من المتعارف عليه في الأدبيات أن “رأس المال الاجتماعي” هو مستوى الثقة والانتماء بين أبنـاء المجتمـع وقـدرتهم عـلى العمل جنبًا إلى جنب لتحقيق أهداف مشتركة، وأنه يختلف من مجتمع إلى آخر، وبالطبع يتغير مع الزمن، حيث يمكن لمجتمع أن ينجح في اكتساب رأس مال اجتماعي بعد فترات من انعدامه أو ضعفه، كما يمكن أن يفقد مجتمع رأسماله الاجتماعي أو تتدهور قدرته على الحفاظ عليه. ولا شك في وجود ارتباط قوي ووثيق بين رأس المال الاجتماعي والأمن القومي، حيث إن غنى رأس المال الاجتماعي، وانتشار التواصل الاجتماعي، وسيادة الثقة والانتماء بين أفراد المجتمع وتخطيها للجماعات المكونة للمجتمع، يسهم إسهامًا محددًا وجوهريًّا في خلق أو تقوية تماسك الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي والوحدة الوطنية، وكل ذلك من المكونات الرئيسية للأمن القومي، بعد التخلي عن مفهومه الضيق الذي كان يتمحور حول الجانب العسكري. [1]
فالأمن القومي إذن يجب أن يُعنى في المقام الأول بتمكين المجتمع من تشكل وتمتين رأس المال الاجتماعي الخاص به على أرضه المستقلة، وذلك بتنمية الشعور بالانتماء والولاء والثقة لتعزيز وتأمين انطلاق مصادر القوة الوطنية في جميع الميادين في مواجهة التهديدات الخارجية والتحديات الداخلية. ولا مناص من أجل تحقيق ذلك من اعتبار أنّ رأس المال الاجتماعي، كالحدود الجغرافية للدولة، يجب الذود والدفاع عنه بكل سبل القوى الشاملة. [2]
ويدرك المتابعون لحركة وأنشطة جماعة الإخوان، أنها ما تزال تحاول تهديد استقرار الدول وأمنها الداخلي، لاسيما الدول المناوئة لها، التي تمثل نموذجًا للوسيطة والاعتدال والتعايش مع الآخر، وذلك من خلال العمل على نشر الفتن وإشاعة الفوضى والتحريض على العنف داخلها، وهذا ما جعل عددًا من تلك الدول مصممة على إدراج الجماعة ضمن قوائم العنف والإرهاب، على غرار مصر التي أصدرت إحدى محاكمها في 4 يناير 2024، حكمًا بإدراج جماعة الإخوان المسلمين في قائمة الإرهاب[3].
ويمكن القول إن هناك مجموعة من الأسباب التي تدفع جماعة الإخوان المسلمين للاستمرار في نشر الفتن داخل الدول، لاسيما تلك الدول التي فلشت فيها سياسيًّا مثل مصر وتونس، أو تلك التي لم تستطيع اختراقها فكريًّا وتنظيميًّا، على غرار العديد من دول الخليج، ويمكن تحديد أبرز تلك الأسباب في النقاط الآتية:
-
توسيع النفوذ التنظيمي للجماعة على حساب الدولة الوطنية: من المتعارف عليه لدى الباحثين والمتابعين لحركات التطرف والإرهاب، أن الجماعة لا تسطيع العيش في البيئات المستقرة سياسيًّا وأمنيًّا واجتماعيًّا، وإنما تنمو وتترعرع في البيئات المضطربة سياسيًّا واجتماعيًّا أو تلك التي تعاني من الصراعات الطائفية والعرقية والدينية، وهو ما يجعل جماعة الإخوان المسلمين تحرِّض على نشر الفتن والفوضى في الدول التي ترغب في اختراقها تنظيميًّا، حتى تتمكن من مدّ نفوذها التنظيمي إليها، وذلك من خلال العمل على التحريض على الأنظمة السياسية في البلاد، والطعن في شرعيتها، بل قد يصل الأمر إلى التحريض ضدَّ الدول نفسها بدعوى المطالبة بالحرية والديمقراطية التي أبعد ما تكون جماعة الإخوان عنها، وذلك لخلخلة التماسك داخل الدول وخلق حالة من الهشاشة الاجتماعية تمثل بيئة مواتية للجماعة لاختراقها تنظيميًّا، ومن ثم الحضور فيها والبدء في تطبيق المشروع الإخواني الهادف إلى ابتلاع الدول ومؤسساتها.
لذا يري العديد من الباحثين أن الإخوان المسلمين تنظيمًا وجماعة وحزبًا كيفما تلوَّن وتشكَّل، يعدُّ تهديدًا للأمن القومي أينما حلَّ، وبعد سنوات وعقود عانت فيها دول العالم من عنف وإرهاب هذا التنظيم، وبعد تصنيف الجماعة تنظيمًا إرهابيًّا في العديد من البلدان، نظرًا لأن تنظيم جماعة «الإخوان» لا يحسن سوى التآمر والعمل السري والاغتيالات، بعد فشله الكبير في الحكم عندما تولى السلطة في مصر وليبيا وتونس والمغرب[4].
-
الاستقطاب والتجنيد: تشير العديد من أدبيات التنظيمات المتطرفة إلى مصطلح الركيزة التنظيمية، وهو ما يعنى ضرورة وجود عناصر موالية لهذه التنظيميات تعتنق أفكارها وتؤمن بتوجهاتها العقائدية داخل الدول التي تستهدفها هذه التنظيمات وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين التي تعدُّ المرجع الفكري لمعظم هذه التنظيمات، وهي العباءة الفكرية التي خرجت من أكمامها جلّ تلك التنظيمات، وهو ما يجعل الجماعة تحاول اختراق الدول عبر عمليات الاستقطاب والتجنيد، لإيجاد هذه الركيزة التي تمثِّل بالنسبة للجماعة النواة الأولى لنموها وترعرعها داخل الدول والمجتمعات، وربما هذا ما أثار المخاوف لدى العديد من الدول من وجود الإخوان على أراضيها بما فيها الدول الغربية، التي يُعرف بعضها بعلاقاته القديمة مع الإخوان على غرار بريطانيا، التي قال رئيس حكوماتها دافيد كاميرون في 2015، إن بعض “أقسام حركة الإخوان المسلمين لهم علاقة ملتبسة جدًّا بالتشدد الذي يقود إلى العنف، وإنها صارت نقطة عبور لبعض الأفراد والجماعات المرتبطين بالإرهاب” وأن حكومته ستعمل على مراقبة نوعية لآراء وأنشطة أعضاء حركة الإخوان المسلمين فوق الأراضي البريطانية[5]“.
لكن العقبة التي قد تواجهها الجماعة لتحقيق الاستقطاب والتجنيد هي تمتُّع بعض الدول بالاستقرار السياسي والتماسك الاجتماعي ورسوخ الوسطية والاعتدال الديني داخلها، لذا تسعى الجماعة إلى نشر الفوضى وزرع الفتن داخل المجتمعات من خلال الترويج للأكاذيب والشائعات حتى تتمكن من اختراق المجتمعات وبالتالي استقطاب مجموعات من الشباب ذوي الميول المتطرفة دينيًّا، وهناك أدوات كثيرة تعتمد عليها جماعة الإخوان الإرهابية في نشر الأكاذيب وإثارة الفتن وتأليب الرأي العام، منها شخصيات إعلامية، وأيضًا صفحات ومنصات على مواقع التواصل الاجتماعي[6].
