مقدمة
شهدت سوريا تحوّلًا تاريخيًّا مع سقوط نظام بشار الأسد، الذي دام أكثر من عقدين، في 8 ديسمبر 2024، والذي جاء نتيجة سلسلة من التطورات الدراماتيكية بدأت في 27 نوفمبر، عندما شنت فصائل المعارضة المسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام، هجومًا مباغتًا ومفاجئًا هو الأكبر من نوعه منذ اتفاق وقف إطلاق النار في مارس 2020. وفي غضون أيام، سيطرت المعارضة على مدينة حلب وأحكمت قبضتها على محافظة إدلب، قبل أن تتجه بسرعة غير مسبوقة نحو دمشق، بُعيد انتشارها في محافظة حمص، حيث تمكنت من تأمين المقرات الأمنية والعسكرية والحكومية، بما في ذلك مبنى الإذاعة والتلفزيون.
وفي ظل هذا التقدم المتسارع، توالت الأنباء عن مغادرة بشار الأسد وأسرته وكبار معاونيه البلاد إلى وجهات غير محددة، يرجّح أن تكون روسيا؛ وذلك ما أسدل الستار على نظام حكم آل الأسد الذي دام أكثر من 50 عامًا. وقد أثارت هذه التطورات أسئلة ملحة عن آفاق الأزمة السورية المركبة والمستمرة منذ أكثر من 13 عامًا: هل يشكل سقوط النظام بداية لتفكك الأزمة باتجاه تسوية سياسية شاملة؟ أم أنّ الفراغ السياسي والأمني الذي خلفه النظام سيضيف أبعادًا جديدة تزيد من تعقيد الأزمة وتجعل الحل أبعد منالًا؟
تسعى هذه الورقة إلى استعراض وتحليل الكيفية التي تغيرت بها الخريطة السياسية لسوريا خلال فترة زمنية قصيرة، مع التركيز على العوامل الداخلية والخارجية التي تضافرت لإسقاط النظام. كما تسعى إلى استقراء آفاق تطور الأوضاع السياسية في سوريا ما بعد الأسد، عن طريق بناء أربعة سيناريوهات محتملة، مع ترجيح أحدها بقدر ما يتوافر من شروطٍ واقعية لكلٍ منها.
أولًا- 12 يومًا غيّرت جذريًا خريطة سوريا السياسية
شهدت الفترة من 27 نوفمبر إلى 8 ديسمبر 2024 انهيارًا دراماتيكيًّا وسريعًا لنظام بشار الأسد في سوريا الذي دام 24 عامًا، وبلغ هذا الانهيار ذروته باستيلاء قوات المعارضة على دمشق وفرار الرئيس الأسد خارج البلاد. فما هي التطورات الرئيسية التي أدت إلى هذا الحدث التاريخي؟
- 27-30 نوفمبر: بداية النهاية
في 27 نوفمبر 2024، بدأت فصائل المعارضة السورية هجومًا واسع النطاق ضد القوات الحكومية في محافظة حلب. واستهدفت العملية التي أطلق عليها اسم “ردع العدوان”، وقادتها هيئة تحرير الشام والجماعات المتحالفة معها، مناطق متعددة خاضعة لسيطرة جيش الأسد. وبحلول التاسع والعشرين من نوفمبر تخلى العديد من الضباط من المستوى المتوسط عن مناصبهم، الأمر الذي أدى إلى مزيد من زعزعة استقرار هيكل القيادة الهش. وسرعان ما تمكنت قوات المعارضة من بسط سيطرتها على محافظتي إدلب وحلب لتنطلق بعد ذلك إلى مدن أخرى على الطريق إلى دمشق.
وفي مطلع ديسمبر شهدت مدينة حماة تطورات ميدانية حاسمة، حيث تمكنت قوات المعارضة من دخول المدينة بعد غياب استمر 11 عامًا، بعد أن تقدمت قواتها، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، نحو حماة من عدة محاور، وسيطرت على قرى وبلدات في ريفها الشمالي والشرقي، وفي 5 ديسمبر أعلنت المعارضة دخولها مدينة حماة.
