أكد المشاركون في حلقة نقاشية، نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن العلاقات بين الولايات المتحدة ودول منطقة الشرق الأوسط عموماً، ودول الخليج خاصة، استراتيجية ممتدة، وقائمة على ثوابت ومصالح مشتركة، ولا تتأثر كثيراً بالتغيير الرئاسي.
وذكروا أن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وقضاياه تحكمها ثوابت ومصالح عدة، كما أن عملية صنع السياسة الخارجية الأمريكية تقوم على المؤسسات، وليس الأفراد، مشيرين إلى أن علاقات الدول العربية مع أمريكا قوية وقائمة على التعاون في مختلف المجالات الحيوية، لذا فإن السياسات الأمريكية تجاه قضايا المنطقة ثابتة، ولن تتغير بتغير الرئيس.
جاء ذلك ضمن الحلقة النقاشية، التي حملت عنوان «تأثير الانتخابات الأمريكية على عملية السلام في الشرق الأوسط»، ونظمها المركز ضمن سلسلة أنشطته العلمية والمعرفية لمواكبة الأحداث والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.
مصالح مشتركة
واستهل النقاش محمد السالمي، الباحث الرئيسي، ورئيس قطاع البحوث في «تريندز»، الذي أكد أن العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج استراتيجية ممتدة، وقائمة على ثوابت ومصالح مشتركة لا تتأثر كثيراً بالتغيير الرئاسي، ولكن ربما شهدت نوعاً من البرود مع إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، ولكنها لا تشكل تغييراً في مرتكزات تلك العلاقات.
وأضاف أنه لا يمكن تجاهل أن أمريكا كانت وستظل دائماً شريكاً استراتيجياً منذ عقود من الزمن مع دول الخليج، ومن المتوقع أن يستمر التعاون الأمني والعسكري بين الولايات المتحدة ودول الخليج، بغض النظر عن الحزب الفائز، ولكن قد تختلف درجة هذا التعاون ونوعيته، موضحاً أن فوز الديمقراطيين قد يؤدي إلى تسريع التحول نحو الطاقة المتجدّدة وتقليل الاعتماد على النفط، ما قد يدفع دول الشرق الأوسط إلى الاستمرار في تنويع الخطط الاقتصادية والبحث عن موارد جديدة.
أحداث مهمة
بدوره، أكد عوض البريكي، الباحث الرئيسي، ورئيس قطاع «تريندز جلوبال»، أن انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة شهدت عدداً من الأحداث المهمة، تمثلت في انقسام الحزب الديمقراطي، وانسحاب جو بايدن لصالح كامالا هاريس، مبيناً أن تعرض المرشح الجمهوري والرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، لمحاولة اغتيال خلال مجمع انتخابي في بتلر بولاية بنسلفانيا؛ أسهم في رفع حظوظه الانتخابية.
وذكر البريكي، أن إعادة انتخاب دونالد ترامب وفوزه لن تكون بمثابة مفاجأة لدول منطقة الخليج، باعتبار أن هذه الدول تعرفه جيداً، وتفاعلت معه وعملت مع إدارته خلال عهدته الأولى، والأهم من ذلك أن عودة ترامب للحكم تصب في مصلحة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج.
قضايا الشرق الأوسط
من جانبه، أشار فهد المهري، الباحث الرئيسي، ورئيس قطاع «تريندز دبي»، إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط تحكمها العديد من الثوابت، والمحددات، والمصالح، بغض النظر عن طبيعة الإدارة ما إذا كانت جمهورية أو ديمقراطية، مضيفاً أنه عملية صنع السياسة الخارجية الأمريكية تقوم على المؤسسات، وليس الأفراد، إلا أن قضايا الشرق الأوسط لا تمثل أولوية بالنسبة للناخب الأمريكي، حيث تتصدر القضايا الاقتصادية والمعيشية، أولويات الناخب لمرشحه في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة.
وبين المهري، أن ما يحكم السياسات الأمريكية هي الدولة التي لا تختلف في سياساتها مع تغير الرئيس، خاصة وأن علاقات الدول العربية مع الولايات المتحدة قوية وقائمة على التعاون في مختلف المجالات الحيوية، لذا فإن السياسات الأمريكية تجاه قضايا المنطقة ثابتة، ولن تتغير بتغير الرئيس، بينما أسلوب وشخصية الرئيس الأمريكي قد يكون لها تأثير في التعامل مع الملفات الحاسمة المطروحة على مستوى المنطقة.
«علاقة انتفاع»
أما عائشة الرميثي، الباحثة الرئيسية، ومديرة إدارة البحوث في «تريندز»، فترى أن الصين احتلت مركزاً متقدماً في اهتمامات الحملتين الانتخابيتين، للحزبين الجمهوري والديمقراطي، من منطلق رؤية كل منهما للصين، وفي ظل وصف بعض المراقبين، للعلاقات الصينية-الأمريكية، بأنها «علاقة انتفاع» تشوبها بعض المشكلات، وأنها واحدة من العوامل الوازنة في برامج المتنافسين.
وأوضحت الرميثي، أنه من الصعب أن تملأ الصين الفراغ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط بشكل منفرد، وإنما يمكن أن تحقق ذلك من خلال التعاون مع روسيا، في ظل سعي بعض دول المنطقة لوجود تعددية قطبية في العلاقات مع القوى الأجنبية.
خروج مؤثر
من جهته، قال عبدالعزيز الشحي، الباحث الرئيسي في «تريندز»، إن خروج أمريكا من المنطقة كان له تأثير كبير في علاقاتها مع دول منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي تتداركه أمريكا اليوم، بإدراك الحزبين الجمهوري والديمقراطي؛ أهمية توطيد العلاقات مع الدول العربية عموماً، ودول الخليج خاصة.
وأكد الشحي، أن هناك تأثيراً لقضايا الشرق الأوسط على الانتخابات الأمريكية.. ففي ولاية ميشيغان، التي تُعد إحدى الولايات المتأرجحة في الانتخابات الأمريكية، صوت أكثر من 100 ألف ناخب ديمقراطي بأنه «غير ملتزم» بالتصويت لجو بايدن قبل أن يتنحى عن السباق الرئاسي، وذلك على خلفية سياساته الداعمة لإسرائيل في حربها على غزة.