في إطار الشراكة الاستراتيجية بين صحيفة “الاتحاد” ومركز تريندز للبحوث والاستشارات، وضمن مشاركته الأولى في معرض نيودلهي الدولي للكتاب 2023، نظَّم “تريندز” الحوار الـ «11» حول “بناء ثقافة التسامح عالميًّا”، بمشاركة نخبة من الخبراء والكتّاب والدبلوماسيين الدوليين، وذلك في مركز “براغاتي ميدان” في العاصمة الهندية. وأكد المتحدثون أن التسامح قيمة إنسانية عالمية تؤسس لعالم يسوده الخير والمحبة، ويشكّل ضمانة أساسية لاستقرار المجتمعات واستدامة التنمية فيها. وأضافوا أن العالم يحتاج إلى التسامح والتعايش الإيجابي الفعّال، وجعل ذلك ثقافة وأسلوب حياة.
أولوية في الأجندات الوطنية
شدد المشاركون في الحوار على أن بناء وترسيخ ثقافة التسامح يجب أن يمثّل أولوية في الأجندات الوطنية والعالمية، لمواجهة تحديات ومخاطر التطرف والإرهاب، مبينين أن التسامح ليس مجرد مفهوم أو مصطلح، ولكنه يتضمن منظومة أخلاقية متكاملة.
وقد بدأ حوار تريندز الحادي عشر بكلمة ترحيبية قدمتها الأستاذة وردة المنهالي، مدير إدارة الاتصال المؤسسي في تريندز، مديرة الجلسة، مشيرة إلى أن مشاركة “تريندز” في معرض نيودلهي للكتاب، وتنظيم هذه الندوة الفكرية، يأتيان تجسيدًا لرؤيته العالمية وحرصه على تعزيز الحوار والتعاون مع مختلف المؤسسات البحثية والمعرفية، للوصول إلى فهم مشترك تجاه مختلف القضايا التي تهم البشر.
واستهلَّ الحديث في الحوار السفير الدكتور ذِكْرُ الرحمن، السكرتير المشترك لاتحاد الدبلوماسيين الهنود، مؤكدًا أن التسامح ليس مجرَّد مصطلح فلسفي، بل هو نهج حياة وركن أساسي من أركان الحياة. وشدد “ذِكْرُ الرحمن” على أهمية مراكز الفكر والبحث العلمي في تعزيز قيم التسامح ونشرها.
مفتاح الأمن والازدهار
بدوره، أكد الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، أن تعزيز قيم التسامح والتعايش بين الدول والشعوب هو مفتاح تحقيق السلام والازدهار العالميين ومواجهة نزعات التطرف والعنف والإرهاب، وأنه أمر بالغ الأهمية في المرحلة الحالية التي يمر بها العالم، التي تشهد زيادة ملحوظة في التطرف العنيف واتساع دائرة الصراعات والحروب.
وأضاف الدكتور “العلي” أن الفكر المتطرف الذي تروّج له الجماعات المتطرفة في جميع الإيديولوجيات يمثِّل عنصر تهديد رئيسيًّا لقيم التسامح داخل المجتمعات وعلى مستوى العالم.
وبيَّن أن الهند ودولة الإمارات تمثلان نموذجين مهمين في نشر ثقافة التسامح عالميًّا، فالهند لديها الإرث العظيم الذي تركه المهاتما غاندي. أما الإمارات فمبادراتها لا تتوقَّف في هذا المجال، وآخرها احتضان ورعاية توقيع وثيقة الأُخوَّة الإنسانية.
مسؤولية مشتركة
وفي مداخلته في الحوار أكد حمد الكعبي، رئيس تحرير صحيفة “الاتحاد”، أن ثقافة التسامح قيمة إنسانية كبرى، وليست مجرد شعار، بل هي سلوك وممارسة تمهّد للحوار، ومن ثم التلاقي من أجل التعاون، خدمة للجميع من أجل عمارة الأرض وصلاح الكون.
وقال: إن الإعلام بمؤسساته ومنصاته وكوادره يستطيع نشر ثقافة التسامح، ومدّ جسور الحوار والتواصل مع الآخر بكل تنوعاته الدينية والثقافية، وبثّ التوعية وتوضيح الحقائق، وتحصين الناشئة ضدّ خطر الانغلاق والتطرف، مشيرًا إلى أن هناك عوامل مشتركة بين المؤسسات الإعلامية ومراكز الأبحاث، حيث تشترك جميعًا في صناعة المحتوى.
الفطرة السليمة
من جانبه، أكد الدكتور صلاح خميس الجنيبي، الباحث والمحلل في العلاقات الدولية، حاجة العالم إلى التسامح والتعايش الإيجابي الفعّال لما له من دور في حدوث التقارب بين الثقافات، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا الحديثة قرّبت المسافات بين البشر وجعلتهم يعيشون في قرية أو منطقة واحدة. وتطرّق “الجنيبي” الذي تحدث بالعربية والإنجليزية والأوردية، إلى التسامح بجميع أشكاله، سواء الذاتي أو المجتمعي أو العالمي. وأضاف أن ثقافة التسامح تنتصر حينما يتم التوجه إلى العلم والمعرفة والبناء ومدّ جسور الحوار والتعاون.
رابط الخبر: