاص في حشد موارد الاستثمار الخضراء.
وقد عقدت على هامش المؤتمر 13 جلسة خاصة لمناقشة قضايا التمويل وسبل مكافحة التغيرات المناخية، والتمويل المستدام، والتحول إلى الاقتصاد الأخضر. وركزت على استعراض التدابير لرفع قيمة التمويل الخاص بالتكيف والمناخ خاصة في مجال الماء والغذاء والإنذار المبكر. كما تم طرح المقترحات المتعلقة بتمويل تطوير المشاريع، وخطط إدارة المخاطر لمشاريع الطاقة النظيفة في البلدان النائية، وخلق شراكة وفرص استثمارية واعدة بين البنوك والقطاع الحكومي والخاص.
كما تعددت المبادرات وتباينت الآراء والمناقشات خلال جلسات المؤتمر، وقد هيمنت مفاوضات رفع سقف التمويل على المحادثات. واتفق الجميع على أهمية التنسيق والعمل مع المستثمرين والدول الغنية وبنوك التنمية للحد من مخاطر الكوارث والتكيف مع تغير المناخ.
وفي الواقع، تخشى الدول الغنية، التي أطلقت نصف الغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري، من أن تعويض البلدان الفقيرة عن الكوارث المناخية الجارية بالفعل قد يعرضها إلى مسؤولية غير محدودة. ومن السهل نسبيًا قياس الضرر الذي يشير إلى تدمير أشياء مادية مثل الطرق والجسور والمباني، بينما توجد صعوبة في قياس الآثار الاقتصادية المتمثلة في ساعات العمل الضائعة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، أو فقدان الإيرادات الزراعية نتيجة فقد المحاصيل التي جرفتها العواصف، أو فقدان عائدات السياحة بسبب الإعصار والعواصف.
وفي الحقيقة، كانت الخسائر والأضرار أول من دافعت عنها دول المحيط الهادئ، ثم تبنتها مجموعة أخرى من دول العالم النامي، بينما بقيت قائمة الخسائر والأضرار الحقيقية مستمرة وغير محددة بالضبط حتى الآن.
وفي هذا الإطار، تشير نتائج بعض الدراسات إلى أن تقدير حجم الأموال المطلوبة يختلف بشكل كبير من 290 مليار دولار إلى 580 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030، وقد ترتفع إلى 1.7 تريليون دولار بحلول عام 2050.[7] كما كشف تقرير آخر صدر عن اللجنة المنظمة لمؤتمر كوب 27 إلى أن هناك حاجة إلى ترليون دولار سنويًا، لمواجهة الآثار السلبية لتغيرات المناخ. وبما أنه لا يوجد بلد محصن ضد مخاطر تغيرات المناخ، فالكل بحاجة إلى الاستثمار في التكيف والحد من مخاطر الكوارث. ولا شك في أن بعض الدول ستكون أكثر عرضة للخطر من غيرها، حيث ستواجه أحداثًا مختلفة من مخاطر المناخ المتطرف، وزيادة التعرض للكوارث، وانخفاض القدرة على التكيف.
ومن النتائج المهمة لمؤتمر شرم الشيخ، وعْد قادة العالم بزيادة حجم التمويل المتعلق بالمناخ، والتأكد من أنه يدعم الفئات الأكثر ضعفًا للتكيف والاستعداد لهذه التأثيرات. ومع ذلك، فإن التمويل الحالي للحد من مخاطر الكوارث والتكيف يواجه تحديًا في الوصول إلى الدول والمجتمعات الأكثر ضعفًا. ولتحقيق ذلك، يتوجب اتخاذ إجراءات عاجلة لإعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفًا. وهذا يتطلب جهودًا جماعية من جميع المشاركين في تعبئة الأموال وإدارتها وإنفاقها لمواجهة مخاطر المناخ. وإذا فشل العالم في الاستثمار بشكل كافٍ في التكيف والحد من مخاطر الكوارث، فبحلول عام 2050 سيحتاج 200 مليون شخص سنويًا إلى المساعدات الإنسانية، للبقاء على قيد الحياة بسبب الكوارث المرتبطة بالمناخ.