- إضعاف المجتمعات المستقرة : على الرغم من قدرة جماعة الإخوان على الحضور في العديد من المناطق الجغرافية، غير أن هناك بعض المناطق التي أثبتت أنها عصية على الجماعة، وترفض انتشارها على أراضيها، وفى مقدمة هذه المناطق منطقة الخليج العربي التي أثبتت أنها عصية على الاختراق الإخواني سواء من الناحية الفكرية أو التنظيمية، وهو ما يعود إلى مجموعة من الأسباب، منها، رسوخ الفكر الوسطي، وشيوع فكر التسامح والتعايش، والعادات العربية الأصيلة القائمة على احترام ولي الأمر ورفض فكرة الخروج على الحاكم، وهو ما جعل الجماعة على مدار سنوات طويلة تعمل جاهدة على مدّ نفوذها إلى دول تلك المنطقة، وذلك من خلال محاولة تأسيس مجموعات سرية من خلال العمل على استقطاب بعض الشباب ذوي الميول الدينية المتطرفة، من خلال تجنيد الشباب والسيطرة على عقولهم عبر المتاجرة بالمفاهيم، من خلال التفسيرات الخاطئة للنصوص بهدف نشر أفكارها. وتهدف هذه الجماعات لوضع الدين في مقابل الوطن لإحداث حالة من التشتت، وترسيخ مفاهيم مغلوطة، كأن الدين والوطن نقيضان، لضرب استقرار المجتمعات والتهوين من مكانة الأوطان، التي تعلي نصوص الشريعة الإسلامية منها، بل جعلت حبَّ الأوطان جزءًا من عقيدة المسلم[7].
-
إضعاف أو القضاء على الدولة الوطنية للوصول للحكم: يشكّل مفهوم الدولة الوطنية معضلة حقيقة بالنسبة لجماعة الإخوان، لكونه يتنافى مع أهدافها الأممية التي كرسّها حسن البنا داخل الجماعة، والتي تهدف إلى السيطرة على العالم العربي والإسلامي بدعوى إعادة الخلافة الإسلامية التي سقطت عام 1924، وبالتالي فمفهوم الدولة الوطنية ومفهوم المشروع الوطني يصطدم كليًّا بشكله ومضمونه مع نهج جماعة الإخوان المسلمين، حيث يتبنّى النهج الوطني لدولة مّا أو مجموعة أو حزب من مصالح الشعب والوطن الذي يوجد فيه هذا الشعب، بغضّ النظر عن انتماء هذا الشعب لإثنية أو عرق مّا، لذلك يتعارض المفهوم الوطني جملة وتفصيلًا مع نهج جماعة أو حزب الإخوان المسلمين، بغضّ النظر عن المسمى الذي يوجد في هذه الدولة أو تلك[8]. وهو ما يجعل الجماعة تسعى إلى ضرب الاستقرار داخل الدول الوطنية للقضاء عليها، عبر نشر الفتن وترويج الأكاذيب، وكذلك التحريض على العنف والإرهاب، ومهاجمة الأنظمة السياسية القائمة في تلك الدول، بزعم أنها لا تحكم بالشريعة ولا تطبِّق مفهوم الولاء والبراء في علاقاتها الخارجية، لاسيما مع الدول الغربية التي تزعم الجماعة أنها دول معادية تتآمر على الإسلام والمسلمين.
والمتأمل في فكر الجماعة يجد لديها مشكلة مع مفهوم «الوطن»، ومردُّ هذه المشكلة هو حقيقة أن الانتماء الوطني هو الصخرة التي تتحطم عليها آمالهم وطموحاتهم السياسية في الوصول إلى الحكم. فجماعة كجماعة الإخوان المسلمين عملت منذ نشأتها على محاولة هدم الأوطان، وبناء «دولتهم المنشودة» (دولة التنظيم الدولي للجماعة) القائمة على «إيديولوجيا التنظيم»، فكل من هو خارج التنظيم هو خارج هذه الدولة التي يسعون منذ منتصف القرن المنصرم لإقامتها على أنقاض الدول العربية والإسلامية القائمة[9].
يمثّل نشر الفتن أهم الأدوات التي تستخدمها جماعة الاخوان المسلمين في الوصول إلى الحكم، وذلك من خلال مهاجمة الأنظمة السياسية والطعن في شرعيتها الدينية واتهامها بالعمالة والخيانة، حتى يفقد المواطنون ثقتهم في دولهم وقادتهم، وهو ما تعتقد الجماعة أنه يفتح الباب أمامها لتصدُّر المشهد السياسي، ومن ثم انتظار اللحظة المناسبة للانقضاض على الحكم، فجماعة الإخوان المسلمين مصابة بما يُعرف سياسيًّا ونفسيًّا بهوَس السلطة، وليست لديها مشكلة في أن تفعل أي شيء وكل شيء مقابل أن تصل إلى السلطة، سواء من خلال المسار السياسي أو العنف أو الانقلاب على السلطة في البلد الذي توجد فيه.
