شارك مركز تريندز للبحوث والاستشارات عبر مكتبه في بلجيكا في جلسة نقاشية في البرلمان الأوروبي ببروكسل حول التطرف والراديكالية في القطاع التعليمي.
مثل “تريندز” في الجلسة التي نظمتها الحركة الدولية للسلام والتعايش (IMPAC) بالتعاون مع مكتب عضو البرلمان الأوروبي أنطونيو لوبيز-إيستوريز وايت تحت قبة البرلمان الأوروبي، كل من الباحثة نجلاء المدفع والباحثة لطيفة الجنيبي، في سياق مسعى للبحث عن مقاربات أكثر فعالية للتعامل مع التحديات المتصلة بالتطرف، والتأكيد على دور مراكز البحث والفكر في تقديم رؤى عملية يمكن أن تشكل أساساً لسياسات أوروبية أكثر فاعلية واستباقية.

التعليم.. ساحة مواجهة مبكرة
ركزت مداخلة الباحثة نجلاء المدفع على دور المدرسة كفضاء محوري في معادلة مكافحة التطرف، مبينة أن المؤسسة التعليمية قد تكون حائط صد مبكراً ضد الأفكار المتطرفة إذا حظيت بالدعم والرقابة المناسبة، أو تتحول – إذا أُهملت – إلى ساحة رخوة يسهل أن تتغلغل فيها الخطابات المتشددة.
وذكرت أن أهمية هذه المقاربة تكمن في أنها تعيد النقاش حول التطرف من بعده الأمني والعسكري الضيق إلى بعده الوقائي الإنساني، عبر منظومة قيمية تتأسس على التسامح والمرونة المجتمعية، مشيرة إلى أن التطرف لا ينتمي إلى دين أو ثقافة محددة، بما يعكس مقاربة شمولية تتجاوز القوالب النمطية التي تربط الظاهرة حصرياً بمناطق أو جماعات بعينها.

الإمارات كنموذج.. وأوروبا كحالة اختبار
أما الباحثة لطيفة الجنيبي، فقد وضعت التجربة الإماراتية في مواجهة التطرف عبر التعليم ضمن إطار مقارن مع الواقع الأوروبي. وقالت إن دولة الإمارات تمكنت من إضعاف نفوذ الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين، من خلال منظومة وطنية متكاملة تشرك المدارس والمجتمع والسلطات في آلية وقائية واحدة.
وقدّمت الجنيبي قراءة نقدية للتحدي الأوروبي، موضحة أن الخطر لا يتمثل فقط في التجنيد المباشر بل في “التأثير البطيء” الذي تمارسه بعض الشبكات عبر جمعيات مشروعة أو برامج موازية للمدارس، تستهدف بناء سرديات مظلومية وإضعاف ثقة الأجيال بالمؤسسات العامة. هذا التوصيف يسلط الضوء على التهديد الناعم الذي قد يكون أكثر خطورة من الدعوات الصريحة للعنف.

كما قدمت الجنيبي خارطة طريق ثلاثية الأبعاد، تتمثل في الشفافية الكاملة للجمعيات والمنظمات العاملة مع المدارس والشباب لضمان نزاهة التمويل والمحتوى، وبرنامج أوروبي للمرونة التعليمية يزوّد المدارس والمعلمين بأدوات عملية لمواجهة الاستقطاب ومهارات التفكير النقدي والتحقق الرقمي، وبيت خبرة أوروبي للأدلة يحدد البرامج الناجحة والفاشلة، لتوجيه الموارد بفاعلية.
وشددت على ما سمته “الممكنات”، وأبرزها وضع معايير موحدة للمشتريات العامة لمنع تسلل الجمعيات غير المؤهلة، وبناء شراكات بيانات آمنة تتيح للسلطات رصد الاتجاهات مبكراً دون الإخلال بالخصوصية.

وتعد جلسة البرلمان الأوروبي منصة لطرح مقاربة بديلة ترى في المدرسة فضاءً لصياغة مستقبل أكثر تماسكاً، وتؤكد أن الاستثمار في التعليم الوقائي والشفافية المؤسسية هو السبيل لمواجهة موجات التطرف المقبلة.