وبالإضافة إلى ما سلف من دراسات، فقد أكد تقرير للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أنه تم تحديد 70 دولة شديدة التأثر بالتغيرات المناخية، وذلك بناء على دراسة تعتمد على معطيات مؤشرات الضعف والمخاطر متعددة الأبعاد. حيث واجهت أكثر من نصف هذه الدول أزمات إنسانية كانت عادة معقدة وطويلة الأمد، وواجهت 26 دولة أزمات وتحديات استمرت لمدة خمس سنوات على الأقل. وأشارت نتائج الدراسة إلى وجود نمط واضح من عدم التوافق بين الحاجة والتمويل.
كما أشار التقرير إلى أن الدول المعرضة بشدة أو شديدة التأثر بتغير المناخ تلقت أقل من ربع تمويل التكيف للفرد مقارنة بالدول ذات الضعف المنخفض أو المنخفض للغاية، وأقل من ثلاثين مبلغ تمويل الفرد للحد من مخاطر الكوارث. واثنان وثلاثون دولة تم تصنيفها على أنها إما عالية الضعف أو عرضة للخطر الشديد، وقد حصل كل شخص بها على أقل من دولار أمريكي واحد. وعليه فلا بدّ من تحديد الأولويات بناء على الفئات الأكثر ضعفًا، وتخصيص التمويل على أساس المخاطر والحاجة.
مناقشات لتقييم الوضع الحالي:
بدأ مؤتمر شرم الشيخ بقمة قادة العالم، ومن ثم بدأت مناقشات المواضيع المتعلقة بتمويل المناخ، وخفض الكربون، والتكيف مع تغير المناخ والزراعة، والتنوع البيولوجي. وبالفعل انصب التركيز في أعمال المؤتمر على المفاوضات المناخية لتنفيذ اتفاق باريس، والذي يتضمن برنامج عمل لزيادة طموح التخفيف من أضرار التغير المناخي والتكيف معه، وتقديم الدعم للدول النامية وإجراء المرحلة الفنية لعملية التقييم العالمي الأولى.
وقد سعت دول، كالهند، إلى التعريف بشأن تمويل المناخ إلى جانب تحفيز الدول الأخرى على توظيف التكنولوجيا لمكافحة تغيرات المناخ. وحددت الرئاسة المصرية لمؤتمر الأطراف السابع والعشرين رؤية طموحة لهذا المؤتمر، والتي تضع الاحتياجات البشرية في صميم الجهود العالمية للتصدي لتغير المناخ. حيث تم تركيز انتباه العالم على العناصر الرئيسية التي تعالج بعض الاحتياجات الأساسية للناس في كل مكان، بما في ذلك الأمن المائي والأمن الغذائي والصحة وأمن الطاقة.
وقد صرح الأمين التنفيذي لتغير المناخ في الأمم المتحدة، في كلمته الافتتاحية، بأن مؤتمر COP27 يحدد اتجاهًا جديدًا لعصر جديد من تنفيذ الالتزامات[8]. حيث تبدأ نتائج العملية الرسمية وغير الرسمية في الاشتراك فعليًا لدفع العمل المناخي لمزيد من التقدم. وأكد في طلبه من الحكومات التركيز على أهم المجالات المتعلقة بالتحول الجاد نحو تنفيذ اتفاق باريس، ووضع المفاوضات في إجراءات ملموسة، وتعزيز التقدم الحاسم للتخفيف والتكيف والتمويل والخسائر والأضرار، وتكثيف التمويل لمعالجة أضرار تغير المناخ، وتقديم مبادئ الشفافية والمساءلة في عمل الأمم المتحدة لتغير المناخ[9].
ومما لا شك فيه بأن عملية المناقشات والمفاوضات الدولية تتم بناء على المصالح المشتركة أو الظروف الوطنية، حيث يتم تنظيم الأطراف المعنية في مجموعات. وتشمل أهم مجموعات التفاوض مجموعة G-77 والصين، وهي رابطة للدول النامية، ومجموعة Umbrella التي تمثل العديد من الدول المتقدمة، والاتحاد الأوروبي كمجموعة تفاوضية[10]. هذا بالإضافة إلى حضور ومشاركة العديد من المنظمات الحكومية الدولية وغير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة في مؤتمرات تغير المناخ.