فالوصول إلى الحكم غاية في حدّ ذاته عند جماعة الإخوان المسلمين وليس وسيلة، بمعنى أنها لن تقبل أن يتولّى الحكم أي تيار أو فصيل سواها حتى لو أعلن أنّه يطبّق الشريعة، لأن الجماعة تعدُّ نفسها الوحيدة المنوط بها هذا الأمر[10]، لذا ترى الوصول إلى السلطة وبناء حكومة إخوانية ركنًا لا يكتمل بنيان الدين بدونه، وأنّ السعي لإقامة هذا الركن أصبح فرضًا لا مناص منه وأولوية تسبق أي مطلب آخر، حيث اعتبر “البنّا” أن “قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لا يكفّرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف”[11]. وبالتالي فإن هدم الأنظمة السياسية القائمة في الدول المستقرة وبناء دولة إخوان تعتبره الجماعة غايتها الكبرى، التي يمكن لها من خلالها قيادة الأمة الإسلامية والعالم، طبقًا لنظرية “أستاذية العالم” التي وضعها مؤسس الجماعة حسن البنّا، وطبقًا لنظرية “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب”، كما تعتبر الجماعة أن أي وسيلة أو آلية تؤدى إلى الوصول إلى الحكم واجبة، حتى ولو لم تتوافق مع أسسها الفكرية وقواعدها المنهجية، لأن تلك الوسائل في هذه الحالة تعتبر من مقتضيات المنهج الحركي لا الفكري، حيث تفرّق الجماعة بين الحركة والفكر فيما يتعلق بالوسائل والغايات، إذ إن فكر الجماعة يقوم على بنية تضادية؛ فالتناقض يستشري في الأفكار إلى درجة يصعب معها التعرُّف على المقاصد[12].
ولتحقيق تلك الأهداف، توفّر الجماعة لنفسها سياقات وبيئات محفزة على جرائم ضدَّ الدولة الوطنية ومجتمعاتها، أو ترتكب جرائم ليست اعتيادية لا يجرّمها القانون بشكل مباشر، ولكنها تعدُّ الخطوة الأولى أو السياق المحفّز لارتكاب جرائم فيما بعد؛ ومن أبرزها:
- التحريض على العنف:
التحريض على العنف، أو تزويده بغطاء إيديولوجي أو ديني أو تنظيري، لإضفاء الشرعية عليه أو تبريره أو التهوين منه.. هل يُعَدُّ هذا الأمر عملًا عنيفًا في حد ذاته؟ فوفقًا لنظرية “أفعال الكلام – Speech acts theory” التي أسس لها “أوستين -Austin ” في كتابه الشهير “How to do Things with Words?” (كيف نصنع الأشياء بالكلمات؟)، يذهب إلى أنّ الأفعال السلوكية لا تُنجز إلَّا بالأقوال التعبيرية، التي عادةً ما تسبقها وتمهّد لها. ووفقًا لهذه الفرضية، فجماعة الإخوان محرِّض على العنف بامتياز، حيث ارتكب أعضاؤها أو المتأثرون بها الكثير من الجرائم.