وتزامنًا مع مساعي المعارضة للسيطرة على حماة، شنت قواتها في الثلاثين من نوفمبر هجومًا كبيرًا على حمص، التي تُعدُّ “بوابة” دمشق والتي سقطت أيضًا بشكل سريع وغير متوقع؛ حيث لم تكن هناك مقاومة فعلية. ويُعزى عجز النظام عن تعزيز حمص بالرغم من أهميتها إلى انخفاض الروح المعنوية بين قواته ومن ثم انسحابها كليًا تقريبًا.
1-3 ديسمبر: زخم المعارضة
كان سقوط حمص بمثابة نقطة تحول في الصراع. فقد نجحت قوات المعارضة بسرعة في فرض سيطرتها على المدينة، وقطع طرق الإمداد الحيوية بين دمشق والمناطق الساحلية التي يهيمن عليها العلويون. وعزز هذا الانتصار من معنويات الفصائل المسلحة، وأشعل شرارة المظاهرات في مدن مثل حلب وإدلب، حيث احتفل المواطنون علنًا بما بدا وكأنه انهيار وشيك للنظام.
وفي الوقت ذاته بدأت الديناميكيات الدولية في التحول. ففي الثاني من ديسمبر أصدرت الولايات المتحدة بيانًا حثت فيه جميع الأطراف على إعطاء الأولوية لحماية المدنيين ودعت إلى انتقال سياسي فوري. وبدت روسيا، حليفة الأسد منذ فترة طويلة، أكثر انفصالًا، فسحبت أفرادها غير الأساسيين من قواعدها في سوريا وقلصت من دعمها العسكري المباشر.
وبحلول الثالث من ديسمبر، تقدمت قوات المعارضة إلى ضواحي دمشق، ولم تواجه سوى مقاومة ضئيلة. وأشارت التقارير إلى أن الميليشيات الموالية للأسد تخلت إلى حد كبير عن مواقعها، إما بالانشقاق أو بالانسحاب إلى مواقع محصنة أقرب إلى وسط المدينة.
4-6 ديسمبر: دمشق تحت الحصار
في الفترة ما بين الرابع والسادس من ديسمبر تحول تركيز الصراع إلى دمشق. فقد شنت قوات المعارضة، مدعومة بتعزيزات من شمال سوريا، هجومًا متعدد الجبهات على العاصمة. وسقطت مناطق رئيسية مثل جوبر والغوطة في غضون 48 ساعة، وهو ما أدى فعليًّا إلى تطويق المدينة.
وفي داخل دمشق، أصبحت معاقل النظام المتبقية معزولة بشكل متزايد. وأدى انقطاع الكهرباء ونقص الغذاء والذعر واسع النطاق بين السكان المدنيين إلى خلق حالة من الفوضى. بينما اندلعت مظاهرات ضد النظام في الأحياء التي كانت موالية له في السابق، وهو ما يشير إلى فقدان السيطرة بالكامل.
وفي الخامس من ديسمبر أشارت تقارير غير مؤكدة إلى أن الأسد ودائرته الداخلية انتقلوا من القصر الرئاسي إلى مكان سري. وبحلول السادس من ديسمبر أصبح من الواضح أن الجهاز العسكري للنظام غير قادر على شن دفاع فعال عن المدينة.
7-8 ديسمبر: سقوط الأسد
في السابع من ديسمبر دخلت قوات المعارضة قلب دمشق دون مقاومة تُذكَر. وتم الاستيلاء على مكاتب حكومية، بما في ذلك وزارة الدفاع والبنك المركزي، في تتابع سريع. وانتشرت على نطاق واسع صور لمقاتلي المعارضة وهم يحطمون رموز حكم الأسد، بما في ذلك التماثيل والصور الشخصية، في إشارة إلى انهيار النظام.
ومع الساعات الأولى من صباح الثامن من ديسمبر، وردت أنباء تفيد بأن بشار الأسد فر من البلاد؛ حيث غادر دمشق منتصف الليل وتوجه إلى قاعدة روسية في سوريا تمهيدًا للذهاب إلى موسكو.