ومن أجل الحفاظ على تنفيذ بنود اتفاقية باريس، يلزم إجراء تخفيف كبير في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في السنوات المقبلة. وتتحمل اقتصادات الدول الكبرى، مثل أعضاء مجموعة العشرين، مسؤولية خاصة، لأنها تمثل غالبية الانبعاثات العالمية هذا يتطلب تحولًا كبيرًا في اقتصادها والاستثمار في أنظمة الطاقة في السنوات القادمة.
وعليه، يعمل الجميع على تقديم خطط وأهداف لمجموعة من القطاعات والمبادرات في عشرات الأحداث في منطقة العمل المناخي في مؤتمر الأطراف. وبالإضافة إلى ذلك، يستكشف الحدث أيضًا دور الكيانات غير الحكومية وجهودها في مكافحة تغيرات المناخ. حيث سيصدر الكتاب السنوي للعمل المناخي العالمي 2022، والذي سيعرض تقريرًا سنويًا عن التقدم الذي تحرزه هذه الجهات غير الحكومية نحو أهدافها المناخية.
كما تم، خلال جلسات المؤتمر، إطلاق تحليل كامل لأكثر من 100 مشروع تم تقديمه في المنتديات، بالتزامن مع استعراض النتائج من المنتديات المالية الإقليمية الخمسة التي تنظمها رئاسة المؤتمر واللجان الإقليمية للأمم المتحدة، وذلك بهدف دفع العمل الإقليمي بشكل أعمق ولتسريع تمويل المشاريع في الاقتصادات النامية، لتعزيز أهداف التنمية المستدامة لعام 2030. وتوازيًا مع جلسات المؤتمر تم تنظيم عدة أحداث وزارية، وعدد آخر من الأحداث الرئيسية حول جهود تغير المناخ الحالية خلال مؤتمر الأطراف. وشملت هذه الفعاليات مائدة مستديرة وزارية حول طموح ما قبل عام 2030 ومناقشات حول التقييم العالمي لمعرفة ما إذا كان هناك تقدم محرز نحو تحقيق أهداف اتفاقية باريس. وهي استكمال للمناقشات التي تمت في مؤتمر تغير المناخ في بون في يونيو 2022.
تحديات المناخ في أفريقيا:
إن التطورات الأخيرة المتعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية أثرت، بلا شك، على المفاوضات والعمل المناخي، وتسببت في انعدام الأمن لأسواق الطاقة وسلاسل التوريد، مما هدد الأمن الغذائي العالمي، وأثرت أيضًا على التحول إلى أنظمة الطاقة منخفضة الانبعاثات. ففي العديد من الدول، حل الفحم محل الغاز كوقود على المدى القصير، مما أدى إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ومع ذلك، فإن العديد من الاقتصادات، ولا سيما الاتحاد الأوروبي، تهدف إلى جعل أنظمة الطاقة لديها أكثر استدامة، وأقل اعتمادًا على واردات الوقود الأحفوري خاصة من روسيا[11].
كما أن جائحة COVID-19 ساهمت بالطبع في التأثير على مفاوضات تغير المناخ في السنوات الماضية. وقد أدت عمليات الإغلاق المتعددة خلال عام 2020 إلى انخفاض متواضع في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، بحوالي 5% في ذلك العام. ولكن في عام 2021، وصلت هذه الانبعاثات مرة أخرى إلى مستوى قياسي[12].
ومن جانبها، صرحت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، وهي الهيئة العلمية الدولية الرائدة في مجال تغير المناخ، بأن العالم الآن يقع في منطقة شديدة الخطورة. وأن كل تأخير في العمل المناسب بشأن التخفيف من آثار التغير المناخي والتكيف معه هو خطوة أقرب إلى الضرر غير القابل للإصلاح الذي يلحق بالمناخ وقدرته على تلبية الاحتياجات البشرية. وأن ما يقرب من نصف سكان العالم معرضون بشدة لتأثيرات تغير المناخ.
وأشارت الهيئة أيضًا في تقرير نشر في أكتوبر 2021 بأن أفريقيا هي القارة الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ على الرغم من أنها مسؤولة عن أقل من 4% من الانبعاثات مقابل 27% من الصين، و17% من الاتحاد الأوروبي، و15% من الولايات المتحدة[13]. وفي الواقع، سيتعرض أكثر من 100 مليون أفريقي للتهديد من جراء الاحتباس الحراري، من الآن وحتى عام 2030[14].