- السرية:
يدرك المتابعون لحركة ونشاط جماعة الإخوان المسلمين في الدول المختلفة، أن البنية التنظيمية للجماعة قائمة على العقيدة في التشكيل، وعلى السرية وعدم وضوح الأهداف الحقيقية لهذا التنظيم في كل الدول، وهو ما يجعله دومًا في مواجهة الفكرة والمفهوم الوطني القائم على وضوح الأهداف والرؤية والخطوات لتحقيق المصالح للشعب والدولة. حيث لا تنفك جماعة الإخوان وعناصرها تنشر الفتن في الدول التي توجد فيها، حتى في الدول التي قد تقدِّم الإيواء لها، نظرًا لأن الفتن تخلق نوعًا من الهشاشة المجتمعية تساعد الجماعة على البقاء والنمو، وهو ما يجعل تلك الدول تتململ من وجود عناصر الجماعة على أراضيها حتى لو كانت تستخدمهم لمصالح سياسية معيّنة، حتى أنها في بعض الأحيان تقبض على بعض تلك العناصر، على غرار ما حصل خلال شهر ديسمبر الماضي في تركيا، حيث اعتقلت العنصر الإخواني الكويتي المقيم على أراضيها حاكم المطيري، المدان بأحكام تصل إلى المؤبد في بلاده، وهو ما أثار ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي إذ لطالما أشاد بحمايته وإيوائه من قبل أنقرة، ومن المتوقع أن تقوم السلطات التركية بتسليمه للكويت عن طريق الإنتربول الدولي، الأمر الذي اعتبره ناشطون طعنة تركية في الصميم لجماعة الإخوان، متهكمين على انقلاب المواقف المتتالية ضد الإخوان، وبعد أن تجاهلت تركيا كل تاريخ “المطيري” ومنحته ملاذًا آمنًا، قررت التخلي عنه كما تخلّت عن أعضاء آخرين من الجماعة[13].
- إنشاء كيانات موازية للدولة: تعتقد جماعة الإخوان المسلمين أنها بنشرها للفتن في المجتمعات والترويج للأكاذيب قد تتمكن من تعزيز وجودها داخل المجتمعات بزعم أنها البديل الإسلامي للاستقرار والوحدة داخل المجتمعات، وذلك حتى تتمكن من تأسيس كيانات موازية، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو حتى سياسية، تنافس بها مؤسسات الدول التي توجد بها، بزعم تقديم الخدمات إلى الفئات التي تعجز المؤسسات الرسمية عن الوصول إليها، وذلك بالتوازي مع محاولة التغلغل داخل مؤسسات الدول التي توجد بها عناصر الجماعة، ومحاولة السيطرة على منظومات ومؤسسات الدولة الوطنية، كالتعليم والثقافة والتربية، التي تعدُّ مفاتيح للسيطرة على الشباب، إذْ يمكن من خلال هذه الشريحة السيطرة لاحقًا على مفاصل أي دولة وتحقيق أهداف الجماعة، لذلك يبدأ الإخوان المسلمون بإنشاء العديد من المدارس والمؤسسات الثقافية التي تساعد على التغلغل في أوساط الشباب لتحقيق هذه المآرب بما ينسجم مع فكر وأسلوب وإيديولوجيا الجماعة وأهدافها في الوصول للسلطة والانطلاق لإحياء مشروع الإخوان المسلمين وتحقيق أهدافها بالسيطرة على أي مجتمع أو دولة تنشط بها.[14]
الخاتمة
خلاصة الأمر أن التنظيم يسعى إلى توظيف الدين لخدمة أهدافه السياسية، وأن “الإخوان المسلمين” مصدر لنشر الفتن في المجتمعات، لاسيما أنهم لا يؤمنون لا بالدولة الوطنية ولا بالمواطنة. كما لا تكفُّ الجماعة عن تجنيد الشباب للعمل ضد مجتمعاتهم ودولهم الوطنية، واختراق مؤسسات الدولة والسعي للتحكم فيها لصالح الجماعة.