واندلعت الاحتفالات في مختلف أنحاء سوريا، ونزل المواطنون إلى الشوارع للاحتفال بما اعتبروه نهاية عقود من الحكم الأوتوقراطي؛ ليسدل بذلك الستار على حكم عائلة الأسد الذي دام 53 سنة (22 فبراير 1971 -7 ديسمبر 2024).
ثانيًا- تفسير انهيار الجيش والنظام
كان انهيار الجيش السوري ونظام بشار الأسد تتويجًا لسنوات من التآكل الداخلي والضغوط الخارجية، مع ديناميكيات متغيرة للصراع الذي دام نحو 13 سنة. ويتطلب تفسير هذا الانهيار تحليلًا دقيقًا لنقاط الضعف البنيوية، تآكل الشرعية، والتحولات السريعة في موازين القوى.
- 1. نقاط الضعف الهيكلية في الجيش
كان انهيار الجيش السوري نابعًا من مزيج معقد من الاستنزاف، والانشقاقات، والفساد المؤسسي. فعلى مدى أكثر من عقد من الصراع، تكبّد الجيش خسائر فادحة في الأرواح، والمعنويات، والقدرات العملياتية. وكان الكثير من الجنود المجندين قسريًّا ينتمون لمجتمعات مهمشة ومحرومة؛ وذلك ما أدى إلى شعور عميق بالاستياء تجاه النظام الذي كُلّفوا بحمايته.
كما أن الاعتماد الكبير على الحلفاء الأجانب، ولاسيما الميليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني وروسيا، كشف عن ضعف النظام وعدم قدرة الجيش على العمل بشكل مستقل. فمع تقليص هذه الجهات الخارجية مشاركتها أو وتحييد بعضها كليًا، أصبحت الشروخ في البنية التحتية العسكرية واضحة للعيان. وفي المراحل الأخيرة من الصراع أدى الانشقاق الجماعي، ولا سيما بين الضباط ذوي الرتب المتوسطة والدنيا، إلى انهيار كامل في القيادة والسيطرة، وذلك ما عجّل بسقوط النظام.
- 2. تآكل شرعية النظام
كان نظام الأسد يعاني من تآكل مستمر في شرعيته على الصعيدين المحلي والدولي. داخليًا، عززت سنوات من القمع والفساد وسوء الإدارة والانهيار الاقتصادي، ولاسيما التضخم وتدهور قيمة الليرة بشكل دراماتيكي، مشاعر العداء تجاه النظام. وقد أدى قمع الأصوات المعارضة بأساليب قاسية، مثل الحصار، والهجمات الكيميائية، والاعتقالات الجماعية، إلى فقدانه التأييد حتى بين بعض الطوائف العلوية والدرزية التي دعمت النظام تقليديًّا.
وخارجيًّا، لم يُظهر اعتماد الأسد على روسيا وإيران هشاشة نظامه فقط، بل صوّر سوريا كبيدق في لعبة الصراعات الجيوسياسية الكبرى. ومع تحول أولويات روسيا وإيران وتراجع دعمهما، تُرك النظام مكشوفًا أمام زحف قوات المعارضة.
- 3. التحول السريع في ديناميكيات القوة
تسارع انهيار النظام بفعل الزخم السريع الذي اكتسبته فصائل المعارضة المسلحة، التي استغلت حالة الضعف المتفاقم للجيش السوري. وقد تمكنت المعارضة من السيطرة على مواقع استراتيجية بأقل قدر من المقاومة، وذلك ما عزز من نفوذها وزعزع استقرار المناطق المتبقية الموالية للنظام. وفي النهاية، بدأت حتى المعاقل التقليدية للنظام تتعرض للضغط الداخلي، مع انهيار البنية اللوجستية والفراغ الأمني المتزايد.
والخلاصة أن سقوط الجيش السوري ونظام بشار الأسد يعكس تقاطعًا بين التدهور في منظومة النظام وما ارتبط بها من ضغوط داخلية وخارجية. وبالرغم من أن الهزائم العسكرية والانشقاقات كانت الأسباب المباشرة للانهيار، فإن الأسباب الأعمق تكمن في فشل النظام في الاستجابة لمتطلبات التسوية السياسية للأزمة السورية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254، الصادر بالإجماع في ديسمبر 2015، وهو ما أفقده أي قدرة للحفاظ على شرعيته. وفي النهاية، أصبح النظام غير قادر على الصمود أمام التحولات السريعة في موازين القوى؛ وذلك ما أد ى إلى انهياره الحتمي.
ثالثًا- سيناريوهات تطور الوضع السوري
بالرغم من أنَّ من المبكر جدًّا استشراف آفاق تطور الأوضاع السياسية “السائلة” في سوريا ما بعد سقوط نظام حُكم الأسد، خصوصًا أنّ السيطرة الكاملة على بقية البلاد، ولاسيما الساحل السوري، ومنطقة الحكم الذاتي الكردية في شمال وشرق البلاد، قد تستغرق وقتًا طويلًا. كما أننا لا نعرف الكثير عن توجهات جبهة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها، ولا يوجد إجماع أو توافق حتى الآن بين الفصائل السورية “المسلحة والمعارضة” على نمط الحكم الذي سيحل محل النظام البعثي.
- السيناريو الليبي:
إن انهيار النظام السوري يعني أن العملية السياسية المتنازع عليها بين الفصائل المسلحة المتمردة المتعددة ستبدأ. وبالنظر إلى أن لديهم توجهاتٍ إقليمية وسياسية متنافسة، فإن هذه العملية ستؤدي إلى مزيد من الفصائلية، وربما المزيد من عدم الاستقرار.
ومن ثم قد تشهد الفترة الانتقالية ما بعد سقوط النظام البعثي صراعًا سياسيًّا ومسلحًا بين فصائل المعارضة “المسلحة والمدنية” السورية جميعًا، وقد تنزلق البلاد إلى موجةٍ ثانية من الحرب الأهلية، على نحو ما يذكرنا بالسيناريو الليبي بعيد انهيار نظام حكم القذافي.
ولكن في الحالة السورية، وبسبب الطبيعة التعددية للتركيبة الدينية والعرقية، قد تأخذ أية موجة ثانية لحرب الأهلية صفة الشمولية على نحو ما يذكرنا بـ “حرب الكل ضد الكل”[1] لدى توماس هوبز، وتتحول إلى صراعٍ اجتماعي ممتد، كما وصفه إدوارد عازار وزملاؤه[2].
- سيناريو التقسيم:
يجادل أنصار هذا السيناريو بأنّ النتيجة الأكثر ترجيحًا لعملية الانتقال السياسي ما بعد الأسد هي “سوريا غير مستقرة ومجزأة”. ذلك أنّ عملية الانتقال تلك سوف تكون بطيئة، وعرضة للعنف، وخاضعة لتأثير القوى الخارجية التي تسعى إلى تشكيل توازن القوى بعد الحرب.
وفضلًا عن ذلك، فإنّ الفصائل المعارضة (المسلحة والمدنية) لها تفضيلاتها المختلفة بصفة أساسية عن بعضها البعض فيما يتصل بمستقبل الحُكم في سوريا. فمن ناحية، تهدف “هيئة تحرير الشام” ومثيلاتها من فصيل “السلفية الجهادية” إلى استبدال الجمهورية العلمانية للبعثيين بحكومة دينية، مع تفضيلها لنظام غير ديمقراطي. وبينما تتحدث فصائل الجيش الوطني السوري عن نظام ديمقراطي، تسعى “قوات سوريا الديمقراطية” إلى الحصول على حكم ذاتي موسّع للأكراد على غرار إخوانهم في شمال العراق؛ بمعنى تأسيس نوع من الفيدرالية المرنة غير الفيدرالية. وفي الوقت ذاتِه، سوف يستغل تنظيم داعش أي فراغ أمني لاستعادة الأراضي، وإحياء حلم “الدولة/الخلافة الإسلامية”. دون الحديث عن تصورات المعارضة المدنية، المنخرطة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، التي تُفضل دولة مدنية (علمانية) ديمقراطية.