وقد أشارت نتائج دراسة، تبنتها مؤسسة كريستيان إيد، بأن استمرار استخدام الوقود الأحفوري بالمعدل الحالي سيكون له تأثير كبير على اقتصاد الدول الأفريقية. حيث ستواجه الدول الأفريقية انخفاضًا في إجمالي معدل الناتج المحلي بنسب تصل إلى 64% بنهاية العام 2100، وذلك حتى لو نجح العالم في الحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية[15]. وبينت الدراسة بأن متوسط الضرر لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي قد يصل إلى 34%، في حين أن التأثير على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي سينخفض بنسبة 20% بحلول عام 2050. ومن المتوقع بأن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 75% لثمانية بلدان هي السودان وموريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وجيبوتي ونيجيريا[16].
وبالتالي فإن تنظيم كوب 27 في بلد أفريقي قد يؤدي إلى تحسين وضوح المطالب ذات الأولوية للدول الأفريقية، لا سيما تعويض الدول النامية عن عواقب تغيرات المناخ. ومن هذا المنطلق سارعت بعض الدول بمبادرة لاستضافة حدث حول تسريع التكيف مع تغير المناخ في أفريقيا بمشاركة دول كفرنسا، وهولندا، والسنغال للعمل على وضع حلول تساعد الدول الأفريقية على التكيف السريع مع تغيرات المناخ.
وقد جاء ذلك في الوقت الذي أكد فيه قادة الدول الأفريقية، خلال جلسات المؤتمر، بأن دولهم لا تمتلك الموارد اللازمة ولن تتمكن من تحمل تكاليف الأضرار التي لحقت بهم، أو للتكيف مع تغير المناخ، أو التخفيف من حدة الكوارث المتعلقة به. وفي المقابل عندما تعرضت ألمانيا للفيضانات في عام 2021، ضخت الحكومة على الفور مبلغ 30 مليار يورو لإعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها الفيضانات[17]. بينما اضطرت دولة كموزمبيق إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي لتتمكن من دفع تكاليف أضرار إعصار إيداي في عام 2019، والذي أدى إلى دخول الدولة في مزيد من ضائقة الديون[18].
وأخيرًا، هناك أمل ضئيل للعديد من الدول الأفريقية في البقاء على قيد الحياة خلال العقود القليلة المقبلة، بدون الأموال اللازمة للتعافي من الكوارث المناخية. وعليه، فإن تحمّل الدول الغنية المسؤولية عن دورها في التسبب في أزمة المناخ هو المفتاح الرئيسي لخفض الانبعاثات العالمية، التي يمكن أن تحلها والمساهمة الجدية في دعم الدول الفقيرة والأكثر تضررًا بتغيرات المناخ ومساعدتها. لذلك فهناك حاجة ماسة لإحراز تقدم ملموس في تمويل المناخ، للتكيف وتقليل الخسارة والأضرار، وهي المجالات الرئيسية التي تتطلب المزيد من الاهتمام من الأسرة الدولية.
المراجع:
International Federation of Red Cross and Red Crescent Societies. 2022. Where it Matters Most, Smart Climate Financing for the Hardest hit People. Geneva
Lorenz Moosmann, Anne Siemons, Felix Fallasch, Lambert Schneider, Cristina Urrutia, Nora Wissner, Roman Mendelevitch, Hauke Hermann, Sean Healy, Dietram Oppelt, Stefanie Heinemann. 2022. Policy Department for Economic, Scientific and Quality of Life Policies.