في هذا السياق يحقّ للدول التي تهدِّد الجماعة أمنها أن تحاكم أفرادها سواء عن جريمة إنشاء تنظيم سري بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضيها، أو سواء عن تهديدها واستهدافها لرأس مالها الاجتماعي الذي يجب الذود عنه بكل السبل؛ كالحدود الجغرافية. فالجماعة تحوِّل الفضاء العام لساحة صراع هُوّيّة تعطّل فيه الدولة والمواطنة وتفعّل فيه النزعات الطائفية والعرقية التي لا تؤدي إلا إلى تشريد الملايين ومقتل مئات الآلاف وتدمير دول وعودة أخرى عشرات السنين إلى الوراء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي كما حدث بالفعل فيما يسمي بالربيع العربي.[15]
[1]وائل صالح، رأس المال الاجتماعي كالحدود الجغرافية للدولة، العين الإخبارية 2020/11/12،
https://al-ain.com/article/social-capital-geographical-boundaries-state
[3] قرار قضائي ضد “الإخوان المسلمين” و20 متهمًا وشركتين، موقع قناة “آر تى” الروسية، بتاريخ 4 يناير 2024، على الرابط:
[4] جبريل العبيدي، حروب «إخوان» الفتنة والخراب، صحيفة الشرق الأوسط، بتاريخ 30 يونيو 2022، على الرابط: https://aawsat.com/home/article/3733676/%D8%AF-%D8%AC%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D9%8A/%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8-%C2%AB%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%86%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D8%A8
[5] تقرير بريطاني يربط بين “الإخوان المسلمين” والتطرّف.. والجماعة: “هذه حملة تحريض داعمة للانقلاب”، موقع “سي إن إن”، بتاريخ 15 ديسمبر 2015، على الرابط: https://arabic.cnn.com/middleeast/2015/12/18/brotherhood-britain-new-report
[6] 9 أدوات تستغلها الجماعة الإرهابية لنشر الأكاذيب وإثارة الفتن، موقع اليوم السابع، بتاريخ 23 يناير 2022، على الرابط: https://www.youm7.com/story/2022/1/23/9-%D8%A3%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%BA%D9%84%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%A7%D8%B0%D9%8A%D8%A8-%D9%88%D8%A5%D8%AB%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%86-%D9%85%D8%B0%D9%8A%D8%B9%D9%88/5629029
[7] تكاتف المجتمع.. ضربة قاصمة للتطرف، جريد الخليج، بتاريخ 11 مايو 2021، على الرابط: https://www.alkhaleej.ae/2021-05-11/%D8%AA%D9%83%D8%A7%D8%AA%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%B6%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D9%82%D8%A7%D8%B5%D9%85%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D9%85
[8] عبد العزيز مطر، الإخوان المسلمون ومفهوم الدولة الوطنية.. وجهًا لوجه، موقع “ليفانت”، بتاريخ 16 يناير 2022، على الرابط: https://thelevantnews.com/article/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86-%D9%88%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9..-%D9%88%D8%AC%D9%87%D8%A7%D9%8B-%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%87january-16,-2022,-1:11-pm
[9] فهد مطلق العتيبي، مفهوم «الوطن» في الفكر الإخواني، موقع العربية نت، بتاريخ 24 مايو 2022، على الرابط: https://www.alarabiya.net/politics/2022/05/24/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%8A
[10] موقف جماعة الإخوان المسلمين من الحقوق والحريات تعارض قيمي واستغلال مصلحي، الكتاب العاشر، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، أبوظبي، الطبعة الأولى 2023، ص: 45
[11] بابكر فيصل، الإخوان وصراع السلطة.. عن تصريحات نائب المرشد الأخيرة، موقع الحرة، بتاريخ 10 أغسطس 2022، على الرابط: https://www.alhurra.com/different-angle/2022/08/10/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A9-%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%B4%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D8%A9
[12] جماعة الإخوان المسلمين.. مناهج التكوين وحلقات الصراع، موقع العربية نت، بتاريخ 21 إبريل 2018، على الرابط: https://2u.pw/AQ7eSZ
[13] قضية “تسريبات القذافي”.. تركيا تلقي القبض على الكويتي حاكم المطيري، موقع “العربية نت”، بتاريخ 26 ديسمبر 2023، على الرابط: https://urlz.fr/pcCU
[14] أسرار محاولات الإخوان لإنشاء كيانات موازية بديلة عن الدولة، موقع “اليوم السابع”، بتاريخ 21 نوفمبر 2019، على الرابط:
[15]وائل صالح، لم تفشل الدولة الوطنية.. بل فشلت الإسلاموية، العين الإخبارية، 2020/10/21،
https://stage.al-ain.com/article/the-national-state-islamism-failed