أكد المشاركون في ورشة عمل «الشباب والإعلام والبحث العلمي.. كيف يُغير الذكاء الاصطناعي المشهد؟»، التي نظمها مجلس شباب «تريندز»، عبر مكتب «تريندز» الافتراضي في مصر، أهمية التفرقة بين استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة مساعدة لدعم الإبداع الإعلامي والبحثي، والاعتماد عليه كبديل للعقل البشري، مما قد يحول الشباب إلى مستهلكين لمحتوى سطحي ومضلل، مشيرين إلى أن التحدي ليس في تطور الذكاء الاصطناعي، بل يكمن في قدرة الشباب على استخدامه بوعي ومسؤولية، والتعامل معه كأداة تدعم تفكيرهم وإبداعاتهم.
جاء ذلك ضمن مناقشات الورشة التي عقدت في جناح جمعية الصحفيين الإماراتية، ضمن فعاليات النسخة الثانية من قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي، المنعقدة في مدينة العلمين المصرية، وتنظمها الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، تحت رعاية الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ومجلس الوزراء المصري.
آفاق واعدة للابتكار
واستهلت الورشة، التي أدارتها المذيعة والإعلامية هدير صبري، وشهدت حضوراً واسعاً من الأكاديميين والإعلاميين، اليازية الحوسني، الباحثة، ونائبة رئيس قطاع الإعلام، وعضو المجلس الاستشاري لمجلس شباب «تريندز»، قائلة إن البحث العلمي اليوم يقف على أعتاب مرحلة جديدة يقودها الذكاء الاصطناعي، الذي لم يعد مجرد أداة مساعدة، بل أصبح شريكاً أساسياً في إنتاج المعرفة وتطوير العلوم، حيث يسهم بشكل كبير في تسريع الاكتشافات العلمية وتحليل البيانات الضخمة، مما يفتح آفاقاً واعدة لابتكارات لم نكن نتخيلها من قبل.
وأكدت أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تمنح الباحثين الشباب فرصة غير مسبوقة لتطوير منهجيات بحثية مبتكرة وبناء فرضيات جديدة، وتجربة حلول أكثر فاعلية، مبينة أن الإعلام أيضاً أصبح يعتمد على الذكاء الاصطناعي في رصد التوجهات وتحليلها، مما يؤكد أن الإعلام والبحث العلمي سيكونان متشابكين أكثر في المستقبل، وأن التكنولوجيا هي الرابط الأساسي بينهما.

الذكاء الاصطناعي التوليدي
بدوره، أوضح صقر السويدي، الباحث، والمتحدث الرسمي باسم «تريندز»، وعضو المجلس الاستشاري لمجلس شباب «تريندز»، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي أحدث تحولات واسعة في طريقة إنتاج المعرفة وصناعة الإعلام، حيث يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يفتح أمام الإعلاميين الشباب آفاقاً جديدة، لقدرته على اختصار الوقت في تحرير النصوص وإنتاج الصور والفيديو.
وأضاف أن استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي يشكل قيمة مضاعفة للباحث، حيث يساعده على استكشاف آلاف الدراسات خلال دقائق، واقتراح مسارات بحثية جديدة، لكنه لا يمكن أن يحل محل العقلية النقدية، لذلك، يبقى الباحث هو القائد، والذكاء الاصطناعي مجرد وسيلة مساعدة، ولكن إن تم التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي كبديل للعقل البشري، قد نتحول إلى مستهلكين لمحتوى مكرر وسطحي.
تحولات الإعلام الرقمي
أما الدكتورة إنجي لطفي، المدرسة بقسم الإعلام – جامعة حلوان، فترى أن الذكاء الاصطناعي أحدث نقلة نوعية وتحولات كبيرة في الإعلام الرقمي، فهو اليوم يشارك في كتابة الأخبار وتلخيص التقارير وتحليل البيانات الضخمة في الصحافة، كما يطور تجربة المشاهدة عبر التوصيات الذكية في التليفزيون، ويُنتج أصواتاً وبرامج في الإذاعة والبودكاست، ولكن هذه التحولات تحمل أيضاً مخاطر، مثل تهديد بعض الوظائف والاعتماد المفرط على المحتوى الآلي.
وبينت أنه من جانب آخر، تزداد خطورة الأخبار المضللة والتزييف العميق، وهنا يبرز دور الشباب باعتبارهم الأكثر حضوراً ونشاطاً على المنصات الرقمية، فمسؤوليتهم لا تقتصر على التحقق قبل النشر، بل توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي لبناء وعي رقمي ونشر إعلام أكثر مصداقية.

تمكين العقول الشابة
من جانبها، أشارت العنود الحوسني، الباحثة، ورئيسة مجلس شباب «تريندز»، إلى أن الذكاء الاصطناعي بات أداة فعّالة لتمكين الشباب، من خلال مساعدتهم على إنشاء محتوى إعلامي أكثر ثراءً، كما يسرع تحليل البيانات، ويُولّد رؤىً جديدة تمكنهم من تطوير تفكيرهم الإبداعي، وهذا يتماشى مع مهمة مجلس شباب «تريندز»، المتمثلة في تمكين العقول الشابة من المساهمة في إنتاج وتبادل المعرفة باستخدام أدوات مبتكرة.
وأوضحت أن المجلس يسعى إلى محو الأمية الرقمية ورفع الوعي بمخاطر الذكاء الاصطناعي، من خلال خلق مساحات للحوار والتدريب والتوجيه، وتعليم الشباب كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي بمسؤولية، وتطوير المهارات اللازمة لاستخدام التكنولوجيا بطرق تخدم نموهم الشخصي والمجتمعي.

تجارب شبابية ملهمة
من جهته، استعرض سيف النعيمي، الباحث، وعضو مجلس شباب «تريندز»، نماذج وتجارب شبابية ملهمة استخدمت الذكاء الاصطناعي بمسؤولية في تطوير الإعلام، حيث أطلق العديد من الشباب منصات رقمية توظّف أدوات الذكاء الاصطناعي في تحرير الأخبار بسرعة ودقة، معتمدة على تقنيات التحقق الآلي من مصادر المعلومات، مما يعزز المصداقية ويحد من انتشار الأخبار الكاذبة.
وذكر أن إدارة الباروميتر العالمي في «تريندز» باتت تشرك تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الضخمة لاستخلاص أنماط اجتماعية واقتصادية من ملايين البيانات المفتوحة، مما أسهم في إنتاج أوراق علمية رصينة، مضيفاً أن مجلس شباب «تريندز» أيضاً طور الروبوت الذكي «إيكو»، الذي يجمع بين التكنولوجيا والمعرفة، وأصبح يقدّم معلومات تفاعلية وتثقيفية للشباب بأسلوب مبسط وجاذب.

بحث أوجه التعاون
وفي سياق متصل، بحث وفد مجلس شباب «تريندز»، المشارك في قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي، أوجه التعاون والشراكة البحثية والعلمية والمعرفية مع عدد من المؤسسات البحثية والفكرية، حيث التقى معالي الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، الذي ثمن جهود «تريندز» المعززة للثقافة والمعرفة على المستويين الإقليمي والدولي.

كما استعرض الوفد مع سعادة الدكتور إسماعيل عبدالغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، أوجه تعزيز التعاون والشراكة البحثية والأكاديمية الداعمة للعلم والمعرفة، مؤكداً أن رؤية «تريندز» البحثية العالمية جعلته نموذجاً يحتذى في دعم البحث العلمي والمعرفة الهادفة.