Molly Caldwell, Natalia Alayza and Gaia Larsen. 2021. How Domestic Budget Shortfalls Due to COVID-19 Impact Climate Action. World Resources Institute Commentary. Available at: https://www.wri.org/insights/how-domestic-budget-shortfalls-due-covid-19-impact-climate-action
The Guardian. 2022. African nations can’t ‘adapt’ to the climate crisis. Here’s what rich countries must do. 8/11/2022. Available at: https://www.theguardian.com/commentisfree/2022/nov/08/rich-countries-climate-crisis-cop27-africa-loss-and-damage
The Guardian. 2022. Climate Crisis Will Have Huge Impact on Africa’s Economies, Study Says. 9/11/2022. Available at: https://www.theguardian.com/world/2022/nov/09/climate-crisis-huge-impact-africa-economies-study-says
Tracy Carty and Armelle le Comte. 2018. Climate Finance Shadow Report 2018: Assessing Progress Towards the $100 Billion Commitment. Oxfam International. Available at: https://www-cdn.oxfam.org/s3fs-public/file_attachments/bp-climate-finance-shadow-report-030518-en.pdf
United Nations, Climate Change. Available at: https://unfccc.int/cop27
[1] COP27: The UN Climate Change Conference, undp, NOVEMBER 4, 2022, https://bit.ly/3AjcKKa
[2] ” COP27: بداية “عصر جديد” للعمل المناخي مع انطلاق مؤتمر شرم الشيخ المحوري”، موقع الآمم المتحدة، 6 نوفمبر 2022، https://bit.ly/3UFdD80
[3] مات ماغراث، “كوب 27: الأمم المتحدة تصدر تقريرًا متشائمًا جراء استمرار درجات حرارة الكوكب بالارتفاع”، بي بي سي، 27 أكتوبر2022،
https://bbc.in/3hLI1ig
[4] – “باكستان: الفيضانات تؤثر على 33 مليون شخص في 116 مقاطعة في عموم البلاد”، موقع الأمم المتحدة،31 أغسطس 2022،
https://bit.ly/3Ea4Jbx
[5] مات ماغراث ، المرجع السابق ذكره.
[6] Vera Songwe, Nicholas Stern, and Amar Bhattacharya, Finance for Climate Action: Scaling up Investment for Climate and Development, Report of the Independent High-Level Expert Group on Climate Finance, November 2022, http://bitly.ws/wJLA
[7] Anil Markandya and Mikel González-Eguino, “Integrated Assessment for Identifying Climate Finance Needs for Loss and Damage: A Critical Review,” in Loss and Damage from Climate Change: Concepts, Methods and Policy Options, eds. Reinhard Mechler, Laurens M. Bouwer, and Thomas Schinko et. al. (Cham: Springer Nature Switzerland AG, 2019), https://doi.org/10.1007/978-3-319-72026-5
[8] نور عبد الفتاح، “كوب 27”.. تعهد بالعمل على 3 مسارات لمكافحة التغير المناخي”، وكالة أنباء الأناضول، 6 نوفمبر 2022،
[9] ” COP27: بداية “عصر جديد” للعمل المناخي مع انطلاق مؤتمر شرم الشيخ المحوري”، مرجع سبق ذكره.
[10] المرجع السابق.
[11] European Commission, “REPowerEU: Joint European Action for More Affordable, Secure and Sustainable Energy,” March 8, 2022, http://bitly.ws/wJMF
[12]European Commission, “Global CO2 Emissions Rebound in 2021 after Temporary Reduction during COVID Lockdown,” EU Science Hub, October 14, 2022, http://bitly.ws/wJJn.
[13] – صابرينا فايس، “قمة المناخ “كوب 27” وإحجام الدول الغنية عن الوفاء بالتزاماتها المالية”، سويس انفو، 4 نوفمبر 2022،
https://bit.ly/3tCp2JC
[14] Nina Lakhani, “Climate Crisis Will Have Huge Impact on Africa’s Economies, Study Says,” The Guardian, November 9, 2022, http://bitly.ws/wJvQ.
[15] “التغير المناخي يضرب بقوة اقتصادات البلدان الأكثر فقرًا ويخفض مداخيلها بنسبة الثلثين بحلول 2100″، فرانس24، 8 نوفمبر 2022،
https://bit.ly/3AhicgE
[16] “التغيرات المناخية تفقد السودان ثلث الناتج المحلي بحلول 2050″، جريدة الانتباهة، 11 نوفمبر 2022،
https://bit.ly/3hMliCZ
[17] “فيضانات ألمانيا: قيمة صندوق إعادة الإعمار نحو 30 مليار يورو”، دوتش فيله، 9 أغسطس 2022،
https://bit.ly/3EAPwSr
[18] Vanessa Nakate, “African Nations Can’t ‘Adapt’ to the Climate Crisis. Here’s What Rich Countries Must Do,” The Guardian, November 8, 2022, http://bitly.ws/wJvG