وهناك مشكلة تتعلق بالساحل السوري، معقل العلويين والنخبة السياسية والعسكرية السابقة، والذي لم تتم السيطرة عليه بعد. فقد يتمكن الموالون للنظام السابق، وبمساعدة روسية، من تأسيس دويلة علوية هناك. وهناك أيضًا مشكلة الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا، التي استغل مقاتلوها المعروفون بـ “قوات سوريا الديمقراطية/ قسد” انسحاب القوات الحكومية وسيطروا على كامل محافظة دير الزور. وفي الأثناء، شنت الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا (الجيش الوطني السوري) هجومًا على قسد في دير الزور (شرق) ومنبج (شمال).
- السيناريو الجنوب أفريقي:
ومؤداه أن تتجه هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري، بإيعازٍ أو بمساعدة من تركيا التي تمتلك نفوذًا معتبرًا على الفصائل المسلحة وبشرت بعملية انتقال هادئة بعد سقوط دمشق، بالمبادرة بعملية مصالحةٍ شاملة وإصدار عفوٍ عام. ومن ثم، التفرغ لتسلم وإدارة مؤسسات الحكم والمؤسسات الأمنية من الحكومة السورية برئاسة محمد غازي الجلالي (التابع لنظام بشار الأسد)، ولاسيما أن الأخير عبّر عن استعداده “للتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب” و”لأي إجراءات للتسليم” حفاظًا على مؤسسات الدولة، وأنه ليس “حريصًا على أي منصب أو مزايا”. وقد تواصل الجلالي مع قائد إدارة العمليات العسكرية للفصائل المسلحة، أحمد الشرع، لبحث إدارة الفترة الانتقالية الراهنة، والذي بدوره أكّد إشراف الجلالي على المؤسسات العامة حتى يتم تسليمها؛ وهو ما يمثل تطورًا ملحوظًا في الجهود الرامية إلى تشكيل المستقبل السياسي لسوريا.
ويعضد من هذا السيناريو تطور خطاب قائد جبهة تحرير الشام “أحمد الشرع” (أبو محمد الجولاني سابقًا) باتجاه البراغماتية والمصالحة؛ الأمر الذي اتضح في حديثه إلى شبكة سي إن إن الإخبارية[3]، وتصريحاته وبياناته بُعيد دخول قواته دمشق. ففي مقابلته مع الشبكة الأمريكية، أوضح الشرع أنه يفضل نهجًا للحكم قائمًا على الإجماع؛ وذلك ما قد يعني انفتاحه على الحوار، ومن ثم التوافق مع الفصائل المتحالفة والشريكة والمعارضة. وبُعيد دخول قواته دمشق، أصدر الشرع تعليماتٍ لقواته بعدم الاقتراب من المؤسسات العامة، ومنع إطلاق النار في الهواء، وأوضح أنّ فصائل المعارضة ليست في معرض الثأر من الخصوم.
- السيناريو المُرجح
من الأرجح أن تتعاون الفصائل وقوى المعارضة السياسية الأخرى على تشكيل حكومة ما بعد الأسد، اسميًّا فقط، ولكن عملية التفاوض بشأن الشكل النهائي للحكومة ودستور الدولة بعد الحرب ستكون بطيئة وستتأثر بتدخل القوى الخارجية، خصوصًا تركيا، التي ستعارض أي دستور قد يمنح الحكم الذاتي للأكراد في الشمال الشرقي.
وبالرغم من توقع بطء العملية السياسية خلال الفترة الانتقالية، فإنها سوف تُسفر عن حكومة توافقية، يكون الصوت المرجح فيها هو صوت جبهة تحرير الشام، أو أيًّا ما يكون اسمها بعد حلها الذي وعد به أحمد الشرع.
[1] “War of All Against All,” Seven Pillars Institute, September 6, 2010, https://7pillarsinstitute-org.sevenpillarsconsulting.com/war-of-all-against-all/.
[2] Edward E. Azar, Paul Jureidini, and Ronald McLaurin , (1978), “Protracted Social Conflict; Theory and Practice in the Middle East,” Journal of Palestine Studies 8 (1), 41–60.
[3] “Syrian Rebel Leader Speaks to CNN in Exclusive Interview.” Video. CNN, December 6, 2024. https://edition.cnn.com/2024/12/06/world/video/abu-mohammad-al-jolani-syria-rebel-leader-karadsheh-digvid.